
خلاف ترامب وماسك مسار نحو التدمير الذاتي
في قلب الساحة السياسية الأمريكية شديدة التقلب، برزت العلاقة بين الرئيس الحالي دونالد ترامب ورجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك كواحدة من أكثر العلاقات تعقيدًا وإثارة للاهتمام حول العالم. وربما الكثير من المراقبين توقع عدم استمراريتها لكن لا أحد يستطيع التنبؤ أين ستتجه الأمور بين الرجلين بعد الهجمات الكلامية القاسية. فبعد أن كانت العلاقة عبارة عن تحالف قائم على الإعجاب المتبادل والأهداف المشتركة تحولت فجأة إلى نزاع علني، هزّ واشنطن وخارجها.
هذا الصدام بين ترامب، المدعوم بولاء ملايين الناخبين ونفوذه السياسي الهائل، وماسك، أغنى رجل في العالم ، يسلط الضوء مجددا على رهانات ماسك الخاطئة في السياسة!
نعم، لقد دعم ماسك الديمقراطيين عام 2016 ضد ترامب ولم ينجح، ودعم أولا حاكم فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لعام 2024 ضد ترامب لكن هذا الدعم لم ينجح أيضا، حيث فشل ديسانتيس في مواجهة حملة ترامب الكاسحة. وبعد محاولة اغتيال ترامب، غيّر ماسك موقفه سريعاً، معلنًا تأييده لترامب علنًا، مصورًا القرار على أنه رد فعل على الحادث. هذا التغيير الدراماتيكي كشف نهج ماسك البراغماتي في السياسة، وهي التحالف مع المرشح الأوفر حظًا للفوز وممارسة السلطة للحفاظ على مصالحه.
وفي الوقت الذي تولى فيه ماسك منصب في الحكومة في يناير كجزء من وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) دوج كانت شركاته تخضع لـ 65 إجراءً تنظيميًا محتملاً أو فعليًا من قبل 11 وكالة فيدرالية، وفقًا للجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات بمجلس الشيوخ. وتشمل هذه الاتهامات أن شركة تسلا، كذبت بشأن تقنية القيادة الذاتية الخاصة بها؛ وأن شركة نيورالينك المتخصصة في زراعة الشرائح في الأدمغة، انتهكت قانون رعاية الحيوان بتجاربها على القرود؛ وأن سبيس إكس فشلت في الالتزام بالقانون عند إطلاق الصواريخ. وبالتالي لا يمكن إنكار حاجة ماسك إلى ترامب ، وهنا تكمن صدمة الجميع وحيرتهم من هذا الصراع المفاجئ والشرس.
والحقيقة كل العارفين بماسك عن قرب يدركون أن شركاته تزدهر بفضل العقود الفيدرالية والتساهل التنظيمي، وإن استعداء الرئيس ينذر بعواقب مالية وتشغيلية وخيمة عليه . فقط، انخفض سهم تسلا بنسبة 14% في 5 يونيو بعد المشادة بين الرجلين، مما أدى إلى خسارة 150 مليار دولار من قيمتها كنتيجة مباشرة للخلاف. لكن مالا يفهمه أحد هو تحدي ماسك لترامب، بما في ذلك تهديده بإيقاف تشغيل مركبة الفضاء دراغون التابعة لشركة سبيس إكس، وهي خطوة تشير إلى مقامرة خطيرة لتأكيد نفوذه، والتي انعكست بالسلب على سمعة شركته وموثوقيتها حيث بدأ البنتاغون يوم أمس بالاستفسار عن شركات الفضاء البديلة والقادرة على تقديم نفس الخدمات اللتي تقدمها سبيس إكس تحسبا لتفاقم الصراع.
ونظريا لا يمكن التصديق أن مشروع قانون ترامب الكبير والجميل وحده هو نقطة الخلاف الرئيسية، وهو حزمة شاملة من التخفيضات الضريبية والإنفاق التي كان من المتوقع أن تضيف 2.4 تريليون دولار إلى الدين الوطني، والأهم من ذلك، إلغاء الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية. صحيح أن هذه الخطوة وجهت ضربة مباشرة لإمبراطورية ماسك في تسلا لكن ماسك التزم الصمت حتى تم تمرير المشروع في مجلس النواب بانتظار تمريره في مجلس الشيوخ، بعدها هاجم المشروع وعبر عن استيائه منه بعد خروجه من دوج ، واصفًا المشروع بأنه "عمل بغيض ومثير للاشمئزاز"،هذا الوصف بحد ذاته هو تدمير لسمعة أهم تشريع لترامب والذي يراهن عليه في المحافظة على الأغلبية الضئيلة في مجلس النواب في الانتخابات النصفية المقبلة 2026.
ربما هذا المشروع ، ورفض ترامب مرشح ماسك جاريد إسحاقمان لرئاسة وكالة ناسا بسبب تبرعات إسحاقمان السابقة للحزب الديمقراطي، ثم رحيل ماسك عن وزارة كفاءة الحكومة وفشله في تحقيق الأهداف التي وعد بها بل على العكس جاءت بنتائج عكسية حتى أن المراقبين يتوقعون خسارة مجلس النواب لصالح الديمقراطيين بنسبة عالية جدا نظرا لعمل دوج وتسريحها عشرات الالاف من الموظفين الغاضبين، هذه العناصر مجتمعة مثلت نهاية تحالفهما الوثيق، وباعتقادي أنها تراكمات دفعته للانفجار حيث يرى ماسك أن دعمه التاريخي لترامب ساهم في ضمان فوزه الساحق وأنه لم يجد إلا النكران والجحود من قبل إدارته.
ورغم هذه الملفات الخلافية، يمتلك ماسك وترامب نفس الخصوم تقريباً وهم اليسار الذي يرقب نزاعهما بسرور ، كما أن الرجلين لديهما أهدافاً كبيرة مشتركة عامة، مثل تفكيك المشروع التقدمي، واستعادة مبدأ الجدارة والكفاءة، والسعي لضمان الهيمنة الاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة عالمياً، مع تحرير الاقتصاد وتقليص تدخل الحكومة ومؤخرا الصراع مع القضاء.
هذه الأسباب هي نفسها التي بسببها نشأت العلاقة بينهما حيث عبر ترامب عن إعجابه بإنجازات ماسك التقنية لاسيما في مجال الصواريخ وإنقاذ رواد الفضاء ورأى في كفاءته وصراحته وتميّزه أدواتٍ لخدمة المصالح الوطنية. أما ماسك، فانجذب إلى صمود ترامب بعد حادثة الاغتيال، معبّراً في الوقت ذاته عن انزعاجه من تبعات سياسات اليسار في الملفات الحدودية وإدارة المدن الديمقراطية (Blue Cities) وتداعيات انسحاب كابول وغيرها من المناطق الخاضعة لتأثيرهم.
وحتى اليوم، يعلم ماسك أن لجنة ساحل كاليفورنيا اليسارية حاولت الحد من إطلاق صواريخه، وحاول الديمقراطيون تدميره لعمله مع دوج ، كما يعلم أنه إذا فاز الديمقراطيون بمجلس النواب، فسيلاحقون كلًا من ماسك وترامب باستدعاءات لا نهاية لها وتحقيقات سياسية تُشبه تحقيقات مولر.
وكان من الأولى على ماسك بدلا من خلق صراع مع ترامب أن يعمل معه من الآن على وضع استراتيجية مع الجمهوريين لمنع سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب لكن ماحدث العكس وهو ما فاجأ ترامب.
الإجابة هي أن الحديث في واشنطن الآن، هو أن ترامب لا يمكنه التصالح مع ماسك وهو يخوض حربا دبلوماسية عالية المخاطر مع بعض من أصعب قادة العالم مثل الصين وروسيا بخلاف ملف إيران النووي وهي صراعات وحشية وتنطوي على تداعيات قد تقوض ادارته وهو ما أكده في تصريحاته عن الانفصال معه حيث سيفهم من أي خطوة تصالحيه مع ماسك على أنه ضعف وتراجع.
لكن ترامب ترك الباب مفتوحاً ليس للمصالحة لكن لضمان بقاءه تحت مضلة الحزب الجمهوري، فالأهداف المشتركة بين الرجلين كبيرة هي نفسها لم تتغير إلا إذا عاد ماسك إلى البيت الديمقراطي وهنا قصة أخرى وقد حذره ترامب من هذه الخطوة!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 22 دقائق
- عكاظ
رئيس برلمان إيران: المقترح الأمريكي يتجاهل رفع العقوبات
أفصح رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، أن المقترح الأمريكي بشأن التوصل إلى اتفاق نووي، لا يتضمن حتى إشارة إلى رفع العقوبات، معتبراً أن سلوك الولايات المتحدة في المفاوضات متناقض ويفتقر إلى الصدق. وانتقد قالیباف، اليوم (الأحد)، سير المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين. وأفاد بأن إيران مستعدة، مقابل رفع العقوبات وتحقيق منفعة اقتصادية حقيقية، أن تقوم بإجراءات لبناء الثقة تُثبت الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، مع الإبقاء على التخصيب داخل أراضيها. وخاطب الرئيس الأمريكي بقوله: «عليه أن يعلم أنه إذا كان يسعى إلى اتفاق، فعليه أن يغيّر نهجه ويتخلى عن التنسيق مع الكيان الصهيوني واتباع سياسات نتنياهو الفاشلة». من جانبه، جدد نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان محمود نبويان، التأكيد على أن طهران لن تتراجع عن التخصيب بنسبة 20%، مشدداً على أن مخزونات اليورانيوم لن تخرج من البلاد مطلقاً، مطالباً بضرورة رفع العقوبات عن البنك المركزي الإيراني تحت أي مسمّى كانت. أخبار ذات صلة وفيما تصرّ إيران على مواصلة تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، تتمسك الولايات المتحدة بأنها لن تسمح لطهران حتى بالتخصيب بنسبة 0 %. وفي هذا السياق، قال المبعوث الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، «لقد وصلت إيران في بعض الحالات إلى تخصيب يزيد عن 60%، وهذا أمر غير مقبول، وتساءل: «كيف يزعمون أن برنامجهم النووي سلمي وهم يخصبون بمستويات تفوق 3.67%؟». وعُقدت حتى الآن 5 جولات من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة بوساطة سلطنة عُمان، لكن لا يزال من غير الواضح متى وأين ستُعقد الجولة السادسة، خصوصاً في ظل مؤشرات على وصول المفاوضات إلى طريق مسدود حول قضية جوهرية تتعلق بمكان تخصيب اليورانيوم، سواء داخل إيران أو خارجها.


عكاظ
منذ 31 دقائق
- عكاظ
«واشنطن بوست»: إيلون ماسك ووزير الخزانة تبادلا اللكمات
كشفت صحيفة «واشنطن بوست» أن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، ورجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك، تبادلا اللكمات في البيت الأبيض في شهر أبريل الماضي، بحسب ما نقلت عن ستيف بانون المستشار السياسي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترمب. وفي منتصف أبريل، أدت الخلافات حول تفضيلاتهما لمفوض دائرة الإيرادات الداخلية بالإنابة إلى تبادل اللكمات بين ماسك وبيسنت. وبعد أن غادرا المكتب البيضاوي، حيث دعم ترمب اختيار بيسنت، بدأ الرجلان في تبادل الإهانات، إذ دفع ماسك كتفه في قفص بيسنت الصدري، ورد بيسنت بضربه ووصفه بأنه «محتال». ووفقاً لبانون، تدخل أشخاص عدة لفض الشجار. وفي وقت لاحق، علق ترمب على الحادثة، قائلاً إن «هذا كثير جداً». ووفقاً للصحيفة، فإن تكتيكات ماسك الوحشية، ونقص الحنكة السياسية، والخلافات الأيديولوجية مع قاعدة «اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، تسببت في تدهور علاقته بكبار مسؤولي الإدارة، وفي النهاية مع الرئيس. أخبار ذات صلة وأفادت الصحيفة بأنه على الرغم من التوتر، فقد انحاز ترمب ونائب رئيس موظفيه ستيفن ميلر، إلى جانب ماسك. يذكر أنه في 2 أبريل الماضي، عندما طرح الرئيس ترمب الرسوم الجمركية التي تهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، لجأ ماسك إلى منصة «إكس» للتعبير عن استيائه من الرسوم، بينما في الخاص، قدم ماسك نداءات شخصية لترمب لعكس الرسوم الجمركية. ولم يمتثل ترمب، ولم يتراجع إلا بعد أيام من انخفاض حاد في أسواق السندات.


Independent عربية
منذ 38 دقائق
- Independent عربية
هل يدفع الحزب الجمهوري ثمن الخلاف بين ترمب وماسك؟
بينما ترددت أصداء الهجمات المتبادلة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وإيلون ماسك، التي استمرت أياماً عدة واتخذت منحى شخصياً حاداً، يخشى بعض المشرعين والجمهوريين من أن يؤدي انحراف ماسك الحاد عن مسار ترمب إلى إثارة شكوك جديدة في الحزب الجمهوري، ويؤجج الانقسامات داخله بما قد يضر الجمهوريين مع اقتراب مرحلة حسم أهم تشريع لترمب منذ توليه السلطة واحتمالات التأثير السلبي في انتخابات التجديد النصفي الحاسمة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2026، بل إن ترمب حذر ماسك من مغبة تمويل خصومه الديمقراطيين. هل انتهت العلاقة؟ على رغم ظهور بعض مؤشرات الانفراج في العلاقة التي اضطربت بصورة مفاجئة للجميع بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحليفه الأقرب سابقاً إيلون ماسك، فإن ترمب افترض أن علاقتهما انتهت بالفعل بعد الخلاف العلني الصارخ عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لأن ماسك أظهر عدم احترام لمنصب الرئيس، مما يثير مخاوف الجمهوريين من انعكاسات ذلك على تماسك الحزب في وقت لا يزال مشروع القانون "الكبير والجميل" الذي أقره مجلس النواب لخفض الضرائب والإنفاق الحكومي يراوح مكانه في مجلس الشيوخ، كذلك يهدد خروج أغنى رجل في العالم من تمويل المشرعين الجمهوريين في الانتخابات بالتأثير في حظوظ فوزهم قبل 16 شهراً فقط من موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي. ولا شك أن استبعاد ترمب إصلاح العلاقة مع ماسك سيصيب أقطاب الجمهوريين بالإحباط بعدما راهنوا على مصالحة ربما كانت وشيكة بين أقوى رجلين في العالم، بخاصة بعدما خف نشاط ماسك أول من أمس الجمعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتأكيد الملياردير الأكثر شهرة في العالم لأحد مؤيديه بأنه لم يكن مخطئاً في قوله إن ترمب وماسك أقوى بكثير معاً من أن يكونا منفصلين، كما أن ترمب أيضاً قال للصحافيين إنه لا يفكر في إيلون ماسك ويتمنى له التوفيق فقط. أفكار مدمرة مع استمرار الشكوك حول تصالح قريب، ينذر بعودة انتقادات ماسك وتهديداته إلى الظهور وربما التنفيذ خلال الأسابيع والأشهر المقبلة التي بدت كأفكار مدمرة تنذر بالسوء للجمهوريين، إذ لم يكتف ماسك بانتقاد ترمب أو مشروع قانون أجندته الذي يحاول الجمهوريون سنه، بل تحدث عن إزاحة الجمهوريين الذين صوتوا لمصلحة ما وصفه بالعمل البغيض والمثير للاشمئزاز، وفكر في تشكيل حزب ثالث. وأشار ماسك إلى أن ترمب في حاجة إليه، مدعياً أن الرئيس كان سيخسر عام 2024 لولا دعمه، وكرر استخدام منشورات منصته "إكس" التي تشير إلى أن الناس سيضطرون إلى الاختيار بينه وبين ترمب، وأرسل تحذيراً صريحاً لمن قد يخطئون في الاختيار، وكتب على "إكس" أنه لم يتبق لترمب سوى ثلاثة أعوام ونصف العام كرئيس، لكنه (ماسك) سيبقى مؤثراً لأكثر من 40 عاماً، مطالباً بالتفكير ملياً في ما سيفعلونه لاحقاً، لأنهم قد يندمون على ذلك. كان ذلك انقلاباً متزلزلاً للجمهوريين الذين احتفوا على مدى ستة أشهر بإيلون ماسك كأقرب مستشاري ترمب، حتى إنه كان يعيش في منتجعه مارالاغو في فلوريدا ويقضي وقتاً مع عائلة الرئيس، وقبل أسبوع واحد هنأ ترمب ماسك في المكتب البيضاوي بإنجازه في قيادة جهود خفض الكلف في إدارته، ومنحه مفتاحاً ذهبياً يحمل شعار البيت الأبيض. أخطار محتملة لكن الآن، يخشى بعض المشرعين وغالبية الجمهوريين من أن يؤدي ابتعاد ماسك بصورة لاذعة عن مسار ترمب إلى شكوك جديدة في الحزب، وتأجيج الانقسامات داخل الحزب الجمهوري التي لن تخدم الجمهوريين جيداً، فعلى المدى القريب، يحاول ترمب والحزب الجمهوري تمرير مشروع قانونهم الضخم للضرائب والسياسات الداخلية في مجلسي النواب والشيوخ، بهوامش ضئيلة للغاية وخلافات كثيرة، إذ ينذر أي تحول في القضايا الرئيسة بإسقاط هذا الإجراء المحفوف بالأخطار اللازم لإرضاء الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ. قد يؤدي سيل الانتقادات المتواصل من منبر ماسك على وسائل التواصل الاجتماعي إلى انهيار المفاوضات، وتشديد موقف منتقدي مشروع القانون، بل وتقويض جوانب أخرى من أجندة ترمب في ولايته الأولى، وهو ما كشفت عنه تصريحات جمهوريين بارزين مثل النائب دون بيكون الذي يمثل منطقة متأرجحة في ولاية نبراسكا، حين حذر من رؤية الانقسام والفوضى مع استمرار الخلاف بين ترمب وماسك، كما وصفت رئيسة لجنة الموازنة في مجلس النواب جودي أرينغتون، ماسك بأنه صوت موثوق في قضايا الديون والإنفاق وله تأثير واسع لكنه محبط وما يقوله علناً لا يجدي نفعاً، وتوقعت أن يحل الرجلان خلافهما في النهاية. ترمب نفسه دافع عن مشروع القانون وكتب على منصة "تروث سوشيال" بأنه لا يمانع في أن ينقلب إيلون ضده، لكن كان ينبغي عليه فعل ذلك قبل أشهر، لأن هذا واحد من أعظم مشاريع القوانين التي قدمت إلى الكونغرس على الإطلاق إذ يخفض النفقات 1.6 تريليون دولار، ويخفض الضرائب، وإذا لم يقر هذا القانون فستكون هناك زيادة ضريبية بنسبة 68 في المئة، وستكون الأمور أسوأ بكثير. دور يصعب خسارته على المدى المتوسط، ينذر اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2026 بفقدان تمويل من الصعب خسارته الذي جسده إيلون ماسك في انتخابات 2024 وتفاخر علناً بأن الفضل يعود إليه ليس فقط في فوز ترمب، بل وفي سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، وجزئياً على مجلس الشيوخ، فقد كتب ماسك حرفياً "لولا أنا، لخسر ترمب الانتخابات، ولسيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، ولحصل الجمهوريون على 51 مقعداً مقابل 49 مقعداً في مجلس الشيوخ". وعلى رغم تأكيد مسؤولين جمهوريين لشبكة "أي بي سي" أنه من السابق لأوانه التنبؤ بكيفية تأثير الخلاف بين ترمب وماسك في الانتخابات المقبلة، فإنهم يدركون أن الملياردير أنفق ما يزيد على أي شخص آخر في الانتخابات الأخيرة، حين ضخ 270 مليون دولار في جماعات تدعم ترمب والمرشحين الجمهوريين في مختلف مراحل التصويت، وفقاً لسجلات لجنة الانتخابات الفيدرالية، وأشار بالفعل إلى أنه سيقلص تبرعاته السياسية في الدورة المقبلة، أي قبل أكثر من عام من انتخابات التجديد النصفي. وفي المرحلة الأخيرة من سباق الرئاسة 2024، انتقل ماسك إلى بنسلفانيا، حيث استضاف اجتماعات عامة ومول جهوده الخاصة لتشجيع الناخبين على التصويت في هذه الولاية المتأرجحة الحاسمة. نفوذ مقيد غير أن بعض الجمهوريين يعتبرون أن نفوذ ماسك المالي ليس بلا حدود، فقد أنفقت جماعات تابعة له 20 مليون دولار قبل أسابيع على سباق المحكمة العليا في ولاية ويسكنسن، ليفوز في النهاية المرشح الليبرالي، مما يشير إلى حدود نفوذ ماسك السياسي. وعلى رغم أن الجمهوريين قد يفتقدون دعمه المالي وتأثيره عبر وسائل التواصل في الدورة الانتخابية المقبلة، فقد واصل الرئيس ترمب جمع ملايين الدولارات لدعم خططه السياسية المستقبلية، وهو مبلغ هائل بالنسبة إلى رئيس محدود المدة، وهو ما يؤكد دوره المركزي في الحزب ومكانته كصانع الملوك بلا منازع. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في الوقت نفسه يقلل بعض الجمهوريين من التصورات السلبية للتأثيرات المحتملة في الحزب الجمهوري مثل النائب الجمهوري عن ولاية نيويورك مايك لولر، الذي يفكر في الترشح لمنصب حاكم الولاية عام 2026، حين قلل من شأن التوترات أو التداعيات السياسية، مشيراً إلى أن الصحافيين يقضون وقتاً أطول بكثير في القلق في شأن هذه الأمور مقارنة بمعظم الناس العاديين، مبدياً تفاؤله بأن ترمب وماسك سيتصالحان. تمويل الديمقراطيين ومع ذلك لا تزال قضية تمويل ماسك في الانتخابات حيوية ومؤثرة، وهو ما تكشف عنه تصريحات دونالد ترمب حين حذر في مقابلة مع شبكة "أن بي سي نيوز" إيلون ماسك بأنه سيواجه عواقب وخيمة للغاية إذا بدأ ملياردير التكنولوجيا بتمويل الديمقراطيين في أعقاب الخلاف بين الحليفين السابقين. وعلى رغم تجنب ترمب في بداية الخلاف العلني على وسائل التواصل الاجتماعي مخاطبة ماسك مباشرة، فإنه دخل في المعركة الخميس الماضي، واصفاً حليفه المقرب سابقاً بالمجنون، ومشيراً إلى أنه يعاني "متلازمة اضطراب ترمب"، لكن مع تكهن البعض بأن ماسك قد يغير ولاءه ويبدأ في تمويل المرشحين الديمقراطيين كوسيلة للانتقام من ترمب والجمهوريين، حذر الرئيس حليفه السابق من هذه الفكرة التي وصفها بالسيئة، من دون أن يحدد شكل أو نوع العواقب الوخيمة التي يلوح بها ضد ماسك. حزب ثالث غير أن هناك وسيلة أخرى لانتقام ماسك المحتمل التي يمكن أن تضر أيضاً بالجمهوريين من دون دعم ماسك المباشر للخصوم التقليديين في الحزب الديمقراطي، وتتمثل هذه الوسيلة في قيادة ماسك حزباً ثالثاً، ففي إطار الحرب الكلامية، سأل ماسك متابعيه على منصة "إكس" عما إذا كانوا يعتقدون أن الولايات المتحدة في حاجة إلى حزب ثالث جديد لمنافسة الديمقراطيين والجمهوريين، وأجاب أكثر من 80 في المئة من المشاركين بنعم، ثم رد ماسك بأن الشعب قال كلمته بأن هناك حاجة إلى حزب سياسي جديد في أميركا لتمثيل 80 في المئة من الطبقة الوسطى، معتبراً أن "هذا قدر". لكن ترمب رد على تعليقات ماسك في مكالمة هاتفية مع مذيع شبكة "فوكس نيوز" بريت باير، قائلاً إنه غير قلق في شأن هذا التهديد، وفسرت كايلي ماكناني، المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض والمذيعة في "فوكس نيوز" حالياً، عدم اهتمام ترمب بالتحدث مع إيلون ماسك وعدم قلقه من تهديدات ماسك بحزب ثالث، إلى شعبية ترمب في استطلاعات الرأي ودعمه القوي بين الجمهوريين في الكونغرس، في إشارة إلى بيانات حديثة من مؤسسة "يوغوف" أجريت في السادس من يونيو (حزيران) الجاري، كشفت عن أن 71 في المئة من الناخبين الجمهوريين سيختارون ترمب، بينما سيختار ستة في المئة فقط ماسك ويمتنع 12 في المئة عن دعم أي منهما، في حين لم يحسم 11 في المئة أمرهم. حزب ترمب لا شك في أنه إذا اضطر أصحاب النفوذ الجمهوريون إلى الاختيار فإن الغالبية العظمى منهم سيختارون ترمب، إذ ينظر إلى ماسك على أنه وافد جديد نسبياً على الساحة السياسية، فهو لم ينضم فعلياً إلى الحركة المحافظة إلا قبل أقل من عام بعد محاولة اغتيال ترمب في بتلر، بولاية بنسلفانيا، وعلى النقيض من ذلك، غالباً ما يبدو أن ترمب يتمتع بنفوذ أشبه برئيس الطائفة في الجانب السياسي، مما حول الحزب الجمهوري إلى حزب يوليه الولاء أكثر من أي مُثل أو مبادئ محددة. وعلى رغم أن ترمب كثيراً ما يتقلب في مواقفه، وهو ما أشار إليه ماسك الخميس الماضي حين تحدث عن أن ترمب كان في السابق متشدداً مثله تماماً في شأن عجز الموازنة، فإن القاعدة الشعبية لترمب في الحزب الجمهوري غالباً ما تغير موقفها معه، حتى عندما يقول ترمب شيئاً لا أساس له أو كاذباً مثل سرقة انتخابات 2020، فإن جزءاً كبيراً من حزبه يستوعبه ويدعمه. نفوذ ماسك الحقيقي ومع ذلك فإن الأمر ليس بهذه البساطة، فبعد يومين من تفجر الخلاف بين ماسك وترمب وصمت لافت للنظر من جانب نائب الرئيس جي دي فانس، انحاز فانس في النهاية إلى جانب ترمب لتبديد أي شك، وإن لم ينتقد ماسك، وهو ما يفسر بأن ماسك لا يزال يحتفظ بنفوذ حقيقي، ولهذا السبب نرى كثيراً من الجمهوريين يقاومون هذا الخيار الثنائي بين أقوى رجلين في العالم، لأن استمرار الخلاف سيقضي على أقوى شراكة في واشنطن وقد يجبر الجمهوريين على مراعاة بعض الديناميكيات المضطربة. وعلى رغم تأثر شعبية ماسك بصورة واضحة مع تراجع شعبية إدارة الكفاءة الحكومية (دوج) التي قادها أشهراً عدة، وهو بالتأكيد ليس بنفس شعبية ترمب في أوساط اليمين، فإن ماسك احتفظ بدعم جمهوري كبير حتى مع تعثر جهود إدارة الكفاءة الحكومية، بل تتفوق مكانته على معظم الجمهوريين باستثناء ترمب أو فانس. وعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع رأي أجرته "رويترز" مع مؤسسة "إبسوس" في أبريل (نيسان) الماضي أن 54 في المئة من الجمهوريين لديهم رأي إيجابي للغاية عن ترمب، و50 في المئة قالوا الشيء نفسه عن نائبه، ولم يكن ماسك بعيداً منهما، إذ حصل على 43 في المئة، كما كان متقدماً بفارق كبير على شخصيات أخرى في إدارة ترمب، مثل وزير الدفاع بيت هيغسيث الذي حصل على 33 في المئة ومستشار الأمن القومي آنذاك مايكل والتز الذي نال 18 في المئة فقط من التأييد. وحافظ عمل ماسك في "دوج" على شعبيته الكبيرة في أوساط الحزب الجمهوري، وأظهر استطلاع رأي أجرته "نيويورك تايمز" مع كلية سيينا في أبريل الماضي أن 63 في المئة من الجمهوريين و70 في المئة من ناخبي ترمب قالوا إنهم يدعمون بشدة التخفيضات التي أجراها ماسك وإدارته "دوج". لكن هذا كله كان قبل الخلاف المرير والعلني مع ترمب، وإذا أضيفت بضعة أيام أو أسابيع من الرسائل المحتملة الناقدة من الرئيس، فمن المرجح أن تنهار شعبية ماسك بين الجمهوريين. ترقب وحذر تبقى متابعة ما إذا كان الرئيس دونالد ترمب وإيلون ماسك سيتمكنان من إصلاح الأمور بعد انفصالهما كما يأمل كثر من حولهما، فعبر ما يقارب عقداً من الزمان في السياسة وثلاث حملات انتخابية للبيت الأبيض، أظهر ترمب قدرة ملحوظة على تجاوز الخلافات مع عديد من منافسيه داخل الحزب ومنتقديه السابقين، بمن فيهم بعض من يخدمون الآن في حكومته. وعلى رغم حديث ترمب عن انتهاء العلاقة مع ماسك، فإن موقفه قد يتغير أو في الأقل يسمح بهدوء العاصفة حتى لا يضر الخلاف بالحزب الجمهوري، ومع نهاية الجمعة الماضي وبدء عطلة نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة، غادر بعض الجمهوريين واشنطن وهم يتساءلون ما إذا كان ماسك على استعداد للقيام بالشيء نفسه.