كيف يقود الذكاء الاصطناعي التحوّل الاقتصادي في الأردن؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 9 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار التكنولوجيا : الذكاء الاصطناعى يطلب الوصول لبياناتك الشخصية.. فهل يستحق المخاطرة؟
الاثنين 21 يوليو 2025 05:50 صباحاً نافذة على العالم - في الوقت الذي يُفرض فيه الذكاء الاصطناعي على حياتنا اليومية بدءًا من الهواتف والتطبيقات وصولًا إلى محركات البحث وحتى الطلبات في مطاعم الوجبات السريعة، تتزايد المخاوف من توسّع أدوات الذكاء الاصطناعي في طلب مستويات غير مسبوقة من الوصول إلى بيانات المستخدمين الشخصية، بحجة أنها 'تحتاجها لتعمل'. هذه الممارسات تثير قلقًا واسعًا في أوساط المهتمين بالأمن الرقمي والخصوصية، حيث بات من الطبيعي أن تطلب بعض أدوات الذكاء الاصطناعي صلاحيات للوصول إلى بريدك الإلكتروني، تقويمك، صورك، قائمة جهات الاتصال الخاصة بك، وحتى تاريخ تصفحك وكلمات مرورك، بدعوى أنها تسهّل أداء المهام الروتينية نيابة عنك. تطبيقات AI تكرر نفس أخطاء الماضي قبل سنوات، كان من المستغرب أن يطلب تطبيق بسيط مثل 'آلة حاسبة' أو 'كشاف ضوء' صلاحيات للوصول إلى موقعك الجغرافي أو صورك، وهو ما كان يُعتبر علامة حمراء تدل على نوايا خفية في جمع البيانات. اليوم، لا تختلف بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي كثيرًا عن ذلك. مثال على ذلك، متصفح 'كوميت' (Comet) المدعوم بالذكاء الاصطناعي من شركة Perplexity، والذي يعِدُ بمساعدتك في أداء المهام مثل تلخيص الرسائل الإلكترونية وجدولة المواعيد، إلا أن استخدام هذا المتصفح يتطلب منح صلاحيات موسعة للغاية، منها إرسال الرسائل عبر بريدك الإلكتروني، تحميل جهات اتصالك، عرض وتعديل كل تقاويمك، وأحيانًا حتى الوصول إلى دليل الموظفين الكامل لشركتك. ورغم أن الشركة تؤكد أن أغلب البيانات تُخزّن محليًا على جهاز المستخدم، إلا أنك تمنحها فعليًا الحق في استخدام بياناتك لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها – وهو ما يفتح الباب لتساؤلات عديدة حول حدود الاستخدام ومصير هذه البيانات. المشكلة ليست في كوميت وحده ليست Perplexity وحدها من تسير في هذا الاتجاه. العديد من التطبيقات التي تعتمد على مساعدات ذكية تقدم وعودًا بتوفير الوقت والجهد، لكنها بالمقابل تطلب صلاحيات للوصول إلى مكالماتك، اجتماعاتك، صورك الخاصة، وحتى محتوى ملفاتك غير المنشورة، شركة 'ميتا' مثلًا تختبر حاليًا أدوات ذكاء اصطناعي تطلب الوصول إلى الصور المحفوظة في هاتف المستخدم حتى قبل أن يتم رفعها إلى أي منصة. في هذا السياق، صرّحت 'ميريديث ويتاكر'، رئيسة تطبيق Signal، أن الاعتماد الكلي على مساعدات الذكاء الاصطناعي يشبه 'وضع دماغك في وعاء زجاجي'، موضحة أن هذه المساعدات قد تطلب فتح متصفحك، الوصول إلى كلمات المرور، بطاقتك الائتمانية، تقويمك، وجهات الاتصال لديك فقط لأداء مهام بسيطة مثل حجز طاولة في مطعم أو شراء تذكرة لحفل موسيقي. مخاطر لا يُستهان بها المشكلة لا تتوقف عند مشاركة البيانات، بل تتعداها إلى منح هذه الأنظمة الذكية صلاحيات للتصرف نيابة عنك، وهو ما يفرض مستوى عاليًا من الثقة في تكنولوجيا ما تزال عرضة للأخطاء بل واختراع معلومات غير صحيحة أحيانًا. والأخطر، أن الشركات المطوّرة لهذه الأنظمة قد تضطر في بعض الحالات إلى إسناد مراجعة أداء الذكاء الاصطناعي إلى موظفين بشريين، مما يعني أنهم قد يطلعون على بياناتك الخاصة ومحفوظات محادثاتك دون علمك. هل تستحق هذه التسهيلات كل هذا الثمن؟ عند إجراء تحليل بسيط لتكلفة وفوائد ربط حياتك الرقمية بالذكاء الاصطناعي، يبدو أن المقابل لا يبرر حجم التنازلات، فهل حقًا يستحق اختصار بعض الخطوات اليومية أن تفقد خصوصيتك وحقوقك الرقمية؟ ينبغي أن يُطلق أي طلب مريب من أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي صافرات الإنذار، تمامًا كما كان يحدث عندما يطلب تطبيق 'كشاف' معرفة موقعك الجغرافي.


صحيفة الشرق
منذ 15 ساعات
- صحيفة الشرق
ثورة الوظائف
453 أمل عبدالملك يُعد الذكاء الاصطناعي (AI) من أبرز الابتكارات التقنية التي أحدثت ثورة في عالم الأعمال خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت قدراته تتجاوز ما كان يُعتقد ممكنًا، من تحليل البيانات الضخمة بدقة عالية إلى تنفيذ المهام الروتينية بكفاءة وسرعة تفوق الإنسان، ومع هذا التقدم، بدأ الذكاء الاصطناعي يؤثر بشكل واضح على سوق العمل، مثيرًا مخاوف وتساؤلات حول مستقبل الوظائف التقليدية ومصير الموظفين. أحد أبرز التأثيرات المباشرة للذكاء الاصطناعي هو استبدال بعض الوظائف التي تعتمد على المهام المتكررة أو الحسابية الدقيقة، مثل موظفي إدخال البيانات، وخدمة العملاء، والمحاسبة الأساسية، وحتى بعض المهن في القطاع القانوني والإعلامي، فبفضل تقنيات مثل الروبوتات البرمجية والتعلم الآلي، أصبحت الشركات قادرة على تنفيذ هذه المهام بتكلفة أقل وبدقة أعلى وبدون الحاجة إلى تدخل بشري مستمر. هذا التوجه يطرح سؤالًا جوهريًا: ما مصير الموظفين إذا ما لجأت الشركات إلى الاستغناء عن البشر؟ الواقع أن بعض الوظائف قد تُلغى بالفعل، مما يفرض على الموظفين المتأثرين التحول نحو مجالات جديدة تتطلب مهارات فكرية أو إبداعية أو إنسانية لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدها بسهولة، مثل القيادة، الابتكار، التحليل الاستراتيجي، والرعاية الإنسانية. لكن هل يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يُغني عن البشر كليًا؟ الإجابة ببساطة: لا. فعلى الرغم من تفوق الذكاء الاصطناعي في مجالات معينة، إلا أنه يظل أداة تعتمد على الإنسان لتوجيهه، تدريبه، ومراقبته، لا يمتلك الذكاء الاصطناعي وعيًا ذاتيًا أو مشاعر، ولا يستطيع اتخاذ قرارات أخلاقية أو التعامل مع التعقيدات الاجتماعية والثقافية بنفس فاعلية البشر، لذا فإن دوره هو الدعم والمساندة، لا الإحلال الكامل. في المقابل، يمكن للموظفين الاستفادة من مميزات الذكاء الاصطناعي لتطوير أعمالهم وتعزيز كفاءاتهم، فبدلًا من مقاومته، يُنصح بتعلم كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل أنظمة التنبؤ، تحليل البيانات، والمساعدين الذكيين، على سبيل المثال، يمكن لموظفي التسويق استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستهلكين وتخصيص الحملات الإعلانية، بينما يمكن للمهندسين استخدامه في تحسين التصميمات واختبار النماذج. كما أن تطوير المهارات الشخصية والمهنية، مثل التفكير النقدي، الإبداع، والذكاء العاطفي، يظل من أهم السبل للتميّز في سوق العمل المستقبلي، حيث تظل هذه القدرات غير قابلة للاستبدال بالذكاء الاصطناعي. * يمثل الذكاء الاصطناعي تحديًا حقيقيًا وفرصة في الوقت ذاته، من يتعامل معه بخوف سيفوته الركب، ومن يراه أداة تطوير سيجد فيه حليفًا قويًا للنجاح في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة. مساحة إعلانية

عمون
منذ 19 ساعات
- عمون
التنقل المهني الذكي في مواجهة فجوة المهارات وزحف الذكاء الاصطناعي
يشير مفهوم التنقل المهني الذكي (Smart Career Mobility) إلى قدرة الأفراد على الانتقال بمرونة وكفاءة بين وظائف أو مجالات مهنية متعددة، وذلك بالاستفادة من الأدوات الرقمية والتقنيات الحديثة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) يتيح هذا النمط من التنقل للأفراد رسم مسارات مهنية تتوافق مع قدراتهم الفردية وتتلاءم مع متطلبات السوق المتغيرة، من خلال الاعتماد على تحليل بيانات السوق، وتحديد الفرص المهنية الأنسب، والانخراط في التعلّم المستمر، وتحديث المهارات بشكل ديناميكي، كما يشمل ذلك إمكانية الانتقال السلس بين قطاعات مختلفة أو تخصصات متعددة وفقًا لحجم الطلب وحاجة السوق. من ناحية أخرى تعد فجوة المهارات السوقية (Skills Gap) من أبرز التحديات التي تعيق التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل، إذ تشير إلى التفاوت القائم بين المهارات المتوفرة لدى العاملين، وتلك المطلوبة فعليا من قبل أصحاب العمل، هذه الفجوة تشكل عقبة أمام الخريجين الذين يجدون صعوبة في الالتحاق بسوق العمل رغم امتلاكهم شهادات أكاديمية، كما تربك أرباب العمل الذين يواجهون تحديات في العثور على مرشحين يمتلكون المهارات المناسبة، وتؤثر سلبا على صناع القرار الساعين إلى خفض معدلات البطالة وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، حيث تشير دراسة ان 52% من أصحاب العمل يرون ان خريجي الجامعات الأردنية يفتقررون للمهارات الأساسية، وان 60% من هؤلاء الخريجين لا يجدون وظائف خلال السنة الاولى من التخرج، وان المهارات المفقودة، منها على سبيل المثال: الكفاءة الرقمية والتقنية، والتفكير النقدي وحل المشكلات، إضافة الى مهارات الاتصال الفعال. اما الذكاء الاصطناعي AI فيقصد به محاكاة أنظمة الحاسوب للوظائف الذهنية البشرية مثل التعلم الآلي، ومعالجة وتحليل البيانات، والتنبؤ بالتوجهات المستقبلية، وتكمن أهمية الذكاء الاصطناعي في كونه أداة فاعلة لدعم الأفراد والمؤسسات في اتخاذ قرارات مهنية قائمة على معطيات دقيقة وآنية، مما يعزز فرص التوظيف والتطوير المهني المستدام. من هنا، فإن التكامل بين التنقل المهني الذكي والذكاء الاصطناعي يعد خيارا استراتيجيا لسد فجوة المهارات المتزايدة، هذا الربط يفتح آفاقا جديدة أمام الخريجين والعاملين لتطوير مساراتهم المهنية، ويمنح أرباب العمل حلولا أكثر دقة وفاعلية في استقطاب الكفاءات، كما يوفر لصناع السياسات أدوات تخطيط مستقبلية قائمة على تحليل واقعي ومعمّق لمعطيات سوق العمل، وفي ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، فلم يعد الاعتماد على المؤهل الأكاديمي وحده كافيا، بل أصبحت المرونة، والتعلم المستمر، والتوظيف الذكي للتقنيات ركائز أساسية لبناء مسيرة مهنية ناجحة ومواكبة لمتطلبات العصر. تبرز أهمية مفهوم التنقل المهني الذكي كأحد التوجهات الحديثة التي تمكن الأفراد من التنقل بمرونة وفاعلية بين المهن والقطاعات المختلفة، اعتمادا على معطيات دقيقة حول واقع السوق، واحتياجاته المتغيرة، ومدى مواءمة المهارات التي يمتلكها الأفراد مع الفرص الوظيفية المتاحة، ولا يعد هذا النوع من التنقل تخليا عن الاستقرار المهني، بل يعكس قدرة الفرد على التكيف وإعادة تشكيل مساره الوظيفي استجابة للظروف المتجددة والتحولات العميقة التي يشهدها سوق العمل. في هذا المنطلق، تتعاظم الحاجة إلى AI بوصفه قوة دفع مركزية لهذا التحول، إذ تسهم خوارزميات التعلم الآلي وتحليل البيانات في رسم ملامح المسارات المهنية المستقبلية، وتشخيص الفجوات المهارية، وتقديم توصيات موجهة ودقيقة لكل باحث عن عمل أو عامل يسعى للتطوير الذاتي والمهني، وباتت أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة اليوم على تحليل السير الذاتية، وتقييم القدرات، ومطابقة الأفراد مع الوظائف الأنسب لهم، بل وتوفير خطط تعلم مصممة خصيصا لسد الفجوات المهارية، مما يُشكّل تحولا نوعيا في طريقة اتخاذ القرارات المهنية، سواء على مستوى الأفراد أو جهات التوظيف. من ناحية اخرى، تواجه معظم أسواق العمل تحديًا متصاعدا يتمثل في فجوة المهارات، والتي لا تعكس بالضرورة نقصًا في الكفاءات، بل غالبا ما تكون نتيجة لعدم اتساق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل الفعلية، أو بسبب ضعف ثقافة التعلم المستمر لدى شريحة من العاملين، وتؤدي هذه الفجوة إلى اتساع البطالة المقنعة، وإلى صعوبات متزايدة لدى أصحاب العمل في العثور على كفاءات تلبي متطلبات الوظائف الحديثة، مما يعمّق من إشكالية التوظيف ويعيق النمو الاقتصادي والتنافسي في آن واحد، حيث يفضل 70% من أصحاب العمل الخبرات العملية على الشهادات الاكاديمية. لا يمكن إنكار أن التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي قد ترك أثرا بالغا وواضحا على ملامح سوق العمل المعاصر، حيث باتت العديد من الوظائف التقليدية مهددة بالزوال، فقد أصبحت الأنظمة الذكية قادرة على أداء مهام كانت في السابق حكرا على العنصر البشري، مثل خدمة العملاء، والتحليل المالي، وإدارة البيانات، بل وتوسعت لتشمل مجالات أكثر تعقيدا كالمهام القانونية وبعض الأنشطة الإبداعية، ولم يقتصر تأثير هذا التحول على القطاعات التقنية فقط، بل امتد ليشمل قطاعات واسعة مثل التعليم، والإدارة العامة، والنقل، والمحاسبة، وفي ظل هذا المشهد المتغير، تتزايد المخاوف بشأن تآكل فرص العمل، لا سيما بالنسبة للأفراد الذين لم يتمكنوا من مواكبة هذا التطور أو افتقروا إلى المهارات البديلة التي تؤهلهم للانخراط في الاقتصاد الرقمي الجديد، فعلى الصعيد فان 40% من اصحاب العمل يخططون لخفض عدد العاملين بفضل الأتمتة. على الرغم من أن AI يعد محركا قويا للابتكار وتعزيز الإنتاجية في مختلف القطاعات، فإن آثاره المتسارعة على سوق العمل تستدعي استجابة استراتيجية واعية، لا تقوم على مقاومة التغيير أو التخوف منه، بل على مواكبته والاستعداد له بمرونة، ومن ذلك يبرز مفهوم التنقل المهني الذكي كأحد الحلول الفاعلة، سواء على المستوى الفردي أو المنظمي، إذ يتيح للعاملين تجنب خطر الارتباط طويل الأمد بوظائف مهددة بالاندثار، من خلال الاستثمار في تطوير مهاراتهم والانتقال إلى مجالات واعدة أو قطاعات أقل عرضة للأتمتة والاستبدال الآلي، ولا يتم هذا الانتقال بشكل عشوائي أو عفوي، بل يستند إلى تحليل دقيق لمعطيات سوق العمل، وتحديد المهارات المطلوبة مستقبلا، ومن ثم الانخراط في برامج تدريب وتأهيل موجّهة تسهم في تعزيز فرص البقاء والتطور المهني في ظل التحولات المتسارعة. غير أن التحدي الأشد إلحاحا هنا يتمثل في اتساع فجوة المهارات، حيث لا يمتلك عدد كبير من الخريجين والعاملين المهارات التقنية والرقمية اللازمة للولوج إلى وظائف المستقبل أو المحافظة على مكانتهم في سوق العمل المتغير، وفي المقابل، لا تزال المنظمات في القطاعين العام والخاص تواجه صعوبة في استقطاب كفاءات مؤهلة في مجالات متقدمة كتحليل البيانات، و AI ، والتحول الرقمي، ويسهم هذا الخلل في تعميق الفجوة القائمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق، ويزيد من احتمالات الإقصاء المهني لأولئك الذين لا يواكبون مسارات التحديث والتطور، مما يهدد بتفاقم معدلات البطالة وفقدان التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل. لمواجهة هذا التحدي المتصاعد، تظهر الحاجة إلى تفعيل منظومات تدريب وتأهيل ذات طابع ذكي وتكيفي، تستند إلى تحليل ديناميكي مستمر لاحتياجات سوق العمل، وتعمل على توجيه الأفراد نحو اكتساب المهارات الأكثر طلبا والتي تضمن لهم مرونة التكيف والتنقل بين المسارات المهنية المختلفة، وفي هذا الإطار، يُعد دعم صناع القرار وأرباب العمل لمبادرات التنقل المهني الذكي أمرا حاسما، من خلال تهيئة بيئات عمل مرنة تستوعب التنقل والتطوير، وتوفير أدوات تقييم ذاتية واستشارات مهنية قائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يعزز من قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات مهنية مستنيرة، ويسهم في تحقيق مواءمة حقيقية بين الكفاءات والفرص الوظيفية المستقبلية. أدى الذكاء الاصطناعي إلى نشوء واقع مهني جديد لم يعد يتسع لحالات الجمود أو الركود الوظيفي، إذ أصبحت المهن التي تقوم على التكرار والإجراءات الروتينية عرضة للاستبدال بأنظمة ذكية أكثر كفاءة، ويقتضي هذا التحول تبني تفكير استباقي من قِبل جميع الفاعلين في سوق العمل، أفرادًا ومنظمات، فلم يعد السؤال الجوهري هو: "هل ستنقرض مهنتي؟"، بل تحول إلى تساؤل أكثر عمقا: "هل أمتلك المهارات التي تؤهلني للاستمرار والتطور في بيئة عمل تتغير بوتيرة متسارعة؟". عند تفعيل التنقل المهني الذكي كجزء من منظومة وطنية شاملة، فإنه لا يقتصر على كونه استجابة فردية للتغيرات المتسارعة في سوق العمل، بل يتحول إلى أداة استراتيجية للتنمية المستدامة، فهو يسهم في إعادة توجيه الموارد البشرية نحو القطاعات ذات الأولوية الاقتصادية، ويحد من معدلات البطالة الهيكلية، ويسهم في بناء قوة عمل أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التحولات المستقبلية، ولا يُعد التنقل المهني الذكي آلية للإقصاء، بل وسيلة للتمكين الوظيفي؛ إذ يمنح الأفراد الفرصة لإعادة التمركز المهني، والتكيف مع متطلبات السوق المتجددة، مما يعزز من شموليتهم واستمراريتهم داخل المنظومة الاقتصادية بدلا من انجرافهم خارجها، ولكن لا يمكن لهذا التحول أن يتم تلقائيا، فبدون رؤية استراتيجية تعالج فجوة المهارات، وتوفر مسارات تعلم قابلة للوصول، وتدمج AI في التوجيه والتدريب، سيبقى عدد كبير من الأفراد عالقين بين وظائف مهددة بالانقراض، ومهارات غير كافية، غير قادرين على العبور إلى وظائف المستقبل، وبناء عليه يمكننا تقديم مجموعة من التوصيات المهمة التي تساعد مختلف الفئات على التعامل مع التغيرات التي يشهدها سوق العمل: بالنسبة للخريجين والباحثين عن عمل، لم يعد الانتظار كافيا، فالسوق يتغير بسرعة، ويجب أن يكون لدى الشخص استعداد دائم لتعلم مهارات جديدة، ومن المهم التركيز على المهارات الرقمية الأساسية Digital Skills، مثل تحليل البيانات، التفكير المنطقي، والتعامل مع أدوات AI، لأن هذه المهارات أصبحت من المتطلبات الأساسية في كثير من الوظائف الحديثة، كما يمكن الاستفادة من المنصات الذكية التي تساعد على معرفة الاتجاهات المهنية المناسبة لكل شخص حسب قدراته واهتماماته. أما العاملون في وظائف قد تختفي مستقبلا، فعليهم أن يكونوا أكثر وعيا بالتغيرات التي تحدث من حولهم، ومن الأفضل البدء بوضع خطة بديلة تساعدهم على الانتقال إلى مجالات جديدة أكثر أمانا، كما يمكن تحقيق ذلك من خلال المشاركة في الدورات التدريبية المستمرة، وطلب الدعم من جهة العمل لتوفير برامج تساعدهم على تطوير أنفسهم، بدلا من الانتظار حتى فقدان الوظيفة. أما أصحاب العمل، فينبغي أن ينظروا إلى AI على أنه فرصة لتطوير العاملين، وليس فقط كوسيلة لخفض التكاليف، بل لتصميم برامج تساعد العاملين على الانتقال إلى مهام جديدة داخل نفس المنطمة، وتوفير بيئة عمل مرنة تشجع على التعلم وتسمح بالتنقل بين المهام بسهولة، لأن ذلك يعزز من استمرارية المنظمة وتكيفها مع التغيرات، وتشير دراسة ان الذكاء الاصطناعي سيخلق 20–50 مليون وظيفة جديدة حتى عام 2030، تعتمد معظمها على المهارات التقنية، وان 87% من المنظمات ستواجه فجوة مهارات حاليا أو مستقبلا. فيما يخص صناع القرار والمسؤولين عن وضع السياسات، فمن المهم جدا أن يتم إدراج مفهوم التنقل المهني الذكي ضمن خطط الدولة في مجالي التعليم وسوق العمل، وكما ينصح بإنشاء منصات رقمية رسمية تساعد في تحديد المهارات المطلوبة حاليا ومستقبلا، وربطها بالخريجين والباحثين عن العمل لتوجيههم إلى المسارات المناسبة، كذلك توفير برامج دعم خاصة للخريجين الذين يواجهون صعوبة في الدخول إلى سوق العمل، وربطهم بمسارات تدريب محددة تعزز من فرصهم. أخيرا، فإن التعاون بين الدولة والقطاع الخاص في تصميم هذه البرامج يعد أمرا ضروريا لضمان أنها تلبي الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل، كما اكدت دراسة ان 44% من المهارات ستتغير خلال 5 سنوات، وان 60% من الموظفين يحتاجون لإعادة تأهيل قبل 2027. وخلاصة القول، يقوم التنقل المهني الذكي على قدرة الأفراد على الانتقال من وظائف مهددة إلى أخرى أكثر أمانا واستدامة، مستندين في ذلك إلى تحليل مستمر لمعطيات السوق، واكتساب مرن للمهارات المطلوبة، لا يعد هذا المفهوم ترفا تنظيريا، بل ضرورة عملية، في ظل عالم لم يعد يرحم الجمود المهني. لكن هذا التنقل يصطدم بعقبة مركزية هي فجوة المهارات Skills Gaps، وفيما يتقدم AI بخطى متسارعة، لا تزال أنظمة التعليم والتدريب متأخرة عن مواكبته، والنتيجة آلاف الخريجين المؤهلين نظريا، غير القادرين على المنافسة فعليا. ن هذا التحول الذي يشهده سوق العمل اليوم هو أشبه بزلازل ناعمة، تغير معالم المهن من الداخل، وفي هذا المشهد، لا يكفي الصمود؛ بل لا بد من التحرك بذكاء ومرونة، لأن AI قد يقصي من لا يتحرك، لكنه يكافئ من يستثمر فيه، والتنقل المهني الذكي هو الجسر الآمن بين ما نعرفه الآن، وما ينتظرنا في مستقبل العمل، فهل نحن مستعدون لعبوره؟