
نزع الإنسانية من الحرب في غزة: لماذا يُقصف من يعالجون الجرحى؟
تشهد الخدمات الصحية حول العالم، وخصوصًا في غزة، تزايدًا في الهجمات المتعمدة، حيث يتعرض العاملون في المجال الطبي للعنف وسوء المعاملة، إضافة إلى العراقيل التي تعيق أداءهم في مناطق الصراع، مثل لبنان وأوكرانيا والسودان وسوريا.
ويأتي ذلك رغم مبدأ الحياد الطبي المنصوص عليه في القانون الإنساني الدولي، والذي يضمن حماية العاملين في القطاع الصحي والمرافق الطبية أثناء النزاعات المسلحة والاضطرابات المدنية، لتمكينهم من تقديم الرعاية لمن هم في أمسّ الحاجة إليها.
في تعليق نُشر في دورية BMJ Global Health، كتب الدكتور جويل أبي راشد وزملاؤه من الجامعة الأمريكية في بيروت:
"في كل من غزة ولبنان، لم تُستهدف المرافق الصحية بشكل مباشر فقط، بل تم أيضًا عرقلة الوصول إلى الرعاية، بما في ذلك حوادث مُنعَت فيها سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى أو تم استهدافها عمدًا".
وأضافوا:"ما بات واضحًا اليوم هو أن العاملين الصحيين والمنشآت الطبية لم يعودوا يتمتعون بالحماية التي يكفلها القانون الإنساني الدولي".
العدوان الإسرائيلي على غزة
وأشار الكتّاب إلى بيانات من العدوان الإسرائيلي واسع النطاق على غزة، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 986 من الكوادر الطبية. وتُظهر أرقام صادرة عن Healthcare Workers Watch أن 28 طبيبًا من غزة محتجزون في السجون الإسرائيلية دون توجيه تهم، من بينهم 8 استشاريين كبار في تخصصات الجراحة، العظام، العناية المركزة، القلب، وطب الأطفال.
وفي تصريح لمجلس الأمن الدولي في يناير، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية وغزة إن المستشفيات في غزة "تحولت إلى ساحات قتال"، وإن النظام الصحي هناك "يُفكك بشكل منهجي ويدفع نحو الانهيار الكامل".
وفي وقت سابق من عام 2025، تحدث عدد من العاملين في القطاع الصحي بغزة، ممن تم احتجازهم من قبل الجيش الإسرائيلي، لـصحيفة The Guardian ضمن مشروع "أطباء في الاعتقال"، وأكدوا أنهم استُهدفوا لأنهم أطباء.
وروى الأطباء شهادات مؤلمة عن التعذيب، الضرب، التجويع، الإهانة، وإبقائهم لساعات طويلة في أوضاع ضغط نفسي وجسدي، إضافة إلى حرمانهم من الطعام، الماء، الاستحمام أو تغيير الملابس، وتشغيل موسيقى صاخبة بشكل متواصل لمنعهم من النوم.
وفي لبنان، وجد تقرير صادر عن وزارة الصحة العامة أن 217 من العاملين الصحيين قُتلوا على يد الجيش الإسرائيلي بين 8 أكتوبر 2023 و27 يناير 2025، كما تم تدمير 177 سيارة إسعاف، وتوثيق 68 هجومًا على مستشفيات.
وسجّلت الائتلاف لحماية الصحة في النزاعات (Safeguarding Health in Conflict Coalition) في عام 2024 3,623 هجومًا أو عرقلة للرعاية الصحية، وهو أعلى عدد تم توثيقه على الإطلاق.
وشملت هذه الانتهاكات حالات ضرب، واعتقال تعسفي، واختطاف، وتعذيب، وقتل لأطباء وممرضين وعاملين صحيين، وإطلاق النار على مرضى وهم على أسرّتهم، واقتحام المستشفيات أو قصفها عمدًا.
ودعا كتّاب المقال في BMJ Global Health الأطباء إلى عدم "التخلي عن مبدأ الحياد الطبي"، والوقوف في وجه ما أسموه "الإبادة الصحية"، مؤكدين أن الصمت يمنح الضوء الأخضر للمخالفين في المستقبل. وطالبوا بتوثيق الانتهاكات، والمناصرة من أجل تطبيق القانون الإنساني الدولي وتحقيق العدالة.
وفي The Guardian، كتب مارتن فان دير هايدن، المحامي المتخصص في الصحة العالمية والباحث في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، أن قوانين القانون الإنساني الدولي، بما فيها اتفاقيات جنيف، تتيح "هامشًا كبيرًا للتأويل وتفتقر إلى آليات المحاسبة"، مما يسمح بقصف المستشفيات إذا اعتُبر ذلك "يضر بالعدو".
من جانبه، قال د. أندرو غرين، رئيس لجنة الأخلاقيات الطبية في الجمعية الطبية البريطانية، إن الأطباء أصيبوا بـ"الذهول" من التزايد الرهيب في الهجمات على الرعاية الصحية والمرضى والعاملين في مناطق النزاع، و"الازدراء التام لمبدأ الحياد الطبي والقانون الإنساني الدولي".
وأشار إلى أن غزة تمثل الحالة الأخطر، حيث
"السكان مهددون بالمجاعة، والنظام الصحي الذي يُفترض أن يعالج الجوعى قد تم تدميره منهجيًا، كما تم قتل العاملين الصحيين واعتقالهم تعسفيًا".
وحثّ غرين الجمعيات الطبية الدولية، والمنظمات غير الحكومية، والحكومات، والأمم المتحدة، على فضح انتهاكات حقوق الإنسان وحقوق الصحة، ومحاسبة من ينتهك القانون الإنساني الدولي.
وأضاف:
"على أصحاب النفوذ أن يستخدموا كل الأدوات المتاحة لضمان إيصال المساعدات الإنسانية والرعاية الصحية العاجلة إلى الفئات الأكثر ضعفًا حول العالم. خطوة واضحة لذلك ستكون بتعيين مقرر خاص للأمم المتحدة معني بحماية الصحة أثناء النزاعات المسلحة".
وكان وزير الخارجية البريطاني هاميش فالكونر قد صرّح سابقًا بأن الحكومة البريطانية تضغط على السلطات الإسرائيلية لضمان تحقيقات شفافة في هذه الحوادث، ومحاسبة المسؤولين عنها، واستخلاص الدروس منها.
ملاحظة تحريرية: تم تعديل هذه المقالة في 6 أغسطس 2025. كانت النسخة السابقة تشير إلى أن الخدمات الصحية تتعرض لهجمات متعمدة في السلفادور، لكن هذه الإشارة كانت كمثال تاريخي من الثمانينيات وقد تم حذفها. كما نُشرت التعليقات في BMJ Global Health وليس في British Medical Journal. كما تم تصحيح اقتباس خاطئ؛ إذ دعا المقال إلى "عدم التخلي عن مبدأ الحياد الطبي" وليس العكس.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
الصحة العالمية: 14، 800 مريض في غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية
قطاع غزة قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن أكثر من 14 ألفًا و800 مريض في قطاع غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية متخصصة، داعيًا إلى تسريع عمليات الإجلاء الطبي. وفي منشور عبر منصة إكس، أفاد غيبريسوس بأن منظمة الصحة العالمية دعمت الإجلاء الطبي لـ15 طفلاً في حالة حرجة، رفقة 42 من أقاربهم، من غزة إلى الأردن صباح الأربعاء. وأضاف: "ما زال أكثر من 14 ألفًا و800 مريض في غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية متخصصة. نحثّ المزيد من الدول على اتخاذ إجراءات لاستقبال المرضى وتسريع عمليات الإجلاء الطبي بكل السبل الممكنة". غزة تواجه كارثة صحية إنسانية ضخمة لا يمكن التعامل معها إلا بسرعة رفع الحصار وفتح ممرات إنقاذ طبية عاجلة. ويرتكب الاحتلال الصهيوني منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بقطاع غزة وتجويع الفلسطينيين، وشدّد من إجراءاته في 2 مارس بإغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب في تفشي مجاعة ووصولها إلى مستويات "كارثية".


الأسبوع
منذ 2 ساعات
- الأسبوع
الصحة العالمية: 14، 800 مريض في غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية
قطاع غزة قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن أكثر من 14 ألفًا و800 مريض في قطاع غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية متخصصة، داعيًا إلى تسريع عمليات الإجلاء الطبي. وفي منشور عبر منصة إكس، أفاد غيبريسوس بأن منظمة الصحة العالمية دعمت الإجلاء الطبي لـ15 طفلاً في حالة حرجة، رفقة 42 من أقاربهم، من غزة إلى الأردن صباح الأربعاء. وأضاف: "ما زال أكثر من 14 ألفًا و800 مريض في غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية متخصصة. نحثّ المزيد من الدول على اتخاذ إجراءات لاستقبال المرضى وتسريع عمليات الإجلاء الطبي بكل السبل الممكنة". غزة تواجه كارثة صحية إنسانية ضخمة لا يمكن التعامل معها إلا بسرعة رفع الحصار وفتح ممرات إنقاذ طبية عاجلة. ويرتكب الاحتلال الصهيوني منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بقطاع غزة وتجويع الفلسطينيين، وشدّد من إجراءاته في 2 مارس بإغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب في تفشي مجاعة ووصولها إلى مستويات "كارثية".


وضوح
منذ 3 ساعات
- وضوح
الصحة العالمية: 14800 مريض في غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية
كتبت / عزه السيد قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء، إن أكثر من 14 ألفا و800 مريض في قطاع غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية متخصصة، داعيا إلى تسريع عمليات الإجلاء الطبي. وفي منشور عبر منصة إكس، أفاد غيبريسوس، بأن منظمة الصحة العالمية دعمت الإجلاء الطبي لـ15 طفلا في حالة حرجة، رفقة 42 من أقاربهم، من غزة إلى الأردن صباح الأربعاء. وأضاف: 'ما زال أكثر من 14 ألفا و800 مريض في غزة بحاجة ماسة إلى رعاية طبية متخصصة. نحثّ المزيد من الدول على اتخاذ إجراءات لاستقبال المرضى وتسريع عمليات الإجلاء الطبي بكل السبل الممكنة'. وترتكب 'إسرائيل' منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بقطاع غزة وتجوّع الفلسطينيين، وشددت إجراءاتها في 2 مارس/ آذار الماضي بإغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب بتفشي مجاعة ووصولها إلى مستويات 'كارثية.