
تقرير بنك قطر الوطني: مشروع القانون الكبير والجميل يغيّر الاقتصاد الأميركي
اعتبر بنك قطر الوطني QNB أنّ مشروع القانون الكبير والجميل يمهّد الطريق لتطبيق تدابير ضريبية وبرنامج إنفاق وإجراءات هيكلية واسعة النطاق، ذات تأثيرات اقتصادية طويلة الأمد على الولايات المتحدة، ولفت بنك قطر الوطني QNB في تقريره الأسبوعي، إلى أن مشروع القانون يقدم إجمالاً دفعة قوية للاقتصاد، وإن كان ذلك على حساب تصاعد مسار الدين، مع إحداث تحولات كبيرة في توزيع الدخل.
وقال التقرير إنّ التاريخ سيذكر "مشروع القانون الكبير والجميل" بوصفه واحداً من أكثر المبادرات تأثيراً وتحولاً خلال ولاية الرئيس ترامب الثانية، مضيفاً أن مشروع القانون يمتد على ما يقارب 900 صفحة، وقد تبلور بعد أشهر من المفاوضات الشاقة والمناورات السياسية في الكونغرس، وجرى إقراره أخيراً بفارق ضئيل في مجلسَي الشيوخ والنواب، بأغلبية 51 صوتاً مقابل 50 صوتاً، و218 صوتاً مقابل 214 صوتاً على التوالي، قبل أن يوقعه الرئيس ترامب ليصبح قانوناً نافذاً في 4 يوليو/تموز، يوم الاستقلال الأميركي.
في جوهره، يسنّ مشروع القانون تغييرات رئيسية على قانون الضرائب الأميركي، إذ يوسّع التخفيضات الضريبية للأفراد ذوي الدخل المرتفع و
الشركات
، ويقلص تمويل برامج شبكات الأمان الاجتماعي، ويعيد تحديد أولويات الإنفاق. وقد أثارت هذه الإصلاحات نقاشات حادة حول تأثيرها التوزيعي واستدامتها على المدى الطويل، ونظراً لحجم مشروع القانون ونطاقه، فإنّ آثاره الاقتصادية الكلية ضخمة وواسعة النطاق.
وحلل بنك قطر الوطني QNB في تقريره الجوانب الرئيسية لمشروع القانون من خلال ثلاثة أبعاد رئيسية؛ أولها توقع أن يُحدث مشروع القانون تأثيراً توسعياً ملموساً على الاقتصاد خلال العقد المقبل. ووفقاً لتقديرات مكتب الميزانية في
الكونغرس
، سيرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المتوسط بنسبة 0.5% خلال الفترة 2025-2034، مقارنة بسيناريو عدم تطبيق مشروع القانون. ويُعد هذا تأثيراً بالغ الأهمية على الاقتصاد، بالنظر إلى أن متوسط النمو الاقتصادي السنوي في الولايات المتحدة بلغ 2.2% خلال العقدين الماضيين.
أسواق
التحديثات الحية
بنك قطر الوطني: توقعات بتباطؤ النمو العالمي وسط رياح معاكسة
وأضاف: "ستكون التأثيرات أكبر على المدى القصير، إذ سيعزز مشروع القانون الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.9% في عام 2026. وسيأتي الدفع الأولي للنشاط الاقتصادي، إلى حد كبير، من زيادة الطلب الكلي، نتيجة لارتفاع الدخل المتاح للأسر الأكثر ثراءً، والبنود التي تحفز الاستثمار. وبعد عام 2026، ستحسّن معدلات
الضرائب
المنخفضة حوافز العمل، ما يزيد من مشاركة القوى العاملة وساعات العمل، وبالتالي يعزز النمو. وعموماً، تشير آليات النمو المختلفة إلى دفعة إيجابية وهامة للنشاط الاقتصادي".
البعد الثاني للتأثير يتمثل في زيادة القانون الكبيرة من عجز الموازنة الفيدرالية الأميركية ومسار الدين في السنوات القادمة. يتضمن مشروع القانون مجموعة من الإجراءات التي ستضغط على المالية العامة، بما في ذلك تمديد التخفيضات الضريبية، وخفض عائدات ضرائب الشركات، وتوسيع نطاق الخصومات. من ناحية أخرى، يتضمن مشروع القانون بعض التخفيضات في الإنفاق، تستهدف أساساً برامج الاستحقاقات وشبكات الأمان الاجتماعي، ولكنها أصغر نسبياً.
ومن المؤكد أن الزيادة الكبيرة في حجم ديون الخزانة الأميركية ستشكل اختباراً لمدى شهية الأسواق العالمية، وسينتج عنها ارتفاع في
أسعار الفائدة
، وستؤدي زيادة المعروض من سندات الخزانة إلى انخفاض أسعارها، وبالتالي إلى ارتفاع في عوائدها. ورأى التقرير أن البعد الثالث للتشريع الجديد ينطوي على تأثير كبير في إعادة توزيع الدخل بين الأسر. ومن خلال قنوات متعددة، تكون الآثار التوزيعية الصافية لمشروع القانون OBBB تنازلية. بمعنى آخر، سيفيد هذا التشريع الأسر ذات الدخل المرتفع، بينما سيقلل الدعم المقدم للأسر ذات الدخل المنخفض.
وتحديداً، ستخسر الأسر التي تقع في أدنى 20% من نطاق توزيع الدخل 560 دولاراً أميركياً سنوياً، أي حوالى 2.3% من دخلها بعد خصم الضرائب. وستأتي خسائر هذه الفئة على نحوٍ رئيسي نتيجة لتخفيضات في برامج المساعدة الطبية وشبكات الأمان الاجتماعي، مثل برنامج المساعدة الغذائية التكميلية.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
بنك قطر الوطني: عدم اليقين بشأن السياسات الأميركية يثير مخاوف الركود
ستتأثر الأسر في الشرائح العليا ضمن نطاق توزيع الدخل على نحوٍ أقل بالسياسات الطبية وشبكات الأمان، ولكنها ستستفيد كثيراً من تمديد أحكام ضريبة الدخل منتهية الصلاحية في قانون التخفيضات الضريبية والوظائف، الذي يتضمن أحكاماً تراعي معدلات ضريبية أقل، بالإضافة إلى خصومات وإعفاءات شخصية أعلى.
في ظل هذه التغيّرات الجذرية التي يرسيها "مشروع القانون الكبير والجميل"، يبدو أن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة من النمو الاقتصادي المتسارع، لكن بثمن مالي واجتماعي مرتفع. فبينما قد تعزز التخفيضات الضريبية ديناميكية الاقتصاد، فإن تصاعد الدين العام، وتقلص الإنفاق الاجتماعي، وإعادة توزيع الثروات لصالح الشرائح الأغنى، تثير تساؤلات عميقة حول العدالة الاقتصادية والاستدامة المالية في المدى الطويل.
(قنا، العربي الجديد)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 38 دقائق
- العربي الجديد
العجز المالي المتصاعد يدفع المليارات نحو الائتمان
تشهد سوق السندات تحولًا لافتًا في توجهات المستثمرين، مع بدء سحب مليارات الدولارات من السندات الحكومية الأميركية وتحويلها نحو ديون الشركات ذات التصنيف العالي في الولايات المتحدة وأوروبا. ويأتي هذا التحول في وقت تتزايد فيه الضغوط على المالية العامة الأميركية بفعل تصاعد العجز وارتفاع تكاليف الفائدة، ما يثير تساؤلات حول مستقبل ما كان يُعد لعقود من المسلمات في الأسواق المالية: أن ديون الحكومة الأميركية هي الاستثمار الأكثر أمانًا. يبدي المستثمرون مؤشرات على سحب أموالهم من السندات الحكومية وتحويلها إلى ديون الشركات الأميركية والأوروبية، في تحوّل قد يُعيد صياغة واحدة من "أقدم المسلّمات" في الأسواق المالية. ومع تفاقم العجز المالي في الولايات المتحدة نتيجة خفض الضرائب وارتفاع تكاليف الفائدة، قد تجد الحكومة نفسها مضطرة إلى الاستدانة بشكل متزايد، ما يجعل ديون الشركات خيارًا يبدو أكثر أمانًا في نظر بعض مديري الأموال، بحسب تقرير نشرته "بلومبيرغ". وفي يونيو/ حزيران الماضي، سحب مديرو الأموال 3.9 مليارات دولار من سندات الخزانة، وأضافوا نحو 10 مليارات دولار إلى ديون الشركات الأميركية والأوروبية من الدرجة الاستثمارية، وفقًا لبيانات شركة EPFR Global. وفي يوليو/ تموز، ضخ المستثمرون 13 مليار دولار إضافية في سندات الشركات الأميركية عالية الجودة، في أعلى مشتريات صافية منذ بدء تسجيل البيانات عام 2015، وفق مذكرة صادرة عن استراتيجيي بنك "باركليز" يوم الجمعة. اقتصاد دولي التحديثات الحية تحرّك عاجل من البنك المركزي الصيني لوقف نزيف سوق السندات وبحسب "بلومبيرغ"، بدأ ميكائيل نيزار، مدير المحافظ في شركة Edmond de Rothschild Asset Management، في التحول من السندات الحكومية إلى سندات الشركات منذ نهاية العام الماضي، ولا يزال متمسكًا بهذا التوجه. كما كتب استراتيجيون في شركة BlackRock Inc، في مذكرة الأسبوع الماضي: "لقد أصبحت السندات الائتمانية خيارًا واضحًا للجودة". ورغم أن هذه التحولات لا تزال بطيئة نسبيًا، إلا أنها تعكس تغيرًا تدريجيًا في مراكز الثقة. فالولايات المتحدة لا تمتلك ديونًا بعملة أجنبية، ويمكنها طباعة الدولارات عند الحاجة، وهو ما أبقى على جاذبية سندات الخزانة في أوقات الأزمات. فعندما سادت المخاوف من الحروب التجارية في إبريل/ نيسان، كانت سندات الخزانة الأميركية لا تزال تتفوق أداءً على سندات الشركات، رغم تراجع القطاعين معًا. كما استمر الطلب الأجنبي على سندات الخزانة في الارتفاع، مع تسجيل زيادة في الحيازات خلال مايو/ أيار. ومع ذلك، فإن تقلص الفوارق بين عوائد سندات الشركات ونظيرتها الحكومية خلال الأشهر الأخيرة قد يعكس ضعفًا نسبيًا في الثقة بالديون السيادية الأميركية. وفقدت الحكومة الأميركية آخر تصنيف ائتماني من الدرجة الممتازة في مايو/ أيار، عندما خفضت وكالة Moody's Ratings تصنيفها إلى "Aa1"، مشيرة إلى تفاقم العجز وارتفاع عبء الفوائد، وتوقعت أن تمثل مدفوعات الفائدة نحو 30% من الإيرادات بحلول عام 2035، مقارنة بـ18% في 2024، و9% في 2021. وتُقدّر خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخفض الضرائب بأنها قد تضيف نحو 3.4 تريليونات دولار إلى العجز الأميركي خلال العقد المقبل، بحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي (غير الحزبي). في المقابل، لا تزال أرباح الشركات قوية نسبيًا، رغم بعض المؤشرات التحذيرية. وتُظهر البيانات أن الشركات عالية التصنيف قادرة حاليًا على توليد أرباح كافية لتغطية فوائد ديونها بسهولة، كما أن عدد الشركات التي تجاوزت توقعات الأرباح في هذا الموسم يفوق ما سُجّل في الفترة نفسها من العام الماضي. وتعكس التقييمات المرتفعة لديون الشركات الطلب المتزايد عليها. وبلغ متوسط الفارق بين العوائد على سندات الشركات الأميركية عالية الجودة وسندات الخزانة أقل من 80 نقطة أساس (0.8 نقطة مئوية) في يوليو حتى يوم الخميس، مقارنة بمتوسط قدره نحو 120 نقطة أساس خلال العقد الماضي، وفقًا لبيانات مؤشر "بلومبيرغ". أما بالنسبة لسندات الشركات الأوروبية عالية الجودة المقومة باليورو، فقد بلغ متوسط الفارق نحو 85 نقطة أساس في يوليو/تموز، مقابل 123 نقطة في المتوسط خلال العقد. وبالنسبة لبعض مديري الأموال، تثير هذه التقييمات المرتفعة قلقًا بشأن الجدوى الاستثمارية، فقد خفّض جيرشون ديستنفلد، مدير صندوق في شركة "Alliance Bernstein Holding LP"، مؤخرًا، انكشافه على سندات الشركات لصالح السندات الحكومية. وتتفق معه دومينيك براوينينغر، مديرة صندوق متعدد الأصول في شركة Schroders Investment Management Ltd، التي ترى أن ضيق الفوارق بين العوائد لا يجعل من سندات الشركات خيارًا مغريًا. أسواق التحديثات الحية تراجع إصدارات آسيا وأوروبا من السندات بالدولار وفي حين تبقى BlackRock متفائلة بشكل عام حيال ديون الشركات، إلا أنها قلّلت من حيازاتها في السندات طويلة الأجل عالية الجودة بسبب ضيق الفوارق، وزادت في المقابل انكشافها على السندات قصيرة الأجل. ومع ذلك، يرى عدد من المحللين أن موازين السوق آخذة في التغير. وتعكس هذه التحركات في سوق السندات بداية تحوّل محتمل في ملامح الاستثمار الآمن، حيث لم تعد ديون الحكومات، وعلى رأسها الأميركية، محصنة من التشكيك. فمع تصاعد العجز وتراجع التصنيفات الائتمانية، قد يجد المستثمرون أنفسهم مضطرين لإعادة تقييم مفاهيم الاستقرار المالي. وبينما لا تزال ديون الشركات تحمل مخاطرها الخاصة، إلا أن قوتها التشغيلية وقدرتها على توليد الأرباح تمنحها ميزة نسبية في بيئة مالية مضطربة. ومع استمرار هذا التوجه، قد نشهد مستقبلاً إعادة رسم لمعادلة "الملاذات الآمنة" التي حكمت الأسواق لعقود.

العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
واشنطن تضغط بروكسل بشأن الرسوم الجمركية: مهلة نهائية بانتظار صفقة "جيّدة"
في تصعيد جديد على جبهة العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي ، أعلن وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، اليوم الأحد، أن المهلة المحدّدة لبدء فرض الرسوم الجمركية المشدّدة بنسبة 30% على صادرات أوروبية إلى السوق الأميركية، والمقرّرة في الأول من أغسطس/ آب، "نهائية ولن تخضع لأي تمديد"، ما لم تُقدِم بروكسل على خطوات ملموسة لفتح أسواقها أمام الصادرات الأميركية. وقال لوتنيك، في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأميركية: "لا توجد تمديدات، ولا فترات سماح. الرسوم الجمركية محدّدة في الأول من أغسطس. ستُطبّق. ستبدأ الجمارك بجمع المال". وشدّد على أنّ القرار الأميركي "واضح وغير قابل للتأجيل"، في إشارة مباشرة إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن تقبل بالمماطلة الأوروبية، ما لم يجرِ تقديم "تنازلات مُجدية" تعزّز من فرص الشركات الأميركية في الأسواق الأوروبية. البيت الأبيض ينتظر "صفقة جيّدة بما يكفي" وأشار وزير التجارة الأميركي إلى أنّ ترامب شخصياً هو من سيتخذ القرار النهائي بشأن الرسوم، وأنه لا يزال منفتحاً على المفاوضات، لكنه لن يتراجع إلّا إذا تلقّى عرضاً تجارياً وصفه بـ"الجيّد بما يكفي"، وقال لوتنيك: "السؤال هو: هل يقدّمون للرئيس ترامب صفقة جيّدة بما يكفي لكي يتخلى عن الرسوم الجمركية البالغة 30% التي حددها؟"، مضيفاً أنّ ترامب يتطلع إلى زيادة صادرات الشركات الأميركية إلى دول الاتحاد الأوروبي، وتابع: "بروكسل تُظهر بوضوح رغبتها في التوصل إلى اتفاق، لكن الكرة الآن في ملعب الأوروبيين". فرص الاتفاق: 50% فقط بحسب لوتنيك، فإن ترامب يقدّر فرصة التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي بنسبة 50%، ما يعني أنّ احتمال المضي في فرض الرسوم الجمركية لا يزال قائماً بقوة، خاصّة إذا لم تتجاوب أوروبا مع المطالب الأميركية خلال الأيام القليلة المتبقية. يأتي هذا التصعيد في إطار توتر طويل الأمد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول الميزان التجاري، إذ تتهم واشنطن التكتّل بفرض حواجز تقنية وغير جمركية تُقيد دخول المنتجات الأميركية إلى السوق الأوروبية، في حين تتمتع الشركات الأوروبية بامتيازات نسبية في السوق الأميركية. وخلال عهد ترامب الأول، اندلعت نزاعات تجارية مشابهة عدّة، أبرزها فرض رسوم على الفولاذ والألمنيوم الأوروبيَين عام 2018، وردت بروكسل بفرض رسوم مضادة. ومع عودة ترامب إلى الساحة السياسية، تتبنى إدارته الحالية نهجاً مشابهاً يركز على "أميركا أولاً"، ويُعلي من مصالح المصدرين المحليين. اقتصاد دولي التحديثات الحية داخل أميركا... الرابحون والخاسرون من الرسوم الجمركية الأسواق تترقب مصير الرسوم الجمركية وبحسب محلّلين اقتصاديين، فإنّ فرض الرسوم الجمركية المرتقبة قد يفتح جبهة جديدة من التوتر التجاري بين الحليفَين التقليديَين، وهو ما قد يؤدي إلى إجراءات مضادّة من الاتحاد الأوروبي تطاول صادرات أميركية حساسة، مثل المنتجات الزراعية والطيران. ويحذّر خبراء من أن العودة إلى الحروب التجارية قد تضرّ بالتعافي الاقتصادي العالمي، لا سيّما في ظل ظروف اقتصادية هشّة، تتمثل في التضخم المرتفع، وارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو في اقتصادات كبرى عدّة. ومن المتوقع أن تؤثر هذه التطورات سلباً على ثقة المستثمرين، وتزيد من تقلبات الأسواق المالية، خصوصاً إذا فُرضت الرسوم بالفعل في بداية أغسطس. ومن المرجّح أن تشهد أسواق الأسهم والعملات تحركات حادة، خاصة في قطاعات التصدير الأوروبية مثل السيارات والتكنولوجيا، إلى جانب تراجع محتمل في قيمة اليورو أمام الدولار. وحتّى الآن، لم يصدر موقف رسمي نهائي من بروكسل بشأن تفاصيل الصفقة المقترحة، إلّا أن مصادر أوروبية نقلت لوسائل إعلام أن الاتحاد الأوروبي منفتح على الحوار، لكنه لن يقبل بـ"إملاءات" أميركية تمس بسيادته التجارية أو قوانينه التنظيمية. ويجري في الكواليس تنسيق بين المفوضية الأوروبية وعدد من العواصم الكبرى، خاصة برلين وباريس، لبلورة موقف موحد قبيل انقضاء المهلة الأميركية. اختبار جديد للعلاقات عبر الأطلسي تضع المهلة الأميركية المقبلة العلاقات التجارية عبر الأطلسي على مفترق طرق حساس. ففي حال فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق، ستكون الأسواق أمام مواجهة جمركية جديدة بين أكبر كتلتَين اقتصاديتَين في العالم، ما من شأنه أن يعيد أجواء التوتر التي سادت في السنوات الأخيرة، ويضع ضغوطاً جديدة على الاقتصاد العالمي. ويبقى السؤال مفتوحاً: هل تنجح بروكسل في إقناع ترامب قبل الأول من أغسطس؟ أم أن الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ، معلنة عن جولة جديدة من الحرب التجارية؟ (رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
حملة ترامب ضد الهجرة تزيد الطلب على السجون الخاصة
منذ عودته إلى البيت الأبيض ، يبذل الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهوداً حثيثة للوفاء بوعده بتنفيذ أكبر عملية ترحيل لمهاجرين في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي يثير استياء عدد من الأميركيين، في حين يستفيد آخرون من ازدياد الطلب على مراكز الاحتجاز الخاصة الآخذة في الازدهار. ف المهاجرون الذين يعتقلهم عناصر وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في الولايات المتحدة الأميركية يتعيّن وضعهم مؤقتاً في مراكز، من قبيل المنشأة التي تُجهَّز في مدينة كاليفورنيا سيتي غربي البلاد، قبل ترحيلهم. وقال رئيس بلدية كاليفورنيا سيتي ماركيت هوكينز: "عندما تتحدّث إلى السكان هنا، بغالبيتهم، تجد لديهم وجهة نظر إيجابية حيال هذا الأمر". وأردف: "ينظرون إلى الانعكاسات الاقتصادية، أليس كذلك؟". ومن المتوقّع أن يُفتَح في كاليفورنيا سيتي، التي تضمّ 15 ألف نسمة وتبعد 160 كيلومتراً إلى الشمال من لوس أنجليس، مركز احتجاز مترامي الأطراف تشغّله شركة "كورسيفيك"، إحدى أكبر شركات القطاع الخاص التي تملك وتدير سجوناً ومراكز احتجاز خاصة وكذلك تدير مراكز أخرى على أساس الامتياز. وتفيد الشركة، التي رفضت طلب وكالة فرانس برس إجراء مقابلة في هذا الخصوص، بأنّ المنشأة المنتظر فتح أبوابها سوف تخلق نحو 500 وظيفة وتدرّ مليونَي دولار أميركي من عوائد الضرائب على المدينة. وقد بيّن هوكينز لوكالة فرانس برس أنّ "كثيرين سكان المدينة وُظّفوا للعمل في هذه المنشأة". أضاف أنّ "أيّ مصدر دخل يمكن أن يساعد المدينة في إعادة بناء نفسها وإعادة تقديم صورتها سوف يكون موضع ترحيب ويُنظر إليه بإيجابية". وكانت حملة ترامب ضدّ الهجرة، مثل تلك التي أثارت احتجاجات في لوس أنجليس ، قد أسفرت عن احتجاز عدد قياسي من الأشخاص المعنيين بلغ 60 ألف شخص في يونيو/ حزيران الماضي، وفقاً لأرقام هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية. وتظهر تلك الأرقام أنّ لا أحكام صادرة بحقّ الغالبية العظمى من المحتجزين، علماً أنّ وعود حملة ترامب الانتخابية كانت قد لفتت إلى ملاحقة المجرمين الخطرين من بين الأجانب. Private ICE detention contractors, CoreCivic and GEO Group, donated nearly $2.8M to Trump's 2024 election efforts and inaugural fund. Now, Trump's budget bill is allocating $45 billion to increase ICE detention space. That's no coincidence. — Citizens for Ethics (@CREWcrew) July 26, 2025 ويقبع أكثر من 80% من المحتجزين في منشآت يديرها القطاع الخاص، بحسب مشروع "تراك" لدى جامعة "سيراكيوز" الأميركية. ومع تعليمات إدارة ترامب بزيادة عدد الاعتقالات اليومية ثلاثة أضعاف وتخصيص 45 مليار دولار لمراكز احتجاز جديدة، فإنّ القطاع يتطلّع إلى طفرة غير مسبوقة. يُذكر أنّ المدير التنفيذي لشركة "كورسيفيك" ديمون هينينغر كان قد قال، في مكالمة هاتفية مع مستثمرين في شهر مايو/ أيار الماضي، إنّه "لم يسبق في تاريخ شركتنا، الممتدّ على 42 عاماً، أن شهدنا هذا الحجم من النشاط والطلب على خدماتنا مثل الذي نشهده الآن". وعندما تولّى ترامب ولايته الرئاسية الثانية في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، كانت ثمّة 107 مراكز احتجاز عاملة. أمّا الآن، بعد ستّة أشهر، فإنّ العدد يُقدَّر بنحو 200. وبالنسبة إلى السياسيين الديموقراطيين، فإنّ هذه الزيادة مُتعمَّدة. وصرّحت عضو الكونغرس نورما توريس، لصحافيين أمام مركز احتجاز في مدينة أديلانتو جنوبي ولاية كاليفورنيا، بأنّ "شركات السجون الخاصة تستغلّ المعاناة الإنسانية والجمهوريين يسمحون لها بالاستمرار من دون رادع". وفي مطلع عام 2025، كان ثلاثة أشخاص محتجزين هناك. أمّا اليوم فثمّة مئات، وكلّ واحد منهم يدرّ على الشركة المشغّلة مخصّصات يومية من أموال دافعي الضرائب. ولم يُسمَح لتوريس بزيارة المنشأة التي تديرها مجموعة "جي إي أو" الخاصة، لأنّها لم تقدّم إشعاراً بذلك قبل سبعة أيام، وفقاً لما أوضحته. ومجموعة "جي إي أو" شركة مساهمة تستثمر في السجون الخاصة ومرافق الصحة النفسية في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، وتشمل مرافقها مراكز احتجاز مهاجرين ومراكز احتجاز ذات إجراءات أمنية مشدّدة ومرافق للصحة النفسية والعلاج السكني. أضافت توريس أنّ "حرمان أعضاء الكونغرس من الوصول إلى مرافق احتجاز خاصة مثل أديلانتو ليس مجرّد إهانة، بل إنّه أمر خطر وغير قانوني ومحاولة يائسة لإخفاء الانتهاكات التي يجرى التحدّث عنها خلف هذه الجدران". وتابعت توريس: "سمعنا قصصاً مروّعة عن محتجزين تعرّضوا للاعتقال العنيف، والحرمان من الرعاية الطبية الأساسية والعزل لأيام، وتُركوا مصابين من دون علاج". لجوء واغتراب التحديثات الحية "أليغاتور ألكاتراز".. مركز احتجاز مهاجرين يثير جدالاً في فلوريدا من جهتها، قالت المحامية لدى المركز القانوني للمدافعين عن المهاجرين في الولايات المتحدة الأميركية كريستين هنسبيرغر إنّ أحد موكّليها اشتكى من اضطراره إلى الانتظار "ستّ ساعات أو سبع للحصول على مياه نظيفة". أضافت أنّ المياه "غير نظيفة وبالتأكيد ليست... متوافقة مع حقوق الإنسان الأساسية". وأكدت هنسبيرغر، التي تمضي ساعات على الطريق متنقّلة من مركز إلى آخر للوصول إلى موكّليها، أنّ كثيرين حُرموا من الحصول على استشارة قانونية، وهو حقّ دستوري في الولايات المتحدة الأميركية. لكنّ مجموعة "جي إي أو"، الشركة المساهمة التي تستثمر في السجون الخاصة ومرافق الصحة النفسية في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، علماً أنّ مرافقها تشمل مراكز احتجاز المهاجرين ومراكز احتجاز ذات إجراءات أمنية مشدّدة ومرافق للصحة النفسية والعلاج السكني، وهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية نفتا الاتهامات بسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز. وقالت مساعدة وزيرة الأمن الداخلي تريشا ماكلولين إنّ "الادّعاءات بالاكتظاظ أو بظروف سيّئة في مرافق هيئة الهجرة والجمارك غير صحيحة بصورة قاطعة". أضافت المسؤولة في إدارة ترامب أنّ "المعتقلين جميعاً يحصلون على وجبات طعام مناسبة وعلاج طبي، وتُتاح لهم فرص التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم". في المقابل، يروي أقارب عدد من المعتقلين قصصاً مختلفة. وقالت المواطنة الأميركية أليخاندرا موراليس إنّ زوجها الذي لا يحمل وثائق احتُجز خمسة أيام في لوس أنجليس قبل نقله إلى أديلانتو. وبيّنت موراليس أنّه لا يُسمَح لهم في مركز الاحتجاز بلوس أنجليس "حتى بتنظيف أسنانهم ولا بالاستحمام، ولا بأيّ شيء"، مضيفةً أنّهم "يُجبَرون جميعاً على النوم أرضاً في زنزانة معاً". وأشارت هنسبيرغر إلى أنّ المعتقلين وأقاربهم يرون أنّ معاملتهم تبدو متعمّدة. أضافت أنّهم "بدأوا يشعرون بأنّها استراتيجية لاستنزاف الناس ووضعهم في هذه الظروف اللاإنسانية، ثمّ الضغط عليهم للتوقيع على شيء (وثائق) يوافقون من خلاله على ترحيلهم". (فرانس برس، العربي الجديد)