logo
أحمد حسن البكر.. من عسكري مفصول إلى رئيس للعراق

أحمد حسن البكر.. من عسكري مفصول إلى رئيس للعراق

الجزيرة٠٣-٠٧-٢٠٢٥
أحمد حسن البكر ضابط وسياسي عراقي ولد بمدينة تكريت شمالي العاصمة العراقية بغداد عام 1914، وتوفي عام 1982. قاد انقلاب يوليو/تموز 1968 ضد الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف ، وعين رئيسا للجمهورية العراقية في 18 يوليو/تموز 1968 فكان الرئيس الرابع في تاريخ البلاد، وقد استقال من منصبه الرئاسي عام 1979.
المولد والنشأة
ولد أحمد حسن البكر العمر في الأول من يوليو/تموز 1914 بقرية العوجة في مدينة تكريت التابعة لمحافظة صلاح الدين شمالي العراق.
ترعرع وسط عائلة تنحدر من عشيرة البيجات وعاش في بيئة مثقفة ومحافظة. كانت مدرسة دار المعلمين الابتدائية بوابته الأولى للتحصيل العلمي، وتخرج فيها وأصبح أستاذا في الطور الابتدائي.
تزوج في سن مبكرة من ابنة خالته غيداء ندى حسين العمر وأنجبا 3 أبناء هم محمد وهيثم وعبد السلام.
المسيرة العسكرية
ترك البكر التدريس بعدما قضى فيه 6 سنوات وانضم إلى الكلية العسكرية عام 1938. ترقى في الرتب العسكرية إلى أن تخرج ضابطا في الجيش العراقي.
انخرط في حركة رشيد عالي الكيلاني، وشارك في ثورة مايس عام 1941 ضد الاحتلال البريطاني لكنها فشلت، وبسبب هذا النشاط الثوري فصل من الجيش وأدخل السجن وأجبر على التقاعد، ثم أعيد إلى الخدمة العسكرية عام 1957 بقرار رسمي.
وفي 14 يوليو/تموز 1958 شارك ضمن تنظيم الضباط الأحرار في الانقلاب الذي انتهى بإسقاط حكم الملك فيصل الثاني وأسس الجمهورية العراقية، بقيادة العقيد عبد السلام عارف.
انضم إلى حزب البعث العراقي في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين وشارك في نشاطات سياسية عدة، من بينها انقلاب 8 فبراير/شباط 1963، الذي تولى تنفيذه الحزب بالتحالف مع قوى قومية للإطاحة برئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك عبد الكريم قاسم.
التحول السياسي
وبعد نجاح الانقلاب تقلد أحمد حسن البكر منصب رئيس الوزراء، لكن هذا الصعود السياسي لم يدم طولا، إذ قاد عارف في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1963 انقلابا آخر من أجل الإطاحة بحزب البعث.
وأسهم في هذا الانقلاب مجموعة من العسكريين المقربين من عارف، وفي مقدمتهم سعيد طيبي ورشيد مصلح وطاهر يحيى، إضافة إلى ضباط مناصرين للقومية ومن بينهم ناجي طالب وصبحي عبد الحميد وعبد الكريم فرحان.
وعقب نجاح أهداف هذه الحركة الانقلابية أصبح ينظر إلى عارف باعتباره رمزا من رموز القومية العربية، وأسهم الانقلاب في إبعاد حسن البكر عن السلطة وخضوعه للاعتقال المؤقت.
أصبح بعد ذلك السكرتير العام للقيادة القُطرية في حزب البعث، الذي كان يعمل بسرية ويخطط للاستيلاء على السلطة.
الانقلاب الأبيض
بعد وفاة عبد السلام عارف في 13 أبريل/نيسان 1966 تولى شقيقه عبد الرحمن رئاسة الجمهورية. وعرف في الأوساط السياسية بشخصيته المسالمة، إذ حافظ إلى حد كبير على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وهو ما أكسبه شعبية كبيرة.
تميزت فترة حكمه بخلوها من الصراعات، فرأى حسن البكر والبعثيون في ذلك فرصة مواتية للانقلاب عليه وشرعوا في التخطيط.
في صباح يوم 17 يوليو/تموز 1968 توجه اللواء العاشر والحرس الجمهوري إلى بغداد وطوقا القصر الجمهوري، مطالبين الرئيس بالاستسلام ومغادرة العراق، فلم يجد بُدا من القبول والرحيل إلى مدينة إسطنبول في تركيا ، ولم ينخرط بعد نفيه في أي نشاط سياسي.
شكل الجناح العسكري للحزب الشيوعي عسكريون معفيون وهم حردان التكريتي وصالح مهدي عماش وسعدون غيدان بقيادة أحمد حسن البكر، أما الجناح المدني فتشكل من صدام حسين وكريم الشيخلي وعبد الله السلوم السامرائي وصلاح عمر العلي.
ومما ميز هذا الانقلاب سلميته، فلم يشهد إراقة للدماء، ولهذا وصفه بعض الباحثين بـ"الانقلاب الأبيض".
أعلن التلفزيون العراقي في اليوم ذاته نجاح الانقلاب وسقوط حكومة عارف وتشكيل مجلس قيادة الثورة لقيادة العراق، وتولى حسن البكر رئاسة الجمهورية فأصبح الرئيس الرابع في تاريخها، وعين صدام حسين نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة.
وبعد إحكام قبضة الانقلابيين على مفاصل السلطة توالت الاعتقالات ضد أعضاء حكومة عارف، وشملت كلا من رئيس الوزراء طاهر يحيى ووزير الدفاع عبد العزيز العقيلي، وكذا عبد الرحمن البزاز، الذي كان من أبرز الشخصيات المؤثرة في الساحة السياسية في العراق آنذاك.
شُكلت الحكومة الجديدة في 18 يوليو/تموز وعين عبد الرزاق نايف رئيسا للوزراء، وطاهر الحياني وزيرا للخارجية وإبراهيم الداوود وزيرا للدفاع ومحمود شيت خطاب وزيرا للمواصلات، وفرض حزب البعث بعدها سيطرته الكاملة على البلاد.
شهد العراق في عهد البكر سلسلة من التحولات السياسية والاجتماعية، بما في ذلك تحقيق الكثير من الإنجازات وسيادة القانون وتوظيف مئات الآلاف من المواطنين، إلى جانب تدشين مشاريع الري والزراعة والصناعة وتطور العمران.
كما مر بتطورات في الأنظمة الصحية والتعليمية، وقد وصف الباحثون فترة سبعينيات القرن الـ20 بالنهضة العربية الحقيقية.
أعلن البكر في 11 يوليو/تموز 1979 استقالته في اجتماع لمجلس قيادة الثورة، وكشف عن نيته نقل السلطة إلى صدام حسين، كما أعلن حزب البعث أن البكر لم يعد قادرا على أداء مهامه كما ينبغي.
وفي 16 يوليو/تموز من السنة نفسها، أصبح صدام حسين رسميا رئيسا لجمهورية العراق.
إعلان
وبعد مضي 5 أيام بدأ بتصفية الخط الأول من معارضيه داخل حزب البعث، وهو ما دفع الخط الثاني للحزب إلى الصعود، وفي عهده دخل العراق في حرب مع إيران ، وهي التي سميت الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، كما تعرض لحرب أخرى عام 1991 بعد غزوه الكويت، إضافة إلى الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
المؤلفات
لأحمد حسن البكر مجموعة من الخطابات بث فيها رؤيته السياسية والإستراتيجية، من ضمنها خطابه في يوليو/تموز 1977، الذي جاء بعد 9 سنوات من ثورة يوليو/تموز 1968.
وقد نشرته مديرية الإعلام العامة لوزارة الإعلام العراقية تحت عنوان "الرئيس أحمد البكر: العراق قاعدة للدفاع عن حقوق الأمة وشرفها".
توفي أحمد حسن البكر في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1982 بعد معاناة مع مرض باركنسون، أو ما يعرف بـ"الشلل الرعاش" عن عمر ناهز 68 سنة، ودفن في مقبرة الكرخ ببغداد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لماذا لم تكشف بغداد عن هوية المتورطين بهجمات المسيرات؟
لماذا لم تكشف بغداد عن هوية المتورطين بهجمات المسيرات؟

الجزيرة

timeمنذ 16 ساعات

  • الجزيرة

لماذا لم تكشف بغداد عن هوية المتورطين بهجمات المسيرات؟

بغداد- شهدت مدن إقليم كردستان العراق ومحافظات أخرى خارجه تصعيدا مقلقا في وتيرة الهجمات التي تستهدف منشآتها الحيوية، سواء ب طائرات مسيرة أو صواريخ. وطالت هذه الهجمات المتتالية منظومات رادارات وحقول نفطية، بالإضافة إلى مقار عسكرية، ومطاري أربيل وكركوك و مصفاة بيجي النفطية ، كما هز انفجار قوي صباح 14 يوليو/تموز الحالي، أحد مرافق الإنتاج في حقل سرسنك النفطي بالإقليم، وذلك بعد يوم واحد فقط من تعرض حقل "خورمالا" النفطي غرب محافظة أربيل لهجوم بطائرتين مسيّرتين مجهولتي المصدر. وتثير هذه الهجمات العديد من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء توقيت هذه الضربات والجهات المسؤولة عنها، في الوقت الذي تكتفي فيه السلطات العراقية بالإعلان عن فتح تحقيقات بهذه الحوادث المتكررة، الأمر الذي يثير قلقا وتساؤلات كبيرة لدى الرأي العام، حول سبب عدم كشف الحكومة العراقية عن هوية المسؤولين عنها. وكانت السلطات العراقية قد أعلنت في 24 يونيو/حزيران الماضي عن فتح تحقيق في هجمات ليلية بطائرات مسيرة هجومية استهدفت مواقع وقواعد عسكرية، وتضررت منظومات الرادار في بعضها، مثل معسكر التاجي شمالي بغداد، وقاعدة الإمام علي الجوية في الناصرية. رسائل موجهة ويؤكد الأكاديمي والخبير الإستراتيجي الدكتور أحمد الشريفي أن الجهات المتورطة بالهجمات المتتالية التي تستهدف المنشآت الحيوية في العراق هي الفصائل المرتبطة بإيران. وقال الشريفي للجزيرة نت إن "إيران ترى في مسألة استثمار الطاقة وتمددها شرق أوسطيا عبر سوريا تهديدا لمصالحها وأمنها القومي، مما دفعها إلى تحريك فواعلها المحلية داخل العراق لتوجيه هذه الضربات بهدف تأمين بيئة طاردة للاستثمار". وأضاف أن هذه الهجمات تحمل أيضا رسائل موجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما أن الاستثمارات المستهدفة أميركية، وترسل إيران من خلال هذه الضربات رسالة مفادها أنها تمتلك "قدرة التأثير في الميدان عسكريا وتحتاج إلى التفاهم المباشر دون المرور بالحكومة العراقية". وعن صمت الحكومة العراقية وعدم إفصاحها عن الجهات المسؤولة عن هذه الهجمات، أوضح الشريفي أن الحكومة "لا تمتلك مبررا" لهذا الصمت، مشيرا إلى أنه لو أفصحت الحكومة عن الجهة المعنية بالاسم، لكان لزاما عليها اتخاذ إجراءات رادعة وتفعيل القضاء لإنفاذ القانون، "وهذا ما يضعها في حرج ويدفعها إلى التمويه أو التعتيم حتى لا تُعاتب على تقاعسها عن اتخاذ الإجراءات اللازمة". وشدد الشريفي على أن تحديد الجهة المسؤولة أمر ضروري، خاصة أنها "تمس السلم الأهلي"، فعدم محاسبة هذه الجهات قانونيا يؤدي إلى "تردد الحكومة في تحمل مسؤولية إنفاذ القانون، وهو واجبها الدستوري" حسب قوله. كما انتقد الخبير بشدة وصف الحكومة للجهات المسؤولة عن الهجمات السابقة بأنها "جهات سياسية"، معتبرا هذا التوصيف "عاما ويشمل جميع الجهات السياسية"، واصفا إياه بأنه "خطأ حكومي يضع الكيانات السياسية التي تمتلك أجنحة مسلحة تحت شبهة التورط" ويخرجها من "محل ثقة الرأي العام". ودعا الشريفي الحكومة إلى تحديد الجهة المسؤولة وإنفاذ القانون، أو "إعلان عجزها وتقديم استقالتها"، مشيرا إلى أن الحكومة، كونها حكومة الإطار التنسيقي، تتأثر بشكل كبير بتوجيهات الإطار الذي هو "الكتلة المانحة للثقة" و"الكتلة المسيطرة برلمانيا"، وهذا يجعلها "لا تستطيع أن تصطدم بالإطار التنسيقي لكونه هو الذي جاء بها". صمت متكرر من جانبه، يكشف الباحث في الشأن السياسي نزار حيدر، عن تفاصيل جديدة حول الجهات والأسباب التي تقف وراء الهجمات المتكررة التي تستهدف المؤسسات العسكرية والأمنية في العراق. وقال حيدر للجزيرة نت إن هجمات المسيرات التي استهدفت مواقع في كركوك وصلاح الدين ومصفى بيجي، ومن ثم مواقع النفط في إقليم كردستان، "تشير إلى وقوف فصائل مسلحة تتعاون مع جارتنا الشرقية" حسب وصفه. وعزا ذلك لسببين رئيسيين: الأول: وجود "مشكلة كبيرة" لدى الإيرانيين مع الشركة المستثمرة في حقل خورمالا وبقية الحقول النفطية في الإقليم. والثاني: للضغط على أربيل لغايات معينة. وأوضح حيدر أن الصمت الحكومي ليس بجديد، "فعادة ما تتجنب الحكومة الكشف عن هوية هذه الجهات"، مبررا ذلك بأن هذه "الفصائل مرتبطة بقوى سياسية وأطراف أجنبية"، وهي "بالنتيجة تدير وتدار من قبل الدولة العميقة في العراق". وأضاف أن السوداني "يتجنب عادة ذكر أسمائها لأنه لا يريد أن يتورط معها"، خاصة أنه "فشل فشلا ذريعا" في تحقيق هدفه بحصر السلاح بيد الدولة، وهو ما كان ضمن برنامجه الانتخابي. باسم مجهول وأكد المستشار العسكري والأمني وفا محمد كريم، تصاعد وتيرة الهجمات "الإرهابية والإجرامية" في العراق، مشيرا إلى وقوع أكثر من 19 هجوما بطائرات مسيرة خلال الشهر الحالي. وأبدى كريم خلال حديثه للجزيرة نت عن استغرابه من استمرار لجان التحقيق في نسب هذه الهجمات إلى "مجهول"، مؤكدا أن وزارة داخلية إقليم كردستان كانت قد كشفت قبل 10 أيام أن الهجمات تأتي من "إحدى الفصائل التابعة للحشد الشعبي"، مشيرا إلى أن الموقع الذي انطلقت منه الطائرات المسيرة كان معلوما، وتم الكشف عنه مؤخرا بأنه قريب من منطقة دبس بمحافظة كركوك. وأضاف المستشار أن "الأدلة الكاملة" قُدمت للجان التحقيقية، لتمكينها من "مباشرة وإنفاذ القانون"، لكنه استدرك قائلا إن "لجان التحقيق دائما تكون عاجزة". وعن الجهة المستفيدة من هذه الهجمات، قال إن "اللجان التحقيقية تعلم من هو الجاني ومن هي الجهة ولمصلحة من تتم عرقلة الاتفاق النفطي بين بغداد والإقليم وقصف الحقول النفطية"، مؤكدا أن هذه الهجمات أدت إلى توقف أعمال العديد من الشركات النفطية في الإقليم. وأشار كريم إلى أن "الجهة التي تمتلك الطائرات المسيرة معروفة"، محذرا من أن "هذه الفصائل التي تمتلك الطائرات المسيرة تعتبر نفسها أقوى من السلطة والدولة ومن أي لجنة تحقيقية، لذا من الصعب جدا محاسبة هؤلاء المجرمين". تعقيدات داخلية وإقليمية من جانبه فقد أكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف أن الضربات "متفاوتة ومتباينة"، مشيرا إلى أن الجهة المنفذة ليست واحدة، بل جهات متعددة. وقال أبو رغيف للجزيرة نت إن الجهة التي استهدفت مطار كركوك تختلف عن تلك التي استهدفت مطار أربيل، وكذلك الحال بالنسبة لحقول النفط في الإقليم والرادارات في جنوب العراق ومعسكر التاجي. وعزا هذا التباين إلى "عمق الخلاف الأيديولوجي والإقليمي"، مرجحا تورط "دول إقليمية" من خلال "جهات داخلية، قد تكون معارضة أو موالية لها". وبيّن أن الحكومة "تحجم في أغلب الأحيان عن التحدث بطريقة المعلوم"، وتلجأ دائما إلى "تذويب الأمور" وعدم تسمية الجهات باسمها، مرجعا ذلك إلى عدة اعتبارات، منها أن "العراق أرض غير جاهزة للمكاشفة والمصارحة والقول الفصل في مثل هذه القضايا الحساسة" حسب قوله. وأضاف أبو رغيف أنه "إلى الآن لا توجد جهة قد تبنت هذه الضربات"، وأن "الأمر حساس استخباراتيا وسياسيا" بالإضافة إلى "البيئة والمناخ العراقي الداخلي غير المهيأ" وهو ما يمنع الحكومة من "وضع النقاط على الحروف".

مجزرة في قصر الرحاب وآخر أيام الملكية في العراق!
مجزرة في قصر الرحاب وآخر أيام الملكية في العراق!

الجزيرة

timeمنذ 4 أيام

  • الجزيرة

مجزرة في قصر الرحاب وآخر أيام الملكية في العراق!

في ربيع عام 1917، وبينما كانت نيران الحرب العالمية الأولى تشتعل بلا هوادة، دارت عجلة القدر لتُسطِّر فصلا جديدا في تاريخ بلاد الرافدين، حيث جاءت بريطانيا بكل قوتها الماكرة والغاشمة لتخطف العراق من أحضان الإمبراطورية العثمانية المتهاوية؛ إذ بدأت غزوها من جنوب البصرة ثم اجتاحت بغداد بعد مقاومة شرسة من العثمانيين كبَّدوهم فيها خسارة معركة "كوت العمارة" الشهيرة؛ لكن بريطانيا تمكنت من امتصاص الصدمة، ومن ثم التقدم لتكمل مسيرتها التوسعية بضم الموصل وكركوك؛ مُكرِّسةً بذلك سيطرتها على كامل العراق. وفي لعبة السياسة المخادعة، أبرمت بريطانيا صفقتها مع فرنسا، التي كانت تراقب المنطقة بعين الطمع تحت ظلال اتفاقية "سايكس-بيكو" لعام 1916، فمنحتها حصصا من الذهب الأسود العراقي لمدة خمسة وعشرين عاما ثمنا لتنازلها وابتعادها. كان البريطانيون من قبل ومن بعد يتطلعون إلى السيطرة على نفط العراق، وتأمين ثروات عَبادان والأحواز في إيران، وإحكام القبضة على الطرق التي تربط غربها البعيد بجوهرة تاجها الشرقي الهند. كانت تلك الخطوة في احتلال العراق أيضا ضربة موجعة لأطماع ألمانيا وروسيا؛ لقطع الطريق على أحلامهما في السيطرة على هذه الأرض الغنية. ولا ريبة أن وراء ستار الاحتلال البريطاني للعراق كانت تختبئ دوافع خفية وأطماع عميقة، لكن الإنجليز لم يكتفوا بذلك، بل نسجوا الأكاذيب وروَّجوا لفكرة "الانتداب" كما فعلوا في فلسطين ومصر والسودان، وقد وعدوا العراقيين بدولة مستقلة بعد انقشاع غبار الحرب العالمية الثانية ، متعهدين باحترام مبادئ الرئيس الأميركي ويلسون، وعلى رأسها "حق الشعوب في تقرير مصيرها"، لكن تلك الوعود لم تكن سوى سراب يُخفي نِيَّاتهم الحقيقية. ومن ثم سرعان ما انكشف القناع، فتحايلوا على تلك العهود، مما أشعل فتيل ثورة عارمة عام 1920، وتحت ضغط الغضب الشعبي، اضطرت بريطانيا للتراجع خطوة، فأقامت دولة عراقية ملكية تحت ظلالها، وجاء فيصل بن الشريف حسين، الذي كان قد حكمَ سوريا لأشهر معدودة، ليتربع على عرش العراق. كان فيصل أملا للعراقيين في الخلاص من نير الاحتلال الذي أثقل كواهلهم، وهكذا بدأ العصر الملكي العراقي (1921-1958)، لكنه لم يكن ليخلو من العواصف، إذ انتهى بمأساة مدوية ابتلعت الملك فيصل الثاني، حفيد المؤسس، وخاله الأمير عبد الإله، ورجل بريطانيا المخلص نوري السعيد. فكيف تشكلت ملامح هذا النظام الملكي؟ وكيف وجد الصبي فيصل الثاني نفسه على عرش بلاد الرافدين تحت وصاية خاله الهاشمي؟ وما الذي أثار حفيظة ضباط الجيش العراقي حتى ثاروا على هذا الحكم؟ ولماذا اختاروا نهاية دامية لا تعرف الرحمة، طالت حتى نساء الأسرة الهاشمية؟ بريطانيا وشركاؤها ومسار الأحداث في كتاب "تاريخ العراق الحديث" للمؤرخ محمد سهيل طقوش، نرى خيوط مؤامرة ماكرة نسجها البريطانيون ضد العرب الذين استعانوا ببعضهم ثم انقلبوا عليهم فيما بعد، لطرد العثمانيين من جبهات الحجاز والشام والعراق خلال الحرب العالمية الأولى ، تحت قيادة الشريف حسين وأبنائه الأمراء فيصل وعلي وعبد الله، إذ ظن العرب أن الحرية بانتظارهم، لكن الخداع البريطاني كان الثمن. ولا ريبة أن النكوص البريطاني عن وعودهم أشعل جذوة انتفاضة 1920 العارمة، التي هزت أركان الاحتلال الإنجليزي، فلم يجدوا مفرا من العودة إلى الأسرة الهاشمية مجددا، ليتوّجوا فيصل الأول بن الشريف حسين ملكا على أرض الرافدين في 23 أغسطس/آب 1921، في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي العراقي. ومن هنا انطلقت رحلة الحكم الملكي في العراق، حيث تعاقب على العرش فيصل الأول حتى رحيله في 1933، ثم ابنه غازي الأول الذي انتهى حكمه في 1939 في حادث غامض، ليخلفه ابنه الصبي فيصل الثاني (1935-1958)، آخر ملوك العراق، وفي إبان طفولته تولى شؤون المملكة نيابة عنه خاله الأمير عبد الإله الهاشمي ورئيس الوزراء الشهير وقتها نوري السعيد، وكلاهما كانا من أعمدة النفوذ البريطاني في البلاد. ففي أبريل/نيسان 1939، وبعد مقتل الملك غازي في حادث سيارة غامض، كُلِّف نوري السعيد بتشكيل حكومته الرابعة، وبعد خمسة أشهر فقط اندلعت الحرب العالمية الثانية بين بريطانيا وفرنسا من جهة، وألمانيا الهتلرية من جهة أخرى، حيث كانت ألمانيا بنفوذها المتزايد في العراق وتقارب الملك غازي معها تدعم الحقوق العربية وتقاوم الصهيونية ، مما جعل تقارب الملك غازي معها تهديدا مباشرا للمصالح البريطانية. وفي خضم وزارته الرابعة، وبينما كان الأمير عبد الإله الهاشمي، خال الملك الصبي، يراقب بصمت، فتح نوري السعيد أبواب العراق على مصراعيها للجيوش البريطانية، ولم يكتفِ بذلك، بل أرسل فرقتين عسكريتين عراقيتين ليغرقا في رمال الصحراء الليبية أو جبال البلقان، يقاتلان إلى جانب الإنجليز ضد دول المحور. وبسرعة البرق، قطع السعيد وعبد الإله العلاقات مع ألمانيا، وألقيا بكل ثقل العراق في أحضان المحتل البريطاني، ولا شك أن هذا الاندفاع الأعمى أشعل غضب الوطنيين العراقيين، فتحول نوري السعيد إلى رمز للخيانة في أعينهم، وفي كل مرة يشعر فيها بالخطر أو الانفجار الشعبي كان يهرب من العاصفة بتقديم استقالته، منتظرا أن تهدأ موجات الاتهامات للعودة من جديد، كما يروي المؤرخ جعفر عباس في كتابه "التطورات السياسية في العراق". وفي فترات الفراغ بين حكومات نوري السعيد، برز نجم الوطنيين في البلاد، حيث تصدّر المشهد رشيد عالي الكيلاني، الذي ارتقى إلى رئاسة الوزراء للمرة الثالثة في 1941، محمولا على أكتاف الجيش والشعب، وفي ذروة الدعم الشعبي العارم، أُجبر الوصي عبد الإله على الفرار خارج البلاد، تاركا نوري السعيد يترنح بعد استقالته. بيد أن بريطانيا لم تكن لتسمح بأن تُسلَب منها لعبة السيطرة بهذه السهولة، حيث استدعت جيشا ضخما يزيد على عشرة آلاف جندي من الهند، وأطلقت العنان لغزوٍ جديد بدأ من البصرة جنوبا نحو بغداد، وعلى مدى شهر كامل دارت معارك ضارية، حيث سحقت القوات الجوية البريطانية المتفوقة الجيشَ العراقي تحت وطأة قوتها الساحقة، وفي النهاية، لم يجد رشيد عالي الكيلاني ورفاقه من قادة الجيش مفرا سوى اللجوء إلى إيران، تاركين خلفهم أرضا تئن تحت نير الاحتلال مرة أخرى. ولهذا السبب عادت بريطانيا لتشدد قبضتها على العراق بقوة أعنف وسلطة أقسى، فيما تحوّل الوصي عبد الإله الهاشمي بعد عودته من منفاه إلى أداة بين يدي الإنجليز، أكثر خضوعا وتبعية، وبينما كانت الحرب العالمية الثانية تشارف على النهاية، برزت قضية فلسطين عام 1948 جرحا نازفا في قلب الأمة العربية. وقد اتحدت بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية وشرق الأردن ولبنان والعراق وسوريا تحت راية جامعة الدول العربية، معلنةً زحف جيوشها لتحرير فلسطين، لكن الخلافات بينها ومؤامرات مجلس الأمن وسوء الخطط أدت في النهاية إلى انسحاب تلك الجيوش؛ تاركة فلسطين وحيدة في مواجهة مصيرها. وقد هزّ انسحاب الجيش العراقي نفوس العراقيين، وباتوا يشعرون بالغضب العميق، ولهذا السبب في 23 يوليو/تموز 1948 انفجرت شوارع بغداد بتظاهرات غاضبة، صارخة برفض الانسحاب، ومطالبة بمواصلة القتال ضد الحركة الصهيونية المدعومة من مجلس الأمن. وفي وسط هذا الغليان، أدرك كثير من القادة والسياسيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء علي مزاحم الباجه جي، أن خيانة الوصي عبد الإله لم تكُن مجرد مصادفة، حيث كان متواطئا مع الإنجليز يدير خيوط مؤامرة أسهمت بكل قوة في نكبة فلسطين، وذلك ما يكشفه مؤيد الونداوي في كتابه "العراق في تقارير الشرطة السرية البريطانية". المنظمات العسكرية وبداية الانتقام استيقن العراقيون أن الملكية المقيدة بأغلال الاحتلال البريطاني هي أصل كل مآسيهم، خاصة منذ بداية الحرب العالمية الثانية، وبشكل أعمق بعد نكبة 1948 ، حينها بدأت تنظيمات سياسية وعسكرية سرية تنبتُ في أرض العراق، وتحمل على عاتقها حلم "إسقاط النظام الملكي واستعادة الكرامة الوطنية" كما وصفوها. رأى الضباط الوطنيون والقوميون في الجيش أن النكسة ليست سوى انعكاس لضعف النظام وتبعيته، وأدركوا أن النصر يبدأ من قلب بغداد قبل أن يصل إلى فلسطين، ثم اشتعلت جذوة التغيير وتأججت مستلهمة من ثورة 23 يوليو 1952 في مصر، التي ألهبت حماس الشعب العراقي وأحزابه وتنظيماته، وذلك ما يؤيده مؤيد الونداوي في كتابه السابق، حيث كانت تلك اللحظة بداية العد التنازلي لعهدٍ كان على وشك أن ينهار تحت وطأة غضب شعبي جارف. وعقب اشتعال ثورة يوليو 1952 في مصر معلنةً سقوط الملكية هناك، اشتعلت الشرارة ذاتها لدى ضباط الجيش العراقي، في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، حيث بدأ الرائد رفعت الحاج سري والمقدم رجب عبد المجيد بإشعال فتيل التغيير، ففي سرية تامة تواصلا مع ضباط موثوقين يجمعونهم في خلايا سرية مستوحاة من تنظيم "الضباط الأحرار" المصريين، بهدف واحد: اقتلاع الملكية من جذورها. وبحلول نهاية 1952، كادت خطة معدة مسبقا للقضاء على الملك الشاب فيصل الثاني وخاله عبد الإله ورئيس الوزراء نوري السعيد أن تنجح بالفعل، ولكن سفر نوري السعيد في اللحظة الأخيرة أجَّل المحاولة، كما يروي وليد محمد الأعظمي في كتابه "الليلة الأخيرة، مجزرة قصر الرحاب". ثم جاء عام 1956، حاملا معه رياح العدوان الثلاثي على مصر، وفي خضم حرب السويس تلك، كشف الثلاثي عبد الإله، وفيصل الثاني، ونوري السعيد عن وجههم الحقيقي، حيث وقفوا صامتين بينما كانت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل تفتك بمصر، وحين تدخَّل الاتحاد السوفياتي وأجبر المعتدين على التراجع، خرج عبد الناصر منتصرا، عندئذ أدرك العسكريون والسياسيون العراقيون عمق خيانة حكومتهم وارتهانها للمستعمر الغربي. في تلك السنة، نضجت بذور التمرد داخل الجيش العراقي، حيث تشكَّل تنظيمان كبيران: الأول "اللجنة العليا للضباط الوطنيين" -التي أصبحت لاحقا "الأحرار"- بقيادة رفعت الحاج سري، الذي كان قد أرجأ محاولة سابقة للانقلاب. والثاني تنظيم "المنصورية"، بقيادة آمر اللواء التاسع عشر عبد الكريم قاسم ورفيقه عبد السلام عارف ، وبحلول عام 1957، اتحد التنظيمان تحت راية "الضباط الوطنيين"، وتولى عبد الكريم قاسم القيادة كونه الأكبر سِنًّا ورتبة، ومن هنا، بدأت العجلة العسكرية تدور لاقتلاع الملكية، وكان الوقت يقترب من لحظة الحسم التي ستهز أركان العراق! حكومة في غيبوبة لقد تآمر الضباط الثائرون على تصفية الأمير عبد الإله ولي العهد، ورئيس الوزراء نوري السعيد، في ضربة واحدة، لكنهم حينئذ قرروا إبقاء الملك الشاب فيصل الثاني على قيد الحياة؛ إذ كان والده الملك غازي في نظر الثوريين من العسكريين والمدنيين رمزا وطنيا دفع حياته ثمنا لمحاولته نزع قيد الهيمنة البريطانية عن العراق، وقد كان هذا التمرد يختمر في الخفاء، بينما ظلت الحكومة العراقية، تحت قيادة الثلاثي، غارقة في سبات عميق. يروي توفيق السويدي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق ووزير الخارجية في تلك الحكومة الأخيرة، وشاهد عيان على المجزرة التي وقعت للأسرة الهاشمية الحاكمة، كيف كانت الحكومة تتجاهل البركان الذي يغلي تحت أقدامها، حيث يكشف في مذكراته أن ملك الأردن وقتئذ تلقى معلومات دقيقة عن تنظيم سري داخل الجيش العراقي يُعِد للانقلاب، لكن قائد الجيش العراقي رفض التصديق باستهزاء كبير، مدعيا أن هذه "الحركات" مجرد أوهام لا وجود لها! ولم تتوقف التحذيرات عند هذا الحد، فوفقا لتوفيق السويدي في مذكراته أيضا، جاءت إشارات من تركيا وتقارير من أجهزة الأمن الداخلية العراقية تُنبئ بتحركات عسكرية وشيكة، لكن الثلاثي؛ فيصل الثاني، وعبد الإله، ونوري السعيد، ظلوا غافلين، يرفضون مواجهة الحقيقة، بل إن الرئيس التركي عدنان مندريس في يونيو/حزيران 1958، قبل شهر واحد من الانقلاب، حذّر صديقه القديم نوري السعيد مباشرة من مؤامرة تُحاك في الجيش، لكن السعيد بنبرة غاضبة وصفها قائلا: "إن هذه المعلومات غير صحيحة، ولا يُصدِّق أي شيء منها"، مغلقا عينيه عن العاصفة التي كانت على وشك أن تجتاحهم جميعا! يوم المجزرة كما رأينا، كان الثلاثي الحاكم غارقا في غفلته، دون أن يدرك أن ساعة الصفر قد اقتربت، حيث استغل "الضباط الوطنيون الأحرار" فرصة ذهبية لاحت لهم، وهي وجود الملك فيصل الثاني وخاله عبد الإله ونوري السعيد في بغداد، هذا في الوقت الذي جاءت فيه أوامر بتحريك اللواء العشرين من جلولاء شرق العراق إلى الأردن لدعم جيشها وقتئذ. حينئذ استغل الضباط الوطنيون مرور اللواء عبر العاصمة بغداد باعتباره غطاء مثاليا للانقضاض على قصر الرحاب دون إثارة شبهة، وفي تلك الأثناء كان الملك يعد حقائبه للاستعداد بحفل زواجه والسفر مع عروسه إلى أوروبا. ولكن مع أول خيوط فجر 14 يوليو/تموز 1958، اندفع الثوار بقوة؛ إذ قاد عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وحداتهم لتطويق المقرات السيادية في بغداد، وعبر أثير الإذاعة دوَّت كلماتهم كالصاعقة: "انتهت الملكية، وقامت الجمهورية!"، وحاصر الجيش قصر الرحاب، معقل الأسرة الهاشمية الحاكمة، واندفعوا إلى الداخل لا يقف أمامهم شيء. حينئذ أُجبر الملك فيصل الثاني وخاله عبد الإله وجدّته الأميرة نفيسة وبعض الأميرات الأخريات على الخروج إلى حديقة القصر، ثم جاء الأمر القاطع بإطلاق الرصاص وتصفيتهم جميعا، حيث تساقطوا جميعا الواحد على الآخر "في كتلة بشرية من اللحم والدم… وخرَّ الملك فيصل إلى الوراء على كتف ضحية أخرى، ثم تقدم مُتولِّي أمر الإعدام الضابط عبد الستار السبع، ووقف فوق الجثث الممدودة أمامه، وأطلق رشاشه من جديد نحو الملك والأمير، فقال له رفيقه: لويش (لماذا؟) فأجاب: حتى أتأكد!" أجاب بحزم، كما يروي وليد محمد الأعظمي في كتابه "الليلة الأخيرة، مجزرة قصر الرحاب". في تلك الأثناء، حوصر رئيس الوزراء نوري السعيد في منزله، وأدرك ألا مفر له، فأخرج مسدسه وأنهى حياته بنفسه، ولم يكتفِ الثائرون بذلك، بل جرّوا الجثث عبر شوارع بغداد، يعرضونها كغنائم انتصار حتى تشوهت معالمها في مشهد مأساوي. ولم ينجُ من هذا الدمار سوى قلة من الأسرة الحاكمة، منهم الأميرة بديعة بنت الشريف علي، خالة الملك وأخت عبد الإله، التي فرَّت مع أبنائها وزوجها متخفين تتنقل بين الملاجئ، حتى وجدت ملاذها أخيرا في السفارة السعودية، وفي مذكراتها "مذكرات وريثة العروش"، حكت قصة هروبها المثيرة ومشاهد المجزرة التي حفرت في قلبها جرحا لا يندمل! ففي الجانب الآخر من بغداد، وصلت الأنباء إلى الأميرة بديعة كالصاعقة عبر عيون سرية ومقربين: الجميع في قصر الرحاب قد لقوا حتفهم، الملك فيصل الثاني، الشاب ابن الثلاثة والعشرين عاما، وشقيقها الأمير عبد الإله، وسواهم ذُبحوا في مجزرة لم تُبقِ أحدا. عقب ذلك لم تتردد لحظة، جمعت أبناءها وزوجها، وانطلقت هائمة على وجهها هربا من شبح الموت، ففي مذكراتها، تصف تلك اللحظة المرعبة بقولها: "لم أحمل معي أي شيء، تركتُ كل شيء ورائي، وخرجتُ بعباءتي السوداء من بيتي، لا أعرف إلى أين، ولم أتخيَّل بأن ذلك الخروج الاضطراري هو آخر عهدي بمنزلي!".

الولايات المتحدة تسمح بعودة دبلوماسييها إلى العراق
الولايات المتحدة تسمح بعودة دبلوماسييها إلى العراق

الجزيرة

timeمنذ 4 أيام

  • الجزيرة

الولايات المتحدة تسمح بعودة دبلوماسييها إلى العراق

أعلنت الولايات المتحدة أنها سمحت لدبلوماسييها بالعودة إلى العراق بعدما أجلتهم من بغداد قبل حوالي شهر بالتزامن مع توجيهها ضربات عسكرية قالت إنها استهدفت منشآت نووية لإيران. ولم توضح وزارة الخارجية الأميركية أسباب هذا القرار، لكن الخطوة تشير عموما إلى أن الولايات المتحدة تعتبر أن خطر اندلاع نزاع تراجع. وقالت المتحدثة باسم الوزارة تامي بروس للصحفيين -أمس الخميس- إن "الموظفين الموجودين مؤقتا خارج العراق سيبدؤون العودة تدريجيا إلى كل من السفارة الأميركية في بغداد والقنصلية" الأميركية في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق. لكن الوزارة شددت على أنها مع ذلك لا تزال تنصح الأميركيين بعدم السفر إلى العراق. وفي 22 يونيو/ حزيران الماضي، أمرت الولايات المتحدة موظفيها غير الأساسيين في العراق بمغادرة البلد، وصدر القرار بالتزامن مع ضربات إسرائيلية وأميركية استهدفت إيران. ويأتي قرار إعادة الدبلوماسيين بعد سلسلة هجمات بطائرات مسيرة استهدفت خلال الأسابيع الماضية حقولا نفطية في إقليم كردستان العراق، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجمات. وفي واشنطن، نددت بروس بالهجمات التي "تهدد استقرار العراق ومستقبله الاقتصادي"، وقالت إن "من واجب الحكومة العراقية حماية أراضيها وجميع مواطنيها".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store