
بين توجيهات الملك وصمت الحكومة: أين هي العدالة الاجتماعية؟
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن المغربي اليوم، تتعاظم مسؤولية الحكومة لا في تدبير الواقع فحسب، بل في إعطاء معنى حقيقي للتنمية، وربطها بمصالح الناس لا بمنطق الأرقام والتوازنات التقنية.
إن ارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية، واستمرار شكاوى المواطنين المغاربة من تكلفة العيش، ليست مؤشرات ظرفية، بل علامات على خلل بنيوي في السياسات العمومية. والمطلوب اليوم ليس تبرير الأزمة أو التذرع بالعوامل الخارجية، بل اتخاذ قرارات جريئة وعادلة تحمي المواطن من المضاربين، وتوفّر له الحد الأدنى من العيش الكريم.
الحكومة، وفق ما يحدده دستور المملكة وتوجيهات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، ملزمة بأن تكون في صف المواطن، لا في موقع الحياد. فالسلطة التنفيذية ليست جهازًا تقنيًا يراقب السوق من بعيد، بل طرف أساسي في توجيه البوصلة الاقتصادية والاجتماعية. ومهمة حماية المستهلك، وتثبيت الأسعار، وتوفير الرعاية الصحية، والتعليم الجيد، والسكن الكريم، ليست مطالب رفاهية، بل استحقاقات دستورية وحقوق مشروعة.
نحتاج إلى خطاب سياسي جديد، يؤمن بأن التنمية ليست رقمًا في التقارير، بل شعور يومي بالكرامة والعدالة. خطاب لا يخاف من الأسئلة، بل يُقدّرها كجزء من الرقابة الضرورية.و يُبني الثقة في مناخ اقتصادي سليم لا تحكمه العلاقات الشخصية ولا 'دوائر المعرفة'، بل القوانين والمؤسسات.
جلالة الملك، من موقعه الضامن لوحدة البلاد واستقرارها، ما فتئ يدعو في خطبه إلى النهوض باالاقتصاد، ومواجهة الريع، وتحقيق العدالة المجالية، والنهوض بالصحة والتعليم. وهذه التوجيهات ليست زينة بروتوكولية، بل أولويات ينبغي أن تتحوّل إلى سياسات عملية تُلامس معيش المواطن.
إن المطلوب من الحكومة اليوم ليس فقط تدبير الأزمات، بل وضع المواطن في صلب النموذج التنموي، عبر حماية حقيقية من لوبيات المضاربة، وتحقيق عدالة مجالية واقتصادية.
ولن يكون ذلك ممكنًا إلا في ظل احترام فعلي للدستور، وتفعيل حقيقي لآليات المحاسبة، وإعادة الاعتبار للمؤسسة الملكية باعتبارها الضامن الأعلى لمصلحة الوطن والمواطن، بعيدًا عن أي انزلاقات أو ممارسات تُربك الثقة العامة.
فالمغرب لا يحتاج إلى من يراكم الخطابات، بل إلى من يُنصت بصدق ويُدبّر بمسؤولية… لأن كرامة المواطن ليست ترفًا سياسيًا، بل جوهر الوطن نفسه.
وقد عبّر جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة عيد العرش لسنة 2022 عن هذا التوجّه بكل وضوح، حين قال:
'نضع النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطن المغربي في صلب اهتماماتنا، وندعو الحكومة والقطاعات المعنية إلى العمل الجاد من أجل التخفيف من آثار الظرفية الاقتصادية على الفئات الهشة، وتعزيز الأمن الاجتماعي وتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين.'
إن هذا التوجيه الملكي ليس مجرد خطاب، بل خارطة طريق واضحة: المواطن أولًا، والكرامة فوق كل اعتبار، والمسؤولية التامة تقع على عاتق الحكومة والمؤسسات، لأن الوطن لا يُبنى إلا بالعدل… ولا تُصان كرامته إلا بالإنصات لمعاناة أبنائه والاستجابة الحقيقية لها.
(.) كاتب صحفي مقيم بايطاليا

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ناظور سيتي
منذ 2 ساعات
- ناظور سيتي
الجزائر تروج لوثيقة وهمية للطعن في اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء
المزيد من الأخبار الجزائر تروج لوثيقة وهمية للطعن في اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء ناظورسيتي: متابعة في تصعيد جديد لحملات التضليل الإعلامي، لجأت الأبواق الدعائية للنظام الجزائري إلى تداول وثيقة ملفقة نسبت زورا إلى مسؤول الاتصالات في البيت الأبيض، تحاول من خلالها نفي وجود أي مراسلات بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والملك محمد السادس بشأن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء. الوثيقة التي افتقرت لأي توقيع رسمي أو بيانات تثبت مصدرها، انتشرت كالنار في الهشيم عبر منصات إعلامية تابعة للجزائر وميليشيات "البوليساريو"، في خطوة تُقرأ على أنها محاولة يائسة للتشويش على المكاسب الدبلوماسية التي حققها المغرب منذ الإعلان الأمريكي التاريخي في دجنبر 2020. المفارقة أن هذه الحملة جاءت ساعات فقط بعد رسالة رسمية بعث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، أعاد فيها التأكيد على موقف واشنطن الداعم للوحدة الترابية للمغرب. ليست المرة الأولى التي يسعى فيها النظام الجزائري إلى اختلاق سيناريوهات وهمية عبر وثائق مفبركة في إطار حربه الإعلامية ضد المغرب. فصناعة الأخبار المزيفة صارت أداة مألوفة في أجندة الجزائر التي تصرّ على تمويل وتسليح كيان انفصالي لا يمتلك أية شرعية دولية. ما جرى تداوله مؤخرا يكشف مجددا عن طبيعة النظام الجزائري الذي يواصل الاستثمار في الصراعات المفتعلة بدل الانخراط في جهود التنمية والاستقرار بالمنطقة. الجزائر ترفض، حتى الآن، مغادرة منطق الحرب الباردة، وتُصر على لعب دور الدولة المارقة التي تتجاهل قواعد القانون الدولي وروح التعاون بين الجيران.


هبة بريس
منذ 3 ساعات
- هبة بريس
نقلة نوعية للنقل بطنجة مع اقتراب تشغيل 'الباصواي'
تخطو مدينة طنجة بثبات نحو تكريس نموذج متطور للنقل الحضري، مع اقتراب دخول مشروع 'الباصواي' (BHNS) حيز الخدمة التجارية في يناير 2029، وفق ما أعلنته مؤسسة التعاون بين الجماعات 'البوغاز'، في إطار جهودها لتحديث وتوسيع البنية التحتية للنقل العمومي المستدام. ويمثل هذا المشروع نقلة نوعية في منظومة النقل بالمدينة، حيث سيغطي الخط الأول من 'الباصواي' مسافة 22 كيلومتراً، انطلاقاً من المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس وصولاً إلى منطقة 'طنجة البالية'، مروراً بمحاور رئيسية تشمل الملعب الكبير، الطريق الوطنية رقم 1، وشارع القوات المسلحة الملكية، إضافة إلى شوارع مولاي إسماعيل، إدريس الأول، أبي جرير الطبري، الرشادية، وطريق مالاباطا. وسيتضمن هذا الخط 34 محطة توقف مجهزة، إلى جانب مركز متكامل لصيانة الحافلات. وسيتوفر أسطول 'الباصواي' على حافلات حديثة ذات مستوى عالٍ من الخدمة، مزودة بأنظمة ذكية تشمل المراقبة اللحظية، والتواصل الفوري مع المركز الرئيسي، وإشعارات دقيقة للركاب بشأن أوقات الوصول أو التغييرات في البرنامج. ويأتي هذا المشروع ضمن رؤية شاملة تروم تطوير منظومة النقل بطنجة، بما يواكب حاجيات ساكنتها المتزايدة وتطلعات الزوار، خاصة مع الاستعدادات الجارية لاحتضان مباريات كأس العالم 2030، حيث يكتسي النقل العمومي دوراً محورياً في تعزيز صورة المدينة كوجهة حديثة ومستدامة. وفي خطوة موازية، يُرتقب أن تبدأ طنجة في تشغيل شبكة الحافلات الحضرية الذكية بتاريخ فاتح دجنبر 2025، وهي شبكة تعتمد على نظام متطور للمراقبة والمعلومات، تشكل اللبنة الأساسية لانطلاق مشروع 'الباصواي'. وتواصل الجهات المختصة حالياً إنهاء الدراسات التقنية والعملية للمشروع، استعداداً لتحديد الشركة المفوضة بتدبير الخطوط وتعبئة الموارد المالية اللازمة قبل نهاية العام الجاري، في أفق احترام الجدول الزمني المُعلن. ويُنتظر أن يُسهم 'الباصواي' في تقليص زمن التنقل داخل المدينة، وتحسين جودة الخدمات، والحد من التلوث البيئي، انسجاماً مع التوجهات الوطنية نحو مدن ذكية خضراء تراعي متطلبات التنمية المستدامة.


هبة بريس
منذ 4 ساعات
- هبة بريس
وجدة.. مصطفى بنحمزة يوضح ملابسات إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج
هبة بريس – أحمد المساعد أوضح العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، في تصريح له بشأن ما راج على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج، أن ما وقع لا يتجاوز كونه إجراءً إداريًا عاديا جاء في إطار المتابعة والتقويم التي يقوم بها المجلس العلمي الأعلى لضمان حسن سير المجالس العلمية بالمملكة. وأكد بنحمزة أن المجلس العلمي الأعلى، وضمن مهامه الإشرافية، قرر إيفاد لجنة تفتيش إلى المجالس العلمية المحلية بجهة الشرق، والتي يبلغ عددها ثمانية، قصد مراقبة مدى احترام الضوابط القانونية والتنظيمية وتقييم مردودية الأداء. وقد ضمت اللجنة عضوين من المجلس العلمي الأعلى، إلى جانب رئيس المجلس العلمي المحلي ببركان، والمسؤول المالي للمجلس العلمي الجهوي بوجدة. وأشار إلى أن اللجنة زارت مدينة بوعرفة يوم الاثنين 2 يونيو 2025، ووصلت إلى مقر المجلس العلمي المحلي لفجيج حوالي الساعة التاسعة صباحًا، حيث لم تجد سوى موظف واحد وحارس، واستمر الوضع على هذا النحو حتى منتصف النهار. وأضاف أن هذا الغياب أثار استغراب اللجنة وأثر على قدرتها على إجراء تقييم شامل، ومع ذلك واصلت عملها من خلال فحص الوثائق والملفات المتوفرة. وبيّن العلامة بنحمزة أن اللجنة واصلت مهامها لتشمل باقي المجالس العلمية في الجهة، وصولًا إلى زيارة المجلس العلمي المحلي بوجدة يوم الأربعاء، قبل أن ترفع تقريرها النهائي إلى المجلس العلمي الأعلى، الذي اتخذ بعد الاطلاع عليه قرار الإعفاء. وشدّد رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق على أن هذه الخطوة تأتي في إطار الحرص على المردودية والانضباط، وليس بدافع التشهير أو الاستهداف، مشيرًا إلى أن المجالس العلمية ليست مؤسسات رمزية كما يظن البعض، بل هي أجهزة تضم آلاف العاملين من علماء ومرشدين، مما يستوجب رقابة دقيقة ومسؤولة. وفي ختام تصريحه، دعا العلامة بنحمزة إلى التثبت والتروي قبل إصدار الأحكام أو الخوض في ما لا علم به، مستشهدًا بقول الله تعالى: 'ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً'، مؤكدًا أن الكلمة مسؤولية، وأن ترويج الإشاعات أو التأويلات غير المؤسسة يضر بصورة المؤسسات ويعوق مسار الإصلاح.