
تحليل: ترامب وأوروبا والمواجهة الحاسمة حول آلية 'الاستعادة الفورية' مع إيران
ويبدو من الوهلة الأولى أن القرار يحمل خسائر لجميع الأطراف. ففي حال لم تُفعّل القوى الأوروبية آلية الاستعادة الفورية، فمن المرجح أن تخسر هي والولايات المتحدة القدرة على إعادة فرض قرارات مجلس الأمن الشاملة على إيران، وهو ما تسعى على الأرجح إلى تجنبه. وتحتوي هذه القرارات، رغم تكرار بعضها مقارنة بالعقوبات الأمريكية الأكثر شدة، على بنود مهمة، من بينها إنذار 'صفر التخصيب' الذي عرقل جهود الدبلوماسية لمنع امتلاك إيران سلاحًا نوويًا لسنوات. وإعادة تفعيلها سيمنح شرعية دولية للجهود الإسرائيلية المستمرة والخطيرة الرامية إلى إلغاء الدبلوماسية كخيار عملي، وجعل فصل جديد من الحرب مع إيران أمرًا لا مفر منه.
ورغم أن القوى الأوروبية انحازت تدريجيًا إلى ضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران في السنوات الأخيرة، فإن النظر في أداة الاستعادة الفورية يبدو مرتبطًا أكثر بضمان موقعها في النقاشات المستقبلية، لا بتوجيه الأحداث المتسارعة لخدمة مصالحها المباشرة.
لكن تفعيل آلية 'الاستعادة الفورية' من المرجح أن يشكل كارثة لجميع الأطراف تقريبًا، باستثناء ربما المتشددين في طهران والقدس، الذين يستفيدون من تصاعد التوترات بين الغرب وإيران. فقد أعلنت الجمهورية الإسلامية أنها سترد على إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن بالانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وهو موقف متكرر عبر إدارات إيرانية متعاقبة، ولا يمكن تجاهله بسهولة.
ومن السهل تصور مدى الصعوبة التي سيواجهها المسؤولون الإيرانيون في الدفاع عن البقاء داخل المعاهدة بعد تفعيل الاستعادة الفورية، خاصة وأن إيران تعرضت لعقوبات متعددة من جهات مختلفة، بل وتعرضت لقصف جوي، رغم تأكيد المخابرات الأمريكية عدم وجود برنامج نووي نشط للأسلحة لديها. وفي المقابل، تنظر إيران إلى إسرائيل كقوة نووية إقليمية غير معلنة، وإلى كوريا الشمالية التي انسحبت من المعاهدة قبل أن تختبر سلاحها النووي بعد سنوات، كنماذج أمنية أكثر جدوى. أما الالتزام بالقانون الدولي، الذي يُطبق بشكل متباين وغير عادل في كثير من الأحيان، فيبدو بالنسبة لها خيارًا خاسرًا، خاصة عندما تكون في موقع تعرض للهجوم الصاروخي.
وبصرف النظر عن صحة هذا التوقع، فإن انسحاب إيران من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية يبدو نتيجة شبه مؤكدة لتفعيل آلية الاستعادة الفورية، ما سيؤدي فورًا إلى حالة طوارئ قصوى في واشنطن. وستتزايد الضغوط على إدارة ترامب لتوجيه ضربة جديدة لإيران، وهذه المرة ربما دون وجود خيار التوجه نحو وقف إطلاق النار كشبكة أمان. وبذلك، قد يجد ترامب نفسه مجددًا محاصرًا في مسار يتعارض مع ما أعلن عن رغبته في تجنبه: حرب أبدية أخرى في الشرق الأوسط.
ولحسن حظ ترامب، أنه يمتلك سجلًا في مواجهة الخيارات الصعبة والبحث عن 'مخرج ثالث'. ففي هذا السياق، وبجانب خيار دعم آلية الاستعادة الفورية أو السماح بانتهائها، يبدو أن هناك خيارًا وحيدًا متاحًا: السعي لتمديد مهلة تفعيل الاستعادة الفورية بما يتناسب مع جدول زمني دبلوماسي واقعي. وإذا تمكن الأوروبيون خلال الأسابيع المقبلة من الحصول على تنازلات من إيران، التي تسعى على الأرجح لتجنب عودة قرارات مجلس الأمن مع الحفاظ على ماء وجهها، فسيكون ذلك أفضل بكثير. على سبيل المثال، قد تقوم إيران بخطوات أولية نحو إعادة مراقبة برنامجها النووي من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحتى في حال عدم تحقق ذلك، يظل تمديد المهلة الخيار الأفضل.
ففي الوضع الراهن، لا يزال البرنامج النووي الإيراني مدمَّرًا جزئيًا على الأقل، ولا توجد معرفة دقيقة بحجم الأضرار أو ما تبقى سليمًا. وكانت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضحية متوقعة للضربات، فيما يراهن قادة إيران على تصاعد الحروب بدلًا من التوصل إلى اتفاق قريب. وفي ظل هذه الظروف، من غير الواقعي توقع أن تضع إيران أحد أوراق قوتها الأساسية — والمتمثلة في مخزون كبير من اليورانيوم المخصب حتى درجة قريبة من مستوى صنع السلاح — تحت المراقبة الدولية مجددًا، فقط لتأجيل عودة عقوبات سبق أن تحملتها لأكثر من عقد من الزمن. وإذا عادت العقوبات، فلا ينبغي لترامب أن يعلق آماله على نجاحها في دفع إيران إلى تقديم تنازلات، إذ قد تدفعها في الواقع إلى مزيد من التشدد.
لهذا السبب، هناك حاجة إلى المزيد من الوقت. إذ يمكن للولايات المتحدة والدول الأوروبية أن تتفق على تمديد قرار مجلس الأمن رقم 2231 وبنود آلية الاستعادة الفورية لسنة أخرى أو أكثر. وسيساعد ذلك على مواءمة إمكانية استخدام هذه الآلية مع مسار دبلوماسي موثوق به، من المتوقع أن يستغرق بعض الوقت ليظهر بوضوح. وبهذه الطريقة، لن تخسر أوروبا أو الولايات المتحدة أداة الاستعادة الفورية، بينما سترسل لإيران إشارة واضحة مفادها أن واشنطن ليست معنية بالعودة إلى الحرب على الفور، ما قد يخلق بيئة أكثر ملاءمة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
مع ذلك، لا يمكن توقع أن يأتي هذا الخيار من التيارات المتحالفة مع المحافظين الجدد داخل إدارة ترامب، التي ترى أن الحرب التي أوقفها الرئيس بحكمة كان يجب أن تستمر. وعلى ترامب أن يكون واضحًا: هو لا يريد أزمة نووية إيرانية جديدة على مكتبه في الوقت الحالي، ومن الأفضل تأجيل الأمر وإتاحة مزيد من الوقت، حتى يتسنى له السعي وراء صفقة جديدة عندما يحين الوقت المناسب.
لقراءة المادة من موقعها الاصلي:
https://www.theamericanconservative.com/trump-europe-and-the-snapback-showdown-with-iran/

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 4 دقائق
- اليمن الآن
تحرك بريطاني مفاجئ ضد الحوثيـ.ـين وإعلان مرتقب عن تشكيل تحالف دولي
دعت بريطانيا إلى شراكة بحرية دولية مع الحكومة اليمنية المعترفة بها دولياً من أجل حماية المياه الإقليمية للبلاد، وتأمين حرية الملاحة والتجارة البحرية التي تتعرض للتهديدات من قبل جماعة الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن. وقال نائب الممثل الدائم لبريطانيا لدى الأمم المتحدة؛ جيمس كاريوكي، خلال اجتماع مجلس الأمن بشأن اليمن: "تُعد الشراكة الأمنية البحرية اليمنية آلية أساسية للتعاون الدولي بهدف حماية المياه الإقليمية لليمن، وتأمين التجارة البحرية، ومكافحة الأنشطة غير المشروعة، وإعادة بناء قدرات خفر السواحل اليمني". وأضاف كاريوكي أن بلاده ستستضيف، المؤتمر الافتتاحي رفيع المستوى لمبادرة الشراكة البحرية اليمنية (YMSP)، المقرر عقده في 16 سبتمبر/أيلول القادم بالرياض، بالشراكة مع السعودية، "وندعو شركائنا الدوليين للانضمام إلى هذه المبادرة ودعمها". وفيما أشاد الدبلوماسي البريطاني بعملية ضبط 750 طناً من الأسلحة كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين، من قبل قوات متحالفة مع الحكومة المعترف بها، أكد أن "النقل غير المشروع للأسلحة يقوض بشكل مباشر استقرار اليمن والمنطقة على نطاق أوسع، ويشكل انتهاكاً واضحاً لقرار حظر الأسلحة، الذي يفرض على كل الدول الأعضاء الامتثال الكامل له". وشدد كاريوكي على الحاجة الماسة إلى تحرك سريع وتعاوني من جانب المجتمع الدولي من أجل كبح جماح أزمة انعدام الأمن الغذائي المتفاقمة في اليمن، وتوفير التمويلات الإنسانية الضرورية لتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً في عموم البلاد.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
تحرك بريطاني يفاجئ الحوثيين بشأن تأمين الملاحة
اخبار وتقارير تحرك بريطاني يفاجئ الحوثيين بشأن تأمين الملاحة الأربعاء - 13 أغسطس 2025 - 05:22 م بتوقيت عدن - عدن، نافذة اليمن: دعت بريطانيا إلى شراكة بحرية دولية مع الحكومة اليمنية المعترفة بها دولياً من أجل حماية المياه الإقليمية للبلاد، وتأمين حرية الملاحة والتجارة البحرية التي تتعرض للتهديدات من قبل جماعة الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن. وقال نائب الممثل الدائم لبريطانيا لدى الأمم المتحدة؛ جيمس كاريوكي، خلال اجتماع مجلس الأمن بشأن اليمن: "تُعد الشراكة الأمنية البحرية اليمنية آلية أساسية للتعاون الدولي بهدف حماية المياه الإقليمية لليمن، وتأمين التجارة البحرية، ومكافحة الأنشطة غير المشروعة، وإعادة بناء قدرات خفر السواحل اليمني". وأضاف كاريوكي أن بلاده ستستضيف، المؤتمر الافتتاحي رفيع المستوى لمبادرة الشراكة البحرية اليمنية (YMSP)، المقرر عقده في 16 سبتمبر/أيلول القادم بالرياض، بالشراكة مع السعودية، "وندعو شركائنا الدوليين للانضمام إلى هذه المبادرة ودعمها". وفيما أشاد الدبلوماسي البريطاني بعملية ضبط 750 طناً من الأسلحة كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين، من قبل قوات متحالفة مع الحكومة المعترف بها، أكد أن "النقل غير المشروع للأسلحة يقوض بشكل مباشر استقرار اليمن والمنطقة على نطاق أوسع، ويشكل انتهاكاً واضحاً لقرار حظر الأسلحة، الذي يفرض على كل الدول الأعضاء الامتثال الكامل له". وشدد كاريوكي على الحاجة الماسة إلى تحرك سريع وتعاوني من جانب المجتمع الدولي من أجل كبح جماح أزمة انعدام الأمن الغذائي المتفاقمة في اليمن، وتوفير التمويلات الإنسانية الضرورية لتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً في عموم البلاد. الاكثر زيارة اخبار وتقارير عدن تكشف فضيحة سعر الوقود بصنعاء: خبير يفجر مفاجأة مدوية عن فارق جنوني يقتل. اخبار وتقارير بعد احاطة المبعوث الأممي.. سلطة صنعاء تكشف عن تخبطها وارتباكها وتعترف بمعان. اخبار وتقارير جزار يسرق قوت الناس بـ200 جرام من كل كيلو لحم في أسواق تعز. اخبار وتقارير وثيقة تكشف فضيحة مظفر تعز: تأجير وتحويل شوارع إلى أسواق ونهب مئات الملايين.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
الحوثيون يكثفون التحشيد العسكري والتعبئة الداخلية بالتزامن مع ذكرى المولد النبوي
الحوثيون يكثفون التحشيد العسكري والتعبئة الداخلية بالتزامن مع ذكرى المولد النبوي المجهر - متابعة خاصة الأربعاء 13/أغسطس/2025 - الساعة: 5:38 م كثّفت جماعة الحوثي الإرهابية، من تحركاتها العسكرية في عدد من المحافظات اليمنية، حيث دفعت خلال الأيام الماضية بتعزيزات قتالية ضخمة وأسلحة متطورة إلى جبهات القتال في مأرب والجوف والبيضاء ولحج والضالع وتعز والحديدة وحجة. وبحسب منصة "ديفانس" المتخصصة في الشؤون العسكرية، فإن التعزيزات شملت كتائب خاصة مدربة على القتال في البيئات المعقدة، ووحدات مدرعة، وقناصة، إضافة إلى طائرات مسيّرة قتالية واستطلاعية، ومدفعية ميدانية وصاروخية بعيدة المدى، في خطوة تعكس استعدادات ميدانية متصاعدة تتزامن مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف بعد ثلاثة أسابيع. إلى جانب الحشد العسكري، أطلق المكتب الجهادي للحوثيين حملة تعبئة داخلية واسعة النطاق، تضمنت تعبئة فكرية وتنظيمية، وحشد المقاتلين من مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتهم، تحت شعارات دينية مرتبطة بالمولد النبوي. ورافقت الحملة عمليات جباية مالية واسعة على المواطنين والتجار، تحت ذريعة تمويل الفعاليات الدينية، وسط تهديدات مباشرة للرافضين بالدعم، واتهامهم بالولاء لـ"العدوان" والتخابر مع "أميركا وإسرائيل". ميدانيًا، شرعت الجماعة في تعزيز دفاعاتها من خلال حفر الخنادق والأنفاق وزرع الألغام الأرضية، فضلاً عن إعادة تأهيل بنيتها العسكرية والأمنية التي تضررت جراء الضربات الأمريكية الأخيرة. وتشمل هذه الأعمال ترميم المقرات القيادية، وتشغيل قواعد ومخابئ تحت الأرض لتأمين الأسلحة النوعية وتسهيل التحركات بعيداً عن رصد الطيران. وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، قد حذّر في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، من خطورة هذا التصعيد، مؤكدًا أن تعزيز الحوثيين لمواقعهم، لا سيما في محيط الحديدة، يعد مؤشرًا مقلقًا قد يهدد فرص التهدئة. ودعا الوسيط الأممي إلى ضرورة تحريك مسار الحوار بين الأطراف، واتخاذ خطوات عاجلة لوقف أي تصعيد قد ينسف الجهود الأممية لتحقيق السلام في اليمن. تابع المجهر نت على X #التحشيد العسكري #التعبئة الداخلية #جماعة الحوثي #المولد النبوي #تعزيزات قتالية #جبهات القتال #المكتب الجهادي #المبعوث الأممي #التصعيد العسكري