
تراخيص الصرافة في سورية تثير جدلاً: بين تعزيز المنافسة وخطر احتكار العملة
ن مصرف سورية المركزي
، الثلاثاء، عن قائمتين تضمّان أسماء شركات ومكاتب الصرافة المرخّصة رسمياً، وأخرى حاصلة على ترخيص مبدئي يسمح لها بمزاولة نشاط الحوالات المالية والصرافة، ليصل عددها الإجمالي إلى أربعين جهة، بينها 14 شركة ومكتباً مرخّصاً، و26 شركة حصلت على تراخيص مبدئية.
وشملت القائمة الأولى أسماء معروفة في السوق مثل "الفؤاد" و"شخاشيرو" و"ديار"، لكنها خلت بشكل لافت من شركة "الهرم" الشهيرة، الشريكة لتطبيق "شام كاش" في تسليم رواتب موظفي الدولة، ما أثار تساؤلات حول وضعها القانوني. أما القائمة الثانية، فجاءت بأسماء شركات كانت تعمل سابقاً في مناطق الشمال السوري، وحصلت مؤخراً على تراخيص مبدئية تتيح لها العمل في مختلف المحافظات، بما فيها دمشق وحلب، بعد "توفيق أوضاعها" بموجب قرار المصرف رقم (199 ل.أ).
ويفرض القرار على الشركات القادمة من الشمال إيداع ما لا يقل عن 1.25 مليون دولار أميركي في حسابها لدى البنك المركزي، كمكوّن أساسي من رأس المال المدفوع، وهو شرط يرى فيه مراقبون محاولة لضمان الجدية والسيولة، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام تركّز رأس المال بيد فئة محدودة من المستثمرين، ما يكرّس الاحتكار ويقيد المنافسة. وتكشف قراءة توزيع التراخيص عن خريطة نفوذ لافتة: في دمشق، تتركز 36.4% من الشركات المرخصة و9.1% من المكاتب المرخّصة، مقابل 54.4% من الجهات التي حصلت على ترخيص مبدئي.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
فصل الصياغة عن الصرافة في سورية: خطوة تنظيمية وسط تقلبات الأسواق
أما حلب، فتضم 25% من الشركات المرخصة و12.5% من المكاتب، و62.5% من الشركات ذات الترخيص المبدئي. وفي حمص، تتوزع النسب بالتساوي تقريباً بين الشركات (25%) والمكاتب (25%)، فيما تمثل الجهات الحاصلة على ترخيص مبدئي 50% من الإجمالي. أما اللاذقية، فتمثل فيها التراخيص المبدئية النسبة الأعلى على الإطلاق (80%)، في مقابل 20% فقط للشركات المرخصة وعدم وجود أي مكاتب صرافة مرخّصة فعلياً.
المضاربات والأسعار
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة لا يمكن فصلها عن قرارات سابقة للمركزي، أبرزها السماح بنقل المبالغ المالية بين المحافظات دون تحديد سقف للقيمة. فبينما برّرت السلطات هذا القرار برغبتها في تسهيل التعاملات التجارية ودعم النشاط الاقتصادي، فإنه فتح عملياً مجالاً أوسع أمام شركات الصرافة، خصوصاً الحاصلة على تراخيص مبدئية، لتحريك كميات كبيرة من العملات الأجنبية عبر قنوات رسمية، ما قد يضاعف قدرتها على التحكم في السوق.
ويحذّر هؤلاء من أن الجمع بين منح تراخيص جديدة ورفع القيود على حركة الأموال قد يعيد إنتاج شبكات احتكار العملة التي كانت سائدة أيام النظام السابق، مع فارق أنه يجري هذه المرة تحت غطاء قانوني يمنحه المركزي.
عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، علي كنعان، عبّر عن قلقه من تداعيات السماح لعدد كبير من الشركات بالتعامل بالقطع الأجنبي، مشيراً إلى أن هذا الإجراء قد يؤدي إلى "حصر الكتلة الأكبر من العملات الأجنبية بيد مؤسسات الصرافة الخاصة، بدل أن تكون تحت إدارة مصرف سورية المركزي أو المصارف الرسمية". وأضاف كنعان لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الخطوة قد تمنح الشركات الخاصة قدرة أكبر على التأثير في سوق الصرف، ما قد يزيد من التذبذب وعدم الاستقرار في سعر الليرة السورية، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تشهد اضطراباً مستمراً في الأسواق".
وتابع: "من الناحية الاقتصادية، أي زيادة في الدور الفاعل للشركات الخاصة في تداول العملات الأجنبية تتطلب رقابة صارمة وآليات شفافة لضمان عدم استغلال السوق وتحقيق أرباح غير عادلة على حساب المستهلك أو الاقتصاد الوطني. وفي الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الشركات في تسهيل تحويل الأموال ودعم السيولة في السوق، إذا ما جرى تنظيمها بشكل صحيح".
وأشار كنعان إلى أن "الموازنة بين السماح للشركات بالعمل في السوق وبين الحفاظ على قدرة المركزي على التحكم بالعرض النقدي، هي مفتاح استقرار سعر الصرف وحماية مدخرات المواطنين". وأضاف: "الحل يكمن في وضع إطار تنظيمي صارم، يحدد سقوف التعاملات، ويشترط التقارير الدورية والشفافية في التحويلات، لضمان أن دور هذه الشركات يدعم الاقتصاد بدلاً من أن يكون مصدراً لمزيد من الاضطراب المالي". حين يكون النقد الأجنبي بيد مؤسسات الصرافة الخاصة، بدل أن يكون تحت إدارة المركزي أو المصارف، معتبراً أن هذه الخطوة قد تزيد من قدرة تلك الشركات على التأثير في سوق الصرف، خاصة في ظل الاضطراب المستمر في سعر الليرة.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
مصرف سورية المركزي يستبعد الاستدانة الخارجية
بين التنظيم القانوني وشرعنة النفوذ المالي
يرى الخبير الاقتصادي علي الأحمد أن دمج شركات الشمال وإعطاءها تراخيص مبدئية "قد يحمل أثراً إيجابياً على السوق إذا حسن تنظيمه"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن دخول هذا العدد من الشركات سيوسّع شبكة الحوالات، ويزيد من المنافسة في تقديم الخدمات، ما قد يحد من هيمنة عدد محدود من المكاتب على السوق.
هذه الخطوة قد تمنح الشركات الخاصة قدرة أكبر على التأثير في سوق الصرف، ما قد يزيد من التذبذب وعدم الاستقرار في سعر الليرة السورية، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تشهد اضطراباً مستمراً في الأسواق
وأضاف أن اشتراط إيداع مبالغ بالدولار في حسابات هذه الشركات لدى المركزي "يوفر مصدراً إضافياً من القطع الأجنبي يمكن استثماره في تمويل المستوردات أو دعم احتياطيات البنك"، لكنه حذر من أن ضعف الرقابة قد يحوّل هذه التراخيص إلى أداة لاحتكار السوق من قبل مجموعات ذات نفوذ.
ويربط الخبير الاقتصادي هذه التطورات بارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية خلال الأيام الأخيرة، موضحاً أن "الإعلان عن منح تراخيص جديدة، خاصة لشركات قادمة من الشمال، أثار توقعات بزيادة الطلب على القطع الأجنبي لتأمين رأس المال المودع لدى المركزي، ما دفع بعض المضاربين إلى رفع الأسعار مبكراً". لكنه يرى أن هذا الأثر "قد يكون مؤقتاً إذا أحسن المركزي إدارة عملية إدخال هذه الشركات إلى السوق وضبط حركة الأموال".
أما بيان المركزي نفسه، فجاء بصيغة رسمية تدعو المواطنين إلى حصر تعاملاتهم في المؤسسات المرخصة، ملوّحاً بمخاطر الصرافة غير الشرعية من تداول عملات مزورة ونقص في السيولة الورقية. لكن بين سطوره، برزت مؤشرات على واقع نقدي هش وعجز تنظيمي عن ضبط السوق، حيث لم يقدم البيان خطة عملية لتعويض المتضررين أو توضيح قدرة المؤسسات المرخصة على تغطية احتياجات السوق، بينما تركت شروط الترخيص المرتفعة الباب مفتوحاً أمام شبهة خدمة مصالح الشركات المحظية على حساب المنافسة. في المحصلة، يبدو القرار بالنسبة لعدد من المراقبين أكثر من مجرد تنظيم لقطاع الصرافة؛ إنه إعادة رسم لخريطة النفوذ المالي، و"شرعنة" لضابطة عدلية جديدة تمنح الشركات الكبرى دوراً محورياً في التحكم بسوق العملات، في وقت لا تزال فيه الليرة تحت رحمة المضاربات وفوضى السوق الموازية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
العرجاني يحتكر نقل مساعدات غزة... وإسرائيل تعرقل دخولها
تتواصل أزمة دخول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية إلى قطاع غزة عبر معبري رفح وكرم أبو سالم، في ظل اتهامات فلسطينية ومصرية للجانب الإسرائيلي باستغلال عمليات التفتيش لفرض عراقيل سياسية واقتصادية، والتلاعب بآليات دخول السلع بما يخدم مصالحه. وخلال اليومين الماضيين، شهدت حركة الشاحنات من مصر إلى غزة تأخيرات متعمدة، إذ أفاد سائق شاحنة نقل لـ"العربي الجديد" بأن قوات الاحتلال أعلنت عن ضبط كميات من السجائر والمعسل والهواتف المحمولة مخبأة في بعض الطرود، إلا أن هذه الحالات -التي تُستغل إعلامياً- تُستخدم في أحيان كثيرة مبرراً لتعطيل دخول قوافل كاملة، بينما يُسمح في أوقات أخرى بدخول بضائع لبعض التجار المقربين من سلطات الاحتلال بهدف جني أرباح. وأشار السائق إلى أن شركة "أبناء سيناء" التي يرأسها إبراهيم العرجاني تهيمن على الجزء الأكبر من عمليات نقل المساعدات والبضائع التجارية الموجهة لغزة، سواء عبر معبر رفح أو معبر كرم أبو سالم. وأكد مصدر حكومي مصري أن شركات العرجاني حصلت على عقود تجهيز وتغليف ونقل الطرود الغذائية لصالح المؤسسات الدولية وبعض الدول العربية والإسلامية، متجاوزة شركات مصرية أخرى عاملة في المجال نفسه، مقابل ميزانيات كبيرة. اقتصاد دولي التحديثات الحية احتلال قطاع غزة يهدد اقتصاد إسرائيل باستنزاف 4 مليارات دولار شهرياً وإبراهيم العرجاني (54 عاماً) هو رئيس اتحاد القبائل العربية في سيناء، ورجل أعمال بارز مقرب من السلطات في مصر، عينه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام قبل الماضي، بمرسوم جمهوري، عضواً بالجهاز الوطني لتنمية سيناء. ويتولى العرجاني رئاسة مجلس إدارة "مجموعة شركات أبناء سيناء" و"شركة مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار"، و"شركة أبناء سيناء للتجارة والمقاولات العامة"، ورئيس مجلس أمناء "مؤسسة سيناء للخير والتنمية الاقتصادية". من جانبه، قال رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية في غزة، محمد أبو جياب، إن الاستيراد الحر للبضائع من خارج القطاع ما زال محظوراً، وأن الاحتلال يتيح فقط لتجار معدودين إدخال سلع أساسية وفق إجراءات مشددة. ولفت إلى أن ما حدث مؤخراً في معبر كرم أبو سالم شمل إجراءات أمنية وفنية مشددة، بذريعة ضبط "بضائع مشكلة" على شاحنات، إضافة إلى الحديث عن محاولات تهريب مواد مثل السجائر والمعسل والمخدرات، لكنّ هذه الإجراءات كثيراً ما تكون انتقائية وتخدم أهدافاً اقتصادية وسياسية للاحتلال. وعلى صعيد آخر، تتكفل شركة "الأقصى للتأمين"، وهي شركة تابعة للجنة المصرية العاملة في قطاع غزة، بتأمين البضائع والمساعدات الواردة من مصر. وأفاد مصدر أمني فلسطيني في غزة لـ"العربي الجديد" بأنّ اللجنة المصرية وشركة الأقصى تملكان شاحنات وسيارات مصرية داخل القطاع، تتولى نقل المساعدات والبضائع من معبر كرم أبو سالم إلى وجهاتها. وأوضح المصدر أنّ الشركة مملوكة لرجال أعمال برزوا خلال الحرب وأصبحوا على صلة وثيقة بإبراهيم العرجاني، مشيراً إلى أن الشركة تحتفظ بعدد كبير من المسلحين لتنفيذ مهام التأمين. وتعمل مجموعات الحماية التابعة لها في "المناطق الحمراء" بمدينة رفح، وهي مناطق يحظر على المدنيين الفلسطينيين دخولها، كما تمتلك مقار معروفة في منطقة المواصي. اقتصاد دولي التحديثات الحية تكلفة السيطرة على غزة قد تفوق 50 مليار دولار سنوياً في المقابل، تؤكد وسائل إعلام رسمية مصرية أن الدولة المصرية تواصل جهودها المكثفة لإدخال المساعدات الإنسانية ضمن قوافل "زاد العزة"، التي تنطلق يومياً من الأراضي المصرية رغم القصف الإسرائيلي والعراقيل المفروضة على معبر كرم أبو سالم. ووفق قناة إكسترا نيوز، دخلت، أول من أمس، القافلة الرابعة عشرة، حيث عبرت أربعة أفواج من الشاحنات، فيما تنتظر باقي الأفواج دورها. وأشارت القناة إلى أن ما يتم تنفيذه فعلياً لا يتجاوز 50–55% من عدد الشاحنات المقررة، مع إعادة أعداد كبيرة منها لأسباب وصفها بـ"الملفقة والعشوائية". ولفتت إلى أن مصر أعدت أكثر من 5000 شاحنة جاهزة للدخول، وتشرف على تشغيلها منظومة وطنية يقودها الهلال الأحمر المصري بالتعاون مع التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي ومنظمات أممية مثل "يونيسف" ومنظمة الصحة العالمية. ويشارك في المنظومة أكثر من 50 ألف شخص، بينهم 35 ألف متطوع من الهلال الأحمر، إضافة إلى متطوعي التحالف الوطني والعاملين بالمؤسسات الرسمية. ويتم تجهيز الشاحنات وفق معايير دولية تشمل تغليف العبوات بالبلاستيك الشفاف ووضعها على منصات خشبية، لكنّ المماطلة الإسرائيلية المستمرة تبقى العائق الأكبر أمام وصول الإمدادات الحيوية إلى سكان القطاع. وتتعرض غزة لتجويع يتسع يوماً بعد آخر في ظل إحكام الاحتلال الإسرائيلي حصاره على القطاع وعرقلة دخول المساعدات، الأمر الذي أدى إلى ندرة السلع الضرورية في الأسواق ووفاة مئات الفلسطينيين بسبب الجوع وسوء التغذية.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
الجزائر تكافح هدر الغاز عبر دعم الأسطح العازلة للحرارة
دفعت ضغوط الاستهلاك الداخلي للغاز في الجزائر، الذي صار يتساوى مع الصادرات، الحكومة إلى إقرار إجراءات جديدة للتقليل من هدر هذا المصدر الطاقي الحيوي للاقتصاد المحلي، من خلال منح أصحاب البنايات مساعدات مالية تقدر بأكثر من 1700 دولار لتركيب أسطح عاكسة لزيادة العزل الحراري وتقليل حرق الغاز، وخصوصا كهرباء مكيفات الهواء المتأتية أصلاً من محطات تعمل بالغاز الطبيعي. وجاء هذا التدبير الجديد من خلال وثيقة للوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة وترشيده (هيئة حكومية تهتم بترشيد استخدام الطاقة وتقليل هدرها) التابعة لوزارة الطاقة والمناجم، اطلعت عليها "العربي الجديد"، ورد فيها أن هذا البرنامج موجه لأصحاب المباني العمومية والخاصة ذات الطابع الإداري والخدماتي، في إطار مشروع "العزل الحراري في البنايات"، تحت شعار "سقف أكثر بياضاً، مبنى أكثر برودة". مساعدة مالية حسب الوثيقة نفسها، يتمثل الدعم في تقديم مساعدة مالية لاقتناء وتركيب الطلاءات العاكسة فوق المباني، بهدف "تحسين الكفاءة الحرارية لأسطح المباني ذات الاستخدام الإداري أو الخدماتي". ولفتت الوثيقة إلى أن آخر أجل لإيداع الملفات قد حدد بتاريخ 31 أغسطس/ آب 2025، مشيرة إلى أن الطلب يُقدّم عبر الموقع الإلكتروني للوكالة الحكومية، بحيث تمكن العملية من تقديم مساعدة مالية تقدر بـ225 ألف دينار (1730 دولاراً)، مشيرة إلى أن هذا الدعم يمثل 50% من كلفة توريد الأسطح العاكسة وتركيبها. أعمال وشركات التحديثات الحية الفتور السياسي يهدّد الشركات الفرنسية بالجزائر وكانت الوكالة نفسها قد أطلقت، في مارس/ آذار الماضي، برنامجاً مماثلاً موجهاً للأسر من خلال دعم مالي بـ500 دولار لتركيب سخانات مياه في المساكن تعمل بالطاقة الشمسية لتقليل هدر الغاز. وتسعى الجزائر عبر هذا الإجراء إلى خفض الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي الذي يُستخدم بشكل واسع في تسخين المياه المنزلية وطهي الطعام، ما من شأنه تقليل الضغط على شبكة التوزيع الوطنية وتوجيه كميات أكبر من الغاز نحو التصدير. كما يندرج المشروع ضمن السياسة العامة للدولة الرامية إلى ترشيد استهلاك الطاقة وتعزيز استخدام المصادر المتجددة. وتؤكد الهيئة الحكومية نفسها أن التحول نحو تسخين المياه بالطاقة الشمسية من شأنه أن يقلص فاتورة الكهرباء للأسر الجزائرية. ضغط على الصادرات تأتي هذه الخطوة في سياق أرقام مقلقة حول استهلاك الطاقة في الجزائر، إذ يشير تقرير وزارة الطاقة والمناجم لعام 2023 إلى أن إجمالي الإنتاج التجاري للغاز بلغ 105 مليارات متر مكعب، صدّرت منها البلاد 52.34 مليار متر مكعب، بينها 34.48 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي و17.86 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال (LNG). وفي المقابل، وصل الاستهلاك الداخلي إلى 52.6 مليار متر مكعب، ليصبح مساوياً تقريباً لحجم الصادرات، مع استمرار النمو السنوي في الطلب. الطلب المحلي على الغاز يشمل الأسر، والصناعة، وإنتاج الكهرباء، وقد دفع هذا التوازن الحرج بين الاستهلاك والصادرات السلطات إلى البحث عن حلول عملية لخفض الفاتورة الطاقية وتوجيه كميات أكبر من الغاز إلى الأسواق الخارجية. وحسب وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، فإن الجزائر تستهدف رفع الإنتاج إلى 200 مليار متر مكعب خلال أربع سنوات، في حين سبق للرئيس عبد المجيد تبون أن وجّه شركة سوناطراك نحو بلوغ صادرات 100 مليار متر مكعب سنوياً. أسواق التحديثات الحية تصدير البيض يرفع أسعاره قياسياً في الجزائر في الجزائر، تغطي شبكة الغاز نحو 70% من المساكن في البلاد، ويسوق هذا المصدر الطاقي الحيوي بأسعار مدعمة من الدولة تقل كثيراً عن التكلفة الحقيقية، ما يشجع على الاستهلاك المرتفع، سواء في الطهي أو التدفئة أو تسخين المياه. ومع استمرار مشاريع الإسكان الكبرى مثل برنامج "عدل" الذي يضم أكثر من مليون شقة، ومع إطلاق أكثر من 1400 مصنع خلال عامين، يتزايد الضغط على الشبكة الوطنية للكهرباء والغاز. ذروة استهلاك الكهرباء يأتي ذلك في وقت سجلت فيه الجزائر هذا الصيف مستويات قياسية غير مسبوقة في استهلاك الكهرباء، خاصة مع استمرار موجة الحر التي تضرب عدة ولايات في الغرب والجنوب، حيث بلغت درجات الحرارة مستويات مرتفعة مصحوبة بنسبة رطوبة عالية في المناطق الساحلية والداخلية. وخلال الشهر الماضي، أعلنت الشركة الوطنية للكهرباء والغاز "سونلغاز" عن تسجيل أرقام تاريخية للطلب على الطاقة الكهربائية، تجاوزت حاجز 20 ألف ميغاواط في أكثر من مناسبة، ما يعكس الارتفاع الكبير في الاستهلاك مقارنة بالمواسم السابقة. ويفوق إنتاج الجزائر حالياً 28 ألف ميغاواط من الكهرباء يومياً، بفائض يتعدى 8 آلاف ميغاواط، وينتظر دخول 3200 ميغاواط إضافية مع نهاية العام بدخول 15 محطة شمسية كهروضوية مرحلة الإنتاج في إطار برنامج وطني للطاقات النظيفة يستهدف بلوغ 15 ألف ميغاواط من الكهرباء من مصادر متجددة أغلبها طاقة شمسية. كما كشفت الشركة أن هذه المستويات القياسية جاءت نتيجة تزايد استخدام أجهزة التبريد والمكيفات الهوائية في ظل الارتفاع المتواصل لدرجات الحرارة، مؤكدة في الوقت نفسه أنها تمكنت من تلبية الطلب المحلي المتزايد، والحفاظ على وتيرة التصدير نفسها نحو تونس من دون انقطاع.


القدس العربي
منذ 7 ساعات
- القدس العربي
مصر: اتفاق الغاز الأخير مع إسرائيل مجرد تمديد لترتيبات سارية منذ 2019
القاهرة – الأناضول: قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي إن الاتفاق الذي جرى مع شركة «نيو ميد إنرجي» الشريك في حقل ليفياثان البحري الإسرائيلي هو تمديد للاتفاقية الموقعة في 2019، إلى عام 2040. ويُعَدُّ هذا أول تعليق مصري رسمي حول ما ذكره وزير الطاقة الإسرائيلي يوم الخميس من الأسبوع الماضي بخصوص توقيع القاهرة مع «نيو ميد إنرجي» اتفاقية توريد غاز بقيمة 35 مليار دولار، في صفقة هي الأكبر من نوعها في تاريخ إسرائيل. وقال مدبولي «حدث جدل ولغط بشأن ما أعلن بخصوص تمديد الاتفاق مع شركة نيو ميد إنِرجي، الشريك في حقل ليفياثان الإسرائيلي، وهو الاتفاق الساري مع مصر، حيث توجد هذه الاتفاقية منذ 2019». وأضاف «كل ما توافقنا عليه هو مد أجل هذه الاتفاقية إلى عام 2040، مع توقعاتهم بأن يكون هناك زيادة في الإنتاج، ولذا فيطلبون أن تدخل هذه الزيادة في منظومة الغاز في مصر، باعتبار أن الدولة المصرية مركز إقليمي للطاقة». وأوضح أن «معنى أن تكون مصر مركزاً للطاقة هو أن تكون ليست فقط منتجة للغاز، بل مركزاً لتداوله على مستوى المنطقة». وأضاف أن «الدولة لديها بُنية أساسية كبيرة للغاية، من محطتي الإسالة في إدكو ودمياط (شمال)، وهما غير متوافرين لدى دول عديدة في المنطقة». مشيراً إلى أن «مصر تتحول بالفعل لأن تكون مركزا إقليميا للطاقة». ويجري نقل الغاز الإسرائيلي إلى مصر عبر خط أنابيب بحري يصل من حقلي «ليفياثان» و»تمار» إلى محطة استقبال في شمال سيناء، ومنها إلى مناطق في مصر. ويتم استخدام هذه الإمدادات في تغطية جزء من الطلب المحلي، كما يعاد تصدير كميات منها على شكل غاز مُسال من خلال محطتي الإسالة في إدكو ودمياط إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.