
خاصرة الأردن مع سورية الجنوبية
تأثيرات ما يحدث في السويداء ومناطق جنوب سورية خطيرة على الأردن، لاعتبارات كثيرة، وتعداد المخاطر يكشف مدى حدتها وأثرها النهائي.في الوقت الذي كان فيه الأردن يراهن على انتهاء دوام المدارس، وارتفاع نسبة السوريين العائدين من الأردن إلى سورية، خصوصا، أن أغلب السوريين في الأردن هم من مناطق الجنوب، تتفجر الأحداث بطريقة متوقعة أصلا، وهي أحداث مرشحة للعودة في أي توقيت، بما يعني أن اندفاع السوريين للعودة سيتراجع وستثبت الأيام أن نسبة العائدين ستكون منخفضة مقارنة بالعدد الموجود، فمن الذي سيخاطر بالعودة إلى السويداء أو درعا أو أي منطقة في ظل ما يتعرض له أيضا النظام السوري من استهداف في دمشق ومؤشرات الحرب الأهلية التي نراها، والتدخل الإسرائيلي وهو تدخل سيتواصل لأن المخطط بشأن سورية مفتوح.من التأثيرات المحتملة خسارة الأردن لجواره المباشر مع سورية، من خلال سيطرة إسرائيل على مناطق الجنوب السوري، في الجولان والقنيطرة ودرعا والسويداء وصولا إلى مناطق ثانية بما يعني أن حدود الأردن مع سورية، لن تبقى قائمة، وسنكون أمام شريط حدودي إسرائيلي مباشر إذا نجحت مخططات تل أبيب، أو أمام نواة لدويلات مختلفة في الجنوب السوري في ظل السعي لتشجيع الانفصال وتثوير المكونات السورية على بعضها البعض، وهو أمر لن ينتهي حتى لو حدثت هدنة أو محاولات لاستيعاب الوضع الحالي، لان المخطط النهائي أكبر بكثير من اللحظة التي نعبرها.من ناحية قريبة ليس هناك مصلحة أردنية لانهيار النظام السوري الحالي، لأن بديله سيكون تعريض كل سورية الى التقسيم، ونشوء 4 دويلات وفقا لمخططات سابقة، وانفلات الامن بشكل كامل، وانهيار اي ترتيبات أردنية سورية سياسية واقتصادية وامنية، بما يجعل سورية تعيد تصدير الأخطار الى جوارها، وسط مخاوف من حدوث احتلال إسرائيلي يصل الى دمشق ذاتها، وسط تراجعات في الحديث عن تطبيع سوري إسرائيلي بالشروط الإسرائيلية التي لا يقدر على تطبيقها النظام الحالي، وسقف ما يمكن تقديمه هو اتفاق عدم اعتداء، أو اتفاقية أمنية جديدة، أو إحياء اتفاقيات أمنية سابقة.خاصرة الأردن الشمالية باتت تفيض بالأخطار، من احتمال تدفق موجات لجوء جديدة من مكونات سورية مختلفة، مرورا بالسلاح والمخدرات والإرهاب، وصولا إلى احتلال إسرائيل لكل المنطقة الجنوبية، وإقامة شريط حدودي إسرائيلي ممتد بوجود عسكري إسرائيلي، أو عبر وكلاء في المنطقة، كما أن نشوء قوى سورية بديلة عن الدولة أمر أخطر، من حيث تأسيس مليشيات سورية على أساس مذهبي أو عائلي أو عرقي أو ديني، وقد شهدنا في الأزمة الأخيرة تراجع الدولة السورية أمام ثنائية جديدة للاقتتال تم تصنيعها وهي مجرد بروفة قابلة للتطبيق في العالم العربي برمته، ما دام أي مكون اجتماعي يحمل السلاح، ويتحرك على هذا الأساس، ردا على أي قوة اجتماعية ثانية، أو لتثبيت وقائع سياسية على الأرض، بعيدا عن الدولة، التي يشكل تراجع دورها خطرا ماحقا.استقرار أي دولة مصلحة لكل مكونات الدولة، وضعف أي دولة يفتح الباب لكل الاحتمالات، وإذا كانت الدولة الأردنية قوية وقادرة على إدارة مخاطر الحدود، والمخاطر الجيوسياسية، إلا أن الأردن اليوم أمام مهمة رد حرائق الحدود من كل مكان، بما في ذلك الضفة الغربية وغرب العراق لاحقا، يقف أمام أجندة ثقيلة، في ظل وضع إقليمي، من حقنا أن نسأل أين الحلفاء فيه، ومدى الثقة في إدراكهم كلفة محاولات الفك وإعادة التركيب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 41 دقائق
- البوابة
سوريا: خروج عوائل البدو المحتجزين من السويداء
خروج عائلات البدو بوساطة حكومية أعلنت وسائل إعلام سورية، الإثنين، بدء خروج عوائل البدو المحتجزة في مدينة السويداء بعد جهود وساطة قادتها الحكومة السورية. وأشارت وزارة الداخلية إلى أن العملية تمت بحضور قيادات أمنية من السويداء ودرعا، في ظل التزام بوقف إطلاق النار والسعي لإعادة الاستقرار للمحافظة. حيث تمت عملية الإجلاء عبر حافلات حكومية نقلت نحو 1500 شخص.


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
سوريا: الإفراج عن عائلات البدو المحتجزة بالسويداء خلال الساعات المقبلة
قال قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء السورية العميد أحمد الدالاتي، ليل الأحد، إنه نتيجة لجهود الوساطة التي تبذلها الحكومة السورية مع الأطراف في محافظة السويداء، والتي تركز على وقف التصعيد وتعزيز المصالحة، سيتم الإفراج عن عائلات البدو المحتجزة في المحافظة خلال الساعات المقبلة، وضمان عودتهم الآمنة إلى ديارهم، جاء ذلك في تغريدة نشرها الحساب الرسمي لوزارة الداخلية السورية على موقع 'إكس'. وأشار إلى أن ذلك يأتي في إطار التزام الدولة السورية بحماية جميع أبنائها والحفاظ على وحدة النسيج الوطني. كما أكد على ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار من جميع الأطراف، وفتح المجال لقيام مؤسسات الدولة بأخذ دورها في إعادة الأمن والاستقرار إلى المحافظة.


الغد
منذ 4 ساعات
- الغد
سورية تخبرنا بالحقيقة
اضافة اعلان هذه سورية، تبلغنا مرة أخرى أن طريق السلم الوطني والتعايش في عالمنا العربي طويل وقد لا تكون له نهاية. حدث هذا من قبل للعراق الذي سقط في حضن المحاصصة الطائفية ولم يخرج منها منذ يوم الغزو الأميركي المشؤوم. لبنان في نفس الخندق منذ زمن بعيد، وكل محاولة لتحسين شروط المحاصصة الطائفية، تنتهي بالغرق في ويلاتها.وقعت الأغلبية في سورية تحت ظلم حكم الأقلية، ولم تبدد الشعارات القومية هذا الواقع أبدا. وحين تحررت الأغلبية، وقفت هي الأخرى حائرة حيال الأقليات، ولم تتمكن حتى الآن من صياغة عقد اجتماعي مدني يضمن حقوق المواطنة للجميع.الفشل مديد وطويل. ما نحن فيه ليس وليد عقود قليلة، إنما إرث ممتد لقرون، لم تحظ فيه هذه المنطقة من العالم بفرصة تشكيل هويتها الوطنية وصياغة نموذجها الخاص. كانت وما زالت أسيرة الثنائية القاتلة للقبيلة والدين، وما يقع بينهما من قيم طائفية ومذهبية وثقافة أكثر إخلاصا للماضي.سبق أحداث الساحل السوري الدامية، قبل أشهر، ومواجهات السويداء الأخيرة، جولات من الصراع والمجازر على مدى عقود سابقة، تركت ندوبا لا تمحى في جسد سورية وشعبها.يكفي أن نتذكر ما مر به السوريون، في السنوات القليلة الماضية، من صراع دام، كلفهم حياة مئات الآلاف من الضحايا، عدا عن هروب الملايين من بلادهم خوفا وقهرا.لا يمكن لسورية أن تفيق في اليوم التالي لسقوط النظام، وكأنها ولدت من جديد. هذا ليس في تقاليدنا العربية أبدا. ثارات الماضي السحيق نحملها معنا جيلا بعد جيل، وعقدا وراء عقد. ومن يظن أن كتابة العهود والمواثيق والدساتير في عالمنا العربي تكفي لبداية عهد جديد، مخطئ حتما. في ذمتنا تاريخ حافل من أدبيات السلم والتعايش والمودة، ودروس مسهبة في الديمقراطية وحكم الشعوب، ولكم الوقائع، لتحكموا من خلالها على النتائج.ستعاني سورية طويلا، ومثلها بلدان عربية، وقعت في فخ الفوضى والعبث الداخلي والصراع الطائفي المذهبي. أمراض لن تشفى منها أمتنا العربية قريبا. أكثر ما يمكن أن تفعله، تناول المسكنات المعروفة لاحتواء أعراضها، وتخفيف أوجاعها. هي تفاهمات وصفقات يتقاسم فيها زعماء الطوائف المناصب والمكاسب، وما يفيض يكون من نصيب التابعين.إسرائيل فهمت مبكرا المعادلة، وعرفت كيف تستثمر فيها. تسللت إلى النسيج الاجتماعي، واحتكرت القدرة على التدخل والتحكم بمسار الأحداث. بعد السابع من أكتوبر كانت لحظتها التاريخية، لإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالحها.بسطت سيطرتها على سورية، ووضعت للبنانيين وصفة العلاج على طريقتها وإلا سيكون مصيرهم مثل غزة. العراق تحت نظرها، وإذا لم يلتزم بالنصائح، سيواجه أوقاتا صعبة.إلى هذا الحد بلغ الانحطاط في عالمنا العربي. ليس هذا نتاج تفوق إسرائيل العسكري والدعم الأميركي المطلق، على أهمية ذلك، لكن عجز العقل العربي، وتخلفه عن مواكبة العصر، وضعنا في خانة الأمم المتخلفة.من تابع مشاهد الغزوات والغارات المتبادلة في السويداء ومحيطها، يشعر وكأننا نعيش قبل قرنين أو أكثر من الزمان، أو نقرأ من كتاب عن تاريخ حروب القبائل العربية وغزواتها. وأعني هنا المنطق والخطاب والمظهر والشعارات التي تحرك المتحاربين.كيف يمكن لمجتمعات على هذه الشاكلة أن تبني دولة يحكمها القانون، وتسودها الديمقراطية وقيم المواطنة. هذا ليس مظهرا خاصا بسورية، على شاكلته شعوب ومجتمعات عربية تغرق بالصراعات.هل يتعين على المفكرين والمثقفين العرب أن يراجعوا سرديتهم وسقف تطلعاتهم كي لا نغرق بالأوهام أكثر ثم نصطدم بالواقع المرير؟