
هندسة الجوع في غزة.. حين يُقصف الرغيف قبل أن يُخبَز
اضافة اعلان
في مشهد مأساوي بات مألوفا في قطاع غزة، تتحول لقمة العيش من رمز للحياة إلى هدف في مرمى النيران، حيث تواجه مراكز توزيع المساعدات الإنسانية قصفا ممنهجا، وسط تصاعد مظاهر الجوع والحصار.ولم يعد الأمر مجرد نتائج عرضية لحرب طويلة، بل سياسة محسوبة يراد عبرها إخضاع سكان القطاع عبر التجويع المنهجي، في محاولة لتحويل الأمن الغذائي إلى ورقة ضغط ميدانية وتفاوضية.وبينما تتصاعد معاناة الغزيين الباحثين عن لقمة تسد رمقهم، تغيب الضمانات الإنسانية ويُنتزع الحق في الحياة من أضعف فئات المجتمع.هذه الممارسات التي وثقتها منظمات دولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالة "الأونروا"، تكشف عن نمط جديد من أدوات السيطرة، حيث تتحول المعونات إلى أفخاخ دامية وتواجه طوابير الجائعين بذريعة "التهديد الأمني".وتزامنا مع فشل الاحتلال بحسم المعركة عسكريا أو دبلوماسيا، يبدو أنه لجأ إلى هندسة الجوع كسلاح بديل يهدف إلى خنق الحاضنة الشعبية، ودفعها إلى فك ارتباطها بالمقاومة بل وإجبار المفاوض الفلسطيني على القبول بشروط لا تنسجم مع الحد الأدنى من العدالة أو السيادة.وفي ظل هذا التصعيد الممنهج، لم تعد صور الضحايا ومشاهد الجوع المحاصر تثير الشفقة فقط، بل بدأت تُحدث تحولا ملموسا في الرأي العام الدولي حتى داخل أوساط داعمة تقليديا للكيان الصهيوني.فقد بات واضحا أن استهداف الغذاء والمساعدات يمثل خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني ويفضح ما يروج له الاحتلال من ذرائع أمنية وادعاءات إنسانية.ومع تعاظم هذه الممارسات، تبدو "هندسة الجوع" في غزة تجسيدا صارخا لعقيدة عدوانية تحول الحق في الغذاء إلى جريمة جماعية ترتكب على مرأى من العالم.ولتحليل ذلك، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، د. خالد شنيكات، إن هناك تقارير متقاطعة تشير لقيام القوات الإسرائيلية باستهداف مراكز توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة، في وقت تتفشى فيه المجاعة نتيجة الحصار المستمر.وأوضح، إن إسرائيل تبرر هجماتها على تلك المراكز بزعم أن الفلسطينيين المتجمهرين للحصول على المعونات يشكلون خطرا أمنيا على جنودها المتمركزين في تلك المواقع.إلا أن تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ووكالة "الأونروا" تنفي صحة هذه المزاعم، وتؤكد أن ما يحدث هو سياسة ممنهجة تهدف لخنق القطاع وتجويعه، ضمن إطار ممارسة أقصى درجات الضغط لإرغام الفلسطينيين على الاستسلام ورفع الراية البيضاء.وأضاف أن ما يجري من مشاهد قصف وتدمير للمراكز الإنسانية قد أثار موجة من السخط على المستوى الدولي، لا سيما بعد انتشار صور وفيديوهات توثق هذه الانتهاكات.وقد أثرت هذه المشاهد بشكل لافت على الرأي العام، حتى داخل الحزب الديمقراطي الأميركي المعروف تاريخيا بدعمه لإسرائيل، حيث أظهرت استطلاعات حديثة تغيرا ملحوظا في المواقف لصالح الشعب الفلسطيني.وأشار إلى أن هذه القصص المصورة، والتي يجري تداولها على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي، تسهم بتعزيز قناعة متنامية حول العالم بأن إسرائيل لم تعد ضحية كما حاولت أن تكرس صورتها تاريخيا، بل أصبحت ترى كطرف يمارس العدوان وينتهك القانون الدولي الإنساني.وختم بالقول، إن إسرائيل تخسر يوما بعد يوم من رصيدها الأخلاقي الذي راكمته بعد معاناة اليهود في "الهولوكوست"، لكنها اليوم، وعبر ما ترتكبه في غزة، تقدم نفسها كدولة تخرج على القانون وتلحق الأذى بشعوب بريئة، وهو ما أدى إلى تراجع ملحوظ في الدعم الدولي لمواقفها، وبدأنا نلمس تغيرات في مواقف عدد من الدول المعروفة تقليديا بتأييدها لإسرائيل.بدوره، رأى الخبير العسكري والإستراتيجي، نضال أبو زيد أن الاحتلال انتقل إلى استخدام "ورقة التجويع والقتل الممنهج" بعد إخفاقه بتحقيق أهداف ملموسة سواء على الصعيد العسكري أو عبر المسار الدبلوماسي.وأوضح بأن لجوء الاحتلال إلى خنق القطاع يأتي في محاولة للضغط على الحاضنة الشعبية، ليس فقط بهدف فصلها عن المقاومة، بل لدفع المفاوض باسم المقاومة في الدوحة نحو القبول بالشروط الإسرائيلية المطروحة.ولفت إلى أن هذا التصعيد لا ينفصل عن حسابات سياسية داخل إسرائيل، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى لاستثمار العطلة الصيفية للكنيست -التي تمتد لثلاثة أشهر- كفترة "مظلة أمان"، تجنبه خلال هذه المدة خطر حجب الثقة عنه إذا ما وافق على اتفاق لوقف إطلاق النار.وأشار إلى أن المؤشرات كافة وتزامن التصعيد مع التوقيت السياسي الداخلي في إسرائيل، توحي بأن نتنياهو يضغط باتجاه إنجاز اتفاق قبل الـ27 من تموز "يوليو" الحالي، أو حول هذا التاريخ، منعا لتجدد المطالب أو الشروط من طرف المقاومة.واعتبر أن الاحتلال يعمل حاليا على فرض "وقائع ضغط" قبل هذا الموعد لحسم ملف المفاوضات على نحو يخدم رؤيته وشروطه.وأشار إلى أن سياسة "هندسة الجوع" باتت تتخذ طابعا ممنهجا في غزة، حيث يعتمد الاحتلال أسلوب القتل والتجويع حتى بحق المدنيين الذين يحاولون الوصول للمساعدات الإنسانية.وعلى الرغم من مخالفة هذا النهج لأبسط قواعد القانون الدولي، فإن هدفه المعلن هو إقامة "مناطق إنسانية"، بينما هي في الواقع ليست سوى أشكال من السجون الجماعية لسكان القطاع.ورأى أن هذه "السجون" تمثل أدوات ثلاثية الأبعاد للاحتلال، تقوم على الجوع، والقتل، والتهجير القسري، في مسعى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وضرب العمق الشعبي الداعم للمقاومة.ومع ذلك، أكد أبو زيد أن الاحتلال ما يزال عاجزا عن تحقيق نصر ميداني حاسم، وهو ما يدفعه إلى محاولة تعويض هذا الإخفاق عبر ضرب الحاضنة الشعبية والضغط على المفاوض في آن معا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 5 ساعات
- رؤيا نيوز
إجراءات جديدة لتخفيف الأزمة عبر معبر الكرامة
شهدت حركة المسافرين عبر معبر الكرامة في الآونة الأخيرة ازحامات غير مسبوقة وأوقات انتظار طويلة، نتيجة لتقليص ساعات العمل من الجانب الإسرائيلي، هذا التقليص جاء في ذروة موسم السفر، ما تسبب في تراكم أعداد المسافرين وتأخير عبورهم، وارتفاع حالات إلغاء السفر والتوتر، إلى جانب تسجيل حالات إغماء بين المواطنين بسبب الازدحام والانتظار الطويل. منصة إلكترونية للحجز المسبق وضعت لتنظيم حركة المسافرين القادمين من الاردن للجانب الفلسطيني، إلا أنها واجهت تحديات استغلال من قبل بعض الأفراد الذين قاموا بشراء التذاكر وإعادة بيعها بأسعار مرتفعة، ما زاد من أعباء المواطنين وأربك سير العمليات على المعبر. أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية، محمد التميمي، أن المنصة الإلكترونية 'جت' جاءت نتيجة لتقليص ساعات العمل على المعبر، حيث تقلص عدد المسموح لهم بالدخول من الأردن إلى فلسطين إلى نحو 3000 مسافر يوميًا، مقارنة بفترة كان المعبر فيها يعمل على مدار 24 ساعة. وكحل لهذه الازمة وفي اطال التعاون بين الجانبين الأردني والفلسطيني، للحد من استغلال التذاكر، أوضح التميمي أن التذاكر الإلكترونية تم ربطها بجوازات السفر، بحيث لا يمكن تحويلها أو إعادة بيعها لأي شخص آخر، مشيرًا إلى تعزيز الرقابة عبر زيادة عدد العاملين على الجسر وتركيب بوابات إلكترونية للتحقق من صلاحية التذاكر ومطابقتها مع بيانات المسافر. وقال التميمي:'تم وضع هذه الإجراءات مع مراعاة الحالة الإنسانية لضمان تخفيف الأعباء على المسافرين، وتوفير كرامتهم عبر تقليل أوقات الانتظار.' وأشار التميمي إلى التنسيق المستمر بين الجانبين الأردني والفلسطيني، موضحًا أن هناك تواصلًا مباشرًا بين وزير الداخلية الفلسطيني ونظيره الأردني، كما أن وزير الداخلية الأردني تحرك شخصيًا إلى جسر الملك حسين، حيث استمع إلى شكاوى المسافرين والعاملين على الأرض. وفيما يتعلق بالجهود التطويرية الميدانية التي تُجرى، حيث تعتزم الجهات الفلسطينية قريبًا افتتاح قاعة مغادرين جديدة بسعة مضاعفة تتجاوز 1400 مسافر لكل دفعة، مع توفير خدمات وزارة الداخلية داخل القاعة لتسهيل إجراءات المسافرين دون الحاجة للعودة إلى مكاتب الوزارة. وفي رسالة واضحة، دعت وزارة الداخلية المواطنين إلى التعاون والمساهمة في الرقابة على آليات العمل لمنع أي استغلال، معتبرةً إياهم جزءًا مهمًا من منظومة تطوير المعبر. رغم هذه الجهود، تبقى المطالبات قائمة مع الجانب الإسرائيلي لإعادة فتح معبر الكرامة على مدار الساعة، ما يمثل الأمل الأكبر لإنهاء معاناة آلاف الفلسطينيين الذين يعتمدون عليه كطريق رئيسي لعبور حياتهم اليومية.


رؤيا نيوز
منذ 5 ساعات
- رؤيا نيوز
كلية الحقوق في جامعة البترا تحصل على الاعتماد الفرنسي من المجلس الأعلى لتقييم البحث العلمي والتعليم العالي 'HCÉRÉ'
حققت كلية الحقوق في جامعة البترا إنجازًا أكاديميًا متميزًا بحصولها على الاعتماد الفرنسي من المجلس الأعلى لتقييم البحث العلمي والتعليم العالي (HCÉRÉ) لمدة خمس سنوات. ويُعد هذا المجلس من أبرز الهيئات الأوروبية المعنية بتقييم البرامج الجامعية وفقًا لأعلى معايير الجودة والتميّز الأكاديمي. ويمثل هذا الاعتماد اعترافًا دوليًا بالمستوى العلمي والمهني الرفيع الذي تتمتع به الكلية، كما يعكس التزامها بتطبيق المعايير الأوروبية والفرنسية في التعليم القانوني، من حيث جودة البرامج، وتنوع المساقات، وكفاءة الكادر الأكاديمي، وانفتاحها على قضايا القانون المعاصر، واعتمادها أساليب تعليمية حديثة، إضافة إلى تركيزها على البحث العلمي والتبادل الطلابي. وهنأ رئيس جامعة البترا، الأستاذ الدكتور رامي عبد الرحيم، كلية الحقوق على المهنية العالية التي أظهرتها في استقبال وفد المحكّمين، وتوفير كافة الوثائق المطلوبة، والإجابة عن استفساراتهم، بالإضافة إلى ربط لجنة التحكيم بالخريجين وأرباب العمل في المجال القانوني. وقد لمس وفد التحكيم الممارسات الفضلى التي تطبقها الكلية، والتي توازي ما تمارسه كليات الحقوق في الجامعات الفرنسية العريقة، ضمن بيئة تحتية متميزة وحرم جامعي ذكي ومستدام. كما أثنى على المستوى الأكاديمي والبحثي الذي يتمتع به أعضاء هيئة التدريس في الكلية، مما كان له الأثر الأكبر في الحصول على شهادة الاعتماد لمدة خمس سنوات، وهي أطول فترة اعتماد ممكنة. وأكد عميد كلية الحقوق، الدكتور علي الدباس، أن هذا الإنجاز يأتي ثمرة للخطة الاستراتيجية للكلية للأعوام 2024–2028، والتي ركّز محورها السادس على تطوير البرامج الأكاديمية من خلال ضمان الجودة والتميّز في التعليم والتعلّم. وقد سعت الكلية إلى تحقيق ذلك عبر إخضاع برامجها لمراجعة وتدقيق من مؤسسات اعتماد دولية مرموقة، فكان اختيار المجلس الأعلى لتقييم البحث العلمي والتعليم العالي الفرنسي نظرًا لاعتماده مبادئ الموضوعية والشفافية والتنافسية والمساواة في تقييم البرامج. وأضاف الدباس أن هذا الاعتماد يعزز من مكانة كلية الحقوق على المستويين الوطني والإقليمي كوجهة أكاديمية رائدة، كما يرفع من تنافسية خريجيها في سوق العمل محليًا ودوليًا، خاصة في ظل ما توفره الكلية من شراكات أكاديمية وتدريبية متميزة لطلبتها. وأشار إلى أن هذا الاعتماد سيفتح آفاقًا أوسع أمام طلبة الكلية لاستكمال دراساتهم العليا في الجامعات الأوروبية، كما يُعزز من فرصهم المهنية في المؤسسات القانونية الدولية. ويُعد هذا الإنجاز أيضًا عامل جذب للطلبة الراغبين في دراسة القانون ضمن بيئة تعليمية تعتمد المعايير العالمية. وتفخر جامعة البترا بهذا التميز، خاصة أن كلية الحقوق تُعد من أوائل الكليات على المستوى الدولي التي تحصل على هذا الاعتماد، مما يؤكد التزام الجامعة بدعم كلياتها لتقديم برامج أكاديمية متطورة تواكب المستجدات العالمية، وتُسهم في تعزيز مكانة التعليم العالي الأردني إقليميًا ودوليًا.


البوابة
منذ 5 ساعات
- البوابة
حراك عالمي مرتقب نصرة لغزة.. حماس تُطلق نداءً مفتوحًا للشارع الدولي
وجهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم الثلاثاء، دعوةً إلى تصعيد الحراك الجماهيري العالمي يوم الأحد الموافق 3 أغسطس/آب المقبل، تضامنًا مع قطاع غزة والقدس والمسجد الأقصى، ودعمًا للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وفي بيان رسمي، أكدت الحركة ضرورة استمرار التحركات الشعبية والدولية في مواجهة ما وصفته بـ"العدوان والإبادة والتجويع الممنهج" بحق سكان قطاع غزة، مشيرة إلى أهمية تنظيم مظاهرات واعتصامات أمام السفارات الإسرائيلية والأميركية، وكذلك سفارات الدول الداعمة لإسرائيل، بهدف الضغط لوقف العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين، وخاصة النساء والأطفال والمرضى. ودعت حماس إلى جعل هذا اليوم "محطة عالمية للحراك الشعبي"، تشمل كافة أشكال الضغط السياسي والدبلوماسي والإعلامي، دعمًا للقضية الفلسطينية، وإنهاء ما وصفته بـ"حرب الإبادة والتجويع" في القطاع المحاصر. وشهدت عدة مدن حول العالم، خلال الأيام الماضية، مظاهرات حاشدة تندد بسياسة الحصار والتجويع في غزة، وتطالب بوقف الدعم العسكري واللوجستي الذي تقدمه بعض الدول لإسرائيل، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويواجه قطاع غزة أزمة إنسانية متفاقمة، حيث يحذّر مسؤولون أمميون ومنظمات إنسانية من خطر المجاعة الشاملة في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ما يزيد عن 10 أشهر، والذي ازداد تشددًا منذ إغلاق المعابر مطلع مارس/آذار الماضي. ووفق تقارير ميدانية، تفاقم سوء التغذية الحاد بين الأطفال والمرضى، مع تسجيل وفيات بسبب الجوع ونقص الرعاية الطبية. كما تواصل البنية التحتية للقطاع الصحي الانهيار تحت وطأة القصف ونقص الإمدادات. وأسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، إضافة إلى نحو 9 آلاف مفقود، ودمار واسع في البنية التحتية، ونزوح مئات الآلاف من السكان.