logo
هندسة الجوع في غزة.. حين يُقصف الرغيف قبل أن يُخبَز

هندسة الجوع في غزة.. حين يُقصف الرغيف قبل أن يُخبَز

الغدمنذ 3 أيام
محمد الكيالي
اضافة اعلان
في مشهد مأساوي بات مألوفا في قطاع غزة، تتحول لقمة العيش من رمز للحياة إلى هدف في مرمى النيران، حيث تواجه مراكز توزيع المساعدات الإنسانية قصفا ممنهجا، وسط تصاعد مظاهر الجوع والحصار.ولم يعد الأمر مجرد نتائج عرضية لحرب طويلة، بل سياسة محسوبة يراد عبرها إخضاع سكان القطاع عبر التجويع المنهجي، في محاولة لتحويل الأمن الغذائي إلى ورقة ضغط ميدانية وتفاوضية.وبينما تتصاعد معاناة الغزيين الباحثين عن لقمة تسد رمقهم، تغيب الضمانات الإنسانية ويُنتزع الحق في الحياة من أضعف فئات المجتمع.هذه الممارسات التي وثقتها منظمات دولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالة "الأونروا"، تكشف عن نمط جديد من أدوات السيطرة، حيث تتحول المعونات إلى أفخاخ دامية وتواجه طوابير الجائعين بذريعة "التهديد الأمني".وتزامنا مع فشل الاحتلال بحسم المعركة عسكريا أو دبلوماسيا، يبدو أنه لجأ إلى هندسة الجوع كسلاح بديل يهدف إلى خنق الحاضنة الشعبية، ودفعها إلى فك ارتباطها بالمقاومة بل وإجبار المفاوض الفلسطيني على القبول بشروط لا تنسجم مع الحد الأدنى من العدالة أو السيادة.وفي ظل هذا التصعيد الممنهج، لم تعد صور الضحايا ومشاهد الجوع المحاصر تثير الشفقة فقط، بل بدأت تُحدث تحولا ملموسا في الرأي العام الدولي حتى داخل أوساط داعمة تقليديا للكيان الصهيوني.فقد بات واضحا أن استهداف الغذاء والمساعدات يمثل خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني ويفضح ما يروج له الاحتلال من ذرائع أمنية وادعاءات إنسانية.ومع تعاظم هذه الممارسات، تبدو "هندسة الجوع" في غزة تجسيدا صارخا لعقيدة عدوانية تحول الحق في الغذاء إلى جريمة جماعية ترتكب على مرأى من العالم.ولتحليل ذلك، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، د. خالد شنيكات، إن هناك تقارير متقاطعة تشير لقيام القوات الإسرائيلية باستهداف مراكز توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة، في وقت تتفشى فيه المجاعة نتيجة الحصار المستمر.وأوضح، إن إسرائيل تبرر هجماتها على تلك المراكز بزعم أن الفلسطينيين المتجمهرين للحصول على المعونات يشكلون خطرا أمنيا على جنودها المتمركزين في تلك المواقع.إلا أن تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ووكالة "الأونروا" تنفي صحة هذه المزاعم، وتؤكد أن ما يحدث هو سياسة ممنهجة تهدف لخنق القطاع وتجويعه، ضمن إطار ممارسة أقصى درجات الضغط لإرغام الفلسطينيين على الاستسلام ورفع الراية البيضاء.وأضاف أن ما يجري من مشاهد قصف وتدمير للمراكز الإنسانية قد أثار موجة من السخط على المستوى الدولي، لا سيما بعد انتشار صور وفيديوهات توثق هذه الانتهاكات.وقد أثرت هذه المشاهد بشكل لافت على الرأي العام، حتى داخل الحزب الديمقراطي الأميركي المعروف تاريخيا بدعمه لإسرائيل، حيث أظهرت استطلاعات حديثة تغيرا ملحوظا في المواقف لصالح الشعب الفلسطيني.وأشار إلى أن هذه القصص المصورة، والتي يجري تداولها على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي، تسهم بتعزيز قناعة متنامية حول العالم بأن إسرائيل لم تعد ضحية كما حاولت أن تكرس صورتها تاريخيا، بل أصبحت ترى كطرف يمارس العدوان وينتهك القانون الدولي الإنساني.وختم بالقول، إن إسرائيل تخسر يوما بعد يوم من رصيدها الأخلاقي الذي راكمته بعد معاناة اليهود في "الهولوكوست"، لكنها اليوم، وعبر ما ترتكبه في غزة، تقدم نفسها كدولة تخرج على القانون وتلحق الأذى بشعوب بريئة، وهو ما أدى إلى تراجع ملحوظ في الدعم الدولي لمواقفها، وبدأنا نلمس تغيرات في مواقف عدد من الدول المعروفة تقليديا بتأييدها لإسرائيل.بدوره، رأى الخبير العسكري والإستراتيجي، نضال أبو زيد أن الاحتلال انتقل إلى استخدام "ورقة التجويع والقتل الممنهج" بعد إخفاقه بتحقيق أهداف ملموسة سواء على الصعيد العسكري أو عبر المسار الدبلوماسي.وأوضح بأن لجوء الاحتلال إلى خنق القطاع يأتي في محاولة للضغط على الحاضنة الشعبية، ليس فقط بهدف فصلها عن المقاومة، بل لدفع المفاوض باسم المقاومة في الدوحة نحو القبول بالشروط الإسرائيلية المطروحة.ولفت إلى أن هذا التصعيد لا ينفصل عن حسابات سياسية داخل إسرائيل، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى لاستثمار العطلة الصيفية للكنيست -التي تمتد لثلاثة أشهر- كفترة "مظلة أمان"، تجنبه خلال هذه المدة خطر حجب الثقة عنه إذا ما وافق على اتفاق لوقف إطلاق النار.وأشار إلى أن المؤشرات كافة وتزامن التصعيد مع التوقيت السياسي الداخلي في إسرائيل، توحي بأن نتنياهو يضغط باتجاه إنجاز اتفاق قبل الـ27 من تموز "يوليو" الحالي، أو حول هذا التاريخ، منعا لتجدد المطالب أو الشروط من طرف المقاومة.واعتبر أن الاحتلال يعمل حاليا على فرض "وقائع ضغط" قبل هذا الموعد لحسم ملف المفاوضات على نحو يخدم رؤيته وشروطه.وأشار إلى أن سياسة "هندسة الجوع" باتت تتخذ طابعا ممنهجا في غزة، حيث يعتمد الاحتلال أسلوب القتل والتجويع حتى بحق المدنيين الذين يحاولون الوصول للمساعدات الإنسانية.وعلى الرغم من مخالفة هذا النهج لأبسط قواعد القانون الدولي، فإن هدفه المعلن هو إقامة "مناطق إنسانية"، بينما هي في الواقع ليست سوى أشكال من السجون الجماعية لسكان القطاع.ورأى أن هذه "السجون" تمثل أدوات ثلاثية الأبعاد للاحتلال، تقوم على الجوع، والقتل، والتهجير القسري، في مسعى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وضرب العمق الشعبي الداعم للمقاومة.ومع ذلك، أكد أبو زيد أن الاحتلال ما يزال عاجزا عن تحقيق نصر ميداني حاسم، وهو ما يدفعه إلى محاولة تعويض هذا الإخفاق عبر ضرب الحاضنة الشعبية والضغط على المفاوض في آن معا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المومني : سنلاحق قانونيا كل من يسيء للأردن ومواقفه بملف المساعدات
المومني : سنلاحق قانونيا كل من يسيء للأردن ومواقفه بملف المساعدات

رؤيا نيوز

timeمنذ 10 ساعات

  • رؤيا نيوز

المومني : سنلاحق قانونيا كل من يسيء للأردن ومواقفه بملف المساعدات

قال وزير الاتصال الحكومي، محمد المومني، أن الأردن سيطبق القانون وسيلجأ للملاحقة القانونية ضد كل من يستغل موضوع المساعدات الأردنية المتجهة إلى غزة للإساءة للمملكة ومواقفها الثابتة. وبين عبر وسائل الإعلام، انه رغم كل المعيقات الإسرائيلية ، يفخر الأردن بأنه أول من يبادر ويرسل المساعدات. وأشار المومني إلى أن المملكة مستمرة في استخدام كافة أدواتها للضغط من أجل إدخال المزيد من المساعدات، ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني ووقف العدوان. واكد الوزير بأن ما يصل إلى غزة حالياً 'ما هو إلا جزء قليل مما هو مطلوب'، 'لكن هذا يجب ألا يقلل من شأن المساعدات أو النبل الإنساني الذي تمثله'

الاتحاد الأوروبي يتعرض لضغوط داخلية للتحرك ضد إسرائيل بشأن غزة
الاتحاد الأوروبي يتعرض لضغوط داخلية للتحرك ضد إسرائيل بشأن غزة

الرأي

timeمنذ 11 ساعات

  • الرأي

الاتحاد الأوروبي يتعرض لضغوط داخلية للتحرك ضد إسرائيل بشأن غزة

تضغط دول عدة داخل الاتحاد الأوروبي على بروكسل للمضي قدما في اتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل لفشلها في تحسين الوضع الإنساني المزري في قطاع غزة، وفق ما أفاد دبلوماسيون الخميس. وأعلنت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس في وقت سابق من هذا الشهر عن اتفاق مع إسرائيل تسمح بموجبه بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، في ظل تزايد التحذيرات من حصول مجاعة في القطاع. وقدمت دائرة العمل الخارجي في التكتل الأربعاء إحاطة أولى لسفراء الدول الأعضاء الـ27 حول جهود إسرائيل لتحسين وصول المساعدات إلى غزة. وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أنور العوني "بذلت إسرائيل بعض الجهود بناء على المعايير المتفق عليها، حيث زاد عدد الشاحنات التي تدخل إلى غزة وفتحت نقاط عبور وطرق إضافية وازدادت إمدادات الوقود". وأضاف "لكن الوضع لا يزال فظيعا، ومن الواضح أن هناك الكثير مما يتعين القيام به". لكن عدة دبلوماسيين قالوا إن مجموعة من الدول الأعضاء طالبت الاتحاد الأوروبي بالمضي قدما في مجموعة من خيارات العقوبات ضد إسرائيل بسبب حرب غزة بهدف مواصلة الضغط عليها. وأفاد دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي طلب عدم كشف هويته "قال عدد كبير من الدول الأعضاء إن الوضع لا يطاق". وأشار مصدر في الاتحاد الأوروبي إلى أنه بموجب اتفاق المساعدات، من المفترض أن تسمح إسرائيل بدخول 160 شاحنة على الأقل إلى غزة يوميا، وهو رقم يفوق بكثير المستويات الحالية. وطرحت كالاس هذا الشهر مجموعة من الخطوات التي يمكن اتخاذها ضد إسرائيل بعد ثبوت انتهاكها لاتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان. وتراوح هذه الإجراءات بين تعليق الاتفاقية برمتها أو تقييد العلاقات التجارية وفرض عقوبات على وزراء إسرائيليين وفرض حظر على الأسلحة ووقف السفر بدون تأشيرة. وقال دبلوماسيون إن بروكسل وافقت على تقديم تقرير الأسبوع المقبل حول أي خطوات محتملة يمكن اتخاذها. ويواجه الاتحاد الأوروبي صعوبات في التوصل إلى موقف موحد بشأن الحرب في غزة، في ظل انقسامه بين دول داعمة بقوة لإسرائيل وأخرى مؤيدة للفلسطينيين.

بيان مصري يرد على ادعاءات غلق معبر رفح
بيان مصري يرد على ادعاءات غلق معبر رفح

رؤيا نيوز

timeمنذ 11 ساعات

  • رؤيا نيوز

بيان مصري يرد على ادعاءات غلق معبر رفح

أكدت وزارة الخارجية المصرية، أن معبر رفح لم يغلق من الجانب المصري مطلقا، مشددة على أن الجانب الفلسطيني من المعبر يقع تحت سيطرة إسرائيل، التي تمنع العبور من خلاله. واستهجنت مصر ما وصفته بـ'الدعاية المغرضة' التي تستهدف تشويه دورها الثابت في دعم القضية الفلسطينية، مستنكرة ما تردد من اتهامات 'غير المبررة' حول مساهمتها في الحصار المفروض على قطاع غزة من خلال منع دخول المساعدات الإنسانية. وأوضح البيان أن هذه الاتهامات 'الواهية' تفتقر إلى المنطق وتتعارض مع الموقف المصري ومصالحه، كما تتجاهل الدور الذي لعبته القاهرة ومازالت 'منذ بدء العدوان الاسرائيلي على القطاع، سواء فيما يتعلق بالجهود المضنية من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، أو من خلال عمليات الإغاثة وتوفير وإدخال المساعدات الإنسانية التي قادتها مصر عبر معبر رفح'. كما لفت البيان إلى جهود الإعداد والترويج لخط لإعادة إعمار قطاع غزة، التي تم اعتمادها عربيا وتأييدها من عدد من الأطراف الدولية، والتي ركزت على إنقاذ الفلسطينيين الأبرياء في قطاع غزة وإدخال المساعدات، ومقاومة محاولات التهجير القسري والاستيلاء على الأرض وتصفية القضية الفلسطينية. واتهمت الخارجية المصرية بعض 'التنظيمات والجهات الخبيثة' بالوقوف وراء 'الدعاية المغرضة والتي لا تستهدف سوي إيجاد حالة من عدم الثقة بين الشعوب العربية'. وأكد البيضان على استمرار مصر في جهودها الرامية إلى رفع المعاناة عن سكان القطاع، والعمل على وقف إطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات، وبدء عملية إعادة الإعمار. كما شددت القاهرة على التزامها بدعم وحدة الصف الفلسطيني وتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، والبدء في عملية سياسية لتنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وخطوط الرابع من يونيو 1967.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store