
سفاحٌ ام مناضل ؟!عارف معروف
سفاحٌ ام مناضل ؟!
عارف معروف
نشرَ صديقٌ على الفيس بوك صورةً قديمة اعتقدَ انها لناظم كزار فثار جدلٌ بين بعض المعلقين بشأن المرحوم ' كزار' وهل كان مجرماً وسفّاحا اوغلَ في دماء ضحاياه وفي ممارسات التعذيب والانتهاكات بحق المعتقلين حينما كان مديرا للأمن العام ، كما شاع عنه ، ام انه كان مناضلا مخلصا ، صلبا وعنيدا ، في الدفاع عن عقيدته وعن مصالح الناس ، وان محاولته الانقلابية التي روج لها نظام البعث في 1973 واعدمه إثرها كانت محاولة منه لتصحيح مسار النظام والحزب باتجاه الدكتاتورية والطغيان الفردي وحكم العشيرة والعائلة ، كما دافع آخرون ، بل وزادوا ان مسار العراق كان سيكون افضل لو قُدّر لتلك المحاولة النجاح لان المشكلة ، كل المشكلة ، في صدام حسين وشخصه وتكوينه !
هل الامر على هذه الصورة حقاً ، وهل كان مسار الامور في العراق سيختلف كثيرا ، ومآلاتها ستتبدل ، لو قُدّر لناظم كزار ان يحل محل صدام حسين ؟!
موضوع يغري بالمناقشة المستفيضة والبحث الجدّي المعمق حقا !
و لكن يمكن ، كما اعتقد ، اختصار الامر بالتركيز على جوهر المشكلة الذي يكمن في هذه الصيغة تحديدا : المناضل الصادق والمخلص والعنيد !
واكثر منه في مفهوم الحزب الثوري الذي يعبر عن ارادة الجماهير واهدافها او ' الطليعة ' كما كان يعبر حزب البعث اوالقيادة الثورية بحسب غيره ، او اية نخبة مصطفاة عرفَتْ ما تريده الجماهير و' تمثلت روحها ' واستبطنت اهدافها ونابت عنها كجماعة ثورية مقاتلة ، مخلصة وحالمة ، تمكنت من السلطة ومن الدولة نيابة عن الشعب واصالة عن الجماهير التي غابت عن ساحة القول او الفعل ' لأسباب تاريخية ' لسنا بصدد بحثها في هذا المقام !
سيمثل الحزبُ الشعبَ وحاجاته ، وتختصر القيادةُ الحزبَ وروحه في مجموعة ' المناضلين ' المحنكين ، وسيبرز من بينهم القائد الذي يمثل ويختصر روح القيادة !
سيكون اي اختلاف عن مفاهيم الحزب انحرافا ومؤامرة تستوجب المعالجة والقمع باعتبارها انحرافا عن ارادة الشعب وخيانة للوطن ، وستستبعد بل وتستأصل اية مجموعةٍ او افرادٍ حتى ضمن اطار الحزب نفسه ممن يرون رأيا مغايرا او يقترحون طريقة مختلفة للادارة ، وسيدور دولاب القمع والعنف و التصفيات والدماء..
وكلما تعززت نجاحات القائد كلما ترسخت القناعة لديه ولدى اتباعه بصحة النهج ومشروعية الطريقة حتى يصل الامر ، ربما عن قناعة ذاتية او ايحاءات من آخرين ، الى ان المسار كله كان تعبيرا عن ارادة ربانية وعناية الهية .. وعند ذاك سنكون امام طاغية يؤله ذاته بل وتؤلهه الجماهير … وحينها سيكون من تحصيل الحاصل ان يتحول ' الصدق والصلابة ' الى فرادة تاريخية ليس لها نظير ، و' موهبة القيادة ' الى ملك يوّرث ، و' التضحية والاقدام ' الى ميزة يتعين على الشعب دفع ثمنها لاجيال وربما الى الأبد !
اذن فلو آل الامر الى ' ناظم كزار' ، او ' سعدون شاكر ' ، او حتى ' عزة الدوري ' ، فالطريق سيكون نفسه والمسار سيكون عينه …
بل ولوتمّكن حزبٌ جماهيري آخر ، غير البعث ، من السلطة والدولة ، بالوسائل نفسها تأسيسا على افكار ورؤى مقاربة ، لما اختلفت النتائج كثيرا …
والدليل ان الحكاية السوداء نفسها رويت في اكثر من مكان وعبر اكثر من حقبة ، وتلضّت على جمرها العديد من الشعوب والمجتمعات …
نعم ، قد نكون امام طغيان وجبروت اقل او اشدّ..
قد نواجه عنفا وقمعا اكثر او اقل … …
قد يكون مسيل الدماء اكبر سعة او اقل …
لكن المسار او التاريخ لن يكون جدّ مختلف ، ذلك انه يستند الى الاسس نفسها ، ويتأطر بالاطر عينها ضمن الواقع التاريخي ذاته !
2025-04-17

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحركات الإسلامية
منذ يوم واحد
- الحركات الإسلامية
إغلاق بيوت الثقافة: إفقار للوعي وتغذية للتطرف
في مشهد يعكس التناقض الصارخ بين الحاجة الملحة لنشر الثقافة وبين السياسات الرسمية التي تسير في الاتجاه المعاكس، جاء النقاش الساخن الذي أجرته الروائية والنائبة البرلمانية ضحى عاصي مع وزير الثقافة بشأن قرار إغلاق نحو 130 بيت ثقافة في أنحاء مصر. كما كتبت عبر صفحتها على الفيس بوك، وعلى الرغم من تأكيد الوزير على وجود "استراتيجية بديلة"، فإن ما يبدو واضحًا هو أن هذه الاستراتيجية تنطلق من منطق مركزي بيروقراطي لا يرى في الثقافة سوى فعالية موسمية داخل قصر كبير، لا في نبض الناس وحاجتهم اليومية للمعرفة والتنوير. ثقافة الهامش أم ثقافة المركز؟ تبرير الوزير بأن بعض بيوت الثقافة "غير مؤهلة" أو "لا تصنع ثقافة" يحمل في طياته استخفافًا خطيرًا بدور الثقافة المحلية في بناء الوعي المجتمعي. فالبيوت الثقافية، خاصة في القرى والمراكز الصغيرة، لا تهدف فقط إلى تقديم عروض فنية أو ندوات، بل هي في جوهرها حوائط مقاومة للجهل، منصات لتصحيح المفاهيم، ومتنفسات لمحاصرة الأفكار الظلامية التي تتسلل في فراغات الغياب الرسمي. عندما يُغلق بيت الثقافة، يفتح الباب أمام الشيخ المتشدد، ويفسح المجال لمنابر التحريض والفتاوى غير المنضبطة، ويُترك الشباب في مواجهة مباشرة مع خطاب الكراهية والانغلاق دون أي بديل معرفي. الثقافة كأمن قومي إن اختزال أزمة الثقافة في "ضعف الإمكانيات" أو "تضخم الموظفين" هو تجاهل لحقيقة أساسية: الثقافة ليست ترفًا، بل هي قضية أمن قومي. محاربة التطرف لا تكون فقط عبر الأجهزة الأمنية، بل عبر نشر الفكر المستنير، وتشجيع النقاش، وبناء الشخصية النقدية منذ الصغر. كل بيت ثقافة يُغلق هو فرصة مهدورة لإنقاذ عقل من السقوط في هوة التطرف. كل جدار ثقافي يهدم هو جدار يُبنى داخل وعي شاب متحمس سيبحث عن هوية، وقد يجدها في السلاح بدل القلم. المواطن ليس المسؤول كلمات النائبة ضحى عاصي كانت في منتهى الوضوح: "المواطن ليس مسؤولًا عن إهمال الوزارة لهذه الأماكن، وليس مسؤولًا عن تضخم حجم الموظفين حتى يُحرم من الخدمة الثقافية". وهو موقف لا بد أن نثني عليه، لأنه يعيد النقاش إلى أساسه الصحيح: الوزارة وُجدت لخدمة الناس، لا العكس. فبدلًا من إغلاق البيوت الثقافية، يجب ترميمها وتطويرها وربطها بالمجتمع المدني، واستثمار الطاقات الشبابية والفنية والأدبية فيها. حتى البيوت التي لا تعمل الآن يمكن أن تتحول إلى مراكز إشعاع معرفي، لو توفرت الإرادة الحقيقية لذلك. الثقافة ليست رفاهية في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وضغوط اجتماعية، قد يبدو الحديث عن الثقافة رفاهية، لكنه في الحقيقة أول الطريق نحو مجتمع أكثر تماسكًا. فالفكر المتطرف لا ينمو في بيئة مزدهرة بالكتب والمسرح والسينما، بل في عقول مغلقة تعيش على هامش الحياة. وإذا كانت الدولة جادة في تجفيف منابع التطرف، فإن الحفاظ على بيوت الثقافة وتوسيعها هو رهان رابح على المستقبل. السؤال الأهم في ضوء هذا المشهد، يبقى السؤال الذي طرحته النائبة ضحى عاصي هو الأهم: "كيف ترى الثقافة يا معالي الوزير؟" هل تراها عبئًا على الميزانية، أم طوق نجاة من الغرق في التطرف والانغلاق؟ هل تراها مقصورة على العواصم الكبرى، أم حقًا لكل مواطن في قرية أو نجع؟ الإجابة على هذا السؤال ليست فقط مسؤولية وزير الثقافة، بل مسؤولية دولة بأكملها تبحث عن الخلاص من فكر عنيف، لن يُهزم إلا بثقافة أقوى.


موقع كتابات
منذ 5 أيام
- موقع كتابات
ابو ياسين …عزالدين سليم العروج الاخير
في التجارب الانسانية الكثيرة التي مرت على الانسان ، وفي في خضم الصراع بين الانسان والمجتمع ، يجب على الشخص الواعي وصاحب البصيرة والذي يمتلك التحليل الموضوعي للاحداث ان يكون مستعدا لخسارة كل العالم مقابل ان لايخسر ضميره ، فالضمير هو الطريق الذي يجب ان يسلكه الانسان المنصف للشخوص والاحداث، والفصل ما بين هو حقيقي او ظاهري ، هذه الحقيقة واجهتني وانا اغوص في بحر الشهيد الكبير الحاج ابا ياسين ، عزالدين سليم او عبد الزهراء عثمان الحجاج . ولد عبد الزهراء عثمان محمد عام 1943. وكانت ولادته في قرية (الهوير) التابعة الى محافظة البصرة ، دخل بين الرابعة والخامسة من عمره في الكتّاب لتعليم القرآن، حيث لم يكن في منطقة (الهوير) وما حولها من القرى القريبة مدرسة ابتدائية ولولا الكتاتيب القليلة، لانعدمت القراءة والكتابة. وفي عام 1952م أسست الحكومة «مدرسة الهوير الابتدائية» ودخل فيها في الصف الأول الابتدائي، وبعد إكمال دراسته الابتدائية انتقل إلى مدينة القرنة التي تبعد حوالي 30 كم عن محل سكنه. أكمل الدراسة في قضاء القرنة، وحصل على شهادة المتوسطة. ولم يكن في البصرة يوم ذاك جامعة، وإنما على الطالب البصري إذا أراد أن يكمل دراسته الجامعية أن يذهب إلى بغداد، مما اضطره إلى الدراسة في دار المعلمين. أنهى دراسته الأكاديمية عام 1964م ومارس مهنة التدريس في العراق والكويت في عام 1965م إلى عام 1980م، حيث درّس العربية والتاريخ والاجتماعيات في المدارس وعلى مراحل مختلفة. اهتم بالتأليف والتثقيف، وكتابة المقالات العلمية منذ عام 1967م، حتى صدر له أول كتاب عام 1969م، بعد مشاركته في مسابقة التأليف العالمية عن سيرة الصديقة فاطمة بنت الرسول، حيث فاز كتابه الزهراء فاطمة بنت محمد بالجائزة الثانية .حت ى وصلت مؤلفاته الى اكثر من ثمانين نتاجاُ توزعت بين السيرة، العقيدة، التاريخ، السياسة، والثقافة العامة ، انتمى في أثناء دراسته الأكاديمية إلى الحركة الإسلامية، إذ مارس العمل السياسي التنظيمي منذ بدايات شبابه، وسجن مرات عديدة أيام حكم حزب البعث للعراق، حتى صدر عليه حكم الإعدام، مما اضطره إلى مغادرة الوطن وممارسة نشاطه العلمي والسياسي خارج العراق بأسماء مستعارة، كمحمد أبو المجد وفرج الله منتظر وعبد الله سعيد العبادي ومحمد مزهر وأشهرها عز الدين سليم . وفي عام 1961م، عمل عز الدين سليم ضمن تنظيم (الدعوة الإسلامية) في العراق الذي عرف إعلامياً بحزب الدعوة فيما بعد وتدرج في التنظيم حتى أصبح أحد قيادييه. في عـام 1975م اعتقل في محـافظة البصـرة ونقـل إلى مديريـة أمن الديوانية بتهمة انتمائه للتنظيم المذكور ثم أطلـق سراحه بأعجوبة بعد عدم التعرف على شخصيته، وطُورد في نهاية نفـس العام مرة ثانية، ممـا اضطره إلى الهجرة خارج العراق. غادر العراق إلى الكويت سراً وعاش فيها خمس سنوات وباشر العمل ضد النظام العراقي آنذاك مع عدد من الناشطين العراقيين منهم السيد هاشم الموسوي ، وبعد انكشاف عملهم غادر إلى إيران في بداية عام 1980م. في عام 1980م ظهرت اختلافات في قيادة الدعوة، فشكّل عز الدين سليم ومجموعة من العاملين (حركة الدعوة الإسلامية)، فكانت هذه السنة انعطافا مهما في حياة الحاج ابو ياسين ، بعد تاسيس المجلس الاعلى عام 1982 اصبح عضوا ومشرفا على اعلام المجلس الاعلى لمدة 15 عشر عاما . كان عضواً في الشورى المركزية للمجلس الأعلى أكثر من عشر سنوات، ومسؤولاً لللجنة الثقافية المركزية في المجلس ، ترك العمل في المجلس الأعلى عام 2001م. عاد إلى العراق في 17/5/2003م وقد استقبل استقبالاً حاشداً من قبل الجماهير اصبح عز الدين سليم عضواً في مجلس الحكم العراقي منذ تأسيسه حتى اغتياله ، كان أحد المؤسسين للبيت الإسلامي الذي تأسس في بغداد بعد سقوط النظام العراقي تسلم رئاسة مجلس الحكم العراقي في 1/5/2004م، أثر تصويت أكثرية أعضاء المجلس لرئاسته اغتيل عز الدين سليم في صباح يوم الاثنين المصادف 17/5/2004 في نفس التاريخ الذي دخل فيه العراق قبل عام. نجح ابو ياسين في تكوين تاريخ سياسي اسلامي فريد في مساره اعتمد على علميته وثقته بالله وحبه لدينه ، جمع بين الجهاد والكتابة والدراسة وادارة الملف الاعلامي والاشراف عليه للمعارضة العراقية . اتخذ خطا سياسيا معتدلا وازن فيه بين المختلفين ايدلوجياوجهاديا ،قاد الكثير من المفاوضات بين السياسين العراقيين المعارضين ، فاصبح خطا فريداً بذاته ، يجمع ابا ياسين . رحل ابا ياسين بعد ان ترك بصمة جديدة في سجل التاريخ السياسي العراقي جمع فيها بين التواضع والجهاد والتدين ...


شفق نيوز
منذ 7 أيام
- شفق نيوز
هل تتكرر في إيران؟.. "شبح" المفاعل النووي العراقي يلاحق إسرائيل والعالم
شفق نيوز/ استعاد موقع "حروب صغيرة جورنال" الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية، تدمير مفاعل تموز "أوزيراك" النووي العراقي في العام 1981، في محاولة لفهم عقلية تفكير إسرائيل الأمني الذي جعلها تهاجم بغداد في ذلك الوقت، والأسباب التي قد تدفعها لمحاولة تكرار الهجوم على إيران حالياً، بالرغم من الفوارق الواسعة بين ظروف تلك المرحلة وقدرات سلاح الجو الإسرائيلي واتساع نطاق البرنامج النووي الإيراني. واعتبر التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيو، أن إمكانية تحييد البرنامج النووي الإيراني بعيدة كل البعد عن الضربة الحاسمة الوحيدة المتمثلة في "عملية أوبرا" التي دمرت المفاعل العراقي، مرجحاً أن الهجوم على البرنامج النووي الإيراني، قد يتطلب حملة جوية مطولة، تتخطى الضربات الجوية الجراحية، لتشمل العمليات السيبرانية وغيرها من أشكال الحرب. ووصف التقرير إيران بأنها في أضعف حالاتها حالياً بسبب أوضاعها الداخلية والعقوبات الأمريكية واغتيالات علمائها وتدهور دفاعاتها الجوية، مضيفاً أن إسرائيل تحاول دفع القوى العظمى وتحديداً الولايات المتحدة، للمواجهة مع إيران، وهو التقاء عوامل يضع إسرائيل أمام معضلة معقدة ويذكّر بالحدث الكبير في الماضي وهو الغارة الجوية عام 1981 على مفاعل "أوزيراك" العراقي. التحديات العملياتية وبحسب التقرير فإن إسرائيل نجحت من خلال ذلك الهجوم في تحييد طموحات صدام حسين النووية، إلا أنه أضاف أن "تطبيق نهج مماثل في التعامل مع إيران حالياً، محفوف بمخاطر وشكوك أعظم بكثير". وقارن التقرير الخصائص المتعلقة بعملية "أوزيراك" ومدى ارتباطها بالمأزق الحالي الذي تعيشه إسرائيل بالنظر إلى التحدي المختلف بشكل هائل الذي تفرضه إيران على المسرح العالمي اليوم، مضيفاً أنه برغم أن التحديات العملياتية قد تكون مختلفة بدرجة كبيرة، إلا أن "بصمة أوزيراك" على الحسابات الإستراتيجية تجعلها ذات أهمية دائمة بالنسبة لإسرائيل. وذكر التقرير أن طائرات إسرائيلية مقاتلة نفذت في 7 حزيران/ يونيو 1981، "عملية أوبرا" حيث دمرت خلال دقائق مفاعل "أوزيراك" النووي بالقرب من بغداد، والذي كان على وشك الانتهاء ويعتقد أنه كان قريباً من إنتاج البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة، مشيراً إلى أن هذه العملية، التي جرت بدقة وسرعة جراحية، أظهرت التزام الجيش الإسرائيلي بحرمان أعدائه من أي قدرة نووية، بغض النظر عن العواقب المحتملة. ظهيرة يوم الأحد ولفت التقرير إلى التخطيط الذي استمر لسنوات، وسرعة تنفيذ العملية بعد جمع وكالات الاستخبارات الإسرائيلية معلومات حول تصميم المفاعل والتقدم في عملية البناء، وأنظمة الدفاع الجوي، ما مكن سلاح الجو من التخطيط لهجوم سريع، والحد من مخاطر الانكشاف والاعتراض، بينما تعزز عنصر المفاجأة من سرعة العملية واختيار ظهيرة يوم الأحد الذي كان يعتقد أن الدفاعات العراقية فيه أقل يقظة. وأشار التقرير إلى أن المقاتلات الإسرائيلية حلقت على ارتفاع منخفض تحت مدى الرادار الأردني، وعبرت فوق المجال الجوي السعودي. وأضاف أن هذه المقامرة المحسوبة حققت ثمارها، حيث فاجأت الدفاعات، مضيفاً أن هذه السرعة لم تكن مجرد استعراض للمهارات العسكرية، وأنما كانت ضرورة إستراتيجية، حيث أنه بمرور كل يوم، كان مفاعل "أوزيراك" يقترب من التحول إلى تهديد لا يمكن تحمله حيث أن إسرائيل لم يعد بمقدورها تقبل المخاطر المتزايدة المتمثلة بالتقاعس عن العمل، بينما تراجعت أهمية العواقب المحتملة لضربة عسكرية، مقارنة بصدام حسين المسلح نووياً. قرار منفرد وذكر التقرير أن الجرأة التي ميزت "عملية اوبرا"، أثارت صدمات في أنحاء المجتمع الدولي كافة، حيث واجه الهجوم الذي تم تنفيذه من دون مشاورات مسبقة أو موافقة من أي قوة عالمية، إدانات واسعة، حتى من أقرب حلفاء إسرائيل، بينما أدان مجلس الامن الدولي بالإجماع الهجوم باعتباره "انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي". ولفت التقرير إلى أن لجوء إسرائيل إلى "الاعتماد على الذات"، دفعته عوامل مثل التهديد الوجودي الذي يشكله عراق مسلح نووياً في عهد صدّام حسين، وتعهد إسرائيل بمنع أي دولة معادية من اكتساب القدرة على تهديد وجودها ذاته، وشكوك إسرائيل إزاء الضمانات الدولية وفعالية الدبلوماسية في احتواء خصم مثل صدام حسين، بالإضافة إلى فشل المجتمع الدولي في منع الفظائع السابقة ضد الشعب اليهودي. وأضاف التقرير أنه برغم فعالية هذ التصرف الأحادي في تحييد التهديد المباشر، إلا أن الهجوم كانت له آثار إستراتيجية دائمة، وتسبب في توتر علاقات إسرائيل مع حلفائها الرئيسيين، وعزز صورتها كدولة مارقة، بينما شكل سابقة في ما يتعلق بالضربات الاستباقية مستقبلاً، والتي ما تزال تثير الجدل حتى يومنا هذا. وأشار التقرير إلى نقاط الضعف التي كان يعاني منها العراق في ذلك الوقت، مما منعه من الرد على إسرائيل، بما في ذلك خصوصاً الحرب مع إيران التي حدت من قدرته على فتح جبهة أخرى. وتابع قائلاً إن الضغط الدولي ساهم أيضاً في منع اندلاع حريق أوسع، مشيراً إلى أنه برغم أن الولايات المتحدة انتقدت في البداية الهجوم الإسرائيلي، إلا أنه مارست في الوقت نفسه ضغوطاً دبلوماسية على بغداد لضبط النفس، مضيفاً أن الإانة العالمية للهجوم، إلى جانب القلق من صراع إقليمي خارج عن السيطرة، ساهمت كلها في قرار العراق تجنب المزيد من التصعيد. التحدي الحالي وذكر التقرير أن البيئة العملياتية والموقف الإستراتيجي لإسرائيل تبدلت بشكل كبير منذ العام 1981، مضيفاً أن تعقيدات البرنامج الإيراني والمشهد الجيوسياسي يستلزم نهجاً مختلفاً، ولهذا يشير التقرير إلى أنه من المؤكد أن تكرار "عملية أوبرا" بالسرعة وبالطريقة الأحادية والتداعيات التي تم احتواؤها، هو احتمال غير مرجح الآن. وأوضح التقرير أن البرنامج النووي الإيراني يتناقض مع جهود العراق الأولية في العام 1981، حيث أن البرنامج الإيراني أكثر تقدماً بكثير ومنتشر جغرافياً، حيث أنه يتضمن مواقع تخصيب متعددة، ومرافق بحثية، ومخزون متزايد من اليورانيوم المخصب، بينما لا تتمركز هذه المرافق في مكان واحد معرض للخطر مثل المفاعل العراقي، ومنتشرة بشكل إستراتيجي عبر الأراضي الإيرانية الواسعة، وأغلبيتها مدفون بعمق تحت الجبال مما يجعل استهدافها صعباً للغاية. وإضافة إلى ذلك، قال التقرير إن إيران استثمرت بشكل كبير في تحصين بنيتها التحتية النووية، وربما تعلمت من ضربة مفاعل "أوزيراك" وغيرها من حالات التدخل العسكري، ولهذا فإن مرافقها محمية بأنظمة دفاع جوي متقدمة، ومحصنة ضد الهجمات التقليدية، ومحمية بطبقات من الأمن، مما يجعل توجيه ضربة سريعة وحاسمة، شبه مستحيل. وأضاف أن تحييد البرنامج النووي الإيراني سيكون بعيداً كل البعد عن الضربة الحاسمة والمنفردة المتمثلة في "عملية أوبرا"، وهو هجوم قد يتطلب القيام بحملة جوية طويلة، تتخطى الضربات الجوية الجراحية لتشمل أيضاً العمليات السيبرانية وغيرها من أنماط الحرب. ولفت التقرير إلى أن "النهج الأحادي" لا يمكن اتباعه الآن في ظل المناخ الجيوسياسي الحالي، وأن هناك إمكانية لاتباع نهج دبلوماسي في التعامل مع القضية النووية الإيرانية، موضحاً أنه برغم أن العمل الأحادي الجانب من جانب إسرائيل، قد يكون فعالاً في إحداث انتكاسة للبرنامج الإيراني على المدى القصير، إلا أنه من المرجح أن يؤدي إلى تنفير الحلفاء الأساسيين، وخاصة الولايات المتحدة والقوى الأوروبية التي لعبت دوراً فعالاً في مواصلة الضغط الدبلوماسي على طهران. وإلى جانب ذلك، قال التقرير إن هجوماً أحادياً من جانب إسرائيل، قد يقوض المعايير الدولية لمنع الانتشار النووي، بالإضافة إلى أنه قد يؤدي إلى تعزيز "جنون العظمة الإيراني" وإضفاء الشرعية على السردية الإيرانية حول مواجهة التهديدات الوجودية. "آيات الله" وتابع التقرير أنه من الوهم الاعتقاد أن بالإمكان احتواء التداعيات الناجمة عن الهجوم على إيران، موضحاً أنه برغم تراجع التهديد الذي يشكله وكلاء إيران إقليمياً، وبقاء القوة الحقيقية لقوتهم العسكرية التقليدية محل نقاش، فإن آيات الله لا يملكون ترف الظهور بمظهر الضعفاء في مواجهة هجوم مباشر على برنامجهم النووي، لأن هجوماً كهذا سيكون بمثابة ضربة لا يمكن تحملها لهيبتهم وشرعيتهم الداخلية، وأن بقاء النظام الإيراني يتوقف على إبراز صورة القوة والتحدي ضد التهديدات الخارجية، ما يعني أن القيادة الإيرانية ستشعر بأنها مضطرة للرد بقوة على أي ضربة إسرائيلية، حتى لو كان ذلك يعني تصعيد الصراع. وختم التقرير الأمريكي بالقول إن غارة "أوزيراك" هي تذكير بالمدى الذي ستذهب إليه إسرائيل لضمان أمنها، كما أن البرنامج النووي الإيراني يشكل "تحدياً هائلاً"، لكنه تساءل عما إذا كان هجوم "أوزيراك" قد حفر نفسه في الثقافة الإستراتيجية الإسرائيلية كدليل على اعتمادها على النفس على العمل الوقائي، وهو ما قد يعني أنه سيكون من الصعب التحرر من نموذج التفكير والعمل هذا حتى لو كان المناخ التشغيلي والسياسي يملي على إسرائيل نهجاً مختلفاً. وبعدما لفت التقرير إلى أنه ما قد يبدو لمن هم خارج إسرائيل باعتباره مقامرة غير مقبولة تتضمن مخاطر عالية، من الممكن أن ينظر إليه في داخل إسرائيل باعتباره عملاً ضرورياً للحفاظ على النفس، ولهذا فأنه حتى لو اعتبر المراقبون الخارجيون أن الضربات ضد البرنامج النووي الإيراني غير مقبولة من الناحية الإستراتيجية أو غير فعالة من الناحية العملياتية، فإن الاعتقاد القوي في جدوى العمل الوقائي يشكل عاملاً قوياً بالنسبة لإسرائيل، ولهذا يتحتم على القوى الفاعلة الخارجية وخصوصاً الولايات المتحدة، أن تأخذ بعين الاعتبار التأثير المحتمل لعملية "أوزيراك" على الثقافة الإستراتيجية الإسرائيلية وصناعة القرار. وخلص التقرير إلى القول إنه فيما يتعلق بالولايات المتحدة وموقفها من الأزمة النووية الإيرانية، فإن الاستنتاج هو أنه لا يمكن تجاهل المخاوف الأمنية الإسرائيلية، وخصوصاً تلك التي تعتبر مخاطر وجودية من وجهة نظر إسرائيل، ومن المرجح أن تكون عملية "أوزيراك" قد عززت إيمان إسرائيل بالاعتماد على النفس والعمل الوقائي، ومن تزايد احتمال تصرف إسرائيل بمفردها، وعواقب ذلك غير المتوقعة.