
أوروبا تخطط لإنشاء نظام بيانات مناخية مستقل عن واشنطن
وأكد مسؤولون أوروبيون لوكالة رويترز، أن القارة تسعى إلى تعزيز أنظمة جمع البيانات الخاصة بها في مجالات المناخ والظواهر الجوية المتطرفة والصحة في تخوّف مما وصفوه "انسحابا أميركيا عاما من البحث العلمي".
وقال أدريان ليما، مدير المركز الوطني لأبحاث المناخ في المعهد الدانماركي للأرصاد الجوية، إن "البيانات الموثوقة تدعم تحذيرات الطقس المتطرف وتوقعات المناخ، وهي في نهاية المطاف تُنقذ الأرواح".
كما أوضح أن مؤسسته تعتمد على بيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "نووا" (NOAA) الأميركية لقياس درجات حرارة سطح البحر والجليد البحري في القطب الشمالي وغيرها.
وفي بداية ولايته الثانية، انسحب الرئيس دونالد ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، وأقر تخفيضات كبيرة من ميزانية الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا) والمعاهد الوطنية للصحة، ووكالة حماية البيئة، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وغيرها من الوكالات.
كما عمل على تفكيك البرامج التي تجري أبحاثا في مجالات المناخ والطقس والبيانات الجغرافية والصحة، وعطّل بعض قواعد البيانات العامة، وسط تراجعات عامة عن السياسات المناخية والبيئية السابقة.
وتسعى خطة موازنة البيت الأبيض لعام 2026 إلى تقليص حجم الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بشكل أكبر، باقتراح خفض بقيمة 1.8 مليار دولار، أي ما يعادل 27% من الميزانية، إضافة إلى تقليص عدد الموظفين بنسبة 20%.
وتشمل الخطة لإلغاء مكتب أبحاث المحيطات والغلاف الجوي، وهو الذراع البحثية الرئيسة للإدارة، والمسؤول عن أنظمة رصد المحيطات، وشبكات المراقبة الساحلية، وأجهزة استشعار الأقمار الصناعية، ومختبرات نمذجة المناخ.
كما أعلنت "نوا" في الفترة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، إيقاف تشغيل 20 مجموعة بيانات أو منتجا متعلقا بالزلازل وعلوم البحار.
ويرى المسؤولون الأوروبيون أنه في حال عدم استمرار الوصول إلى بيانات الطقس والمناخ المدعومة من الولايات المتحدة، ستواجه الحكومات والشركات تحديات كبيرة في التخطيط للظواهر الجوية المتطرفة وتحديدها والاستثمار طويل الأجل في البنية التحتية، حسب تصريحاتهم لوكالة رويترز.
وفي مارس/آذار، الماضي حثّت أكثر من 12 دولة أوروبية المفوضية الأوروبية على التحرك بسرعة لتوظيف العلماء الأميركيين الذين سيفقدون وظائفهم بسبب هذه التخفيضات في الولايات المتحدة.
وعندما طُلب من مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض التعليق على تخفيضات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، وتحركات الاتحاد الأوروبي لتوسيع قاعدة بياناته العلمية، صرّح بأن التخفيضات التي اقترحها ترامب على ميزانية الوكالة لعام 2026 تستهدف البرامج التي تنشر ما وصفه بـ"العلم الأخضر الجديد المزيف"، في إشارة إلى أبحاث وسياسات تغير المناخ.
وقالت راشيل كاولي، المتحدثة باسم المكتب، عبر البريد الإلكتروني: "تحت قيادة الرئيس ترامب، بدأت الولايات المتحدة في تمويل العلوم الحقيقية مرة أخرى".
مشروع بديل
أجرت وكالة "رويترز" مقابلات مع مسؤولين من 8 دول أوروبية، أفادوا بأن حكوماتهم تُجري مراجعات لمدى اعتمادها على البيانات الأميركية المتعلقة بالمناخ والمحيطات والطقس.
وأكد مسؤولون من 7 دول، وهي الدانمارك وفنلندا وألمانيا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد وجود جهود مشتركة في مراحلها الأولى لحماية بيانات الصحة والمناخ، وبرامج البحث الأساسية.
وقال مسؤول كبير في المفوضية الأوروبية، إن الاتحاد الأوروبي يسعى كأولوية، إلى توسيع نطاق وصوله إلى بيانات مراقبة المحيطات، والتي تُعد بالغة الأهمية لقطاعي الشحن والطاقة، إضافة إلى أنظمة الإنذار المبكر بالعواصف.
وأوضح المسؤول أن الاتحاد يخطط خلال العامين المقبلين لتوسيع شبكة المراقبة والبيانات البحرية الأوروبية، التي تجمع وتستضيف معلومات عن طرق الشحن، وموائل قاع البحر، والنفايات البحرية، وغيرها من المخاوف البيئية. وذكر أن المبادرة تهدف إلى "محاكاة الخدمات الموجودة في الولايات المتحدة، وربما استبدالها".
وأشار مسؤول ثانٍ، في الاتحاد الأوروبي لرويترز، إلى أن أوروبا تشعر بقلق خاص من تأثير خفض التمويل الأميركي للذراع البحثية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، والتي تُعد عنصرا أساسيا في نظام مراقبة المحيطات العالمي، وهو شبكة تدعم خدمات الملاحة، وطرق الشحن، والتنبؤ بالعواصف.
وتعتمد شركات التأمين على سجلات الكوارث في هذا النظام لنمذجة المخاطر، كما يستخدم مخططو السواحل بيانات خط الساحل ومستوى سطح البحر والمخاطر البيئية لتوجيه استثمارات البنية التحتية. كما يعتمد قطاع الطاقة كذلك على البيانات المحيطية والزلزالية لتقييم جدوى مشاريع الحفر البحري أو إنشاء مزارع الرياح.
وأضاف المسؤول أن الاتحاد الأوروبي يدرس أيضا زيادة تمويله برنامج "أرغو"، وهو جزء من نظام مراقبة المحيطات العالمي، يدير شبكة من العوّامات لرصد محيطات العالم، وتتبع ظواهر الانحباس الحراري، والأحداث الجوية المتطرفة، وارتفاع مستوى سطح البحر.
وكانت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي قد وصفت البرنامج، الذي يعمل منذ أكثر من 25 عاما، بأنه "جوهرة التاج في علوم المحيطات"، ويُوفر بياناته مجانا لقطاعات النفط والغاز، والسياحة البحرية، وغيرها.
وتُموّل الولايات المتحدة 57% من النفقات التشغيلية السنوية لبرنامج أرغو (40 مليون دولار)، بينما يموّل الاتحاد الأوروبي 23%. ولم يُجب البيت الأبيض أو الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي عن استفسارات بشأن الدعم المستقبلي للبرنامج.
ويُقر العلماء الأوروبيون بالدور الريادي الذي لعبته الولايات المتحدة في البحث العلمي وجمع البيانات عالميا، مؤكدين في الوقت ذاته، أن الدول الأوروبية أصبحت تعتمد بشكل مفرط على هذا الدور.
وقالت كاترين بونينغ-جايس، المديرة العلمية لمركز هيلمهولتز الألماني لأبحاث البيئة: "الأمر أشبه بالدفاع: نحن نعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في هذا المجال أيضا. إنهم رواد وقدوة، لكن هذا يجعلنا أيضا تحت رحمتهم".
وتتخذ عدة حكومات أوروبية حاليا تدابير للحد من هذا الاعتماد. فقد صرّحت وزيرة البحث والتعليم العالي النرويجية، سيغرون آسلاند، بأن دول الشمال الأوروبي اجتمعت في مارس/آذار لتنسيق جهود تخزين البيانات، كما ناقش وزراء العلوم الأوروبيون التخفيضات الأميركية في اجتماع عُقد في باريس في مايو/أيار.
وقالت آسلاند إن النرويج خصصت مليوني دولار لدعم وتخزين البيانات الأميركية لضمان الوصول المستقر إليها، كما بدأ المعهد الدانماركي للأرصاد الجوية في فبراير/شباط بتنزيل البيانات المناخية الأميركية التاريخية تحسبا لاحتمال حذفها من الحكومة الأميركية.
كما كلّفت الحكومة الألمانية من جهتها منظمات علمية، منها مركز "هيلمهولتز"، بمراجعة مدى اعتمادها على قواعد البيانات الأميركية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 21 ساعات
- الجزيرة
فحص اللعاب يكشف العلامات المبكرة لمرض السكري
كشفت دراسة جديدة عن طريقة غير جراحية ولا تحتاج لعينات دم للكشف عن العلامات التحذيرية المبكرة للأمراض المزمنة مثل السكري من النوع الثاني ، وذلك من خلال قياس مستويات الإنسولين في اللعاب. وأجرى الدراسة فريق بحثي من "جامعة كولومبيا البريطانية" في كندا، ونشرت نتائجها في مجلة علم وظائف الأعضاء التطبيقي والتغذية والأيض في مايو/أيار الماضي، وكتب عنها موقع "يوريك أليرت". يساعد هرمون الإنسولين الجسم على استخدام الغلوكوز (سكر الدم) للحصول على الطاقة، وتنتجه خلايا بيتا في البنكرياس، ويُدخل السكر الموجود في الدم إلى الخلايا. يعد قياس مستويات الإنسولين المرتفعة في الدم طريقة مثبتة لقياس الصحة الأيضية، ويمكن أن يظهر خطر الإصابة بمشكلات صحية مستقبلية، بما في ذلك داء السكري من النوع الثاني وأمراض القلب. وأظهرت الأبحاث السابقة للفريق أن مستويات الإنسولين في اللعاب تتبع مستويات الإنسولين في بلازما الدم طوال اليوم بعد تناول وجبات مختلطة غنية أو منخفضة بالكربوهيدرات. شملت الدراسة الجديدة 94 مشاركا يتمتعون بصحة جيدة وبمقاسات جسم متنوعة، وتناول كل مشارك مشروبا قياسيا بديلا للوجبات (يحتوي على كمية محددة من السعرات والمغذيات) بعد فترة صيام، ثم قدّم عينات من لعابه وخضع لاختبار سكر الدم بوخز الإصبع. وأجرى المشاركون اختبارات لعاب أثناء صيامهم قبل تناول المشروب وبعد 60 و90 دقيقة من تناول المشروب. يقول الدكتور جوناثان ليتل، الأستاذ في كلية الصحة وعلوم التمارين الرياضية بـ"جامعة كولومبيا البريطانية" والباحث المشارك في الدراسة إنه "كان لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة مستويات إنسولين أعلى بكثير في لعابهم مقارنة بمن يعانون من زيادة طفيفة في الوزن أو انخفاض في وزن الجسم، على الرغم من أن مستويات السكر في الدم لديهم كانت متماثلة". ويضيف أن "هذا يشير إلى أن اختبار اللعاب قد يكون طريقة بسيطة وغير جراحية لتحديد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني قبل ظهور الأعراض". فرط الإنسولين يخبرك شيئا عن صحتك المستقبلية يصيب داء السكري من النوع الثاني نحو 400 مليون شخص حول العالم، ويتم تشخيصه بارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم. ويشير الدكتور ليتل إلى أن حالات ما قبل السكري -مثل مقاومة الإنسولين وفرط الإنسولين في الدم- قد تتطور قبل 10 إلى 20 عاما من تشخيص المريض. تكون فعالية الإنسولين لدى الأشخاص الذين يعانون من مقاومة الإنسولين أقل من الطبيعي، ونتيجة لذلك تكون هناك حاجة إلى كميات أكبر منه لتحفيز خلايا الدهون والعضلات على امتصاص الغلوكوز، ولحث الكبد على الاستمرار في تخزينه. ويتابع الدكتور ليتل "إذا أمكن الكشف عن فرط الإنسولين في الدم قبل أن تبدأ مستويات الغلوكوز في الدم بالارتفاع، فيمكن تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني مبكرا، مما يسمح بتغييرات في نمط الحياة وتقديم علاجات أخرى قبل فترة طويلة من ارتفاع مستويات الغلوكوز". يعد اتخاذ خطوات وقائية في مرحلة مبكرة أمرا بالغ الأهمية، لأن فرط الإنسولين في الدم ينبئ بالعديد من الحالات المزمنة، بما في ذلك داء السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم ، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكتة الدماغية، والسرطان، ومؤخرا تم ربطه بالسمنة. يوضح الدكتور حسين رفيعي، المؤلف المشارك في الدراسة، أنها تهدف إلى المساعدة في تطوير اختبار عملي غير جراحي لفرط الإنسولين في الدم، لكنها كشفت عن نتيجة مثيرة للاهتمام. يشير الدكتور رفيعي إلى أن بعض المشاركين ذوي الوزن المنخفض شهدوا ارتفاعا كبيرا في مستوى الإنسولين في اللعاب بعد تناول الوجبة، وهذا يشير إلى أنهم قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، حتى دون زيادة الوزن ومع مستويات طبيعية من الغلوكوز في الدم. ويقول الدكتور رفيعي "إن اكتشاف ارتفاع مستوى الإنسولين لدى بعض الأشخاص النحيفين أمر مثير للاهتمام. وهذا يشير إلى أن الإنسولين اللعابي قد يكون أكثر فائدة من قياس وزن الشخص أو محيط خصره". كما بحثت الدراسة في العلاقة بين محيط الخصر ومؤشر كتلة الجسم والعمر والجنس، ووجدت أن محيط الخصر كان له أقوى ارتباط بمستويات الإنسولين في اللعاب. ويضيف أن نتائج الدراسة تشير إلى أن "الإنسولين اللعابي قد يكون أفضل من مستوى الغلوكوز في الدم في التمييز بين الأشخاص الذين يتمتعون بصحة أيضية جيدة وأولئك الأكثر عرضة للإصابة بفرط الإنسولين في الدم".


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
الأخلاق تصنع الإنسان
يقول أرسطو: "تتشكل أخلاق المرء بما يكرره من أفعال على مدار حياته"؛ فالأخلاق لا تتشكل بفعل واحد عابر، بل تُكتسب بالتكرار والمواظبة، فإذا أقدم الإنسان على فعل معين مرة واحدة لا يمكن اعتباره جزءاً من عاداته أو أخلاقه، أما إذا تكرر منه عن قصد وبشكل واع، حتى أصبح يصدر عنه تلقائياً كجزء من طبعه، حينها يقال: "هذا خلقه". إن بناء الأخلاق عملية مترابطة المراحل، فلا يصبح الإنسان خيِّراّ بمجرد فعل حسن واحد، بل يكتسب سمعة الخير من خلال أفعاله الطيبة المتكررة، التي تترسخ في القلوب والعقول. وكذلك الأمر مع الأشرار، فلا يعرف الإنسان بشره إلا بعد تكراره للأفعال السيئة، حتى تصبح جزءاً من هويته. فالأفعال المستمرة تلتصق بصاحبها، وتتحول بمرور الوقت إلى أخلاقه التي تميزه. لذا، لا بد للإنسان أن يكون واعياً ومدركاً لكل ما يقوم به، ليتمكن من توجيه أخلاقه والسيطرة على مسارها. مراحل بناء الأخلاق يقترح علماء النفس أن بناء الأخلاق يمر بثلاثة أطوار رئيسية. المثير (Cue): وهو الزناد الذي يحفز العقل للقيام بسلوك معين. على سبيل المثال، عندما يصلك إشعار على هاتفك يخبرك بأن شخصاً ما قد أُعجب بإحدى صورك على إنستغرام، فإن هذا الإشعار يعمل كمثير يدفعك تلقائياً لفتح حسابك ومعرفة هوية المعجب. الروتين (Routine): وهو السلوك الفعلي الناتج عن المثير؛ فعندما ترى الإشعار، تقوم فوراً بفتح التطبيق وفحص حسابك، وهذا الفعل المتكرر يصبح عادة مع مرور الوقت. المكافأة (Reward): وهي النتيجة الإيجابية التي تحصل عليها من السلوك. فمثلاً، عندما تكتشف الذي أُعجب بصورتك أو ترك تعليقاً عليها، فإن هذا الشعور بالاهتمام أو التقدير يعزز لديك الرغبة في تكرار هذا السلوك لاحقاً. هذه المرحلة تساعد العقل على ترسيخ العادات، سواء كانت إيجابية أم سلبية. نمو الأخلاق كالنباتات يشبِّه الدكتور بي. جي. فوك (Dr. BJ Fogg)، الخبير في علم السلوك بجامعة ستانفورد، نمو الأخلاق بنمو النباتات، حيث يتطلب ذلك عدة خطوات أساسية: البدء بالأمور الصغيرة، تماماً مثل زراعة البذور. اختيار البيئة المناسبة، كما هو الحال عند انتقاء المكان الملائم لنمو النبات. توفير الرعاية والتغذية المستمرة لضمان نمو الجذور وترسُّخها. إعلان وكذلك الأخلاق، فهي لا تنشأ بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى رعاية مستمرة وتغذية واعية حتى تصبح جزءاً أصيلاً من شخصية الإنسان. لذا، يجب على الفرد أن يحرص على تنمية أخلاقه بشكل منتظم، ويحميها من العوامل السلبية التي قد تضعفها أو تؤثر عليها سلباً. المدارس، والجامعات، والمؤسسات التعليمية تلعب دوراً أساسياً في تعزيز الأخلاق، من خلال إدراج الأنشطة التربوية والمشاريع ضمن مناهجها الدراسية، بما يضمن معالجة القضايا الأخلاقية بأسلوب علمي ومؤثر التعليم: وسيلة لصقل الأخلاق وتطويرها هل فكرت يوماً في الأداة التي تساعدك على تحسين أخلاقك وصقلها، لتصبح شخصاً متألقاً ومتميزاً؟ الإجابة تكمن في التعليم، فهو الأساس الذي تنمو عليه القيم الأخلاقية وتتجذر في الشخصية. الحكومات والسلطات تتحمل مسؤولية صياغة إستراتيجيات فعالة لتشكيل هوية الأفراد، عبر نظام تعليمي قوي يدمج التربية الجادة بالتعليم النافع. لا شك أن التعليم من ضروريات الحياة، فقد أكدته جميع الحضارات والديانات عبر التاريخ. فالمدارس، والجامعات، والمؤسسات التعليمية تلعب دوراً أساسياً في تعزيز الأخلاق، من خلال إدراج الأنشطة التربوية والمشاريع الحديثة ضمن مناهجها الدراسية، بما يضمن معالجة القضايا الأخلاقية بأسلوب علمي ومؤثر. وقبل أن تسعى إلى تطوير أخلاقك، عليك أن تبدأ بفهم ذاتك جيداً… لا بد من تحليل سلوكياتك وتقييم تصرفاتك، لتحديد ما يحتاج إلى تحسين وتطوير. ضع جدولاً واضحاً للتغييرات المطلوبة، والتزم به كأنه قانون تسير عليه في حياتك. الثقة بالنفس: أساس بناء الأخلاق الثقة بالنفس ليست مجرد شعور عابر، بل هي ركيزة أساسية في بناء الأخلاق… عندما تنظر إلى إنجازاتك الماضية، ستلاحظ أن كل نجاح حققته كان قائماً على الثقة بقدراتك، وإصرارك على تحقيق أهدافك. هذه الثقة هي التي تحفزك للاستمرار، وتهمس لك: "أنت قوي.. أنت قادر.. لا تستسلم!". عندما تزرع في داخلك فكرة "سأتغير وأتطور"، ثم تلتزم بها بجدية، ستجد نفسك تتذوق طعم النجاح بعد الصعوبات، وتشعر بالفرح بعد الأتراح. لا أحد سيستفيد من التغيير الإيجابي أكثر منك، فالنجاحات التي تحققها ثمرة جهدك المستمر، وإصرارك الذي لا ينكسر. الثقة لا تقتصر على النفس فقط، بل تشمل أيضاً ثقتنا بالآخرين في مواقف الحياة المختلفة. تخيل أنك زرت قرية وأردت السباحة في بحيرتها، فحذرك أحد السكان المحليين قائلاً: "لا تقترب، فالمياه مليئة بالتماسيح الخطرة"! هنا، من الأفضل لك أن تثق بكلامه وتطيعه، حفاظاً على حياتك.. وبالمثل، نحن نثق في الوصفات الطبية التي يصفها الأطباء دون تردد. تعزيز الأخلاق بالمكافآت الإيجابية عندما تمارس خلقاً حميداً، لا تتجاهل تعزيز نفسك بتشجيع إيجابي، سواء داخلياً أو خارجياً. يمكنك أن تهمس لنفسك: "لقد كنت رائعاً اليوم" أو: "أديت أداءً جيداً". ليس من الضروري أن تكون المكافآت كبيرة، بل يكفي أن تكون موجودة، لأن الإنسان يحتاج إلى دافع للاستمرار في جهوده. الكلمة الطيبة- مهما كانت بسيطة- تُحدث أثراً كبيراً في حياة الشخص الطموح، وتمنحه القوة لمواصلة طريقه نحو النجاح. لذا، عليك أن تؤمن بموهبتك وتثق بها أولاً، وعندها سيؤمن الآخرون بك أيضاً، وسيُسعدك تقديرهم لجهودك المتواصلة. في عصرنا الحالي، يتوفر العديد من الوسائل التي يمكنك استغلالها لتطوير أخلاقك وتجديد ذاتك، مثل المحاضرات التحفيزية التي تلهمك وتدفعك للأفضل، والكتب القيِّمة التي توسع آفاقك الفكرية، والمؤسسات الملهمة التي توفر بيئة داعمة للنمو والتطور. احرص على مرافقة أصحاب الأخلاق الحسنة، فهم مرآتك التي تعكس صورتك.. لا تلم نفسك على سقوط أو خسارة واحدة، بل احترم ذاتك حتى مع التغييرات البسيطة. في النهاية، ستنظر خلفك لترى كم من المسافات قطعتَ، وكيف أصبحتَ بعيداً عن نقطة البداية!


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
دراسة: التلوث الكيميائي يشكل تهديدا مماثلا لتغير المناخ
حذّر علماء من أن التلوث الكيميائي يشكل تهديدا لازدهار البشر والطبيعة، وهو تهديد مماثل للاحتباس الحراري وتغير المناخ، لكنه لا يحظى بنفس القدر من الاهتمام والوعي العام، ولا تتخذ تدابير جدية لاحتوائه. وأفادت دراسة جديدة أجرتها مؤسسة "ديب ساينس فينتشرز" (DSV) بأن الاقتصاد الصناعي قد أوجد أكثر من 100 مليون مادة كيميائية جديدة، أي غير موجودة في الطبيعة، منها ما بين 40 ألفا و350 ألفا تعتبر قيد الاستخدام والإنتاج التجاري على نطاق واسع. ولا تحظى الآثار البيئية والصحية لهذا التلوث الواسع النطاق للمحيط الحيوي باهتمام كبير حسب الدراسة، على الرغم من تزايد الأدلة التي تربط السمية الكيميائية بمسببات أمراض كثيرة، من بينها العقم والسرطان. وقال هاري ماكفيرسون، كبير الباحثين في شؤون المناخ في "ديب ساينس فينتشرز" لصحيفة الغارديان: "أعتقد أن هذه هي المفاجأة الكبرى بالنسبة لبعض الناس". وفقا للتقرير، يوجد في أجسام البشر أكثر من 3600 مادة كيميائية صناعية من المواد الخاصة بإعداد الأطعمة، وهي المواد المستخدمة في تحضير الطعام وتغليفه، من بينها 80 مادة مثيرة للقلق على نحو شديد. ويُستخدم أكثر من 16 ألف مادة كيميائية في البلاستيك، الذي يستخدم لحفظ الأغذية غالبا بما في ذلك الحشوات والأصباغ ومثبطات اللهب والمثبّتات، وقد قُدِّر الضرر الصحي الناجم عن 3 مواد كيميائية بلاستيكية فقط، وهي ثنائي الفينيل متعدد الكلور، وثنائي الفينول "أ"، وثنائي إيثيلين هيدروكلوريد (DEHP) بنحو 1.5 تريليون دولار سنويا. وعُثر على مركبات "المواد الكيميائية الدائمة" (PFA) في جميع البشر الذين خضعوا للاختبار تقريبا، وهي الآن منتشرة في كل مكان حتى أن مياه الأمطار تحتوي في العديد من المواقع على مستويات تُعتبر غير آمنة للشرب. وفي الوقت نفسه، يتنفس أكثر من 90% من سكان العالم هواء يخالف إرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن التلوث. وعندما تُلوِّث هذه المواد الكيميائية الهواء وأجسام البشر فقد تكون النتائج كارثية، حسب الدراسة. وكشفت الدراسة وجود علاقة ارتباطية أو سببية بين المواد الكيميائية المُستخدمة على نطاق واسع وتأثيرات تُصيب الأجهزة التناسلية، والمناعية، والعصبية، والقلبية، والتنفسية، وكذلك وظائف الكبد، والكلى، والأيض لدى البشر. وقال ماكفيرسون: "من أبرز النتائج التي برزت بقوة هي الروابط بين التعرض للمبيدات الحشرية ومشاكل الإنجاب. لقد رصدنا روابط قوية بين الإجهاض وصعوبة الحمل لدى بعض الأشخاص". وتضاف نتائج الدراسة إلى النتائج السابقة لمعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، والتي تُشير إلى أننا تجاوزنا بالفعل الحدّ الآمن للكوكب فيما يتعلق بالملوثات البيئية، بما في ذلك البلاستيك بأنواعه وخصوصا الجسيمات الدقيقة منه. وقبيل مفاوضات دولية حول وضع "معاهدة البلاستيك" تجري في جنيف بسويسرا، حذّر تقرير آخر من أن العالم يواجه "أزمة بلاستيك"، تُسبب الأمراض والوفيات من الطفولة إلى الشيخوخة، وسط تسارع هائل في إنتاج البلاستيك. وسلطت الدراسة الضوء أيضًا على أوجه القصور الحرجة في أساليب تقييم السمية والبحث والاختبار الحالية، وكشفت عن الطرق التي تفشل فيها الضوابط والتدابير الحالية في حماية صحة الإنسان والكوكب. وقال ماكفيرسون: "إن الطريقة التي أجرينا بها الاختبارات عادةً أغفلت الكثير من التأثيرات". وأشار تحديدًا إلى تقييم المواد الكيميائية المُعطِّلة للغدد الصماء، وهي مواد تتداخل مع الهرمونات، مُسببةً مشاكل تتراوح من العقم إلى السرطان. وقد وُجد أن هذه المواد تُدحض الافتراض التقليدي بأن الجرعات المنخفضة تُقلل من التأثيرات حتمًا. ولا تحظى السمية الكيميائية بالاهتمام كقضية بيئية، أو مقارنة بالتمويل المخصص لتغير المناخ، وهو تفاوت يرى ماكفيرسون أنه ينبغي تغييره. وقال: "من الواضح أننا لا نريد تمويلا أقل للمناخ والغلاف الجوي. لكننا نعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من التقدير والاهتمام".