
عندما يفترق الحلفاء
بعد ثمانين عاماً من نهاية الحرب العالمية الثانية، يفترق الحلفاء بطلاق بائن، القرار لم يكن متوقعاً بهذه السرعة، رسائل روزفلت وتشرشل وستالين في يالطا، لم تعد صالحة لهذا العصر، تفرقت السبل بين الحلفاء على جانبي الأطلسي «الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا».
جرت مياه كثيرة تحت الجسر، التاريخ لم يعد كما خططه قادة اجتماع يالطا 1945، قدر الجغرافيا الإفراج عن تعهدات التاريخ التي لم تعد مناسبة لثورة الذكاء الاصطناعي.
من الأطلسي ذاته، يأتي الآن نمط جديد في العلاقات لا يخص الأعداء وحدهم، بل يطول الحلفاء أيضاً.
معروف أن الولايات المتحدة ، تدخلت مرتين لمنع أوروبا من الانهيار، المرة الأولى كانت في الحرب العالمية الأولى، أما الأخرى فقد كانت في الحرب العظمى الثانية، وفي المرتين تدخلت في نهايات الحرب، ولم تكن راغبة في خوض أي حروب.
نذكر هنا أن وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا آنذاك رقص طرباً وفرحاً حين علم، أن اليابان اعتدت على ميناء «بيرل هاربر»، وأدرك أن أميركا ستدخل الحرب أخيراً إلى جانب الحلفاء ضد النازية الألمانية، والفاشية الإيطالية، والقومية اليابانية، الأطراف المتحالفة معاً في دول المحور ضد دول الحلفاء الذين كانوا يتشكلون من المملكة المتحدة، وفرنسا الحرة، وبقية أوروبا، إضافة إلى الاتحاد السوفياتي.
كان التدخل الأميركي بالنسبة لتشرشل وضع نهاية لحرب طالت كثيراً، ويجب أن ينتصر فيها الحلفاء، ليشكلوا نظاماً عالمياً جديداً تقوده أميركا، وتضمن أمن أوروبا سياسياً واقتصادياً.
بالفعل، بعد انتهاء الحرب، وانتصار الحلفاء على دول المحور، طرحت أميركا مشروع مارشال الذي بنى أوروبا بالكامل، ومنذ ذلك الوقت صار الحليفان على جانبي المحيط كتلة واحدة، تتبنى الأنماط الثقافية والاجتماعية والسياسية ذاتها، فيما عُرف بالعالم الحر.
تلك الكتلة التي خاضت الحرب العالمية الباردة ضد الاتحاد السوفياتي، الذي كان شريكاً رئيسياً للدول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وتحتفل روسيا بتلك الذكرى تحت عنوان «عيد النصر»، لكن المفارقة أن روسيا المنبوذة من العالم الحر، هي التي تعيد الآن ترتيب البيادق على رقعة الشطرنج؛ وذلك لأن أميركا قائدة العالم الحر، والضامنة لأمن أوروبا، قررت أن تدير مفتاح المحرك، وتقود سيارتها في الاتجاه الآخر من الطريق، طريق يقوم على المصالح الوطنية الأميركية الخالصة، لا يستند إلى دبلوماسية القواعد المتعارف عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
فالرئيس الأميركي السابع والأربعون، دونالد ترمب، لا يبالي بتلك القواعد التي يرى فيها خطراً على اقتصاد أميركا في العالم، وأن تلك القواعد ألزمت أميركا بحماية ورعاية المجتمع الدولي؛ ما استنزف قدرتها الاقتصادية والسياسية؛ كونه ينتمي إلى تيار متغلغل داخل المجتمع الأميركي، يسمى «تيار العزلة»، فإنه نفذ آراءه حينما أصبح رئيساً، رافعاً شعار: «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، وبالتالي كانت القواعد الدبلوماسية العتيقة بمثابة حواجز أمام انطلاقه الكبير، لتنفيذ رؤيته السياسية حول العالم.
هذه الرؤية الجديدة، تصطدم الآن بخرائط الحلفاء القدامى في أوروبا، وهم يبحثون الآن عن تكوين جيش أوروبي موحد لحمايتهم، سقطت إشارات الاطمئنان لديهم، واشنطن لم تعد عاصمة الدفء لأوروبا، اختلطت الأوراق، وتغيرت الحسابات، لم تتوقع أوروبا أن ساكن البيت الأبيض سيعيد حفيد القياصرة إلى الواجهة، إنها تراجيديا سينمائية، فصانع السيناريو قرر أن يكتب نهاية غير تقليدية لرواية تقليدية.
موسكو حجزت مقعداً على طاولة نظام جديد، لا تحكمه القواعد والقوانين التي تعارف عليها المجتمع الدولي طيلة ثمانين عاماً، الحليف صار خصماً، والخصم صار حليفاً، تغيرت أماكن البيادق على رقعة الشطرنج، بتوقيت ميونيخ، سمعت أوروبا كلمات واضحة من نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، فتحسست رأسها، وعرفت أن الطريق مع الحليف، والتاريخ بات يختبئ فيه الدب الروسي؛ لذا سارعت إلى عقد قمة أوروبية خالصة لتأمين مستقبلها وسط صدام الخرائط المتسارع، وفي أجواء تغيرات لا تستأذن في الدخول إلى القارة العجوز.
وسط هذا الصدام والتصادم والافتراق، ثمة سؤال يطرح نفسه بقوة: كيف سيكون شكل وجوهر حلفاء الأمس أمام العواصف الجيوسياسية التي تقتلع جذور الأنماط السياسية التقليدية؟
الشاهد، أن خرائط العالم لم تسكن حتى مع نهاية الحرب العالمية، بإنشاء منظمات دولية، وصياغة قانون دولي، وتوقيع اتفاقيات، وسن قواعد دولية، فكان من الطبيعي أن يتصدع جدار هذا النظام الذي لم يكن عادلاً، ولم يستطع تنفيذ قوانينه التي صاغها بنفسه طيلة ثمانين عاماً، والآن يجد العالم نفسه في مفترق طرق بقواعد جديدة، وحلفاء جدد، ومحاور مختلفة، كل يبحث عن مصالحه الذاتية، وأكاد ألمح بأن النظام العالمي الجديد، سيقوم على الدول التي تحيط نفسها بأسوار، وتؤمن بالعزلة، ويكون لديها مفهوم اقتصادي قادر على تأمينها، وتلبية احتياجات رعاياها من دون أن تسقط هذه الدول تحت سطوة دولة أخرى، فهل ستنجح هذه الفلسفة، أم أن مكر التاريخ ربما يقودنا إلى ترتيب بيادق جديدة على رقعة الشطرنج؟
الواقع الآن يتحدث عن نفسه، ويشير إلى أن الحليفين عبر الأطلسي قد توقفا عن الصداقة المزمنة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 3 ساعات
- الوطن
الاستخبارات هي الحرب 3
الاستخبارات هي الحرب 3 صفوق الشمري المقال جزء ثالث من فصل الاستخبارات في الحروب الحديثة، وهو فصل من سلسلة متكاملة تسلط الضوء على التحوّل الجذري الذي شهدته الحروب الحديثة الحالية، وما نعيشه اليوم هو ثورة عسكرية معلوماتية غير مسبوقة، تحوّلت فيها الحروب إلى معارك عقول وشبكات وذكاء اصطناعي، لا مجرد صدامات آليات وبنادق وقوات ومدرعات. في أكتوبر الماضي، كتبنا مقالًا بعنوان: «الحروب الحديثة تُدار بالاستخبارات»، سبقه قبل أعوام تحليل لواقع القوة الأمنية والاستخباراتية خلصنا فيه إلى أن: «إن أهمية الجهاز الأمني والاستخباراتي حاليًا تعادل، بل قد تتفوق، على القوة العسكرية». ولم تكن تلك العبارة آنذاك مجرد توقع، بل تشخيص مبكر لحقيقة بدأت تتجلى اليوم بوضوح في كل ميدان اشتعلت فيه نيران الحرب. تؤكد الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإيرانية الإسرائيلية، على حقيقتين جوهريتين لا يمكن تجاهلهما: 1- الحروب الحديثة شهدت تحولًا جذريًا أنهى فعليًا شكلها التقليدي، نحن أمام نقلة دراماتيكية غير مسبوقة في طبيعة النزاع المسلح، تُعدّ الأوسع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. تبدلت أدوات الحرب كليًا، فأصبحت الاستخبارات، والذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيّرة (الدرون)، والصواريخ الذكية، والفرط صوتية هي العوامل الحاسمة والبنية التحتية الجديدة لساحات القتال المعاصر. 2- دروس إستراتيجية عميقة تفرض على كل من يرغب في البقاء والتفوق أن يتعلّم، ويحلّل، ويستخلص العبر من وقائع هذه الحروب، حتى وإن كانت الأطراف المتحاربة خصومًا. فالتطور في طبيعة النزاع يستلزم بالضرورة إعادة تشكيل الإستراتيجيات وتحديث الأدوات بما يتماشى مع مقتضيات عصر جديد من الحروب الذكية والديناميكية. من هنا، نستكمل الحديث عن أهمية الاستخبارات لا بوصفها داعمًا عسكريًا، بل بصفتها العقل المدبر والمحرك الفعال لرسم الحروب. نعم، الاستخبارات هي الحرب ذاتها، من أتقنها انتصر بالحرب ! ثلاث عمليات ميدانية (ثلاثة أمثلة) مهمة جرت مؤخرًا تؤكد بشكل قاطع أن الاستخبارات باتت تقود المشهد القتالي بكل أبعاده: • العملية الأولى: تدمير المقاتلات الإستراتيجية الروسية: في واحدة من أبرز العمليات الاستخباراتية الهجومية خلال السنوات الأخيرة، استُخدمت أسراب من الطائرات المسيّرة صغيرة الحجم، قد تكلّف الواحدة منها أقل من 500 دولار، أُطلقت من شاحنات مموّهة، لتدمير ما يقارب ثلث الأسطول الإستراتيجي الروسي في غضون ساعات. هذه العملية كلفت روسيا ما يقرب من 7 مليارات دولار! عملية ستُكتب في التاريخ العسكري بسبب تدميرها البالغ وتكلفتها الزهيدة، ومن باب الشفافية يُقال إن جهاز استخبارات غربي خطط أو ساعد في العملية ونفذتها القوات الأوكرانية. • العملية الثانية: «البيجر» في مواجهة حزب الله عملية استخباراتية بامتياز، اعتمدت على تقنيات متقدمة للغاية، مكّنت من الرصد الفوري، والتعطيل اللحظي، والتصفية الدقيقة عن بُعد. تخيّل أن ضغطة زر واحدة، وفي أقل من دقيقة، أدّت إلى تحييد أو تصفية ما يقرب من 4000 عنصر من حزب الله خلال الحرب، دون أي تكلفة تُذكر، ومن نفذها ليسوا مقاتلين ميدانيين، بل تقنيون مختصون ربما لم يسبق لهم أن دخلوا ساحة معركة، حققوا ما قد تعجز عنه فرقة عسكرية كاملة مدرّبة على العمليات التقليدية. • العملية الثالثة: تصفية قادة الصف الأول في إيران في الساعات الأولى من اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية، نجحت عملية استخباراتية دقيقة في استدراج عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين إلى موقع محدد، عبر تلاعب ذكي بالمؤشرات والتحليلات الميدانية، لتُنفذ ضربة واحدة حاسمة أطاحت بجميعهم. هذه العمليات الثلاث تكشف أن من يحدد مسار الحرب اليوم ليس من يقف على أرض المعركة، بل من يجلس خلف الشاشات، يقود المعركة بتحليل البيانات، وتوجيه الذكاء الاصطناعي، وتفعيل الطائرات المسيّرة. كتبنا سابقًا: «في العصر الحديث، أصبحت الحروب تُدار بالمعلومات والاستخبارات والذكاء الاصطناعي والتقنية الحديثة، بدلًا من الاعتماد على الجنود فقط، حيث أصبح الجندي في الحروب الحديثة منفذًا للعمليات أكثر من كونه قائدًا لها. فمن يحدد الأهداف ويصمم العمليات «الاستخبارات» بشقيها الإلكتروني والبشري. ومع دخول الذكاء الاصطناعي، والبحث عن النمط والتضمين والاستبعاد والتحليل وغيرها، أصبحت الشبكات والذكاء وجمع المعلومات هي الكنز والذخيرة الأساسية لمسار الحروب. الحروب التقليدية كانت تعتمد على أجساد قوية ومهارات بدنية. أما اليوم، فـقد يكون الذي يحدد مسار الحروب شخص لا يملك أي بنية جسمانية، وربما يصعب عليه حتى حمل سلاح، ولكنه من خلف الشاشات، وبفضل مهاراته في جمع المعلومات والذكاء الاصطناعي، يستطيع تدمير أهم أهداف العدو. وربما شخص لم يدخل ميدان معركة حقيقيًا، ولكنه من خلف الشاشات يتحكم في درون كأنها لعبة بلايستيشن، ويقضي على أهداف العدو بدقة عالية». ما نريد التركيز عليه في هذا المقال هو ضرورة التكيّف مع هذا الواقع وتقبل التغيير، لسنا نفرض صيغة معينة، لكن نعتقد أن من أهم عناصر النجاح في الحروب الحديثة هو التكيف وقبول الجديد! وهذا بحد ذاته صعب في المجالات التقليدية التاريخية، سواء العسكرية أو الطب مثلًا، وفي علم الإدارة وفصل (إدارة التغيير)، سواء الإداري المدني أو العسكري، هناك ما يسمى «مقاومة التغيير أو صعوبة التغيير لمفاهيم جديدة»، خصوصًا دخول أناس من خارج المجال للعملية ! في عالم يتغيّر بوتيرة متسارعة، لم يعد من المقبول إدارة الحروب والصراعات بعقليات الأمس وأدوات الماضي. الحسم في النزاعات المعاصرة لم يعد مرتبطًا فقط بعديد القوات والآليات، بل أصبح مرهونًا بالفكر الاستباقي، والمعلومة الدقيقة، وسرعة التحليل واتخاذ القرار. هذا التحول فرض ضرورة إعادة تشكيل البنية الذهنية للمؤسسات العسكرية لتكون أكثر مرونة واستيعابًا للبعد الاستخباراتي والأمني. أصبحت الاستخبارات العامة والأمن الوطني والقومي لاعبين أساسيين في صياغة القرارات الإستراتيجية، ولم يعد دورهم يقتصر على الدعم أو التنسيق، باتوا شركاء – بل وقادة – في توجيه العمليات العسكرية. ولعل التحدي الأكبر يكمن في الانتقال من نموذج الفصل بين الأمن والدفاع إلى نموذج تكاملي تتداخل فيه الخبرات الأمنية مع القرارات العسكرية، وتتقدم فيه العقول الاستخباراتية لتوجيه دفة المعركة. ومع التغير الجذري في طبيعة الحروب، خاصة تلك المعتمدة على التقنية والمعلومات، بات من المنطقي أن تُمنح القيادات ذات الخلفية التحليلية أو التقنية في أجهزة الأمن والاستخبارات أدوارًا مباشرة في هيكلة وحدات الاستخبارات العسكرية. ليس تقليلًا من كفاءة الضباط العسكريين التقليديين، بل استجابة ضرورية لمتطلبات المرحلة التي تستدعي توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي والتحليل الشبكي داخل المؤسسات الدفاعية. ورغم وجود ما يُعرف بأمن الاستخبارات العسكرية في الجيوش، إلا أن ما نقصده هنا يذهب أبعد من ذلك؛ نحن نتحدث عن تطعيم العقلية العسكرية بفكر استخباراتي أمني عابر للتقسيمات الهيكلية التقليدية، قادر على استيعاب السياقات المعقدة، واستشراف التهديدات، والتعامل مع الأزمات قبل وقوعها. أي أن الدور الأمني لم يعد مجرد مكون مساعد، بل أصبح عصبًا محوريًا في البنية الدفاعية الشاملة. في هذا السياق، يصبح من المنطقي أن تشمل برامج تأهيل ضباط الاستخبارات العسكرية تدريبًا متخصصًا في مفاهيم الأمن القومي والاستخبارات العامة، كما أن إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية لتستوعب هذا المزج الفكري والتقني تمثل ضرورة لا ترفًا تنظيميًا. الجمود والتمسك بالخطط التقليدية في زمن التحولات الكبرى يُعدّ نوعًا من الإنكار الخطير. فالحروب اليوم لا تُخاض بالأسلحة فقط، بل بالعقول، وبالقدرة على التحليل والتوقع واتخاذ القرار في الوقت المناسب. ولهذا، فإن الاستثمار في أجهزة الاستخبارات العامة والأمن القومي، سواء عبر زيادة الموارد توسيع الصلاحيات، لم يعد خيارًا، بل حاجة إستراتيجية. ولا بد من إعادة توجيه جزء من الميزانيات من بعض القطاعات العسكرية التقليدية نحو هذه الأجهزة الحيوية، بعد أن أثبتت فاعليتها في إدارة الأزمات وتحقيق أهداف إستراتيجية بمجهود وموارد أقل وخسائر أدنى. في الحروب الحديثة، الاستخبارات المتقدمة – البشرية والتقنية – قادرة على تحقيق نتائج نوعية تَعجز عنها الجيوش النظامية في بعض الحالات، وهذا يمثل أعلى درجات الكفاءة والجدوى (Cost-effectiveness) في إدارة النزاعات. ولعل الأهم من كل ذلك أن العقل الاستخباراتي يوفّر الأرواح، ويحمي المقدرات الوطنية، ويمنع الانزلاق في مواجهات مفتوحة طويلة الأمد. فالذكاء الاستخباراتي أداة الحسم الأذكى والأكثر جدوى، في زمن تُقاس فيه قوة الدول بمرونتها المعرفية، ودقتها التحليلية، وسرعتها في التفاعل مع الواقع المتغيّر. المضي نحو هذا التحول لا يمكن أن يُترك لاجتهادات فردية أو مبادرات معزولة، بل يتطلب إرادة مؤسسية واعية، تبدأ بتشكيل فرق تحليل متخصصة تدرس تجارب الحروب الحديثة، وتُعيد هندسة البنية الاستخباراتية والعسكرية على أساس تكاملي يجمع بين الأمن والتقنية والتحليل العميق، بالتوازي مع تبني الذكاء الاصطناعي. لقد بات مفهوم «قوة الدولة» اليوم يخضع لإعادة تعريف. لم يعد يُقاس بعدد الدبابات أو الطائرات، بل بعمق البنية الاستخباراتية، وكفاءة التعامل مع المعلومة، وسرعة التحليل والقرار. وربما سيكون من الطبيعي أن يدخل معيار «قوة أجهزة الاستخبارات العامة» ضمن معايير قياس القوة العسكرية الشاملة، رغم كونها قطاعًا أمنيًا غير دفاعي بالمعنى التقليدي.

سعورس
منذ 2 أيام
- سعورس
أزمة أمريكية بتراجع الشعبية وثقة الطلاب والمهاجرين
وتشير البيانات إلى أن الحملة الصارمة التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بشأن الهجرة، غيّرت صورة الولايات المتحدة على المستوى العالمي، لتبدو لكثير من المراقبين والعائلات والطلاب مكانًا غير مرحب به. هل يعود «الحلم الأمريكي»؟ وتواجه أمريكا اليوم تحديًا وجوديًا في صورتها العالمية. فبينما يصرّ ترمب على أن سياساته تحمي البلاد من «تهديدات خارجية»، يرى مراقبون أن الضرر الأكبر يتمثل في زعزعة الثقة بكونها أرضًا للفرص والتعددية. وقالت فانتا أو، مديرة رابطة «نافسا» التي تمثل المعلمين الدوليين: «عندما تختار العائلات مستقبل أطفالها، فإنها تبحث عن الأمان والاستقرار. وقد زعزعت هذه الإجراءات تلك الثقة بشكل جوهري». تآكل الصورة الإيجابية وأظهرت استطلاعات مركز بيو للأبحاث، التي أُجريت بين يناير وأبريل، تدهور النظرة إلى الولايات المتحدة في 15 من أصل 24 دولة. هذا التراجع ارتبط مباشرة بسياسات الهجرة، والتوترات العرقية، وحملات الطرد. وترى مؤسسات أكاديمية أن هذه الصورة المشوهة لا تؤثر فقط على التعليم الدولي، بل على مكانة أمريكا الاقتصادية والثقافية كقوة ناعمة. طرد جماعي ورسائل سلبية وترمب الذي جعل من الهجرة إحدى ركائز سياساته، أطلق خلال حملته وولايته السابقة إجراءات مشددة استهدفت ليس فقط المهاجرين غير الشرعيين، بل طالت أيضًا المقيمين الشرعيين، والزوار المؤقتين، والطلاب الدوليين. لذل وصف إدوين فان ريست، المدير التنفيذي لمنصة Studyportals التعليمية، الوضع قائلاً: «الرسالة القادمة من واشنطن باتت واضحة: أنتم غير مرحب بكم في الولايات المتحدة» ، مشيرًا إلى أن الاهتمام بالدراسة في أمريكا بلغ أدنى مستوياته منذ جائحة كوفيد-19، في مقابل ارتفاع الطلب على دول بديلة مثل بريطانيا وأستراليا. التاريخ بعكس الاتجاه وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة بُنيت تاريخيًا كمجتمع مهاجرين، فإن الممارسات الحالية تُعيد إنتاج فصول من تاريخها المظلم، مثل قانون استبعاد الصينيين عام 1882، ومعسكرات اعتقال اليابانيين الأمريكيين في الحرب العالمية الثانية. وفي مفارقة لافتة، فإن ترمب نفسه حفيد مهاجر ألماني، وتزوج امرأتين مهاجرتين. ومع ذلك، تقود سياساته اليوم موجة جديدة من التشدد في الهجرة، تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها تتنافى مع المبادئ المؤسسة لأمريكا. تراجع اقتصادي واجتماعي وبحسب مكتب الإحصاء الأمريكي، أسهمت الهجرة بنسبة 84 % من نمو السكان عام 2024، ومع ذلك لا تزال تُصوّر في خطابات ترمب على أنها «غزو». ويتوقع محللون من مؤسسة بروكينغز أن تؤدي هذه السياسات إلى استنزاف الكفاءات، وتقليص الجاذبية الأمريكية عالميًا. وفي قطاع التعليم تحديدًا، أفادت منصة Studyportals أن مشاهدات برامج الشهادات الأمريكية انخفضت بمقدار النصف خلال الشهور الأولى من 2025. ويهدد هذا التراجع الجامعات الأمريكية التي تعتمد على الطلاب الدوليين كمصدر رئيسي للدخل والتنوع. تراجع صورة أمريكا بسبب سياسات ترمب في الهجرة 1. تحول النظرة العالمية لأمريكا: لم تعد الولايات المتحدة في 2025 تُرى كأرض الفرص، بل كبلد يتبنى سياسات طرد جماعية وتشديد على المهاجرين والطلاب والزوار. 2.تدهور في مؤشرات الثقة الدولية: استطلاع مركز بيو أظهر تراجع النظرة الإيجابية لأمريكا في 15 من أصل 24 دولة خلال أقل من عام، بسبب خطاب وسياسات معادية للمهاجرين. 3. تأثير مباشر على التعليم والسياحة: القطاعات التي اعتمدت تاريخيًا على الانفتاح الأمريكي (التعليم، السياحة، التجارة) بدأت تتأثر بانكماش الحضور الأجنبي وتآكل الثقة.4. المهاجرون النظاميون أيضًا مستهدفون: سياسات ترمب لم تقتصر على غير الشرعيين، بل شملت المقيمين الشرعيين والطلاب، مما زاد القلق العام من عدم الاستقرار.


شبكة عيون
منذ 2 أيام
- شبكة عيون
أزمة أمريكية بتراجع الشعبية وثقة الطلاب والمهاجرين
لم تعد الولايات المتحدة بالنسبة لكثيرين حول العالم وجهة الطموح والأمل كما كانت لعقود. بل تحوّلت إلى بلد في هذا العام تتصاعد فيه الدعوات للترحيل وتُثقل فيه قوانين الهجرة المشهد العام، مما يدفع كثيرين لإعادة النظر في فكرة الهجرة إليها، أو حتى زيارتها. وتشير البيانات إلى أن الحملة الصارمة التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بشأن الهجرة، غيّرت صورة الولايات المتحدة على المستوى العالمي، لتبدو لكثير من المراقبين والعائلات والطلاب مكانًا غير مرحب به. هل يعود «الحلم الأمريكي»؟ وتواجه أمريكا اليوم تحديًا وجوديًا في صورتها العالمية. فبينما يصرّ ترمب على أن سياساته تحمي البلاد من «تهديدات خارجية»، يرى مراقبون أن الضرر الأكبر يتمثل في زعزعة الثقة بكونها أرضًا للفرص والتعددية. وقالت فانتا أو، مديرة رابطة «نافسا» التي تمثل المعلمين الدوليين: «عندما تختار العائلات مستقبل أطفالها، فإنها تبحث عن الأمان والاستقرار. وقد زعزعت هذه الإجراءات تلك الثقة بشكل جوهري». تآكل الصورة الإيجابية وأظهرت استطلاعات مركز بيو للأبحاث، التي أُجريت بين يناير وأبريل، تدهور النظرة إلى الولايات المتحدة في 15 من أصل 24 دولة. هذا التراجع ارتبط مباشرة بسياسات الهجرة، والتوترات العرقية، وحملات الطرد. وترى مؤسسات أكاديمية أن هذه الصورة المشوهة لا تؤثر فقط على التعليم الدولي، بل على مكانة أمريكا الاقتصادية والثقافية كقوة ناعمة. طرد جماعي ورسائل سلبية وترمب الذي جعل من الهجرة إحدى ركائز سياساته، أطلق خلال حملته وولايته السابقة إجراءات مشددة استهدفت ليس فقط المهاجرين غير الشرعيين، بل طالت أيضًا المقيمين الشرعيين، والزوار المؤقتين، والطلاب الدوليين. لذل وصف إدوين فان ريست، المدير التنفيذي لمنصة Studyportals التعليمية، الوضع قائلاً: «الرسالة القادمة من واشنطن باتت واضحة: أنتم غير مرحب بكم في الولايات المتحدة»، مشيرًا إلى أن الاهتمام بالدراسة في أمريكا بلغ أدنى مستوياته منذ جائحة كوفيد-19، في مقابل ارتفاع الطلب على دول بديلة مثل بريطانيا وأستراليا. التاريخ بعكس الاتجاه وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة بُنيت تاريخيًا كمجتمع مهاجرين، فإن الممارسات الحالية تُعيد إنتاج فصول من تاريخها المظلم، مثل قانون استبعاد الصينيين عام 1882، ومعسكرات اعتقال اليابانيين الأمريكيين في الحرب العالمية الثانية. وفي مفارقة لافتة، فإن ترمب نفسه حفيد مهاجر ألماني، وتزوج امرأتين مهاجرتين. ومع ذلك، تقود سياساته اليوم موجة جديدة من التشدد في الهجرة، تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها تتنافى مع المبادئ المؤسسة لأمريكا. تراجع اقتصادي واجتماعي وبحسب مكتب الإحصاء الأمريكي، أسهمت الهجرة بنسبة 84 % من نمو السكان عام 2024، ومع ذلك لا تزال تُصوّر في خطابات ترمب على أنها «غزو». ويتوقع محللون من مؤسسة بروكينغز أن تؤدي هذه السياسات إلى استنزاف الكفاءات، وتقليص الجاذبية الأمريكية عالميًا. وفي قطاع التعليم تحديدًا، أفادت منصة Studyportals أن مشاهدات برامج الشهادات الأمريكية انخفضت بمقدار النصف خلال الشهور الأولى من 2025. ويهدد هذا التراجع الجامعات الأمريكية التي تعتمد على الطلاب الدوليين كمصدر رئيسي للدخل والتنوع. تراجع صورة أمريكا بسبب سياسات ترمب في الهجرة 1. تحول النظرة العالمية لأمريكا: لم تعد الولايات المتحدة في 2025 تُرى كأرض الفرص، بل كبلد يتبنى سياسات طرد جماعية وتشديد على المهاجرين والطلاب والزوار. 2.تدهور في مؤشرات الثقة الدولية: استطلاع مركز بيو أظهر تراجع النظرة الإيجابية لأمريكا في 15 من أصل 24 دولة خلال أقل من عام، بسبب خطاب وسياسات معادية للمهاجرين. 3. تأثير مباشر على التعليم والسياحة: القطاعات التي اعتمدت تاريخيًا على الانفتاح الأمريكي (التعليم، السياحة، التجارة) بدأت تتأثر بانكماش الحضور الأجنبي وتآكل الثقة.4. المهاجرون النظاميون أيضًا مستهدفون: سياسات ترمب لم تقتصر على غير الشرعيين، بل شملت المقيمين الشرعيين والطلاب، مما زاد القلق العام من عدم الاستقرار. Page 2 الاثنين 02 يونيو 2025 08:19 مساءً Page 3