
«مصر ستتأثر».. اشتباكات الهند وباكستان قد ترفع أسعار هذه السلع
تم تحديثه الأربعاء 2025/5/7 04:58 م بتوقيت أبوظبي
على وقع تفاقم المناوشات العسكرية بين القوتين النوويتين الهند وباكستان الليلة الماضية، ما يهدد بإشعال أزمة اقتصادية جديدة، انشغل المصريون بمراقبة التداعيات المحتملة على معيشتهم وتجارتهم واستثماراتهم.
وجاء ذلك وسط تحذيرات خبراء الاقتصاد من آثار غير مباشرة قد تضرب الأسواق، وتهز سلاسل التوريد العالمية.
وحذر الخبراء من أن تترجم الاشتباكات في حال استمرارها إلى ارتفاع في تكلفة واردات سلع أساسية لمصر من الهند، بما في ذلك اللحوم والملابس والحديد والأسمدة، فضلا عن الإلكترونيات والسيارات.
تأثير غير ملموس حتى الآن
أكد الخبير الاقتصادي بلال شعيب أن التوترات العسكرية المتصاعدة بين الهند وباكستان قد تحمل انعكاسات اقتصادية عالمية في حال تطورها إلى مواجهة مفتوحة، إلا أن التأثير المباشر على مصر حتى الآن يظل محدودًا وغير ملموس.
وأوضح شعيب لـ"العين الإخبارية"، أن الاشتباكات الحدودية السابقة بين البلدين كانت أقرب إلى مناوشات معتادة دون تصعيد فعلي، ولكن الوضع الحالي يبدو مختلفًا مع وجود مؤشرات على اندلاع حرب عسكرية شاملة، مشيرًا إلى صعوبة التكهن بنتائجها في الوقت الراهن.
وأضاف أن الهند تعد خامس أكبر اقتصاد في العالم، وتربطها بمصر علاقات تجارية تصل إلى قرابة 2.5 مليار دولار سنويًا، بينما العلاقات مع باكستان تظل محدودة وأقل تأثيرًا اقتصاديًا.
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للهند 3.7 تريليون دولار في 2023، لتصبح خامس أكبر اقتصاد عالميًا، بعدما تقدمت أربعة مراكز في الترتيب الدولي خلال العقد الذي تولى فيه ناريندرا مودي رئاسة الوزراء، لتأتي بعد أمريكا والصين وألمانيا واليابان.
بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي لباكستان نحو 338.37 مليار دولار في 2023، وفقًا لبيانات البنك الدولي، لتمثل 0.32% من اقتصاد العالم.
تأثير محتمل على الاقتصاد العالمي
وأشار شعيب إلى أن أي اضطراب اقتصادي في الهند قد تكون له تداعيات غير مباشرة على مصر من خلال التأثير على سلاسل الإمداد أو الأسواق العالمية، لكن حتى اللحظة لا توجد مؤشرات على تأثر مباشر أو توقف في تدفق السلع الاستراتيجية.
وتابع أنه حتى في حال حدوث تصعيد، فإن التأثير سيكون عالميًا وليس مقتصرًا على مصر، خاصة أن الهند والصين تمثلان نحو 40% من القدرات الإنتاجية العالمية، وقد تدخل الصين على خط الدعم السياسي والاقتصادي، ما يوسع دائرة التوتر.
ولفت إلى أن مصر، بعد أزمة أوكرانيا، عملت على تنويع مصادر التوريد وعدم الاعتماد على دولة واحدة، وهو ما يخفف من آثار أي أزمات جيوسياسية مماثلة، مضيفًا: 'أعتقد أن تأثير هذه الأزمة على مصر سيكون بسيطًا - إن وجد -، بفضل السياسة الاقتصادية التي أصبحت أكثر احترازًا وتنوعًا في الشراكات الدولية".
وفي منتصف 2023، وقع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إعلانًا مشتركًا للارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة، تشمل التعاون في مجالات حيوية مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات الدوائية، والتعليم العالي، والطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، إلى جانب قطاع السياحة.
انعكاسات متفاوتة على الدول
وقال الخبير الاقتصادي، محمد الشوادفي، إن العالم يشهد تسارعًا في وتيرة الأزمات الدولية، مؤكدًا أن اندلاع حرب بين الهند وباكستان ستكون له انعكاسات متفاوتة على اقتصادات الدول، ومن بينها مصر، التي قد تتأثر بدرجة متوسطة نظرًا لعدم وجود روابط جغرافية مباشرة مع أطراف النزاع.
وأوضح الشوادفي لـ"العين الإخبارية"، أن العلاقات التجارية بين مصر والهند تلعب دورًا رئيسيًا في هذا التأثر، لا سيما فيما يتعلق باستيراد الحبوب وبعض المكونات الصناعية، فقد يؤدي أي اضطراب في سلاسل التوريد الناتجة عن الحرب إلى ارتفاع الأسعار أو تأخير الإمدادات.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والهند نحو 4.2 مليار دولار خلال عام 2024، بحسب وزير الاستثمار المصري، حسن الخطيب، مشيرًا إلى وجود 55 شركة هندية تنشط في السوق المصرية باستثمارات تتجاوز 3.75 مليار دولار، كما تطمح البلدان إلى مضاعفة الرقم إلى 12 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
اضطراب سلاسل التوريد
وأشار الشوادفي إلى أن الهند تعد من الاقتصادات النامية الكبرى المتوقع لها نمو كبير خلال السنوات المقبلة، وبالتالي فإن اضطرابها سينعكس بشكل واضح على حركة التجارة العالمية.
وأضاف أن الدول التي تعتمد على حجم تبادل تجاري كبير مع الهند وباكستان، مثل الصين، ستكون الأكثر تضررًا، في حين أن العلاقات المحدودة لمصر مع باكستان تجعل التأثير منها أقل.
ووصل حجم التبادل التجاري بين مصر وباكستان إلى 400 مليون دولار في 2023، وفقًا لبيانات الحكومة المصرية.
وأكد الشوادفي أن بعض المكونات المستوردة مثل الرقائق الإلكترونية التي تنتجها الهند قد تشهد تأثرًا، مما ينعكس على أسعار العديد من المنتجات التي تعتمد على هذه المكونات في صناعتها.
وشدد على أن التأثير العام على الاقتصاد المصري لن يكون كبيرًا في المدى المتوسط، لكنه يبقى مرهونًا بشدة الحرب ومدتها، خاصة وأنها لا تزال في مراحلها الأولى، مؤكدًا أهمية متابعة تطورات الموقف وتقييم السيناريوهات المحتملة لتفادي أي صدمات مفاجئة.
وتتركز أبرز واردات مصر من الهند في اللحوم، والحديد والصلب، والآلات، والمنتجات العضوية، بينما تشمل صادراتها الرئيسية إلى نيودلهي الأسمدة، والقطن، والملح، والكبريت، والأحجار.
وخلال اجتماعه في مارس/آذار الماضي، مع وزير التجارة الهندي بيوش جويال، شدد وزير الاستثمار المصري على حرص القاهرة على جذب المزيد من الاستثمارات الهندية في مجالات استراتيجية، من بينها الطاقة المتجددة، والكيماويات، وصناعة السيارات ومكوناتها، والأدوية، والمنسوجات، وقطاع التكنولوجيا، مشيرًا إلى وجود "طفرة مرتقبة" في حجم الاستثمارات الهندية داخل مصر.
aXA6IDgyLjI5LjIxNS40NiA=
جزيرة ام اند امز
CH

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ ساعة واحدة
- الاتحاد
«التعاون الخليجي» يحتفي بـ 44 عاماً من العمل المشترك
أبوظبي (الاتحاد) من عاصمة الرؤى، أبوظبي، حيث عُقد مهد القمم وانبثق فجر الوحدة الخليجية قبل أربعة وأربعين عاماً، تتجدد اليوم ذكرى تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية. هذه المناسبة ليست مجرد تاريخ يُحتفى به، بل هي شاهد على مسيرة استثنائية من التلاحم والتكامل، انطلقت شرارتها الأولى في الخامس والعشرين من مايو 1981، حين أعلنت أبوظبي رسمياً عن ميلاد هذا الصرح الإقليمي، واضعة اللبنة الأولى في بنيان يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط، وصولاً إلى الوحدة المنشودة. لم يكن تأسيس المجلس مجرد استجابة لظروف راهنة، بل كان تجسيداً لإدراك عميق من قادة دول الخليج «رحمهم الله وأمد في أعمار الحاضرين منهم»، بما يجمع شعوبهم من روابط الدين والتاريخ والمصير المشترك، ورغبة صادقة في تحويل حلم الأجيال إلى واقع ملموس، وتشييد حصن منيع يعزز الهوية الخليجية، ويواكب تطلعات المستقبل. وعلى مدار أربعة وأربعين عاماً، وبفضل حكمة وتوجيهات أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، تحول الحلم إلى مؤسسة شامخة، ضاربة جذورها في عمق التاريخ والجغرافيا، تستلهم من إرث الأخوة وقوة الروابط، لتصبح نموذجاً يُحتذى به للتكامل الإقليمي؛ مسيرة حافلة بالإنجازات، من السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، مروراً بالربط الكهربائي وتنسيق الاستراتيجيات الدفاعية والبترولية، وصولاً إلى تعزيز حرية تنقل المواطنين وتنمية التجارة البينية التي تجاوزت 131 مليار دولار في عام 2023، فيما ناهز حجم التجارة الخارجية 1.5 تريليون دولار، مما يعكس الدور المحوري لدول المجلس كقوة اقتصادية عالمية مؤثرة تمتلك نحو 4.4 تريليون دولار كأصول في صناديقها السيادية. واليوم، إذ يحتفي المجلس بعامه الرابع والأربعين، فإنه يقف كأنجح تجربة تكاملية في المنطقة، وركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وصوت للحكمة والاتزان. وتأتي هذه الذكرى والمواطن الخليجي ينعم بثمار هذه المسيرة أمنا ورخاء، ويشعر بالفخر بانتمائه، بينما تتواصل الجهود نحو آفاق أرحب، مسترشدة بمقترح الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، تأكيداً على حيوية المجلس وقدرته على التطور ومواكبة الطموحات. إن مسيرة مجلس التعاون، التي انطلقت من أبوظبي، هي قصة نجاح تُروى، وإلهام للأجيال القادمة، ودليل ساطع على أن الإرادة المشتركة والرؤية الثاقبة قادرتان على صنع مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً لشعوب المنطقة والعالم. ورفع معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في كلمة، خلال حفل أقامته الأمانة العامة لمجلس التعاون، بمقرها في مدينة الرياض، بهذه المناسبة، التهنئة إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية «حفظهم الله». وأكد البديوي أنه رغم كل التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية، ظلت مسيرة مجلس التعاون مثالاً يُحتذى به في وحدة الصف، والتكامل الفاعل، والتعاون البنّاء، حتى غدت نموذجاً رائداً على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى جميع الأصعدة ومختلف المجالات. وأضاف: لقد شهدت المسيرة المباركة لمجلس التعاون، بفضل الله، محطات مضيئة وإنجازات نوعية أسهمت في ترسيخ التكامل الخليجي في شتى المجالات، حتى غدت دول المجلس نموذجاً يُحتذى به في العمل الجماعي، وشريكاً يُعتمد عليه إقليمياً ودولياً.


الاتحاد
منذ 3 ساعات
- الاتحاد
الذكاء الاصطناعي.. قفزة نحو المستقبل
الذكاء الاصطناعي.. قفزة نحو المستقبل أسفرت الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى دولة الإمارات، عن توقيع حزمة واسعة من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، بقيمة إجمالية تجاوزت 1.6 تريليون دولار. وشملت هذه الاتفاقيات قطاعات حيوية، من أبرزها الذكاء الاصطناعي، الطاقة، التصنيع، الطيران، والتعليم التكنولوجي.. إلخ، في خطوة استراتيجية غير مسبوقة في أثرها الاستراتيجي طويل المدى. وتَصدَّر وسائلَ الإعلام خبرُ اعتزام دولة الإمارات ضخ استثمارات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي على مدى السنوات العشر المقبلة، بواقع 140 مليار دولار سنوياً، في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والطاقة، وأشباه الموصلات.. في خطوة وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين البلدين، من حيث الحجم والتنوع والأثر المستقبلي. وعلى الجانب الإماراتي، تشكل هذه الاتفاقياتُ خطوةً جريئة للاستثمار في المستقبل، فهي في الواقع تعزز مكانةَ الإمارات مركزاً إقليمياً للذكاء الاصطناعي والطاقة المستدامة، حيث سيمكِّنها التعاونُ مع الولايات المتحدة من الوصول المباشر إلى أحدث التقنيات العالمية، مما يعزز ريادة الإمارات في المنطقة في مجال الذكاء الاصطناعي ويعزز أمنَها الاقتصادي والتكنولوجي على المدى البعيد. وتعَد هذه الاتفاقيات تحولاً جوهرياً في مسار العلاقات الاقتصادية بين أبوظبي وواشنطن، حيث إنها اتفاقيات نوعية تؤسس لريادة دولة الإمارات في المنطقة في مجال حيوي يعكس رؤيةَ القيادة الحكيمة في دولة الإمارات للاستثمار في المستقبل الرقمي. كما أنها اتفاقيات استراتيجية لخدمة التحول نحو اقتصاد المعرفة ونقل التقنية وتنمية الكفاءات الوطنية الإماراتية. ولعله من أبرز إنجازات تعميق الشراكة الاستراتيجية والتكنولوجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، الإعلان عن إطلاق مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأميركي الشامل بسعة قدرها 5 غيغاواط، والذي يعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة، إذ سيخلق في أبوظبي منصة إقليمية تمكّن الشركات الأميركية العملاقة من تقديم خدمات سريعة لما يقرب من نصف سكان العالم، بما من شأنه أن يرسِّخ مكانةَ الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار والتقنيات المتقدمة. ويستند هذا التعاون إلى إطار عمل جديد أطلق عليه «شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة»، لتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.لقد تبنّت دولة الإمارات نموذجاً وطنياً فريداً يتطلع للاستثمار في مستقبل أكثر ذكاءً ومرونةً، عن طريق تبنِّي الذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية لصناعة المستقبل. وتعد استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي أول خطة وطنية شاملة في الشرق الأوسط توظف التقنيات الذكية لتحقيق قفزة نوعية في الاقتصاد والمجتمع بحلول عام (2031). وتركز هذه الاستراتيجية على تبنّي الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحكومية والخاصة، مع تطوير الكفاءات المحلية وجذب الاستثمارات العالمية، وكل ذلك في سبيل تحيق خطة طموحة لتقليل الاعتماد على الموارد النفطية، وتعزيز التنويع الاقتصادي من خلال توجيه الاستثمارات إلى صناعات معرفية قائمة على الابتكار، وهو ما سيضمن للدولة تَصدُّر السباق التكنولوجي العالمي. لقد عملت الدولة منذ إطلاق هذه الاستراتيجية على تأسيس برامج أكاديمية نوعية في الجامعات الحكومية والخاصة لبناء كوادر وطنية مؤهلة، كما أنشأت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مراكز أبحاث متخصصة، وتمويل مشاريع رائدة في مجالات مثل الروبوتات والبيانات الضخمة. واليوم تأتي الاتفاقيات مع الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي لتؤكد سعي دولة الإمارات إلى أن تصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي، ومحركاً للابتكار في المنطقة، خدمةً للإنسانية وتحقيقاً للتنمية المستدامة والازدهار. إنها قفزة نوعية في رؤية دولة الإمارات الاستباقية نحو احتضان المستقبل. *كاتبة إماراتية


الاتحاد
منذ 3 ساعات
- الاتحاد
قمة الإعلام العربي 2025 واستشراف المستقبل
قمة الإعلام العربي 2025 واستشراف المستقبل تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً رائداً في تطوير قطاع الإعلام، حيث تبنّت رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى ترسيخ مكانتها كمركز إعلامي عالمي. وفي ظل تسارع التحولات الرقمية، باتت صناعة الإعلام في قلب التغيرات التكنولوجية، تبحث عن التوازن بين المصداقية التقليدية والانبهار الرقمي الجديد. وفي هذا السياق، تبرز «قمة الإعلام العربي 2025» التي تحتضنها دبي، ليس كمجرد فعالية سنوية، بل كمؤشر واضح على تحولات استراتيجية تعيد رسم ملامح الإعلام العربي.تنطلق فعاليات «قمة الإعلام العربي 2025» في مركز دبي التجاري العالمي خلال الفترة من 26 إلى 28 مايو 2025، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وينظمها نادي دبي للصحافة. وتُعدّ هذه القمة من أبرز الفعاليات الإعلامية في العالم العربي؛ إذ تجمع تحت مظلتها مبادرات ومنتديات تهدف إلى تعزيز الحوار وتطوير قطاع الإعلام في المنطقة. ما يميز دورة هذا العام هو تعدد محاورها وتكامل مبادراتها. فهي لم تعد مجرد حدث سنوي يضم متحدثين وورش عمل، بل تحوّلت إلى منصة استراتيجية شاملة. وإلى جانب «منتدى الإعلام العربي» الذي يناقش قضايا الصحافة التقليدية، تتضمن القمة «المنتدى الإعلامي العربي للشباب»، و«جائزة إبداع»، التي تركز على دعم المواهب الصاعدة، بالإضافة إلى «قمة رواد التواصل الاجتماعي» التي تعكس إدراكاً متزايداً بأن الإعلام لم يعد حكراً على المؤسسات، بل بات فضاءً مفتوحاً للمؤثرين الرقميين وصنّاع المحتوى. وهذا التنوع في الفعاليات يُجسّد واقع الإعلام العربي المتعدد، ويؤكد أن تطوير هذا القطاع يتطلب انفتاحاً على أدوات التأثير الحديثة، بما يشمل الرقمنة، والشباب، والمنصات البديلة. تركز القمة في نسختها الحالية على محاور استراتيجية، أبرزها: التحول الرقمي، وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة الإعلام، وتعزيز التعاون الإقليمي لتبادل الخبرات. كما تسلط الضوء على التحولات الجذرية في العمل الصحفي، بدءاً من السياسات التحريرية وصولاً إلى غرف الأخبار المدعومة بالتقنيات الذكية، مع التأكيد على أهمية تعزيز الهوية الثقافية العربية في ظل تحديات إعلامية وجيوسياسية متنامية. وتتناول القمة أيضاً الحاجة إلى تحديث أخلاقيات المهنة في ظل صعود صحافة الروبوتات والخوارزميات، لضمان التوازن بين الابتكار والمسؤولية. تبرز أهمية الإعلام بشكل خاص في أوقات الأزمات، مثل الحروب والكوارث الطبيعية والأزمات الصحية، حيث يتحول من ناقل للمعلومة إلى عنصر فاعل في تشكيل الاستجابة المجتمعية وتوجيه الرأي العام. وفي هذا الإطار، تطرح «قمة الإعلام العربي 2025» تساؤلات جوهرية حول مدى جاهزية المؤسسات الإعلامية العربية للقيام بدورها خلال الظروف الاستثنائية، من حيث الالتزام بالمصداقية، والسرعة، ومراعاة البعد الإنساني في التغطيات. كما تناقش القمة تحديات التضليل الإعلامي وانتشار الأخبار الزائفة في أوقات الفوضى، والحاجة إلى بناء منظومات إعلامية قادرة على مقاومة التلاعب المعلوماتي، مع الحفاظ على قيم المهنية والحياد. فالإعلام، في لحظات الأزمات، لا يؤدي فقط دوراً إخبارياً، بل يصبح صمام أمان مجتمعياً يُسهم في بناء الثقة وتوجيه السلوك العام نحو التضامن والوعي. هذا وتُشير التقديرات إلى أن قيمة سوق الإعلام والترفيه في الشرق الأوسط بلغت نحو 30.34 مليار دولار في عام 2020، ومن المتوقع أن تتجاوز 47 مليار دولار بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 7.4% بين 2021 و2026. وفي هذا السياق، تعمل دولة الإمارات على تعزيز إسهامات الإعلام في اقتصادها الوطني من خلال بيئة تشريعية مرنة تواكب المستجدات التقنية، بما يدعم نمو وازدهار القطاع ويعزز من مكانة الدولة على خارطة الإعلام العالمية. تمثل «قمة الإعلام العربي 2025» فرصة فريدة لاستشراف مستقبل الإعلام في المنطقة، مع التركيز على الابتكار، والتكنولوجيا، ودعم الكفاءات الشابة. وهي تجسيد عملي لالتزام الإمارات بتطوير قطاع الإعلام، وتعزيز دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن خلال تبنّي التقنيات الحديثة، ودعم المواهب المحلية، تسعى الدولة إلى ترسيخ مكانتها كمركز إعلامي عالمي مؤثر على الساحتين العربية والدولية. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.