
نقطة الصفر
تُنوِّع دول العالم في تحالفاتها ومسارات مصالحها، هرباً من هيمنة قطب أو اثنين على مُقدّرات البشرية وما يفرضه ذلك من تغييب للإرادات الوطنية. ولا يزال البعض يراهن على أن الدول العربية لكي تنجح في هذا المنحى، أي الوعي بقيمة تنوع التحالفات واتجاهات المصالح، عليها أولاً أن تتحرك وتتفاوض ككتلة لديها ثروات طبيعية وبشرية ومواقع جغرافية تجعلها فاعلة في الملفات الدولية الكبرى.
والدول العربية في هذا الصدد أكثر من فريق، بعضها وعى مبكراً قيمة تحرر القرار من العلاقة بحليف واحد أو اثنين، وسعى في أكثر من اتجاه تحقيقاً لمصالحه ومصالح الكتلة العربية، وبعض آخر جامد متمسك بنظرياته القديمة، ولا يكتفي بذلك، بل يحمل على من يسبقه ويكشف تأخره، أما البعض الثالث، فهو الدول التي قُدّر لها أن تدور في فلك أزماتها الداخلية، وكلما لاح سبيل لتجاوزها أعمى الطمع السياسي أصحاب القرار فيها، فأمعنوا في الاحتراب، وعادوا بدولهم وشعوبهم إلى نقطة الصفر.
وآفة الفريقين الثاني والثالث في الكتلة العربية أنهما لا ينظران إلى التجارب القريبة منهما بعين الاعتبار والتعلم، بل يكابران ويقعان في أخطاء متكررة تخاصم مبادئ القيادة والعمل السياسي الذي تتوحّد فيه رؤى القيادة والشعب عند نقطة متفق عليها للنهوض، ومن ثم البدء في العمل المخلص غير المرتهن لإملاءات خارجية أو أطماع داخلية، فتكون النتيجة الطبيعية خطوات تتسارع نحو المستقبل، بينما البقية تتمسك بصفرها، والأنكى أنها تلوم من يسبقها.
ندرك جميعاً أن من الصعوبة، في الظروف الحالية على الأقل، تكوين تكتل عربي واحد يخاطب التجمعات الإقليمية والدولية بصوت واحد، فكل الأزمات التي تحفل بها دولنا تعرقل أية محاولة لوحدة الصف. لذلك، سيبقى الدفاع عن المصالح الحقيقية ومصائر الشعوب العربية مهمة عدد قليل من الدول، مهما كانت محاولات تعطيلها عن الذهاب إلى المستقبل. والأهم من ذلك أن تدرك الجبهتان الكسولة الجامدة، والمتاجرة بأرواح أوطانها وشعوبها أن ثمن ذلك يتضاعف، وأن الحساب أمام التاريخ والبشر عسير، فالأمر لا يتعلق باجتهادات أو نظريات تخضع للتجربة بحسن نية، لكنها لا تثمر إلا الضياع، إنما هو تخلٍّ مقصود عن واجب مقدس وخيانة لأمانة المسؤولية عن أرواح أجيال وحقهم في الحياة الكريمة.
الثمن بمعناه المادي يمكن تعويضه، وبمساعدة الأشقاء أيضاً، إذا خلصت نوايا أصحاب القرار في دول عربية منكوبة بالاقتتال المزمن، لكن الأرواح الضائعة ستكون وبالاً عليهم، وستطاردهم أينما كانوا.
منذ أكثر من عشر سنوات في بعض هذه الدول، وأقل في بعضها الآخر، وخريطة الطريق التي بدأت في رسمها تحركات شعبية أو تدخلات خارجية، بأيدي عابثين يحملهم الطموح السياسي إلى الجنوح، والجنون، أو يأخذهم الارتهان لقرار خارجي إلى قطع الصلة بكل معاني الوطنية أو احتكار تفسيرها على نحو يخدم مصالحهم فقط، بينما دولهم وشعوبهم تعود إلى نقطة الصفر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 15 ساعات
- صحيفة الخليج
محمد بن زايد: نسعى لتحقيق التنمية والازدهار لجميع شعوب العالم
أبوظبي - وام بحث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» وسانتياغو بينيا رئيس جمهورية الباراغواي اليوم..مختلف جوانب التعاون والعمل المشترك خاصة في المجالات التنموية والاقتصادية والتجارية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي والعمل المناخي وغيرها من المجالات الحيوية التي تدعم تحقيق رؤى البلدين وتطلعاتهما نحو التنمية المستدامة والازدهار. جاء ذلك خلال استقبال سموه في قصر الشاطئ في أبوظبي رئيس الباراغواي والوفد المرافق الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الدولة. دفع علاقات البلدين إلى الأمام كما استعرض الجانبان عدداً من القضايا محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها..مؤكدين في هذا السياق حرصهما على دفع علاقات البلدين إلى الأمام واستثمار الفرص المتنوعة لفتح آفاق جديدة لتعاونهما بما يخدم مصالحهما المشتركة. تعزيز جسور التواصل وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات على مواصلة تنويع قاعدة شراكاتها الاقتصادية والتنموية بجانب تعزيز جسور التواصل والتعاون البناء مع دول أمريكا اللاتينية وفي مقدمتها جمهورية الباراغواي انطلاقاً من نهجها القائم على المصالح المشتركة والتعاون بما يحقق التنمية والازدهار لجميع شعوب العالم. كما تطرق سموه ورئيس الباراغواي إلى التطورات الإقليمية والدولية وفي مقدمتها المستجدات في منطقة الشرق الأوسط..مشددين في هذا السياق على ضرورة تكثيف العمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. الخير والازدهار للعالم وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عبر منصة «إكس»: «بحثت اليوم في أبوظبي مع سانتياغو بينيا رئيس جمهورية الباراغواي سبل تعزيز العلاقات الثنائية خاصة في المجالات التي تخدم التنمية المشتركة للبلدين». وأضاف سموه: «دولة الإمارات حريصة على مواصلة توسيع قاعدة شراكاتها الاقتصادية والتنموية لما فيه الخير والازدهار لشعبها وشعوب العالم». رؤية القيادة الحكيمة من جانبه أعرب سانتياغو بينيا عن شكره لصاحب السمو رئيس الدولة لحفاوة الاستقبال التي حظي بها خلال الزيارة معرباً عن إعجابه بالنهضة الحضارية الشاملة التي تشهدها الدولة ورؤية قيادتها الحكيمة في دفع مسيرة تقدمها. حضر اللقاء.. سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة والشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان مستشار رئيس الدولة وعلي بن حماد الشامسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني وريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي وعبد الله بن سلطان بن عواد النعيمي وزير العدل والدكتور أحمد مبارك المزروعي رئيس مكتب رئيس الدولة للشؤون الاستراتيجية رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي وفيصل عبد العزيز البناي مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الإستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة والدكتورة الصغيرة وبران الأحبابي سفيرة الدولة لدى الباراغواي وعدد من كبار المسؤولين بجانب الوفد المرافق للرئيس الضيف.


الإمارات اليوم
منذ 17 ساعات
- الإمارات اليوم
رئيس الدولة: الإمارات حريصة على تعزيز جسور التواصل مع أميركا اللاتينية
بحث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ورئيس جمهورية الباراغواي، سانتياغو بينيا، أمس، مختلف جوانب التعاون والعمل المشترك، خصوصاً في المجالات التنموية والاقتصادية والتجارية والطاقة المتجددة، والأمن الغذائي والعمل المناخي، وغيرها من المجالات الحيوية التي تدعم تحقيق رؤى البلدين وتطلعاتهما نحو التنمية المستدامة والازدهار. جاء ذلك خلال استقبال سموه بقصر الشاطئ في أبوظبي، رئيس الباراغواي، والوفد المرافق، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الدولة. كما استعرض الجانبان عدداً من القضايا محل الاهتمام المشترك، وتبادلا وجهات النظر بشأنها، مؤكدَين في هذا السياق حرصهما على دفع علاقات البلدين إلى الأمام، واستثمار الفرص المتنوعة لفتح آفاق جديدة لتعاونهما بما يخدم مصالحهما المشتركة. وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات على مواصلة تنويع قاعدة شراكاتها الاقتصادية والتنموية، بجانب تعزيز جسور التواصل والتعاون البناء مع دول أميركا اللاتينية، وفي مقدمتها جمهورية الباراغواي، انطلاقاً من نهجها القائم على المصالح المشتركة والتعاون بما يحقق التنمية والازدهار لجميع شعوب العالم. كما تطرق سموه ورئيس الباراغواي إلى التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها المستجدات في منطقة الشرق الأوسط، مشددَين في هذا السياق على ضرورة تكثيف العمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. من جانبه، أعرب سانتياغو بينيا عن شكره لصاحب السمو رئيس الدولة لحفاوة الاستقبال التي حظي بها خلال الزيارة، معرباً عن إعجابه بالنهضة الحضارية الشاملة التي تشهدها الدولة، ورؤية قيادتها الحكيمة في دفع مسيرة تقدمها. حضر اللقاء سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، والشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان، مستشار رئيس الدولة، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، علي بن حماد الشامسي، ووزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، ووزير العدل، عبدالله بن سلطان بن عواد النعيمي، ورئيس مكتب رئيس الدولة للشؤون الاستراتيجية رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، الدكتور أحمد مبارك المزروعي، ومستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة، فيصل عبدالعزيز البناي، وسفيرة الدولة لدى الباراغواي، الدكتورة الصغيرة وبران الأحبابي، وعدد من كبار المسؤولين، بجانب الوفد المرافق للرئيس الضيف. • الجانبان شددا على ضرورة تكثيف العمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.


البيان
منذ 21 ساعات
- البيان
في الأدب.. ماذا نقدم للشباب؟
في قلب التحولات التي يعيشها العالم، لا تقع الإمارات في طرف المشهد، ولا تنتظر توجيهات من أحد أو لتحاكي تحركات أحد. الإمارات لا تتهيب التحديات التي تخلقها التحولات، فهي تواجه التحديات باستمرار، وعلى جميع المستويات. إنها دولة نشأت وتأسست من رحم التحديات والتغيرات السياسية والاقتصادية سنوات السبعينيات عندما كانت بريطانيا تودع مجد إمبراطوريتها، التي غابت عنها الشمس أخيراً، لتفسح المجالات لقوى جديدة تتصدر المشهد. في تلك الفترة الصعبة تحدى المؤسسون الأوائل، عليهم رحمة الله، كل العوائق وقالوا: «لنكن إمارات مستقلة، ولتكن الإمارات موحدة، فكانت دولة الإمارات العربية المتحدة». منذ سنوات البدايات البعيدة، والثقافة في قلب الرؤية واستراتيجيات الدولة، على صعيد التعليم والهوية والشخصية، وطبعاً فإن الشباب لم يكونوا يوماً مجرد حشود تقف لتتلقى ولتتفرج على ما يجري، إنهم ليسوا جمهوراً فقط، كان التعليم واستراتيجيات الثقافة في كل الدولة تعمل بصمت وعلانية لإعدادهم، ليكونوا مثقفي وكتاب المستقبل وصنّاع سردياته القادمة. لذلك فنحن اليوم نواصل الطريق نفسه كتاباً ومسؤولين ووسائل إعلام ومؤسسات وجوائز، مهمتنا أن نفتح أمامهم أبواب الحكاية، ونُصغي لأسئلتهم، لا لنردّ عليها بتلك الإجابات الجاهزة، بل لنبحث معهم عن المعنى العميق والأصيل لدورهم وحكايتهم، ليعرفوا كيف يقولون الحكاية بشكل أصيل وثابت، ولكن غير منقطع عن سياقات اليوم والمستقبل. يكتب الروائي والأديب والإعلامي الإماراتي، ليعيد الإنسان إلى مركز الصورة، والحدث في قلب كل ما يحدث، ليكون إنساناً مؤثراً وفاعلاً وليس مجرد روبوت، في زمن يكاد يُختزل فيه كل شيء إلى حروب قليلة وصور سريعة أغلبها (مفبركة بالذكاء الاصطناعي). ككتاب منتمين يظهر دورنا الحقيقي، الذي يجب أن لا ننساه في الكتابة ذات الصلة بالإنسان والتحديات: فنكتب عن العائلة، والجار، والروابط، والهوية، والتواصل، والتسامح دون دونية، ودون ذوبان في الآخر، وعن الخيط غير المرئي الذي يربط الناس ببعضهم البعض، وعن الوطن الذي هو أكثر من علم ونشيد - بل هو ذاكرة وروح وأمل ووجود.