logo
من أين جاء هذا الحرج الاجتماعي؟

من أين جاء هذا الحرج الاجتماعي؟

​هل ما زال تناول «العبودية» أو «العبيد» أو «العنصرية ضد السود» في الخليج العربي من المحرمات الممنوع الاقتراب منها أم أنها تمثل حرجاً اجتماعياً؟
​سؤال طرحته الباحثة نورة محمد فرج في كتابها «العنصرية في الخليج – إشكالية السواد» والصادر حديثاً عن دار التنوير في بيروت.
​أعتقد وبحكم اطلاعي على عدد من الروايات والكتب التي ظهرت في منطقة الخليج تحديداً أن هذا الحرج قد سقط فعلياً بعد أن كسر هذا القيد العديد من الكتب التاريخية والروايات الموثقة وكان منها كتاب الصديق د. هشام العوضي «العبيد في الخليج العربي» وكتاب «الرق وتجارته في الخليج العربي» لخالد السعدون، ورواية « تفاحة في هودج» للرسامة ثريا البقصمي، بل وفي متحف «بيت بن جلمود» في قطر وهو الأول من نوعه في المنطقة والذي عرض تاريخ العبودية في قطر والخليج من خلال الوثائق البريطانية.
​وإذا أعيد صياغة السؤال، فكيف يمكن لما اعتبر جزءاً من الحياة الممارسة ما يزيد على 1400 سنة أن يغدو موضوعاً محرجاً؟
​تجيب الباحثة نورة فرج، لقد عرفت الثقافة العربية مصطلح «الشعوبية» وهي كراهية مضادة، تماثل العنصرية في عصرنا الحالي، لكن ما نراه في نص المفكر الإسلامي ابن خلدون وما عداه في النصوص التراثية التي تناولت «السَّود» أو العنصريات الأخرى أنها كانت متحررة حول هذه الموضوعات وإن خلت الساحة مؤخراً من دراسة أدبية استخدمت مصطلح السود لدراسة الأدب الحالي.
​من أين جاء الحرج؟ هل هو حرج ينبع من ذات الشعوب الخليجية؟ أم هو سياسة غير معلنة من بلدان المنطقة؟ أم هو امتداد لعنصرية مثقفة تجاه هذه الفئة؟ أم أن الأمر يتعلق برغبة العقل الباطن الجمعي بنسيان هذا التاريخ؟
​في العقدين الأخيرين شهدنا روايات عربية تناولت إشكالية اللون والتمييز ضد ذوي البشرة السوداء وقد يكون هذا الصعود عائداً إلى رواية المهمشين في الرواية العربية، تلاه فوز أول رئيس أميركي من أصول سوداء عام 2008 وهو باراك أوباما، ثم تبعه فوز روايات عربية ناقشت اللون والعبودية بجوائز حكومية، كان أهمها فوز عبدالرزاق قرناح عام 2021 بجائزة نوبل للآداب وهو روائي أسود مولود في زنجبار. لم يعد محرماً هذا الموضوع وإن كانت المحرمات الأخرى تزداد اتساعاً.
​عند تعريفها للعنصرية تصل إلى استنتاج حول ارتباط السود بالعبودية، هو أن السواد لم ينشأ على نحو طبيعي وإنما نشأ بوصفه لعنة، لقد وضعت هذه السلالة تحت رتبة العبودية وأضاف الخيال العربي لهذه الرتبة اللون، فصارا لصيقين ببعضهما.
​لقد أرادت الباحثة الجادة اختيار استخدام مصطلح «السود» على أن يكون مفرغاً من أي دلالة، وأهميته تكمن في فحص تاريخ العنصرية في الخليج، في صورتها الفاقعة تاريخياً، من خلال ممارسة الاستعباد ليتسنى لها وللمختصين بعلم الاجتماع فهم العنصرية التي تعاني منها بعض المجتمعات في الخليج.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يُلاحق بايدن بـ«تسجيل صوتي»
ترامب يُلاحق بايدن بـ«تسجيل صوتي»

الرأي

timeمنذ 6 أيام

  • الرأي

ترامب يُلاحق بايدن بـ«تسجيل صوتي»

- هل هدّد مدير «إف بي آي» السابق... ترامب بالاغتيال؟ أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن الإدارة الأميركية، تعتزم نشر تسجيل صوتي كامل لمقابلة سابقة لجو بايدن مع المستشار الخاص روبرت هور، خلال التحقيق في تعامل الرئيس السابق مع وثائق سرية، بعد مغادرته منصب نائب الرئيس في إدارة باراك أوباما. ونشر موقع «أكسيوس»، الجمعة، مقطعاً صوتياً مدته 4 دقائق من مقابلة بايدن عام 2023 مع هور. ويُظهر المقطع، بايدن وهو يتحدث بنبرة منخفضة وبأسلوب متردد، فيما بدا عليه صعوبة في تذكر تواريخ مهمة، من بينها سنة وفاة نجله بو بايدن، وسنة انتخاب دونالد ترامب، وتاريخ انتهاء ولايته كنائب للرئيس. وكان نص المقابلة نُشر في وقت سابق من 2024 بعد إعلان هور قراره بعدم توجيه اتهامات إلى بايدن، مشيراً إلى أن الرئيس قد يُنظر إليه من قبل هيئة المحلفين على أنه «رجل مسن يُعاني من ضعف في الذاكرة»، مما قد يضعف إمكانية إثبات النية الجنائية في القضية. ومع ذلك، رفضت إدارة بايدن نشر التسجيل الصوتي، متذرعة بما يُعرف بـ«الامتياز التنفيذي»، مشيرة إلى أن نشر مثل هذه المواد قد يؤثر سلباً على تعاون الشهود في تحقيقات مستقبلية. وتضمن تقرير المحقق الخاص، المؤلف من 345 صفحة، انتقادات صريحة لإدارة بايدن في ما يتعلق بأسلوب تخزين الوثائق السرية، إلا أن هور خلص إلى أن الأدلة لا ترقى إلى المستوى المطلوب لتوجيه اتهام جنائي. وفي أول تعليق له بعد صدور التقرير، أبدى بايدن استياءه من الإشارة إلى وفاة نجله، قائلاً «كيف يجرؤ على إثارة هذا الموضوع؟ لا أحد بحاجة لتذكيري بتاريخ وفاة ابني». تهديد ترامب في سياق ثانٍ، وصف ترامب، مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي) السابق جيمس كومي، بأنه «شرطي فاسد» بعدما نشر الأخير صورة على وسائل التواصل الاجتماعي اعتبرها الرئيس الأميركي دعوة مبطنة إلى اغتياله، ما دفع جهاز الخدمة السرية إلى فتح تحقيق. ونشر كومي الخميس منشوراً على «إنستغرام» تم حذفه لاحقاً، يظهر صورة لرقمَي «86 47» كتبا بأصداف بحرية، علماً أن «86» هو مصطلح عامي يعني التخلص من شيء ما فيما ترامب هو الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة. وإثر ذلك، قالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم إن وكالات إنفاذ القانون تحقق في «تهديد» باغتيال ترامب من قبل كومي. وقالت على «إكس»، «دعا المدير السابق لإف بي آي جيمس كومي للتو إلى اغتيال الرئيس الأميركي ترامب». لكن كومي أوضح في وقت لاحق على «إنستغرام» إنه نشر «صورة لبعض الأصداف التي رأيتها اليوم أثناء نزهة على الشاطئ، والتي افترضت أنها كانت رسالة سياسية»، مضيفاً «لم أدرك أن بعض الأشخاص يربطون هذه الأرقام بالعنف. لم يخطر في بالي ذلك مطلقاً، لكنني أعارض العنف بكل أشكاله، لذلك حذفت المنشور». إلا أن ترامب قال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» بُثّت الجمعة «كان يعلم تماماً ما يعنيه ذلك. كان يعني الاغتيال، وهذا واضح وجلي. صحيح أنه لم يكن يتمتع بكفاءة عالية، لكنه كان كفؤاً بما يكفي ليفهم ما يعنيه ذلك». وأضاف «أنه يدعو إلى اغتيال الرئيس»، واصفاً كومي بأنه «شرطي فاسد». والعلاقة بين ترامب وكومي دائماً ما كانت سيئة. ففي العام 2017، طرد الرئيس الأميركي، كومي من مكتب التحقيقات عندما كان يُحقق في شكوك حول تدخل أجنبي في الانتخابات الرئاسية التي أدت إلى فوز الملياردير الجمهوري. من جهته، قال مدير «إف بي آي» كاش باتيل إن مكتب التحقيقات «على تواصل مع جهاز الخدمة السرية» و«سيقدم كل الدعم الضروري». بدورها، ذكرت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد ان كومي «أصدر دعوة (...) لقتل رئيس الولايات المتحدة»، مضيفة «نحن ندعم بشكل كامل التحقيق الذي تجريه الخدمة السرية في تهديد كومي لحياة الرئيس ترامب». والجمعة، ذكرت وسائل إعلام أميركية أن جهاز الخدمة السرية استجوب كومي في شأن منشوره. ملف الهجرة... ترامب يوجّه انتقادات حادة لقرارات المحكمة العليا وجّه الرئيس دونالد ترامب، انتقادات حادة إلى المحكمة العليا، قائلاً إن القضاة يمنعونه من تنفيذ وعوده الانتخابية بعدما نقضوا قرارات إدارته في قضية ترحيل مهاجرين. وجاء في منشور لترامب على منصته «تروث سوشال»، الجمعة، «المحكمة العليا للولايات المتحدة لن تسمح لنا بطرد المجرمين من بلدنا. إنها تعرقل قيامي بما انتُخبت لأجله»، مضيفا «أنه يوم سيّئ وخطر» للبلاد. وجعل الجمهوري من مكافحة الهجرة غير النظامية أولوية قصوى، متحدثاً عن «غزو» للولايات المتحدة من جانب «مجرمين أتوا من الخارج» ويتحدث باستمرار عن ترحيل المهاجرين. لكن برنامج الطرد الجماعي الذي أطلقه أُحبط أو أُبطئ بسبب أحكام قضائية. وفي 19 أبريل، حظرت العديد من المحاكم الفيديرالية ومحاكم الاستئناف، إضافة إلى المحكمة العليا نفسها، استخدام «قانون الأعداء الأجانب» العائد إلى العام 1798 والذي كان يستخدم في السابق حصراً في زمن الحرب، معتبرة أن على السلطات «إبلاغ الأشخاص الذين سيتم ترحيلهم قبل فترة أطول». واستند ترامب إلى القانون الذي لا يعرف عنه الكثير واستخدم آخر مرة لتوقيف مواطنين يابانيين أميركيين خلال الحرب العالمية الثانية، في مارس وسلّم طائرتين محمّلتين بأفراد عصابة «ترين دي أراغوا» إلى سجن خاضع لإجراءات أمنية على أعلى درجة في السلفادور. وفي قرارها الذي صدر الجمعة، مدّدت المحكمة حتى إشعار آخر الحظر الذي أصدرته في 19 أبريل. وستُحال القضية على محكمة الاستئناف الفيديرالية لتحديد مدى قانونية استخدام هذا القانون وكذلك الشروط التي يمكن للأشخاص المعنيين بموجبها الطعن في طردهم أمام المحكمة.

غزة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم
غزة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم

اليوم الثامن

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • اليوم الثامن

غزة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم

هي ساعاتٌ قليلةٌ تسبق زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى كلٍ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، التي سيكون لها فيما يبدو تداعيات كبيرة على منطقة الشرق الأوسط خاصةً، والعالم بصورةٍ عامةٍ، إذ سبقتها مجموعة من الأخبار والتصريحات والتوقعات، تشير كلها بدرجاتٍ متفاوتة من الدقة، وإن كانت لا ترقى إلى درجة الحسم واليقين، إلا أنها تكشف شيئاً من الحقيقة، وتظهر جانباً من جوانب التغيير، أن الزيارة تحمل معها إشاراتٍ جادةً لمنعطفاتٍ قد تصل إلى درجة التحولات الكبرى في السياسة الأمريكية تجاه قضايا التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، وتوسيع إطار الاتفاقيات الإبراهيمية، وتعزيز التحالفات والشراكات الاستراتيجية التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول الثلاث محل الزيارة، ودول الخليج العربي بصورةٍ عامةٍ. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يزور منطقة الشرق الأوسط في أول زيارةٍ خارجية له، في ولايته الجديدة بعد مشاركته في مراسم تشييع بابا الفاتيكان الراحل، يستثني منها الكيان الصهيوني، الذي يعتبر محطة ثابتة لدى كل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يتخذون منه منطلقاً لأي جولة، وعرفاً رئيساً لا يمكن لأي رئيس أمريكي أن يخرقه أو أن يتخلى عنه، لكن مستشاريه أكدوا أنه لن يلتقي رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبالتالي فإنه لن يزور كيانه، ولهذا الاستثناء دلالاتٌ كثيرة، وأشاروا إلى وجود خلافاتٍ جوهرية أدت إلى حدوث قطيعة حقيقية بينهما، إذ لا اتصالات ولا مشاورات، ولا تطمينات ولا تقدير للأولويات الإسرائيلية، أو تبني لخياراتهم الاستراتيجية. بدا من خلال تصريحات ترامب المتفرقة، والمبعثرة هنا وهناك، والمبهمة حيناً والصريحة في أحيان أخرى، والمباشرة والمنقولة عنه، أنه سيقدم على الإعلان عن قراراتٍ كبيرة وخطيرة، تتعلق بالمنطقة ودولها، وبمستقبلها واستقرارها، وهو لا يستعجل الإعلان عنها قبل وصوله إلى الرياض، لكن بات من شبه المؤكد أن إعلانه سيواكب زيارته إلى المنطقة أو سيسبقها، ولن يكون إعلانه إلا عن غزة والحرب الإسرائيلية ضدها، وسيكون، ليس ثقةً فيه ولا أملاً منه نرجوه، بل هي قناعات توصل إليها وحقائق بات يتعامل معها، بعد قرابة سنة ونصف من الحرب المدمرة التي يشنها العدو الإسرائيلي بمختلف الأسلحة الأمريكية المتطورة، والفتاكة المدمرة، إعلاناً عن الاتفاق على هدنةٍ طويلة الأمد بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، وقد يكون الإعلان عنها بصورته وصوته، بما يذكرنا بالمبادرة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن في مايو/آيار من العام الماضي، إلا أن نتنياهو استخف به حينها، ولم يحترم كلمته، ولم يلتزم بمبادرته، وضرب بها وبه عرض الحائط. الأمر هنا اليوم مختلف تماماً، ولا يشبه ما حدث مع بايدن في نهاية ولايته، التي بدا فيها عجوزاً خرفاً، متردداً جزعاً، يخشى نتنياهو ويخاف ردة فعله، ويتجنب غضبه وينأى بنفسه عن رفض خياراته، ولا يتمعر وجهه إذ يحرجه ويستخف به، ويهزأ بما عرض ولا يقيم وزناً لما أعلن، ويهز صورة الإدارة الأمريكية ويظهر ضعفها، ويكشف عن عجزها وتبعيتها، وخضوعها للكيان واستسلامها لسياساته. فترامب الغريب الأطوار، المهووس المغرور، الطاووس المختال، الراقص المتبختر، المسكون بالقوة، والمعجب بنفسه، والمتطلع لوقف مشاركة بلاده في الحروب الخارجية وتمويلها، والحالم في أمريكا قوية، عسكرياً واقتصادياً، والطموح لنيل جائزة نوبل للسلام، لا يقبل بأن يكون أجيراً عند نتنياهو، وإن كان يدعم كيانه ويحرص عليه قوياً آمناً مستقراً، ولا يتردد في إحراجه وإهماله، وإهانته والإساءة إليه، ولا يخاف من إشاعة مقاطعته وعدم الاهتمام بمقابلته، ولست أمدح ترامب وأشيد بخصاله، بقدر ما أستعرض صفاته وأبين سلوكه وتصرفاته. يبدو أن ترامب الذي لوح بالعصا في وجه نتنياهو وقطب جبينه غضباً منه وأعرض عنه، سيجبر دولاً أخرى في المنطقة على فتح المعابر وتسهيل إدخال المؤن والمساعدات، والسماح بعبور آلاف الشاحنات المصطفة طوابير طويلة تمتد لمئات الكيلومترات على الطريق الدولية، والمحملة منذ شهورٍ بالمواد التموينية والطبية، وعدم تأخيرها وتعطيل حركتها، إذ لا يكفي رضوخ حكومة الكيان الإسرائيلي لأوامر ترامب بإدخال الشاحنات، وإنما يلزم الضغط على غيره ليسهل عبور القوافل، ويزيل العقبات من طريقها، ويخفف الأعباء عنها، ويبسط إجراءات حركتها. لا يستبعد الفلسطينيون عموماً، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، ولو أملاً ورجاءً، وإيماناً بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر"، وليس أكثر فجوراً وأشد بؤساً وعداوةً من ترامب، لكن ليس أقدر منه على الفعل اليوم والضغط على الكيان، وهو ما يجعل الفلسطينيين يعيشون بارقة أملٍ، ويحبسون أنفاسهم انتظاراً لفرجٍ، ويشعرون بأنه قد يحمل معه لهم حلاً، يوقف الحرب ضدهم، ويخفف من معاناتهم، ويرفع الحصار المفروض عليهم، ويجبر نتنياهو على احترام الهدنة والقبول بالصفقة، وعدم الانقلاب عليها أو وضع العراقيل أمامها، وليس ذلك على الله عز وجل بعزيز، أن يسخر من يجري قدره، ويستخدم من يفرض قضاءه ويمضي حكمه، ولو كان فاجراً كفاراً عدواً غداراً.

جولة ترامب الخليجية: المصالح أولاً ..لا الإيديولوجيات!
جولة ترامب الخليجية: المصالح أولاً ..لا الإيديولوجيات!

المدى

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • المدى

جولة ترامب الخليجية: المصالح أولاً ..لا الإيديولوجيات!

صلاح سلام – اللواء إجراء الجولة الثانية من الإنتخابات البلدية أمس بسلاسة وأمان في لبنان، يبقى تفصيلاً صغيراً أمام حركة التطورات المتسارعة في المنطقة، والتي تبلغ ذروتها في زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات، وما سيحمله معه من مواقف وقرارات، من شأنها أن تُغيّر أوضاع الإقليم، من ساحة للصراعات والحروب المزمنة، إلى واحة من الإستقرار والإزدهار، حرصاً على المصالح الأميركية الإستراتيجية من جهة، وتدعيماً لطموحه المستجد في نيل جائزة نوبل للسلام من جهة أخرى. وبغض النظر عن النتائج التي ستسفر عنها زيارة ترامب للمنطقة، فإن على لبنان أن يكون مستعداً لمواجهة المتغيِّرات التي ستطرأ على مسار الأمور في الشرق الأوسط، وخاصة على صعيدي الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، والدور الإيراني بعد وضع المشروع النووي جانباً من قبل طهران، كما هو متوقع في المفاوضات الجارية مع الأميركيين في سلطنة عُمان، مقابل رفع العقوبات، وتحسين العلاقات مع دول الجوار. التسريبات الأميركية التي سبقت وصول ترامب غداً إلى السعودية، حملت إشارات قوية على التباينات الحاصلة بين الرئيس الأميركي وحليفه «المدلل» نتنياهو، حول إستمرار الحرب في غزة بلا أفق سياسي، مع الإصرار الإسرائيلي على متابعة الحصار الغذائي ضد مليوني فلسطيني، جُلُّهم من الأطفال والنساء. ترامب كان قد أبلغ نتنياهو منذ أسابيع بأنه يرغب بإنهاء الحرب في غزة في أيار، وقبل بدء جولته في المنطقة. ولكن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يتجاوب مع التمني الرئاسي الأميركي، ووضع حساباته الداخلية ومصالحه الشخصية والحفاظ على حكومته، فوق المصالح الأميركية، وبعضها إستراتيجي، فكان رد البيت الأبيض صاعقاً: أولاً بإلغاء المحطة الإسرائيلية في جولته الشرق الأوسطية، وثانياً: الإعلان عن إعداد خطة لإنهاء الحرب في غزة، ووضع هيكلية الإدارة السياسية في القطاع في «اليوم التالي»، دون إشراك تل أبيب، أو التشاور مع نتنياهو، حول مضمون هذه الخطة. الرهان لن يكون على الخلاف الأميركي مع نتنياهو، فهذا الأمر قد يجد طريقه للعلاج سريعاً، ولكن يبقى الأهم على الإطلاق هو التوجُّه الصارم للرئيس الأميركي، الذي بدا واضحاً أنه يُعطي الأولوية المطلقة للمصالح الإقتصادية والمالية لبلاده بعيداً عن مرحلة الأيديولوجيات والشعارات التي سادت في زمن الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي، وإستمرت بوتيرة أقل في أميركا، بعد سقوط جدار برلين وإنهيار الإتحاد السوفياتي والمنظومة الشيوعية. الإعتراف بدولة للفلسطينيين، التعاون مع السعودية في التكنولوجيا النووية لخدمة الأهداف السلمية، تزويد المملكة بالأسلحة الاكثر تطوراً، وخاصة طائرات «أف ٣٥»، فضلاً عن العمل على تصفير المشاكل والأزمات في الشرق الأوسط، والمساهمة في خلق الأجواء المناسبة للإستقرار والإستهلاك، كلها خطوات في حال تنفيذها في عهد ترامب، من شأنها أن تساعد على إطلاق عصر جديد في المنطقة، وبالقدر نفسه التأسيس لمفاهيم جديدة للسياسة الخارجية الأميركية، قائمة على مراعاة المصالح الأميركية التجارية والمالية، وتقوية الإقتصاد الأميركي، بمواجهة التهديد الذي يشكله إقتصاد المارد الصيني، الذي خرج من القمقم، ولم يعد بمقدور أحد إعادته إلى الوراء. إنطلاقاً من مفهوم تغليب المصالح المالية على ما عاداها، يمكن فهم خلفيات قرارات ترامب المتعاقبة بإلغاء موازنات مؤسسات أميركية عريقة، كانت تعمل على نشر المبادئ اللبيرالية، والتبشير بحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، والتحريض على الحريات العامة، والممارسة الديموقراطية في دول العالم الثالث. الواقع أن واشنطن ترامب تُطلق أسس ومعايير لنظام عالمي جديد يقوم على مراعاة المصالح الإقتصادية والمالية، وإنهاء زمن النظام الراهن الذي قام في إعقاب الحرب العالميّة الثانية، والذي كان عماده الحرب الإيديولوجية بين الليبرالية والشيوعية. أين لبنان من هذه التطورات المتسارعة، وما تحمله من متغيِّرات جذرية في الإقليم، وعلى مستوى العالم بأسره؟ هل حان الوقت ليضع اللبنانيون مصالح بلدهم وأبنائهم فوق أي إعتبار إيديولوجي، داخلي أو خارجي؟. ماذا يبقى من مسألة فلسطين والقدس بعد قيام الدولة الفلسطينية بدعم أميركي ودولي وعربي؟. ولماذا التأخير في وضع إستراتيجية الأمن القومي وحصر السلاح مع الدولة، طالما أن المنطقة كلها على أبواب مرحلة جديدة، لا علاقة لها بمفاهيم ومعايير المرحلة الراهنة؟. وهل من الصعب على اللبناني أن يضع مصالح بلده الإقتصادية والمالية فوق كل ما عداها من الإعتبارات الإيديولوجية والفئوية، كما تفعل عادة شعوب العالم بأسره؟.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store