
بعد قرارات ترمب.. هل تنسحب أميركا من "ساحة الحرب الإعلامية العالمية"؟
توقفت بعض خدمات مؤسسة "صوت أميركا"، الأسبوع الماضي، بأمر من الرئيس دونالد ترمب، بعدما صمدت الشبكة الأميركية منذ انطلاقها عام 1942 خلال فترة الحرب العالمية الثانية، ورغم كل الأزمات التي مر بها العالم بما في ذلك الحرب الباردة والأزمة المالية العالمية في 2008 وجائحة كورونا، لم تغلق أو تعلق خدماتها.
ووقع ترمب أمراً تنفيذياً، الأسبوع الماضي، يستهدف تقليص الوكالة الأميركية للإعلام الدولي USAGM، وهي هيئة مستقلة تابعة للحكومة الأميركية وممولة من قبل الكونجرس في سياق ميزانية السفارات والقنصليات، وتدير الشبكات الإعلامية الحكومية الأميركية الموجهة إلى الخارج، بما في ذلك إذاعة "صوت أميركا" و"إذاعة أوروبا الحرة"، وقناة "الحرة" الناطقة باللغة العربية.
على مدار أكثر من 8 عقود، استخدمت الولايات المتحدة البث الدولي كأداة قوية للقوة الناعمة، لمواجهة دعاية ما تصفها بـ"الأنظمة المعادية". من إذاعة "صوت أميركا" VOA، و"إذاعة أوروبا الحرة" RFE/RL في حقبة الحرب الباردة، إلى شبكات حديثة مثل "شبكة الشرق الأوسط للإرسال" التي تضم قناة "الحرة"، وشبكاتها الرقمية، حيث تنقل هذه المنصات وجهة النظر الأميركية بمواجهة "بروباجندا" خصومها، التي عادة ما تشير إلى أنها الصين، وروسيا، وإيران.
وبينما تتحرك الحكومة الأميركية لتقليص شبكتها الممولة من الحكومة في ساحة الإعلام العالمية، إلا أن منافسيها الجيوسياسيين يفعلون العكس، إذ وسعت موسكو وبكين وطهران بشكل كبير إمبراطورياتها الإعلامية الممولة من الدولة، وضخت مليارات الدولارات لتشكيل الفضاء الإعلامي العالمي.
وتأتي هذه التحولات وسط تساؤلات عما إذا كانت الولايات المتحدة تتخلى عن ركيزة قديمة لقوتها الناعمة، وما إذا كان ذلك سيسلم الرواية الدولية إلى خصوم حريصين على إعادة تشكيل تصور العالم للولايات المتحدة.
قناة "الحرة".. مصير مجهول
لم تقتصر تداعيات الأمر التنفيذي الذي وقعه ترمب على شبكة "صوت أميركا"، بل أثر أيضاً على قناة "الحرة" والمنصات الرقمية التابعة لها، التي تبث باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعدما قررت الإدارة الأميركية تجميد تمويل الشركة الأم "شبكة الشرق الأوسط للإرسال".
وأبلغت الشركة موظفيها، ومعظمهم من جنسيات عربية، الأحد، بأن إدارة ترمب قررت وقف التمويل الخاصة بالشبكة، الذي أقره "الكونجرس" في وقت سابق من مارس الجاري.
وقال أحد الموظفين بالشركة لـ"الشرق" إن الشركة وضعت معظم الموظفين بأخذ إجازة إدارية بدون راتب، مع استمرار بعض المزايا، مثل تغطية التأمين الصحي، حتى إشعار آخر.
وأضاف الموظف، الذي يعمل صحافياً بمنصة "أصوات مغاربية" التابعة لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال"، إن العديد من الموظفين لم يحصلوا بعد على تصريح عمل بالولايات المتحدة، ما يجعلهم غير قادرين على مزاولة أي وظيفة أخرى، وقد يضطرون إلى العودة إلى بلدانهم.
واستثنت القناة عدداً قليلاً من الموظفين، الذين طلب منهم مواصلة العمل لضمان استمرار بث القناة والنشر على منصاتها الرقمية المختلفة.
وأبلغت إدارة الشركة الموظفين في رسالة عبر البريد الإلكتروني بأن "الاستسلام ليس خياراً"، مؤكدة أنها ستلجأ إلى القضاء والكونجرس، من أجل الطعن في قرار وقف تمويلها.
وقال جيفري جدمن، رئيس شبكة "الشرق الأوسط للإرسال" ومديرها التنفيذي، في بيان، إنه تم إبلاغ الشركة بـ"إنهاء اتفاق منحة التمويل بشكل مفاجئ"، محذراً من أن الشبكة هي "الصوت الوحيد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي يقف في وجه محاولات نشر العداء ضد الولايات المتحدة".
وأضاف جدمن أن "موازنة شبكة الشرق الأوسط للإرسال لا تتجاوز كلفة مروحتين من طراز أباتشي، وفي هذا الوقت بالذات، لا يجب على أميركا أن تتخلى عن أحد مصادر قوتها".
وفي مقابلة مع صحيفة Jewish Insider، قال جدمان إن "مروحية أباتشي واحدة تكلف 53 مليون دولار.. يمكنني تشغيل هذه الشبكة الإعلامية بكلفة مروحية ونصف فقط!". وأشار إلى أنه في حال فشلت الطعون القضائية في إلغاء قرار ترمب، فإن "هناك مسارات قانونية يمكن من خلالها للشبكة مواصلة البث، إذا تمكنت من العثور على تمويل خاص لإبقاء الشبكة قيد التشغيل".
وكانت شبكة "الشرق الأوسط للإرسال" أعلنت تسريح 160 موظفاً ودمج "قناة الحرة العراق" مع القناة الأم، في سبتمبر الماضي، بعدما قلص الكونجرس ميزانيتها بنحو 20 مليون دولار.
وتتخذ الشبكة من ولاية فرجينيا مقراً لها، وبدأت قناة "الحرة" بثها في فبراير عام 2004 في إطار جهود أميركية للتواصل مع الجمهور في الشرق الأوسط، وسط تصاعد المشاعر المناهضة لأميركا بعد غزو العراق عام 2003.
"صوت أميركا".. تقليص أم تفكيك كامل؟
خلال الأسابيع الماضية، أشارت تقارير إعلامية إلى انقسام داخل إدارة ترمب بشأن مستقبل شبكة "صوت أميركا". فمن جهة، كان مستشار ترمب، إيلون ماسك، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة، ريتشارد جرينيل، يدعون إلى إغلاق الشبكة تماماً، مؤكدين أن واشنطن لم تعد بحاجة إليها، وفي المقابل، دعت كاري ليك، التي عينها ترمب مستشارته الخاصة للوكالة الأميركية للإعلام الدولي، مشيرة إلى أهمية "صوت أميركا" في المشهد العالمي مع ضرورة إصلاحها وتحويلها إلى "سلاح" في الحرب الدعائية.
غير أن الأمر التنفيذي الذي وقعه ترمب جاء مخالفاً لما كانت تسعى إليه كاري ليك، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، إذ وجه بتقليص وكالة الأميركية للإعلام الدولي إلى الحد الأقصى الذي يسمح به القانون، وسط مخاوف من تفكيك شامل للشبكات الإعلامية التابعة للوكالة.
ويحكي صحافي آخر من بين 1300 موظف بالشبكة الذين تم وضعهم في إجازة إدارية، ويعمل في "صوت أميركا" الناطقة بالإسبانية لـ"الشرق"، دون الكشف عن هويته، أن "مستشارة الرئيس، كاري ليك قالت إن النية ليست الإغلاق الكامل، بل تقليص صوت أميركا إلى الحد الأدنى المطلوب قانونياً، حتى يتمكنوا من تنظيف الوكالة من الموظفين المتطرفين.. إنهم ينتقدوننا لأننا لا نستخدم مصطلح منظمة إرهابية عند الإشارة إلى حماس (الفلسطينية)، ونكتفي بقول جماعة مسلحة، أو لأننا نقدم الأخبار باستقلالية دون محاباة ساكن البيت الأبيض أو آراء حزبه"، على حد قوله.
وأضاف في حديثه لـ"الشرق" أنه "حتى لو تمكنا من العودة للعمل بقرار قضائي أو تدخل سياسي، فلن نعود كما كنا. لقد فقدنا استقلاليتنا في نظر الجمهور، لأن العالم كله الآن يرى أننا وسيلة إعلامية يمكن إغلاقها بأمر من الرئيس، مما يضعف مصداقيتنا كوسيلة مستقلة".
وفي السياق، وصف مايكل أبراموفيتز، مدير الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، في مقابلة مع شبكة CBS News، "صوت أميركا بأنها أداة قوة ناعمة في غاية الأهمية" للولايات المتحدة، وقال إن إغلاقها "سيكون ضربة ذاتية للأمن القومي"، مشيراً إلى أن "تغطية صوت أميركا الإخبارية تلعب دوراً محورياً في التصدي لحملات التضليل الإعلامي القادمة من الصين وروسيا وإيران".
وتابع أبراموفيتز: "إذا انسحبت أميركا من هذا المجال الإعلامي، وتركت الساحة لخصومها، فهم من سيروون الروايات التي سيسمعها العالم، وهذا لن يكون في صالح أميركا. سيسمعون روايات مناهضة لأميركا. نحن بحاجة إلى محاربة ذلك بالحقيقة."
هل تتخلى أميركا عن ترسانتها الدعائية؟
بينما يدافع مؤيدو ترمب عن القرار باعتباره تصحيحاً ضرورياً للمسار، معتبرين أن هذه الشبكات فقدت هدفها الأصلي، وأصبحت منحازة سياسياً لصالح "أجندة الديمقراطيين"، يرى آخرون أن واشنطن تتخلى عن معركة السرديات الإعلامية.
اعتبر جيف لي، الخبير في السياسات العامة والشؤون الحكومية العالمية، أن القرار "خطأ جسيم". وقال لـ"الشرق"، إن "القوة الناعمة تظل أداة حيوية للمصالح الوطنية والأمن العالمي. هذه الأدوات أرخص بكثير من إرسال الصواريخ والقنابل، وبجزء بسيط من تكلفة أي حملة عسكرية"، مضيفاً: " في عصر يسوده عدم اليقين، ينبغي أن يكون توسيع الخيارات المتاحة أولوية ضرورية لتعزيز قدرة الردع المحتملة".
وأشار جيف لي، إلى أن "رد الفعل الإيجابي والمبتهج من بكين وموسكو على هذا القرار"، قائلاً إنه "يعكس الفجوة التي يتركها انسحاب الولايات المتحدة، ويؤكد على القيمة الجوهرية لهذه الوسائل الإعلامية".
واعتبر أن هذا "تطور خطير" للأمن القومي الأميركي، قائلاً: "مع وقف تمويل وكالة التنمية الدولية، مؤخراً، وتعطل خدماتها، اتخذت بكين وطهران وموسكو خطوات لتقديم المزيد من المساعدات في مجالات التنمية الدولية".
وتوقع جيف لي أن "تستغل هذه الدول تراجع أميركا من الساحة الإعلامية الدولية، لتزيد استثماراتها في آلاتها الدعائية، مما قد يشكل خسارة كبيرة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في ساحة النفوذ الإعلامي والدبلوماسي".
خلال الحرب الباردة، كانت المعلومات سلاحاً قوياً، واستثمرت أميركا في البث الإذاعي والتلفزيوني لكسر الدعاية السوفيتية. لكن في العصر الرقمي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة المعركة الرئيسية.
يوافق بيتر روف، الصحفي والمحلل الإعلامي المحافظ، أن "إذاعة صوت أميركا، وراديو أوروبا الحرة، وراديو ليبرتي، ومن بعدها الشبكات التلفزيونية، كانت حاسمة خلال الحرب الباردة، قائلاً إنه " كان من المهم أن يستمع الناس على الجانب الآخر من الستار الحديدي إلى الأخبار كما يتم بثها من الولايات المتحدة".
لكنه أشار في حديث لـ"الشرق"، إلى "هذه الوسائل الإعلامية وإن كانت ذات قيمة في الماضي، فهذا لا يعني بالضرورة أنها لا تزال بنفس القيمة اليوم. ولا يعني ذلك أيضًا أنها لم تعد ذات قيمة".
ويرى روف أن "تفكيك الإعلام الأميركي دون بديل سيخلق فراغاً تملؤه الصين وروسيا وإيران بسرعة". وقال إن "أميركا إذا قامت بتفكيك منظومتها الإعلامية الدولية، ولم تستبدلها بشيء، فمن الطبيعي أن تتحرك الصين وروسيا وإيران لملء هذا الفراغ.. الخيار الذكي، وما أتوقع حدوثه، هو إعادة ابتكار شبكة إعلامية تستغل وسائل التواصل الاجتماعي".
بالأرقام.. من يُنفق أكثر؟
وأمر ترمب بتقليص الوكالة الأميركية للإعلام الدولي إلى "الحد الأقصى الذي يسمح به القانون"، ضمن مساعيه لخفض الإنفاق الحكومي، الذي طال مختلف الوكالات الفيدرالية.
وتكشف الإحصاءات أن ميزانية الوكالة الأميركية الممولة من قبل الحكومة تبقى أقل بالمقارنة مع بعض منافسيها، فيما تهدد تحركات ترمب الأخيرة بتقليص جهود الوكالة الأميركية للإعلام الدولي بتوسيع هذه الفجوة.
في عام 2024، خصصت الولايات المتحدة 944 مليون دولار للوكالة الأميركية للإعلام الدولي، لتمويل الشبكات الإعلامية التابعة لها. وكانت الميزانية المقترحة لعام 2025 أعلى قليلاً عند 950 مليوناً، حتى تحركت الإدارة لوقف تمويل الوكالة بالكامل.
بالمقابل، تقدر الإحصاءات أن روسيا تنفق سنوياً ما يقدر بـ1.1 مليار دولار على وسائل الإعلام الممولة من الدولة الموجهة للداخل والخارج، بما في ذلك وكالة "روسيا سيغودنيا" التي تضم "سبوتنيك" وقناة "آر تي" التلفزيونية (روسيا اليوم).
ويفوق إنفاق الصين على الإعلام جميع الدول الأخرى. فمنذ عام 2010، ضخت بكين ما بين 6 و10 مليارات دولار سنوياً في ترسانتها الإعلامية المملوكة للدولة بما في ذلك شبكة CGTN المعروفة سابقاً باسم CCTV، ووكالة أنباء "شينخوا"، وإذاعة الصين الدولية، و"جلوبال تايمز"، ضمن مساعيها لبسط نفوذها على المشهد الإعلامي العالمي.
أما إيران، كانت ميزانية هيئة الإذاعة الإيرانية IRIB، التي تشرف على قناة Press TV الدولية وقناة "العالم" الناطقة بالعربية، تبلغ 900 مليون دولار عام 2009، ولكنها قلصت الميزانية في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات المفروضة على طهران إلى نحو 158 مليون دولار عام 2023.
وفي عام 2025، رفعت إيران تمويل ترسانتها الإعلامية إلى 480 مليوناً عام 2025، وهي زيادة كبيرة تشير إلى التزام طهران بمواجهة النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، وفق مركز state media monitor.
حرب الإعلام
على مدى عقود، انخرطت الولايات المتحدة وخصومها في حرب معلومات عبر مناطق متعددة، مستخدمين الشبكات والقنوات الممولة من الدولة للتأثير على الرأي العام، وتشكيل الروايات، وتعزيز أجنداتهم الجيوسياسية.
وتعد الوكالة الأميركية للإعلام الدولي أكبر شبكة إعلامية حكومية دولية من حيث الوصول الجماهيري، حيث تصل شبكاتها مثل صوت أميركا VOA، وإذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي (RFE/RL) إلى حوالي 420 مليون شخص أسبوعياً بـ63 لغة في أكثر من 100 دولة، وفقاً لإحصائيات عام 2023.
وتستهدف شبكات الوكالة الأميركية إفريقيا جنوب الصحراء، وأميركا اللاتينية بالإضافة إلى الشرق الأوسط وشرق آسيا. كما توجد برامج بث تاريخية موجهة إلى كوبا (راديو/تلفزيون مارتي)، وروسيا وأوروبا الشرقية عبر شبكات RFE/RL الناطقة بالروسية والأوكرانية وغيرها.
وفي إيران، تبث الولايات المتحدة عبر شبكات "صوت أميركا" الناطقة بالفارسية وراديو "فردا". كما تستهدف شبكات الوكالة الأميركية الصين عبر شبكة راديو آسيا الحرة RFA، وشبكة "صوت أميركا" الناطقتين بالماندرين والكانتونية.
في السنوات الأخيرة، وسعت الشبكة جهودها في منطقة الهندو-باسيفيك وإفريقيا لمواجهة الرسائل الإعلامية الصينية والروسية، عبر تقديم صحافة ناطقة باللغات المحلية وأخبار قائمة على الحقائق.
وبحسب إحصاءات الوكالة لعام 2023، يتابع شبكات الوكالة الأميركية أسبوعياً عبر الراديو والتلفزيون والمنصات الرقمية، 19% من الإيرانيين، وما بين 10 و11% من الروس، بالإضافة إلى 34% من العراقيين ونحو 33% من الجمهور في نيجيريا.
ويقول تلفزيون روسيا اليوم (RT) إن لديه حوالي 70 مليون مشاهد أسبوعياً عالمياً، وفقاً لاستطلاع أجرته شركة Ipsos عام 2016، لكن تحليلات أخرى تظهر أن تأثيره محدود في العديد من الأسواق. قبل حظر القناة عام 2022، كانت نسبة جمهور RT عبر الإنترنت في المملكة المتحدة لا تتجاوز 0.6% شهرياً، و3% في ألمانيا و2% في فرنسا.
تركز روسيا على استهداف الدول الغربية، حيث تبث RT بالإنجليزية والفرنسية والألمانية (قبل حظرها في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عام 2022)، وذلك للتأثير على الرأي العام والنقاش السياسي.
كما تستهدف الجنوب العالمي عبر RT العربية وسبوتنيك العربية، التي تخاطب الشرق الأوسط، وRT الإسبانية التي تنشط في أميركا اللاتينية، حيث اكتسبت جمهوراً في فنزويلا ونيكاراجوا. كما تبث أيضاً سبوتنيك بلغات مثل الصربية والماندرين.
سلاح الصين
أما وسائل الإعلام الصينية، فإن تأثيرها متباين. فرغم أن قناة CGTN تبث بلغات متعددة عبر القارات، إلا أن الأرقام الدقيقة لجمهورها غير متوفرة.
في بعض المناطق، حققت الصين موطئ قدم مهمًا، كما هو الحال في إفريقيا، حيث تتيح CGTN بثها المجاني عبر شراكات مع منصة Star Times الصينية، مما يسمح بوصول الأخبار الصينية إلى ملايين الأسر الإفريقية، إذ تقول الشبكة إنها تصل إلى 10 ملايين مشاهد. ومع ذلك، يعتقد المحللون أن هذه الأرقام قد تكون مبالغاً فيها، بحسب صحيفة "جارديان".
كما استثمرت CGTN بكثافة في بناء متابعين، حيث بلغ عدد متابعي صفحتها على فيسبوك بالفرنسية أكثر من 20 مليون متابع، وبالإسبانية 15 مليونًا بحلول عام 2019.
تتميز استراتيجية الإعلام الصيني بأنها واسعة النطاق وموجهة من الدولة، بالتوازي مع جهودها الاقتصادية والدبلوماسية، مثل مبادرة الحزام والطريق. وتستهدف الشبكات الإعلامية الصينية إفريقيا، وجنوب آسيا، وجنوب شرق آسيا، وأميركا اللاتينية، حيث تسعى الصين لكسب التأييد الشعبي بصفتها قوة عالمية صاعدة.
وتدير CGTN قنوات بالإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، والعربية، والروسية. فيما تمتلك وكالة الأنباء شينخوا (Xinhua) 170 مكتبًا حول العالم، تقدم خدمات إخبارية للعديد من الدول. كما تبث إذاعة الصين الدولية (CRI) بعشرات اللغات، أحيانًا عبر محطات محلية ممولة سراً من بكين. وتركز هذه الشبكات على نشر محتوى إيجابي عن الصين، مع تجنب الهجمات المباشرة كما تفعل روسيا، وفق "جارديان".
أما إيران، فتبقى تأثيراتها الإعلامية محدودة عالمياً، إذ أن قناة Press TV التي أطلقت عام 2007، لديها جمهور بين المعسكرات الناقدة للغرب، لكنها تعرضت للحظر من مزودي الأقمار الصناعية الرئيسيين في عدة فترات.
وفي الشرق الأوسط، تبث قناة "العالم" باللغة العربية لجمهور موالي لإيران، لكن داخل إيران نفسها، تراجع تأثير هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، حيث تشير التقارير إلى أن 32% فقط من الإيرانيين يعتقدون أن برامجها تعكس الواقع، وأقل من النصف يعتمدون عليها كمصدر رئيسي للأخبار.
وعلى الرغم من مواردها المحدودة مقارنة بالصين وروسيا، لديها نهج إعلامي مركّز للغاية، يهدف إلى دعم حلفائها الإقليميين والترويج لموقفها الأيديولوجي وتعزيز أهداف طهران الجيوسياسية، مما يجعله لاعبًا رئيسيًا في ساحة الحرب الإعلامية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأميركية
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الجمعة، أربعة أوامر تنفيذية تهدف، بحسب مستشاره، إلى إطلاق "نهضة" الطاقة النووية المدنية في الولايات المتحدة، مع طموح بزيادة إنتاج الطاقة النووية أربع مرات خلال السنوات الـ25 المقبلة. ويريد الرئيس الأميركي الذي وعد بإجراءات "سريعة للغاية وآمنة للغاية"، ألا تتجاوز مدة دراسة طلب بناء مفاعل نووي جديد 18 شهرا، ويعتزم إصلاح هيئة التنظيم النووي، مع تعزيز استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وصرح ترمب للصحافيين في المكتب البيضوي: "الآن هو وقت الطاقة النووية"، فيما قال وزير الداخلية دوغ بورغوم إن التحدي هو "إنتاج ما يكفي من الكهرباء للفوز في مبارزة الذكاء الاصطناعي مع الصين". وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته للصحافيين: "نريد أن نكون قادرين على اختبار ونشر المفاعلات النووية" بحلول يناير (كانون الثاني) 2029. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتظل الولايات المتحدة أول قوة نووية مدنية في العالم، إذ تمتلك 94 مفاعلاً نووياً عاملاً، لكن متوسط أعمار هذه المفاعلات ازداد حتى بلغ 42 سنة. ومع تزايد الاحتياجات على صعيد الكهرباء، والتي يحركها خصوصاً تنامي الذكاء الاصطناعي، ورغبة بعض البلدان في الاستغناء عن الكربون في اقتصاداتها، يزداد الاهتمام بالطاقة النووية في جميع أنحاء العالم. والعام 2022، أعلنت فرنسا التي تبقى صاحبة أعلى معدل طاقة نووية للفرد بواقع 57 مفاعلا، برنامجا جديدا يضم ستة إلى 14 مفاعلا. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول هذه المفاعلات العام 2038. وتظل روسيا المصدر الرئيسي لمحطات الطاقة، إذ لديها 26 مفاعلا قيد الإنشاء، بينها ستة مفاعلات على أراضيها.


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
بعد التقارب الأميركي السوري.. مستقبل "قسد" بين ضمانات واشنطن وضغوط أنقرة
لم يكن لقاء الرئيسين السوري أحمد الشرع والأميركي دونالد ترمب في 18 مايو الجاري، وما رافقه من إعلان رفع العقوبات الأميركية عن دمشق، مجرد تحول في سياسة واشنطن تجاه الحكومة السورية الجديدة، بل شكّل منعطفاً مهماً يفتح باب التساؤل حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أحد أبرز التشكيلات العسكرية المحلية التي نشأت خلال الأزمة السورية. وعلى مدار 10 سنوات، لم تكن "قسد" مجرد قوة عسكرية مدعومة من واشنطن، بل كياناً عسكرياً إدارياً مدعماً بشرعية الحرب على تنظيم "داعش" ومحاطاً بشبكة من التوازنات المعقدة. لكن اليوم، وفي ظل تغير التموضع الأميركي في العلاقة مع السلطة السورية الجديدة، تجد "قسد" نفسها أمام سؤال خطير: هل تتحول إلى مكوّن أساسي داخل الدولة.. أم كيان مهمش؟ ولأكثر من عقد، تجنبت واشنطن فتح قنوات مباشرة مع القيادة السورية، حتى جاء اللقاء الذي رعته الرياض وشاركت فيه أنقرة، حيث أعلن الرئيس الأميركي رفع جميع العقوبات المفروضة على دمشق، مؤكداً "اتخاذ الخطوات الأولى باتجاه استعادة العلاقات الطبيعية بين الولايات المتحدة وسوريا". موقف دمشق: لا شرعية وفي 10 مارس الماضي، وقّعت الحكومة السورية و"قسد" اتفاقاً يقضي بإعادة دمج الأخيرة ضمن مؤسسات الدولة ورغم أن التفاصيل لا تزال غامضة، فإن المعطيات تشير إلى نهاية زمن "الإدارة الذاتية" ككيان مستقل وبداية مرحلة من الدمج التدريجي. وأكد مصدر حكومي سوري لـ"الشرق"، أن "الاتفاق يضمن عودة وحدات "قسد" إلى صفوف الدولة، تحت إطار أمني غير سياسي"، مشدداً على أن "ما جرى هو تسوية مرحلية لبسط السيادة، لا اعتراف بشرعية موازية". وأضاف المصدر أن "التواصل الثلاثي الأخير بين أنقرة وواشنطن ودمشق يعكس إدراكاً متزايداً لدى مختلف الأطراف بأن استمرار الوضع القائم لم يعد قابلاً للاستدامة"، مشيراً إلى أن هذا التقارب إذا تطور إلى تنسيق فعال "فقد يوفر البيئة السياسية والأمنية اللازمة لترجمة الاتفاق بين الحكومة السورية وقسد إلى خطوات تنفيذية على الأرض". ولفت إلى أن هذه المرحلة "ليست مجرد تفاهم عابر، بل لحظة اختبار حقيقية لمفهوم الدولة الواحدة ولإمكانية بناء مشروع وطني يعيد سوريا إلى دورها الإقليمي من بوابة الاستقرار الداخلي أولاً". "قسد".. من قبول الدمج إلى رفض الإقصاء وفي 15 مايو الجاري، صرّح قائد "قسد" مظلوم عبدي لموقع "نورث برس" المحلي، بأن لقاء الشرع وترمب "يمهّد لمرحلة جديدة من الحوار البنّاء، بما يخدم إعادة الاستقرار والسلام إلى سوريا". وأضاف عبدي: "نؤمن بأن الشراكات الإقليمية والدولية تمثل ركيزة أساسية لضمان مستقبل مستقر وآمن لجميع السوريين، ونعرب عن استعدادنا للتعاون مع جميع الأطراف على هذا الأساس". وفي مقابلة مع "الشرق"، شدد رياض ضرار، الرئيس المشترك للمكتب الاستشاري لمجلس "سوريا الديمقراطية"، على أن الاتفاق بين الرئيس السوري وقائد "قسد" جرى بتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة، التي يرى أنها تلعب دوراً في دعم "الدولة السورية الجديدة" لتصبح كياناً سياسياً قادراً على تجاوز الأزمات الداخلية. وشدد على أن واشنطن لا تستطيع الدفع بمفردها في هذا الاتجاه، وأن النجاح السياسي يتطلب من الحكومة السورية نفسها أن تتصرف "بمنطق وطني لا طائفي"، موضحاً أن "قسد" لا تخشى عملية الدمج بحد ذاتها، وإنما ما وصفه بـ"العقلية الإقصائية التي تحاول إدارة المرحلة بعقل أمني منفصل عن أي توافق سياسي حقيقي". وأضاف ضرار: "الاتفاق السياسي هو المدخل لأي عملية دمج. حتى الآن لا يوجد شكل سياسي واضح للدولة، ولا روح دستورية جامعة. الإعلان الدستوري الحالي يعكس رؤية أحادية لا تصلح مرجعية لغالبية السوريين". وأشار الرئيس المشترك للمكتب الاستشاري لمجلس "سوريا الديمقراطية"، إلى أن الحوار الوطني الشامل هو الضامن الوحيد لأي تسوية مستدامة، منتقداً في المقابل ما وصفه بـ"الرؤية الفوقية" لدى الإعلام الرسمي الذي يستمر في تصوير الشمال الشرقي كمنطقة انفصالية، رغم أن الاتفاق الموقع يركز على المصالحة لا التقسيم. وعن الترتيبات العسكرية، انتقد ضرار هيكلية وزارة الدفاع الحالية، داعياً إلى الابتعاد عن الإدارة "بعقلية الميليشيات لا المؤسسات"، قائلاً إن الترقيات والتعيينات "تُمنح على أساس الولاء لا الكفاءة"، واستشهد بتعيين أحمد إحسان فياض الهايس المعروف باسم "أبو حاتم شقرة" قائداً لفرقة عسكرية في الشمال الشرقي، والذي كان قائداً لفصيل (أحرار الشرقية) السابق الموالي لتركيا، متسائلاً عن مصداقية هذا التعيين وغيره في ظل الحديث عن دمج "قسد" ضمن المنظومة الرسمية. وشدد ضرار على أن "قسد" ليست قوة كردية فقط، بل هي تشكيل مشترك يضم العرب والكرد ومكونات أخرى، وتمتلك تنظيماً وخبرة ميدانية تؤهلها لتكون شريكاً حقيقياً في أي هيكل عسكري جديد ورفض فكرة تسليم السلاح كشرط أولي معتبراً أن المسألة "يجب أن تُدار عبر تفاوض شفاف ومتكافئ". أما فيما يخص ملف الثروات، فأكد ضرار أن إدارة الموارد الطبيعية مسألة مركزية لا يمكن تجاوزها في أي تسوية، داعياً إلى إنشاء مؤسسات رقابية لضمان الشفافية في توزيع العوائد، لا سيما أن مناطق "الإدارة الذاتية كانت الأكثر تهميشاً واستنزافاً طوال السنوات الماضية". ووجّه ضرار تساؤلاً بشأن غياب التمثيل الفعلي لأبناء شمال شرق سوريا داخل الحكومة المركزية، معتبراً أن "التعيينات الحالية ذات طابع رمزي، ولا تعكس توازن القوى الفاعلة على الأرض". أنقرة: أمن الحدود أولاً ويرى الباحث في العلاقات الدولية والمستشار الإعلامي التركي طه عودة أوغلو، أن التحولات المتسارعة في الملف السوري، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي بنظيره السوري، فتحت الباب أمام تفاهمات جديدة، تتضمن على ما يبدو إعادة ترتيب العلاقة بين دمشق و"قسد"، وربما إشراكها في هياكل الدولة السورية الجديدة، وهو ما تتابعه أنقرة بحذر بالغ. وأكد عودة أوغلو لـ"الشرق"، أن مسار تسوية العلاقة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني يشهد تقدماً تدريجياً، لكن موقف أنقرة من "قسد" لا يزال يشكل عقدة أساسية أمام تقدم المفاوضات بشكل أكثر وضوحاً. وأشار إلى أن زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم كالن، إلى دمشق مؤخراً، حملت في طياتها رسائل واضحة تتعلق بمدى ارتباط "قسد" بالملف الكردي الأوسع، استعداد الحكومة السورية لمعالجة الهواجس التركية. وقال عودة أوغلو: "المسار يسير، لكن بحذر. أنقرة تضع في اعتبارها أولاً أمن حدودها، وإذا تم دمج قسد كأفراد أو كوحدات داخل مؤسسات الدولة السورية برعاية وضمان دوليين، فإن تركيا قد تنظر بإيجابية إلى هذا السيناريو شريطة ألا يبقى لقسد كيان مستقل أو مسلح". وشدد الباحث التركي على أن أنقرة بدأت خطوات داخلية لحل المعضلة الكردية، وقد لا تمانع في التعاون مع واشنطن أو دمشق إذا كان ذلك يضمن استقراراً طويل الأمد على حدودها الجنوبية، لكنه حذر من أن استمرار الغموض الحالي سواء في طبيعة الاتفاق أو في مصير السلاح بيد "قسد" قد يقود إلى سيناريوهات غير محسوبة التأثير. وأوضح أن ملف "قسد" لا يمكن عزله عن معادلة العلاقات التركية–الأميركية ولا عن ترتيبات ما بعد التقارب الأميركي–السوري، معتبراً أن الأمر بات يرتبط بإعادة هيكلة أولويات واشنطن في سوريا، خصوصاً أن البيت الأبيض أبدى التزاماً علنياً بدعم أي مسار يضمن انتقالاً سياسياً غير طائفي ويحول دون تجدد النزاعات. وأشار إلى أن دمشق قد تجد نفسها أمام ضرورة تهدئة المخاوف التركية وتقديم ضمانات أمنية كافية، إذا أرادت المضي قدماً في بناء الدولة السورية المستقبلية، مضيفاً أن قسد مطالبة بـ"إعادة تعريف دورها في إطار الدولة الواحدة لا كجسم مواز". من جهته، أكد المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، أنه بالرغم من التطورات السياسية الأخيرة في الملف السوري لا تزال أنقرة ترى في "قسد" وتحديداً وحدات حماية الشعب امتداداً مباشراً لحزب العمال المصنّف "منظمة إرهابية"، وهو ما يجعلها ترفض انضمامه إلى الحكومة السورية الجديدة أو أي دور مستقل لها في مستقبل البلاد. ورغم أن أنقرة لطالما طالبت بوقف الدعم الأميركي لـ"قسد"، فإنها اليوم تبدي ترحيباً متحفظاً بالتقارب الأميركي السوري، فقد أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع ثلاثي جمعه بوزيري خارجية سوريا والولايات المتحدة في أنطاليا أهمية استمرار الولايات المتحدة في الانخراط مع الإدارة السورية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على قدرات الدولة السورية لمواصلة محاربة "داعش"، كما أشار إلى أن الشعب السوري "يطمح للعيش في بيئة يسودها الأمن والاستقرار والرفاهية"، داعياً إلى توجيه التطورات في سوريا نحو المسار الصحيح. لكن تركيا تراقب عن كثب تفاصيل الاتفاق بين واشنطن ودمشق وتخشى من ترتيبات تُبقي على نفوذ محدود لـ"قسد"، خاصة في المناطق الحدودية. وأوضح مصطفى أوزجان لـ"الشرق"، أن الموقف التركي "يستند إلى مقاربة أمنية صلبة"، تنظر إلى ما يجري في شرق الفرات من زاوية التهديدات المباشرة للأمن القومي التركي. وزاد: "أنقرة لا تقبل بأي صيغة تعيد إنتاج نفوذ حزب العمال الكردستاني تحت غطاء سوري داخلي.. ولهذا فإنها تتعامل بحذر شديد مع أي محاولة لإعادة دمج قسد من دون مراجعة عميقة لبنيتها". فرصة مشروطة للتفاهم رغم التحفظ التركي المعلن، أقر أوزجان بأن ثمة تعقيداً متزايداً في المشهد، خصوصاً في ظل تقارب واشنطن مع دمشق ومحاولات الأخيرة إيجاد آلية للتعامل مع "قسد" بصفتها قوة موجودة على الأرض. وأكد أن النظام السوري الجديد وإن كان يتفهم الهواجس التركية، إلا أنه يجد نفسه مضطراً للتعامل مع "قسد" سواء عبر احتوائها أو التفاوض معها. وقال أوزجان: "هذا التعامل محكوم باعتبارات عدة، أولها رغبة دمشق في استعادة السيادة الكاملة وثانيها ضرورة تجنب صدام مع قوى تمتلك بنية عسكرية منظمة، وثالثها ضغوط الحلفاء الدوليين وفي مقدمتهم واشنطن". واعتبر أوزجان أن الفرصة لا تزال قائمة للتوصل إلى صيغة تفاهم ثلاثية، بين دمشق وقسد وأنقرة، لكن ذلك مشروط بتراجع أي نوايا لتأسيس كيان كردي مستقل شرق الفرات أو استمرار نموذج الإدارة الذاتية الحالي الذي تعتبره تركيا "تهديداً غير مقبول". وشدد على أن الملف الكردي في سوريا "لم يعد ملفاً محلياً صرفاً، بل بات جزءاً من شبكة توازنات إقليمية ودولية معقدة حيث تلعب واشنطن دور الوسيط والموازن في آن واحد، بما يعزز أو يضعف فرص التفاهم حسب سلوك الأطراف". واعتبر أوزجان أن "الرهان على تصورات أيديولوجية أو انفصالية لم يعد واقعياً"، مضيفاً أن "العقلية التي تأسس عليها حزب العمال الكردستاني، لم تعد مناسبة لبناء مستقبل سياسي سوري جامع" في إشارة إلى ضرورة مراجعة هذه الأطروحات من قبل القوى الكردية، قائلاً: "ما تحتاجه هذه القوى هو مراجعة جدية تعترف بأن الحل الوحيد يمر عبر الدولة السورية، لا بتجاوزها".


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
الولايات المتحدة ترفع رسميا العقوبات عن سوريا ودمشق ترحب
رفعت الولايات المتحدة أمس الجمعة رسمياً العقوبات الاقتصادية عن سوريا، في تحول كبير للسياسة الأميركية بعد إطاحة السابق بشار الأسد يفسح المجال أمام استثمارات جديدة في البلد الذي دمّرته الحرب. وجاء في بيان لوزير الخزانة سكوت بيسنت أنه يجب على سوريا "مواصلة العمل لكي تصبح بلدا مستقرا ينعم بالسلام، على أمل أن تضع الإجراءات المتّخذة اليوم البلاد على مسار نحو مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر" تأتي الخطوة تنفيذا لقرار اتّخذه الرئيس الأميركي في الأسبوع الماضي. فخلال جولة خليجية، أعلن دونالد ترمب على نحو مفاجئ أنه سيرفع العقوبات عن سوريا. في السعودية، المحطة الأولى لجولته، قال ترمب "سأصدر الأوامر برفع العقوبات عن سوريا من أجل توفير فرصة لهم" للنمو، وتابع "كانت العقوبات قاسية وتسببت بشلل. لكن الآن حان وقتهم للتألق"، لافتا إلى أن قراره يأتي استجابة لطلبات السعودية وتركيا. وفق وزارة الخزانة فإن رفع العقوبات يشمل الحكومة السورية الجديدة شرط عدم توفيرها ملاذا آمنا لمنظمات إرهابية وضمانها الأمن لأقليات دينية وإثنية. تزامنا، أصدرت وزارة الخارجية إعفاء من العقوبات يمكّن الشركاء الأجانب والحلفاء من المشاركة في إعادة إعمار سوريا، ما يمنح شركات ضوءا أخضر لمزاولة الأعمال في البلاد. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في بيان الجمعة إن الإعفاء من العقوبات من شأنه "تسهيل توفير خدمات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي وتمكين استجابة إنسانية أكثر فعالية في جميع أنحاء سوريا". ترحيب سوري رحبت وزارة الخارجية السورية في وقت مبكر اليوم السبت بالقرار الأميركي إعفاء سوريا من العقوبات المفروضة عليها، وقالت في بيان إن هذه "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد". كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أصدرت ترخيصا عاما يجيز المعاملات التي تشمل الحكومة السورية المؤقتة بقيادة الرئيس أحمد الشرع وكذلك البنك المركزي والشركات المملوكة للدولة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويتيح الإعفاء القيام باستثمارات جديدة في سوريا وتقديم خدمات مالية وإجراء تعاملات على صلة بالمنتجات النفطية السورية. أضاف روبيو أن "الإجراءات التي اتخذناها اليوم تمثل الخطوة الأولى نحو تحقيق رؤية الرئيس بشأن علاقة جديدة بين سوريا والولايات المتحدة". خلال الحرب التي استمرت 14 عاما في سوريا، فرضت الولايات المتحدة قيودا شاملة على التعاملات المالية مع البلاد، وشدّدت على أنها ستفرض عقوبات على كل من ينخرط في إعادة الإعمار طالما الأسد في السلطة. بعد هجوم قاده إسلاميون العام الماضي وأطاح الأسد، تتطلّع الحكومة الجديدة في سوريا إلى إعادة بناء العلاقات مع الحكومات الغربية ورفع العقوبات القاسية المفروضة على البلاد. السفير الأميركي لدى تركيا مبعوثا إلى سوريا وأعلن السفير الأميركي لدى تركيا توم باراك أمس الجمعة توليه منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، وقال في منشور على منصة إكس إنه سيدعم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بعد أن أصدر ترمب إعلانا تاريخيا هذا الشهر قال فيه إن واشنطن سترفع هذه العقوبات. وأضاف باراك "بصفتي ممثلا للرئيس ترمب في تركيا، أشعر بالفخر لتولي دور المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ودعم الوزير روبيو في تحقيق رؤية الرئيس". باراك هو مسؤول تنفيذي في شركة للاستثمار المباشر ويعمل مستشارا لترمب منذ فترة طويلة ورأس لجنته الرئاسية الافتتاحية عام 2016. وكانت "رويترز" ذكرت قبل أيام أن الولايات المتحدة تعتزم تعيينه مبعوثا خاصا. والتقى ترمب بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في السعودية في 14 مايو (أيار) وحثّه على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، العدو اللدود لسوريا. وحضر باراك اجتماعا نظمته الولايات المتحدة وتركيا في واشنطن يوم الثلاثاء لبحث الوضع في سوريا، حيث نوقش تخفيف العقوبات وجهود مكافحة الإرهاب. ومن شأن رفع العقوبات الأميركية تمهيد الطريق أمام مشاركة أكبر للمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، وتسهيل التجارة والاستثمار الأجنبي في ظل سعي البلاد لإعادة الإعمار. وكتب باراك في منشوره على منصة إكس "رفع العقوبات عن سوريا سيحافظ على هدفنا الأساسي المتمثل في هزيمة تنظيم داعش نهائيا، وسيمنح الشعب السوري فرصة لمستقبل أفضل".