
افتحوا عيونكم إننا وسط حرب عالمية ثالثة !
إيطاليا تلغراف
توفيق بوعشرين
هل وضعت الحرب أوزارها؟ وهل جنحت الأطراف إلى السلم بعد مغامرة نتنياهو وترامب في جبال إيران؟
(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)
أبدًا… لا يزال هذا الأمل بعيدًا، وما زالت في عقول ونفوس المتحاربين ذخائر مشتعلة، وقدرة رهيبة على إشعال كل أنواع الحروب: الكلاسيكية، الحديثة، والهجينة.
في غزة، ما زالت الحرب في أوجها رغم مرور 21 شهرًا. الفلسطينيون لا يزالون يعددون قتلاهم، ويحصون جثث أطفالهم. ونتنياهو يتلذذ بالإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، دون أن يردعه أحد. بل إن هروبه من أزماته الداخلية جعله يفكر في توسيع رقعة معاركه، وكأنه 'نابليون العصر'.
امتدّت طائراته إلى إيران لضرب مشروعها النووي، ولأنه عاجز عن إتمام المهمة بمفرده، أخذ بيده رئيس أقوى دولة في العالم، ترامب الأرعن، الذي أغراه 'بيبي' بنصر خاطف من الجو ضد المفاعلات النووية الإيرانية… وهكذا فعل.
زين السامري الجديد لترامب عبادة القوة والعجل معًا، فهاجم إيران ثم دعاها للسلام!
سلام القتلة الذين يخوضون حروبهم بلا أي غطاء قانوني أو شرعي…
وها هو الآن يعرض عليها صفقة قيمتها 30 مليار دولار مقابل التخلي عن النووي، كما أوردت قناة CNN.
في هذه الساعة، التي أكتب فيها هذه الكلمات، كم حربًا مشتعلة حرفيًا حول العالم؟
• حرب أوكرانيا، التي دخلت سنتها الثالثة، ولا حلّ يلوح في الأفق.
• حرب غزة، التي دخلت شهرها الـ21، ولا يزال عدّاد الشهداء يدقّ كل لحظة.
• حرب إيران، التي اشتعلت لاثني عشر يومًا، والآن تُخاض حرب باردة في الكواليس لكسر الإرادة.
• حرب لبنان، حيث صار البلد مستباحًا، وإسرائيل تضرب وتقتل متى شاءت.
• حرب اليمن، التي لا تزال قنبلة موقوتة مرشحة للاشتعال في أي لحظة، تجاه أمريكا أو تجاه إسرائيل.
• حرب سوريا، حيث تواصل إسرائيل قصفها، وتحتل قرى بكاملها بذريعة تصفية ما تبقى من ترسانة الأسد.
• حرب السودان، حيث 'الإخوة الأعداء' ما زالوا يخربون بلادهم بأيديهم، تحت رعاية إماراتية معلَنة.
ثم هناك باكستان والهند، حيث الحرب دائمًا على الأبواب، تشعلها ثارات الماضي وحسابات المستقبل، ومعها أخطر ترسانة نووية في آسيا.
أما الصين، فتراقب جزيرة تايوان مثل قرش يطوف حول فريسته، وتايوان تحتمي بالأسطول الأمريكي، والحرب حاضرة دائمًا في جدول أعمال بكين.
كوريا الشمالية تواصل تجاربها الصاروخية، وبين تجربة وأخرى، تطلق تهديدات لجارتها الجنوبية وحلفاء أمريكا.
هل انتهينا؟
لا، فهناك حروب أخرى بلا نيران، لكنها أشد شراسة:
• حرب المصالح والاقتصادات.
• حرب أمن المعلومات والبنية الرقمية.
• حرب التجارة العالمية، حيث تُستخدم الرسوم الجمركية كقنابل وصواريخ.
• حرب التجسس، التي تمهد لحروب قادمة.
وهناك أيضًا سباق تسلّح عالمي، تعكسه ميزانيات الدفاع المتصاعدة في العالم؛ آخرها كان في اجتماع الناتو، حيث جاء ترامب ليقرع حلفاءه مطالبًا برفع الإنفاق العسكري من 2% إلى 5% من الناتج القومي، مرحّبًا بسباق التسلح الجديد.
وهناك سباق محموم نحو التسلح النووي باعتباره 'بوليصة التأمين' الوحيدة للدول الصغرى ضد القوى الكبرى؛ إيران ماضية في الطريق، وربما تلحق بها السعودية ودول أخرى. النووي صار اليوم حامي الأنظمة وضامن بقائها.
وهناك أيضًا حرب على القانون الدولي، ومؤسسات الأمم المتحدة، وكل المعاهدات التي وُلدت بعد الحرب العالمية الثانية؛ ترامب يدفن القانون الدولي يومًا بعد يوم، ويفتح الباب للفوضى العارمة.
النظام الدولي يتهاوى أمام أعيننا، وأمريكا بقيادة ترامب تساهم في هدمه يوميًا، فلم تعد هناك مرجعية تحسم السلم أو الحرب، وصارت واشنطن نفسها طرفًا في الحروب بدل أن تكون صانعة سلام.
وهكذا يبدو المشهد:
كل ما نحتاجه هو عنوان لهذه المرحلة…
والعنوان هو:
نحن في قلب الحرب العالمية الثالثة…
هذا ليس حماسًا زائدًا، ولا نبوءة متشائمة، ولا قراءة في فنجان أسود… بل هي فرضية علمية واستراتيجية صلبة.
قبل أن نحكم إن كنا نعيش في قلب حرب عالمية ثالثة أو لا، دعونا نبدأ من الأصل: تعريف الحرب.
ومن أفضل لتعريف الحرب من جنرال ومفكر عسكري ألماني قاتل في حروب نابليون، وخدم في الجيش البروسي، قبل أن يتفرغ لدراسة الحرب والتنظير لها، ألف كتابًا صار من مراجع الفكر العسكري إلى اليوم: 'عن الحرب – On War'… إنه كارل فون كلاوزفيتز (1780-1831).
تعريفه الشهير للحرب يقول:
'الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى.'
لكن ماذا لو قلبنا هذا التعريف؟ ماذا لو صارت السياسة اليوم هي استمرار للحرب بوسائل أخرى؟
يقول كلاوزفيتز أيضًا:
'الحرب ليست فعلاً منعزلًا، بل أداة سياسية هدفها فرض إرادة دولة على أخرى لتحقيق أهداف معقدة: مصالح اقتصادية، نفوذ ترابي، هيمنة إقليمية، والتحكم في سيادة الآخر.'
كل عناصر هذا التعريف حاضرة اليوم، بقوة، على طاولة العالم.
نحن نعيش في قلب حرب هجينة:
• فيها الجيوش والأسلحة والطائرات والصواريخ تتصادم في السماء والأرض،
• وفيها أيضًا حروب على الحدود الجمركية، وفي الفضاء السيبراني، وفي أعماق الفضاء الخارجي وأقماره الصناعية،
• وفيها معارك داخل الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته الغامضة.
من يختزل الحرب فقط في تحرك الجيوش، وطوابير الدبابات، ومنصات الصواريخ، لم يفهم بعد طبيعة العالم الجديد.
الحرب حرباء… هكذا قال كلاوزفيتز:
'لا تستقر الحرب على حال، ولا تأخذ لونًا ثابتًا، بل تغيّر شكلها في كل مرة.'
وإذا كان هذا صحيحًا في القرن التاسع عشر، فكيف لا يكون صحيحًا اليوم، بعدما تطورت أدوات الحرب وتعقّدت مصالحها وتشابكت مصالح الدول إلى حد الجنون؟
نحن أمام حرب هجينة، معارك بلا قوانين، ولا قواعد، ولا مواثيق:
• فيها مزيج من الحرب التقليدية والحرب الجديدة.
• فيها القتال داخل المعابر الجمركية، وفي وسائل الإعلام والتواصل، للتأثير على الرأي العام وتوجيهه في الأنظمة الديمقراطية ونصف الديمقراطية .
• فيها قتال داخل مصانع الرقائق الإلكترونية في تايوان وحول العالم .
• فيها صراع على المعادن النفيسة والمواد النادرة لصناعة البطاريات والتكنولوجيا الحديثة، من أوكرانيا إلى الكونغو، حيث تتصارع أمريكا والصين وأوروبا في الظلّ.
حرب من نوع آخر:
حين يصرّح ترامب بأنه طامع في ضمّ غرينلاند وكندا، فهذه ليست أحلام يقظة، بل تعبير صريح عن واقع جديد؛ حيث السيادة الوطنية لم تعد مقدسة في صراع الكبار.
مثلما ضمّ بوتين القرم وربع أوكرانيا، يحلم ترامب بضمّ أراضٍ غنية بالمعادن والنفط لتحقيق انتصارات في مواجهة الصين.
اليوم، عندما تتفوق شركة صينية مثل BYD على Tesla، وتصبح الأولى عالميًا في سوق السيارات الكهربائية خلال 4 سنوات فقط، فهذه ليست مجرد منافسة تجارية… إنها معركة حقيقية:
• معركة تكنولوجية، لا تقل شراسة عن أي حرب عسكرية.
• حرب شرسة، تُدار بعقلية الجيوش لا بعقلية الأسواق.
والأخطر؟ أن هذه الحروب الاقتصادية والسيبرانية قد تجرّ إلى حروب عسكرية، والعكس أيضًا صحيح.
نعم، نحن داخل حرب عالمية ثالثة، ولكن بأدوات وأشكال وآليات وأسلحة جديدة:
• معارك بلا خطوط واضحة.
• لاعبين غامضين.
• جيوش نظامية تتداخل مع ميليشيات، وشركات أمن خاص، وذئاب منفردة، وعناصر غير دولتية (non étatique).
فرانك هوفمان، المحلل الاستراتيجي الأمريكي، ومُنظّر مفهوم 'الحرب الهجينة'، وصف هذا النوع من الحروب بأنه:
'الجيل الجديد من الحروب، الذي يُربك الجيوش الكلاسيكية التي لا تزال تتهيأ لحروب قديمة.''الجيل الجديد من الحروب، الذي يُربك الجيوش الكلاسيكية التي لا تزال تتهيأ لحروب قديمة.'
افتحوا أعينكم… نحن داخل حرب عالمية جديدة بأشكال جديدة وأسلحة جديدة وخطوط تماس جديدة
سكريبت الحلقة الماضية من بودكاست كلام في السياسة الرابط في اول تعليق
افتحوا أعينكم… نحن داخل المعركة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف
السابق
السوشل ميديا.. السبيل الوحيد للسياسي للتواصل مع الشباب!
التالي
إنهم يقولون ..ماذا يقولون ..دعهم يقولون
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الخبر
منذ 4 ساعات
- الخبر
ليبيا: حفتر يشوش على العملية السياسية
بعد أن انطلقت الانتخابات البلدية في ليبيا مؤخرا، كمرحلة أولى لبلوغ الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية، شهدت العملية اضطرابات وتشنجات في العديد من المناطق التي تخضع لسيطرة ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وأبنائه، ما قاد المفوضية العليا للانتخابات بالبلد إلى تعليق العملية في العديد من دوائر، في ولايات طبرق وبنغازي وسبها وسرت ودائرة في العاصمة طرابلس. وأفادت الهيئة التي تشرف على العملية الانتخابية في البلد، الذي يعيش منذ 2011 أزمة سياسية وأمنية عميقة، إثر انهيار حكم العقيد الراحل معمر القذافي، أنها قررت تعليق العملية في عشر دوائر شهدت مشاكل واضطرابات، على أن "تستأنف مباشرة حال زوال أسباب التعليق"، آمرة في بيان لها، أمس الأحد، الإدارة العامة بـ"متابعة تنفيذ الإجراءات المتخذة حيال استئناف العملية"، مع موافاتها "مجلس المفوضية بكل ما يتعلق بها من مستجدات قانونية ولوجستية". وبالنسبة لطبيعة الاضطرابات التي شهدتها العملية الانتخابية في تلك الدوائر المتواجدة في مجملها في المناطق التي سيطرت عليها ميليشيات خليفة حفتر، باستثناء دوائر جنزور وواد زمزم وسرت، الواقعة في إقليم سيطرة المجلس الرئاسي، ذكرت مصادر مطلعة ومتطابقة أن بروز مؤشرات على صعود تيارات مخالفة لتوجهات خليفة حفتر، دفعت بأتباع هذا الأخيرة بالتشويش والتدخل بأساليب مختلفة من أجل عرقلتها. وأوضحت مصادر صحفية وموثوقة تحدثت إلى "الخبر"، أن من بين التيارات التي برزت في الانتخابات تيار سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، مشيرة إلى أن هذا الأخير لا يزال مهتما بالشأن السياسي في البلد، وله طموح للترشح في حالة تهيأت وتوفرت شروط وظروف إقامة "انتخابات نزيهة وحرة". وتتنافس في ليبيا عدة تيارات وتوجهات سياسية منذ سقوط حكم معمر القذافي، إثر ثورة شعبية مسنودة وموجهة بتدخلات أجنبية، وأبرزها حلف الناتو وفرنسا اللذان تدخلا بالقوة وبالسلاح من أجل رسم وتوجيه مسار الأحداث. ولم يتوار أنصار الراحل العقيد معمر القذافي، الذي تعرض لعملية قتل بسواعد ليبية وأجنبية، نهائيا عن المشهد، منذ بداية الأحداث. وتؤشر العديد من المعطيات والتحركات والكتابات على أن هذا التيار يسعى للانخراط في العملية السياسية والانتخابية الجارية في البلد، رافضا منطق العنف والقوة والبلطجة، للعودة بليبيا إلى الاستقرار والوحدة وبناء نظام وطني نابع من إرادة الشعب ومبادئه، سواء في القضايا الداخلية وحتى الدولية.


الشروق
منذ 6 ساعات
- الشروق
ترامب ينشر فيديو لاعتقال أوباما وسجنه.. ما قصته؟
نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقطع فيديو مُعدَّل يظهر اعتقال الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وسجنه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي. وأظهر مقطع فيديو نشره ترامب على منصة التواصل الاجتماعي 'تروث سوسيال' لحظة اعتقال مكتب التحقيقات الفيدرالي للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ووضعه في السجن. وظهر في مقطع الفيديو القصير، الذي يبدو أنه من أحد مستخدمي تطبيق تيك توك، مونتاج لمشرعين ومشرعين أمريكيين يكررون رسالة 'لا أحد فوق القانون' قبل أن يظهر ترامب وأوباما جالسين معًا في البيت الأبيض. وينتقل الفيديو بعد ذلك إلى ما يبدو أنه لقطات معدلة من اجتماع ترامب وأوباما في المكتب البيضاوي في نوفمبر عام 2016، في الأيام التي تلت فوز ترامب في الانتخابات. وفي المقطع، يمسك عميلان من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بذراعي أوباما، ويضعانه على الأرض، ويكبلانه بالأصفاد. ثم يُصوّر الفيديو أوباما داخل سجن مرتديا زيا برتقاليا. ويأتي هذا الفيديو بعد أن هددت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد ، الجمعة، بإحالة مسؤولي إدارة أوباما إلى وزارة العدل لمقاضاتهم بشأن تقييم الاستخبارات لتدخل روسيا في انتخابات 2016. وفي الأسبوع الماضي، كشفت تولسي غابارد، أن لديها أدلة 'صادمة' و'دامغة' على قيام مسؤولين سابقين في إدارة أوباما باختلاق نظرية تواطؤ ترامب مع روسيا بعد انتخابات عام 2016 لمنع ترامب من الوصول إلى الرئاسة.


إيطاليا تلغراف
منذ 7 ساعات
- إيطاليا تلغراف
أوروبا تستعد لخطة انتقامية رداً على تصعيد ترامب التجاري
إيطاليا تلغراف في تصعيد لافت على جبهة التوتر التجاري بين ضفتي الأطلسي، يستعد الاتحاد الأوروبي لإطلاق خطة انتقامية شاملة، رداً على نية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية شبه شاملة على صادرات الكتلة الأوروبية، مع اقتراب موعد الأول من أغسطس/آب الذي حدده ترامب مهلة نهائية لدخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ. وبحسب ما كشفته مصادر دبلوماسية أوروبية لوكالة بلومبيرغ، فإن مفاوضي الاتحاد الأوروبي يعتزمون عقد اجتماع طارئ خلال أيام لوضع اللمسات الأخيرة على حزمة من الإجراءات المضادة، تشمل فرض رسوم على سلع أميركية حساسة، وتفعيل ما يعرف بـ'أداة مكافحة الإكراه' (ACI)، وهي أقوى آلية تجارية يمتلكها الاتحاد الأوروبي حالياً. وتمنح هذه الأداة المفوضية الأوروبية سلطات واسعة للرد على الممارسات التجارية القسرية، مثل فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى، أو فرض قيود على استثمارات أميركية داخل الاتحاد، وحتى استبعاد شركات أميركية من العقود العامة. وبينما صممت هذه الأداة في الأساس لردع دول مثل الصين وروسيا، فإن تحولها إلى سلاح محتمل ضد واشنطن يعكس حجم التوتر غير المسبوق بين الجانبين. تعثّر محادثات الفرصة الأخيرة تأتي هذه التحركات في وقت لم تفض فيه محادثات الفرصة الأخيرة بين الطرفين في واشنطن إلى أي اختراق، وسط مؤشرات واضحة على تصلب الموقف الأميركي. وتشير التسريبات إلى أن إدارة ترامب تطالب بتطبيق تعريفات تفوق 10% على معظم الصادرات الأوروبية، مع استثناءات محدودة تشمل بعض الأجهزة الطبية، والأدوية الجنيسة، وعدداً من المعدات الصناعية. وتؤكد مصادر 'بلومبيرغ' أن الاتحاد الأوروبي كان يأمل في التوصل إلى إطار تفاوضي مرن، يعتمد تعريفة موحدة نسبياً، لكنه فوجئ برسالة من ترامب في مطلع يوليو/تموز الجاري، تهدد بفرض رسوم تصل إلى 30% على معظم صادرات الكتلة، مع تركيز إضافي على قطاعات السيارات، والألمنيوم، والصلب، والنبيذ، وحتى أشباه الموصلات. وفي مواجهة هذا التهديد، شرعت بروكسل بإعداد قائمة انتقامية من السلع الأميركية التي ستفرض عليها رسوماً فورية في حال فشل المحادثات. وتشمل القائمة الأولية سلعاً تصل قيمتها إلى 21 مليار يورو، فيما أعدت المفوضية الأوروبية قائمة إضافية بقيمة 72 مليار يورو، تستهدف قطاعات أميركية حساسة سياسياً، مثل طائرات 'بوينغ'، والسيارات الأميركية، وفول الصويا من ولاية لويزيانا، والدواجن، والخمور. وتشير المعلومات إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يكتفي هذه المرة بالرسوم الجمركية فقط، بل يدرس توسيع رده ليشمل فرض ضرائب جديدة على شركات التكنولوجيا الأميركية، وقيوداً على استثمارات أميركية محددة داخل الاتحاد، إضافة إلى استبعاد شركات أميركية من عقود الشراء العامة في السوق الموحدة. انقسام داخل الاتحاد بسبب ترامب رغم التوافق العام على ضرورة الاستعداد للرد، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تختلف في درجة الحزم المطلوبة. فبينما تدعو بعض العواصم مثل باريس وبرلين إلى المواجهة المفتوحة إذا مضى ترامب في قراراته، تفضل دول أخرى اتباع نهج أكثر حذراً لتفادي تصعيد واسع. وتشير مصادر إلى أن تفعيل 'أداة مكافحة الإكراه' لا يجري إلا بعد تصويت الأغلبية داخل المجلس الأوروبي، إذ تتيح هذه الأداة فرض تدابير ردع قوية تشمل قيوداً تجارية وتمويلية على الدولة المتسببة بالإكراه. وبحسب التقديرات الأوروبية، فإن حجم التجارة المستهدف من قبل واشنطن حالياً يغطي ما لا يقل عن 70% من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، أي نحو 380 مليار يورو (442 مليار دولار) سنوياً. وتشمل هذه التدابير الحالية رسوماً بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار، و50% على النحاس، مع تهديدات بفرض تعريفات جديدة على الصناعات الدوائية وشركات الرقائق. وفيما تتواصل المحادثات خلال الأسبوعين المقبلين، يتزايد الضغط على المفوضية الأوروبية للتحرك السريع في حال انهيار المفاوضات، إذ ترى بروكسل أن الرسوم الأميركية لا تستهدف الميزان التجاري فقط، بل تندرج ضمن سياسة 'العقاب الممنهج' التي تستخدمها إدارة ترامب للضغط السياسي والاقتصادي. كما تخشى بروكسل من أن يتحول ملف الرسوم الجمركية إلى وسيلة ضغط منهجية لدفع التكتل إلى اصطفافات سياسية معينة، سواء في ما يتعلق بالصين أو الحرب في أوكرانيا، مما يضع مستقبل العلاقات الأوروبية – الأميركية على المحك.