logo
الصين تطمح إلى التحول لقوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي

الصين تطمح إلى التحول لقوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي

الشرق الأوسطمنذ 13 ساعات
تتبنّى بكين نهجاً في السياسات الصناعية لمساعدة شركات الذكاء الاصطناعي التابعة لها على سد الفجوة بينها وبين نظيراتها في الولايات المتحدة.
كيف تسدّ السياسات الصناعية الفجوة مع الولايات المتحدة؟ في السنوات الأخيرة، انطلقت الصين في رحلة طموحة لتحويل نفسها إلى قوة عظمى عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. هذه الخطوة ليست تطوراً بين عشية وضحاها، بل هي نتيجة جهد حكومي استمر عقداً من الزمن، متجذراً في تقاليد السياسة الصناعية الصينية الأوسع. ومن خلال الاستفادة من نهج شامل للتكنولوجيا والابتكار، تهدف بكين إلى تضييق الفجوة بين قطاع الذكاء الاصطناعي المحلي والولايات المتحدة، الرائدة عالمياً حالياً، وسدها في نهاية المطاف.
تعتمد استراتيجية الصين للتفوق في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على تجاربها الناجحة في صناعات استراتيجية أخرى؛ مثل: السيارات الكهربائية، والبطاريات، والألواح الشمسية. كما أن نهج الحكومة متعدد الطبقات ومنهجي؛ ويشمل ضخ مليارات الدولارات في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي، ودعم الشركات في بناء قدرات التصنيع المحلية، وضمان الوصول إلى كامل حزمة التكنولوجيا اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي المتطور.
وبينما تواصل شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة؛ مثل: «غوغل»، و«ميتا»، ضخ استثمارات خاصة ضخمة في مراكز البيانات والبنية التحتية للحوسبة، فقد تولت الحكومة الصينية نفسها دوراً رائداً في تمويل وتوجيه نمو نظامها البيئي للذكاء الاصطناعي. ويشمل ذلك بناء وتحديث مراكز البيانات، وشراء خوادم عالية السعة، وتطوير قدرات أشباه الموصلات المحلية.
والهدف واضح: تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية، لا سيما في مواجهة الرياح الجيوسياسية المعاكسة وقيود التصدير التي تفرضها واشنطن.
لم تكن الرحلة خالية من العقبات. فمع اتضاح طموحات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي ردّت الولايات المتحدة بإجراءات لتقييد مبيعات الأجهزة المتقدمة، وأبرزها الرقائق عالية الأداء التي تُنتجها «إنفيديا»، الشركة الرائدة في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي.
وهذه الرقاقات ضرورية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق وتشغيل خوارزميات التعلم الآلي المعقدة. ومع ذلك، لم تدع بكين هذه القيود تثنيها عن خططها. وبدلاً من ذلك، ضاعفت دعمها للشركات الصينية، مثل «هواوي»، وشجعتها على إيجاد بدائل محلية لمنتجات «إنفيديا». وعلى الرغم من أن الحكومة الأميركية وافقت أخيراً على مبيعات رقاقة متخصصة للصين فقط (H20)، فإن الاتجاه الأوسع يشير إلى مستقبل تسعى فيه الصين جاهدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي الكامل في أجهزة الذكاء الاصطناعي.
إحدى الركائز الأساسية لاستراتيجية الصين هي الرعاية المكثفة للمواهب الهندسية والعلمية. وقد موّلت الحكومة شبكة واسعة من مختبرات الأبحاث، يعمل العديد منها عند تقاطع الأوساط الأكاديمية والصناعية والحكومية. وقد أصبحت هذه المختبرات مراكز للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تُنتج أبحاثاً أساسية وتطبيقات عملية على حد سواء. وتشارك شركات التكنولوجيا الكبرى؛ مثل: «علي بابا» و«بايت دانس»، بشكل متكرر في مشاريع مشتركة مع هذه المؤسسات الممولة حكومياً، مما يُسهم في ترجمة الإنجازات المخبرية إلى منتجات وخدمات تجارية.
إلى جانب المواهب، تُشدّد السياسة الصناعية الصينية على أهمية التحكم الكامل في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وهذا لا يعني التركيز على الخوارزميات والبرمجيات فحسب، بل أيضاً على ضمان إمداد محلي قوي بالمكونات الخام للذكاء الاصطناعي الحديث: قوة الحوسبة (من خلال الرقائق والخوادم المتقدمة)، ومجموعات البيانات الضخمة (التي غالباً ما تُجمع بدعم من الدولة)، والبنية التحتية المادية اللازمة لمواكبة القادة العالميين.
ما يُميّز نهج الصين هو اتساق سياستها الصناعية ونطاقها. فعلى مدى السنوات العشر الماضية، لم تكتفِ الحكومة المركزية بوضع أهداف طموحة، بل وفّرت أيضاً الموارد اللازمة لتحقيقها بشكل منهجي. فمن دعم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق، والاستثمار المباشر في البحث والتطوير؛ يتسم نهج بكين بالشمولية والتنسيق.
وقد حقّق هذا الالتزام طويل الأمد نتائج ملموسة في مجالات أخرى؛ إذ تُنتج الصين الآن ثلث السلع المصنّعة في العالم، وأصبحت رائدةً عالمياً في الكثير من التقنيات الخضراء. ويُطبّق الآن المزيج نفسه من التوجيه الحكومي والدعم المالي والتنسيق الصناعي بكامل قوته في مجال الذكاء الاصطناعي.
تؤكد التطورات الأخيرة فاعلية هذه الاستراتيجية. فبينما كانت الشركات الصينية تعتمد في السابق على المنصات والتقنيات الأميركية، تعمل اليوم شركات؛ مثل: «ديب سيك» (DeepSeek) و«علي بابا» (Alibaba)، على بناء أنظمة ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر تُصنّف من بين الأفضل أداءً في العالم. لقد تحوّل المشهد جذرياً في عام واحد فقط، حيث بدأت الأنظمة الصينية في التنافس المباشر مع تلك المُنتجة في وادي السيليكون وخارجه.
أصبح السباق العالمي لتطوير الذكاء الاصطناعي المتقدم أكثر تنافسية من أي وقت مضى.
وصعود الصين ليس محض صدفة، فبفضل الاستثمارات الحكومية الضخمة والتخطيط الاستراتيجي والتركيز على النظام البيئي التكنولوجي بأكمله؛ تُقلّص بكين الفجوة بسرعة مع الولايات المتحدة. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا المسار سيستمر أم سيواجه عوائق جديدة؛ لكن العالم يشهد منافسة تاريخية ذات آثار عميقة على التكنولوجيا والاقتصاد والجغرافيا السياسية.
* خدمة «نيويورك تايمز»
السلع المصنعة في العالم تُنتجها الصين الآن
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يغيّر نبرته.. هل باتت الخطوط الحمراء الأميركية تجاه الصين قابلة للتفاوض؟
ترامب يغيّر نبرته.. هل باتت الخطوط الحمراء الأميركية تجاه الصين قابلة للتفاوض؟

العربية

timeمنذ 12 دقائق

  • العربية

ترامب يغيّر نبرته.. هل باتت الخطوط الحمراء الأميركية تجاه الصين قابلة للتفاوض؟

أفادت مصادر مطلعة على المداولات الداخلية لوكالة "بلومبرغ"، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خفف من حدة لهجته العدائية تجاه الصين في محاولة لتأمين قمة مع نظيره شي جين بينغ واتفاقية تجارية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبينما ركز ترامب خلال خطابه الانتخابي خلال الأشهر الستة الأولى من ولايته الثانية، على العجز التجاري الهائل للولايات المتحدة مع الصين وما نتج عنه من فقدان للوظائف، بات حديثه أكثر ليونة. بينما لا يزال يتناقض هذا الموقف مع تهديداته للشركاء التجاريين الآخرين بتدمير اقتصاداتهم بفرض رسوم جمركية باهظة. يركز ترامب الآن على إبرام صفقات شراء مع بكين - على غرار تلك التي أبرمها خلال ولايته الأولى - والاحتفال بالمكاسب السريعة بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية لاختلالات الميزان التجاري، بحسب "بلومبرغ". يأتي ذلك، فيما سجلت الصين فائضاً تجارياً قياسياً في النصف الأول من العام وسط ازدهار الصادرات. يوم الثلاثاء، قال الرئيس الأميركي: "سنقاتل الصين بطريقة ودية جداً". وأفادت بعض المصادر أن ترامب غالباً ما يكون أقل الأصوات تشدداً في اجتماعاته مع موظفيه. وأكد مسؤولو الإدارة الأميركية أن ترامب لطالما أحب شي شخصياً، فيما أشاروا إلى لحظات في ولايته الأولى فرض فيها قيوداً شاملة على شركة "هواوي تكنولوجيز"، ورسوماً جمركية على غالبية الصادرات الصينية. أفادت المصادر بأن أسلوب ترامب اللين، وتخليه عن سياساته المتشددة الموعودة، قد أثارا قلق صانعي السياسات داخل إدارته، وكذلك مستشاريه الخارجيين. وقد أدى هذا إلى تفاقم المخاوف خلال الأسبوع الجاري من أن الخطوط الحمراء الأميركية السابقة تجاه الصين أصبحت الآن قابلة للتفاوض. أدى السماح لشركة إنفيديا ببيع شريحة المياه H20، الأقل تطوراً والمخصصة للصين، مرة أخرى - وهو أمرٌ سبق أن نفى العديد من كبار المسؤولين إمكانية طرحه - إلى عكس نهج الإدارة المعلن المتمثل في إبقاء أهم التقنيات الأميركية بعيداً عن متناول بكين. استشهد وزير الخزانة سكوت بيسنت الشهر الماضي بضوابط H20 كدليل على صرامة الإدارة تجاه الصين، وذلك رداً على ضغوط أعضاء مجلس الشيوخ الذين أعربوا عن قلقهم من أن الولايات المتحدة قد تقايض أشباه الموصلات المتقدمة بالمعادن الأرضية النادرة التي تمتلكها الدولة الآسيوية. بينما ستظل الولايات المتحدة بحاجة إلى موافقة على مثل هذه الصادرات - وهو قيد رفض الرئيس السابق جو بايدن فرضه - اعترض بعض مسؤولي ترامب سراً على منح التراخيص، قائلين إنها ستشجع رواد التكنولوجيا الصينيين، وفقاً للمصادر. وجادل آخرون بأن السماح لشركة "إنفيديا" بمنافسة "هواوي" على أرضها أمر ضروري للفوز بسباق الذكاء الاصطناعي مع الصين. وقد اكتسب هذا الرأي، الذي دافع عنه الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جنسن هوانغ، زخماً داخل الإدارة، وفقاً لمصادر "بلومبرغ". قال وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك يوم الثلاثاء على لشبكة "CNBC": "نريد أن نبيع للصينيين ما يكفي ليُدمن مطوروهم على التكنولوجيا الأميركية". محادثات "مثمرة" صرح متحدث باسم الإدارة بأن ترامب له الكلمة الفصل في جميع القرارات التجارية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، إن الرئيس "ناضل باستمرار من أجل تحقيق تكافؤ الفرص للعمال والصناعات الأميركية، وتواصل الإدارة إجراء مناقشات مثمرة مع جميع شركائنا التجاريين". في مسعىً إضافي لتخفيف التوترات، يستعد المسؤولون الأميركيون لتأجيل الموعد النهائي المحدد في 12 أغسطس، والذي من المقرر أن تعود فيه الرسوم الجمركية الأميركية على الصين إلى 145% بعد انتهاء مهلة 90 يوماً. وأشار بيسنت في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" هذا الأسبوع إلى مرونة الموعد النهائي. وقال شخص مطلع على الخطط إنه من الممكن تمديد هدنة الرسوم الجمركية لثلاثة أشهر أخرى. يأتي هذا في الوقت الذي يفرض فيه ترامب رسوماً جمركية على دول أخرى - بما في ذلك حلفاؤه الرئيسيون - ويهدد باتخاذ المزيد من الإجراءات على قطاعات مثل الأدوية وأشباه الموصلات. وفي الوقت نفسه، يُركز بعض مسؤولي الإدارة على إقناع الصين بالموافقة على شراء كمية مُحددة من السلع والخدمات الأميركية، وفقاً لمصادر مطلعة. قد يُهدئ ذلك مخاوف ترامب بشأن العجز التجاري، لكنه لن يُسهم كثيراً في سد الفجوة التجارية المُتزايدة على المدى الطويل. ينبع نفوذ الصين من سيطرتها على مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة وقدرتها على استغلال اعتماد أميركا على تلك الإمدادات كسلاح. تُلزم الصين الآن الشركات بتسليم بيانات حساسة وإعادة تقديم طلبات الحصول على تراخيص تصدير المعادن الأرضية النادرة كل ستة أشهر.

استقرار أسعار الذهب وسط تكهنات بشأن مستقبل رئيس الفيدرالي الأمريكي
استقرار أسعار الذهب وسط تكهنات بشأن مستقبل رئيس الفيدرالي الأمريكي

الاقتصادية

timeمنذ 12 دقائق

  • الاقتصادية

استقرار أسعار الذهب وسط تكهنات بشأن مستقبل رئيس الفيدرالي الأمريكي

استقر الذهب اليوم الخميس بعد جلسة متقلبة أمس، إذ قيم المتداولون التوقعات بشأن مستقبل جيروم باول في منصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، عقب تكهنات متجددة بإمكانية إقالته من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. وتراجعت أسعار الذهب إلى ما دون 3350 دولاراً للأونصة بعد أن كانت قد ارتفعت بنسبة 0.7% في الجلسة السابقة. وكان ترمب صرّح بأنه "لا يخطط لفعل أي شيء" لإقالة باول، وذلك بعد أن قال مسؤول في البيت الأبيض إن ترمب من المرجح أن يسعى لعزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي. قفزت أسعار الذهب إثر هذه التكهنات، بينما هبطت الأسهم الأميركية والدولار وعوائد سندات الخزانة، قبل أن تهدأ الأسواق إثر توضيح ترمب. مخاوف إقالة باول قائمة رغم ذلك، لا تزال المخاوف من تدخل سياسي قائمة. إذ إن إقالة باول قبل انتهاء ولايته في 2026 من شأنها أن تثير تساؤلات حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، مما يعزز جاذبية الذهب كملاذ آمن. يُذكر أن المعدن النفيس ارتفع بنحو 30% منذ بداية العام، مدعوماً بالتوترات التجارية والجيوسياسية، إلى جانب تدفقات قوية إلى صناديق المؤشرات المتداولة وعمليات شراء من قبل البنوك المركزية. وسجّل الذهب استقراراً عند 3343.61 دولاراً للأونصة بحلول الساعة 8:40 صباحاً في سنغافورة. وارتفع مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري بنسبة 0.1%. أما البلاتين والبلاديوم فقد شهدا استقراراً بعد ارتفاعهما بأكثر من 3% في الجلسة السابقة.

خلال الشهر الماضياليابان تسجل فائضًا تجاريًا بقيمة 153 مليار ينٍ
خلال الشهر الماضياليابان تسجل فائضًا تجاريًا بقيمة 153 مليار ينٍ

الرياض

timeمنذ 19 دقائق

  • الرياض

خلال الشهر الماضياليابان تسجل فائضًا تجاريًا بقيمة 153 مليار ينٍ

أعلنت وزارة المالية اليابانية اليوم الخميس، تسجيل اليابان فائضًا تجاريًا بقيمة 1.153 مليار ين ( 1.2 مليار دولار ). وكان محللون يتوقعون فائضًا بقيمة 9.353 مليارات ين، مقابل عجزٍ بقيمة 6.638 مليارات ين خلال مايو وفقًا للبيانات المعدلة و6.637 مليارات ين وفقًا للبيانات الأولية. وتراجعت صادرات اليابان خلال يونيو بنسبة 5.0% في حين كان المحللون يتوقعون نمو الصادرات بنسبة 5.0%، بعد انكماش بنسبة 7.1% خلال الشهر السابق. في المقابل زادت واردات اليابان خلال الشهر الماضي بنسبة 2.0% في حين كان المحللون يتوقعون تراجعها بنسبة 6.1% بعد تراجعٍ بنسبة 7.7% خلال الشهر السابق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store