logo
هذه المقالة لا تُعبّر عن دعم لـ"العمل من أجل فلسطين"

هذه المقالة لا تُعبّر عن دعم لـ"العمل من أجل فلسطين"

الغدمنذ 4 أيام
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
أوين جونز - (الغارديان) 9/7/2025
في المجتمع البريطاني الذي يذهب حثيثًا إلى الاستبدادية، يمكن لأي نوع من الاحتجاج أن يجد نفسه في تناقض مع القانون. بل إنك ربما تذهب إلى السجن.
* * *
يجب أن أكتب هذه المقالة بعناية بالغة لتجنّب أن يُحكم عليّ بالسجن لمدة تصل إلى 14 عامًا. من الغريب أن أجد نفسي أقول هذه العبارة ككاتب عمود صحفي في بريطانيا في العام 2025. ولكن، بما أن الحكومة صوّتت على حظر مجموعة العمل المباشر الاحتجاجية، "العمل من أجل فلسطين"، بموجب "قانون الإرهاب"، فإن أي عبارة تفهم على أنها تعبر عن دعم للمجموعة يمكن أن تؤدي بصاحبها إلى الاعتقال والملاحقة القضائية.
اضافة اعلان
ربما تردُّ عليَّ، محقًا، بأن صحفيي "الغارديان" ليسوا فوق القانون.
على سبيل المثال، إذا حدث أنني كتبتُ مقالة تؤيد تنظيم القاعدة، فإنك قد تتعاطف مع فكرة إيداعي السجن: بعد كل شيء، قتل التنظيم ما يقرب من 3.000 شخص في هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وارتكب فظائع إرهابية متعددة أخرى مثل تفجيرات قطارات مدريد في العام 2004، وتفجيرات لندن في 7 تموز (يوليو) قبل عقدين تقريبًا. وبالمقدار نفسه، ربما تستنتج أن مقالة تدافع عن تنظيم "داعش" يجب أن تُقابل بحكم قاسٍ بالسجن.
لست، على الصعيد الشخصي، من أنصار الحلول العقابية للمشكلات السياسية: لم أؤيد سَجن مشجع كرة القدم من النازيين الجديد الذي اعتدى عليّ قبل ست سنوات (حُكم عليه بالسجن لمدة سنتين وثمانية أشهر)، ولا أولئك العنصريين الذين نشروا خطابات كراهية تحريضية خلال المحاولة الفاشلة لتنفيذ مذبحة وطنية في آب (أغسطس) الماضي. لكن هذه مسألة خلاف سياسي مشروع، تضعني ضمن أقلية صغيرة.
من الواضح أنني لن أكتب أبدًا دفاعًا عن خاطفي طائرات قتلة، أو مفجرين، أو قاطعي رؤوس -وفي الحقيقة مرتكبي الإبادة الجماعية. لكن هذه المقالة تتعلق بحركة جعلت الآن، من الناحية القانونية، مساوية لتنظيم القاعدة وتنظيم "داعش" -أعني حركة "العمل من أجل فلسطين".
بدلًا من قطع رؤوس الناس، أو ملء القبور الجماعية بالضحايا الأبرياء، حُظر عمل ناشطيها لأنهم رشّوا طلاءً أحمر على طائرات عسكرية، في ما قالوا إنه احتجاج على تواطؤ بريطانيا في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
في الأسبوع الذي سبق كتابة هذه السطور، شاركت وزيرة الداخلية في جلسة تصوير مع نائبات من حزب العمال يحتفين بـ"السافراجيتس" –المناضلات من أجل حق المرأة في التصويت– اللواتي زرعن القنابل، وأحرقن المنازل الخاصة، وقمن بتحطيم وتخريب المعارض الفنية.
وبعد ذلك صوتت هؤلاء النائبات على تصنيف حركة تصف نفسها بأنها تقف ضد العنف الموجّه إلى البشر كـ"منظمة إرهابية".
وفي نهاية هذا الأسبوع، تمّ اعتقال الكاهنة المتقاعدة سيو بارفيت، البالغة من العمر 83 عامًا، بعد أن رفعت لافتة كتب عليها: "أنا أعارض الإبادة الجماعية. أنا أؤيد 'العمل من أجل فلسطين'". كما تم اعتقال 28 شخصًا آخرين أيضًا على الأسس نفسها.
وعندما سُئل مفوض شرطة العاصمة، مارك رولي، عن توقيفها، أجاب: "المسألة لا تتعلق بالاحتجاج. هذا يتعلق بمنظمة ترتكب جرائم خطيرة".
لاحظوا كيف أن أعلى مسؤول أمني في بريطانيا لم يستطع أن يقنع نفسه بالادعاء بأن "العمل من أجل فلسطين" هي "منظمة ترتكب أعمالًا إرهابية"، وهو ما ينص عليه القانون.
وأظنه يعلم أنه، لو قال ذلك، لكان قد كشف عن السخف الفاضح في هذا التشريع. نعم، لقد قلب أولئك الذين ساعدوا على إغراق غزة بالدماء العالم رأسًا على عقب -حين عاملوا معارضي هذا الإبادة الجماعية الواسعة كمتطرفين خطيرين ومثيرين للكراهية- لكن الكلمات لم تُفرغ تمامًا من معناها بعد.
لا تتوقعوا لهذا أن يدوم. حين يصاب جرح في الديمقراطية بعدوى، فإنه لا يمكن احتواؤه. إنه يتقيّح على الفور، ويشرع المرض في الانتشار.
إحدى السمات المهمة المميزة للمجتمع الاستبدادي هي أن الدولة تُقدّس ما يعرف الجميع أنه غير صحيح، حتى لو اضطر الناس قانونيًا إلى التصرّف بخلاف ذلك. وما تزال بريطانيا بعيدة عن أن تكون توتاليتارية، لكنّ مجتمعًا يعتقل كاهنة متقاعدة عمرها 83 عامًا لأنها رفعت لافتة تدعم العمل المباشر اللاعنفي وتعبر عن معارضتها للإبادة الجماعية، هو مجتمع يسير بثبات في طريق يفضي إلى السلطوية.
وكان هذا الطريق قيد التشكل منذ وقت طويل. حين قدّم حزب العمّال الجديد قوانين مكافحة الإرهاب، حذّر المعارضون من أن هذه التشريعات ستُستغل لملاحقة المحتجين السلميين. وفي الحقيقة، تم توقيف والتر وولفغانغ، الناجي من المحرقة الذي كان يبلغ من العمر في ذلك الحين 83 عامًا، بموجب "قانون منع الإرهاب"، بعد أن قاطع خطاب وزير الخارجية آنذاك، جاك سترو، خلال مؤتمر حزب العمّال في العام 2005، بشأن الحرب على العراق.
في حين أن العديد من المعلقين صوّروا بوريس جونسون على أنه ليبرتاري متحرر، سنت حكومته تشريعات تُمكّن الشرطة من حظر أي احتجاج تقريبًا، حيث يسمح "قانون العمل الشرطي" باتخاذ إجراءات ضد التظاهرات التي تُعد "صاخبة أكثر من اللازم". وقد يتساءل المرء: أي نوع من الاحتجاج هو ذاك الذي لا يكون صاخبًا؟
من المؤسف أنه كان ينبغي دائمًا أن يكون واضحًا أن السلطوية تسري في عروق التيار العمّالي الذي يستند إليه كير ستارمر في قيادته. وكما قال النائب السابق في حزب العمّال -والمستشار السابق لتوني بلير- جون كورداس، ذات مرة، فإن هذا هو "الفصيل الأكثر يمينية، والأقل تحررًا داخل الحزب". وكما يمكن أن يشهد أي شخص التقى في أي وقت بهؤلاء الفصائليين شخصيًا، فإنهم يتميزون بكراهيتهم العميقة لليسار. وقد دفعت جماعات ضغط موالية لإسرائيل، أو مرتبطة بصناعة السلاح، باتجاه سنّ مثل هذه التشريعات، ولم يتوانَ قادة حزب العمّال عن تلبيتها بحماسة.
وحين يتم تصنيف حركة تلتزم باللاعنف على أنها حركة إرهابية، فإن خطًا أحمر يكون قد تم تجاوزه. لقد تم إفراغ مصطلح "الإرهاب" من أي معنى حقيقي، وأصبح قابلًا للتطبيق على نطاق أوسع بكثير من اللازم. في وقت سابق من هذا العام، تم اعتقال أكثر من 70 محتجًا سلميًا خلال مظاهرة نظمتها "حملة التضامن مع فلسطين". لم يكن أي من هذا عملًا مباشرًا: تم اعتبار أنهم خرقوا القيود التعسفية من خلال السير في "شارع وايتهول" حاملين الزهور لإحياء ذكرى ضحايا فلسطين. وما يزال رئيس "حملة التضامن مع فلسطين"، بن جمال، من بين الذين يخضعون الآن للمحاكمة.
صحيح أن الانحدار نحو الاستبداد بدأ قبل مجزرة غزة، لكننا تعلمنا بما لا يدع مجالًا للشك أن تواطؤ دولة في تسهيل ارتكاب إبادة جماعية ستكون له تداعيات وانعكاسات عميقة على المجتمع في الداخل. وثمة ملايين الناس الذين يدركون أن حكومتهم ساعدت في ارتكاب جريمة جسيمة، ولحماية أنفسهم من التدقيق والمساءلة، لا بد لأصحاب القرار أن يُسكتوا أولئك الذين يتحدون الجريمة. ومع كل يوم، تزداد أوضاع الديمقراطية هشاشة.
تذكّر: من المخالف للقانون إظهار الدعم لمنظمة "العمل من أجل فلسطين"، التي تُعد -قانونيًا- معادِلة لتنظيمَي القاعدة و"داعش". وإذا تم خرق هذا القانون، فإن السجن سيكون في الانتظار. تدعو المنظمة المحظورة إلى العصيان المدني والعمل المباشر غير العنيف احتجاجًا على الإبادة الجماعية.
وقد خضعت هذه المقالة للمراجعة مع أخذ ذلك في الاعتبار. ولك أن تسأل نفسك عما إذا كان هذا طبيعيًا في دولة تصف نفسها بأنها ديمقراطية. ثم اسأل نفسك عن المكان الذي سيفضي إليه كل هذا.
*أوين جونز Owen Jones: صحفي وكاتب بريطاني وناشط يساري، يعمل ككاتب عمود في صحيفة The Guardian البريطانية منذ العام 2014، حيث يركّز في مقالاته على قضايا السياسة البريطانية، العدالة الاجتماعية، وحقوق الأقليات. وُلد في 8 آب (أغسطس) 1984 في شيفيلد ونشأ في مانشستر، ودرس التاريخ في جامعة أكسفورد. اشتهر بكتابه Chavs: The Demonization of the Working Class الذي نُشر في العام 2011، والذي تناول فيه النظرة الطبقية والتحامل ضد الطبقة العاملة في بريطانيا، وتبعه بكتاب The Establishment: And How They Get Away With It العام 2014. يُعرف جونز بدفاعه القوي عن حقوق الفلسطينيين، ومناهضته للنيوليبرالية والعنصرية، وغالبًا ما يتعرض لانتقادات وهجمات من اليمين البريطاني بسبب مواقفه التقدمية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: This column does not express support for Palestine
Action – here's why
في ترجمات:
اضطهاد فرانسيسكا ألبانيزي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نقابة المحامين تقرر تسيير قافلة مساعدات إلى غزة بقيمة 100 ألف دينار
نقابة المحامين تقرر تسيير قافلة مساعدات إلى غزة بقيمة 100 ألف دينار

رؤيا نيوز

timeمنذ 11 دقائق

  • رؤيا نيوز

نقابة المحامين تقرر تسيير قافلة مساعدات إلى غزة بقيمة 100 ألف دينار

قرر مجلس نقابة المحامين الأربعاء، تسيير قافلة مساعدات غذائية إلى قطاع غزة بقيمة 100 ألف دينار من حساب دعم الصمود. كما قرر المجلس، إرسال مواد ومستلزمات طبية إلى المستشفى الميداني للقوات المسلحة الأردنية في غزة بقيمة 50 ألف دينار، وذلك دعما لمجهودهم الطبي في القطاع المنكوب. وقرر المجلس فتح باب التبرع للمحامين لإغاثة الأهل في غزة وتعزيز صمودهم. وأشار المجلس إلى أنه سيخاطب الجهات الرسمية الدولية والمنظمات الإنسانية ونقابات المحامين حول العالم والاتحاد الدولي للمحامين والرابطة الدولية للمحامين للضغط على الحكومات الغربية الداعمة للكيان لوقف العدوان وفك الحصار على قطاع غزة.

المومني: الأردن مستعد لإيصال المساعدات لكن المعيقات الإسرائيلية تقف بوجه ذلك
المومني: الأردن مستعد لإيصال المساعدات لكن المعيقات الإسرائيلية تقف بوجه ذلك

رؤيا نيوز

timeمنذ 40 دقائق

  • رؤيا نيوز

المومني: الأردن مستعد لإيصال المساعدات لكن المعيقات الإسرائيلية تقف بوجه ذلك

أكد وزير الاتصال الحكومي، الناطق باسم الحكومة، محمد المومني، الثلاثاء، أن الموقف الأردني ثابت تجاه غزة، وأن الأولوية اليوم إيصال المساعدات الإنسانية، وإنقاذ المدنيين، ودعم صمود الأشقاء الفلسطينيين على أرضهم في وجه الكارثة الإنسانية المتفاقمة. وأضاف المومني خلال مؤتمر صحفي، 'الأردن مستعد لإيصال المساعدات برا أو جوا من خلال الإنزالات الجوية على قطاع غزة، لكن المعيقات الإسرائيلية المستمرة تقف بوجه آليات المساعدات المختلفة، مشيرا إلى أنه لا يوجد تحضيرات في الفترة الآنية لإنزالات جوية وإنما برية'. ولفت المومني إلى أن رئيس الوزراء أكد على ضرورة وقف الهجمات الوحشية على أهالي قطاع غزة، وحقهم الطبيعي بالحياة الكريمة، وضرورة وقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة على القطاع. وشدد المومني على أن الأردن مستمر في إرسال المساعدات إلى قطاع غزة بمختلف أنواعها الطبية والغذائية.

العضايلة: لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة
العضايلة: لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة

رؤيا نيوز

timeمنذ 40 دقائق

  • رؤيا نيوز

العضايلة: لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة

ترأس مندوب الأردن الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير أمجد العضايلة، اليوم الثلاثاء، اجتماع دورة غير عادية لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، التي جاءت بطلب من دولة فلسطين لبحث تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة. وخلال كلمة الأردن بالاجتماع، جدد السفير العضايلة رفض الأردن القاطع لمخططات حكومة الاحتلال الرامية لسحب صلاحيات بلدية الخليل بشأن المسجد الإبراهيمي ومحيطه، مؤكدا أن هذه الإجراءات التوسعية الأحادية تمثل تعديا مباشرا على الهوية العربية والإسلامية للحرم الإبراهيمي وانتهاكا للوضع القانوني القائم. وشدد على أنه لا سيادة لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة وأن جميع إجراءاتها على الأرض باطلة وغير شرعية، داعيا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية وإلزام إسرائيل وحكومتها وأي جهات استيطانية بالتراجع عن هذه المخططات ووقف أي سلوك تنتهجه من شأنه انتهاك الثوابت والحقوق التاريخية لفلسطين وأرضها وشعبها، وإنهاء جميع الإجراءات التوسعية اللاشرعية في الضفة الغربية المحتلة وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني وتلبية حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وفق مقررات الشرعية الدولية وحل الدولتين وبما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعلى حدود الرابع من حزيران 1967. وبشأن الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، أشار العضايلة إلى أن السياسات الإسرائيلية وعلى رأسها سياسة التجويع حولت القطاع إلى منطقة منكوبة وغير صالحة للعيش وأن المشاهد اليومية للمجاعة والدمار تمثل وصمة عار في جبين الإنسانية. ولفت إلى ترحيب الأردن بالبيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية 25 دولة الذي طالب بوقف فوري للحرب الإسرائيلية ورفض محاولات التهجير القسري والتغيير الديموغرافي في الأراضي المحتلة، مؤكدا أن هذا التحرك الدولي يعكس بداية إحساس بخطورة المأساة الإنسانية التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني. وأكد موقف الأردن بدعم هذه الخطوة ذات البعد الدولي التي تشكل إحساسا بعمق الأزمة الراهنة ومخاطرها الكارثية وهو تحرك ينسجم مع المطالبات بتحرك دولي فاعل لإنهاء المأساة الإنسانية في غزة ووقف فوري ودائم لإطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store