
كالكاليست: 26 ألف إسرائيلي من سكان الشمال مشردون
أظهر تقرير لصحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية نُشر أمس الاثنين، صورة قاتمة عن أوضاع سكان شمال إسرائيل بعد مرور أكثر من 3 أشهر على بدء خطة العودة التدريجية عقب انتهاء الحرب، حيث لا يزال نحو 26 ألف إسرائيلي من سكان الشمال مشردين، ولم يعودوا إلى منازلهم، فيما لا يعمل سوى 30% فقط من الأعمال التجارية في المنطقة.
ووفقًا للبيانات التي عرضتها "إدارة إعادة إعمار الشمال" أمام اللجنة الخاصة لشؤون النقب والجليل في الكنيست ، فإن نسبة العودة الشاملة لا تتجاوز 62%، بينما تنخفض بشكل مأساوي في المناطق الأقرب إلى الحدود مع لبنان، مثل مطولا، المنارة وشتولا، حيث تراوحت نسب العودة هناك بين 14% و25% فقط.
وكشف التقرير أن نحو نصف سكان كريات شمونة لم يعودوا إلى منازلهم، ولا يزالون في فنادق أو مراكز إيواء بديلة، وهو ما يشير إلى استمرار التخبط الحكومي، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ أكثر من 6 أشهر، بعد 14 شهرًا من القصف المتواصل بالصواريخ والطائرات المُسيّرة.
استنزاف بلا خطة
وبحسب كالكاليست، فإن الأموال التي تعهدت بها الحكومة لإعادة ترميم البنية التحتية المتضررة لم تصل حتى الآن إلى وجهتها، وهو ما أثار سخطًا واسعًا في أوساط أعضاء الكنيست. وقالت النائبة أوريت فركش هكوهين خلال الجلسة: "المشكلة ليست فقط في عدد العائدين. الشمال كان يعاني حتى قبل الحرب، لأن الحكومة لم تعتبره مطلقا منطقة إستراتيجية. لماذا لم يتم الاستثمار في البنية التحتية والزراعة وتقليص الفجوات؟ كيف يمكننا النظر في أعين السكان ونحن نخذلهم بهذا الشكل؟".
من جانبها، قالت مفوضة الشمال المؤقتة عيناف بيرتس، التي انتهت صلاحية تعيينها الأسبوع الماضي دون تمديد، بسبب غياب مفوض دائم لخدمة الدولة: "لا يوجد نقص في الأموال"، معلنة أن الإدارة تعتزم تخصيص نحو نصف مليار شيكل (نحو 140 مليون دولار) في الفترة المقبلة لترميم المباني ضمن مسافة كيلومترين من الحدود اللبنانية، إلى جانب خطط لتوسعة التجمعات السكانية وتشجيع الهجرة الإيجابية إليها، بهدف زيادة عدد سكان الجليل بمقدار 100 ألف نسمة حتى نهاية العقد.
لكن الواقع يبدو مختلفًا على الأرض، فقد أشار رئيس اللجنة، عضو الكنيست عوديد فورر، إلى غياب تام للخدمات الأساسية في العديد من التجمعات، مستشهدًا بحادث وقع للطبيب البيطري في كريات شمونة الذي أصيب بجروح لكنه اضطر إلى خياطة جروحه بنفسه لعدم وجود غرفة طوارئ.
وقال فورر "في هذا الوضع، لا أفهم ما الذي دفع الحكومة لإطلاق خطة العودة في مارس. لقد أرادت تصوير نصر لكنها فشلت. الحكومة تتصرف بمنأى عن الواقع، بلا خطة شاملة، وكل ما تفعله هو وضع لاصقة على جرح ينزف".
مساءلات سياسية في الأفق
وفي ضوء استمرار شلل القطاع التجاري، أعلن فورر عن نيته عقد جلسة خاصة لمراجعة أنشطة وزارة الاقتصاد في الجليل، موجهًا نقدًا لاذعًا إلى الوزير نير بركات بسبب كثرة سفره إلى الخارج: "إذا كان عليه السفر إلى الخارج مرة في الشهر، فليتفضل بزيارة الشمال مرة في الأسبوع ليرى الكارثة بعينيه".
أما التقديرات الحكومية فتشير إلى أن غالبية السكان سيعودون بحلول يوليو/تموز المقبل، أي مع نهاية العام الدراسي، وتحديدًا عندما تتوقف المنح الحكومية التي تُقدّم للمهجّرين، مما أثار تساؤلات حول جدية الحكومة في معالجة الأزمة، ومدى اعتمادها على "الضغط الاقتصادي" بدلًا من تقديم حلول جذرية، تقول الصحيفة.
و يبدو أن شمال إسرائيل لا يزال يعيش -في ظل فراغ إداري- ترديًا اقتصاديا، وتعاملًا حكوميًا بطيئًا ومجزَّأ، فيما تستمر معاناة عشرات الآلاف من السكان الذين فقدوا منازلهم، وأعمالهم، والشعور بالأمان في وطنهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
إطباق تجسّسي.. هكذا تستبيح إسرائيل الجنوب اللبناني
بيروت- كنت أعمل داخل مقبرة البلدة رفقة صديقي، حين قال لي "اسمع جيّدا، يبدو أن هناك عشا للدبابير داخل هذه الخيمة التي تعلو أحد الأضرحة القريبة منّا"، وعندما التفت رأيت طائرة درون مسيّرة تربض فوق الخيمة وتراقبنا. يروي هذه القصة، محمد صالح ابن بلدة راميا الحدودية قضاء بنت جبيل في الجنوب اللبناني ، متحدثا للجزيرة نت عن معاناته ومعاناة جميع أبناء القرى الحدودية مع المسيّرات الإسرائيلية التي لا تفارق الأجواء، حيث تتتبع كل تفاصيل حياتهم، وعلى مدار الساعة. ويقول صالح إن المسيّرات ترصد أي حركة داخل البلدة، وتحلق فوق علو قريب من المواطنين لا يتجاوز المترين، حيث تستطلع وجوههم وما يقومون به من عمل، وتعود إلى الموقع الإسرائيلي حيث انطلقت، وبعد ساعة تعيد الكرّة، وتستمر على ذلك حتى انتهاء العمل والخروج من البلدة. تجسس وانتهاك ويبدي صالح انزعاجا كبيرا حيال هذه الأساليب الإسرائيلية مع أبناء قرى الشريط الحدودي، ويقول "تشعر وأنت في بلدتك بأنك مراقب بالكامل وطوال الوقت، والأخطر أنك مكشوف بكل تفاصيل حياتك، وهذا مقلق جدا". ويضيف "تخيّل أثناء الغداء دخلنا إلى غرفة صغيرة، وبدأت المُسيَّرة تحوم فوقنا بحثا عنا، ووقفت مباشرة تراقبنا حتى خرجنا لتشاهدنا، وبعد تعرفها علينا غادرت الأجواء". والمعاناة ذاتها مع المسيّرات الإسرائيلية يعيشها إبراهيم عيسى من بلدة ميس الجبل قضاء مرجعيون. ويقول للجزيرة نت إن مسيّرة تتبّعته بمجرد أن بدل سيارته التي كان يستقلها أثناء خروجه من بيته إلى مزرعته بحافلة صغيرة، حيث ظلت تُحلّق فوق رأسه حتى نزوله وانكشافه أمامها، ثم غادرت الموقع. ويضيف "منذ أسابيع ذهبت إلى المزرعة، وتركت هاتفي داخلها خشية ضياعه، وخرجت إلى البريّة لأتفقد الأبقار، وما هي إلا دقائق حتى تتبعتني درون إسرائيلية، وبقيت تلاحقني حتى وصلت المرعى وبعدها عادت أدراجها". وباتت استباحة المسيّرات الإسرائيلية للقرى الحدودية اللبنانية مقلقة جدا، حسب عيسى، إلا أن الأهالي صاروا يتعايشون معها. لكنه وغيره لا يخفون إنزعاجهم من مراقبتها الحثيثة لهم. ويقول "تخيّل أن تكون مرصودا بكل تحركاتك، وعلى مدار الساعة، هذا غير مريح، وفي هذه الأيام ومع ارتفاع درجات الحرارة، وعندما تحاول فتح باب أو نافذة، فإنك تفكّر كثيرا قبل أن تفعل، لأن المسيّرة قد تأتي وتصورك في منزلك دون أن تشعر". أما المواطن عيسى هزيمة -صاحب مقهى في ساحة ميس الجبل- فيقول إن المسيّرة تقتحم المقهى يوميا، وتصوّر كل شيء داخله وتغادر، ثم تعود مجددا لتتأكد من وجوه الروّاد. ويؤكد هزيمة للجزيرة نت أن الطائرة تتبّعه ومعظم سكان البلدة كل يوم، ولا تفارق الأجواء أبدا، وتصورهم وترصد تحركاتهم. ويقول "هذا يقلقنا جميعا، ويُجنّب الأهالي العودة إلى البلدة، خاصة وأن المسيّرات تحلق فوق علو منخفض منهم، ويشعرون وكأنها تلاحقهم داخل منازلهم". قدرات استخبارية يقول العميد المتقاعد في الجيش اللبناني والمختص في الاتصالات محمد عطوي إن لهذه المسيّرات قدرة عالية على التتبّع والرصد والتصوير. ويؤكد للجزيرة نت أن المسيّرات الإسرائيلية مزودة بأجهزة استشعار وكاميرات دقيقة ذات حساسية عالية، تُمكنها من تصوير أدق التفاصيل على الأرض بدقة ووضوح، حيث تنقل هذه المعلومات مباشرة إلى غرف العمليات داخل الكيان الإسرائيلي. وهناك -يواصل عطوي- يقوم الإسرائيليون بمقارنة الصور مع المعلومات المتوفرة لديهم على أجهزة الحاسوب من صور سابقة لمواقع وأشخاص وأبنية ومواقع عسكرية، وبناء عليه يأخذون القرار المناسب. ويشير عطوي إلى أن المسيّرات ليست وحدها من يخرق خصوصية اللبنانيين، ف الأقمار الصناعيّة أيضا تملك قدرة هائلة على الرصد بدقّة، ثم تعود لتُرسل ما التقطته إلى غرف عمليّات الموساد والقيادة الإسرائيلية. ويضيف أن هناك أجهزة على شكل كاميرات وأدوات تنصّت ثابتة، تُوجّه على قطاع معيّن، خاصة في الأودية أو ممرّات محدّدة، وهي دقيقة وتُستخدم لنقل الصور، ويتم إخفاؤها غالبا تحت الصخور، وتموّه بحسب طبيعة الأرض، لتجنّب اكتشافها بسهولة، و"هذه المعلومات تُرسل إلى العدو الإسرائيلي، وأستطيع القول إن كل الإنترنت والاتصالات في الجنوب مراقب إسرائيليا". شكل من العدوان وأمام هذا الإطباق الاستخباراتي على لبنان وهذا الخرق لخصوصيّة المواطنين، يؤكد عضو لجنة الدفاع والداخلية والبلديات النيابية النائب محمد خواجة للجزيرة نت أن ما تقوم به إسرائيل يعد عدوانا مستمرا بحق لبنان، لافتا إلى أن الاحتلال لم يلتزم ب وقف إطلاق النار ولو لساعة واحدة، بينما لبنان، حكومة وشعبا وجيشا ومقاومة، التزم بالكامل بكل بنود الاتفاق. ويستنكر خواجة تغطية وتبرير الولايات المتحدة الأميركية للانتهاكات الإسرائيلية، وفي مقدمتها السيطرة الجوية التي تُستخدم للقتل والاغتيال والقصف والتدمير في الجنوب ومناطق أخرى من لبنان، عوضا عن عدم قيامها بإلزام الاحتلال بتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار. ويضيف خواجة "على أميركا و فرنسا كجهتين راعيتين الاتفاق لوقف إطلاق النار، وأن تتحمّلا مسؤوليتهما عوضا عن ممارسة الضغوط على لبنان، بينما الحقيقة أن الضغط يجب أن يُمارس على إسرائيل".


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
اتفاق القاهرة 1969.. "دستور" الوجود الفلسطيني في لبنان
اتفاق القاهرة 1969 بين لبنان و منظمة التحرير الفلسطينية هو الإطار الذي ظل ينظم الوجود المدني والعسكري الفلسطيني في بلاد الأَرز. توصل الطرفان إلى الاتفاق بوساطة الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر. ينص الاتفاق في جوهره على حق الفلسطينيين المقيمين بلبنان في "المشاركة في الثورة الفلسطينيّة من خلال الكفاح المسلّح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته". ويضع الاتفاق -الذي ظل في البداية سريا للغاية ولم يطلع عليه إلا القيادات- مخيمات اللاجئين تحت سيطرة منظمة التحرير، ويشير إلى إنشاء لجان محلية في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، وضمن نطاق السيادة اللبنانية. سياق الاتفاق جاء الاتفاق بعد نحو 20 عاما على بدء نزوح آلاف الفلسطينيين شمالا إلى لبنان في أعقاب النكبة و إعلان قيام إسرائيل ، ووصل عدد الفلسطينيين في لبنان عام 1969 ما بين 100 ألف و130 ألفا كانوا موزعين على المخيمات في مختلف أنحاء البلاد. كان اللاجئون الفلسطينيون في البداية محل ترحيب واسع في لبنان، لكن مع تكاثر أعدادهم بدأ الأمر يثير بعض المخاوف بشأن التركيبة السكانية للبلاد والتوازنات الديمغرافية والسياسية بين طوائف البلاد. وهكذا بادرت الحكومة اللبنانية إلى إصدار قوانين لضبط الوجود الفلسطيني في البلاد، وكان ينظر إلى تلك القوانين على أنها ذات طبيعة أمنية وطائفية وتتضمن تضييقا على إقامة اللاجئين الفلسطينيين، وخاصة ما يتعلق بالسكن والعمل والتنقل بين المخيمات والنشاط الفدائي. وزادت تلك المخاوف في ظل تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية على أراضي لبنان، إذ بدأت أطراف سياسية لبنانية تتخوف من أن تصبح الأنشطة الفدائية الفلسطينية ذريعة للاحتلال الإسرائيلي للتدخل في لبنان. إعلان في مقابل ذلك، كانت تيارات ومكونات أخرى من المجتمع اللبناني، وتحديدا المكون السني والدرزي وقوى اليسار، تؤيد نشاط المقاومة الفلسطينية على الأراضي اللبنانية. وتفاقمت تلك المخاوف والانقسامات في المواقف اللبنانية في أعقاب حرب 1967 ، إذ اشتد عود المقاومة الفلسطينية في لبنان وأنشأ الفدائيون الفلسطينيون قواعد عسكرية في جنوب لبنان ، وزاد الوضع تعقدا وتطورت الأمور إلى اشتباكات بين أفراد المقاومة الفلسطينية و الجيش اللبناني بلغت ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول 1969. وامتد الانقسام إلى الشارع اللبناني وخرجت مظاهرات في مدن عدة، بعضها يؤيد المقاومة الفلسطينية والبعض الآخر يعارضها، واضطر الجيش أحيانا إلى التدخل لتفريق المتظاهرين. ولم تسلم المخيمات الفلسطينية من تداعيات ذلك الانقسام وشهد بعضها (نهر البارد وبرج البراجنة) اشتباكات مسلحة. وأمام هذا الوضع ظلت الحكومة بقيادة رشيد كرامي مشلولة لعدة أشهر قبل أن تقرر السلطات فرض حظر التجول في جميع مناطق البلاد دون أن يسفر ذلك عن وضع حد لحالة الانفلات الأمني. وفي هذه الأجواء المشحونة اتخذت القضية بعدا إقليميا، إذ أعربت عدة دول عربية (مصر ، سوريا ، العراق …) عن دعمها للطرف الفلسطيني، وهو ما زاد حدة الضغوط على الحكومة اللبنانية. وهكذا تدخلت أطراف دولية وإقليمية لاحتواء تلك الأزمة المتفاقمة، وكانت مصر بقيادة جمال عبد الناصر في مقدمة الدول الساعية للتوصل إلى اتفاق بين طرفي الأزمة: الحكومة اللبنانية والفصائل الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية. مضامين الاتفاق في يوم الاثنين 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1969، اجتمع في القاهرة الوفد اللبناني، برئاسة قائد الجيش العماد إميل البستاني، ووفد منظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات رئيس المنظمة، وكانت الوساطة المصرية ممثلة بوزير الخارجية محمود رياض، ووزير الدفاع الفريق أول محمد فوزي. ونص الاتفاق على أن علاقات لبنان والثورة الفلسطينية "لا بد أن تتسم دوما بالثقة والصراحة والتعاون الإيجابي لما فيه مصلحة لبنان والثورة الفلسطينية، وذلك ضمن سيادة لبنان وسلامته". كما اتفق المجتمعون على إعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان على أساس: حق العمل والإقامة والتنقل للفلسطينيين المقيمين في لبنان. إنشاء لجان محلية من فلسطينيين في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، وضمن نطاق السيادة اللبنانية. وجود نقاط الكفاح الفلسطيني المسلح داخل المخيمات تتعاون مع اللجان المحلية لتأمين حسن العلاقات مع السلطة، وتتولى هذه النقاط موضوع تنظيم وجود الأسلحة وتحديدها في المخيمات، وذلك ضمن نطاق الأمن اللبناني ومصلحة الثورة الفلسطينية. السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية من خلال الكفاح المسلح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته. واعتبر الاتفاق أن الكفاح المسلح الفلسطيني عمل يعود لمصلحة لبنان، كما هو لمصلحة الثورة الفلسطينية والعرب، ونص على تسهيله عن طريق: تسهيل المرور للفدائيين وتحديد نقاط مرور واستطلاع في مناطق الحدود. تأمين الطريق إلى منطقة العرقوب. التزام قيادة الكفاح المسلح بضبط تصرفات كافة أفراد منظماتها وعدم تدخلهم في الشؤون اللبنانية. إيجاد انضباط مشترك بين الكفاح المسلح والجيش اللبناني. إيقاف الحملات الإعلامية من الجانبين. إحصاء عدد عناصر الكفاح المسلح الموجودة في لبنان بواسطة قيادتها. تعيين ممثلين عن الكفاح المسلح في الأركان اللبنانية يشتركون بحل جميع الأمور الطارئة. دراسة توزيع أماكن التمركز المناسبة في مناطق الحدود، والتي يتم الاتفاق عليها مع الأركان اللبنانية. تنظيم الدخول والخروج والتجول لعناصر الكفاح المسلح. إلغاء قاعدة جيرون. يسهّل الجيش اللبناني أعمال مراكز الطِّبابة والإخلاء والتموين للعمل الفدائي. الإفراج عن المعتقلين وإعادة الأسلحة المصادرة. ممارسة السلطات اللبنانية (مدنية وعسكرية) صلاحياتها ومسؤولياتها كاملة في جميع المناطق اللبنانية وفي جميع الظروف. ما بعد الاتفاق بموجب اتفاق القاهرة 1969 اكتسب الوجود الفلسطيني في لبنان شرعية أكبر، وأصبحت منظمة التحرير الفلسطينية تسيطر على مخيمات اللاجئين، وانعكس ذلك بشكل إيجابي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين. في المقابل ظل الانقسام سيد الموقف في المعسكر اللبناني بين الأحزاب المارونية الرافضة لتعاظم دور المقاومة الفلسطينية، وبين الحكومة التي خوّلها الاتفاق ضبط نشاط المقاومة الفلسطينية خارج المخيمات فقط، مع إمكانية منع عملياتها ضد إسرائيل من دون إذن الجيش اللبناني. وعلى مر السنين تحسنت تدريجيا أوضاع الفلسطينيين في المخيمات، سواء السكن والعمل والخدمات الصحية والاجتماعية وتزايد الوجود العسكري الفلسطيني، بينما تزايدت مخاوف بعض الأحزاب اللبنانية من أن ذلك يتم على حساب سيادة البلاد، وألمح البعض إلى ما سماه "دولة داخل الدولة". وبلغت تلك الانقسامات والمخاوف ذروتها عندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 على خلفية التوترات الطائفية والسياسية، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وكانت المقاومة الفلسطينية طرفا بارزا في تلك الحرب إلى جانب أطراف داخلية أخرى قبل أن تدخل على الخط أطراف إقليمية على رأسها سوريا وإسرائيل. وفي غضون سنوات قليلة وتحديدا عام 1982 شهد الوجود الفلسطيني تحولا كبيرا جراء الاجتياح الإسرائيلي للبنان ، وهو ما أجبر منظمة التحرير الفلسطينية على الخروج من لبنان ونقل مؤسساتها العسكرية إلى تونس. وعلى إثر ذلك تم إغلاق معظم مؤسسات المنظمة التي كانت تدعم الكثير من اللاجئين، وفُرض على من يفضّل البقاء في لبنان الخضوع للسيطرة اللبنانية، وكان من نتائج الاجتياح وقوع مجزرة صابرا وشاتيلا. وبعد 5 سنوات ألغى المجلس النيابي اللبناني ما جاء في اتفاق القاهرة عام 1969 مع الإقرار بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومن ثم أصبح الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين شبيها بما كان عليه قبل عام 1969. إعلان لكن على الأرض، بقيت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تُدار أمنيا من قِبل الفصائل الفلسطينية، ولم يكن بإمكان الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية الدخول إلى تلك المخيمات، بينما يفرض الجيش إجراءات مشددة حولها. ويُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بأكثر من 493 ألفا يعيشون في ظروف صعبة داخل المخيمات، ويُقيم أكثر من نصف اللاجئين في 12 مخيمًا منظما ومعترفا به لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وفي خضم التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واتساع دائرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى باقي الأراضي الفلسطينية ولبنان، وأمام تراجع نفوذ حزب الله اللبناني وسقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وتشكيل حكومة جديدة في لبنان، تجدد الحديث عن اتفاق القاهرة 1969، وتحديدا عن سلاح المقاومة الفلسطينية في لبنان. وفي هذا السياق اتفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره اللبناني جوزيف عون ، يوم 21 مايو/أيار 2025 في بيروت على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأكدا التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة. وبناء على ذلك الاتفاق تقرر البدء بسحب السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منتصف يونيو/حزيران 2025، وتكون البداية من مخيمات العاصمة بيروت وتليها المخيمات الأخرى لاحقا.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
في سوريا: ترامب يدعم الشرع أم نتنياهو؟
رفعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جزءًا كبيرًا من العقوبات المفروضة على سوريا، بهدف تعزيز نهجها الجديد القائم على دعم استقرار حكم الرئيس أحمد الشرع، والاستفادة من الفرص التي تقدمها سوريا الجديدة لإحداث تحول تاريخي في العلاقات مع دمشق، وإعادة صياغة دورها في الشرق الأوسط. من بين الجوانب التي تبدو غامضة في السياسة الأميركية تجاه سوريا حاليًا، الهوة الواضحة بينها وبين السياسة الإسرائيلية. وتتجلى هذه الهوة في مؤشرات متضاربة؛ فمن جهة، يتعارض نهج ترامب مع السياسة الإسرائيلية التي اعتبرت حتى وقت قريب الحكم الجديد في سوريا تهديدًا إستراتيجيًا، وتبنت تصورات مثل إبقاء سوريا دولة ضعيفة والدفع نحو إقامة فدراليات طائفية كمدخل لتقسيمها. ومن جهة أخرى، تُظهر إدارة ترامب اهتمامًا كبيرًا بالمصالح الإسرائيلية، وترى في التحول السوري فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل في المستقبل. علاوة على ذلك، لا تقتصر هذه الهوة على النظرة إلى حكم الرئيس أحمد الشرع. ففي الوقت الذي تحرص فيه إدارة ترامب على تعزيز الانخراط التركي والسعودي في سوريا، ترى إسرائيل في الوجود التركي تهديدًا جيوسياسيًا. إن هذا التعارض بين حليفين وثيقين يُعد أمرًا نادرًا في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكنه يصبح أكثر وضوحًا عند النظر إلى الدوافع المتعددة التي تشكل نهج ترامب. يمكن تلخيص هذه الدوافع في أربعة محاور رئيسية: أولًا، يوفر التحول السوري فرصة تاريخية للولايات المتحدة لتحويل سوريا إلى حليف جديد في الشرق الأوسط، بعد عقود من تموضعها في المعسكر المناهض لها. ومن شأن هذا التحول إعادة تعريف النفوذ الأميركي في الجغرافيا السياسية الإقليمية، إذ يشكل أيضًا قاعدة انطلاق للتأثير على دول مجاورة مثل لبنان والعراق. ومن هذا المنظور، يُشكل النهج الإسرائيلي، الذي يسعى إلى إبقاء سوريا في حالة فوضى، تهديدًا كبيرًا لهذه الفرصة. ثانيًا، يندرج اهتمام الرئيس دونالد ترامب بتعزيز انخراط دول المنطقة، وفي مقدمتها تركيا والسعودية، في سوريا، ضمن رغبة الولايات المتحدة في تقليص انخراطها المباشر في الشرق الأوسط، وتمكين القوى الحليفة من إدارة شؤون المنطقة بدرجة أكبر من الاستقلالية. وبالتالي، فإن انضمام سوريا إلى تكتل الدول الحليفة لأميركا في المنطقة يعزز قوة النظام الإقليمي الجديد الذي تطمح إليه واشنطن. وعليه، فإن النهج الإسرائيلي في سوريا لا يدعم تشكيل هذا النظام الإقليمي، بل يُضيف ضغوطًا جديدة على سياسة ترامب في الشرق الأوسط. ثالثًا، تعتقد الولايات المتحدة أن انخراطها القوي في سوريا والانفتاح على حكم الرئيس أحمد الشرع يحدان من مخاطر انهيار الاستقرار السائد في البلاد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد. إن سيناريو انهيار الاستقرار قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل اندلاع حرب أهلية تشكل بيئة خصبة لعودة تنظيم الدولة، مما يعقد هدف ترامب بالانسحاب العسكري من المنطقة، فضلًا عن احتمال عودة روسيا وإيران إلى سوريا، وتصاعد التوتر الجيوسياسي بين تركيا وإسرائيل إلى مواجهة عسكرية. ومن هذا المنظور، فإن النهج الإسرائيلي يزيد من هذه المخاطر بدلًا من الحد منها. رابعًا، يرى ترامب، الذي يولي أهمية كبيرة في ولايته الثانية لتوسيع اتفاقيات السلام بين دول المنطقة وإسرائيل، أن استقطاب سوريا إلى معسكر الأميركي في المنطقة يوفر فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات السورية- الإسرائيلية على المدى البعيد. ويُشكل هذا الهدف فائدة إستراتيجية كبيرة لإسرائيل. وانطلاقًا من ذلك، فإن محاولات إسرائيل زعزعة استقرار الحكم الجديد ستؤدي حتمًا إلى نتائج عكسية. تتجلى ثلاثة مؤشرات واضحة تشير إلى تحول في النهج الإسرائيلي نتيجة سياسة ترامب، وهي: تراجع ملحوظ في النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا مؤخرًا مقارنة بالفترة التي أعقبت الإطاحة بنظام الأسد. تغير النبرة الإسرائيلية تجاه الحكم الجديد بعد بدء محادثات غير مباشرة معه. دخول إسرائيل في حوار مع تركيا لتهدئة التوترات في سوريا والتوصل إلى تفاهمات لإدارتها. مع ذلك، فإن استقرار السياسة الإسرائيلية في سوريا على مسار واضح يظل مرهونًا بمجموعة من العوامل، أبرزها تطور العلاقات الأميركية السورية. ويمكن النظر إلى فترة الستة أشهر التي حددتها واشنطن لرفع العقوبات عن سوريا على أنها مصممة بشكل رئيسي لاختبار الرئيس أحمد الشرع، وتهيئة الأرضية لعلاقات جديدة، وفي الوقت ذاته، فرصة للتوصل إلى تفاهمات واضحة تعالج التهديد الذي تشكله إسرائيل لسوريا. ورغم أن هدف الرئيس دونالد ترامب بتحقيق تطبيع سوري- إسرائيلي يبدو بعيد المنال في المستقبل القريب، فإن السياق الجديد لسوريا والانخراط الأميركي القوي فيها يعملان حاليًا على تجميد التحدي الإسرائيلي لسوريا، بما يُعزز من قدرة الرئيس أحمد الشرع على التفرغ للتحديات الداخلية والاستفادة من رفع العقوبات للشروع في عملية الإنعاش الاقتصادي الذي يُشكل بوابة ضرورية للاستقرار الأمني والسياسي والمجتمعي. كما يوفر الانخراط الأميركي فرصة لتركيا وإسرائيل للتفاهم على آليات عمل تتجاوز الحد من مخاطر التصعيد إلى التعاون في سوريا. وهذا ما يطمح إليه ترامب، الذي يسعى إلى جعل سوريا أرضية لنظام إقليمي جديد يحافظ على النفوذ الأميركي في المنطقة، مع تقليص انخراطها المباشر فيها في الوقت ذاته.