
التقرير الأسبوعي لبنك عوده: إقبال قوي على اليوروبوندز بعد قرار الحكومة بحصرية السلاح
بعد إقرار الحكومة الأهداف الواردة في الورقة الأميركية لتثبيت وقف إطلاق النار وبعد تكليف الجيش بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح بيد الدولة تعرض على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري، شهدت الأسواق المالية اللبنانية إقبالاً أجنبياً لافتاً على سندات اليوروبوندز، في حين بقي سعر صرف الليرة مقابل الدولار مستقراً في السوق الموازية، وعاودت سوق الأسهم مسلكها التصاعدي، وفق التقرير الأسبوعي لبنك عوده. في التفاصيل، شهدت سوق سندات اليوروبوندز إقبالاً قوياً من قبل المتعاملين المؤسساتيين الأجانب، ما انسحب ارتفاعاً في الأسعار على طول منحنى المردود من 18.00 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق إلى 19.00 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة، وسط ترحيب دولي بالقرار الحكومي بحصرية السلاح بيد الدولة. وفي السوق الموازية لتداول العملات، ظلّ الاستقرار السمة الرئيسية التي تميّز السوق، حيث بقي سعر صرف الليرة مقابل الدولار يسجّل تحركات هامشية في محيط 89600-89700، في حين ارتفعت قليلاً احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي خلال النصف الثاني من تموز لتبلغ زهاء 11483 مليون دولار في نهاية الشهر، وبلغ حجم النقد المتداول زهاء 849 مليون دولار، أي ما يشكّل 7.4% من الاحتياطيات السائلة بالعملات. وفي ما يخص سوق الأسهم، عادت بورصة بيروت لتسجّل زيادات في الأسعار نسبتها 2.5%، بينما تقلصت أحجام التداول بنسبة 40% أسبوعياً لتبلغ زهاء 5 ملايين دولار.
في سوق النقد: ارتفع معدل فائدة الانتربنك من يوم إلى يوم من 20% في نهاية الأسبوع السابق إلى 50% يوم الجمعة، في إشارة إلى التراجع النسبي في السيولة بالليرة اللبنانية داخل سوق النقد. هذا وقد أظهرت آخر الإحصاءات النقدية الصادرة عن مصرف لبنان للأسبوع المنتهي في 24 تموز 2025 أن الودائع المصرفية المقيمة اتسعت بقيمة 1208 مليار ليرة. ويعزى هذا الاتساع بشكل رئيسي إلى ارتفاع الودائع المصرفية المقيمة بالعملات الأجنبية بقيمة 4087 مليار ليرة أسبوعياً (أي ما يعادل 45.7 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 89500 ل.ل.)، بينما تراجعت الودائع المصرفية المقيمة بالليرة بقيمة 2880 مليار ليرة وسط انخفاض في الودائع تحت الطلب بقيمة 3096 مليار ليرة وارتفاع في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 216 مليار ليرة. في هذا السياق، اتسعت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) بقيمة 320 مليار ليرة أسبوعياً وسط انخفاض في حجم النقد المتداول بقيمة 883 مليار ليرة وتراجع طفيف في محفظة سندات الخزينة المكتتبة من قبل القطاع غير المصرفي بمقدار 5 مليار ليرة.
في سوق القطع: ظل سعر صرف الليرة مقابل الدولار يسجّل هذا الأسبوع تحركات هامشية في السوق الموازية في حدود 89600-89700، في حين ظلت احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي مستقرة نسبياً خلال النصف الثاني من تموز 2025. في التفاصيل، أظهرت ميزانية مصرف لبنان نصف الشهرية الأخيرة المنتهية في 31 تموز 2025 أنّ احتياطيات المركزي السائلة بالعملات بلغت زهاء 11483 مليون دولار في نهاية تموز مقابل 11475 مليون دولار في منتصف تموز، أي بنمو طفيف مقداره 8 مليون دولار خلال النصف الثاني من الشهر. في هذا السياق، تكون احتياطيات المركزي قد راكمت زيادات صافية قيمتها 1348 مليون دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2025. توازياً، بلغ احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان زهاء 30454 مليون دولار في نهاية تموز (9.2 مليون اونصة بسعر 3310 دولار للأونصة الواحدة) مقابل 24102 مليون دولار في نهاية كانون الأول 2024، أي بارتفاع مقداره 6352 مليون دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، وذلك وسط إقبال على التوظيفات الآمنة جراء المخاوف من تداعيات السياسة الجمركية الأميركية الجديدة على الاقتصاد العالمي. أما حجم النقد المتداول خارج مصرف لبنان فقد بلغ نحو 76.0 ترليون ليرة في نهاية تموز 2025 مقابل 65.6 ترليون ليرة في نهاية كانون الأول 2024، بزيادة مقدارها 10.4 ترليون ليرة منذ بداية العام، أي ما يوازي 116 مليون دولار.
في سوق الأسهم: عادت بورصة بيروت لتسلك منحى تصاعدياً هذا الأسبوع، كما يستدل من خلال ارتفاع مؤشر الأسعار بنسبة 2.5% بالمقارنة مع إقفال الأسبوع السابق. فمن أصل 4 أسهم تم تداولها، ارتفعت أسعار 3 أسهم بينما تراجع سعر سهم واحد. في التفاصيل، زادت أسعار أسهم "سوليدير أ" بنسبة 3.2% أسبوعياً لتبلغ 83.05 دولار، بينما تراجعت أسعار أسهم "سوليدير ب" بنسبة 2.0% إلى 82.30 دولار. وفي ما يخص الأسهم المصرفية، قفزت أسعار أسهم "بنك عوده العادية" بنسبة 9.1% إلى 3.00 دولار، وزادت أسعار إيصالات إيداع "بنك عوده" بنسبة 1.7% إلى 2.39 دولار. على صعيد أحجام التداول، تقلصت قيمة التداول الاسمية بنسبة 39.8% أسبوعياً، من 8.1 مليون دولار في الأسبوع السابق إلى 4.8 مليون دولار، علماً أن أسهم "سوليدير" استحوذت على نحو 86.40% من النشاط.
سوق سندات اليوروبوندز: بعد إقرار الحكومة بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية حصراً وتكليف الجيش لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام 2025، شهدت سوق سندات اليوروبوندز إقبالاً لافتاً من قبل المتعاملين المؤسساتيين الأجانب، ما انسحب ارتفاعاً أسبوعياً في الأسعار على طول منحنى المردود. في التفاصيل، بلغت أسعار سندات الدين الحكومية التي تتراوح استحقاقاتها بين العام 2020 والعام 2025 زهاء 19.00-19.50 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة مقابل 18.00-18.75 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق. وارتفعت أسعار سندات اليوروبوندز التي تستحق بين العام 2026 والعام 2037 من 18.13-18.88 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق إلى 19.13-19.63 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة النبأ
منذ 32 دقائق
- شبكة النبأ
الغاز المسال بين الشرق والغرب: 3 تطورات تغيّر قواعد اللعبة
حراك كبير شهدته سوق الغاز المسال في الأشهر الـ3 الأخيرة، تطورات جديدة على جانبي التصدير والاستيراد، وصفقة بمليارات الدولارات تزيد من الزخم حول وقود المستقبل. وفي ظل جمود السوق الآسيوية، قاد الشرق الأوسط وأميركا الشمالية السوق نحو مدة ذهبية بـ3 أحداث بارزة سيكون لها تأثير ملموس عالميًا... حراك كبير شهدته سوق الغاز المسال في الأشهر الـ3 الأخيرة، تطورات جديدة على جانبي التصدير والاستيراد، وصفقة بمليارات الدولارات تزيد من الزخم حول وقود المستقبل. وفي ظل جمود السوق الآسيوية، قاد الشرق الأوسط وأميركا الشمالية السوق نحو مدة ذهبية بـ3 أحداث بارزة سيكون لها تأثير ملموس عالميًا: مايو/أيار: بدأت البحرين فعليًا استيراد الغاز المسال. نهاية يونيو/حزيران: صدّرت كندا -ذات الاحتياطيات الهائلة- أولى شحناتها إلى السوق العالمية. أواخر يوليو/تموز: دخل الغاز الأميركي في قلب صفقة ضخمة، مع موافقة الاتحاد الأوروبي على شراء واردات طاقة أميركية بنحو 750 مليار دولار لمدّة 3 سنوات، لمعالجة الاختلالات التجارية بين الطرفين. هذه الصفقة الأخيرة تعكس بروز محرّك جديد لسوق الغاز المسال، بعيدًا عن العوامل التقليدية مثل الطلب على الكهرباء، ويتمثل في سلاح التعرفات الجمركية الذي هدّد به الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاتحاد الأوروبي. البحرين تعزز الطلب على الغاز المسال عربيًا دخلت البحرين رسميًا نادي مستوردي الغاز المسال، بخطوة مهمة تعكس ارتفاع الطلب في المنطقة، وتُضاف إلى التحركات المصرية المتسارعة في هذا الاتجاه. واستورد البحرين 67 ألف طن في مايو/أيار، قبل أن تعزز وارداتها إلى 146 ألف طن في يونيو/حزيران، بحسب تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في النصف الأول من 2025" الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة الصادرة من واشنطن. ورغم أن هذه الكميات ما تزال ضئيلة، فإنها تفتح الباب أمام البلاد لتلبية الطلب المتزايد، وسط انخفاض الإنتاج (يبلغ 2.5 مليار قدم مكعبة يوميًا) مع عدم تطوير احتياطيات جديدة. وما يعزز هذا الاتجاه وجود قدرة حالية على استيراد نحو 6 ملايين طن سنويًا من الغاز المسال (ما يعادل 800 مليون قدم مكعبة يوميًا) متمثلة في الوحدة العائمة "سيبيك بحرين". وبالتوازي مع البحرين، شهدت سوق الغاز المسال العربية قفزة غير مسبوقة في واردات مصر، لتصل إلى 2.41 مليون طن في النصف الأول من 2025، مقابل 73 ألف طن فقط في المدّة نفسها من 2024، ومع تشكُّل ملامح هذه المرحلة الجديدة للطلب على الغاز المسال عربيًا، أفردنا في وحدة أبحاث الطاقة مساحة خاصة لموضوع واردات الغاز المسال العربية للمرة الأولى في التقارير الفصلية، وجاء فيه قفزة الواردات الإجمالية بنسبة 77% إلى 6.51 مليون طن في النصف الأول. كندا تبدأ عهدًا جديدًا في الوقت الذي تزيد فيه المنطقة العربية وارداتها، فتحت كندا بوابة جديدة على الجهة الأخرى من سوق الغاز المسال، مع بدء التصدير من الوحدة الأولي بطاقة 5.6 مليون طن سنويًا من مشروع "إل إن جي كندا". وستتحول كندا بفضل هذا المشروع، الذي تبلغ طاقته 14 مليون طن سنويًا، إلى لاعب مهم على الساحة العالمية، بعدما كانت صادراتها مقيّدة بالسوق الأميركية فقط عبر خطوط الأنابيب. وبناءً على بيانات الشحن من شركة كبلر، تتوقع وحدة أبحاث الطاقة أن تصل صادرات كندا من الغاز المسال إلى نحو 0.5 مليون طن في يوليو/تموز 2025، مقارنة مع التقديرات الأولية بتصدير 0.21 مليون طن فقط. وهذه الكميات بداية طفرة جديدة لصادرات الغاز المسال من أميركا الشمالية، لتُضاف إلى هيمنة الولايات المتحدة على السوق العالمية، بحصّة تقترب من 25%. فبالإضافة إلى مشروع "إل إن جي كندا"، لدى كندا 4 مشروعات أخرى قيد التطوير وحاصلة على التراخيص، وحال اكتمالها ستصل قدرة إنتاج الغاز المسال في البلاد إلى أكثر من 47 مليون طن سنويًا بحلول عام 2029. صفقة أميركية أوروبية بمئات المليارات أمّا الحدث الثالث في الأشهر الـ3 الأخيرة؛ فيَعِدُ بمزيد من التغلغل للغاز المسال الأميركي في السوق الأوروبية، الذي استحوذ على أكثر من 54% من واردات الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من 2025، وفي 28 يوليو/تموز 2025، وقّعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقًا لشراء منتجات طاقة أميركية -تشمل النفط والغاز والتقنيات النووية- بقيمة 250 مليار دولار سنويًا، على مدى 3 سنوات، دون إعلان المزيد من التفاصيل حتى الآن. ورغم ضخامة فاتورة الواردات الأوروبية مقارنة مع 80 مليار دولار فقط عام 2024، وصعوبة تنفيذها فعليًا، فإنها تضمن حضورًا أكبر للغاز المسال الأميركي في قلب معادلة الطاقة الأوروبية. ما تأثير هذه الأحداث في سوق الغاز المسال؟ مع تزايُد الطلب العربي وسط توسُّع الاستيراد في البحرين ومصر، تشتد المنافسة في السوق الفورية التي يهيمن عليها الغاز الأميركي. فقد أبرمت مصر عقودًا لاستيراد أكثر من 125 شحنة سنويًا لعامين، في حين يخطط العراق لدخول السوق لأول مرة باستيراد 3 ملايين طن سنويًا لتلبية احتياجات الكهرباء. ويبعث زخم صادرات أميركا الشمالية الطمأنينة حيال وفرة الإمدادات، إذ تستمر الولايات المتحدة في تحقيق مستويات قياسية، كما تبدأ كندا بدورها بتلبية جزء من الطلب الآسيوي، الذي شكّل 68% من الطلب العالمي في 2024. ورغم أن الغاز المسال الكندي سيخفّف ضغط الطلب الآسيوي على السوق الفورية خلال السنوات المقبلة؛ فإنه سيقتنص جزءًا من أسواق الغاز الأميركي. إذ يتمتع مشروع "إل إن جي كندا" بميزة غير مسبوقة في أميركا الشمالية، كونه أول منشأة رئيسة للغاز المسال تتمتع بوصول مباشر إلى ساحل المحيط الهادئ دون المرور بقناة بنما، ومن ثم سرعة التصدير إلى آسيا بمقارنة بالغاز الأميركي. وأمام ذلك، تأتي أهمية الصفقة الأوروبية الأميركية، فرغم صعوبة تحقيقها بالنظر إلى حجمها الضخم وتباطؤ الطلب الأوروبي، فإن الاتحاد الأوروبي سيحاول تأمين واردات الغاز الكافية لتحقيق هدفه بالاستغناء عن الطاقة الروسية بحلول 2027. كما أن هناك ميزة أخرى تتعلق بالغاز المسال الأميركي، هي أنه غير مقيّد الوجهة، بمعني أن المشترين الأوروبيين بإمكانهم بيع الغاز الفائض إلى أسواق أخرى تعرض سعرًا أعلى. وفي مقابل هذه الإيجابيات، تُخاطر أوروبا مجددًا بالاعتماد على مورّد واحد وتكرار الخطأ نفسه مع روسيا، لا سيما إذا كانت مشتريات الغاز الأميركي ستأتي على حساب مورّدين موثوقين مثل النرويج والجزائر. وعلى أيّة حال، ومع اختلاف التأثير، لا شك أن تطورات الأشهر الـ3 الماضية ستُشكّل مرحلة جديدة من التنافس العالمي في سوق الغاز المسال، مع تزايُد الطلب في العالم العربي، وظهور مورّدين جدد على الساحة الدولية.


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
الذهب يدخل قلب المعركة: كيف أشعل ترامب مواجهة تجارية مع سويسرا وأربك أسواق المعادن؟
لم يكن الذهب يوماً مجرد معدن لامع يحفظ الثروات في أقبية البنوك، لكنه أيضاً لم يكن ورقة تفاوض تجارية صريحة. هذا حتى جاء دونالد ترامب الذي قرر أن يزج بالذهب نفسه في قلب واحدة من أكثر المواجهات التجارية إثارة للجدل بين واشنطن وبرن. ففي لحظة بدت كأنها جزء من استراتيجية مدروسة، أعلن البيت الأبيض فرض رسوم جمركية على سبائك الذهب بوزن كيلوغرام و100 أونصة، وهو ما أطلق سلسلة من الارتدادات العنيفة في الأسواق العالمية، وأعاد رسم ملامح الصراع التجاري بين البلدين. من أين بدأت القصة؟ الشرارة انطلقت من أرقام صادمة في ميزان التجارة بين سويسرا والولايات المتحدة. ترامب رأى في العجز التجاري الأميركي مع برن – البالغ نحو 48 مليار دولار – دليلًا على أن الشركات السويسرية "تستفيد أكثر مما تعطي". ورغم أن الاتحاد الأوروبي واليابان وبريطانيا حصلت على صفقات تخفف الرسوم، فإن سويسرا وجدت نفسها أمام جدار أميركي صلب، وُضع في وجه صادراتها بنسبة 39%، وهي النسبة الأعلى بين كل الدول المتقدمة، متجاوزة حتى خصوم واشنطن التجاريين التقليديين. وعندما حاولت الرئيسة السويسرية كارين كيلر-سوتر التفاوض مباشرة في واشنطن، لم تحصل حتى على لقاء مع ترامب، واضطرت للاكتفاء باجتماع مع وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي لا يملك سلطة على ملفات التجارة. النتيجة: لا اتفاق، ولا خفض للرسوم، ولا حتى وعوداً بالبحث في الأمر. لماذا الذهب في قلب العاصفة؟ هنا تتعقد القصة. سويسرا هي أكبر مركز لتكرير الذهب في العالم، إذ يمر عبرها أكثر من 2000 طن من المعدن النفيس سنوياً، معظمها من إفريقيا وآسيا وأوستراليا وأميركا الجنوبية. ويتم إعادة تصدير الذهب بعد تكريره إلى أسواق كبرى، أبرزها الولايات المتحدة. لكن المفارقة أن القيمة الهائلة لهذه الصادرات لا تعكس الأرباح الحقيقية للقطاع السويسري، إذ أن شركات التكرير – وعددها خمس فقط – توظف نحو 1500 شخص وتجني أرباحاً ضئيلة مقارنة بقيمة الذهب الخام نفسه. ورغم ذلك، أصرّت الإدارة الأميركية على إدخال الذهب في حسابات العجز التجاري، ما جعل الأرقام تبدو أكبر بكثير، ومنح ترامب ذريعة لفرض الرسوم. صدمة في أسواق المعادن قرار الجمارك الأميركية إعادة تصنيف السبائك تحت رمز جمركي خاضع للرسوم كان بمثابة زلزال في أسواق الذهب. العقود الآجلة في نيويورك قفزت إلى مستويات قياسية عند 3,534 دولاراً للأونصة، مع ارتفاع الفارق بين الأسعار المحلية والعالمية إلى أكثر من 100دولار للأونصة، وهو رقم يعكس توقعات المستثمرين بحدوث اضطرابات في تدفق الإمدادات. تجار ومحللون تساءلوا: هل هذا خطأ إداري أم سياسة مقصودة؟ هل ستشمل الرسوم كل أنواع السبائك أم فقط أحجاماً معينة؟ وحتى لو تم استثناء السبائك الكبيرة بوزن 400 أونصة – الأكثر شيوعًا في لندن – فهل سيلجأ الموردون إلى إعادة صهرها بأشكال أصغر لتجاوز الرسوم؟ برن بين الديبلوماسية والضغط الداخلي المجلس الفيدرالي السويسري عقد اجتماعاً طارئاً بعد فشل زيارة كيلر-سوتر، لكنه قرر عدم الرد برسوم مضادة في الوقت الحالي، مفضلاً التركيز على دعم الشركات المصدرة ومحاولة إبقاء باب التفاوض مفتوحاً. حتى مقترحات استثمار 150 مليار دولار في السوق الأميركية أو خفض الرسوم إلى 10% لم تلق آذاناً صاغية في واشنطن. في الداخل، بدأ الضغط السياسي يتصاعد، بحيث دعت زعيمة حزب الخضر ليزا مازوني، إلى فرض رسوم بنسبة 5% على صادرات المعادن الثمينة خطوة رد اعتبار. التاريخ يعيد نفسه ولكن بلمسة ذهبية هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة الرسوم الجمركية أداة ضغط على شريك تجاري. لكن المختلف اليوم أن السلاح هو الذهب، وهو سلعة ذات بعد رمزي ومالي عالمي، ترتبط بالاستقرار النقدي والثقة في الأسواق. إدخالها إلى ساحة الصراع يرسل إشارة مقلقة: حتى أكثر السلع "حياداً" يمكن أن تصبح رهينة في لعبة النفوذ السياسي. أوروبا أمام معضلة الرد: بين وحدة الصف ومصالح الذهب سويسرا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، وهي ترتبط بالاتحاد عبر سلسلة من المعاهدات الثنائية التي تبنت فيها العديد من أحكام قانون الاتحاد الأوروبي. في الكواليس الأوروبية، لا يقتصر القلق على برن وحدها. فالتصعيد الأميركي ضد الذهب السويسري — وما سبقه من فرض رسوم بنسبة 39% على كامل الطيف السلعي تقريباً — يثير هواجس في بروكسيل وباريس وبرلين على حد سواء. الاتحاد الأوروبي، الذي نجح أخيراً في انتزاع اتفاق إطار مع واشنطن يجنّبه أقسى التعريفات، يدرك أن الضربة التي أصابت سويسرا قد تمتد عدواها إذا قرر ترامب إعادة النظر في استثناءات الذهب أو غيره من السلع الحساسة. من الناحية الاقتصادية، لا يُنظر إلى الذهب على أنه مجرد معدن ثمين، بل أداة سيولة واستثمار عابرة للحدود، تمر عبر ممرات تجارية تشترك فيها مصافي لندن وزيورخ وباريس. إدخال الذهب السويسري في دائرة الاستهداف قد يدفع الأوروبيين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم في التخزين والتجارة، وربما توسيع شبكات التكرير الداخلية لتقليل الاعتماد على المعابر السويسرية. قد يرى البعض في هذه الأزمة مجرد فصل جديد من فصول الحرب التجارية التي يخوضها ترامب، لكن الواقع أعمق بكثير. الذهب اليوم لم يعد مخزناً للقيمة فحسب، بل بات ورقة ضغط جيوسياسي قد تُستخدم لإعادة رسم خريطة التجارة العالمية. في المدى القريب، ستظل الأسواق رهينة الأخبار القادمة من واشنطن وبرن، وقد يتبين أن الرسوم ليست سوى ورقة تفاوض قابلة للطي إذا تحقق مكسب سياسي. أما في المدى البعيد، فإن تسييس تجارة الذهب قد يفتح الباب أمام سوابق خطيرة تشمل معادن وموارد أخرى، في زمن تتقاطع فيه السياسة مع الاقتصاد عند كل مفترق.


ليبانون 24
منذ 2 ساعات
- ليبانون 24
كندا تنضم لأوروبا وبريطانيا في تشديد القيود على النفط الروسي
قالت وزارة المالية الكندية في بيان إن الحكومة الكندية وبعض أوثق حلفائها يعتزمون خفض سقف سعر النفط الروسي بسبب حربها المستمرة في أوكرانيا أفاد البيان بأن كندا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا سيخفضون سقف سعر النفط الخام الروسي المنقول بحرا من 60 دولارا للبرميل إلى 47.60 دولار. وبذلك تنضم كندا إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا اللذين أعلنا في يوليو تموز عن خفض سقف سعر الخام الروسي، في إطار استهدافهما إيرادات موسكو النفطية وزيادة الضغط عليها بسبب الحرب. وقال وزير المالية فرانسوا فيليب شامبين 'بخفض سقف سعر النفط الخام الروسي، تصعد كندا وشركاؤها الضغط الاقتصادي، وتقيد مصدرا حيويا لتمويل الحرب الروسية غير الشرعية'.