
حكمت الهجري: المرجع الديني الذي تحوّل إلى خصم للشرع
الشيخ حكمت الهجري
"بيان مذل فُرض علينا"، بهذه الكلمات وصف الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، بياناً سابقاً صدر باسمه صباح الثلاثاء كان قد عبّر فيه عن ترحيبه بـ"تدخل" الحكومة السورية في السويداء.
واتهم الهجري السلطات السورية بـ "نكث العهد والوعد" عبر "استمرار القصف العشوائي للمدنيين العزّل."
وجاءت تصريحاته بعد التصعيد في محافظة السويداء، إثر اشتباكات دامية بين مقاتلين دروز وعشائر بدوية، خلفت نحو 100 قتيل، حيث قال الهجري إن الدروز "يتعرضون لحرب إبادة شاملة".
من فنزويلا إلى مشيخة العقل
في هذا السياق، يبرز اسم الشيخ الهجري كأحد أبرز الأصوات المعارضة للحكومة في الجنوب السوري، فمن هو هذا الشيخ وكيف تطورت مواقفه خلال السنوات الأخيرة؟ وإلى أي مدى تعكس مواقفه الراهنة المزاج العام للطائفة الدرزية في السويداء؟
وُلد الشيخ حكمت الهجري في فنزويلا عام 1965، حيث كان والده يعمل هناك، ثم عاد إلى سوريا ليكمل تعليمه في السويداء، قبل أن يلتحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق ويتخرج منها عام 1990.
نشأ الهجري في بيئة دينية محافظة وتدرّج في سلم المرجعيات الدينية حتى خلف شقيقه أحمد في رئاسة مشيخة العقل عام 2012 بعد وفاته في حادث سير غامض.
انقلاب على دمشق
تميّز الهجري في بداياته بموقفه المتحفظ تجاه نظام الأسد، لكن مع مرور الوقت، بدأ الهجري يبتعد تدريجياً عن تأييد النظام، خاصة بعد تعرضه لما قال إنه "إهانة لفظية" من قبل ضابط أمني عام 2021 خلال اتصال هاتفي، مما فجّر موجة احتجاجات في السويداء ورسم نقطة تحوّل في علاقته بالنظام السابق.
وفي مقابلة أجرتها بي بي سي مع الزعيم الدرزي في يناير/ كانون الثاني، عبّر الشيخ حكمت الهجري عن موقف "منفتح" تجاه المرحلة الجديدة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد. قال إنه قبِل بالتغيير بهدوء، وأبدى استعدادا للتعاون مع الحكومة الجديدة لتأمين انتقال سلمي، مشدداً على أن "الإيجابيات تفوق السلبيات رغم بعض التحفظات".
كما دعا إلى تشاركية حقيقية بين السوريين وصياغة دستور جديد، وتشكيل حكومة وجيش وطني يمثل الجميع، معلنًا استعداد الدروز للاندماج في الجيش السوري على أسس وطنية، وشدد على أهمية وحدة سورية جامعة ورفض منطق الأغلبية والأقلية.
لكن منذ ذلك الحين، تغيّر موقفه تجاه الحكومة الحالية بشكل كلي، وذلك بعد المواجهات الدامية التي بدأت في ريف دمشق وتحديداً في جرمانا وأشرفية صحنايا، والتي أوقعت عشرات القتلى من المدنيين ورجال الأمن المسلحين. حمّل الهجري الحكومة مسؤولية ما جرى، ودعا إلى توفير حماية دولية لأبناء الطائفة، في تصريحات أثارت جدلاً واسعاً.
تصعيد غير مسبوق ومطالب بتدويل الأزمة
وفي مارس/ آذار الماضي، وصف الشيخ حكمت الهجري مشروع الدستور السوري الجديد بأنه "غير منطقي"، داعياً إلى إعادة صياغته على أسس ديمقراطية تضمن التشاركية الحقيقية. وفي بيان رسمي، انتقد إدارة المرحلة الحالية التي "تتم بطريقة أحادية الجانب من دون مشاركة حقيقية من مختلف مكونات الشعب".
وعن الأحداث الدامية في الساحل السوري، وصفها الهجري بأنها "مجازر بحق الأبرياء تُعيد إلى الأذهان فظائع تنظيم داعش". وأضاف: "عندما سُئل عن المسؤول، قيل إنها أعمال فردية، لكننا نؤكد أن فصائلكم تُمثّلكم، وأنتم تتحملون المسؤولية كاملة".
واستمرت لهجة الشيخ حكمت الهجري في التصعيد ضد الحكومة السورية، خاصة بعد الاشتباكات التي اندلعت في منطقتي جرمانا وصحنايا ذات الغالبية الدرزية، حيث صعّد من نبرته في بيان دعا فيه المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل، قائلاً: "لسنا بحاجة لأقوال بل لأفعال"، ومؤكداً أن أبناء الطائفة الدرزية "ليسوا دعاة انفصال، بل يطالبون بمشاركة حقيقية في بناء دولة فيدرالية ديمقراطية تصون كرامة السوريين وتضمن أمنهم".
وأضاف أن فقدان الثقة بالحكومة بات كاملاً، قائلاً إنها "تقتل شعبها عبر ميليشيات تكفيرية تابعة لها"، وشدد على أن ما يحدث هو "قتل ممنهج وموثق"، يستدعي "تدخلاً دولياً عاجلاً" لحماية المدنيين ووقف فوري للانتهاكات.
وفي مقابلة أجرتها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في شهر أيار/مايو الماضي، عبّر الشيخ حكمت الهجري، عن موقف لافت تجاه إسرائيل، مخالفًا بذلك المواقف التقليدية التي تبنتها الحكومات السورية المتعاقبة. قال الهجري: "إسرائيل ليست العدو"، مشيرا إلى أن ما عاشه السوريون لعقود من شعارات معاداة إسرائيل لم يكن يخدم مصلحة الشعب. وأضاف: "عشنا تحت هذه الشعارات لعقود. في سوريا، يجب أن نهتم فقط بالقضية السورية."
الكاتب والباحث السوري جمال الشوفي، قال في حديث مع بي بي سي، إن دعوة الشيخ حكمت الهجري للتدخل الدولي جاءت "دون تمحيص سياسي كافٍ، وافتقرت إلى قراءة دقيقة لتعقيدات المشهد السوري"، واصفاً التصريحات بأنها "غير موفقة".
Getty Images
انقسام داخلي
وأوضح الكاتب الشوفي أن تدويل القضية السورية أمر بالغ الصعوبة، بغض النظر عن الجهة المطالبة به، مشيراً إلى أن "التجربة السورية منذ عام 2012 وحتى اليوم أظهرت بوضوح أن المجتمع الدولي ليس في وارد تدويل الأزمة، نظراً لتضارب المصالح الدولية حول سوريا، والاتفاق الضمني على الإبقاء على الوضع الراهن."
وأضاف الشوفي أن موقف الطائفة الدرزية من الحكومة الحالية ليس موحداً، بل يتّسم بالتباين، إذ تميل بعض الأصوات إلى ضرورة التهدئة ووقف الخطاب التحريضي ضد أبناء السويداء، في حين تتبنى أطراف أخرى مواقف أكثر حدة، لكن القاسم المشترك بينها هو القلق من الانفلات الأمني والرغبة في تجنيب المنطقة مزيداً من التصعيد.
تصريحات القيادي الدرزي الشيخ حكمت الهجري لا تعكس بالضرورة موقف باقي القيادات الدينية في الطائفة. فقد أكد الشيخان حمود الحناوي ويوسف الجربوع، في بيان صدر عنهما مؤخراً باسم "مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز، ومرجعيات ووجهاء وعموم أبناء الطائفة"، على "ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية ونبذ الفتنة"، وذلك في أعقاب الاشتباكات المسلحة التي وقعت جنوب دمشق. وشددا في بيانهما على أن أبناء الطائفة يشكّلون "جزءاً لا يتجزأ من الوطن السوري الموحّد"، رافضين أي دعوات للتقسيم أو الانفصال.
وفي هذا السياق، يرى الباحث السوري إسماعيل أبو عساف أن التناقضات في المشهد الديني الدرزي "ليست ناتجة عن خلافات جوهرية داخلية بقدر ما هي نتيجة تراكمات غذّاها النظام السابق بهدف فرض السيطرة وإضعاف استقلالية القرار الديني".
ويشير إلى أن التناحرات بين القيادات "ليست جديدة، بل تظهر في بيئات معينة وتختفي في أخرى بحسب الظروف، وهي لا تعكس بالضرورة موقفًا وطنيا جامعا." ويحمّل أبو عساف المسؤولية الأساسية في ما يجري للمسؤولين، موضحاً أن "الدولة التي تخلّت عن دورها في بناء مؤسساتها وتركت الحاجات الوطنية تتقاذفها المصالح الضيقة، هي السبب في تأجيج المواقف".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 17 ساعات
- الوسط
قصة مدينة الفاشر من الازدهار في عصر سلطنة الفور وحتى اليوم
Getty Images قصر السلطان علي دينار في الفاشر في تطور للأوضاع في مدينة الفاشر، قال الجيش السوداني إن قواته تستعيد السيطرة على مواقع رئيسية في عاصمة إقليم شمال دارفور، كانت قد سيطرت عليها قوات الدعم السريع شبه العسكرية. وفي غضون ذلك، دعت المفوضية القومية لحقوق الإنسان في السودان المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى ضرورة الضغط لفك الحصار عن مدينة الفاشر، وإيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين. وقالت المفوضية في بيان إن الوضع أصبح حرجاً للغاية، حيث يودي الجوع والمرض يومياً بحياة الأطفال والنساء الحوامل والمُرضعات، وسط نقص شديد في مياه الشرب، وخدمات الصرف الصحي، والرعاية الطبية. وحذّرت المفوضية من أن تفشي الكوليرا يُشكّل تهديداً كبيراً لمئات الآلاف من النازحين، خاصة في ظل موسم الأمطار والبيئة الصحية الهشة. ولكن ما قصة مدينة الفاشر التي تُسلط عليها الأضواء حالياً؟ التأسيس والغزو المصري تقع مدينة الفاشر غرب السودان، وهي عاصمة ولاية شمال دارفور، على ارتفاع حوالي 700 متر فوق سطح البحر، وتبعد نحو 802 كيلومتر غرب العاصمة الخرطوم و195 كيلومتراً شمال شرق مدينة نيالا. وحول سكان المنطقة، تقول دائرة المعارف البريطانية إن العرب يشكلون منذ فترة طويلة أغلبية السكان في الجزء الشمالي من دارفور، بينما يهيمن العرب والفور على الجزء الجنوبي، ومن بين المجموعات العرقية الأخرى في الإقليم شعوب البجا والزغاوة والنوبة والداجو. وفي عصور ما قبل التاريخ، كان سكان دارفور الشماليون مرتبطين بشعوب ما قبل الأسرات في وادي نهر النيل. ومنذ عام 2500 قبل الميلاد تقريباً، كانت دارفور ضمن نطاق القوافل المصرية التي كانت تتاجر جنوباً من أسوان، حيث كان أول حكامها التقليديين من الداجو مرتبطين بالشعوب القديمة. ولا شك أن التجارة كانت تُجرى من دارفور مع مصر أثناء المملكة الحديثة، ومع مدينتي نبتة ومروي في مملكة كوش (الواقعة الآن في شمال السودان). وفي نهاية المطاف، أعقب حكم الداجو في دارفور حكم التانجور. وانتهت الفترة المسيحية، التي دامت على الأرجح من عام 900 إلى عام 1200 في دارفور، بتقدم الإسلام شرقاً من إمبراطورية كانم-برنو (تتمركز حول بحيرة تشاد). وبحلول عام 1240، كان ملك كانم يسيطر على الطريق التجاري مع مصر، ومن المحتمل أن يكون هذا هو التاريخ الذي نشأ فيه نفوذ كانم على دارفور. وحكمت قبيلة كيرا، وهي عشيرة رئيسية تابعة للفور، دارفور من عام 1640 إلى عام 1916 تقريباً. وكان أول ذكر تاريخي لكلمة فور في عام 1664. وخلال تلك الفترة، استخدم ملوك سلطنة كيرا في دارفور مصطلح "فور" للإشارة إلى سكان المنطقة ذوي البشرة الداكنة الذين قبلوا الدين الإسلامي. ومع زواج سلالة كيرا نفسها من سكان المنطقة، أصبح أفرادها معروفين أيضاً باسم فور. وقد اعتنق سكان دارفور الإسلام تحت حكم سلاطين كيرا الذين خاضوا معارك متقطعة مع مملكة وداي في تشاد، وحاولوا أيضاً إخضاع القبائل العربية شبه المستقلة التي سكنت البلاد. وأما مدينة الفاشر فتقول عنها دائرة المعارف البريطانية إنها تُعد واحدة من أقدم الحواضر التاريخية في إقليم دارفور، ويعود تأسيسها إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين اختار السلطان عبد الرحمن الرشيد، من سلاطين الفور، موقعها ليكون مقراً دائماً لحكمه، وذلك بعد أن كانت السلطنة متنقلة. وقد اختار السلطان عبد الرحمن الرشيد منطقة وادي رهد تندلتي في السهول الشرقية من دارفور لبناء عاصمته، بسبب خصوبة الأرض وملاءمتها للزراعة وتربية الماشية، حيث بدأ السلطان بتشييد قصره على الضفة الشمالية للوادي، ثم تبعه بناء منازل الحاشية والحرس، مما جذب السكان للتوافد إلى المنطقة، فتحولت إلى مدينة مأهولة. ومع استقرار الحكم في هذا الموقع، تحوّلت الفاشر إلى عاصمة للسلطنة، ومركز إداري وثقافي واقتصادي مهم في المنطقة، مما أتاح لها النمو والازدهار السياسي والاجتماعي. Getty Images قام الجيش المصري بغزو دارفور في عهد محمد علي باشا وقد أصبح اسم المدينة مرتبطاً بكلمة "فاشر السلطان"، أي مكان اجتماع السلطان ومجلسه، وهذا يعطي دلالة على مركزيتها في هيكل السلطة التقليدية لسلاطين الفور. وهناك رواية أخرى تقول إن الاسم مشتق من ثور يُدعى "فاشر" كان يشرب من بركة ماء في المنطقة، وعندما تتبعه السكان اكتشفوا مصدر المياه، فأطلقوا اسم "الفاشر" على المنطقة، فيما تُشير روايات أخرى إلى أن الاسم قد يكون مشتقاً من كلمة "الفاخر" بمعنى المكان المتميز، نظراً لأهمية المدينة الإدارية والتجارية. وأخذت الفاشر تنمو بسرعة بعد أن أصبحت عاصمة السلطنة، فبدأت القوافل التجارية تتجه إليها من مناطق مختلفة في إفريقيا، خاصة من ليبيا وتشاد وكردفان، لتصبح محطة تجارية مهمة على طريق القوافل في السودان. وكان يُباع فيها الصمغ العربي، والعاج، والذهب، والجلود، والملح، والحبوب، مما أسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، وربطها بالشبكات التجارية الإقليمية. وقد أسهم هذا التطور في جذب مجموعات سكانية من مختلف القبائل، مثل الزغاوة والفور والتاما والميدوب، مما زاد من التنوع الإثني والثقافي للمدينة. وتقول دائرة المعارف البريطانية إنه في يوليو/تموز من عام 1820، أرسل محمد علي والي مصر في عهد الإمبراطورية العثمانية جيشاً بقيادة ابنه إسماعيل لغزو السودان. وبحلول عام 1821 استسلم الفونج وسلطان دارفور، وأصبح السودان النيلي من النوبة إلى التلال الأثيوبية ومن نهر عطبرة إلى دارفور جزءاً من إمبراطورية محمد علي. ويقول التاريخ إن جيوش سلطان دارفور إبراهيم قرض دخلت في مواجهات مع قوات الزبير باشا رحمة، التابع لمحمد علي باشا، في معركة منواشي، لكن الجيش المصري تمكن من دخول الفاشر من الشرق عبر كردفان. ولاحقاً، في عام 1884، وخلال الثورة المهدية، احتلت قوات المهدي المدينة بعد حصار استمر أسبوعاً واحداً. وبعد الإطاحة بخليفة المهدي، الخليفة عبد الله التعايشي في عام 1898، اعترفت الحكومة الجديدة (الأنجلو-مصرية) في السودان بعلي دينار سلطاناً على دارفور في عام 1899. السلطان علي دينار والحكم الثنائي وقد شهدت الفاشر تطوراً كبيراً في عهد السلطان علي دينار، آخر سلاطين الفور، الذي حكم السلطنة بين عامي 1898 و1916، وكان شخصية محورية في تاريخ المدينة والمنطقة. وُلد علي دينار في الفاشر وتلقّى تعليمه فيها، قبل أن يصعد إلى سدة الحكم ويعيد بناء السلطنة بعد فترة من الاضطراب السياسي. وقد رمّم علي دينار الأبنية الرسمية، وبنى قصر السلطان الذي ما يزال قائماً في المدينة حتى اليوم كمتحف وطني، إلى جانب تقوية الجيش المحلي، وتوسيع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة العثمانية. ومن أبرز ما عُرف عنه إرساله كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة في مواسم الحج، تأكيداً على انتمائه الإسلامي وشرعيته السياسية. وقد جعل من الفاشر مركزاً إدارياً وعسكرياً متقدماً، وأعاد إليها مكانتها السياسية، إلى أن انتهى حكمه بمقتله على يد القوات البريطانية في عام 1916. Getty Images سيوف وبندقية معروضة في قصر السلطان علي دينار في الفاشر وقد انتهت سلطنة دارفور وخرجت الفاشر من عباءة الحكم المستقل، بعد تدخل القوات البريطانية المصرية في عام 1916 خلال الحرب العالمية الأولى، حيث أدى التمرد الذي قاده علي دينار في عام 1915 إلى استفزاز البريطانيين لشنّ حملة عقابية قُتل فيها دينار في جبال مرة في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1916، وبعد ذلك أصبحت دارفور مقاطعة (ثم ثلاث مقاطعات لاحقاً) في السودان تحت الحكم الثنائي. وبعد ذلك، أصبحت الفاشر مركزًا إدارياً محلياً يتبع للسلطات الاستعمارية، وتم تعيين مفتشين بريطانيين لإدارة المدينة وشؤونها، مما أدى إلى إدخال نمط جديد من الحكم المركزي المبني على القوانين البريطانية والبنية البيروقراطية الحديثة، إلا أن هذا التحول أدّى أيضاً إلى تقويض السلطة التقليدية المحلية، والحد من نفوذ زعماء القبائل والسلاطين. ورغم تراجع مكانتها كعاصمة سياسية بعد سقوط السلطنة، فقد احتفظت الفاشر بأهميتها كمركز ثقافي وتجاري، حيث استمرت القوافل في التوافد عليها، كما تطورت كمركز إداري لحكومة السودان البريطانية المصرية، وتم إنشاء مدارس ابتدائية وثانوية فيها، بالإضافة إلى بعض المراكز الصحية والبنى التحتية. وقد أسهم الاستقرار النسبي خلال الحقبة الاستعمارية في نمو المدينة عمرانياً، إذ بدأت تظهر فيها طرق مرصوفة، وساحات عامة، ومبانٍ حكومية. كما شهدت المدينة تدفقاً سكانياً ملحوظاً، حيث استقرت فيها قبائل عديدة من أنحاء دارفور، مما زاد من تنوعها الإثني والثقافي. بعد الاستقلال مع استقلال السودان عام 1956، أصبحت الفاشر جزءاً من الجمهورية السودانية، وتطورت بنيتها التحتية نسبياً، حيث تم إنشاء مطار الفاشر، وتوسيع الطرق، وتأسيس بعض المؤسسات التعليمية مثل جامعة الفاشر، التي أدّت دوراً مهماً في تأهيل الكوادر المحلية. ومع ذلك، فقد ظلت المدينة تعاني من ضعف في التنمية مقارنة بالعاصمة والمدن الكبرى الأخرى، وهو ما أسهم في تزايد الشعور بالتهميش بين سكانها وسكان الإقليم عامة. ورغم أنها كانت مقراً لحاكم إقليم دارفور في بعض الفترات، إلا أن ضعف البنية التحتية واستمرار أنماط الحكم التقليدية جعل من التنمية الاقتصادية والتعليمية تحدياً مستمراً. وفي سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، استمرت الفاشر في النمو العمراني ببطء، مع ازدياد سكاني ناتج عن نزوح قبائل من مناطق أخرى بسبب الجفاف والتصحر. ومنذ مطلع الألفية الجديدة، أصبحت الفاشر إحدى أبرز ساحات النزاع في السودان، خصوصاً بعد اندلاع الصراع في دارفور عام 2003 بين القوات الحكومية وحركات التمرد، وعلى رأسها حركة تحرير السودان. وقد تعرضت المدينة إلى ضغوط هائلة نتيجة للنزوح الجماعي من القرى والبلدات المحيطة، مما أدى إلى إنشاء عدد كبير من معسكرات النازحين حول المدينة، مثل معسكر أبوشوك وزمزم، حيث يعيش مئات الآلاف من السكان في ظروف إنسانية صعبة. وعلى الرغم من أن الفاشر لم تكن هدفاً مباشراً للقصف أو المعارك في مراحل الحرب الأولى، فإن التوترات الأمنية والاشتباكات المتفرقة جعلت منها منطقة غير مستقرة، وكان الوجود العسكري والأمني كثيفاً فيها. في عام 2004، اختارت الأمم المتحدة مدينة الفاشر لتكون أول مقر لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المختلطة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد)، ما منح المدينة أهمية دبلوماسية وإنسانية جديدة. BBC هجمات قوات الدعم السريع أخرجت مستشفى الفاشر عن الخدمة وتسببت في موجة نزوح عارمة وقد أدى ذلك إلى توافد منظمات الإغاثة والعاملين الدوليين إلى المدينة، مما أسهم ولو بشكل مؤقت في انتعاش بعض جوانب الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل جديدة. ومع ذلك، فقد ظلت الأوضاع هشّة، وتفاقمت مع فشل اتفاقيات السلام المتكررة، واستمرار موجات العنف، وازدياد تعقيد المشهد السياسي والعسكري في دارفور. وفي السنوات الأخيرة، ومع اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/ نيسان من عام 2023، عادت الفاشر إلى واجهة الأحداث من جديد، حيث أصبحت ساحة قتال بين الطرفين، الأمر الذي أدى إلى دمار كبير في البنية التحتية، وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، وازدياد أوضاع النزوح والمعاناة الإنسانية. وبرزت تقارير دولية تشير إلى وقوع انتهاكات خطيرة في المدينة، من نهب، وتهجير قسري، وجرائم حرب، مما دفع بالعديد من الجهات الدولية إلى التحذير من كارثة إنسانية في الفاشر، باعتبارها من آخر المناطق الكبرى في دارفور التي ما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني. وهكذا، مرت المدينة في تاريخها بالعديد من المراحل من كونها عاصمة سلطنة تقليدية مزدهرة إلى مركز للسلطة الاستعمارية، ثم إلى هامش منسي في الدولة الحديثة، وصولاً إلى قلب النزاعات المسلحة، وفي كل مرحلة، حملت المدينة عبء التحولات الكبرى، لكنها أيضاً عبّرت عن مرونة مجتمعها في مواجهة التحديات. واليوم، تقف الفاشر على مفترق طرق تاريخي، فهي إما أن تتحول إلى مدينة منكوبة لا يُذكر منها سوى المآسي، أو أن تصبح رمزاً للسلام والمصالحة وبناء الدولة السودانية على أسس عادلة ومتوازنة.


الوسط
منذ 17 ساعات
- الوسط
أزمة السويداء: ما الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في سوريا؟
Getty Images اتهم رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، إسرائيل بالسعي إلى تمزيق بلاده وتحويلها إلى ساحة فوضى. دخلت قافلة مساعدات طبية وإنسانية وغذائية، الأحد 20 من يوليو/تموز، إلى محافظة السويداء، بعد ساعات من إعلان وزارة الداخلية السورية بدء سريان وقف إطلاق النار بين مقاتلين دروز ومقاتلين مع عشائر البدو، عقب نحو أسبوع من الاشتباكات الدامية بين الطرفين . ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن المكتب الإعلامي في وزارة الصحة أن قافلة المساعدات الطبية كان برفقتها وفد حكومي رسمي، إلا أن هذا الوفد لم يُسمح له بدخول المحافظة، ودخلت القافلة برفقة أفراد الهلال الأحمر السوري فقط. وأشارت مصادر محلية إلى أن حكمت الهجري (أحد شيوخ عقل الدروز) قد رفض دخول الوفد الحكومي الرسمي برفقة قافلة المساعدات. ومن جهته، أكد وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، أن قوى الأمن نجحت في تهدئة الأوضاع وإنفاذ وقف إطلاق النار داخل مدينة السويداء، "تمهيدا لمرحلة تبادل المحتجزين والعودة التدريجية للاستقرار إلى عموم المحافظة". ومن جانبه، أشار "تجمع عشائر الجنوب"، وهو تجمع لعشائر السويداء، إلى التزامه بوقف إطلاق النار. ودعا التجمع إلى "إطلاق سراح جميع المحتجزين من أبناء العشائر، وتأمين العودة الآمنة لجميع النازحين إلى منازلهم وقراهم دون استثناء أو شروط". وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان - مقره بريطانيا - إلى أن أعمال العنف التي اندلعت في محافظة السويداء، منذ نحو أسبوع، تسببت في مقتل نحو ألف شخص. وجاء اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء على خلفية اتفاق آخر توسطت فيه الولايات المتحدة وتركيا والأردن ودول أخرى، لوقف المزيد من الضربات العسكرية الإسرائيلية. "تدخل إسرائيل في أزمة السويداء" وكانت إسرائيل قد استهدفت عسكريا، الأربعاء 16 من يوليو/تموز، عدة مناطق داخل سوريا، من بينها منشآت حكومية داخل العاصمة دمشق. ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل "ملتزمة بمنع إلحاق الأذى بالدروز في سوريا، انطلاقا من التحالف الأخوي العميق مع مواطنينا الدروز في إسرائيل، وروابطهم العائلية والتاريخية معهم". ونقلت صحيفة "جيرزواليم بوست" الإسرائيلية، السبت 19 من يوليو/تموز، عن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تأكيده أن "مناطق جنوب سوريا ستبقى منزوعة السلاح". وأشارت الصحيفة إلى أن كاتس عبر خلال لقائه السناتور الأمريكي تيد كروز، في واشنطن، عن "عدم ثقة إسرائيل في رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع"، وأن الجماعات التي "تهاجم الدروز اليوم ستستهدف إسرائيل غدا". في المقابل، يتهم رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، إسرائيل بـ "السعي إلى تمزيق سوريا... وتحويلها إلى ساحة فوضى غير منتهية". وتعهد الشرع في كلمة مسجلة، وجهها إلى السوريين فجر الخميس 17 من يوليو/تموز، بالدفاع عن بلاده ومصالحها. وفي السياق ذاته، وصفت وزارة الخارجية السورية سلوك إسرائيل بأنه يأتي ضمن "سياق سياسة ممنهجة ينتهجها الكيان الإسرائيلي لإشعال التوتر وخلق الفوضى وتقويض الأمن والأمان في سوريا". ويعيش في إسرائيل نحو 130 ألف درزي في الكرمل والجليل يحملون الجنسية الإسرائيلية. ويوافق أغلب الذكور منهم على الخدمة في الجيش الإسرائيلي، ويترقى بعضهم إلى مناصب عليا، كما ينتسبون إلى عناصر الشرطة وقوات الأمن. في المقابل، يرفض معظم الدروز المقيمين في منطقة الجولان المحتلة الحصول على الجنسية الإسرائيلية، ويتمسكون بجنسيتهم السورية. ويبلغ عدد طوائف الدروز نحو مليون نسمة، ويتمركزون بشكل أساسي في سوريا ولبنان وإسرائيل. برأيكم، ما الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في سوريا؟ هل تستخدم إسرائيل الدروز كذريعة للتدخل في شؤون سوريا الداخلية؟ ما خيارات سوريا في التعامل مع تدخلات إسرائيل؟ وهل يقبل النظام السوري بمنطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا؟ نناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الإثنين 21 يوليو/تموز. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب


الوسط
منذ 17 ساعات
- الوسط
الداخلية السورية تعلن نجاحها في تحقيق التهدئة في السويداء، ودخول قافلة مساعدات إنسانية للمدينة
Reuters يسود الهدوء على أجواء مدينة السويداء اليوم الأحد بعد ساعات من إعلان وزارة الداخلية السورية وقف القتال، مع استعادة مقاتلين دروز السيطرة على المدينة، وإعادة انتشار القوات الحكومية في المنطقة بعد أسبوع من أعمال عنف أسفرت عن أكثر من ألف قتيل. وقال وزير الداخلية أنس خطاب إنّ "قوى الأمن الداخلي نجحت في تهدئة الأوضاع ضمن محافظة السويداء بعد انتشارها في المنطقة الشمالية والغربية منها، وتمكنت من إنفاذ وقف إطلاق النار داخل مدينة السويداء، تمهيداً لمرحلة تبادل الأسرى والعودة التدريجية للاستقرار إلى عموم المحافظة". وصرّح المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا في منشور على تليغرام بأنه "تم إخلاء مدينة السويداء من كافة مقاتلي العشائر، وإيقاف الاشتباكات داخل أحياء المدينة". وكانت القوات الحكومية قد أقامت نقاط تفتيش لمنع انضمام المزيد إلى القتال؛ إلا أن إطلاق نارٍ سُمع من داخل مدينة السويداء في وقت لاحق أمس السبت. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مقاتلين من الدروز تمكنوا، أمس السبت، من طرد فصائل مسلحة ممن تقاتلها، خارج محافظة السويداء، بعد أن أمرت الحكومة بوقف إطلاق النار، تزامناً مع اتفاق آخر توسطت فيه الولايات المتحدة وتركيا والأردن ودول الجوار، لتجنب المزيد من التدخل العسكري الإسرائيلي. وكانت إسرائيل قد شنت، يوم الأربعاء، غارات جوية على دمشق، واستهدفت قوات حكومية في الجنوب، وطالبت بانسحابها، وقالت حينها إنها "تهدف إلى حماية دروز سوريا". الصحة السورية ترسل قافلة مساعدات إنسانية إلى السويداء، والهجري يرفض دخول الوفد المرافق وأفادت وكالة (سانا) بدخول قافلة مساعدات إنسانية من الهلال الأحمر العربي السوري إلى مدينة السويداء، في وقت أفاد فيه المكتب الإعلامي لوزارة الصحة السورية أنّ الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، قد رفض دخول الوفد الحكومي الرسمي برفقة قافلة المساعدات إلى السويداء، والسماح بدخول الهلال الأحمر العربي السوري فقط، وعودة قوافل المساعدات الإنسانية مع الوفد الحكومي لدمشق. وكانت وزارة الصحة السورية قد أرسلت صباح اليوم الأحد، قافلة مساعدات طبية إلى السويداء، تضم 20 سيارة إسعاف مجهزة بالكامل مع فرق طبية متخصصة وعالية الجهوزية، وكميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الإسعافية، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا). وفي تصريح صحفي للوكالة قال وزير الصحة الدكتور مصعب العلي إن "القافلة جُهّزت منذ عدة أيام، ولم تستطع الدخول الى السويداء، بسبب قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكداً "التزام الوزارة بتقديم الدعم لكل من يحتاجه على كامل الجغرافية السورية". ولفت الوزير العلي إلى أن تحرك القافلة جاء في ظل التطورات التي حصلت منتصف ليلة أمس السبت، بعد أن تمكنت القوات الأمنية من إخراج مقاتلي عشائر البدو، وتطبيق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه، الأمر الذي أدى إلى إنشاء ممرات آمنة يجري استخدامها، اليوم الأحد، للوصول إلى المستشفى الوطني بالسويداء لتقديم المساعدات اللازمة. كما أوضح محافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور أهمية هذه المساعدات، وذلك بعد النقص الحاد الذي حصل خلال الفترة الأخيرة في السويداء فيما يخص المواد الغذائية والمستلزمات الطبية، وفق ما نشرته وكالة (سانا). Getty Images " سوريا تقف عند مفترق طرق حاسم" قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توم باراك، اليوم الأحد، إن "البلاد تمر بمرحلة حرجة"، مضيفاً "يجب أن يسود السلام والحوار، الآن وليس لاحقاً". وشدّد باراك في منشور على منصة إكس "ينبغي على جميع الأطراف إلقاء السلاح فوراً، ووقف الأعمال العدائية، والتخلي عن دوامة الثأر القبلي. سوريا تقف عند مفترق طرق حاسم". وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "مقاتلين من العشائر انسحبوا من مدينة السويداء مساء السبت" بعد أن شن مقاتلون دروز هجوماً واسع النطاق. وفي وقت سابق يوم أمس السبت، شوهدت عشرات المنازل والمركبات المحترقة ورجالاً مسلحين يشعلون النار في المتاجر بعد نهبها، بحسب وكالة فرانس برس. ومساء أمس السبت، قال باسم فخر، المتحدث باسم فصيل (رجال الكرامة)، وهو واحد من أكبر فصيلين درزيين مسلحين في السويداء، إنه "لا وجود للبدو في المدينة". وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قد دعا قوات الأمن التابعة للحكومة السورية إلى منع "الجهاديين" من دخول جنوب البلاد المتضرر وارتكاب "مجازر". وقال روبيو في بيان نُشر على منصة إكس: "إذا أرادت السلطات في دمشق الحفاظ على أي فرصة لتحقيق سوريا موحدة وشاملة وسلمية، فعليها المساعدة في إنهاء هذه الكارثة باستخدام قواتها الأمنية لمنع تنظيم الدولة الإسلامية وأي جهاديين عنيفين آخرين من دخول المنطقة وارتكاب مجازر". ووصف روبيو الاشتباكات الدامية التي شهدتها السويداء في الجنوب، على مدار أسبوع بين أبناء العشائر والدروز، بأنها "اغتصاب ومذبحة للأبرياء لا تزال مستمرة ويجب أن تنتهي". Reuters عشائر الجنوب والدروز في السويداء يرحبون بـ "وقف القتال" وأكد تجمع عشائر الجنوب في السويداء في بيان نشره على صفحته الرسمية على فيسبوك اليوم الأحد أنه "استجابةً لقرار رئاسة الجمهورية بالوقف الشامل لإطلاق النار، وانطلاقاً من حرصه على حقن الدماء، وبُعده عن منطق الفتنة والاقتتال، يعلن وقفاً فورياً وشاملاً لكل الأعمال العسكرية، والالتزام التام بذلك". ودعا التجمع في بيانه إلى "إطلاق سراح جميع المحتجزين من أبناء العشائر، وتأمين العودة الآمنة لجميع النازحين إلى منازلهم وقراهم دون استثناء أو شروط، وفتح قنوات للحوار والتنسيق بما يضمن عدم تكرار ما حدث، والسير نحو استقرار دائم". وأكد البيان أن "أبناء العشائر كانوا على الدوام أهل سلم ووطنية، لم يسعوا إلى الحرب، ولم يكونوا دعاة قتال"، وأضاف "حين يُفرض علينا القتال، لا يكون خياراً بل ضرورة، دفاعاً مشروعاً عن النفس والكرامة، في وجه الاعتداء". من جهتها، أصدرت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز بياناً عبر صفحتها على فيسبوك أمس السبت دعت خلاله إلى وقف الاقتتال. وقالت الرئاسة الروحية: "نجدد دعوتنا اليوم للاحتكام إلى إنسانيتنا، ونمد يدنا للتعامل مع كل إنسان شريف لإنهاء الاشتباكات الحالية ووقف إطلاق النار، والاحتكام لصوت العقل والحكمة والإنسانية، لا للسلاح والفوضى"، بحسب البيان. كما أكدت الطائفة أن أبنائها لم يكونوا "دعاة تفرقة أو فتنة، وإنما كانوا وعلى مدار التاريخ نبراساً للإنسانية والتآخي، ولطالما كان الجبل ملجأً لكل مظلوم وخائف". Getty Images وكان رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع قد قال في كلمة متلفزة، صباح أمس السبت، إن "الدولة السورية تمكنت من تهدئة الأوضاع رغم صعوبة الوضع، لكن التدخل الإسرائيلي دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها نتيجة القصف السافر للجنوب ولمؤسسات الحكومة في دمشق، وعلى إثر هذه الأحداث تدخلت الوساطات الأمريكية والعربية بمحاولة للوصول إلى تهدئة الأوضاع." وأضاف الشرع قائلاً: "مع خروج الدولة من بعض المناطق بدأت مجموعات مسلحة من السويداء بشن هجمات انتقامية ضد البدو وعائلاتهم، هذه الهجمات الانتقامية التي ترافقت مع انتهاكات لحقوق الانسان، دفعت باقي العشائر إلى التوافد لفك الحصار عن البدو داخل السويداء". موضحاً بأن "الدولة وقفت إلى جانب السويداء بعد تحرير سوريا وحرصت على دعمها إلا أن البعض أساء للمدينة ودورها في الاستقرار الوطني". وأشار إلى أن "الاستقواء بالخارج، واستخدام بعض الأطراف الداخلية للسويداء كأداة في صراعات دولية لا يصب في مصلحة السوريين بل يفاقم الأزمة". Getty Images أكثر من 1000 قتيل، ونحو 87 ألف منذ بدء الاشتباكات أدت الاشتباكات التي اندلعت بين الدروز وعشائر البدو في 13 تموز/يوليو في محافظة السويداء جنوبي سوريا إلى مقتل أكثر من ألف شخص، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم الأحد. وأحصى المرصد مقتل 336 مقاتلاً درزياً، و298 مدنياً من الدروز، بينهم 194 "أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية". في المقابل، قُتل 342 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة الى 21 من أبناء العشائر البدوية، ثلاثة منهم مدنيون "أعدموا ميدانياً على يد المسلحين الدروز". كما أفاد المرصد بأن الغارات التي شنتها اسرائيل خلال التصعيد، أسفرت عن مقتل 15 عنصراً من القوات الحكومية. وتسببت هذه الاشتباكات إلى نزوح أكثر من 128 ألف شخص من منازلهم في السويداء، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة في بيانٍ الأحد. وأفادت المنظمة "حتى اللحظة، نزح 128,571 شخصاً منذ بدأت الأعمال العدائية"، مضيفة بأن "وتيرة النزوح ارتفعت بشكل كبير في 19 يوليو/ تموز، إذ نزح أكثر من 43 ألف شخص في يوم واحد".