
'مؤشر البيتزا'… حين يُعجن الموت بالعجين
في عصرٍ يرى فيه القمر الصناعي حرارة فأر يركض على جليد القطب، وتحلّل فيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي دقات قلبك وأنت تمشي إلى المخبز، يبقى مؤشر الحرب الأصدق في أمريكا أمرًا بدائيًّا: طلبات البيتزا.
نعم، لا تستغرب. ليس سرًّا استخباراتيًّا، ولا وثيقة مسرّبة من البنتاغون. إنه ببساطة: إذا امتلأت مطاعم البيتزا قرب وزارة الدفاع الأمريكية بطلبات منتصف الليل، فاعلم أن قرار قصفٍ ما قد اتُخذ. مكان ما على الأرض يستعد لاحتضان مزيد من الرماد.
أيام الحرب الباردة، لاحظ صبية توصيل دومينوز أن البيتزا كانت تطير من أفرانها كصواريخ كروز كلما استنفرت CIA. قبيل غزو بنما في 1989 وحرب الخليج الأولى في 1990، كانت علب البيبروني تتكدس في مداخل لانغلي والبنتاغون. واليوم، في العام 2025، بينما كانت إسرائيل تمطر إيران بالقنابل، انطلقت دراجات البيتزا في واشنطن، تحمل خبز الموت وريح الجبن المذاب دون أن يرفّ لسائقيها جفن.
الأمر ليس مجازًا شعريًّا. إنه لوجستيات باردة. فبينما يحدق موظفو الأقمار الصناعية في الشاشات ويكتب آخرون بيانات غامضة عن 'الرد المناسب'، هناك شخص يراقب العجينة وهي تنتفخ في الفرن ويضيف صلصة الطماطم بتؤدة. الحرب تبدأ بإيجاز أمني عاجل وتنتهي بعلب كرتون ملوثة بالزيوت في سلال مهملات مكاتب التخطيط.
هذا المؤشر يفضح أكثر مما يخفي. يخبرنا أن السياسة الخارجية لأكبر قوة عسكرية على الأرض تُختزل أحيانًا في قائمة طعام سريع. مصائر آلاف البشر تقرَّر بينما يلتهم أحدهم قطعة بيتزا محشوّة بالجبن ويطلب آخر 'كوكا دايت' كي لا تزيد سعراته الحرارية.
سيقولون إنها مبالغات صحفي خيالي. لكن فكّروا قليلًا: أيهما أقرب للحقيقة؟ اجتماع استراتيجي مهيب بخبراء جيوبوليتيك يضعون خرائط ويتحدثون عن المصالح العليا، أم غرفة مضاءة برائحة البيبروني، حيث يرتعش الجميع من الرأي العام أكثر مما يخشون عواقب الحرب؟
لدينا نحن المغاربة مؤشراتنا الخاصة، وإن كانت بلا بيبروني. كأس شاي منعنع على مكتب عامل الإقليم كلما ارتفعت أسعار الخضر. طبق بيصارة سريع في مطبخ قائد الدرك حين تندلع احتجاجات في القرية المجاورة. سندويشة كبدة باردة ملفوفة في ورق الجرائد على مكتب باشا المدينة استعدادًا لطوارئ الليل.
مؤشر البيتزا الأمريكي مجرد نسخة مترفة لوصفة عالمية: إذا أكلوا بسرعة وفي ساعة متأخرة، فاعلم أن أمرًا مريبًا يطبخ في مكان ما.في المرة القادمة حين يبدو لك العالم هادئًا، لا تفرح كثيرًا. انظر إلى الأفران. قد لا يخبزون عشائك، بل يهيّئون خبز جنازتك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
منذ 2 أيام
- المغرب اليوم
مديرة الاستخبارات الأميركية تهدد بمقاضاة مسؤولين من إدارة أوباما بسبب تدخل روسيا في انتخابات 2016
هددت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد، الجمعة، بإحالة مسؤولين في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما إلى وزارة العدل للمقاضاة على خلفية تقييم الاستخبارات لتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية 2016، في أحدث مثال على استهداف مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب لمن يعتبرهم أعداء من عهد أوباما. ورفعت غابارد السرية عن وثائق، الجمعة، زعمت أنها أدلة على أن مسؤولي الاستخبارات في إدارة أوباما "فبركوا وسيسوا معلومات استخباراتية لتمهيد الطريق" لتحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بشأن التدخل الروسي في شؤون ترامب. وفي منشور لها، قالت غابارد إنها "ستسلّم جميع الوثائق إلى وزارة العدل للإحالة الجنائية"، إلا أنها لم تحدد ما إذا كانت ستحيل أي مسؤولين محددين. والإحالة الجنائية لا تعني بالضرورة أن وزارة العدل ستحقق. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أفادت مصادر لشبكة CNN أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يحقق مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق "CIA" جون برينان ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي لاحتمال إدلائهما بتصريحات كاذبة للكونغرس، وذلك عقب إحالة من مدير وكالة الاستخبارات المركزية الحالي جون راتكليف، والتي كانت مرتبطة أيضًا بتقييم الاستخبارات بشأن تدخل روسيا في الانتخابات. ورفعت كل من غابارد وراتكليف السرية عن وثائق هذا الشهر في إطار جهود لتقويض تقييم أجهزة الاستخبارات في 2017 بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الأمريكية 2016 وحاولت مساعدة ترامب على هزيمة هيلاري كلينتون- وهو استنتاج ساهم في انعدام ثقة ترامب المتواصل بأجهزة الاستخبارات. ومع ذلك، لم تكتشف مراجعات أخرى مثل هذه المشكلات، بما في ذلك تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في 2020، الذي أيد تقييم أجهزة الاستخبارات لتدخل روسيا في انتخابات 2016. وانتقد الديمقراطيون نشر غابارد الوثائق، ووصفوه بأنه "محاولة لإعادة كتابة التاريخ". وأجرت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ تحقيقًا مشتركًا بين الحزبين، استعرضت فيه مئات الآلاف من الوثائق واستجوبت شهودًا على مدى عدة سنوات. وخلصت اللجنة، بالإجماع، إلى أن روسيا تدخلت في الانتخابات لصالح دونالد ترامب، وفقًا لما قاله السيناتور مارك وارنر، عضو مجلس الشيوخ، وكبير الديمقراطيين في اللجنة، في بيان. وأضاف: "هذا مجرد مثال آخر على محاولة مديرة الاستخبارات الوطنية تزييف الحقائق، وإعادة كتابة التاريخ، وتقويض الثقة في وكالات الاستخبارات التي يُفترض أنها تقودها". وقال جيم هايمز، كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، في بيان: "لم يعثر أي تحقيق مشروع، بما في ذلك تحقيق لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ المشترك بين الحزبين، على أي دليل على التسييس، وأيّد نتائج تقييم الاستخبارات".


أخبارنا
١٢-٠٧-٢٠٢٥
- أخبارنا
ألمانيا تسعى لشراء "باتريوت" من أمريكا لصالح أوكرانيا
في ظل تصاعد الهجمات الجوية الروسية على أوكرانيا، أعلنت ألمانيا نيتها شراء أنظمة "باتريوت" الدفاعية من الولايات المتحدة لدعم كييف، وتعزز حرب أوكرانيا الطلب على المسيرات الألمانية، مع نمو سريع في القطاع. تعتزم الحكومة الألمانية شراء أنظمة دفاع جوي من طراز "باتريوت" من الولايات المتحدة، لتقديمها لأوكرانيا. وخلال مؤتمر عن إعادة إعمار أوكرانيا عقد في العاصمة الإيطالية روما، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم الخميس (العاشر من يوليو/ تموز 2025): "تحدثت بشأن ذلك مع الرئيس ترامب يوم الخميس الماضي، وطلبت منه أيضا تزويدنا بهذه الأنظمة"، وذكرميرتس أن وزيري الدفاع الأمريكي والألماني يتفاوضان حاليا بهذا الشأن، لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد. وأضاف ميرتس متحدثا عن أنظمة باتريوت التي تستخدمها أيضا القوات المسلحة الألمانية: "الأمريكيون بحاجة إليها جزئيا لأنفسهم، لكنهم يمتلكون أيضا عددا كبيرا منها". ولم يذكر ميرتس عدد الأنظمة التي تنوي ألمانيا شراءها، لكن وفقا لما يتردد، فإن الحديث يدور مبدئيا حول شراء نظامين اثنين. وتتعرض أوكرانيا حاليا لهجمات جوية روسية. دعم أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي من أنواع مختلفة وقد سبق لألمانيا أن دعمت أوكرانيا بشكل كبير بأنظمة دفاع جوي من أنواع مختلفة. وتعد منظومة باتريوت وحروفها اختصار لعبارة بالإنجليزية معناها: رادار تتبع مصفوف مرحلي لاعتراض الأهداف، والمنظومة من بين أحدث أنظمة الدفاع الجوي في العالم. وهي تستخدم للتصدي للطائرات المعادية، والصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز. وتستطيع صواريخ الاعتراض، وفقا لنوع الرأس الموجه المستخدم، إصابة أهداف على مسافة تصل إلى نحو 100 كيلومتر، وعلى ارتفاعات تصل إلى 30 كيلومترا، في نطاق أشبه بقبة تحيط بموقع الإطلاق. وتشبه محطة الإطلاق المتنقلة شاحنة كبيرة، وتحتوي على ما يصل إلى أربع حاويات إطلاق. صواريخ إس 400 الروسية وباتريوت الأمريكية في الميزان ووفقا للجيش الأمريكي، يمكن تحميل ما يصل إلى 16 صاروخا اعتراضيا في المحطة، بحسب التكوين. ووفقا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "سي إس آي إس"، يبلغ سعر الصاروخ الواحد من النسخة الشائعة "باك3-" حوالي أربعة ملايين دولار. حرب أوكرانيا تزيد الطلب على صناعة المسيرات الألمانية وفي سياق متصل تشكل النزاعات العسكرية - مثل حرب أوكرانيا - محركا قويا لصناعة المسيرات الألمانية، بحسب الاتحاد الألماني لصناعات الطيران والفضاء. وقالت المديرة التنفيذية للاتحاد، ماري-كريستينه فون هان: "يشهد مصنعو أنظمة المسيرات الألمان حاليا طلبا متزايدا على أنظمة الاستطلاع العسكري والمواجهات الحربية"، مشيرة إلى أن دورات الابتكار تشهد سرعة مذهلة، وقالت: "ما كان بالأمس شركة ناشئة في مرآب، سيصبح غدا إنتاجا متسلسلا". ويمثل الاتحاد - بحسب بياناته - حوالي 260 شركة عضوة يبلغ إجمالي مبيعاتها السنوية حوالي 52 مليار يورو وتقدر قوتها العاملة بنحو 120 ألف موظف. ولا يستطيع الاتحاد الآن تقديم أرقام محددة لإيرادات قطاع أنظمة المسيرات نظرا لحداثة القطاع. ووفقا لرصد يقتصر على 30 شركة، ارتفعت الإيرادات بنسبة 9% العام الماضي. ويتوقع الاتحاد زيادات أكبر في الإيرادات هذا العام. كما زاد عدد الموظفين بنحو 24% ليصل إلى 7700 موظف خلال عام. وبحسب الاتحاد، يعمل حوالي 70% من مصنعي المسيرات الألمان في القطاع العسكري. أما في القطاع المدني، فيحرز المصنعون تقدما هائلا في تطوير تطبيقات ونماذج أعمال محددة، بحسب بيانات الاتحاد. وقالت فون هان: "يمكن أن يصبح استخدام المسيرات المدنية في ألمانيا مفيدا للمجتمع الألماني حال تقديم الدولة دعم بناء كجهة تنظيمية"، مضيفة أن هذا القطاع يحظى بقبول متزايد بين السكان.


ألتبريس
٠٩-٠٧-٢٠٢٥
- ألتبريس
'مؤشر البيتزا'… حين يُعجن الموت بالعجين
بقلم: فكري سوسان في عصرٍ يرى فيه القمر الصناعي حرارة فأر يركض على جليد القطب، وتحلّل فيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي دقات قلبك وأنت تمشي إلى المخبز، يبقى مؤشر الحرب الأصدق في أمريكا أمرًا بدائيًّا: طلبات البيتزا. نعم، لا تستغرب. ليس سرًّا استخباراتيًّا، ولا وثيقة مسرّبة من البنتاغون. إنه ببساطة: إذا امتلأت مطاعم البيتزا قرب وزارة الدفاع الأمريكية بطلبات منتصف الليل، فاعلم أن قرار قصفٍ ما قد اتُخذ. مكان ما على الأرض يستعد لاحتضان مزيد من الرماد. أيام الحرب الباردة، لاحظ صبية توصيل دومينوز أن البيتزا كانت تطير من أفرانها كصواريخ كروز كلما استنفرت CIA. قبيل غزو بنما في 1989 وحرب الخليج الأولى في 1990، كانت علب البيبروني تتكدس في مداخل لانغلي والبنتاغون. واليوم، في العام 2025، بينما كانت إسرائيل تمطر إيران بالقنابل، انطلقت دراجات البيتزا في واشنطن، تحمل خبز الموت وريح الجبن المذاب دون أن يرفّ لسائقيها جفن. الأمر ليس مجازًا شعريًّا. إنه لوجستيات باردة. فبينما يحدق موظفو الأقمار الصناعية في الشاشات ويكتب آخرون بيانات غامضة عن 'الرد المناسب'، هناك شخص يراقب العجينة وهي تنتفخ في الفرن ويضيف صلصة الطماطم بتؤدة. الحرب تبدأ بإيجاز أمني عاجل وتنتهي بعلب كرتون ملوثة بالزيوت في سلال مهملات مكاتب التخطيط. هذا المؤشر يفضح أكثر مما يخفي. يخبرنا أن السياسة الخارجية لأكبر قوة عسكرية على الأرض تُختزل أحيانًا في قائمة طعام سريع. مصائر آلاف البشر تقرَّر بينما يلتهم أحدهم قطعة بيتزا محشوّة بالجبن ويطلب آخر 'كوكا دايت' كي لا تزيد سعراته الحرارية. سيقولون إنها مبالغات صحفي خيالي. لكن فكّروا قليلًا: أيهما أقرب للحقيقة؟ اجتماع استراتيجي مهيب بخبراء جيوبوليتيك يضعون خرائط ويتحدثون عن المصالح العليا، أم غرفة مضاءة برائحة البيبروني، حيث يرتعش الجميع من الرأي العام أكثر مما يخشون عواقب الحرب؟ لدينا نحن المغاربة مؤشراتنا الخاصة، وإن كانت بلا بيبروني. كأس شاي منعنع على مكتب عامل الإقليم كلما ارتفعت أسعار الخضر. طبق بيصارة سريع في مطبخ قائد الدرك حين تندلع احتجاجات في القرية المجاورة. سندويشة كبدة باردة ملفوفة في ورق الجرائد على مكتب باشا المدينة استعدادًا لطوارئ الليل. مؤشر البيتزا الأمريكي مجرد نسخة مترفة لوصفة عالمية: إذا أكلوا بسرعة وفي ساعة متأخرة، فاعلم أن أمرًا مريبًا يطبخ في مكان ما.في المرة القادمة حين يبدو لك العالم هادئًا، لا تفرح كثيرًا. انظر إلى الأفران. قد لا يخبزون عشائك، بل يهيّئون خبز جنازتك.