
'مارشال' سعوديّة: دمشق تنضمّ لرؤية بن سلمان
أطلقت السعودية نسختها السوريّة من خطّة 'مارشال'، بحزمة استثمارات تصل إلى 6.4 مليارات دولار، لتقدّم نموذجها الجديد لمنظومة علاقاتها السياسية والاقتصادية في الإقليم، وهي منظومة يجدر بلبنان أن يتمعّن فيها ويفهمها جيّداً. والأهمّ ليس الرقم فحسب، بل نوعيّة الاستثمارات والتوجّهات الاستراتيجية السياسية والاقتصادية التي تنطوي عليها.
في الإطار العامّ، أتت الرعاية من وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان لمشاركة وفد كبير شمل 20 جهة حكومية وأكثر من 100 شركة عامّة وخاصّة في منتدى الاستثمار السعودي السوري، لتوجّه رسائل في أكثر من اتّجاه بأنّ استقرار الحكم في دمشق ونهوض الدولة واقتصادها يحظيان بعناية فائقة من القيادة السعودية. وتلك الرسائل مهمّة في ظلّ التلاقي الموضوعي بين إسرائيل وإيران على مشروع الإطاحة بحكم أحمد الشرع لإعادة الصراع على سوريا إلى المربّع الأول.
على أنّ النموذج السعودي الجديد في إدارة مصالحه الإقليمية يقف على طرف النقيض من النموذج الإيراني الذي احترف على مدى نصف قرنٍ إنشاء شبكة من الميليشيات خارج إطار الدول وفوق سلطتها. ويقف على تباين سعوديّ مع النموذج القديم الذي كان يقدّم المنح والمعونات بقليل من الشروط والقيود المتعلّقة بحساب المصالح والعوائد السياسية والاقتصادية.
سوريا دولة موحّدة
في 'المارشال' السوريّ، ترتبط الاستثمارات بالصورة الاستراتيجيّة الكبيرة للمنطقة العربية من جهة، وبالمصالح الاقتصاديّة التي تخدم 'رؤية 2030' من جهة أخرى.
في الصورة الاستراتيجيّة، تعطي حزمة الاستثمارات إشارةً إلى رغبة الرياض برؤية سوريا دولةً موحّدةً ذات سلطة مركزيّة مقتدرة، على نقيض ما كانت عليه في الفلك الإيراني، حين كانت تُختزل بكونها ساحة خلفيّة لميليشيات الحرس الثوري وحلقة إمداد لـ'الحزب'.
لكنّ الصورة الاقتصادية ليست أقلّ أهميّة. فمن اللافت شمول الاستثمارات السعودية في سوريا قطاعات استراتيجيّة هي في صلب 'رؤية 2030' التي أطلقها وليّ العهد السعودي قبل تسع سنوات.
إلى جانب الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والتطوير العقاري بنحو 2.9 مليار دولار، ومن ضمنها 'برج الجوهرة' الذي تمّ وضع الحجر الأساس له، يمكن التوقّف عند ضخامة الاستثمارات في البنية التحتية للاتّصالات والأمن السيبراني، ودخول شركات عملاقة تابعة لصندوق الاستثمارات العامّة (الصندوق السيادي السعودي) فيها، لاسيما 'إس تي سي' و'علم'. والشركة الأخيرة تحديداً كان لها الدور الأساس في التحوّل الهائل نحو 'الحكومة الذكيّة' في السعودية في السنوات الأخيرة، الذي جعل المملكة تحلّ في المركز الرابع عالميّاً في مؤشّر الأمم المتّحدة للحكومة الإلكترونية.
قطاع الاتّصالات
ربّما يكون دخول عملاق قطاع الاتّصالات 'إس تي سي' إلى السوق السوريّة على صلة بالمشروع الذي كشفت عنه دمشق قبل أسابيع لتطوير البنية التحتية للاتّصالات وبناء حلقة وصل بالألياف الضوئية بين أوروبا والخليج.
في قطاع الطاقة، يمكن التوقّف عند اسم رئيس مجلس الأعمال السعودي السوري محمد بونيان الذي يعدّ من أبرز الأسماء العالمية في مجال استثمارات الطاقة المتجدّدة. فشركته 'أكوا باور' (يمتلك صندوق الاستثمارات السعودي 44% من أسهمها)، لديها محفظة مشاريع طاقة متجدّدة وتقليدية بمئة مليار دولار في 14 دولة، وهي تطمح إلى رفعها إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030.
ربّما الأهمّ في ما يخصّ الدول المجاورة أنّ لدى الشركة أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر في العالم في منطقة نيوم بالقرب من الأردن. وقد وقّعت الشركة الأسبوع الماضي اتّفاقات ومذكّرات تفاهم لتصدير الطاقة المتجدّدة والهيدروجين الأخضر إلى أوروبا. (الهيدروجين الأخضر نوع من الوقود النظيف الذي يتمّ إنتاجه من الطاقة المتجدّدة)، وهو ما قد يشير إلى إمكان أن تكون سوريا على خريطة خطوط الطاقة ذات البعد الاستراتيجي بين السعودية وأوروبا.
فرصة كبيرة لسوريا
تعبّر جملة هذه المشاريع عن تصوّر واضح لدى الحكم الجديد في دمشق بأنّ رؤية محمّد بن سلمان، ببُعدَيها الاقتصادي والسياسي، تمثّل فرصة لسوريا وللمنطقة بكاملها، وهو يقوم بما يجب أن يقوم به للاستفادة ممّا تفتحه من أبواب.
لا شكّ أنّ الإشارات التي حملها شكل الوفد الحكومي ومستوى التمثيل فيه وحجم الاستثمارات المعلنة وصلت إلى إسرائيل والمجتمع الدولي وتفيد بأنّ السعودية لن تتهاون تجاه محاولات تقويض استقرار سوريا تحت أيّ عنوان أو ذريعة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
برلماني: ضبط صانعي محتوى بتهم غسيل أموال وحيازة مخدرات.. والتحقيقات مستمرة
تحدث النائب أحمد بدوي رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، عن تفاصيل جديدة في قضية ضبط عدد من صانعي المحتوى على تطبيقات التواصل الاجتماعي، والمتهمين في قضايا تتعلق بغسيل الأموال ونشر محتوى غير لائق، مؤكدًا أن الجهود الأمنية مستمرة، والتحقيقات لا تزال جارية. وأوضح أن وزارة الداخلية تقوم بدور بارز في جمع التحريات اللازمة، مشيرًا إلى أن بعض الجرائم تعود إلى شهر ونصف، ولكن تم اتخاذ الإجراءات القانونية بعد حصر المخالفات. وأضاف، في مداخلة هاتفية مع الإعلامية بسمة وهبة، مقدمة برنامج "90 دقيقة"، عبر قناة "المحور"، أن من بين المتهمين من تم ضبطه وبحوزته أجهزة بث مباشر غير مصرح بها، ما يشكل مخالفة صريحة لقانون تنظيم الاتصالات. واستطرد قائلاً" إن استخدام هذه الأجهزة؛ يهدف إلى زيادة الانتشار، وتحقيق أرباح غير مشروعة من خلال محتوى مخالف، مؤكدًا أن هذه الأجهزة الفنية لا يجوز أن تكون في حيازة أفراد. وبيّن أن أحد المتهمين حقق أرباحًا تجاوزت 15 مليون جنيه، بينما تم ضبط آخر بحوزته 135 ألف دولار، وثالث بـ 22 ألف دولار، في مؤشرات واضحة على وجود عمليات مالية مشبوهة تستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات المختصة. وأكد أن بعض المتهمين كان بحوزتهم مواد مخدرة وسلاح غير مرخص، ما يعكس خطورة هذه الشبكات التي تتستر خلف ستار صناعة المحتوى الرقمي. وشدد على أن قانون تقنية المعلومات يتضمن مواد واضحة، مثل المادتين 25 و26، التي تجرّم نشر المحتوى المسيء، أو الذي يُصدر حالة من الإحباط واليأس في نفوس المواطنين، أو يتعارض مع القيم والمبادئ العامة. وأوضح، أن هذه الفيديوهات غير مقبولة تمامًا، وأن الشارع المصري يشعر بصدمة كبيرة من حجم الانحرافات الأخلاقية والمالية التي تم الكشف عنها.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
خوان ألفينا.. تفاصيل التعاقد مع نجم الزمالك الجديد
أنهى نادي الزمالك جميع التفاصيل المالية والإدارية الخاصة بالتعاقد مع الجناح البرازيلي خوان ألفينا، لاعب فريق ألكسندريا الأوكراني، في صفقة تمتد لأربعة مواسم. ووفقا لمصادر مطلعة، توصل الزمالك إلى اتفاق نهائي مع النادي الأوكراني، يقضي بانتقال اللاعب مقابل 600 ألف دولار، بينما سيتقاضى ألفينا راتبا سنويا قدره 300 ألف دولار. اللاعب وقع رسميا على عقود انضمامه إلى القلعة البيضاء، وينتظر النادي فقط استكمال بعض الإجراءات الرسمية تمهيدا للإعلان الرسمي عن الصفقة خلال الساعات المقبلة. وتأتي هذه الصفقة ضمن خطة الزمالك لدعم صفوف الفريق بعناصر مميزة استعدادًا للموسم الجديد، وسط طموحات كبيرة بالمنافسة على البطولات المحلية والقارية.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
خبير اقتصادي يكشف أسباب ومكاسب زيادة الاحتياطي النقدي عن 49 مليار دولار
قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، إن ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 49.036 مليار دولار بنهاية يوليو 2025، مقابل 48.700 مليار دولار في نهاية يونيو من نفس العام، بزيادة قدرها 336 مليون دولار؛ يؤكد تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري ويشير إلى أن الاحتياطي النقدي في تزايد بشكل مستدام. وأوضح أن هناك العديد من الأسباب التي أسهمت في زيادته، منها زيادة تحويلات العاملين بالخارج والتي بلغت نحو 32.8 مليار دولار خلال 11 شهرا في الفترة من يوليو إلى مايو من العام المالي 2024-2025، إضافة لدخول مصر استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة خلال الفترة الماضية. وأوضح غراب، في تصريحات صحفية له، أن من أسباب زيادة صافي الاحتياطيات الدولية زيادة إيرادات قطاع السياحة والصادرات السلعية المصرية بنسب كبيرة خلال العام الجاري 2025. وأشار إلى أن ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية بشكل مستمر يعد دلالة قوية على قوة المركز المالي، كما يعزز الثقة في الاقتصاد المصري، مضيفا أن وصولها لهذا الرقم الذي يغطي نحو أكثر من 8 أشهر من الواردات السلعية والذي يمثل أكبر من الحد المعترف به دوليا وهو 3 أشهر. وأكد أن زيادة الاحتياطي الأجنبي يؤمن احتياجات مصر من السلع الاستراتيجية. توفير العملة الصعبة وأضاف غراب، أن زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي يسهم في توفير العملة الصعبة والسيولة الدولارية للمستوردين والمصنعين والمنتجين لتوفير خامات ومستلزمات الإنتاج، إضافة لدورها في زيادة الإفراجات الجمركية عن السلع في الموانئ، وهذا يعود بالفائدة على الأسواق بزيادة الإنتاج المحلي وزيادة المعروض من السلع بالأسواق ليصبح أكبر من الطلب ولذا تنخفض الأسعار ويتراجع معدل التضخم. ولفت إلى أن ذلك يسهم في تعميق التصنيع المحلي وتعظيم الصناعة الوطنية من أجل إحلال المنتج المحلي محل المستورد ما يسهم في زيادة حجم الصادرات وتقليل فاتورة الواردات وتراجع عجز الميزان التجاري . تراجع سعر صرف الدولار وتوقع غراب، أن تشهد الشهور المقبلة زيادة أكبر في الاحتياطي النقدي الأجنبي نتيجة دخول مصر سيولة دولارية أكبر وذلك بالتزامن مع دخول مصر استثمارات أجنبية خليجية خاصة من دولتي قطر والكويت، إضافة لدخول مصر الشريحة الثانية من تمويل الاتحاد الأوروبي والبالغة نحو 4 مليار يورو. ونوه بأن زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي تزيد السيولة الدولارية في الأسواق المصرفية، كما تسهم في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، وتراجع سعر صرف الدولار وارتفاع قيمة العملة المحلية ما يسهم في خفض تكلفة الإنتاج وهذا يعود بالإيجاب على تراجع سعر السلع بالأسواق.