logo
السودان.. الجوع والقصف والكوليرا تطارد مئات الآلاف من المحاصرين في الفاشر

السودان.. الجوع والقصف والكوليرا تطارد مئات الآلاف من المحاصرين في الفاشر

يعاني مئات الآلاف من المحاصرين في آخر معقل للجيش السوداني في منطقة دارفور بغرب البلاد من نفاد الطعام، والتعرض للقصف المدفعي المتواصل، والهجمات بالطائرات المسيرة، بينما يواجه الفارون خطر الإصابة بالكوليرا، والاعتداءات العنيفة.
والفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، هي أكبر جبهة قتال متبقية في المنطقة بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، وتتعرض المدينة للقصف في لحظة فارقة في الحرب الأهلية التي دخلت عامها الثالث.
وقال أحد السكان لـ"رويترز": "الظروف صعبة.. كل يوم قصف مدفعي وطيران. الدعم السريع يقصف الفاشر في الصباح والمساء. خدمات الكهرباء والإنترنت متوقفة تماماً... كل المخابز توقفت... وهناك ندرة في العلاج والأدوية".
وتابع يقول إن الأوضاع أدت إلى "ارتفاع نسبة الموت يومياً، وازدادت مساحة المقابر في الفاشر.. نطالب العالم بإنهاء الحصار، الناس تموت يومياً من المرض والجوع والإصابات بسبب الحرب".
تصاعد القتال في الفاشر
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 عندما اختلف الحليفان حول خطط دمج القوات، وتقاسم السلطة.
وحققت قوات الدعم السريع مكاسب سريعة في وسط السودان، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، لكن الجيش أجبرها على التقهقر غرباً هذا العام، مما أدى إلى تصعيد القتال في الفاشر.
ومن شأن سقوط المدينة أن يمنح قوات الدعم السريع السيطرة على كامل منطقة دارفور تقريباً، وهي منطقة شاسعة تقع على الحدود مع ليبيا، وتشاد، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وأن يمهد الطريق أيضاً لما يصفه محللون بأنه قد يشكل انقساماً فعلياً للسودان.
وهناك مئات الآلاف من سكان الفاشر والنازحين بسبب هجمات سابقة، محاصرون فيها مع الجيش وحلفائه، ويعيش الكثير منهم في مخيمات يقول مراقبون إنها تعاني بالفعل من المجاعة.
سكان يأكلون التبن
وقالت طبيبة، طلبت عدم ذكر اسمها خوفاً على سلامتها، إن الجوع يشكل مشكلة أكبر من القصف.
وتابعت: "الصغار عندهم سوء تغذية.. (و)الكبار عندهم سوء تغذية. أنا عن نفسي ما فطرت الليلة عشان ما لاقين حاجة نفطر بيها".
واتهم سكان في المنطقة قوات الدعم السريع بمنع وصول الإمدادات الغذائية، وقالوا إن قوافل المساعدات الإنسانية التي تحاول الوصول إلى المدينة تتعرض للهجوم.
وتتجاوز أسعار السلع التي يتمكن التجار من تهريبها خمسة أضعاف المتوسط على مستوى البلاد.
وروى سكان لـ"رويترز" كيف لجأ الكثير من الناس إلى تناول التبن، أو الأمباز، وهو نوع من علف الحيوانات مصنوع من قشور الفول السوداني. وذكرت إحدى منظمات حقوق الإنسان أن حتى الأمباز بدأ ينفد.
ولم تستجب قوات الدعم السريع بعد لطلب الإدلاء بتعليق.
مخاطر رحلة الفرار
ولجأ العديد من السكان الفارين من الفاشر إلى مدينة طويلة، على بعد نحو 60 كيلومتراً غرباً. وقال بعض الذين نجحوا في ذلك لـ"رويترز" إنهم تعرضوا لهجوم من قبل مجموعات من مقاتلي قوات الدعم السريع على طول الطريق.
وقالت إنعام عبد الله (19 عاماً): "نزحونا فعدنا لمنطقتنا (قرية) شقرا هناك، لكي نهرب ونصل لطويلة، وفي شقرا هاجمونا مره ثانية.. أتعبونا جداً، وكانوا يقولون لنا: أين الأسلحة أين الرجال؟ وأنتم فلنقايات (عبيد)".
وأضافت: "لو وجدوا شخصاً لديه موبايل ممكن يأخذوه منه، وإذا عندك مال يأخذوه منك، ولو عندك حمار جميل، أو شيء مثل ذلك يأخذوه منك، ويقتلون الناس، وقتلوا ناس أمامنا، وأخذوا بنات من أمامنا، واغتصبوا أيضاً".
وقالت منظمة محامو الطوارئ، وهي منظمة لحقوق الإنسان، الاثنين، إن ما لا يقل عن 14 شخصاً فرّوا من الفاشر قُتلوا وأُصيب العشرات عندما تعرضوا لهجوم في قرية على طول الطريق.
وتستضيف طويلة أكثر من نصف مليون نازح، وصل معظمهم منذ أبريل، عندما كثفت قوات الدعم السريع هجومها على الفاشر، وهاجمت مخيم زمزم المترامي الأطراف للنازحين جنوب المدينة.
تفشي وباء الكوليرا
لكن طويلة لا تقدم سوى القليل من المساعدات، أو المأوى، إذ تعاني المنظمات الإنسانية من ضغوط بسبب تخفيضات المساعدات الخارجية. وقال أشخاص وصلوا إلى هناك لـ"رويترز" إنهم يتلقون كميات قليلة من الحبوب، بما في ذلك الذرة الرفيعة والأرز، لكن الكميات متفاوتة وغير كافية.
ويشهد السودان حالياً ذروة موسم الأمطار، والذي أدى إلى جانب تدهور الظروف المعيشية، وضعف خدمات الصرف الصحي، إلى تفشي وباء الكوليرا.
وقال متحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود لـ"رويترز" إنه منذ منتصف يونيو عالجت المنظمة 2500 حالة إصابة بالكوليرا.
وتوفي نحو 52 شخصاً بسبب المرض، وفقاً للجنة التنسيق للنازحين، وهي منظمة سودانية مناصرة تعمل في أنحاء دارفور.
وسوف يستغرق وصول اللقاحات اللازمة لوقف تفشي المرض، إذا تم توفيرها، بعض الوقت نظراً لهطول الأمطار.
ترسيم مناطق سيطرة واضحة
وخلص تقييم أجراه المجلس النرويجي للاجئين إلى أن 10% فقط من الناس في منطقة طويلة يتمتعون بإمكانية الحصول على مياه نظيفة بصورة منتظمة، وأن عدداً أقل منهم لديه إمكانية الوصول إلى المراحيض. وأشار التقييم إلى إن معظم الأسر أفادت بتناول وجبة واحدة يومياً، أو أقل.
وبينما تجلس في مأوى من القش غير مسقوف، قالت هدى علي، وهي أم لأربعة أطفال: "ليس لدينا بيوت للمطر ولا نملك مشمعات.. ننتظر حتى يتوقف المطر، ثم ينام الأطفال".
وأضافت أنها تحرص على أن يغسل أطفالها أيديهم جيداً، وألا يتناولوا سوى الطعام الذي تم طهيه بشكل كامل لضمان سلامتهم.
ودعت الأمم المتحدة الشهر الماضي إلى وقف القتال في الفاشر، لأغراض إنسانية، مع بدء موسم الأمطار لكن قوات الدعم السريع رفضت الدعوة.
واحتدم القتال في أنحاء منطقة كردفان السودانية المتاخمة لدارفور، حيث يتقاتل الجانبان لترسيم مناطق سيطرة واضحة، وسط تعثر جهود الوساطة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«الصحة العالمية»: نحو 100 ألف إصابة بالكوليرا خلال عام في السودان
«الصحة العالمية»: نحو 100 ألف إصابة بالكوليرا خلال عام في السودان

الشرق الأوسط

timeمنذ 12 ساعات

  • الشرق الأوسط

«الصحة العالمية»: نحو 100 ألف إصابة بالكوليرا خلال عام في السودان

أعلنت منظمة الصحة العالمية، الخميس، تسجيل نحو 100 ألف حالة إصابة بالكوليرا منذ يوليو (تموز) 2024 في السودان، حيث تستعر الحرب الأهلية، محذرة من تفاقم سوء التغذية ونزوح السكان وانتشار الأمراض. وقال المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، في مؤتمر صحافي بجنيف: «في السودان، تسبب العنف المستمر بمجاعة وأمراض ومعاناة واسعة النطاق»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية». وأضاف: «انتشر وباء الكوليرا في السودان، حيث أبلغت كل الولايات عن تفشيه. وتم الإبلاغ عن نحو 100 ألف حالة منذ يوليو من العام الماضي». وأوضح تيدروس أنه تم إجراء حملات تطعيم ضد الكوليرا في عدة ولايات، بينها العاصمة الخرطوم. وحذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أيضاً من أنه «من المتوقع أن تؤدي الفيضانات الأخيرة التي شهدتها أجزاء كبيرة من البلاد، إلى تفاقم سوء التغذية وتأجيج تفش جديد للكوليرا والملاريا وحمى الضنك وأمراض أخرى». الكوليرا عدوى معوية حادة تنتشر عبر الطعام والماء الملوثين بالبكتيريا، وغالباً من خلال البراز. تُسبب إسهالاً شديداً وقيئاً وتشنجات عضلية. يمكن أن يكون المرض قاتلاً في غضون ساعات إذا تُرك من دون علاج. شهدت الإصابات بالكوليرا وانتشارها زيادة عالمية منذ عام 2021. وفي ما يتعلق بصعوبة الحصول على الغذاء، استشهد تيدروس بتقارير من الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة، تفيد بأن الناس يأكلون علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة. يعاني ملايين الأشخاص في كل أنحاء السودان من الجوع، وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن نحو 770 ألف طفل دون سن الخامسة قد يعانون من سوء التغذية الحاد هذا العام. منذ أبريل (نيسان) 2023، تشهد البلاد حرباً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوّات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، الحليف السابق للبرهان، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتهجير وتشريد الملايين.

"اليونيسف": أطفال الخرطوم "جلد على عظم"الأمم المتحدة تحذر من تدهور حقوق الإنسان في السودان
"اليونيسف": أطفال الخرطوم "جلد على عظم"الأمم المتحدة تحذر من تدهور حقوق الإنسان في السودان

الرياض

timeمنذ 2 أيام

  • الرياض

"اليونيسف": أطفال الخرطوم "جلد على عظم"الأمم المتحدة تحذر من تدهور حقوق الإنسان في السودان

حذّرت الأمم المتحدة من تدهور كارثي في أوضاع حقوق الإنسان بينما تتسع رقعة النزاع في السودان، مشيرة إلى أن النساء والفتيات يتحملن أعباء انعدام الأمن الغذائي، والنزوح القسري، وسط غياب الحماية والمساعدات الكافية. وقال خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر: "كل يوم يستمر فيه النزاع في السودان، تُفقد أرواح بريئة، وتتمزق المجتمعات، إذ دمرت الحرب المستمرة حياة المدنيين، وحولت البقاء اليومي إلى صراع مستمر"، معربًا عن قلقه من الوضع الإنساني، والانتهاكات والتجاوزات واسعة النطاق ضد المدنيين في السودان. من جهتها، أوضحت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في السودان سالفاتور نكورونزيزا، أن المجاعة وصلت لعدة مناطق بالبلاد، وأن النساء والفتيات يتحملن العبء الأكبر لانعدام الأمن الغذائي الشديد، مع موارد أقل، ووصول أقل إلى المساعدات، وتعرض أكبر للمخاطر. وحذّرت الأمم المتحدة من أن أطفال الخرطوم الذين يتضوّرون جوعا باتوا "جلدا على عظم"، وأن آلاف العائلات العالقة في براثن الحرب قد تموت من الجوع في مدينة الفاشر المحاصرة في غرب السودان. وفي ولاية الخرطوم، "تشتدّ وطأة سوء التغذية ولم يعد أطفال كثر سوى جلد على عظم"، بحسب ما قال شيلدون يت ممثّل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في السودان الذي يشهد "أسوأ أزمة إنسانية" حاليا في العالم بحسب وصف الأمم المتحدة وحيث يعاني نحو 25 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد. وفي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة من قوّات الدعم السريع، على بعد ألف كيلومتر من غرب العاصمة، يواجه آلاف الأشخاص خطر مجاعة وشيكا بحسب برنامج الأغذية العالمي. وفي هذه المدينة، "الجميع يواجه محنة يومية للصمود"، بحسب إريك بيرديسون المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في شرق إفريقيا وجنوبها الذي كشف أن "القدرة على الصمود تلاشت بالكامل بعد أكثر من سنتين من الحرب. وستزهق أرواح في غياب وصول فوري ومستدام" إلى الموارد الأساسية. والفاشر التي تحاصرها قوّات الدعم السريع منذ مايو 2024 هي العاصمة الوحيدة في منطقة دارفور المترامية التي ما زالت تحت سيطرة الجيش. وشهدت أسعار المواد الأساسية فيها ارتفاعا شديدا، بحسب برنامج الأغذية العالمي الذي أشار إلى أن الذرة الرفيعة والقمح المستخدمين لإعداد الخبز والهريسة يكلّفان أكثر بـ460 % في الفاشر. والأسواق شبه فارغة من السلع وقد أغلقت غالبية المطابخ المشتركة أبوابها. وقبل سنة، أعلنت المجاعة في مخيّمات النازحين حول الفاشر. وفي المدينة ذاتها، لم يصدر أيّ إعلان رسمي من هذا النوع في غياب بيانات موثوقة لكن الأمم المتحدة قدّرت أن المجاعة ستنتشر فيها قبل مايو. ويعاني نحو 40 % من الأطفال دون الخامسة سوء تغذية حادّا، من بينهم 11 % مصابون بنقص شديد في التغذية، بحسب برنامج الأغذية العالمي. ويخيّم هدوء نسبي على العاصمة الخرطوم، غير أن الأطفال ليس لديهم بعد سوى "نفاذ محدود ولكن متزايد إلى مياه الشرب والطعام والرعاية والتعليم"، بحسب شيلدون يت.ويترّكز الجزء الأكبر من سوء التغذية بنسبة 37 % في اثنتين من مدن ولاية الخرطوم السبع هما العاصمة وجبل أولياء، بحسب اليونيسف.

البرهان من الخرطوم: الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية
البرهان من الخرطوم: الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية

عكاظ

timeمنذ 2 أيام

  • عكاظ

البرهان من الخرطوم: الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية

أكد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أن المعركة مستمرة حتى تحرير أرض السودان. وقال البرهان من مقر وزارة الداخلية السودانية في الخرطوم، التي وصلها، اليوم (الأربعاء): «نخوض الآن معركة حقيقية من أجل استقرار الأوضاع في البلاد». وأعلن أنه وجّه بضبط حمل السلاح داخل العاصمة الخرطوم. وأكد البرهان أن الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية. وكانت الأمم المتحدة جددت تحذيراتها من الأوضاع المتردية في السودان جراء الحرب المستمرة بين قوات الجيش والدعم السريع. وأكدت في بيان أن أطفال الخرطوم الذين يتضوّرون جوعاً باتوا جلداً على عظم، وأن آلاف العائلات العالقة في براثن الحرب قد تموت من الجوع في مدينة الفاشر المحاصرة في غرب البلاد. ويعاني نحو 40% من الأطفال دون الخامسة من سوء تغذية حاد، من بينهم 11% مصابون بنقص شديد في التغذية، بحسب برنامج الأغذية العالمي. وأعلنت المنظمة الدولية أنه في ولاية الخرطوم تشتد وطأة سوء التغذية ولم يعد أطفال كثر سوى جلد على عظم، بحسب ما قال شيلدون يت ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في السودان، الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانية حالياً في العالم، بحسب وصف الأمم المتحدة، إذ يعاني نحو 25 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد. يتركز الجزء الأكبر من سوء التغذية بنسبة 37% في اثنتين من مدن ولاية الخرطوم السبع، هما العاصمة وجبل أولياء، بحسب «اليونيسف». وفي مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة من قوات الدعم السريع، على بعد ألف كيلومتر من غرب العاصمة، يواجه آلاف الأشخاص خطر مجاعة وشيكاً، بحسب برنامج الأغذية العالمي. وقال المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في شرق أفريقيا وجنوبها إريك بيرديسون: الجميع يواجه محنة يومية للصمود. أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store