
سوق العمل بين المطرقة والآلة.. كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الوظائف في مصر والعالم؟
تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي يرسم مشهدًا دقيقًا لهذا التحول، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي مهيأ لاستبدال أكثر من 85 مليون وظيفة حول العالم بحلول عام 2025. ويتركز هذا التهديد في قطاعات تتسم بتكرار المهام، مثل مراكز الاتصال، المحاسبة، وخطوط الإنتاج. إلا أن التقرير ذاته يشير إلى الوجه الإيجابي، حيث يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في خلق نحو 97 مليون وظيفة جديدة، بشرط أن تواكب الدول هذا التحول من خلال سياسات تعليمية مرنة، وتدريب مستمر للقوى العاملة.
القطاعات الأكثر تأثرًا: من الخدمات إلى القانون
في قطاع الخدمات، تفوقت تقنيات المحادثة الآلية «Chatbots» على العنصر البشري في سرعة الاستجابة، وتوفير الكلفة، وتقديم الدعم على مدار الساعة. في النقل، تشكّل السيارات ذاتية القيادة خطرًا مباشرًا على وظائف السائقين، بينما تعتمد شركات التجزئة بشكل متزايد على أنظمة ذكية تُحلل سلوك المستهلك وتدير المخزون دون تدخل بشري.
لكن التأثير لا يقتصر على المهن اليدوية. مهن كالقانون، الصحافة، وحتى الإدارة والموارد البشرية، لم تسلم من الزحف التكنولوجي. فخوارزميات مثل ChatGPT وClaude باتت قادرة على تلخيص الوثائق، تحرير المقالات، بل والرد على الأسئلة القانونية الأولية. كما بدأت بعض الشركات الاعتماد على أنظمة ذكاء اصطناعي في قرارات التوظيف والترقيات، بناءً على تحليل الأداء والبيانات السلوكية للموظفين.
الوظائف الجديدة ولادة اقتصاد معرفي
في المقابل، تظهر وظائف جديدة بالكامل في بيئة الذكاء الاصطناعي. يأتي على رأسها وظيفة عالم البيانات «Data Scientist»، المسئول عن تحويل البيانات إلى قرارات استراتيجية في التسويق، الرعاية الصحية، وحتى السياسات العامة. يليه مهندس تعلم الآلة «Machine Learning Engineer»، الذي يطور خوارزميات قادرة على التعلم والتكيف دون تدخل بشري.
وظائف أكثر حداثة بدأت تفرض نفسها، مثل مدرّب الخوارزميات، الذي يسهم في إضفاء الطابع البشري على النماذج الذكية من خلال تدريبها على بيانات حقيقية، وخبير أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، الذي يُقيّم مدى توافق الأنظمة مع القيم القانونية والحقوقية.
في القطاع الصحي، أصبح محلل البيانات الصحية عنصرًا محوريًا في تشخيص الأمراض وتخصيص العلاجات. أما خبراء الأمن السيبراني المدعوم بالذكاء الاصطناعي، فهم اليوم خط الدفاع الأول في مواجهة الهجمات الإلكترونية التي تستهدف البنى التحتية الرقمية.
المهارات هي العملة الجديدة
المعادلة الكبرى في هذا التحول تكمن في المهارات. فالسوق لم تعد تقيس الكفاءة بناءً على الشهادة الجامعية وحدها، بل على القدرة على التعلّم الذاتي، وإتقان أدوات التحليل، والتفاعل مع التكنولوجيا الذكية. شهادات احترافية من شركات مثل Google وMicrosoft باتت تشكل بوابة جديدة إلى سوق العمل، خصوصًا لدى الشباب العربي والمصري الباحث عن فرص جديدة في اقتصاد رقمي لا يعترف بالحدود التقليدية.
مصر بحاجة إلى خريطة وطنية لسوق العمل
التحول التكنولوجي العالمي يطرح تحديات خاصة في السياق المصري. وفقًا لتقديرات البنك الدولي، يعمل نحو 63% من القوى العاملة في مصر ضمن الاقتصاد غير الرسمي، وهي الفئة الأكثر عرضة لتأثيرات الأتمتة، ويفتقر معظمها إلى مظلة الحماية التأمينية والاجتماعية. هذا الواقع يُحتّم على الدولة إطلاق خريطة وطنية متكاملة لسوق العمل، ترتبط بالتحولات التقنية وتساعد في التنبؤ بالوظائف التي ستنقرض، وتلك التي ستولد خلال السنوات القادمة.
الخبير الاقتصادي
الدكتور محمد أنيس،
يرى أن التحدي لا يتمثل في مقاومة الذكاء الاصطناعي، بل في استباق آثاره عبر سياسات ذكية، ويقترح ضرورة تبني برامج لإعادة تأهيل العمالة، وتوجيه الاستثمارات نحو التعليم الفني والتقني، وتطوير منظومة دعم للفئات المعرضة للخطر.
كما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي يطرح تحديات قانونية وأخلاقية جديدة، أبرزها: متى يكون من المشروع استبدال الإنسان بالألة؟ وهل يمكن أن يكون تقليص التكلفة سببًا كافيًا لإلغاء دور البشر؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة العربية للأخبار التقنية
منذ 19 ساعات
- البوابة العربية للأخبار التقنية
OpenAI تؤكد.. ChatGPT لن يحل محل الأطباء
أكدت شركة OpenAI أن أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT لا تهدف إلى استبدال الأطباء، بل إلى سد الفجوة التي تمنع الكثيرين من الوصول إلى الرعاية الصحية من الأساس. وقال نِك تورلي، المسؤول عن ChatGPT داخل الشركة، خلال بودكاست رسمي: 'لا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيزيح الأطباء من مواقعهم، بل سيزيح فكرة عدم الذهاب إلى الطبيب إطلاقًا'. ويعد تورلي أن لهذه التكنولوجيا دورًا مهمًا في تمكين المرضى، خاصةً في المناطق التي تعاني ضعف الوصول إلى الخدمات الطبية، موضحًا أن ChatGPT قد يعمم مفهوم 'الرأي الطبي الثاني'، وهو أمر لا يتوفر إلا لقلة من الناس اليوم، سواء من ناحية التكلفة أو المعرفة. ولا تقتصر فائدة الذكاء الاصطناعي على المرضى فقط؛ إذ يستخدم العديد من الأطباء ChatGPT اليوم لمراجعة استنتاجاتهم الطبية أو للحصول على رؤى بديلة. ومع ذلك، شدد تورلي على أن كسب ثقة المجتمع الطبي يتطلب أكثر من مجرد أداء جيد للنماذج، بل يستدعي إثباتًا علميًا وتجارب ممنهجة لتحديد مدى موثوقيتها بدقة. وأضاف تورلي: 'مع تطور النماذج واقترابها من الأداء البشري أو حتى تجاوزه، يصبح من الأصعب تفسير حدودها بدقة'. وأظهرت النماذج الأحدث من OpenAI مثل GPT-4.1 و o3 أداءً فائقًا في اختبارات المحادثة الطبية، متفوقةً في بعض الحالات على أطباء بشريين، لكن هذه الاختبارات تتم في بيئات خاضعة للرقابة الشديدة. وتُحذر الشركة من أن التفوق في المعايير لا يعني بالضرورة النجاح في الحياة الواقعية. وعلى سبيل المثال: أظهرت دراسة من جامعة أكسفورد أن بعض المستخدمين اتخذوا قرارات طبية أسوأ عند الاستعانة بالذكاء الاصطناعي مقارنة بمن استخدموا محرك بحث تقليدي، وذلك بسبب ضعف سير المحادثة في بعض الحالات. ومع ذلك، تظهر تقارير متكررة من مستخدمين تمكنوا بفضل ChatGPT من الوصول إلى تشخيصات لأمراض نادرة بعد سنوات من الحيرة. وختم تورلي بالإشارة إلى أن الصحة والتعليم هما المجالان اللذان يرى فيهما الذكاء الاصطناعي أكبر فرصة لإحداث تغيير جذري في المجتمع، قائلًا: 'إن هذه الفرصة تحديدًا هي التي تجعلني أستيقظ كل صباح بحماس'.


البوابة
منذ 21 ساعات
- البوابة
إسماعيل عبدالغفار: الجهل بالذكاء الاصطناعي يُهدد مستقبل الوظائف
أكد اللواء الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، أن الأكاديمية، التي تحتضنها مصر منذ عام 1972، اتخذت قرارًا في عام 2018 بإنشاء فرعها في مدينة العلمين الجديدة، ليس بأساليب التعليم التقليدية، بل بنظام تعليمي مختلف يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية للقيادة السياسية 2030، معقبًا: " كنت أؤمن بأن الذكاء الاصطناعي قادم لا محالة، وعلى الرغم من ظهور تطبيقات مثل Chat GPT في نهاية 2023 أو 2024، إلا أننا كنا ندرك أهمية الذكاء الاصطناعي مبكرًا". أحدث المعامل والروبوتات وقال 'عبد الغفار'، خلال لقائه ببرنامج 'صناع الفرصة'، الذي تقدمه الإعلامية منال السعيد، عبر قناة 'المحور'، إنه لتحقيق هذه الرؤية استعانت الأكاديمية بالبروفيسور الدكتور علي فهمي، عميد كلية الذكاء الاصطناعي، وهو من أوائل من درس الذكاء الاصطناعي في فرنسا في بداية الثمانينات، كما تم تجهيز الكلية بأحدث المعامل والروبوتات التي لا تُستخدم للاستعراض، بل للبرمجة وتطوير روبوتات كاملة جديدة ونماذج لغوية متقدمة . وتابع : "إذا كانت دول كثيرة تملك المال، فنحن نملك طرفًا مهمًا جدًا في معادلة الذكاء الاصطناعي الحالي والمستقبل: بناء الإنسان"، مشددًا على أن مصر تستطيع الإسهام بفاعلية في هذه الثورة التكنولوجية الحديثة بما لديها من عنصر بشري إذا تم إعداده بالطريقة السليمة. التعليم النظري لم يعد هو المطلوب وأوضح أنه تختلف رؤية الأكاديمية عن التعليم التقليدي، مؤكدًا أن التعليم النظري لم يعد هو المطلوب، مشيرًا إلى أن الأكاديمية تهدف إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الحياة التعليمية. وفي توجه جريء، صرح قائلًا: "لن نقول للطالب في الامتحانات ممنوع استخدام Chat GPT أو أي نظام من تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ بل سنقول له: مستخدمًا تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أجب وحلل واعمل، ورينا ماذا فهمت"، موضحًا أن هذا التوجه يهدف إلى تطوير المحاضرين والمعلمين لمواكبة التغيرات المتسارعة في المستقبل. الذكاء الاصطناعي لن يحل محل أحد وعن تهديد الذكاء الاصطناعي للوظائف، أعرب عن تفاؤله، مشيرًا إلى أن "وظائف كثيرة ستختفي، لكن وظائف أكثر ستُخلق في المستقبل"، وشدد على أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل أحد، بل "الإنسان الذي يعرف استخدام الذكاء الاصطناعي هو من سيحل محل من لا يعرف". ونوه بأن الأكاديمية، حتى قبل تأسيس كلية الذكاء الاصطناعي، أولت اهتمامًا كبيرًا بمسابقات البرمجة، واستضافت المسابقة العالمية للبرمجيات تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي شهدت مشاركة أكثر من 2500 شاب من حول العالم، بما في ذلك طلاب من معاهد عالمية مرموقة مثل MIT وستانفورد، معقبًا: "هذه المسابقات هي التي أخرجت جلال، أول مهندس مصري يعمل في تسلا"، يقول اللواء عبد الغفار بفخر. منصة رقمية متطورة وتابع: تماشيًا مع رؤيتها، تعتمد الأكاديمية على منصة رقمية متطورة، حيث يتلقى كل طالب نسخة رقمية من الكتب الدراسية على أجهزتهم المحمولة. هذه المنصة تمكن الطلاب من الكتابة، وتلخيص المواد العلمية، وطلب شرح للمادة العلمية بلغات مختلفة، حيث تدعم المنصة أكثر من 80 لغة، بالتعاون مع مايكروسوفت وبتقنيات الذكاء الاصطناعي. ولفت إلى أن رؤية الأكاديمية لا تقتصر على استخدام التكنولوجيا، بل تتعداها إلى الإنتاج والتطوير، وضرب مثالًا بمشروع الحاصلات الزراعية الضخم الذي يتم تنفيذه في مصر تحت إشراف القيادة السياسية، والذي يعتمد بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في جميع مراحله، من التلقيح إلى الحصاد، معقبًا: "نحن لا نريد أن نظل مستخدمين، بل نريد أن نصبح منتجين ومطورين لهذه التقنيات"، يؤكد اللواء عبد الغفار. واستطرد: وفي إطار سعيها لتعزيز التعاون الإقليمي في مجال الذكاء الاصطناعي، تبنى الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، دراسة قدمتها الأكاديمية لإطلاق مبادرة للذكاء الاصطناعي في القمة العربية التنموية الأخيرة في بغداد، تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي: حاضر وتحديات ومستقبل وتنمية مستدامة لأمتنا العربية".


الاتحاد
منذ يوم واحد
- الاتحاد
«موانئ أبوظبي» و«منتدى المعادن الأساسية» يتعاونان لتعزيز سلسلة التوريد العالمية
أبوظبي (الاتحاد) أعلنت مجموعة موانئ أبوظبي، توقيع مذكرة تفاهم مع منتدى المعادن الأساسية لتأسيس شراكة استراتيجية يتم من خلالها تعزيز سلسلة التوريد العالمية للمعادن الأساسية. وسترتكز دعائم هذا التعاون على شبكة مجموعة موانئ أبوظبي الواسعة من الموانئ والمحطات وخطوط الشحن، التي سيتم من خلالها دعم مهمة المنتدى في توسيع نطاق سلسلة توريد وتجارة المعادن الأساسية. ويأتي التعاون بين الجانبين تماشياً مع مستهدفات مجموعة موانئ أبوظبي لتمكين التجارة ودفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي، لا سيما في ظل التوقعات التي تشير إلى ارتفاع الطلب بشكل ملحوظ على معادن أساسية تشمل الجرافيت والكوبالت والمنغنيز والنيكل والليثيوم، علاوة على دعم جهود إزالة الكربون وزيادة الاعتماد على المركبات والمعدات الكهربائية. وتشير الوكالة الدولية للطاقة إلى أن إنتاج سيارة كهربائية يتطلب ستة أضعاف المواد اللازمة لإنتاج سيارة تقليدية، لذلك فإن من المتوقع أن يزيد الطلب على مواد الجرافيت والكوبالت والنيكل بمقدار 20 ضعفاً، في حين من المتوقع أن يرتفع الطلب على مادة الليثيوم بمقدار 13 ضعفاً بحلول عام 2040. كما تشير تقديرات البنك الدولي إلى ضرورة توفير ثلاثة مليارات طن من المعادن الأساسية لإزالة الكربون من منظومة الطاقة العالمية بحلول عام 2050. وقال الكابتن محمد جمعة الشامسي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ أبوظبي، إن التعاون مع منتدى المعادن الأساسية خطوة محورية في إطار جهود المجموعة للإسهام في تلبية الطلب العالمي المتزايد على المعادن الأساسية، والتي تُعد ضرورية لإزالة الكربون وتقديم حلول الطاقة المستدامة. وأضاف أن المجموعة ستتمكن من خلال توظيف بنيتها التحتية عالمية المستوى، وشبكتها الواسعة من الموانئ والمحطات وخطوط الشحن، من دعم سلسلة التوريد وتعزيز مرونتها وتوسيع نطاقها، منوهاً إلى أن هذا التعاون يؤكد التزام «موانئ أبوظبي» بتمكين التجارة ودفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي، والإسهام في بناء مستقبل أكثر استدامة. من جانبه قال روب ستراير، رئيس منتدى المعادن الأساسية، إن شراكة المنتدى مع مجموعة موانئ أبوظبي خطوةً مهمةً نحو ضمان مرونة وتنويع سلسلة توريد المعادن الأساسية عالمياً، مشيراً إلى أن الاعتماد من المناجم إلى منشآت المعالجة والتصنيع، سيسهم في تحقيق أهداف الجانبين المشتركة ذات الصلة. يذكر أن منتدى المعادن الأساسية يسهم بشكل بارز في تعزيز مرونة وتنوع سلسلة التوريد، من خلال تنسيق جهود التعاون بين الأطراف الرئيسية ذات الصلة، بما في ذلك شركات التعدين والمعالجة والمصنعين والمستثمرين وشركات القطاع العام، والإسهام في تحسين مستوى الشفافية في التسعير وخفض التكاليف وتوقع مستويات العرض والطلب.