
بروكسل تعتمد قانون الذكاء الاصطناعي.. أداة السيادة الرقمية
وتدشّن الخطوة مرحلة جديدة من تنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل الاتحاد الأوروبي، وسط توترات متجددة مع الولايات المتحدة. ويمثل هذا القانون، الذي وُصف بأنه من أكثر القوانين طموحًا في العالم في هذا المجال، خطوة استراتيجية تسعى من خلالها بروكسل إلى ضبط استخدام الذكاء الاصطناعي بما ينسجم مع القيم الأوروبية، من شفافية ومساءلة وحقوق الإنسان. وألقى تقرير نشرته صحيفة "لو موند" الفرنسية الضوء على القانون وقال أنه استغرق التفاوض حوله سنوات، وجرى اعتماده نهائيًا في عام 2024. ويُعتبر القانون محاولة جريئة من الاتحاد الأوروبي لوضع أُطر قانونية شاملة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، في وقت تتسابق فيه الدول والشركات لتطوير هذه التقنية دون ضوابط كافية.
خطوات إجراءات
ودخلت أحكام الحوكمة المركزية حيز التنفيذ، حيث يُطلب من الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة إخطار المفوضية الأوروبية بالهيئات الوطنية التي ستتولى مراقبة تطبيق القانون على أراضيها. وفي فرنسا، على سبيل المثال، من المتوقع أن تضطلع كل من "المديرية العامة للسياسات التنافسية وشؤون المستهلك ومكافحة الاحتيال" و"الهيئة الوطنية لحماية البيانات" (CNIL) بهذه المهمة. ومع ذلك، لم تحدد بعض الدول الأعضاء بعد الهيئات المعنية، ما يثير تساؤلات حول فاعلية التطبيق في المدى القريب.
غضب أمريكي متجدد
ووفقا لتقرير "لو موند"، فإن إطلاق القانون لم يمر مرور الكرام في واشنطن. فقد واجه انتقادات شديدة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالإضافة إلى شركات التكنولوجيا العملاقة مثل غوغل، ميتا، وأمازون، التي ترى في القانون تهديدًا لمصالحها التجارية ونموذجها القائم على الابتكار السريع. وتتهم هذه الأطراف الاتحاد الأوروبي بفرض قيود بيروقراطية معرقلة للتطور التكنولوجي، خاصة فيما يتعلق بالقيود المفروضة على ما يُعرف بـ"أنظمة الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر".
ويرى محللون أن المواجهة بين بروكسل وواشنطن في هذا السياق تعكس اختلافًا أيديولوجيًا أعمق. ففي حين تسعى أوروبا لفرض نموذج قائم على "الذكاء الاصطناعي الموثوق"، تفضل الولايات المتحدة نهجًا أكثر مرونة يحفّز السوق ويقلّل من التدخل الحكومي المباشر.
نموذج سيادي رقمي
ويمثل القانون جزءًا من استراتيجية أوروبية أوسع لتعزيز "السيادة الرقمية"، إلى جانب قوانين أخرى مثل "قانون الخدمات الرقمية" (DSA) و"قانون الأسواق الرقمية" (DMA)، التي تهدف جميعها إلى كبح نفوذ شركات التكنولوجيا الكبرى، وضمان حماية البيانات والحقوق الرقمية للمواطنين الأوروبيين.
وبحسب محللين، فإن هذه الحزمة التشريعية لا تسعى فقط إلى حماية المستهلكين، بل تهدف أيضًا إلى ترسيخ مكانة أوروبا كصانع قواعد عالمي في مجال التكنولوجيا، تمامًا كما فعلت سابقًا مع اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR).
لكن رغم الطموح الأوروبي، تواجه عملية تطبيق القانون تحديات كبيرة، خاصة في ظل النقص في الموارد البشرية والتقنية في بعض الدول الأعضاء، وصعوبة مواكبة التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي. كما يُطرح تساؤل حول كيفية التعامل مع الشركات غير الأوروبية التي تقدم خدماتها داخل الاتحاد، ومدى فاعلية الرقابة العابرة للحدود.
في المقابل، يرى مؤيدو القانون أنه يضع أساسًا قانونيًا صلبًا لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي، ويمنح المستخدمين ثقة أكبر بالتكنولوجيا.
ومع دخول قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي حيز التنفيذ، يتجه الاتحاد الأوروبي نحو تكريس نموذج مختلف لتنظيم التكنولوجيا، يقوم على الموازنة بين الابتكار وحماية الحقوق. ورغم التوترات مع الولايات المتحدة، فإن بروكسل تبدو عازمة على المضي قدمًا في هذا النهج، حتى لو عنى ذلك الدخول في صدام جديد مع وادي السيليكون.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 32 دقائق
- اليمن الآن
أمير غالب: تلقيت دعوة رسمية لزيارة البيت الأبيض لمناقشة قيود الهجرة من اليمن
كشف السفير الأمريكي المرتقب لدى الكويت، أمير غالب، عن تلقيه اتصالاً هاتفياً من كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ناقش خلاله آخر التطورات المتعلقة بالقيود المفروضة على الهجرة من اليمن. وقال غالب( أمريكي من أصل يمني) ، في تصريح صحفي عبر فيسبوك، إن الاتصال استمر قرابة أربعين دقيقة أعقب اجتماعاً لمستشار الرئيس مع ترامب في البيت الأبيض، مشيراً إلى أن النقاش تناول المقترحات التي تقدم بها شخصياً لإيجاد حلول جذرية لهذه القيود بما يتماشى مع سياسات الحكومة الأمريكية ومتطلبات الأمن القومي. وأكد غالب أن الفريق المختص بمتابعة هذا الملف سيكثف جهوده خلال الفترة القادمة بالتنسيق مع الجهات الرسمية، موضحاً أنه سيتم التواصل مع الحكومة اليمنية لدراسة آليات تضمن الامتثال لمعايير الهجرة المعتمدة. وأشار إلى أن القضايا المطروحة تشمل القيود على دخول بعض الفئات من الأقارب وأوضاع الحاصلين على تأشيرات اليانصيب؛وكذلك مناقشة أوضاع حاملي الإقامة المؤقتة (TPS)، بالإضافة إلى ملف موظفي السفارة الأمريكية السابقين في صنعاء. ولفت إلى أنه تلقى دعوة رسمية لزيارة واشنطن وعقد اجتماع في البيت الأبيض لمناقشة الموضوع حضورياً مع الفريق المعني. واختتم غالب تصريحه بالقول: "نبذل كل ما بوسعنا لمساعدة الناس، لكن جذر المشكلة يكمن في غياب حكومة مركزية تسيطر على كامل الأراضي اليمنية، وافتقاد الاستقرار السياسي والأمني المطلوب، فلا مجال للعواطف في سياسات الدول".


يمن مونيتور
منذ 6 ساعات
- يمن مونيتور
مليون يورو منحة أوروبية للاجئين في اليمن
يمن مونيتور/ مأرب/ خاص: قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الاتحاد الأوروبي قدم منحة إنسانية قدرها مليون يورو لدعم آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء في اليمن. وقالت المفوضية في بيان (اطلع عليه يمن مونيتور) إن التمويل سيدعم آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء في اليمن، ويوفر لهم الحماية القانونية الأساسية والوثائق اللازمة والدعم. وأضافت أن اليمن يأوي أكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا وسوريا وإريتريا والعراق والسودان وفلسطين. وقد أدى الصراع المستمر والصعوبات الاقتصادية إلى حرمان الكثيرين من الوثائق والمساعدة القانونية والخدمات الأساسية، مما يعرضهم لمخاطر متزايدة من الفقر وانعدام الأمن. ستتمكن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاؤها من توفير الهوية القانونية والوثائق اللازمة لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء في الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية، والتنقل بأمان داخل اليمن. المساعدة القانونية وتسجيل المواليد لما لا يقل عن 2500 لاجئ وطالب لجوء، ومعالجة قضايا مثل نزاعات الإيجار، والاحتجاز، والافتقار إلى الوثائق المدنية للأطفال. مقالات ذات صلة


شهارة نت
منذ 7 ساعات
- شهارة نت
ناشيونال إنترست: حاملة الطائرات النووية تغادر الشرق الأوسط بعد هزيمة أمريكا في البحر الأحمر
شهارة نت – وكالات قالت مجلة *ناشيونال إنترست* الأمريكية إن حاملة الطائرات النووية 'يو إس إس كارل فينسون' عادت إلى قاعدة بيرل هاربر في ولاية هاواي، بعد تنفيذها واحدة من أطول المهام العسكرية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أواخر عام 2023. وأشارت المجلة في تقرير تحليلي، إلى أن مهمة الحاملة، التي نُشرت ضمن نطاق القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، لم تشهد أي مشاركة فعلية في العمليات العسكرية الدائرة في البحر الأحمر، رغم تصاعد التوترات وتواصل الهجمات اليمنية ضد السفن المرتبطة بـ'إسرائيل' أو الداعمة لها. واستغربت المجلة هذا الغياب غير المسبوق للبحرية الأمريكية عن واحدة من أكثر مناطق النزاع سخونة في الشرق الأوسط، خصوصًا في ظل التحديات التي فرضتها العمليات البحرية اليمنية، والتي شملت هجمات بالطائرات المسيّرة، والصواريخ الباليستية، والزوارق المفخخة. وأضاف التقرير أن الولايات المتحدة لم تحتفظ بأي حاملة طائرات في البحر الأحمر منذ انسحاب 'يو إس إس هاري ترومان' في مايو الماضي، بالرغم من استمرار العمليات اليمنية التي تستهدف السفن المتجهة إلى موانئ الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو التي سبق لها خرق الحظر الذي فرضته صنعاء على دخول تلك الموانئ. ووفقًا للمجلة، فإن هذه التطورات تشير إلى نجاح القوات المسلحة اليمنية في فرض معادلة ردع بحرية جديدة، دفعت بالأسطول الأمريكي إلى التراجع عن مشهد المواجهة المباشرة. وفي هذا السياق، لفت التقرير إلى أن واشنطن اضطرت إلى التفاوض غير المعلن، في ظل الضغط المتصاعد، ما أفضى إلى اتفاق ضمني، أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاحقًا، وأدى إلى انسحاب شامل لحاملات الطائرات والمدمرات الأمريكية من مسرح العمليات في البحر الأحمر. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، إذ تكشف حدود القوة الأمريكية في التعامل مع تهديدات منخفضة التكلفة ولكن عالية التأثير، مثل تلك التي تنفذها القوات اليمنية ضمن عمليات الإسناد المباشر لغزة.