logo
السيد محمد الحلبوسي: بين الإبعاد والتبرئة..إعادة إثبات وجود في ساحة سياسية مضطربة

السيد محمد الحلبوسي: بين الإبعاد والتبرئة..إعادة إثبات وجود في ساحة سياسية مضطربة

موقع كتابات٠٤-٠٥-٢٠٢٥

يمر العراق بمرحلة سياسية تتلاطم فيها الأمواج بين الطبقات السياسية عموماً وبين كتل المكونات الواحدة، ولا يوجد أي استقرار ثابت بين الجميع. فالمرحلة السياسية الحالية تعتبر حرجة، إذ أصبحت التوجهات القضائية تتداخل بعض الشيء في مجالات معينة مع الحسابات العامة للعملية السياسية عموماً. وهذا ما نلاحظه يومياً من خلال الازدواجية في بعض قرارات المحكمة الاتحادية بإنهاء أو إعادة عضوية أحد أعضاء مجلس البرلمان العراقي أو إصدار مذكرات قضائية بحق بعض السياسيين ثم يتم الغاءها لاسباب مبهمة احيانا
وهذا ما نلاحظه في التداخلات التي مر بها رئيس مجلس النواب العراقي السابق السيد محمد الحلبوسي وما حدث من تطورات دراماتيكية بدأً من القرار الأول للمحكمة الاتحادية بانهاء عضويته البرلمانية، والذي أثار ضجة إعلامية كبيرة وربما كان صعقة كهربائية مميتة لدى بعض الأوساط السياسية. فبمجرد إعلان القرار، وما هي إلا لحظات حتى شاهدنا الجمهور الانتخابي لكتلة التقدم يتحول من وضع الزعامة المصدر للقرار في المكون السني إلى الشخص المدافع عن نفسه بكل الطرق القانونية. وبهذا القرار يقرأ كثيرون أن الزعامة السنية أصبحت من غير الممكن إنشاؤها أو تكوينها بدون مباركة أطراف دولية متعددة، وأن السيد الحلبوسي رغم كل ما قدمه في العمل السياسي من حنكة، وربما في أغلب القرارات تجده يمارس صلاحيات رئيس مجلس البرلمان العراقي بقوة وبدون تهاون حتى مع أعضاء الكتلة التي ينتمي إليها.
اليوم وبعد صدور قرار المحكمة الاتحادية بتبرئته من كل التهم المنسوبة إليه وإغلاق الملف نهائياً، قد تغير المشهد السياسي للسيد الحلبوسي وفتح الأبواب مجدداً حول مستقبل الزعامات السياسية السنية خاصة، وأن قرار المحكمة الاتحادية قد صدر في وقت تشهد فيه الساحة العراقية انقسامات سياسية واضحة وخاصة داخل البيت السني. وما زال الكثيرون يقرأونه على أنه انتصار للقانون العراقي، في حين ينظر إليه الآخر على أنه إعادة للوضع السياسي في المكون السني الجديد، على اعتبار أن القرار القضائي كان له ارتباط واضح باستهداف السيد الحلبوسي سياسياً والقيام بتقييده كونه أصبح نجماً سياسياً ساطعاً واضحاً في كل أرجاء السماء العراقية، وهذا ما أزعج الكثيرين من الخصوم سواء من الكتل الأخرى المشاركة في العملية السياسية العراقية أو من داخل البيت السني نفسه.
وبين هذا الترحيب من الكتل السنية والعشائرية وقرار التبرئة الذي اعتبره البعض تصحيحاً لمسار العدالة، في حين شككت أطراف أخرى بأنه قرار خضع لضغوط سياسية كثيرة، وهذا ما فتح النقاش حول موضوع استقلالية السلطة القضائية في العراق.
ومن خلال القراءة الواقعية لقرارات الإبعاد والتبرئة نجد انها قرارات قضائية لكنها كشفت الكثير من القضايا، أولها عمق الانقسام داخل القوة السنية. فلقد ذهب الكثيرون من سياسيي المكون وبصورة علنية واعتبروا أن إبعاد الحلبوسي من العملية السياسية فرصة لإعادة تشكيل القيادة السنية وربما سوف يكونون أحد هؤلاء القادة الجدد. بينما يخشى الآخرون من حدوث فراغ سياسي وخاصة مع عدم وجود شخصية بديلة تستطيع أن تملأ شخصية الحلبوسي التي باتت تمتلك حضوراً سياسياً وإقليمياً في العملية السياسية العراقية. ونحن نعرف جميعاً أن السيد الحلبوسي أصبح يتمتع بعلاقات قوية ومتوازنة مع دول كثيرة مثل تركيا وقطر والإمارات، وهذه العلاقات غير متوفرة لدى الكثير من السياسيين السنة الذين ما زالت خطاهم السياسيه تراوح داخل العراق فقط، ولذلك نجد أن إعادة تأهيله في الوقت الحاضر ليس بالأمر الصعب.
الآن أصبحت الكرة في ملعب الباص البرتقالي خاصة ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية جديدة، فهل سوف يستطيع السيد الحلبوسي تشكيل تحالف انتخابي كبير والفوز بعدة مقاعد في المحافظات ذات النفوذ السني الكبير، وسوف يطرح اسمه كرئيس لمجلس النواب القادم أم أنه سوف يبقى زعيماً لتيار سياسي مؤثر دون أي موقع رسمي في الدولة.
ورغم أننا جميعاً نعرف أن قرارات المحكمة الاتحادية بإبعاده لم تكن نهاية عمله السياسي، واليوم قرار التبرئة الذي حصل عليه بابطال جميع التهم الموجهة إليه لم يكن أيضاً بداية لعمله السياسي، وإنما الاثنان يمثلان أحد فصول مسيرة هذا الرجل الذي أصبح يجيد اللعب جيداً ومدركاً تماماً لكل التحولات التي يعيشها المشهد السياسي العراقي المضطرب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في دولة بلا قانون…!عزيز الدفاعي
في دولة بلا قانون…!عزيز الدفاعي

ساحة التحرير

timeمنذ 6 أيام

  • ساحة التحرير

في دولة بلا قانون…!عزيز الدفاعي

في دولة بلا قانون…! عزيز الدفاعي في دولة بلا قانون، لا يُحاكم المزوّر، بل يُكافأ بمنصب. في دولة يُكرَّم فيها الفاسد، ويُستبدل العقاب بالإقالة، ويُرفع شعار 'عفا الله عمّا سلف' حتى بحق من خان وتآمر وسرق. في دولة بلا قانون، تُباع الشهادات، وتُشترى المناصب، ويُعاد تدوير المتهمين والفاشلين في السلطة مرارًا، وكأن البلاد بلا شعب، بلا ذاكرة، بلا كرامة. ألم يُطرد محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان بتهمة التزوير؟ ومع ذلك، بقيت تهم الفساد تلاحقه دون محاسبة تُذكر ثم تم تبرئته من كل التهم !. أليس قانون العفو العام الذي أُقرّ ليشمل آلاف الفاسدين والمزورين إلا دليلًا صارخًا على شرعنة النهب المنظّم؟ وماذا عن عزّت الشابندر؟ ماذا جنى من صفقة العفو عن مشعان الجبوري ومحمد الدايني وخميس الخنجر؟ أليس هو نفسه من لعب دور الوسيط والمقايض السياسي، ليعود هؤلاء إلى الواجهة رغم ملفاتهم الثقيلة؟ ثم ماذا بعد؟ ها هو اليوم يظهر في الإعلام ليُلمّع صورة الإرهابي أبو محمد الجولاني، وكأن دماء آلاف العراقيين التي سفكها تنظيمه صارت موضوعًا قابلاً للتجميل السياسي! كيف يُعاد إلى السلطة من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين؟ كيف يُسوّق للإرهابيين بوصفهم 'زعماء معتدلين' فقط لأن المرحلة تتطلب ذلك؟ أليست هذه قمة الخيانة؟ أليس هذا استخفافًا بذاكرة الضحايا وعدالة الأرض والسماء؟ إن ما نشهده ليس مجرد خلل إداري أو سوء إدارة، بل انهيار أخلاقي وقانوني كامل. جمهورية 'خريجي سوق مريدي' باتت واقعًا لا مجازًا؛ تزوير في الشهادات، تلاعب في الألقاب، وفساد ممنهج يمر عبر قنوات الدولة الرسمية. القضاء الحقيقي لا يكتفي بطرد المزور من منصبه، بل يُحاسبه، يُجرّده من كل ما ناله بغير وجه حق، ويزج به في السجن ليكون عبرة. فحين يكون المزور عضوًا في البرلمان، ممثلًا عن 100 ألف مواطن، فإن خيانته مضاعفة، وجريمته أفدح. لكن في عراق اليوم، أقصى ما يُتخذ بحق من ينهب المال العام أو يتخابر مع جهات أجنبية، هو التقاعد المبكر أو الاستقالة الفخمة. والشعار المقدس للدولة تجاه المجرمين: 'عفا الله عما سلف'، رغم أن قوانين السماء والأرض تقضي بالقصاص والعدل. كم من كبار المسؤولين حصلوا على شهاداتهم الجامعية والدكتوراه بطرق غير قانونية؟ بلا تفرغ وظيفي، وبمال فاسد، من جامعات عربية وأجنبية ضعيفة، ليأتي قانون 'رقم 20' سيئ الصيت في البرلمان السابق ويشرعن هذا العبث! وفيما يُكافأ المزور، يُقمع المئات من حملة الشهادات العليا من الشباب، لأنهم خرجوا يطالبون بفرصة عمل أو حياة كريمة. أليس مصطفى مشتت (الكاظمي)، نموذجًا صارخًا لحالة التزوير؟ ووزراءوبرلمانيين وقاده احزاب ، وقائمة الأسماء تطول وتطول! بل أليس تزويرًا أن يُدمج في القوات الأمنية من لا علم له بالعسكرية، ليصبح لدينا أكثر من 200 ضابط برتبة فريق، بعضهم لم يدخل الكلية العسكرية قط؟ كيف يُبنى أمن دولة على رتب وهمية وكفاءات مشكوك بها؟ أما عن الإقليم، فحدّث ولا حرج. ملايين الموظفين الوهميين، آلاف الرواتب في مؤسسات غير فاعلة مثل السكك، وأكثر من 200 مليار دولار من عائدات النفط نُهبت، ثم تُحوّل لهم شهريًا 200 مليار دينار من نفط الجنوب المهمل الفقير! أين الدولة من استرداد أموال الوزراء والمسؤولين السابقين الذين هربوا بثروات العراق إلى الخارج؟ حسابات مصرفية، عقارات، استثمارات، والشعب يُترك يواجه الجوع والفقر وتقدم المتح السخيه لدول اخرى من اموال الشعب @؟ ومَن يُسائل من باع ميناء خور عبد الله للكويتيين في صفقة خيانة وطنية واضحة؟ من قبض الثمن من كبار المسؤولين؟ كيف مرّر أسامة النجيفي، رئيس البرلمان الأسبق، التصويت على هذه الاتفاقية دون استكمال النصاب، وكأن الأرض العراقية تُدار بتصفيق لا بدستور؟ أين الدولة من مساءلة هؤلاء؟ أم أن بيع الأرض أصبح وجهًا آخر من وجوه الصفقات المحمية بالتوافق السياسي؟ ثم ماذا عن 25 مليار دولار صُرفت باسم 'قانون الأمن الغذائي'؟ أين ذهبت؟ وأي غذاء هذا الذي لم يصل لفقراء العراق؟ لماذا لم تُكشف الحسابات؟ ولماذا لا يُسجن من استغل هذا القانون لنهب المال العام؟ وأين هي عصابة نور زهير وجوجي وهيثم الجبوري ومن معهم؟ أين التحقيقات؟ أين أوامر القبض؟ لماذا يتبخر الفساد حين يصل إلى أسماء 'محمية' سياسياً وطائفياً؟ أسئلة تحترق بها صدور العراقيين، ولا تجد من يملك الجرأة ليجيب. البلد يُنهب علناً، ولا يزال البعض يتحدث عن 'الإصلاح' و'العبور الآمن'! العدالة لا تبدأ من القاع، بل من القمة. ولا إصلاح بدون محاسبة… ولا وطن بلا قانون. ‎2025-‎05-‎17

خطورة خطاب الازدراء والتحريض الطائفي المتصاعد ضد شيعة العراق
خطورة خطاب الازدراء والتحريض الطائفي المتصاعد ضد شيعة العراق

موقع كتابات

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

خطورة خطاب الازدراء والتحريض الطائفي المتصاعد ضد شيعة العراق

تطوَّر بعض الخطاب السُّني العراقي الطائفي بشكل كبير نحو مزيد من التطرّف بعد سيطرة عصابات الجولاني على سوريا، وبدأ يتحوّل من شعورٍ بالنشوة والثقة بالنفس إلى تهديدٍ علني للشيعة، واستعدادٍ ميداني لمهاجمة النظام السياسي العراقي، والدعوة إلى العودة بالقوة لاحتكار السلطة في العراق، والانتقام من الشيعة. هذا الخطاب يقوم على وهمٍ كبيرٍ ينتجه عقلٌ أخرق، يشبه البناء على أرض طينية مشبعة بمياه آسنة، مما سيؤدي إلى غرق أصحابه ومروِّجيه وهلاك أتباعه. فهؤلاء الطائفيون الحالمون قد لا يدركون أن أمنهم واستقرارهم وثقتهم الحقيقية بأنفسهم لا تتحقق إلّا من خلال تعايشٍ إيجابي مع أهلهم الشيعة، في العراق والمنطقة، ومن خلال الكفّ عن التحريض ضدهم والتآمر عليهم، والقبول بالواقع الديموغرافي والسياسي العراقي. وخلاصة هذا الواقع هي أن العرب السنّة أقلية مذهبية وقومية (16% فقط من عدد سكان العراق)، في حين أن الشيعة يشكّلون الأغلبية الساحقة (65% من سكان العراق)، وأن السنة العرب لن يعودوا إلى احتكار السلطة في العراق، بل لن يتقاسموا قرار الدولة والحكم مع الشيعة مناصفةً، لا اليوم ولا غداً، ولا في المستقبل البعيد، حتى لو استعانوا بكل دول العالم، وليس فقط بعصابات الجولاني أو إرهابيي داعش والقاعدة، أو فلول البعث، أو حكّام تركيا والسعودية وقطر والأردن. فهذه الأوهام ينبغي أن تتلاشى إلى غير رجعة. أما المكابرة والاستغراق في الأحلام والاتكال على الخارج فلن تجديهم نفعاً، بل ستدخلهم في أنفاق مظلمة ومتاهات لا نهاية لها. ومن بديهيات مخرجات النظام الديمقراطي أن تكون مفاصل الدولة العراقية وقراراتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والأمنية بيد الشيعة، كما هو الحال في معظم دول العالم، حيث تتولى الأكثرية القومية أو المذهبية أو الدينية قيادة الدولة وإدارة الحكم. وقد بدأ الشيعة في العراق، منذ عام 2003، يتدرجون في امتلاك عناصر القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية والدينية والاجتماعية، حتى بلغوا مستويات غير مسبوقة منذ قرون طويلة. ولا يعلم كثير من العراقيين، سنة وشيعة، أن 20% فقط من عديد القوات المسلحة العراقية وعدتها، قادرة ــ بحسب المعطيات العسكرية ــ على الاستيلاء على دمشق خلال شهر واحد، وهو ما يجعل الاستقواء النفسي والدعائي بعصابات الجولاني لا يعدوا أن يكون عبثاً أخرق. ولعل من الواجب أن يسجد سنّة العراق لله شكراً كل يوم، على ما يتمتعون به من امتيازات كبيرة لا تحلم بها أي أقلية أخرى في العالم، بل لم يكونوا يتمتعون بها حتى في عهد النظام البعثي، وخاصة على مستوى أوضاعهم المعيشية والمالية والاقتصادية والدينية. كما ينبغي لهم أن يشكروا أهلهم الشيعة الذين لم يعاملوهم كما عاملهم نظام البعث السني، ولم يحمِّلوهم وزر طائفية ذلك النظام وعنصريته وظلمه وقمعه وتهميشه للشيعة، بل جعلوهم شركاء أساسيين في الحكم، ومنحوهم رئاسة أعلى سلطة تشريعية في الدولة، إلى جانب العديد من المناصب العليا التي يُحرم منها الشيعة في البلدان الأخرى التي يشكّلون فيها نسبًا تفوق نسبة السنة العرب في العراق بكثير. ويتزامن خطاب التحريض الطائفي المتصاعد ضد الشيعة مع خطاب الازدراء؛ فمفردات مثل 'الشروگ'، 'الصفويين'، 'العتاگه'، 'العجم'، 'الذيول' وغيرها، هي مصطلحات يستخدمها الطائفي العراقي للتعبير عن ازدرائه للشيعة والتحريض عليهم، دون أن يذكر كلمة 'الشيعة' مباشرة، مراوغةً وتجنّباً للمواجهة المباشرة. ويستهدف بهذا الأسلوب خداع بعض الشيعة المغفّلين أو المنسلخين عن هويتهم، لإيهامهم بأنه لا يقصدهم، بل يقصد فئات معينة. وهذا الأسلوب ليس جديداً؛ فقد كان يستخدمه النواصب والطائفيون سابقاً عندما كانوا يصفون الشيعة بالرافضة والغلاة والمشركين، لتجنّب المواجهة المباشرة معهم. وكان ابن تيمية التكفيري من أبرز من مارس هذه المخاتلات. وكان هناك من الشيعة من يبرّر صمته آنذاك، بزعم أنه ليس مقصوداً بتلك الأوصاف. وهو ما يحدث اليوم أيضاً؛ حيث يُقنع بعض الشيعة أنفسهم بأن مصطلحات مثل 'الشروگي'، أو 'الصفوي'، أو 'العجمي'، أو 'الذيل'، أو 'العتاگ' لا تستهدفهم، وإنما تستهدف مناطق أو وظائف أو تيارات سياسية ودينية بعينها. لكن الحقيقة أن الطائفي يقصد بهذه المصطلحات جميع الشيعة دون استثناء: إسلاميين أو علمانيين، مؤمنين أو ملحدين، متمسكين بهويتهم أو منسلخين عنها، حكّاماً أو معارضين، سياسيين أو دينيين. ومن أراد خداع نفسه والتهرّب من واجب الدفاع عن النفس، فذلك شأنه. ولا شك أن الاستمرار في التصعيد العدواني والتحريضي ضد الشيعة، والدفع بالبعثيين والتكفيريين نحو مزيد من التغلغل في مفاصل الدولة، والعمل على تخريبها من الداخل، واستخدام المصطلحات الطائفية والعنصرية بهدف الازدراء، والاستعانة بالأنظمة السنية الطائفية، يؤدي تلقائياً إلى ردود أفعال تصعيدية مقابلة من القواعد الشعبية والنخب الشيعية. لذلك، ينبغي مواجهة هذه الموجة المرَضيّة الجديدة المتصاعدة، ومنع انتشار عدواها وتحولها إلى وباء، وتنفيس احتقان الشارع الشيعي للحيلولة دون تفجّره، كما حدث في عامي 2006 و2014. ولعل الوسائل الآتية كفيلة بذلك: قيام المواطنين وممثليهم في مجلس النواب بمقاضاة كل مَن يستخدم هذا الخطاب وتلك المصطلحات الطائفية ويروج لها، بغض النظر عن صفته أو موقعه. مبادرة الادعاء العام بمقاضاتهم أيضاً استناداً إلى الحق العام، تمهيداً لاتخاذ قرارات قضائية صارمة وفرض عقوبات رادعة. التحضير لتنظيم احتجاجات شعبية مدنية. فرض العزلة السياسية على الأفراد والمجموعات الداعمة لهذا الخطاب. التفكير الجاد في تقنين شيعية الدولة العراقية، ثقافياً وقانونياً وسياسياً.

'تسفّل ' الخطاب الطائفي ومستقبل البلاد !
'تسفّل ' الخطاب الطائفي ومستقبل البلاد !

موقع كتابات

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

'تسفّل ' الخطاب الطائفي ومستقبل البلاد !

يقول جمال الدين الافغاني ' التسفّل أيسر من الترّفع ' وهي فكرة متحايثة مع الحقيقة الفيزيائية بأن كل محاولة ارتفاع تقاوم الجاذبية الارضية ، فيكون الصعود والارتقاء صعبا فيما الانحدار أو المنحدر يسلّم نفسه لقوة الجاذبية فيكون الانحدار سهلاً ! أسهم التسفّل مرتفعة وترتفع في الكتابات والتصريحات مع الانبثاق المبكر جداً للحملات الانتخابية ليتصدر الخطاب الطائفي المتسفّل واجهة الفضائيات والكتابات لجوقة من النكرات من محترفي التسفّل الأرخص والأسهل لدغدغة المشاعر السفلية لجمهور يفتقر الى الوعي ، والأكثر تحديدا حتى بعضا من الجمهور النخبوي وهو يتلقف تلك السموم التي تحرث في سرديات الماضي لاحباً بالمذهب ولا بالمكوّن بل تسفيلاً لهما معاً ، فالماضي لشريحة واسعة من الجمهور أقوى لديها من الحاضر . خطابات تسافلية موجهة لجمهور عادة مايتبنى الافكار الطائفية دفعة واحدة ، افكاراً لاتحتمل النقاش ولا المعارضة خاضعة لسلطة فردية ' اسطورية ' أو مؤسساتية دينية ضيقة يرفعها الخطاب الى مستوى التقديس للتحشيد الجماهيري في طرق كلّها تودي الى اللامستقبل ! خطابات منتجوها الاحزاب الاسلاموية فطبيعتها وبنيتها الايديولوجية طائفية ، فالحزب الاسلامي سنّي وحزب الدعوة شيعي والاثنان يدخلان الاننتخابات بخطاب طائفي مقيت وان كان عنوانه الوطنية العامة ، وفي خارج هذا المستنقع الطائفي لاوجود لهما ، ففكرة الطائفية تنمو وتترعرع وتؤثر وتستقطب في فضاءات جمهور غير واع جمهور يقيني جاهل منوّم مغناطيسياً بفكرة الخلاص التي لن تأتي ابداً ..الخلاص من جحيم الحاضر ولكن الى أين ..؟ الى كهوف الماضي حيث الطمأنينة الروحية المخادعة ! خطاب التسافل الطائفي خطابا تافهاً ومدمراً للدولة الوطنية الى الحد الذي يطلق فيه احد التافهين سمومه الطائفية بالقول ، ان السنّة قتلة وتافه آخر يختصر العملية السياسية بأحقية حكم الشيعة فقط تحت شعار الاغلبية الطائفية وهو شعار مناقض لأهداف الديمقراطية.. خطورة الخطاب الطائفي إنه يمهّد ويهيء الارضية الخصبة لتقسيم البلاد بتقبل فكرة الاقليم السني والدولة الشيعة والطموح الكردي وهو تقسيم لن يحدث الا بعد حرب أهلية ، فهل يدرك تفهة هذا الخطاب الى أين يودي خطابهم ؟ في فلم ' الكيف ' الذي انتج عام 1985 يطلب محمود عبد العزيز من شاعر يكتب الاغاني للمطربين ان يكتب له نصا غنائيا ، كتب الشاعر نصا جاداً رفضه المغني قائلا ' الناس لاتريد ذلك ' طالباً منه نصاً قصيراً واضحاً محددا وتافها ملخصاً مطلبه ' أريد كلمات تافهة سيدي' !!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store