
لبنان يُحاول الخروج من اللائحة الرمادية... ما أهمية التعاقد مع "K2 Integrity"؟
يأتي ذلك، وسط تساؤلات متزايدة عن مدى استعداده لتنفيذ إصلاحات حقيقية تتيح له استعادة ثقة مواطنيه أولاً ثم المجتمع الدولي.
وأبقت اللائحة الرمادية- التي تراقب عن كثب الدول المتعثرة في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب- لبنان تحت مجهر التدقيق الصارم وفق تقرير FATF الصادر في حزيران/ يونيو 2025، بالرغم من تقديمه خطة إصلاحية تمتد حتى 2026 سعياً لتجاوز مكامن الخلل وإظهار التزامه بالمعايير العالمية.
في هذا الإطار، أعلن مصرف لبنان توقيع اتفاقية مع شركة "K2 Integrity" الأميركية، في إطار جهوده للحد من الاقتصاد النقدي ومكافحة الأنشطة غير المشروعة. وتأتي الخطوة تأكيداً لالتزامه بالمعايير الدولية وسعيه للخروج من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF).
هل يُحال الملف إلى هيئة الشراء العام؟
وفيما يُفترض أن تخضع التلزيمات التي يجريها مصرف لبنان لهيئة الشراء العام، يؤكّد رئيس الهيئة جان العلية في حديث إلى "النهار"، أن "الهيئة تقوم بعملها وفقاً لما يفرضه عليها القانون، وعند اكتمال جميع العناصر، يمكن تحديد ما إذا كان الملف المتعلق بالاتفاقية مع K2 Integrity سيخضع أم لا".
ويضيف: "هناك تعاون كامل بين هيئة الشراء العام ومصرف لبنان، يسوده منتهى الإيجابية"، مشدّداً على أنّ "الهيئة باشرت بالإجراءات التي يفرضها عليها القانون في ما يتعلق بدراسة الاتفاقية".
ويشير العلية إلى أن "عمليات الشراء التي يجريها مصرف لبنان خارج إطار إصدار النقد وطباعة العملة تخضع لقانون الشراء العام، وذلك وفقاً لأحكام المادة الثالثة من هذا القانون"، كاشفاً أن "المركزي ينشر عقوده على موقع الهيئة".
وبحسب مصرف لبنان، فإن هذا التعاون مع "K2 Integrity" يُعتبر محطة محورية في جهود المركزي لاستعادة علاقاته السليمة مع المؤسسات الدولية والدول المانحة، لا سيما في ظل الانكماش الاقتصادي والمالي الذي يواجهه لبنان منذ عام 2019، وما رافقه من انهيار غير مسبوق في الثقة بالنظام المصرفي، نتيجة الأزمات المتراكمة وغياب الإصلاحات الهيكلية.
"ثلاثة محاور أساسية"...
الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، يشدد في حديثٍ لـ"النهار" على أن "أهمية التعاقد تكمن في ثلاثة محاور أساسية:
1- إعادة بناء الثقة الخارجية:
وجود جهة دولية ذات مصداقية كمستشار تقني يُعزز من ثقة المؤسسات الدولية وفرق التقييم التابعة لمجموعة FATF بأن هناك نية جدية لدى الدولة اللبنانية، وتحديداً مصرف لبنان، لسد الثغرات التقنية والتنظيمية التي أدت إلى إدراج لبنان على اللائحة الرمادية.
2- تعزيز أنظمة الامتثال والمراقبة:
K2 ستعمل على تطوير إجراءات معرفة العميل (KYC)، مراقبة التحويلات المالية، ضبط عمليات المؤسسات الخاضعة لمصرف لبنان، وتحسين التعاون بين السلطات الرقابية والأمنية، وهو ما تطالب به مجموعة العمل المالي بشكل صريح.
3- الإعداد لعملية التقييم المقبلة:
الدعم الذي ستقدمه K2 Integrity سيُساعد لبنان على إعداد تقارير التقدم الفني، وتحضير الملفات والأدلة المطلوبة لتقييم مدى التزامه بخطة العمل الموضوعة من قبل FATF. هذا التحضير يشكل عاملاً حاسماً في عملية الخروج من اللائحة الرمادية ضمن المهلة المحددة".
ويستدرك كلامه بالقول: "ولكن، لا يكفي التعاقد وحده، فنجاح هذه الخطوة مرهون بالتنفيذ الجاد للتوصيات، واستقلالية القضاء، وضبط المؤسسات غير الملتزمة، خاصة تلك التي تشكّل نقاط ضعف في النظام المالي، كجمعيات أو مؤسسات خارجة عن الرقابة الرسمية".
ويضيف أبو سليمان: "بكلام واضح، الرسالة التي يريد لبنان إيصالها عبر هذا التعاقد هي أن هناك تحوّلاً في الإرادة السياسية والمالية نحو الامتثال الدولي. ولكن ما سيحسم النتيجة هو سرعة التنفيذ، والشفافية، والقدرة على فرض القوانين بالتساوي على الجميع".
"علامات استفهام"...
على مقلبٍ آخر، يؤكد الخبير الاقتصادي خالد أبو شقرا، في تعليقٍ على هذه الاتفاقية، أن "اسم الشركة برز في لبنان قبل أشهر، حين تداولت وسائل الإعلام خبراً عن نية مصرف لبنان التعاقد معها، وهي فرع من شركة كرول العالمية المتخصصة في دراسة المخاطر المالية".
ويشير في حديثٍ لـ"النهار" إلى أن "هذه الخطوة أثارت حينها علامات استفهام عدّة، إذ بادرت النائبة بولا يعقوبيان إلى تقديم طلب مساءلة للحكومة، بشأن أسباب التعاقد مع هذه الشركة تحديداً، ولماذا لم يُحَل الملف إلى هيئة الشراء العام لإجراء مناقصة تتيح لشركات أخرى تقديم عروضها".
ويلفت أبو شقرا إلى أن "الحكومة لم تقدّم أي أجوبة واضحة، لا من وزارة المالية ولا من الوزارات المعنية الأخرى، على سؤال يعقوبيان في حينه"، متابعاً: "بدورها، نفت مصادر في مصرف لبنان إمكانية التعاقد مع تلك الشركة، باعتبار أن مشكلة تبييض الأموال في لبنان لا تقتصر على القطاع المصرفي، بل تشمل أيضاً قطاعات أخرى، مثل كتّاب العدل وتجار المجوهرات وسواهم".
وفي سياق حديثه، يشرح أن "لبنان يستفيد حالياً من مساعدة تقنية مقدَّمة من جهة أوروبية شبه حكومية تُدعى EU Global Facility. وتُشرف هذه الجهة على تنفيذ سبع من أصل 11 توصية، وتحديداً من البند الثاني إلى الثامن، التي حددتها مجموعة العمل المالي (FATF) كشرط لإزالة اسم لبنان من اللائحة".
ويُضيف أبو شقرا أن "هيئة التحقيق الخاصة تتولى متابعة البنود المتبقية، وهي البنود 1، 9، 10، 11، و12، نظراً لطابعها السري، وتسعى إلى معالجتها ضمن الإمكانيات المتاحة".
"أسئلة تتوجب توضيحاً"...
وستتولى شركة "K2 Integrity"، بموجب الاتفاق مع "مصرف لبنان"، تقديم الدعم الفني والاستشاري المتخصص لمصرف لبنان، بهدف تطوير خطة عمل دقيقة، تتضمن إجراءات عملية لتحديد الثغرات في النظام المالي وسدّ الفجوات التنظيمية، بما يعيد بناء الثقة المحلية والدولية بالمؤسسات المصرفية اللبنانية.
إلى ذلك، يطرح أبو شقرا عبر "النهار" تساؤلاً حول جدوى التعاقد مع هذه الشركة، "لا سيّما أن النائبة بولا يعقوبيان أشارت، في الكتاب الذي وجّهته إلى الحكومة، إلى أن كلفة التعاقد السنوية مع K2 Integrity تبلغ 4 ملايين دولار، ولمدة ثلاث سنوات، في وقت لم يصدر عن مصرف لبنان أي بيان يوضح لا الكلفة ولا المدة الزمنية للتعاقد".
كما يطرح سؤالاً آخر: "ما هي كلفة التعاقد الفعلية مع هذه الشركة؟ ولأي مدة زمنية؟"، مشيراً إلى أن "مجموعة العمل المالي منحت لبنان مهلة حتى عام 2026 للخروج من اللائحة الرمادية، وإذا كان التعاقد مع الشركة الأميركية يمتد لثلاث سنوات، فما هو الدور الذي ستؤديه في السنتين الأخيرتين؟ والأهم، في أي نقاط تحديداً ستساعد لبنان؟".
"إصلاحات مطلوبة"...
وفي معرض حديثه عن الإصلاحات البنيوية المطلوبة، يُشدّد أبو شقرا على أن "مجموعة العمل المالي حدّدت 11 شرطاً، تتركز بمعظمها على مراقبة ومعالجة عدد من القطاعات، مثل كتّاب العدل، المحامين، وتجارة الأحجار الكريمة، بالإضافة إلى القطاع النقدي. ويُفترض تنفيذ هذه الشروط من خلال إدخال تعديلات تشريعية تُحدّ من التلاعب والأخطاء في هذه المجالات، عبر تشديد العقوبات وتطبيقها بصرامة، وتفعيل التنسيق بين الوزارات والإدارات المعنية، من وزارة العدل إلى وزارة المالية، ووحدة التحقيق الخاصة، وهيئات الرقابة المصرفية".
ويتابع في حديثه إلى "النهار": "هناك أيضاً إصلاحات أخرى مطلوبة، مثل الحدّ من الاقتصاد النقدي، وإجراء إصلاحات وتدقيقات في القطاع المصرفي، وهي من بين مطالب صندوق النقد الدولي، وتُساهم في الحدّ من عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في لبنان".
مع وجود عهد جديد، يبقى ألا تطول الطريق أمام لبنان لاستعادة مكانته المالية والاقتصادية، الذي يتطلب قبل كل شيء إرادة سياسية صادقة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتطبيق القوانين بحزم وشفافية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 13 دقائق
- ليبانون 24
أفضل منصات تبادل العملات المشفرة في 2025
شهدت سوق العملات المشفرة تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت السرعة عاملاً حاسمًا في تجربة المستخدم، سواء للمتداولين النشطين أو المستثمرين الباحثين عن الكفاءة والمرونة في بيئة متقلبة. ومع هذا التحول، أصبحت منصات تبادل العملات المشفرة (Swap Platforms) أداة أساسية للانتقال الفوري بين العملات الرقمية، متجاوزةً تعقيدات البورصات التقليدية. لماذا يفضل المستخدمون منصات التبادل الفوري؟ - سهولة الاستخدام: لا حاجة لحساب أو دفتر أوامر معقد. - سرعة التنفيذ: غالبًا ما تتم المبادلات في غضون دقائق. - خصوصية أعلى: بعض المنصات لا تتطلب التحقق من الهوية (KYC). - دعم السلاسل المتقاطعة: القدرة على التبديل بين أصول تعمل على شبكات مختلفة مثل Ethereum وBNB Chain وSolana. - غير احتجازية: لا يتم تخزين أموالك على المنصة، مما يقلل من مخاطر الاختراق. إليك نظرة على أسرع 5 منصات لتبادل العملات المشفرة في عام 2025: 1. ChangeNOW – الأفضل بشكل عام السرعة: أكثر من 98% من المبادلات تُنفذ في أقل من دقيقتين. التنوع: يدعم أكثر من 1500 أصل رقمي على 110+ سلسلة بلوك تشين. الخصوصية: بدون حساب – KYC مطلوب فقط في حالات محددة. الدعم: متوفّر على مدار الساعة. مزايا إضافية: استرداد نقدي للمستخدمين المتكررين، وتطبيق Telegram سهل الاستخدام. 2. Changelly – الأفضل للباحثين عن أسعار ثابتة الموثوقية: تاريخ نظيف منذ 2016 دون اختراقات. الأسعار: يدعم خيار "Fixed Rate" لتجنب تقلب الأسعار أثناء التنفيذ. الرسوم: ثابتة عند 0.5%. الواجهة: بسيطة وسهلة، تدعم أكثر من 100 أصل. 3. SimpleSwap – الأفضل للعثور على أفضل الأسعار من خلال السيولة المجمعة التقنية: يجمع السيولة من منصات متعددة لتقديم أفضل عروض السوق. المرونة: يدعم أكثر من 1500 أصل، مع خيار شراء العملات بالبطاقات البنكية. التكامل: يدعم الويب ، iOS، android ، مع واجهة برمجة تطبيقات (API). الملاحظات: الرسوم غير واضحة تمامًا (تُدمج مع رسوم الشبكة). 4. EasyBit – الأفضل لحماية كبار المتداولين من تقلبات السوق ميزة حصرية: وضع "حماية التقلبات" VPM يعيد الأموال في حال تغير السعر أثناء المعاملة. الرسوم: 0.2% فقط، مع برنامج خصم VIP. الأمان: خوارزميات متقدمة، وأنظمة مراقبة نشاط مشبوه. القيود: يدعم 42 عملة فقط، لكنه مثالي للمحترفين. 5. SwapSpace – الأفضل لمقارنة الأسعار عبر البورصات الوظيفة: يجمع الأسعار من شركاء مثل Changelly وChangeNOW. الموثوقية: غير احتجازي، بدون حساب أو KYC. الأداء: متوسط زمن المعاملة من 15 إلى 20 دقيقة. القيود: غير متاح للمقيمين في الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى.


الديار
منذ 4 أيام
- الديار
محاولات جدية للخروج من اللائحة الرمادية رغم بطء تطبيق الاصلاحات التي تطالب بها" فاتف " الكاش النقدي ابرز العوائق واقرار قانون الاصلاح المصرفي على الطريق
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب الدولة اللبنانية في سباق مع الوقت قبل ان يأتي فصل الخريف حيث من المقرر ان تجتمع مجموعة العمل المالي ( فاتف ) لتناقش الوضع المالي في لبنان وان كان تقيد بالشروط التي وضعتها المجموعة لاخراجه من اللائحة الرمادية او انتقاله الى اللائحة السوداء في حال تم تقيده لهذه الشروط او اعطائه فرصة اخرى اذا كانت هذه المجموعة لاحظت انه يقوم بتنفيذ هذه الشروط التي تحتاج الى وقت . واذا كان مصرف لبنان هو اول من سعى الى تنفيذ هذه الشروط من حيث ضبط السوق النقدية ومنع التعامل مع مؤسسات مالية ومنها مؤسسة القرض الحسن فأن الوزارات المعنية كانت قد باشرت بتطبيق هذه الشروط كل واحدة حسب اختصاصها :وزارة المالية عمدت الى تدريب موظفيها لاعتماد الاونلاين وتدريب موظفي تحصيل الضرائب ومحاربة مهربي عدم دفع الضرائب ،كما شكلت وزارة العدل لجنة من الخبراء الاختصاصيين في القطاع العام والخاص لتنفيذ الاصلاحات المطلوبة من وزارة العدل على صعيد القضاء ،كما ان وزارة الداخلية ستفعل عملها في مكافحة تبييض الاموال ومكافحة الارهاب . كما ان مصرف لبنان ابرم اتفاقية تعاون مع شركة K2 Integrity الأميركية الرائدة في مجال إدارة المخاطر العالمية، والامتثال، والتحقيقات المالية، وذلك في إطار جهود المصرف الرامية إلى مكافحة توسّع الاقتصاد النقدي، والتصدي للأنشطة غير المشروعة والاحتيالية بكافة أشكالها. تأتي هذه الخطوة في سياق مسعى مصرف لبنان للخروج من "اللائحة الرمادية" الصادرة عن مجموعة العمل المالي (FATF)، حيث ستُقدّم شركةK2 Integrity الدعم الفني والاستشاري اللازمين لاعتماد وتنفيذ الإجراءات التي تساهم في تعزيز أنظمة مكافحة غسل الأموال(AML) ومكافحة تمويل الإرهاب(CFT) في لبنان. وسيعتمد مصرف لبنان على الخبرات المتخصصة والانتشار الدولي لشركة K2 Integrity من أجل وضع وتنفيذ خطة عمل دقيقة تستهدف تحديد الثغرات النظامية، وسدّ الفجوات التنظيمية، والعمل على استعادة الثقة بالنظام المالي اللبناني على الصعيدين المحلي والدولي. وقد تناول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل إدراج لبنان ضمن اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، مما يضعه تحت الرقابة. وتطرق إلى التوصيات الضرورية التي يجب على المؤسسات الالتزام بها، بما في ذلك العلاقات مع المصارف والتحويلات المالية إلى الخارج. وأشار إلى الإجراءات العشرة التي وضعتها مجموعة العمل المالي، مؤكداً على ضرورة تسريع تنفيذها للخروج من اللائحة الرمادية، حيث تشمل بعض هذه الإجراءات التركيز على الشركات غير المالية وتعزيز الرقابة على الجمعيات غير الحكومية وغير الشرعية، مع ضرورة استثناء المساعدات الخارجية وأموال المغتربين. وأكد أيضاً على أهمية تكثيف الملاحقات القانونية،، مشدداً على دور النظام القضائي في هذا السياق. وأكّد أنّ "الإصلاح لا يتجزأ. وصحيح أنه يقال ألا اقتصاد من دون مصارف، ولكن لا اقتصاد من دون بسط سيادة الدولة على أراضيها كافة وبدون أحادية السلاح واحتكار قرار السلم والحرب من قبل السلطة ومن دون ترسيم الحدود وضبط التهريب ومن دون استقلالية القضاء... ومن دون مكافحة اقتصاد الظل". على اية حال ،فان الجميع منخرط في انجاز الاصلاحات الضرورية للخروج من اللائحة الرمادية والعودة الى اللائحة الطبيعية انطلاقا من مجلس الوزراء مرورا بالمجلس النيابي واقراره قانون رفع السرية المصرفية وقرب اقرار قانون الاصلاح المصرفي ومعالجة الفجوة المالية ووصولا الى مصرف لبنان عبر حاكمه الذي يسعى بكل الوسائل لهذه العودة املا برفع لبنان من اللائحة الرمادية ولكن يواجه هذا الرفع استمرار زيادة في حجم الاقتصاد غير الشرعي والكاش النقدي الذي بات يشكل ٦٠ في المئة من حجم الاقتصاد العام ،ويبقى الحكم في التنفيذ .

القناة الثالثة والعشرون
منذ 6 أيام
- القناة الثالثة والعشرون
نهاية عصر الكاش!؟
تعقد مجموعة العمل المالي الدولية اجتماعها نصف السنوي في تشرين الأول المقبل وذلك بهدف أخذ القرار في ما يخص تصنيف الدول على اللوائح الرمادية والسوداء. والمعروف أن هذه المجموعة تلتئم مرتين في السنة : في شهر أيار لمراجعة وتقييم الإصلاحات التي تقوم بها الدول لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وفي شهر تشرين الأول لأخذ قرار تصنيف هذه الدول. ولبنان المُدرج على اللائحة الرمادية منذ تشرين الأول من العام 2024، لم يقم بأي خطوة تذهب باتجاه معالجة نقاط القصور التي رفعتها المجموعة في تقريرها إلى السلطات اللبنانية. أكثر من ذلك، تشارك الدولة اللبنانية وتشجّع استخدام الكاش من خلال دفع الضرائب والفواتير والرسوم نقدًا. وبالتالي، احتمال إدراج لبنان على اللائحة السوداء عالٍ جدًا في غياب المعالجة الحكومية. في خطّوة استباقية لاحتمال إدراج لبنان على اللائحة السوداء، قام حاكم مصرف لبنان كريم سعيّد بإرسال تعميم إلى المصارف يمنع فيه التعامل مع المؤسسات المالية والصرافين الذين لا يحملون تراخيص. وإذا كان الرأي العام قد رأى في هذه الخطوة إجراءات موجّهة ضدّ القرض الحسن فقط، فإن قراءة التعميم بتعمّق، تُشير إلى أن الرسالة الأساسية هي أن نهاية عصر الكاش قد بدأت. الخطوة الثانية التي قام بها سعيّد هي توقيع عقد استشاري مع شركة الاستشارات الأميركية «K2 Integrity»، وذلك بهدف استعادة الثقة الدولية بالنظام المالي اللبناني. هذا الأمر يمكن استنتاجه من المعلومات المتداولة عن العقد ومن الإطار السياسي والاقتصادي العام. وبالتالي وبحكم مكانة وسمعة هذه الشركة، من المتوقّع أن يكون لها دور أساسي في رفع اسم لبنان عن اللائحة الرمادية – أو أقلّه عدم إدراجه على اللائحة السوداء مع ما لذلك من تداعيات كارثية. أهداف الاتفاقية تتمحّور الاتفاقية حول ثلاثة أهداف رئيسية: أولًا - مكافحة الجرائم المالية: تُمثل هذه الاتفاقية ردًا مباشرًا على التعاملات الاقتصادية والتجارية غير القانونية المخالفة للقانون 44/2015، وعلى نمو اقتصاد الكاش – مصدر كل الشبهات. ثانيًا – الخروج من اللائحة الرمادية: هذا الهدف بحدّ ذاته هو أولوية للبنان إذا ما أراد عودة الاستثمارات الخارجية مع ما لها من دور كوقود للاقتصاد. الجدير ذكره أن مجموعة العمل المالي الدولية وضعت لبنان تحت مراقبة مشددة نظرًا الى أوجه القصور الاستراتيجية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبالتالي تراجعت الاستثمارات بشكل كبير واقتصرت على الداخل بجزءٍ بسيط. ثالثًا – إستعادة الثقة بالنظام المالي: من المتوقّع أن يكون لشركة «K2 Integrity» دور أساسي في تقديم المشورة لضمان تنفيذ الإصلاحات اللازمة التي تُلبّي مطالب مجموعة العمل المالي الدولية. وهذا الدور يتمثّل بوضع خطة عمل صارمة لمواجهة القصور في إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب (والمساعدة في تنفيذها؟). ومن المفترض أن يُعطي توقيع الشركة ضمانة لمجموعة العمل المالي الدولية ويعيد الثقة العالمية والداخلية بالنظام المالي اللبناني. مكافحة اقتصاد الكاش بناءً على المعلومات المقدمة على صفحة الإنترنت الخاصة بشركة «K2 Integrity»، ترتبط خدمات الشركة ارتباطًا مباشرًا باقتصاد الكاش وكيفية دمجه الأمثل بالنظام المالي الرسمي. وبحسب المعطيات المتداولة، وُضعت خطة لتصنيف اقتصاد الكاش بحسب مستوى المخاطر: أولًا – الفئة الخضراء: وهي الأموال المودعة من قبل المواطنين في منازلهم. وبالتالي الهدف الأساسي هو إعادة هذه الأموال إلى مكانها الطبيعي أي المصارف (إلى حساب المودع). وتبقى أسئلة يجب على المعنيين الإجابة عنها: هل سيتمّ التحقق من مصدر هذه الأموال؟ وماذا لو عجز المواطن عن إثبات مصدر الأموال؟ هل سيتمّ استخدام بياناته المصرفية للتحقّق من قدرته على امتلاك المبلغ الموجود في المنزل؟ ثانيًا – الفئة الصفراء: وهي الأموال التي تدخل إلى لبنان من دون وجود أوراق رسمية تُبرّر دخولها أو حتى معرفة السلطات اللبنانية بها. وبالتالي، سيتمّ وضع معدات تقنية على الحدود البرية والبحرية والجوية للتحقق من مصدر هذه الأموال وقيمتها. ومن المتوقّع أن تتمّ مصادرة هذه الأموال لمصلحة الدولة اللبنانية في حال عدم التصريح عنها وعدم قدرة أصحابها على تبرير مصدرها كما ينصّ عليه القانون 42\2015 (التصريح عن نقل الاموال عبر الحدود). ثالثًا – الفئة الحمراء: وهي الأموال المرتبطة بالأعمال غير المشروعة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون 44\2015 وتشمل الفساد وتجارة المخدرات والأسلحة والاتّجار بالبشر وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي والفساد في القطاع العام... وهذه الأموال ستتمّ مصادرتها فورًا من قبل السلطات اللبنانية. وضع هيكلية مراقبة في الواقع ومما تقدّم، نرى أن عمل شركة K2 Integrity يشمل بالدرجة الأولى وضع إطار هيكلي للرقابة والتقييم. وبحسب كل حالة سيتمّ إمّا إعادة الأموال إلى القطاع المصرفي (إلى حساب المودع) وإمّا مصادرة الأموال غير المشروع منها (إلى حساب خاص في مصرف لبنان). وهو ما يوحي بالكثير من التغيّرات على عدة أصعدة نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر، توحيد المعلومات المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية عن الفاسدين كما ورد في تقرير مجموعة العمل المالي الدولية بتاريخ كانون الأول 2023. منهجية عمل الشركة من البديهي القول إنه لا يتمّ التصريح عن منهجية الشركة لغير المعنيين بالاتفاقية، ولكن يمكننا وضع تصوّر لما ستكون عليه هذا المنهجية: أولًا – تقييم المخاطر: تحديد المناطق عالية المخاطر، والثُغر في النظام، وأوجه القصور في الإطار التنظيمي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ثانيًا – وضع برامج امتثال أكثر ملاءمة لحالة لبنان وبالتحديد وضع إجراءات أكثر صرامة في ما يتعلق بعمل المصارف والمؤسسات المالية وعلى رأسها تعزيز آلية تقديم تقارير الأنشطة المشبوهة (SARs) وتقارير معاملات العملات (CTRs) لتتبع تدفق الأموال. ثالثًا –إعتماد التكنولوجيا: تقديم حلول تكنولوجية متطورة مبنية على الذكاء الاصطناعي، تسمح بالتحقق من البيانات المالية وتتبع المعاملات المالية المشبوهة، وتحديد المعاملات الخطرة واستطرادًا الأموال غير المشروعة. رابعًا – تعزيز أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: نعتقد أن هذا الأمر هو الردّ المباشر على شرط سحب اسم لبنان من اللائحة الرمادية. ومن بين الخدمات التي قد تُقدّمها الشركة في هذا الإطار لمصرف لبنان، التدريب على التنظيم المالي وأفضل الممارسات الدولية، ومواءمة الرقابة المالية في لبنان مع القواعد الدولية (بالتحديد قانون باتريوت وقواعد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية). خامسًا – الشركة مع القطاع الخاص: التركيز على الشركة بين السلطات الرسمية والمؤسسات الخاصة لتوفير تعاون واستجابة سريعة لمكافحة الجرائم المالية. وقد يترجم هذا الأمر من خلال قانون أو من خلال توقيع المؤسسات على تعهدات تلتزم فيها التصريح عن العمليات المشبوهة. في الختام، من الواضح أن الشركة لا تحمل عصًا سحرية، إلا أن منهجية عملها وخبرتها الواسعة قد تُعيد إلى لبنان الثقة الدولية بنظامه المالي، وتعفيه من تداعيات اللائحة السوداء الكارثية. جاسم عجاقة - الديار انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News