
ترامب يستبعد وقف إطلاق نار فوريا في أوكرانيا ويدفع مباشرة نحو اتفاق سلام
ولكن بعد عودته إلى العاصمة الأميركية، قال ترامب في منشور عبر منصته تروث سوشال 'قرّر الجميع أنّ أفضل طريقة لإنهاء الحرب المروّعة بين روسيا وأوكرانيا، هي الذهاب مباشرة إلى اتفاق سلام من شأنه أن ينهي الحرب، وليس مجرد اتفاق لوقف إطلاق النار لا يصمد في كثير من الأحيان'.
وأضاف 'إذا سارت الأمور على ما يرام، فسنحدد موعدا للقاء مع الرئيس بوتين'، مشيرا إلى أن قمة ثلاثية مع الرئيسين الروسي والأوكراني 'من المحتمل أن تنقذ حياة ملايين الأشخاص'.
وفي اتصال مع الزعماء الأوروبيين، قال ترامب إن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، وهو ما أشاد به المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووصفه بأنه 'تقدم كبير'.
لكن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس اتهمت بوتين بعد القمة بالسعي إلى 'إطالة أمد المفاوضات' دون أي التزام بإنهاء إراقة الدماء، مضيفة 'الحقيقة المحزنة هي أن روسيا لا تنوي إنهاء هذه الحرب في أي وقت قريب'.
وأفاد مصدر وكالة فرانس برس بأن ترامب يؤيد مقترحا قدمته روسيا يقضي بسيطرتها بشكل كامل على منطقتين أوكرانيتين وتجميد خط المواجهة في منطقتين أخريين تسيطر عليهما جزئيا.
– زيلينسكي يعود للبيت الأبيض –
بعد قمة ألاسكا، ينتقل التركيز الدبلوماسي إلى محادثات زيلينسكي مع ترامب المرتقبة في واشنطن الاثنين.
وأفاد مصدر أوروبي وكالة فرانس برس بأنه تمت دعوة عدد من المسؤولين الأوروبيين لحضور اللقاء.
انتهت الزيارة الأخيرة للرئيس الأوكراني إلى البيت الأبيض في شباط/فبراير بمشادة كلامية غير معتادة، انتقد خلالها ترامب ونائبه جاي دي فانس زيلينسكي علنا لعدم إظهاره ما يكفي من الامتنان للمساعدة الأميركية في صد الغزو الروسي.
وقال زيلينسكي السبت بعد محادثة 'جوهرية' مع ترامب حول قمة ألاسكا إنه يتطلع إلى زيارته في واشنطن ومناقشة 'كل التفاصيل المتعلقة بإنهاء القتل والحرب'.
في مقابلة مع قناة فوكس نيوز بعد اجتماعه مع بوتين، أشار ترامب إلى أن العبء يقع الآن على عاتق زيلينسكي لتأمين اتفاق سلام بينما يعمل على عقد قمة ثلاثية مع بوتين.
وقال ترامب 'الأمر يعود حقا للرئيس زيلينسكي لإنجازه. وأود أيضا أن أقول إن على الدول الأوروبية أن تشارك قليلا، لكن الأمر يعود للرئيس زيلينسكي'.
وفي موسكو، قال بوتين السبت إن محادثاته مع ترامب جاءت 'في الوقت المناسب' وكانت 'مفيدة للغاية'.
وشدّد الرئيس الروسي على أن 'المحادثات كانت صريحة وجوهرية للغاية، وهي في رأيي تقرّبنا من القرارات اللازمة'.
وكان بوتين قد حذّر في تصريحاته بعد قمته مع ترامب، كييف والأوروبيين من وضع 'عقبات' أمام عملية السلام أو 'محاولات تعطيل التقدم الناشئ من خلال الاستفزازات أو المكائد الخفية'.
– ضغط أوروبي –
من المقرر أن يستضيف زعماء فرنسا وبريطانيا وألمانيا اجتماعا عبر الفيديو الأحد لما يسمى 'تحالف الراغبين' لمناقشة سبل المضي قدما في تسوية الحرب.
وفي بيان سابق، رحب الأوروبيون بفكرة عقد قمة بين ترامب وبوتين وزيلينسكي، لكنهم أضافوا أنهم سيواصلون الضغط على روسيا في غياب وقف إطلاق النار.
وجاء في البيان 'طالما استمر القتل في أوكرانيا، فنحن على استعداد لمواصلة الضغط على روسيا. سنواصل تشديد العقوبات والتدابير الاقتصادية المحدّدة الأهداف، للتأثير على اقتصاد الحرب الروسي إلى أن يتم تحقيق سلام عادل ودائم'.
وفيما كان الرئيسان يعقدان قمتهما في ألاسكا، شنّ الجيش الروسي هجوما على أوكرانيا بواسطة صاروخ بالستي و85 مسيّرة، وفقا لسلاح الجو الأوكراني.
وقال سلاح الجو في بيان إنه أسقط ليل الجمعة السبت 61 من المسيّرات بعضها من نوع 'شاهد' الإيرانية التصميم.
في الموازاة، أعلنت القوات الروسية السيطرة على بلدتين في شرق أوكرانيا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 3 ساعات
- الشروق
رد غير متوقع من فتاة على رسالة ميلانيا ترامب لبوتين وسط الحرب!
في مفاجأة غير متوقعة، نشرت فتاة من إحدى المناطق المتأثرة بالصراع الدائر في أوكرانيا ردا قويا على رسالة سيدة أمريكا الأولى ميلانيا ترامب التي أرسلتها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبعثت فاينا سافينكوفا من سكان جمهورية لوغانسك التي انضمت إلى روسيا رسالة إلى ميلانيا ترامب زوجة الرئيس الأمريكي تحدثت فيها عن معاناة أطفال لوغانسك من القصف الأوكراني 11 عاما، وفقا لموقع روسيا اليوم. ووجهت الفتاة اتهامات لفلاديمير زيلينسكي بتحمل مسؤولية مقتل أطفال المنطقة، وطلبت من ميلانيا ترامب المساعدة في إنهاء المعاناة وأكدت أن وقف الحرب يتطلب الضغط على زيلينسكي أولا. وأشارت إلى استمرار مقتل الأطفال بسبب النزاع الذي قالت إن أوروبا والرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ساهما في إشعاله. وأشارت إلى وجود نصب تذكارية في دونيتسك ولوغانسك لأطفال قتلوا بسبب القصف الأوكراني. وكشفت عن تعرضها للملاحقة بعد خطابها أمام الأمم المتحدة عام 2021، حيث نشرت بياناتها الشخصية على موقع 'ميروتفوريتس' النازي الأوكراني لملاحقة معارضي نظام كييف، محذرة من وجود معلومات عن حوالي 400 طفل على الموقع نفسه. وأعربت عن أملها في دعم ميلانيا ترامب قضية الأطفال، مشيرة إلى الرسالة التي بعثتها ميلانيا لبوتين وأكدت فيها على حق كل طفل في العيش بسلام وأمان. ما الذي تضمنته الرسالة التي بعثتها زوجة ترامب لبوتين؟ وسلّم ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة من زوجته حول 'محنة الأطفال في أوكرانيا وروسيا'، في الوقت الذي يعاني فيه أطفال غزة التجويع والقتل الممنهج. اجتمع ترامب مع بوتين لمدة ثلاث ساعات تقريبا يوم الجمعة في قاعدة عسكرية أمريكية في أنكوريج، ألاسكا. في أول اجتماع لهما منذ 6 سنوات، ناقش الزعيمان الحرب في أوكرانيا، وسعى ترامب إلى تحقيق 'السلام' في المنطقة، لكن المحادثات لم تسفر عن اتفاق لوقف إطلاق النار. وصرح مسؤولان في البيت الأبيض لرويترز بأن ميلانيا ترامب، المولودة في سلوفينيا، كتبت رسالة إلى بوتين ذكرت فيها اختطاف الأطفال في الحرب التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات، وقد سلمها ترامب لبوتين خلال القمة. وفي حين أن العدد الدقيق للأطفال المفقودين لا يزال غير واضح، أفاد معهد دراسة الحرب في مارس الماضي أن أوكرانيا تحققت من ترحيل روسيا لما يقرب من 19 ألف طفل. لكن منظمة الأبحاث غير الربحية قالت: 'من المرجح أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير لأن روسيا تستهدف الأطفال الضعفاء بشكل متكرر دون وجود من يدافع عنهم'. في مارس 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين، متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب تتمثل في ترحيل الأطفال ونقلهم بشكل غير قانوني من المناطق المحتلة في أوكرانيا إلى روسيا، وفقا لما نشرته صحيفة independent.


إيطاليا تلغراف
منذ 4 ساعات
- إيطاليا تلغراف
من الرابح في قمّة ألاسكا؟ - إيطاليا تلغراف
إيطاليا تلغراف حسن مدن كاتب وباحث من البحرين من المبكّر جداً تحديد مَن مِن الرئيسَين الأميركي والروسي؛ ترامب وبوتين، الرابح في القمّة التي جمعتهما في ولاية ألاسكا، ودامت نحو ثلاث ساعات، أو على الأقل من كانت مكاسبه السياسية من اللقاء أكبر من الآخر، إذا افترضنا، حكماً من تصريحات الرئيسَين في المؤتمر الصحافي الذي تلا لقاءهما، أنّ اللقاء كان إيجابياً ومثمراً بالنسبة إليهما، رغم أنّ القمّة، وكما كان متوقعاً، لم تصل إلى اتفاقٍ بشأن سيناريو إنهاء الحرب في أوكرانيا، فالموضوع أكثر تعقيداً وتداخلاً ومتعدّد اللاعبين من أن يحسم في لقاءٍ أول غاب عنه الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وكذلك بالنظر إلى حجم الضغوط الأوروبية التي مورست وتمارس على ترامب محذّرة إياه من الوقوع في 'فخٍّ' قد ينصبه له بوتين. ورغم ذلك، أعلن الجانبان عن تفاهمات أوليّة تفتح الباب أمام اجتماعات مقبلة. لا يمكن التعويل على تصريحات الرئيس الأميركي فقد تنفيها تصريحات لاحقة له بعد ساعات أو أيام كما عهدنا ذلك منه، خاصة في الفترة الأخيرة، ولكن يُستشف مما قاله أنّ قناعته السابقة بضرورة تقديم أوكرانيا تنازلات لا بدّ منها لحلّ الصراع قد تعزّزت، حين قال بعد اللقاء 'إنّ الكرة باتت في ملعب الرئيس الأوكراني لإبرام اتفاق سلام'، مشيراً إلى أنّ روسيا قوّة كبيرة من الصعب هزيمتها، وزاد على ذلك هذه المرّة قوله 'إنّ روسيا مهتمّة بصدق بوضع حدّ للصراع'، داعياً إلى أخذ 'مخاوفها المشروعة' بعين الاعتبار، وهي أقوال يطيب لبوتين سماعها، وأعاد تأكيدها في المؤتمر الصحافي: 'قلتُ أكثر من مرّة إنّ الأحداث في أوكرانيا بالنسبة لروسيا مرتبطة بتهديدات أساسية لأمننا القومي'. سبق لترامب أن خاطب الأوروبيين بما مفاده: انظروا كم أنفقتم من الأموال في هذه الحرب من دون أن تفلحوا في إنهائها لصالح كييف، وبعد لقائه مع بوتين حثّهم على التدخل لحمْل زيلينسكي على قبول 'التفاهم' بينه وبوتين، الذي قد يجلب السلام إلى أوكرانيا، من دون أن يقدّم أيّ تفاصيل حوله، ومومئاً إلى أوروبا حذّر بوتين من 'محاولات لتعطيل التقدّم الناشئ من خلال الاستفزازات أو المكائد الخفيّة'. اهتمت وسائل الإعلام بلغة الجسد في لقاء الرجلَين، كي تستشفّ منها مقدار التواؤم أو التنافر بينهما، فخلصت معظمها إلى أنّهما بَدَوا سعيدَين باللقاء، الذي يسّر لبوتين أن تطأ قدماه للمرّة الأولى أرضاً غربية منذ بداية الحرب الأوكرانية، وقالت هذه الوسائل 'إنّ اللقاء تخلّلته إيماءاتٌ ودودةٌ بين ترامب وبوتين'، إذ صفّق الأول للثاني بيديه وهو يقترب منه، ثم مدّ بوتين يده بابتسامة دافئة نحو ترامب، الذي جذبه إلى مساحته الشخصية، بل وضع يده على كتفه، ما يعكس 'صلة حقيقية' وليست عدائية، وأنّ الانطباع العام عن اللقاء يوحي بالراحة والثقة بين الرجلَين. وبعد انتهاء اللقاء، قام بوتين بخطوة رمزية بوضع الزهور على قبور الطيارين السوفييت في مقبرة فورت ريتشاردسون بألاسكا، التي تضمّ 14 قبراً لسوفييتيين، كأنّه أراد إيصال رسالة أنّه يفترض بالمكان أن يذكّر قادة البلدين بأخوّة السلاح بين شعبيهما، بالتزامن مع الذكرى الثمانين للنصر على ألمانيا النازية وعسكريي اليابان، ولعلّ مجمل هذه المؤشرات تفسر ما قاله ترامب لشبكة 'فوكس نيوز' إنّه يعطي لقاءه مع بوتين الرقم '10' على مقياس من واحد إلى 10. علينا أن ننتظر الأيام، أو حتّى الأسابيع، المقبلة لنرى إلى أي مدى تصبح الاتفاقات التي جرى التوصل إليها نقطة انطلاق نحو البدء في تسوية الصراع في أوكرانيا واستعادة العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، مع تزايد الحديث، مع عودة ترامب الثانية إلى البيت الأبيض، عن إمكانات هائلة للبلدين لبناء شراكة تجارية واستثمارية في مجالاتٍ مثل الطاقة والتكنولوجيا واستكشاف الفضاء وفي القطب الشمالي. لكنّ الثابت أنّ الطريق نحو ذلك طويل، إلّا إذا نجح ترامب في حمل الأوروبيين، وزيلنسكي معهم، على قبول التسوية التي يراها هو واقعية، وإلّا فالبديل استمرار الحرب سنوات أخرى وتكبّد مزيد من الخسائر في الأرواح والأموال، وهو ما لا ينسجم مع رؤية ترامب الذي يقدّم نفسه في أميركا وخارجها على أنّه رجل الصفقات الرابحة، ويشغله في اللحظة الراهنة هوس أن يقدّم نفسه صانعاً للسلام، ومستحقاً لجائزة نوبل التي تحمل الاسم نفسه. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف


إيطاليا تلغراف
منذ 6 ساعات
- إيطاليا تلغراف
كيف يتلاعب بوتين بترامب ويربح المكاسب؟
إيطاليا تلغراف ماكسيميليان هيس زميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية ومستشار في المخاطر السياسية مقيم في لندن. في هذه الأيام تجد القوات الروسية صعوبة في تحقيق أي نجاحات كبرى. فجنودها يخوضون حرب استنزاف شاقة في أوكرانيا، يسقط منهم المئات قتلى، وأحيانا لا يحققون تقدما يتجاوز بضع مئات من الأمتار، وأحيانا لا يتقدمون مطلقا. لكن على الصعيد الدبلوماسي، تبدو الصورة مختلفة. إذ حصد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتصارا دبلوماسيا كبيرا بعقده قمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. في قاعدة 'إلمندورف- ريتشاردسون' العسكرية في ألاسكا، ساد جو من الود والمجاملة. صفق ترامب وهو يستقبل بوتين على السجادة الحمراء للمصافحة، ثم اصطحبه إلى سيارته الرئاسية، فيما بدا الزعيم الروسي مبتسما ابتسامة واسعة كابتسامة القط 'تشِشاير' (شخصية خيالية من رواية أليس في بلاد العجائب). وبعد لقاء دام قرابة ثلاث ساعات، خرج الاثنان دون الإفصاح عن الكثير. تحدثا عن توافق في ملفات عدة، ووجه بوتين دعوة لترامب لزيارة موسكو، لكن الأخير أجل الرد- مؤقتا. لم يتسرب الكثير عن تفاصيل ما دار بينهما. غير أن بوتين أوحى في تصريحاته للإعلام بأن المحادثات جرت وفق شروطه، إذ أثار موضوع الهواجس الأمنية الروسية، وأشاد بمحاولة نظيره الأميركي فهم التاريخ المرتبط بالنزاع. وبحسب السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، ألكسندر دارشيف، فقد نوقشت إلى جانب الملف الأوكراني قضايا ثنائية ملموسة. وأوضح أن موضوعين رئيسيين طُرحا: 'إعادة ستة عقارات دبلوماسية روسية صودرت فعليا' خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، و'استئناف حركة الطيران المباشر' بين روسيا والولايات المتحدة. أما ترامب، فقد بدا وكأنه تخلى عن مطلبه السابق بوقف إطلاق النار في أوكرانيا. وهو المطلب الذي لطالما دعا إليه علنا قبل القمة. إذ وافق على نقل مطلب الكرملين بالتسوية الكاملة للنزاع، لا مجرد وقف إطلاق النار، إلى أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين. وفي وقت لاحق، نشر عبر منصته 'تروث سوشيال' أن الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا يوافقانه الرأي بأن 'أفضل سبيل لإنهاء هذه الحرب المروعة بين روسيا وأوكرانيا هو التوجه مباشرة إلى اتفاق سلام'. ومع أن ترامب بدا متبنيا الموقف الروسي من وقف إطلاق النار، فإن أسوأ ما كان يمكن أن تؤول إليه القمة لم يحدث. إذ لم تتحول إلى 'ميونخ جديدة'؛ أي لم يقدم ترامب تنازلات إقليمية لبوتين على غرار ما فعل قادة فرنسا وبريطانيا مع أدولف هتلر في ميونخ 1938 حين سمحوا له بالاستيلاء على جزء من تشيكوسلوفاكيا. فالرئيس الأميركي لم يعترف بالمطالب الروسية في الأراضي. لكن ذلك لا يلغي أن القمة مثلت مكسبا تكتيكيا لبوتين؛ إذ قدمت صورة للعالم مفادها أن الرئيس الأميركي نفسه بات يخلص الكرملين من وصمة العزلة التي لحقت به جراء غزو أوكرانيا 2022، وما تلاه من جرائم حرب أشرف عليها. فقد عومل بوتين بصفته زعيم قوة عظمى- وهو اللقب الذي طالما هاجسه استعادة مكانة روسيا- زعيما لا بد من التفاوض معه وفق شروطه. فأين يترك هذا الوضع أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين؟ من الواضح أن ترامب غير راغب في تغيير موقفه من أوكرانيا. بل هو يبدي إعجابا شديدا ببوتين: بشخصيته وبأسلوبه في الحكم. ومع ذلك، لا يمكن لبروكسل أو لندن أو كييف أن تستسلم وتتركه. فالحقيقة أن استمرار الدعم الأميركي يظل عنصرا لا غنى عنه في قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها. صحيح أن أوروبا زادت مساهمتها في التمويل منذ تولي ترامب ولايته الثانية، لكنها لن تستطيع في المستقبل المنظور أن تعوض القدرات العسكرية وسلاسل الإمداد الدفاعية الأميركية، حتى لو ضاعفت استثماراتها أضعافا مضاعفة. يريد ترامب سلاما بالاسم فقط، ولا يعنى بالتفاصيل. أما بالنسبة لكييف، فالتفاصيل هي مسألة بقاء، وبالنسبة لبقية أوروبا، فإن مصير أوكرانيا يحدد ما إذا كانت ستكون هي الهدف التالي لعدوان بوتين في عالم يعيد تشكيله على هواه. لكن ذلك لا يعني أن كسب ترامب أمر مستحيل. فهناك سبيل لذلك، يتمثل في استلهام بعض أساليب بوتين في التعامل مع الرئيس الأميركي. من الواضح أن ترامب يحب أن تدلل غروره، وهو ما فعله بوتين مرارا في تصريحاته للإعلام، متبنيا، على سبيل المثال، مزاعم ترامب بأن الحرب ما كانت لتقع لو كان رئيسا عام 2022. السبيل إلى الأمام هو مواصلة الانخراط الدبلوماسي، والسعي لتغيير الإطار الذي ينظر ترامب من خلاله إلى النزاع الأوكراني. فالرئيس الأميركي يهتم أكثر بمستقبل صادرات الطاقة الأميركية، وبالمنافسة مع الصين وتحديها للهيمنة الاقتصادية الأميركية، وباستغلال منطقة القطب الشمالي، أكثر مما يهتم بأوكرانيا. وليس من قبيل الصدفة أن اختار ألاسكا مكانا لعقد القمة، كما أن هوسه بغرينلاند- والذي بدا غريبا لحلفائه الأوروبيين- يصبح مفهوما أكثر في هذا السياق. المفتاح إذن هو إقناع الرئيس الأميركي بأن روسيا تهدد مصالح واشنطن في كل هذه المجالات. فالتخفيف من العقوبات قد يسمح لمشروعات الغاز الطبيعي المسال الروسية بأن تغرق السوق وتخفض أسعار صادرات الغاز الأميركي. كما أعاد بوتين تشكيل الاقتصاد الروسي ليعتمد على صادرات المعادن إلى الصين، مما يعزز قدرتها التنافسية اقتصاديا بفضل مدخلات رخيصة. وهو ما يدفع بوتين أيضا إلى حض بكين مرارا على أن تكون أكثر جرأة في تحديها الاقتصادي، عبر الدعوة إلى التخلي عن الدولار وإنشاء أطر جديدة للتجارة والتمويل تستثني الولايات المتحدة. إضافة إلى ذلك، تسعى روسيا للهيمنة على القطب الشمالي من خلال توسيع أسطولها القطبي بسفن كاسحة للجليد تعمل بالطاقة النووية وغواصات جديدة. فبالنسبة لبوتين، لم تكن حربه في أوكرانيا يوما مسألة حدود في دونباس أو مظالم تاريخية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. إنها حرب من أجل إعادة تشكيل العالم. أما ترامب فيرى الحرب مجرد إلهاء وعائق أمام جهوده هو لإعادة تشكيل العالم. لن يتمكن الغرب ولا كييف من إقناع ترامب بما هو على المحك إلا إذا أدركوا نهجه جيدا. عليهم أن يركزوا على إبراز كيف يضر بوتين بالمصالح الأميركية وبصورة ترامب عنها. فإن فشلوا في ذلك، فبينما أثبتت ألاسكا أنها ليست 'ميونخ جديدة'، قد ترسخ إرثها باعتبارها 'يالطا جديدة'، حيث يعاد رسم مستقبل أوروبا ضمن مناطق نفوذ حصرية جديدة ترسمها موسكو وواشنطن. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف