
الاتفاق الأوروبي الأمريكي.. من تنازل لمن؟
الاتفاق يُلزم بروكسل بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم صادراتها إلى الولايات المتحدة، إلى جانب التزامات ضخمة في قطاع الطاقة الأمريكي. ورغم أن الاتفاق جنّب الطرفين حربًا تجارية شاملة، إلا أنه أثار انتقادات واسعة باعتباره غير متوازن ويخدم المصالح الأمريكية بشكل أكبر.
فالاتفاق الحالي يلزم الاتحاد الأوروبي بشراء طاقة أمريكية (نفط، غاز، وقود نووي، وأشباه موصلات) بقيمة 750 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، إضافة إلى استثمارات بقيمة 600 مليار دولار تشمل المعدات العسكرية وقطاعات أمريكية أخرى. ودعت فرنسا مراراً بروكسل إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة، حيث خرج الوزراء إلى وسائل الإعلام وهم يشكون من أن بروكسل قد استسلمت.
وتناول تحليل لصحيفة "الغارديان" البريطانية ملاحظات حول ما الذي يتضمنه الاتفاق وما الذي لم يُدرج فيه ومن هم الرابحون والخاسرون.
غموض في البنود وتفاصيل غير مكتملة
واعتبر التحليل إنه رغم الإعلان الرسمي، لا تزال بعض البنود غير واضحة. من بين هذه البنود استمرار الرسوم بنسبة 50% على واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية، مع احتمال تحويلها لاحقًا إلى نظام الحصص، وفقًا لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. كما نشب تضارب حول قطاع الأدوية؛ ففي حين أعلن ترامب أنه مستثنى من الرسوم، أكّد مسؤول أمريكي لاحقًا أنه مشمول ضمن فئة الـ15%. وتم الإعلان عن إعفاءات محدودة لبعض القطاعات مثل مكونات الطائرات، المواد الكيميائية، المعدات الزراعية، وأشباه الموصلات، لكن لا يزال الغموض يحيط بقطاعات حساسة أخرى مثل النبيذ والمشروبات الروحية.
اتفاق غير مُلزِم قد يتغير لاحقًا
يشير محللون إلى أن الاتفاق أقرب إلى تفاهم سياسي عام، وليس اتفاقًا تجاريًا ملزمًا ومفصلاً، مما يجعله عرضة لتغييرات مستقبلية. وقال كارستن نيكل من مؤسسة "تينيو" إن الاتفاق يُشبه صفقة ترامب السابقة مع اليابان، والتي شهدت ارتباكًا كبيرًا بعد إعلانها.
وبحسب تصريحات رسمية، يحتفظ ترامب بحق تعديل الاتفاق وزيادة الرسوم إذا رأى أن الاتحاد الأوروبي لم يلتزم بتعهداته، مما يضع الاتفاق في حالة عدم استقرار دائم.
انقسام أيرلندي وتأثير على اتفاق الجمعة العظيمة
والاتفاق أحدث فجوة جديدة في جزيرة أيرلندا، إذ أن المصدرين في أيرلندا الشمالية سيتمكنون من التصدير برسوم 10% بموجب الصفقة البريطانية، بينما سيُفرض على نظرائهم في جمهورية أيرلندا رسوم بنسبة 15%، ما يخلق حالة من التفاوت قد تُعقّد العلاقات بين الجانبين.
هذا التفاوت يأتي في ظل هشاشة ترتيبات ما بعد "بريكست"، ويثير تساؤلات حول تأثير الاتفاق على اتفاق الجمعة العظيمة الذي لا يزال ركيزة للاستقرار في المنطقة.
مخاوف في الصناعة الألمانية رغم الترحيب السياسي
وفي ألمانيا، ورغم ترحيب المستشار فريدريش ميرتس بالاتفاق لتجنبه نزاعًا تجاريًا شاملًا، فإن قطاعات الصناعة لم تُخفِ قلقها. وصف اتحاد الصناعات BDI الرسوم بأنها "عبء ثقيل" على الصادرات، في حين رأت جمعية الصناعات الكيميائية VCI أنها "مرتفعة للغاية".
وأعلنت شركة فولكسفاجن أنها تكبّدت خسائر قدرها 1.3 مليار يورو (1.5 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2025 بسبب الرسوم المفروضة.
الرسوم الحالية أعلى من المعايير السابقة
وعلى الرغم من إشادة فون دير لاين بالاتفاق باعتباره "خطوة نحو الاستقرار والوضوح"، إلا أن المحللين يرون أن الاتفاق ابتعد كثيرًا عن هدف الاتحاد الأصلي، المتمثل في تحقيق تجارة خالية من الرسوم (صفر مقابل صفر).
وقال الاقتصادي هولغر شميدينغ من بنك بيرنبرغ إن "الغموض الفوري قد انتهى، لكن النتيجة لا تزال أسوأ من الوضع السابق"، مؤكدًا أن المستهلكين الأمريكيين أيضًا سيدفعون ثمن هذه الرسوم من خلال ارتفاع أسعار السلع.
وفي حين يُروّج للاتفاق على أنه إنجاز يجنّب التصعيد التجاري، إلا أن التكاليف الاقتصادية الثقيلة على الاتحاد الأوروبي، والغموض الذي يحيط بالتفاصيل، يطرحان تساؤلات جوهرية حول المكاسب الفعلية لبروكسل. وبالنسبة للولايات المتحدة، قد يكون ترامب قد كسب جولة سياسية واقتصادية، لكن أوروبا خرجت من التفاوض برسوم مرتفعة والتزامات ضخمة دون ضمانات متوازنة.
aXA6IDIwNC45My4xNDcuMTgg
جزيرة ام اند امز
PL

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 14 دقائق
- الاتحاد
ترامب يختتم زيارته إلى اسكتلندا بافتتاح مضمار جولف
اختتم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، زيارة قصيرة إلى اسكتلندا زخرت بإعلانات دبلوماسية متنوعة، بافتتاح مضمار جديد للجولف ضمن مجمّع "ترامب الدولي للجولف" في "بالميدي" على الساحل الشرقي. وقصّ ترامب شريط الافتتاح بنفسه، بحضور نجليه دونالد جونيور وإريك. وقال الرئيس الأميركي أمام الضيوف، وبينهم رئيس الوزراء الاسكتلندي، جون سويني: "الأمر رائع. أتطلّع إلى اللعب اليوم. سنقوم بجولة لعب سريعة ومن ثم أعود الى واشطن وسنطفئ الحرائق أينما كانت في العالم". ويضم المضمار الجديد، بحسب وثيقة وزعت على الصحافة، "أكبر ملجأ طبيعي محصن في العالم"، مع كثبان رملية ومساحات خضراء تطل على المياه، وهو مصمم بعناية خاصة للحفاظ على البيئة. وكان ترامب قد استقبل، يومي الأحد والاثنين، في مجمع جولف آخر يحمل اسمه في تورنبري غرب اسكتلندا، رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين أولاً، ولاحقاً رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر. وأعلن مع فون دير لايين اتفاقا تجارياً يقضي بفرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 15% على السلع الأوروبية المستوردة في الولايات المتحدة. كما عقد مع ستارمر مؤتمراً صحفياً تعهد فيه بزيادة الدعم لغزة.


سكاي نيوز عربية
منذ 35 دقائق
- سكاي نيوز عربية
"دويتشه بان" تقلص خسائرها بـ 52% في النصف الأول 2025
وسجلت الشركة المملوكة للدولة خسارة صافية بلغت حوالي 760 مليون يورو بعد احتساب الضرائب، أي ما يُعادل نصف العجز البالغ 1.6 مليار يورو المسجل في نفس الفترة من عام 2024، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وارتفعت إيرادات الشركة بنسبة 3.4 بالمئة لتصل إلى 13.3 مليار يورو. وبلغت الخسارة التشغيلية قبل احتساب الفوائد والضرائب 239 مليون يورو. ومن المقرر أن تُصدر "دويتشه بان" تقريرها المالي نصف السنوي رسميا بعد غد الخميس. ولا تعاني الشركة من ضعف في الأداء المالي فحسب، بل أيضا من مشكلات في الالتزام بالمواعيد. ويتفاقم هذا الوضع بسبب تقادم بنيتها التحتية التي لا تستوعب حركة المرور المتزايدة باستمرار. وتعتمد " دويتشه بان" على خطة إعادة هيكلة شاملة تستهدف تحسين البنية التحتية وعمليات التشغيل والتمويل بحلول نهاية عام 2027. ومن العناصر الأساسية للخطة التجديد الشامل لحوالي 40 خطا من خطوط السكة الحديدية التي تُستخدم بكثرة. ويبدأ المشروع التالي لتلك التحديثات الشاملة في الأول من أغسطس المقبل، حيث سيُغلَق خط برلين-هامبورغ المهم بالكامل لمدة تسعة أشهر. ويرى الخبراء أن هذا اختبار حاسم لاستراتيجية التجديد، نظرا لطول مسافة الخط ومحدودية الخيارات البديلة. ومن غير المرجح أن يُحدِث هذا التجديد تحسنا ملحوظا في الالتزام بالمواعيد، إذ لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من التجديدات واسعة النطاق، ومن المقرر إجراء أربعة منها في عام 2026. وبحسب البيانات، وصلت 57.1 بالمئة فقط من قطارات المسافات الطويلة في يونيو الماضي في الوقت المحدد - أي ما يُعرَف بأنه تأخير أقل من ست دقائق - وهو أقل بكثير من الهدف السنوي لـ"دويتشه بان" الذي يتراوح بين 65 بالمئة و70 بالمئة.

سكاي نيوز عربية
منذ 37 دقائق
- سكاي نيوز عربية
ستيلانتيس تتكبد خسائر ضخمة في النصف الأول من العام
وأفادت ستيلانتس ، التي تمتلك علامات تجارية مثل بيجو وسيتروين وفيات وأوبل وكرايسلر وجيب وألفا روميو، بأن صافي خسائرها العائدة إلى مالكي الشركة الأم في النصف الأول من عام 2025 بلغ 2.24 مليار يورو (2.6 مليار دولار)، أو 0.78 يورو للسهم، مقارنة بصافي دخل بلغ 5.6 مليار يورو، أو 1.86 يورو للسهم، في العام السابق. وتضمنت نتائج الفترة الأخيرة رسومًا صافية بقيمة 3.3 مليار يورو مستثناة من صافي الدخل التشغيلي المعدل، يتراجع مقارنة بصافي ربح النصف الأول من عام 2024 البالغ 5.6 مليار يورو. وبلغت الأرباح المعدلة للسهم خلال الفترة 0.18 يورو مقارنة بـ 2.36 يورو في العام السابق. وتراجعت الإيرادات الصافية للنصف الأول من عام 2025 لتصل إلى 74.3 مليار يورو، بتراجع 13 بالمئة عن العام الماضي. ويعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى تراجع الأداء في مناطق أمريكا الشمالية وأوروبا الموسعة، بينما تم تعويض جزء منه عبر النمو في أميركا الجنوبية. وقامت ستيلانتس بتحديث تقديرها لتأثير صافي الرسوم الجمركية لعام 2025 إلى نحو 1.5 مليار يورو، منها 0.3 مليار يورو تكبدتها في النصف الأول من عام 2025. وأكدت الشركة أنها لا تزال تعمل بشكل وثيق مع صانعي السياسات المعنيين، مع الاستمرار في التخطيط للسيناريوهات طويلة الأجل.