كيف يمكن توقف احتيال شركات الذكاء الاصطناعي؟
باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أخيرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأميركي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات، ضرورة أشد إلحاحا.
وكما توثق الصحافية كارين هاو في كتابها "إمبراطورية الذكاء الاصطناعي"، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ.
كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب مزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة.
تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها.
من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو "ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء"، بينما تهدف شركة Anthropic إلى "تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لمصلحة البشرية في الأمد البعيد".
أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة.
للاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج "شركات المنفعة العامة" أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف "المنفعة العامة"، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات.
يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة.
يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة.
وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، إضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.
أكدت خطة عمل ترمب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.
أستاذ الإدارة في جامعة كامبريدج
خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2025.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 23 دقائق
- الوئام
هبوط أرباح تويوتا الفصلية بضغط من رسوم ترمب
أعلنت شركة تويوتا موتور اليابانية، تسجيل تراجع ملحوظ في أرباحها خلال الربع الممتد من أبريل إلى يونيو الماضيين، إلى جانب خفض توقعاتها للإيرادات السنوية، وذلك في ظل الضغوط التي فرضتها الرسوم الجمركية التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على الصادرات اليابانية، وفي مقدمتها السيارات. وأوضحت الشركة في تقريرها المالي أنها اعتمدت على افتراض بدء تطبيق رسوم أميركية بنسبة 12.5% على الصادرات اليابانية، بما فيها السيارات، اعتبارًا من الشهر الجاري، مقارنة بالنسبة الحالية البالغة 15%. وخلال الربع المالي الأخير، سجلت تويوتا أرباحًا بلغت 841 مليار ين (نحو 5.7 مليار دولار)، بانخفاض حاد عن 1.33 تريليون ين في الفترة ذاتها من العام الماضي، رغم ارتفاع المبيعات الفصلية بنسبة 3%. كما كشفت الشركة أن الرسوم الأميركية كبدتها خسائر مباشرة في الأرباح التشغيلية تُقدر بـ 450 مليار ين (حوالي 3 مليارات دولار). وعلى صعيد المبيعات، ارتفع إجمالي مبيعات التجزئة العالمية للشركة إلى 2.4 مليون سيارة، مقابل 2.2 مليون سيارة في الفترة نفسها من العام الماضي، مدعومًا بزيادة الطلب في الأسواق اليابانية والأميركية والأوروبية. ويرى محللون أن تويوتا قد تكون من بين أكثر الشركات العالمية تضررًا من الرسوم الأميركية، حتى بالمقارنة مع شركات صناعة السيارات اليابانية الأخرى، نظرًا لاعتمادها الكبير على سوق الولايات المتحدة كمصدر رئيسي للإيرادات.

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
لا تشمل المكافأة كل الموظفين وتأتي بعدما خسرت الشركة مواهب لصالح "ميتا"
قدمت شركة الذكاء الاصطناعي " OpenAI" مكافأة قدرها 1.5 مليون دولار لجميع موظفيها التقنيين لمواجهة محاولات الاستقطاب المكثفة من منافسين مثل "ميتا". جاءت هذه الخطوة قبل أن تكشف الشركة يوم الخميس عن نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي "GPT-5"، لتكون أحدث فصول صراع يتسم بحزم مالية تصل إلى مئات الملايين، بحسب ما نُقل عن تقرير لموقع "ذا إنفورميشن". وفي اليوم السابق لإطلاق "GPT-5"، فاجأ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ "OpenAI"، الموظفين برسالة عبر تطبيق سلاك للإعلان عن مكافآت، بحسب تقرير لموقع "The Verge" المتخصص في أخبار التكنولوجيا، اطلعت عليه "العربية Business". وكتب ألتمان: "كما ذكرنا قبل بضعة أسابيع، كنا ننظر في تعويضات لفرقنا التقنية نظرًا لحركة السوق". وأعلن أن "OpenAI" ستمنح مكافأة "خاصة لمرة واحدة" للباحثين ومهندسي البرمجيات في عدد من القطاعات، بما في ذلك الهندسة التطبيقية، والتوسعة، والسلامة. وأشار إلى أن الشركة تعتزم "مواصلة زيادة التعويضات مع استمرارنا في التحسن كشركة". وستختلف قيمة المكافأة لكل موظف مؤهل حسب الدور الوظيفي والأقدمية، بحسب ما نقله "The Verge" عن مصادر. وستكون أعلى المدفوعات في حدود بضعة ملايين -أقل من 10 مليون- لأكثر باحثي "OpenAI" المطلوبين في السوق، والذين يجنون جميعًا الملايين سنويًا. أما المهندسون فمن المتوقع أن يحصلوا على مكافآت تبلغ قيمتها مئات الآلاف من الدولارات في المتوسط. وسيتم دفع هذه المكافآت كل ثلاثة أشهر على مدار العامين المقبلين، مع خيار استلامها على شكل أسهم في "OpenAI"، أو نقدًا، أو مزيج من الاثنين معًا. ويتأهل لهذه المكافآت ما يقرب من 1,000 موظف، أي ما يعادل ثلث القوى العاملة بدوام كامل في "OpenAI". ولم يسبق لـ"OpenAI" أن عرضت مثل هذه المكافأة لهذه الشريحة الواسعة من الموظفين، وتُبرز هذه الخطوة مدى ضراوة المنافسة على المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي. وفقد ألتمان سلسلة من الباحثين الرئيسيين لصالح شركة ميتا في الأسابيع الأخيرة، حيث عُيّن شنغجيا تشاو، أحد مُبتكري روبوت الدردشة الشهير "شات جي بي تي" -الذي طورته "OpenAI"- كبيرًا للعلماء في "ميتا". وشبّه مارك تشين، كبير مسؤولي الأبحاث في "OpenAI"، حملة التوظيف المحمومة التي يقوم بها مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لميتا، باقتحام منزل. وليس زوكربيرغ وحده من يواجه ألتمان، إذ نقل تقرير "The Verge" عن مصادر قولها إن شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة "xAI" التابعة لإيلون ماسك تُقدم أيضًا عروضًا تنافسية لجذب أفضل المواهب في "OpenAI". وبعدم منح جميع موظفي "OpenAI" المكافأة "الخاصة"، يُخاطر ألتمان بإثارة الغيرة بين موظفيه الذين عملوا بلا كلل على نماذج الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها الشركة هذا الأسبوع، ولكنهم استُبعدوا.


مجلة سيدتي
منذ 2 ساعات
- مجلة سيدتي
كشف النقاب عن نموذج الجيل الخامس GPT-5 من OpenAI
يبدو أننا سنواجه نسخة جديدة أكثر تقدمًا من ChatGpt وذلك بعدما تم إزاحة الستار عن مجموعة نماذج الذكاء الاصطناعي المنتظرة "GPT-5" من شركة "OpenAI"، ويمثل الجيل الخامس من نموذج الذكاء الاصطناعي هذا قفزة نوعية في قدرات التعلم الآلي والفهم اللغوي والإدراك البصري. وصرح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي ومؤسس OpenAI، خلال المؤتمر الصحفي الذي أعلن خلاله عن إطلاق الجيل الجديد،أن نموذج GPT-5 يمتلك القدرة على التفكير المنطقي، وكذلك معالجة البيانات المتعددة، وتقديم استجابات دقيقة وموثوقة في مجموعة واسعة من المجالات، سواء كانت البرمجة، والصحة، والكتابة، والتصميم، إضافة إلى فهم الصور والفيديو والرسومات. تدشين الجيل الخامس GPT-5 يتسم GPT‑5 بأنه نظام موحد يحدد متى يستجيب بسرعة ومتى يفكر لتقديم إجابات منطقة وموثوقة تتوافق مع مستوى الخبراء، وأطلق مؤسس OpenAI الجيل الجديد ليكون متاحًا للجميع وبالطبع سيحصل مُشتركو Plus على استخدام أكبر، ويُتاح لمُشتركي Pro الوصول إلى GPT‑5 pro، وهو إصدار مُعزز بالتفكير المُتعمق لإجابات أكثر شمولًا ودقة. وحسب ما ذكر في موقع فإن GPT-5 يتميز بأنه يتفوق على النماذج السابقة في معايير الأداء ويجيب على الأسئلة بسرعة إضافة إلى ذلك فإنه يتميز بالدقة وتحسين متابعة التعليمات، كما أنه يتميز بأداء عالي عند استخدامه في الكتابة والترميز وكل ما يتعلق بالصحة. مجالات الجيل الخامس GPT-5 تواصل بدورها OpenAI الاستثمار في جعل نموذجها الجديد أكثر دقة وموثوقية، خصوصاً عند تعامله مع الأسئلة المعقدة والمفتوحة التي لا تملك إجابات جاهزة، لذا نجد أن الجيل الجديد قادر على تقليل معدل الأخطاء المعلوماتية، كما خضع GPT-5 لاختبارات خاصة على معايير مفتوحة المصدر مثل LongFact "للمفاهيم والأشياء"وFActScore "لقياس دقة الادعاءات"، وتشمل مجالات استخدام GPT-5 الآتي: الترميز تم تطوير GPT-5 ليصبح أقوى نموذج ترميز، يظهر تحسينات خاصة في إنشاء واجهات أمامية معقدة وتصحيح أخطاء المستودعات الأكبر حجمًا، إضافة إلى ذلك يمكنه غالبًا إنشاء مواقع ويب وتطبيقات وألعاب جميلة وسريعة الاستجابة. التعبير الإبداعي والكتابة يتميز GPT‑5 بأنه الأكثر كفاءة حتى الآن في الكتابة والتعبير الإبداعي، ويتميز بقدرته على توجيه الأفكار وترجمتها، كما أنه يلتزم الدقة والموثوقية في الكتابات التي تحتوي على غموض هيكلي، كما أنه يوفر أفضل أداء للتعامل مع المهام اليومية مثل صياغة وتحرير التقارير ورسائل البريد الإلكتروني والمذكرات وغيرها. الاستشارات الصحية يوفر GPT‑5 إجابات سليمة للأسئلة المتعلقة بالصحة، حيث حصل النموذج على درجات أعلى بكثير من أي نموذج سابق على HealthBench، ويوفر بدوره إجاباتٍ أكثر دقة وموثوقية، مُتكيفًا مع سياق المستخدم ومستوى معرفته وموقعه الجغرافي، ولكن هذا لا يعني أنه بديل آمن عن الطبيب. يمكنك الاطلاع على تفاصيل أكثر تتعلق بنموذج GPT-5 من خلال الرابط التالي من هنا.