
بكين تُمسك بخيوط المعادن النادرة.. وواشنطن بالسوق الاستهلاكية
ووسط نبرة التهدئة هذه، يواصل ترامب ممارسة الضغوط على بكين، فبعد أن أعاد المصدرون الصينيون توجيه بضائعهم المتجهة إلى الولايات المتحدة، عبر دول جنوب شرق آسيا، وخاصة فيتنام وماليزيا وتايلاند، بهدف إخفاء مصدرها والتهرب من الرسوم الأمريكية المباشرة، ردت واشنطن بتشديد القيود أكثر، وفرض رسوم 40% على الشحنات المشتبه في إعادة تصديرها من هذه الدول.
وعليه، في ظل مفاوضات مرشحة للاستمرار حتى نوفمبر المقبل، يرجح محللون حدوث انفراجات جزئية، تسمح بخفض محدود للرسوم الصينية، مقابل وصول أوسع للشركات الأمريكية للسوق الصيني، وهو ما قد يتم على حساب شركاء مثل الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان.
بعد أشهر من التصعيد الحاد، انتقلت الصين من كونها التهديد الأكبر لأمريكا، وفق وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إبريل/نيسان الماضي، إلى شريك تفاوضي، يحظى بمعاملة تفضيلية مقارنة بدول كبرى أخرى مثل الهند والبرازيل.
وبعد فرض رسوم جمركية هائلة بنسبة 145% على الواردات الصينية، عاد ترامب ليمدد تجميد هذه الرسوم لمدة 90 يوماً، ويشيد بالرئيس الصيني شي جين بينغ، بل ويقترح عقد قمة أمريكية–صينية هذا العام. في المقابل، تواجه الهند والبرازيل الآن رسوماً تصل إلى 50%، في حين خُفِّض المعدل الأقصى للصين إلى 30%.
التحول المفاجئ في موقف ترامب لم يكن بدافع المجاملة السياسية فحسب، ولكنه مرتبط بمصالح اقتصادية وتجارية معقدة، فالإدارة الأمريكية تريد تجنب أي قفزة في الأسعار قبل موسم العطلات، حيث تعتمد الشركات الأمريكية على تدفق السلع الصينية، كما يسعى ترامب إلى كسب الوقت للتفاوض على اتفاق تجاري أوسع، يشمل التكنولوجيا والطاقة والمعادن النادرة.
المعادن النادرة.. سلاح الصين
في لعبة الشد والجذب بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، تمتلك بكين ورقة ضغط بالغة الأهمية، تتمثل في هيمنتها على سوق المعادن النادرة والمستخدمة في صناعات استراتيجية، من السيارات الكهربائية إلى أنظمة توجيه الصواريخ، إذ تسيطر على نحو 60% من الإنتاج العالمي، وما يقارب 90% من عمليات تكرير هذه المعادن، في ما تراهن واشنطن على ثقلها كأكبر سوق استهلاكية، والنتيجة النهائية ستعتمد على قدرة الطرفين على تجنب العودة إلى حرب تجارية شاملة، قد تكون كلفتها أكبر من أي مكاسب سياسية آنية. وعقِب فرض رسوم أمريكية باهظة أول مرة، ردّت الصين بقيود على تصدير سبعة عناصر من المعادن النادرة وغيرها، ما أصاب صناعات أمريكية رئيسية، بما فيها السيارات، بضربة موجعة. وفي الوقت ذاته، تواصل واشنطن تضييق الخناق على وصول التنين الآسيوي إلى أحدث رقائق الذكاء الاصطناعي، والضغط عليه لتقليص واردات النفط الروسي، ملوّحة بعقوبات ثانوية إذا استمر تدفق الإمدادات.
أهداف كل طرف
تسعى بكين إلى تخفيف دائم للرسوم، خصوصاً على قطاعي التكنولوجيا والصناعة، وتأمين الحماية لشركاتها من العقوبات الأمريكية، وضمان الوصول إلى أحدث التقنيات. وبالتوازي بدأت الحكومة الصينية بتقليص الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة الأمريكية، وتثبيط استخدام شريحة «H20» من «إنفيديا»، أحدث رقاقة مسموح بتصديرها إلى الصين.
بدوره، يحثّ ترامب الصين، أكبر مستورد لفول الصويا في العالم، على زيادة مشترياتها من السلعة الغذائية الأمريكية بأربعة أضعاف، دعماً للمزارعين، وتقليصاً للعجز التجاري البالغ 295.5 مليار دولار العام الماضي.
تصعيد مع الهند
بينما تحظى الصين بفرصة إضافية، تدهورت مكانة الهند سريعاً من «شريك مفضل» في بداية الولاية الثانية لترامب إلى «خصم تجاري»، لتواجه رسوماً تصل إلى 50%، منها 25% إضافية على وارداتها من النفط الروسي، تدخل حيز التنفيذ أواخر أغسطس.
ووسط نبرة التهدئة هذه، يواصل ترامب ممارسة الضغوط على بكين، فبعد أن أعاد المصدرون الصينيون توجيه بضائعهم المتجهة إلى الولايات المتحدة، عبر دول جنوب شرق آسيا، وخاصة فيتنام وماليزيا وتايلاند، بهدف إخفاء مصدرها والتهرب من الرسوم الأمريكية المباشرة، ردت واشنطن بتشديد القيود أكثر، وفرض رسوم 40% على الشحنات المشتبه في إعادة تصديرها من هذه الدول.
وعليه، في ظل مفاوضات مرشحة للاستمرار حتى نوفمبر المقبل، يرجح محللون حدوث انفراجات جزئية، تسمح بخفض محدود للرسوم الصينية، مقابل وصول أوسع للشركات الأمريكية للسوق الصيني، وهو ما قد يتم على حساب شركاء مثل الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 26 دقائق
- صحيفة الخليج
بوتين: قمة ألاسكا تعيد التعاون بين روسيا وأمريكا
شكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأمريكي دونالد ترامب، على اللهجة «الودية» للمحادثات التي أجرياها، وقال «إن روسيا والولايات المتحدة يجب أن «تقلبا الصفحة وتعودا إلى التعاون». وأشاد بوتين بترامب ووصفه بأنه شخص «لديه فكرة واضحة عما يريد تحقيقه ويهتم بصدق بازدهار بلاده، وفي الوقت نفسه يظهر فهماً لأن روسيا لديها مصالحها الوطنية الخاصة». وفي حديثه خلال مؤتمر صحفي عقب قمة في أنكوراج، ألاسكا، أكد على علاقته الجيدة مع ترامب. وأشار بوتين إلى أن هناك فرصاً لعلاقات اقتصادية أقوى مع الولايات المتحدة. وفي حديثه إلى جانب ترامب، أقر بأن التجارة بين البلدين لا تزال رمزية إلى حد كبير، لكنه قال إنها نمت بنسبة 20% في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة. وأضاف أن الشراكة الاستثمارية بين الولايات المتحدة وروسيا تنطوي على إمكانات كبيرة. وقال بوتين «أتوقع أن تصبح اتفاقيات اليوم نقطة مرجعية ليس فقط لحل المشكلة الأوكرانية، ولكن أيضاً سوف تمثل بداية استعادة العلاقات التجارية والعملية بين روسيا والولايات المتحدة». وأضاف أن الحرب في أوكرانيا ما كانت لتندلع لو كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض آنذاك.


البيان
منذ 26 دقائق
- البيان
ترامب: الرئيس الصيني أبلغني أن بكين لن تغزو تايوان خلال رئاستي
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الجمعة إن الرئيس الصيني شي جين بينغ أخبره أن بكين لن تغزو تايوان أثناء وجود ترامب في منصبه. وأدلى ترامب بهذه التصريحات في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، قبل محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا. وأضاف ترامب خلال مقابلة مع برنامج "تقرير خاص"(سبيشال ريبورت) على قناة فوكس نيوز "سأقول لكم، كما تعلمون، لديكم شيء مشابه جدا مع الرئيس الصيني شي وتايوان، لكنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث بأي حال من الأحوال طالما أنا هنا. سنرى". وأضاف "قال لي الرئيس شي: لن أفعل ذلك أبدا طالما أنت رئيس". وقلت له "حسنا، أنا أقدر ذلك". لكنه قال أيضا "لكنني صبور جدا، والصين صبورة جدا". وكان ترامب وشي قد أجريا أول اتصال هاتفي مؤكد بينهما خلال فترة ترامب الرئاسية الثانية في يونيو. وقال ترامب أيضا في أبريل إن شي اتصل به ولكنه لم يحدد متى جرت تلك المكالمة. تنظر الصين إلى تايوان على أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتعهدت بإعادة التوحيد مع الجزيرة الديمقراطية التي تحظى بحكم ذاتي، بالقوة إذا لزم الأمر. وتعترض تايوان بشدة على مطالبات الصين بالسيادة عليها. ووصفت السفارة الصينية في واشنطن أمس الجمعة موضوع تايوان بأنه "القضية الأكثر أهمية وحساسية" في العلاقات الصينية الأمريكية. وقال المتحدث باسم السفارة ليو بنغ يو في بيان "يجب على الحكومة الأمريكية الالتزام بمبدأ الصين الواحدة والبيانات الثلاثة المشتركة بين الولايات المتحدة والصين والتعامل مع القضايا المتعلقة بتايوان بحكمة وحماية العلاقات الصينية الأمريكية والسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان بجدية". على الرغم من أن واشنطن هي المورد الرئيسي للأسلحة والداعم الدولي لتايوان، إلا أن الولايات المتحدة، مثل معظم الدول، لا تربطها علاقات دبلوماسية رسمية مع الجزيرة.


سكاي نيوز عربية
منذ 26 دقائق
- سكاي نيوز عربية
مخرجات قمة ترامب وبوتين.. لا اتفاق لوقف الحرب في أوكرانيا
وخلال ظهور مقتضب أمام وسائل الإعلام عقب الاجتماع، الذي استمر نحو ثلاث ساعات، قال الزعيمان إنهما أحرزا تقدما في "قضايا غير محددة"، لكنهما لم يقدما أي تفاصيل، ولم يتلقيا أسئلة من الصحفيين. واكتفى ترامب، الذي عادة ما يطيل في تصريحاته، بالتأكيد: "لقد أحرزنا بعض التقدم… لا يوجد اتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاق". ولم ينتج عن المحادثات أي خطوات ملموسة لوقف إطلاق النار في الصراع، الذي وصفه ترامب قبل القمة بأنه الهدف الرئيسي من لقائه مع بوتين، مشيرا إلى أنه أكثر الحروب دموية تشهدها أوروبا منذ 80 عاما. ورغم غياب النتائج العملية، شكّل اللقاء وجها لوجه مع الرئيس الأميركي مكسبا سياسيا لبوتين، الذي واجه عزلة من قادة الغرب منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022. وفي تصريحات لاحقة لقناة "فوكس نيوز"، أعلن ترامب أنه سيؤجل فرض رسوم جمركية على الصين، بسبب شرائها النفط الروسي، بعد إحراز "تقدم" في محادثاته مع بوتين، مضيفا: "قد أضطر للتفكير في ذلك بعد أسبوعين أو ثلاثة، لكن ليس الآن". كما لوّح بفرض عقوبات على موسكو، إلا أنه لم ينفذها حتى الآن، رغم تجاهل بوتين لمهلة سابقة حددها ترامب لوقف إطلاق النار. واقترح ترامب عقد لقاء بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، وربما يحضره بنفسه، لكنه لم يوضح الجهة التي ستنظم الاجتماع أو موعده. بوتين، بدوره، لم يشر إلى هذا المقترح، مؤكداً أنه يتوقع من أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين التعامل بشكل "بنّاء" مع نتائج المفاوضات، وعدم محاولة "عرقلة التقدم". وجدد بوتين تمسك موسكو بموقفها القائل بضرورة معالجة ما تعتبره "الأسباب الجذرية" للنزاع، قبل التوصل إلى سلام دائم، ما يشير إلى استمرار رفضه وقف إطلاق النار في المرحلة الراهنة. ولم يصدر أي رد من كييف حتى الآن على القمة، التي تُعد أول لقاء يجمع بين بوتين ورئيس أمريكي منذ اندلاع الحرب. وعند سؤاله عن نصيحته لزيلينسكي، قال ترامب: "يجب أن نبرم اتفاقاً… روسيا قوة كبيرة جداً، وهم ليسوا كذلك"، في إشارة إلى عدم تكافؤ ميزان القوى. ووفق محللين، تسببت الحرب في مقتل أو إصابة أكثر من مليون شخص من الجانبين، بينهم آلاف المدنيين الأوكرانيين. استبعد زيلينسكي تقديم أي تنازلات إقليمية لموسكو، مؤكدا أنه يسعى للحصول على ضمانة أمنية مدعومة من الولايات المتحدة. وأوضح ترامب أنه سيتصل بالرئيس الأوكراني وقادة حلف شمال الأطلسي لإطلاعهم على نتائج محادثاته مع بوتين. وبينما كان الزعيمان يتحدثان، استمرت المعارك الميدانية، مع إطلاق إنذارات غارات جوية في معظم المناطق الشرقية الأوكرانية، فيما أعلن حاكما منطقتي روستوف وبريانسك الروسيتين عن تعرض أراضٍ لهما لهجمات بطائرات مسيرة أوكرانية. وقال النائب الأوكراني المعارض أوليكسي هونتشارينكو على "تيليغرام": "يبدو أن بوتين اشترى لنفسه المزيد من الوقت. لم يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار أو خفض التصعيد". وجاء ختام القمة المخيّب للتوقعات على النقيض من الأجواء الاحتفالية التي رافقت بدايتها، إذ كان في استقبال بوتين بساط أحمر في قاعدة جوية بألاسكا، حيث رحب به ترامب بحرارة، فيما حلّقت مقاتلات أمريكية في أجواء المنطقة. ويظل بوتين مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، على خلفية ترحيل مئات الأطفال من أوكرانيا ، وهي مزاعم تنفيها موسكو، التي تعتبر مذكرة التوقيف "باطلة"، علماً أن روسيا والولايات المتحدة ليستا عضوين في المحكمة. وفي اليوم السابق للقمة، لوّح بوتين باحتمال التوصل إلى اتفاق جديد للحد من الأسلحة النووية، ليحل محل آخر اتفاق قائم ينتهي في فبراير المقبل، لكن لم يتضح ما إذا تمت مناقشة هذه المسألة خلال محادثات أمس. " نعتمد على أمريكا" ظل زيلينسكي، الذي لم يُدعَ إلى القمة، يخشى أن يتخلى ترامب عن أوكرانيا من خلال تجميد النزاع فعلياً، والاعتراف – ولو بشكل غير رسمي – بسيطرة روسيا على نحو خُمس أراضي بلاده. لكن ترامب أكد قبل الاجتماع أنه سيترك لأوكرانيا القرار بشأن أي تنازلات، قائلاً: "أنا لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، أنا هنا لأجعلهم يجلسون إلى طاولة المفاوضات". وعندما سُئل عن معايير نجاح القمة، قال: "أريد وقف إطلاق نار سريع… لن أكون سعيداً إذا لم يتم ذلك اليوم… أريد أن يتوقف القتل". شارك في المحادثات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، والمبعوث الخاص إلى روسيا ستيف ويتكوف، ومستشار السياسة الخارجية الروسي يوري أوشاكوف، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. واعترف ترامب، الذي قال خلال حملته إنه سينهي الحرب الأوكرانية خلال 24 ساعة، بأن المهمة أصعب مما توقع. وأكد أن نجاح محادثات ألاسكا سيجعل ترتيب قمة ثلاثية ثانية مع زيلينسكي أكثر أهمية من لقائه مع بوتين. وفي ختام القمة، قال ترامب لبوتين: "أود أن أشكرك جزيل الشكر، وسنتحدث إليك قريباً جداً، وربما نلتقي مرة أخرى قريباً جداً"، ليرد بوتين قائلاً: "المرة القادمة في موسكو". أما زيلينسكي، فصرّح قبل القمة أن الاجتماع يجب أن يمهّد الطريق نحو "سلام عادل" ومحادثات ثلاثية، لكنه شدد على أن روسيا ما تزال تواصل عملياتها العسكرية. وكتب على "تيليغرام": "حان الوقت لإنهاء الحرب، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة من قبل روسيا. نحن نعتمد على أمريكا".