logo
ماذا لو غادرت أميركا صندوق النقد الدولي؟

ماذا لو غادرت أميركا صندوق النقد الدولي؟

Independent عربية٢٨-٠٤-٢٠٢٥

انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من اتفاق باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، فهل صندوق النقد الدولي هو التالي؟ اليوم تطرح تساؤلات عميقة حول مصير العلاقة الأميركية مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية متعددة الأطراف.
تشير التقارير إلى أن ترمب الذي كثيراً ما عبر عن رفضه لما يراه "عبئاً غير عادل" تتحمله الولايات المتحدة تجاه العالم، قد يتجه إلى تقليص تمويل واشنطن للمؤسسات المالية الدولية، أو حتى إعادة النظر في عضوية أميركا في بعضها، مما يهدد النظام الاقتصادي العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية.
ويحذر بعض المحللين من أن السياسات الانعزالية والشعبوية لترمب قد تسرع من حدوث أزمة اقتصادية عالمية، في وقت لا يزال فيه الاقتصاد العالمي هشاً بعد جائحة كورونا وأزمات الديون والتضخم، وقد يترك التخلي عن التعاون الدولي المالي، أو إضعاف مؤسسات كصندوق النقد الدولي، الدول النامية في مهب الريح، ويقوض قدرة العالم على مواجهة أزمات كالمناخ أو الأمن الغذائي.
وأوضح الكاتب والباحث في مركز "موسافار رحماني للأعمال" في كلية "كينيدي" بجامعة "هارفرد" ومساعد وزير الخارجية السابق للشؤون الدولية في وزارة الخزانة الأميركية إدوين ترومان، لصحيفة "فاينانشيال تايمز" أن مشروع "2025"، البيان السياسي المثير للجدل والصادر عن مؤسسة "هيريتيج" المحافظة، يدعو إلى انسحاب الولايات المتحدة من صندوق النقد الدولي، في خطوة توصف بأنها راديكالية وغير مسبوقة.
الانسحاب من صندوق النقد الدولي، بحسب محللين، سيكون بمثابة هدف عكسي خطر على مصالح الولايات المتحدة، إذ ستفقد واشنطن، في حال تنفيذ هذه الخطوة، أي تأثير فعلي في سياسات الصندوق وعملياته، ما يعني التخلي عن واحدة من أدوات النفوذ المالي العالمي الرئيسة.
الانسحاب قد يقوض مكانة الدولار
الأخطر من ذلك أن الانسحاب من صندوق النقد الدولي قد يقوض مكانة الدولار الأميركي بوصفه العملة الاحتياط الأولى في العالم، ويضعف من قدرة الولايات المتحدة على توجيه النظام المالي الدولي، في وقت تتصاعد فيه المنافسة الجيوسياسية مع قوى صاعدة كالصين وروسيا.
وتجرى الغالبية العظمى من عمليات صندوق النقد الدولي بالدولار الأميركي، إذ يطلب معظم المقترضين من الصندوق الحصول على تمويل بالدولار، وتسدد غالبية المدفوعات بهذه العملة، وإذا لم تأت الدولارات من مساهمة الولايات المتحدة في رأسمال الصندوق، فإن الدول الأعضاء الأخرى توفرها من احتياطاتها الخاصة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لترومان تراجعت الطلبات الدولية على موارد الصندوق بنسبة 5.6 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية، وهو اتجاه مرشح للتسارع في حال انسحاب الولايات المتحدة، ففي هذه الحال، سيستبعد الدولار من تعاملات الصندوق، مما يثير تساؤلات جوهرية: ما الدولة التي سترغب في الاحتفاظ بأصول مقومة بعملة لم تعد تستخدم في تعاملات المؤسسة المالية الدولية الأهم، ومرتبطة ببلد تخلى عن التزاماته المالية العالمية؟
ويشير ترومان إلى أن مثل هذا الانسحاب لن يضعف فقط موقع الولايات المتحدة داخل النظام المالي العالمي، بل قد يزعزع الثقة بالدولار نفسه كعملة احتياط رئيسة، في وقت تتنامى فيه الدعوات لتنويع أدوات التمويل الدولية وتوسيع استخدام عملات أخرى كاليورو واليوان الصيني.
وعلى رغم أن صندوق النقد الدولي يعتمد اليوم بصورة أساسية على الدولار في عملياته، فإنه يقوم على هيكل متعدد العملات، ولهذا فإن مصدري العملات الرئيسة الأخرى، مثل الصين والاتحاد الأوروبي، سيكونون في غاية السرور لو ورثت عملاتهم المكانة الخاصة التي يتمتع بها الدولار حالياً.
ويشكل الدولار حالياً النسبة الأكبر من سلة العملات التي تقيم بها حقوق السحب الخاصة، بنسبة تبلغ 43 في المئة، يليه اليورو، ثم عملات كل من الصين واليابان وبريطانيا، وإذا انسحبت الولايات المتحدة من عضوية الصندوق، فإن الدولار سيستبعد من سلة التقييم، لأن السلة لا تشمل سوى عملات الدول الأعضاء.
الصين جاهزة للانقضاض على حصة أكبر
وإذا تخلت واشنطن عن دورها القيادي داخل الصندوق فإن بكين ستكون في موقع قوي للتنافس مع الأوروبيين على حصة التأثير الأكبر داخل السلة، ومن المرجح أن تسعى الصين في الوقت ذاته إلى الاستحواذ على نسبة غير متناسبة من حقوق التصويت التي تخلفها الولايات المتحدة، وقد تعمل أيضاً على نقل المقر الرئيس للصندوق إلى أراضيها، في تحول رمزي كبير ينذر بإعادة تشكيل موازين القوى داخل النظام المالي العالمي.
لن تفقد الولايات المتحدة مكانتها الدولية فقط إذا انسحبت من صندوق النقد الدولي، بل ستخسر أيضاً أداة فعالة لتقديم الدعم المالي للدول التي ترغب في مساعدتها. وبغض النظر عن الانتقادات الموجهة إلى سياسات الصندوق، فإن واشنطن، بخروجها، ستتخلى عن أي نفوذ على هذه السياسات.
وسيمثل الانسحاب نهاية لوضع أميركا كمزود رئيس للاحتياطات النقدية في العالم، وهو الوضع الذي يقول رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة ترمب، ستيفن ميران، إنه يريد الحفاظ عليه، حتى في وقت يطالب فيه الدول الأخرى بدفع ثمن استخدام الدولار بهذه الطريقة.
والأهم من ذلك أنه مع استبدال الدولار بعملات الصين والاتحاد الأوروبي ودول أخرى في التعاملات المالية الدولية الرسمية، سيستبدل أيضاً في القطاع المالي الخاص، ونتيجة لذلك، فإن الدور المميز الذي تلعبه المؤسسات المالية الأميركية، بفضل حصولها المباشر أو غير المباشر على دعم الدولار من "الاحتياطي الفيدرالي" سيتآكل بصورة كبيرة.
وستتراجع الهيمنة المالية الأميركية، وسيتعرض سلاح العقوبات المالية الذي تعتمد عليه واشنطن لفرض سياساتها للتقويض وربما للشلل التام.
باختصار، سيكون الانسحاب من صندوق النقد الدولي خطأً فادحاً على المستويات الاقتصادية والمالية والسياسية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قيادي ألماني يدعو إلى محادثات مع روسيا لتشغيل "نورد ستريم"
قيادي ألماني يدعو إلى محادثات مع روسيا لتشغيل "نورد ستريم"

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

قيادي ألماني يدعو إلى محادثات مع روسيا لتشغيل "نورد ستريم"

دعا قيادي في حزب المستشار الألماني فريدريش ميرتس الأحد إلى إجراء محادثات مع روسيا بشأن احتمال تشغيل خط أنابيب الغاز المثير للجدل "نورد ستريم". ووصف مايكل كريتشمر، رئيس وزراء ولاية ساكسونيا الواقعة في شرق ألمانيا، خط الأنابيب بأنه "مدخل محتمل لإجراء محادثات مع روسيا". في وقت سابق من هذا الشهر، انتقد ميرتس تقارير عن خطة أميركية روسية لتشغيل خط "نورد ستريم 2"، قائلا إن المشروع "لا يملك حاليا ترخيص تشغيل، ومن غير المتوقع أن يتغير هذا". وأفادت تقارير أن مبعوثين أميركيين وروس يناقشون تشغيل خط الأنابيب، هذه المرة بمشاركة مستثمرين أميركيين. تم الانتهاء من مشروع "نورد ستريم 2" في عام 2021 لكنه لم يدخل حيز التشغيل بعدما ألغت ألمانيا المشروع إثر بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022. وفي سبتمبر (أيلول) 2022، أسفرت انفجارات غامضة عن تخريب خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" الذي يعمل منذ عام 2011 ما تسبب في توقفه، ويبدو أن أحد أنابيب "نورد ستريم 2" لم يتضرر. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) دعا كريتشمر سابقا إلى مقاربة أقل تشدداً تجاه موسكو، وقال الأحد إن الحديث مع روسيا بشأن "نورد ستريم" قد يكون "مقاربة إيجابية" بدلا من "محاولة إجبار روسيا، كما هو الحال حتى الآن". وأضاف في تصريح لصحيفة "تسايت" الألمانية "ليس من قبيل الصدفة أنه تمت مناقشة أمر مماثل بين الدبلوماسيين في بروكسل قبل بضعة أشهر". وقد يكون تشغيل خط الأنابيب أيضا وسيلة لخفض تكاليف الطاقة المرتفعة التي أثرت على الاقتصاد الألماني، وبخاصة منذ بداية الغزو الروسي. لكنه أقر بأنه في الوقت الحالي "لا يوجد استعداد لتغيير الاستراتيجية" في صفوف معظم السياسيين الألمان.

الإفراج بكفالة عن الصحافية رشا قنديل في اتهامها بـ"نشر أخبار كاذبة"
الإفراج بكفالة عن الصحافية رشا قنديل في اتهامها بـ"نشر أخبار كاذبة"

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

الإفراج بكفالة عن الصحافية رشا قنديل في اتهامها بـ"نشر أخبار كاذبة"

أفرجت نيابة أمن الدولة المصرية مساء الأحد عن الصحافية رشا قنديل بكفالة بعد أن استجوبتها بتهمة "نشر أخبار كاذبة"، بحسب ما أفاد محاميها نبيه الجنادي. وبعد استجوابها، أُطلق سراحها بكفالة قدرها 50 ألف جنيه مصري (حوالى 990 دولاراً)، على ذمة مزيد من التحقيقات. وقال الجنادي لوكالة الصحافة الفرنسية إن "النيابة اتهمتها بنشر أخبار كاذبة في داخل البلاد وخارجها". وبحسب الدفاع، فإن الاتهامات تستند إلى ثلاثة عناصر: شكاوى مواطنين بشأن منشورات لها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقرير تحريات للأمن الوطني، ومراجعة النيابة لحساباتها الشخصية على منصات "فيسبوك" و"إنستغرام" و"إكس". وأكد محاميها مساء الأحد أنها "ذهبت إلى النيابة بنفسها حتى يتم التحقيق معها... وقد خرجت للتو حرّة". ولم يتم إصدار حظر السفر حتى هذه المرحلة، لكن ملف التحقيق يبقى مفتوحاً. وأوضح الجنادي أن "هناك احتمالا بتقديم القضية لمحاكمة جنائية. وهناك احتمال ثان بألا يحصل جديد". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) رشا قنديل مقدمة برامج سابقة في قناة "بي بي سي" العربية، وهي معروفة على مستوى العالم العربي. وهي أيضا زوجة المعارض والمرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي، المسجون منذ عام بتهمة ارتكاب مخالفات خلال حملته للانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 وفاز بها الرئيس عبد الفتاح السيسي بنسبة 89,6% من الأصوات. وفي نهاية أبريل (نيسان)، استجوب القضاء الطنطاوي في قضيتين جديدتين بتهم أبرزها "التحريض على ارتكاب عمل إرهابي" و"الدعوة إلى مظاهرات" ضد الحرب في غزة، بحسب محاميه خالد علي. ومن المقرر أن يكمل المعارض عقوبته البالغة عاما في مايو (أيار)، ومن الممكن إطلاق سراحه في 26 من الشهر، وفقاً لمحاميه، في انتظار إجراءات أخرى في القضيتين الجديدتين. تتعرض القاهرة منذ فترة طويلة لانتقادات بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان. وتقدر منظمات حقوقية أن هناك عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، من بينهم نشطاء وصحافيون وشخصيات معارضة، وهو ما تنفيه السلطات.

ترمب: أجرينا محادثات "جيدة للغاية" مع إيران
ترمب: أجرينا محادثات "جيدة للغاية" مع إيران

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

ترمب: أجرينا محادثات "جيدة للغاية" مع إيران

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الأحد إن المفاوضين الأميركيين أجروا محادثات "جيدة للغاية" مع وفد إيراني في مطلع الأسبوع، في الوقت الذي يسعى فيه إلى إبرام اتفاق لمنع طهران من تطوير سلاح نووي. وقال ترمب للصحفيين في مطار موريستاون بولاية نيوجيرزي بينما كان يستعد للعودة إلى واشنطن بعد عطلة نهاية الأسبوع في نادي الغولف في بيدمنستر "أعتقد أنه يمكن أن يكون لدينا بعض الأخبار السارة على الساحة الإيرانية". وكان المفاوضون الإيرانيون والأميركيون استأنفوا محادثاتهم الجمعة في روما لحل نزاع مستمر منذ عقود حول طموحات طهران النووية، على رغم تحذير المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي من أن إبرام اتفاق جديد قد يستحيل في ظل تضارب الخطوط الحمراء التي يضعها كل من الطرفين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) والرهان كبير لكلتا الدولتين، إذ يريد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحد من قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي قد يشعل سباق تسلح نووي في المنطقة، بينما تريد إيران التخلص من العقوبات المدمرة المفروضة على اقتصادها المعتمد على النفط. وعقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف جولة خامسة من المحادثات عبر وسطاء عُمانيين في روما، على رغم إعلان كل من واشنطن وطهران موقفاً متشدداً في التصريحات في شأن تخصيب اليورانيوم الإيراني.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store