
وثائق تكشف.. كيف تسلل الموساد إلى «قلب إيران» النووي والصاروخي؟
بعد أن وضعت الحرب بين إيران وإسرائيل أوزارها، تتجه الأنظار إلى حيثيات مواجهة الـ 12 يوماً وأسرار التمدد الاستخباراتي الإسرائيلي في العمق الإيراني إذ كشفت وثائق سرية جديدة مسربة أن جهاز الموساد الإسرائيلي اخترق لسنوات طويلة البرامج الصاروخية والنووية الإيرانية وجمع معلومات حساسة مكّنت إسرائيل من تنفيذ ضرباتها الاستباقية والنوعية للمواقع الإيرانية مع بداية الحرب.
وأكدت صحيفة «التايمز» البريطانية، نقلاً عن الوثائق الاستخباراتية المسربة أن جهاز الموساد الإسرائيلي نجح في اختراق قلب البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين، بعد سنوات من جمع المعلومات السرية، ليكتشف أن البنية التحتية لبناء الأسلحة في طهران كانت أوسع بكثير مما كان يعتقد سابقاً.
اختراق منقطع النظير
ونقلت الصحيفة عن مصدر استخباراتي قوله، إن إسرائيل كانت تراقب عدة مواقع داخل إيران منذ سنوات عبر عملاء ميدانيين، مشيراً إلى أن الاستعدادات الإسرائيلية لضرب إيران بدأت منذ عام 2010، استناداً إلى معلومات حول تسارع برنامجها التسليحي.
وأكد أن عملاء إسرائيليين كانوا موجودين داخل عشرات المواقع المستهدفة، حيث قاموا برسم خرائط تفصيلية للمنشآت من الداخل، ما أتاح استهدافها بدقة متناهية.
ولم يتوقف التمدد الاستخباراتي الذي يراه محللون «منقطع النظير» في عمق مراكز اتخاذ الإيراني عند هذا الحد فحسب، إذ كشفت الوثائق أيضاً عن اختراق مقار الحرس الثوري الإيراني، أحد أهم أذرع إيران الأمنية ورمز النظام الحالي، ومواقع مثل «سنجاريان»، التي كانت تطور مكونات تدخل في إنتاج الأسلحة النووية.
وقد شمل الاختراق مواقع نووية معروفة مثل فوردو ونطنز وأصفهان، إلى جانب منشآت سرية لم تكن معروفة من قبل، ما مكّن إسرائيل من توجيه ضربات استباقية دقيقة.
وبحسب الوثائق فإن العملاء الإسرائيليين نجحوا في مفاعل نطنز تحديداً من توثيق كافة البنى التحتية فوق وتحت الأرض، من أنظمة أنابيب وآليات تغذية اليورانيوم، إلى محطات التحويل والمولدات، وقنوات التهوية، وهو ما ساعد في ضرب سبعة مكونات حيوية في المنشأة.
وبحسب التقييم الاستخباراتي، فقد انتقلت إيران بنهاية عام 2024 من مرحلة البحث إلى مرحلة متقدمة من التصنيع والتجارب على متفجرات وأنظمة إشعاع، مع توقع وصولها إلى «قدرة نووية خلال أسابيع».
كما كشفت الوثائق أن إيران أنتجت أجهزة طرد مركزي في ثلاثة مواقع سرية في طهران وأصفهان، واستهدفت إسرائيل لاحقاً منشأة في أصفهان تنتج ألياف الكربون للبرنامج الصاروخي، ومجمعاً لتصنيع المتفجرات البلاستيكية المستخدمة في اختبارات الأسلحة النووية.
في جانب الصواريخ، أوضحت الوثائق أن إيران كانت تخطط لإنتاج عشرات صواريخ أرض-أرض طويلة المدى شهرياً، لبناء مخزون يصل إلى 8000 صاروخ، وقام العملاء الإسرائيليون بزيارة ورش ومصانع الإنتاج، ما سمح بتدمير «الصناعة الداعمة كاملة».
وتشير الوثائق التي تم تداولها بين الحلفاء الغربيين، من بينهم الولايات المتحدة وبريطانيا، بحسب «التايمز»، أن قدرات إيران ومعرفتها ومكوناتها المرتبطة بتطوير الأسلحة تتقدم بسرعة كبيرة، ولم تكن تقتصر على مواقع فوردو ونطنز وأصفهان فقط.
كيف ساعد الموساد؟
وأشارت الصحيفة، أن العملية الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران اعتمدت على الخرائط والمعلومات الميدانية التي جمعها الجواسيس في داخل إيران.
وركّزت إسرائيل في هجومها على تدمير منشآت لتصنيع أجهزة الطرد المركزي في طهران وأصفهان، إضافة إلى استهداف 7 مكونات حيوية داخل منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، شملت البنية التحتية الكهربائية ومرافق البحث والتطوير، وأنظمة التهوية والتبريد.
كما هاجمت إسرائيل منشآت في أصفهان، ومواقع بحثية مثل «نور» و«مقده»، وموقع «شريعتي» العسكري، ومصنع «شهيد ميسامي» الذي كان يُستخدم لصناعة المتفجرات البلاستيكية لاختبار الأسلحة النووية، وكلها مواقع تتبع منظمة «SPND»، التي كان يقودها العالم النووي محسن فخري زاده، الذي اغتيل عام 2020.
واستهدفت أيضاً مواقع لصناعة الصواريخ بعيدة المدى، كان من المخطط أن تنتج إيران منها نحو ألف صاروخ سنوياً، وصولاً إلى مخزون مستهدف قدره 8 آلاف صاروخ.
من بين هذه المواقع، كان مصنع «مؤسسة معاد تركيبي نوياد» قرب بحر قزوين، الذي كانت إيران تعتمد عليه في إنتاج الألياف الكربونية اللازمة لتصنيع الصواريخ، وقد تم تدميره بالكامل.
هلع في إيران
ورأت الصحيفة أن هذا التمدد الاستخباراتي العميق خلق حالة من الهلع في إيران بعد الهجمات، مشيرة إلى أن طهران اعتقلت العشرات بتهم التجسس خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً، كما لفتت إلى أن الشكوك المتبادلة طالت حتى أعضاء الحرس الثوري أنفسهم.
وفي إشارة لافتة، قالت الصحيفة: إن جهاز الموساد نشر تحذيراً نادراً عبر منصة «إكس»، دعا فيه الإيرانيين إلى الابتعاد عن مركبات ومسؤولي الحرس الثوري.
عودة إلى الوراء
وأشارت «التايمز» إلى أن اختراق إسرائيل العميق للنظام الإيراني، سواء عبر التجسس أو تنفيذ عمليات اغتيال، أعاد إلى الأذهان عملية سرقة الأرشيف النووي الإيراني من طهران عام 2018، والتي استُخدمت لاحقاً لإقناع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015.
في 31 يناير/ كانون الثاني 2018، كشف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي «الموساد»، يوسي كوهين، كيف تمكّنوا من الاستيلاء على الأرشيف النووي العسكري الإيراني في طهران باستخدام عشرين عميلاً إيرانياً.
قال حينها:«قبل أكثر من عامين من تنفيذ العملية، تلقّى الموساد معلومات استخبارية حول المكان الذي يُخفى فيه الأرشيف النووي، وبدأنا في البحث عنه. وحين عثرنا عليه، حصلنا على خرائط كشفت عن بنية المبنى الداخلية. وبناءً على ذلك، شُيّد في إحدى الدول الصديقة مبنى مطابق تماماً للبناء الذي تُخزن فيه الوثائق.
وأضاف «خلال تنفيذ العملية، كان العملاء يرسلون بثاً مباشراً لما يرونه، ويقدمون شروحاً باللغة الفارسية، ويرسلون صوراً. وعندما رأينا ما تحتويه تلك الخزائن الضخمة، أدركنا أننا عثرنا على ضالتنا. لقد أدركنا حينها أننا استولينا على البرنامج النووي العسكري الإيراني».
بعد العملية 2018 اعتُبرت إيران تصريحات يوسي كوهين ضرباً من المبالغة، واستخفّت بها قائلة: إن «الوثائق المسروقة مزيفة»، لكن الهجوم الإسرائيلي الذي وقع ليلة 13 يونيو/ حزيران 2025 كشف أن تلك التصريحات لم تكن خالية من الحقيقة.
فلم يكن القصف الجوي وحده هو الضربة الأساسية في إيران، بل اغتيل عدد من كبار القادة والعلماء النوويين الإيرانيين، ليس فقط عبر طائرات «إف- 35» والطائرات المسيرة، والصواريخ التي انطلقت من إسرائيل الواقعة على بعد 1600 كيلومتر، بل أيضاً عبر شبكة عملاء الموساد التي نُسجت داخل إيران على مدى سنوات كشبكة العنكبوت.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
تصاعد السجال بين ترامب وخامنئي
مجددا يتصاعد التراشق الكلامي بين واشنطن وطهران، حيث تبادل الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمرشد الإيراني علي خامنئي الاتهامات والتصريحات النارية، وسط جدل بشأن نتائج وفاعلية الضربات الأميركية الأخيرة.


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
باريس تندد «بتهديدات» ضد مدير عام وكالة الطاقة الذرية
نددت الحكومة الفرنسية، الاثنين، بما وصفتها بأنها «تهديدات» موجهة إلى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، ودعت إيران مجدداً إلى ضمان سلامة موظفي الوكالة على أراضيها. وأشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الجمعة، إلى أن طهران قد ترفض أي طلب من جروسي لزيارة المواقع النووية الإيرانية. كما أعربت برلين الأحد، عن دعمها غروسي، معتبرة أن «تهديدات» إيران له «تثير قلقاً بالغاً»، و«يجب أن تتوقف». واتهمت طهران غروسي بـ«خيانة التزاماته» لعدم إدانته الضربات الإسرائيلية والأمريكية على المواقع النووية الإيرانية. وصوّت المشرعون الإيرانيون هذا الأسبوع على تعليق التعاون مع الوكالة. وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول عبر منصة «إكس»: «أشيد بالمدير العام رافايل غروسي وفريقه لجهودهم ومهنيتهم الدؤوبة. إن التهديدات الموجهة إليهم من داخل إيران مقلقة للغاية ويجب أن تتوقف»، بدون أن يخوض في تفاصيل أخرى. وأضاف: «أدعو السلطات الإيرانية إلى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وضمان سلامة موظفيها». واعتبر عراقجي الجمعة أن «إصرار غروسي على زيارة المواقع التي تعرضت للقصف بحجة الضمانات لا معنى له، وربما ينطوي على نية خبيثة». وتعتبر طهران أن قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في 12 يونيو/ حزيران الماضي، والذي اتهم إيران بتجاهل التزاماتها النووية، كان «ذريعة» للحرب التي شنتها إسرائيل في اليوم التالي.


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
230 ألف أفغاني عادوا من إيران خلال يونيو
اسلام قلعة - أ ف ب عاد أكثر من 230 ألف أفغاني إلى بلادهم من إيران خلال يونيو/ حزيران الجاري، معظمهم مرحلين، بحسب ما أفادت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة الاثنين، بعدما أمرت طهران ملايين الأفغان المقيمين على أراضيها بشكل غير نظامي بالمغادرة. وأفاد المتحدث باسم المنظمة أواند عزيز آقا، بأن 233941 أفغانيا عبروا الحدود بين البلدين في الفترة بين الأول من يونيو/ حزيران و28 منه، مشيرا الى أن أكثر من نصفهم (131912 شخصا) عادوا خلال أسبوع واحد فقط (في الفترة بين 21-28 من الشهر).