
ماذا تعني بيانات الربع الأول للاقتصاد الأميركي؟
هذا الانكماش، الذي فاجأ الكثير من المحللين، لا يمكن فصله عن التداعيات المباشرة لحرب تجارية باهظة التكاليف، حيث تتسابق الشركات على تخزين السلع قبيل فرض الرسوم الجمركية الجديدة.
ومع تراجع الإنفاق الحكومي وضعف وتيرة الاستهلاك، يبدو أن الاقتصاد الأميركي بات يواجه تحديات مزدوجة: كبح جماح التضخم من جهة، وتفادي الوقوع في ركود اقتصادي من جهة أخرى.
ورغم ذلك، لا يزال المشهد مفتوحاً على احتمالات وسيناريوهات متعددة خلال الشهور المقبلة، في ظل ترقب الأسواق لموقف الاحتياطي الفيدرالي ، وانعكاسات السياسات التجارية على سلوك المستهلكين والشركات.
بسبب ارتفاع الواردات في بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب وفي ظل شنه حربا تجارية باهظة التكلفة، انكمش الاقتصاد الأميركي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2025.
انخفض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، وهو مجموع السلع والخدمات المُنتجة من يناير إلى مارس، بمعدل سنوي قدره 0.3 بالمئة، وفقًا لتقرير وزارة التجارة الصادر الأربعاء الماضي، بعد تعديله وفقًا للعوامل الموسمية والتضخم.
كان هذا أول ربع يشهد نمواً سلبياً منذ الربع الأول من العام 2022.
كانت التوقعات تشير إلى ارتفاع بنسبة 0.4 بالمئة، بعد ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4 بالمئة في الربع الرابع من العام الماضي 2024.
ارتفعت الواردات بنسبة 41.3 بالمئة خلال الربع، مدفوعةً بزيادة في السلع بنسبة 50.9 بالمئة، مسجلةً أكبر نمو خارج جائحة كوفيد منذ العام 1974.
ونقل تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، عن كبير الاقتصاديين في شركة فودبوندز، كريس روبكي، قوله: "ربما يعود جزء من هذه السلبية إلى الإسراع في استيراد السلع قبل رفع الرسوم الجمركية، ولكن لا سبيل أمام مستشاري السياسات لتجميل الوضع.. لقد اختفى النمو تمامًا".
كما نقل عن الخبير الاقتصادي في شؤون الشركات، روبرت فريك، قوله: ليس من المستغرب أن يتأثر الناتج المحلي الإجمالي سلباً في الربع الأول، ويعود ذلك أساسًا إلى تفاقم ميزان التجارة نتيجةً لاستيراد الشركات للسلع بكثافة لتفادي فرض رسوم جمركية مسبقة، موضحاً أن الرقم الأبرز في سياق التوسع هو إنفاق المستهلكين، وقد نما ولكن بوتيرة ضعيفة نسبيًا.
زيادة الواردات
من جانبه، يقول المدير التنفيذي لشركة VI Market، أحمد معطي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن هذا الانكماش نتج عن عدة عوامل؛ أهمها تراجع الإنفاق الحكومي، وهو جزء من سياسات ترامب التي تهدف إلى تقليص هذا الإنفاق، مشيراً في الوقت ذاته إلى ارتفاع الواردات بنسبة 41.3 بالمئة في الربع الأول.
ويضيف: "هذا الارتفاع في الواردات يؤثر سلباً على الناتج المحلي الإجمالي؛ لأنه أحد المؤشرات المستخدمة في قياسه.. فعندما تزيد الواردات بهذه النسبة الكبيرة، فإنها تسحب من قيمة الناتج المحلي"، لافتاً في الوقت نفسه إلى اضطرار الشركات إلى استيراد كميات أكبر لتخزينها قبل تطبيق الرسوم الجمركية، ما يعني أن سياسات ترامب كانت السبب الرئيسي في هذه الزيادة بالواردات، وبالتالي في تراجع الناتج المحلي. ويلفت إلى تباطؤ الاستهلاك بشكل واضح، وكذلك مؤشر "PCE" والتوظيف، مما أثر سلباً على الاقتصاد الأميركي.
أما عن موقف الاحتياطي الفيدرالي في ضوء المؤشرات التي تعكس تلك البيانات، فيضيف: "هو حتى الآن يلتزم بنفس التصريحات، لجهة التأكيد على أنه لا يرى دافعاً قوياً لخفض الفائدة رغم الانكماش، لأنه يعتبره مؤقتاً نتيجة لتراكم المخزون، والذي من غير المتوقع أن يتكرر؛ فالمخزون بلغ أقصى مستوياته، والاستهلاك ضعيف، لذا يبقى الفيدرالي متخوفًا من التضخم".
تُقلل الواردات من الناتج المحلي الإجمالي، لذا قد لا يُنظر إلى انكماش النمو على أنه سلبي نظرًا لاحتمالية انعكاس هذا الاتجاه في الأرباع اللاحقة. وقد خفّضت الواردات أكثر من 5 نقاط مئوية من القراءة الرئيسية. وارتفعت الصادرات بنسبة 1.8 بالمئة.
كما أسهم تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي والانخفاض الحاد في الإنفاق الفيدرالي في ضعف رقم الناتج المحلي الإجمالي وسط جهود إيلون ماسك في وزارة كفاءة الحكومة.
سيناريوهات محتملة
وبدوره، يوضح خبير أسواق المال، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن
"انكماش الاقتصاد الأميركي بنسبة 0.3 بالمئة في الربع الأول من العام 2025 يمثل تطوراً لافتاً ومثيرًا للقلق في المشهد الاقتصادي العالمي، خاصة أنه جاء مخالفًا للتوقعات التي رجّحت نموًا بنسبة 0.4 بالمئة، وبعد أداء قوي في الربع الرابع من 2024 بنمو بلغ 2.4 بالمئة".
السبب الأبرز وراء هذا التراجع يعود إلى القفزة الكبيرة في الواردات، التي زادت بنسبة 41.3 بالمئة، وخاصة السلع التي ارتفعت وارداتها بنسبة 50.9 بالمئة.
هذا الارتفاع لم يكن دلالة على قوة في الطلب، بل جاء نتيجة تسابق الشركات والمستهلكين على التخزين قبيل دخول الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب حيز التنفيذ في أبريل، مما أثّر سلبيًا على حسابات الناتج المحلي، حيث تُخصم الواردات منه.
إلى جانب ذلك، شهدنا تباطؤًا في الإنفاق الحكومي، وتراجعًا في وتيرة إنفاق المستهلكين، رغم أنه لا يزال ينمو، لكن بنسبة 1.8 بالمئة فقط مقارنة بـ4 بالمئة في الربع السابق.
وفي هذا السياق، يتحدث عن أبرز الانعكاسات المرتقبة لتلك البيانات، موضحاً أن هذا الانكماش يفتح الباب أمام سيناريوهات عدة على النحو التالي:
تعافٍ مؤقت: قد نشهد ارتدادًا طفيفًا للنمو في الربع الثاني مع تراجع تأثيرات التخزين، لكن التأثير الهيكلي للتعريفات الجمركية قد يطيل أمد الضعف.
ضغوط تضخمية: مع ارتفاع تكاليف الاستيراد، من المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلكين بنسبة 2.7 بالمئة خلال 2025، ما قد يضغط على ميزانيات الأسر.
تباطؤ أعمق: إذا واصلت الشركات تمرير تكاليف الرسوم للمستهلكين، فقد نشهد تراجعًا أكبر في الاستهلاك وزيادة في احتمالات الركود.
ويلفت إلى أن الوضع الحالي يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام معضلة حقيقية؛ الاقتصاد يُظهر مؤشرات على الضعف، بينما لا يزال التضخم مرتفعاً، حيث بلغ مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي 3.6 بالمئة، وهو مؤشر يراقبه الفيدرالي عن كثب.
ويعتقد بأن "الأرجح، في ظل هذه المعطيات، أن يختار الفيدرالي التريث، مع تثبيت أسعار الفائدة في الاجتماعات المقبلة، ومراقبة تطورات النمو والتضخم بحذر شديد، خصوصًا مع عدم اليقين الذي فرضته التعريفات الجديدة".
الرسوم الجمركية
ويشير تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن:
الرئيس ترامب جعل الرسوم الجمركية ركنًا أساسيًا في أجندته الاقتصادية، مؤكدًا أنها ستزيد ثراء أميركا على المدى البعيد، وستُعيد الوظائف في قطاع التصنيع.
وفي مارس، بلغ العجز التجاري في السلع مستوى قياسيًا، إذ بادرت الشركات إلى تخزين البضائع تحسبًا للرسوم الجمركية.
بدأ الاقتصاد الأميركي العام الجديد بقوة: فقد نما بوتيرة ثابتة في العام 2024، واستمر التضخم في التراجع. واستقر معدل البطالة عند 4.1 بالمئة، وأضاف أصحاب العمل 456 ألف وظيفة جديدة في الربع الأول، بانخفاض عن 628 ألف وظيفة في الربع الأخير من العام 2024.
مع ذلك، أعربت الشركات والأفراد عن قلقهم بشأن الاقتصاد، نظرًا لعدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية ومخاوفهم من ارتفاع الأسعار. . كما انتاب القلق المستثمرين.
وأدت المخاوف بشأن الرسوم الجمركية والاقتصاد إلى تسجيل مؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك المركب أسوأ أداء ربع سنوي لهما منذ عام 2022.
المفاوضات التجارية
ويشير رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن:
"تراجع النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة كان متوقعاً إلى حد ما، لكن ما لم يكن في الحسبان هو حجم الانكماش المفاجئ".
"تأثير التعرفات الجمركية بين واشنطن وبكين بدأ يظهر بعمق، وخاصة عند المقارنة بالربع الرابع من عام 2024، حيث نشهد هبوطًا حادًا في المؤشرات الاقتصادية".
"هذا التراجع الحاد قد يستمر إذا استمرت الحرب التجارية، ما سيعيق تحقيق الأهداف التي وضعها البنك المركزي الأميركي"
"التحول من نمو بنسبة 2.7 بالمئة إلى انكماش اقتصادي واضح، يضع ضغطًا كبيرًا على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكذلك على الاحتياطي الفيدرالي، الذي سيجد نفسه مضطرًا للتحرك إذا ما استمرت المؤشرات في التراجع".
ويوضح أن "الفيدرالي قد يبدأ باستخدام أدوات مالية وتحفيزات اقتصادية، تشمل تخفيض أسعار الفائدة، بعد اجتماعه المرتقب"، مردفاً: "نتوقع أن يكون هناك الكثير من النقاش حول الاتفاق التجاري بين أميركا والصين، وإن تم التوصل إلى اتفاق، فقد نشهد تخفيضًا في الفائدة إلى مستويات أكثر قبولًا".
ويختم يرق حديثه محذراً: "لكن في حال لم يتم هذا الاتفاق أو لم تُخفض الفائدة، فسيكون هناك ألم اقتصادي، مع مزيد من التراجع في النمو، وربما انكماش أعمق في الاقتصاد الأميركي".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
سفير أميركا الجديد في فرنسا.. "نسيب ترامب" ومتهرب من الضرائب
وكان ترامب قد منح كوشنر عفوا رئاسيا في ديسمبر 2020، بعد أن أقر الأخير بالذنب في تهم تتعلق بالتهرب الضريبي وتقديم تبرعات غير قانونية لحملات انتخابية. وجاء التصديق على تعيين كوشنر بأغلبية 51 صوتا مقابل 45. ويعد كوشنر مؤسس شركة "كوشنر كومبانيز" العقارية، كما أن ابنه جاريد كوشنر شغل منصب كبير مستشاري البيت الأبيض خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، وهو متزوج من إيفانكا ترامب ابنة الرئيس الكبرى. وعند إعلان ترامب نيته ترشيح كوشنر في نوفمبر الماضي، وصفه بأنه "قائد أعمال بارز، ومحسن، وصانع صفقات مميز". وسيتوجه كوشنر إلى فرنسا في وقت يشهد فيه التحالف التقليدي بين البلدين توترا، على خلفية سياسات ترامب التجارية والدور الأميركي في حرب أوكرانيا. وخلال جلسة تأكيد ترشيحه هذا الشهر، قال كوشنر إنه سيعمل عن كثب مع فرنسا لـ"تحقيق توازن أكبر في علاقتنا الاقتصادية المهمة"، كما سيشجع فرنسا على "زيادة استثماراتها في قدراتها الدفاعية، وقيادة الاتحاد الأوروبي نحو التوافق مع الرؤية الأميركية بشأن تعزيز الالتزامات الأوروبية في مجال الأمن". وفي ظل إحداث ترامب لاضطراب في العلاقات التقليدية بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، شدد كوشنر على تقديره للعلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة وفرنسا، مؤكدا التزامه "بتعزيز العلاقة لتصبح أقوى". وأشار كوشنر خلال حديثه أمام أعضاء مجلس الشيوخ إلى أنه ابن لاثنين من الناجين من المحرقة النازية، قَدِما إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، كما قتلت جدتاه وعدد من أفراد عائلته على يد النازيين.


الاتحاد
منذ 11 ساعات
- الاتحاد
ترامب في المنطقة.. الدبلوماسية أولاً
ترامب في المنطقة.. الدبلوماسية أولاً ليست كل زيارة رئاسية تحمل ذات الوزن السياسي والاستراتيجي، لكن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج، مثّلت لحظة فارقة في مسار السياسة الأميركية في المنطقة، ورسالة واضحة بأن الحوار والتفاهم والدبلوماسية أولوية جديدة للبيت الأبيض. استبقت واشنطن الزيارة التاريخية بخطوات إيجابية على الساحة الدولية، في مقدمتها الإعلان عن اتفاق تجاري مع الصين أنهى واحدة من أشرس الحروب الاقتصادية في العصر الحديث. خفّض الطرفان الرسوم الجمركية مؤقتاً، ووافقا على هدنة تجارية مدتها ثلاثة أشهر لحل القضايا العالقة. وقد استقبلت الأسواق هذا الاتفاق بارتياح كبير، ما أدى إلى تحسن المؤشرات العالمية وزيادة ثقة المستثمرين.وفي سياق موازٍ، ساهمت الجهود الدبلوماسية الأميركية في دفع الهند وباكستان إلى وقف إطلاق النار، بعد أيام من التصعيد الخطير الذي كاد أن يخرج عن السيطرة، في ظل امتلاك الطرفين السلاح النووي. هذا التحول المفاجئ نحو التهدئة، أنقذ المنطقة من خطر محدق، وأعاد تركيز البلدين إلى قضاياهما الداخلية، لا سيما الاقتصادية منها. فالهند تعتمد على السياحة كمورد مالي مهم، إذ سجلت في عام 2023 أكثر من 18 مليون سائح دولي بعائدات تجاوزت 2.3 تريليون روبية. أما باكستان، فهي تسعى للتعافي الاقتصادي بدعم من برنامج إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 7 مليارات دولار. استمرار التوتر كان سيؤدي إلى نسف هذه الجهود، ولهذا، فإن التهدئة لم تكن خياراً سياسياً فقط، بل ضرورة اقتصادية ملحّة. ونجاح الدبلوماسية الأميركية في آسيا يدفعنا إلى حث واشنطن بلعب دور فاعل في وقف العدوان على غزة، ودعم مسار الحل السياسي العادل للقضية الفلسطينية. لا يمكن الحديث عن سلام دائم في المنطقة دون الالتزام بحل الدولتين، الذي يضمن الأمن والكرامة لجميع شعوب المنطقة. وبالطبع، زيارة ترامب ألقت بظلالها على القمة العربية في بغداد، والتي رغم غياب بعض القادة، شهدت نقاشات مهمة حول ملفات المنطقة. كانت الأجواء مشحونة، ولكن محاولة جمع الصف العربي ولو على الحد الأدنى تبقى مكسباً يجب البناء عليه. على الصعيد الوطني، شكّلت زيارة ترامب إلى أبوظبي لحظة محورية في تطور العلاقات الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة. فالتعاون لم يعد مقتصراً على الدفاع والطاقة، بل أصبح يشمل التكنولوجيا المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، والقطاعات المستقبلية. لقد وصلت العلاقات الإماراتية - الأميركية إلى ذروة النضج والتكامل. فالإمارات تحتضن حتى نهاية عام 2024 أكثر من 13 ألف شركة أميركية، إضافة إلى 66 ألف علامة تجارية، بينما تندرج استثمارات الإمارات في الاقتصاد الأميركي ضمن رؤية طويلة الأمد لبناء جسور اقتصادية أكثر تماسكاً وتأثيراً. هذه العلاقات تعكس إرادة قيادية حريصة على بناء نموذج في التعاون الدولي القائم على المصالح المتبادلة بين البلدين. إن النموذج الذي تمثله العلاقات الإماراتية - الأميركية اليوم يجب أن يكون قدوة للعلاقات الدولية الحديثة: شراكة تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون من أجل مستقبل مزدهر للجميع. ومن هذا المنطلق، نأمل أن تكون زيارة ترامب بداية لمرحلة جديدة من الحلحلة الإقليمية، عنوانها «الدبلوماسية أولاً». والخلاصة أن العلاقات الإماراتية- الأميركية حالياً تمثل نموذجاً لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الدول، شعارها التعاون في كل ما يعود بالنفع والخير على الجميع، وذلك وفق نهج رسمته بلدنا لنفسها منذ بدايات التأسيس، وهي التي تمضي بثبات نحو جعل الإمارات نموذجاً عالمياً، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، إنما على صعيد نسج العلاقات الجيدة مع مختلف الدول.


العين الإخبارية
منذ 11 ساعات
- العين الإخبارية
الاقتصاد يقود السياسة.. صعود الصين في فضاء أمريكا اللاتينية والكاريبي
تم تحديثه الإثنين 2025/5/19 10:52 م بتوقيت أبوظبي ألقى تحليل لمجلة «فورين بوليسي» الضوء على منتدى رفيع المستوى بين مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي (سيلاك) والصين. ورغم أن المنتدى الذي استضافته العاصمة الصينية بكين الأسبوع الماضي كان من المفترض أن يكون لقاءً وزاريًا، إلا أن حضور رؤساء كل من البرازيل وكولومبيا وتشيلي، بالإضافة إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ، عكس الأهمية المتزايدة التي توليها دول أمريكا اللاتينية لتعزيز علاقاتها مع بكين. وأعلنت الصين خلال المنتدى عن تقديم أكثر من 9 مليارات دولار على شكل قروض جديدة مقوّمة باليوان لدول المنطقة. وأوضح التحليل إن أحد أبرز الإعلانات جاء من كولومبيا، الحليف التقليدي للولايات المتحدة وأحد أكبر المتلقين للمساعدات الأمريكية في المنطقة، حيث أعلنت رسميًا انضمامها إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وهي شراكة للبنية التحتية طالما أثارت الشكوك في واشنطن. وقال التحليل إنه يبدو آن تخفيضات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثّرت في المساعدات الخارجية منذ توليه السلطة -وبشكل مباشر على كولومبيا، حيث كانت تعتمد على ملايين الدولارات من التمويل الأمريكي في برامج حكومية مختلفة، بما في ذلك دعم اللاجئين والمهاجرين الفنزويليين. كما أوقف صندوق النقد الدولي خط ائتمان مخصص لكولومبيا الشهر الماضي بسبب مخاوف تتعلق بعجز الميزانية، مما دفع الرئيس غوستافو بيترو للبحث عن شركاء جدد. النظرة الشعبية إلى الصين وعلى الرغم من تأكيد المسؤولين الكولومبيين حرصهم على علاقات إيجابية مع كل من الولايات المتحدة والصين، إلا أن استطلاعات الرأي أظهرت تحسن نظرة الرأي العام الكولومبي تجاه الصين منذ تولي ترامب السلطة في الولايات المتحدة، بحسب شركة إنفامر لاستطلاعات الرأي. ولم تقتصر هذه التوجهات على كولومبيا، فقد نشرت مجلة "ذا إيكونوميست" استطلاعات أُجريت في أبريل/نيسان ومايو/أيار في الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وفنزويلا، أظهرت أن الغالبية في البرازيل وكولومبيا وفنزويلا يرون أن الصين تتبنى ممارسات تجارية أكثر عدلاً وشفافية من الولايات المتحدة. كما اعتبر المشاركون في الدول الأربع أن الصين تُظهر احترامًا أكبر لدول أمريكا اللاتينية. وشهدت البرازيل هذا الأسبوع اهتمامًا خاصًا بعلاقاتها الاقتصادية المتنامية مع الصين. فعلى مدار العقود الماضية، أدى الطلب الصيني الكبير على المواد الخام البرازيلية إلى مخاوف من أن هذا الاعتماد المفرط على الصادرات قد يساهم في تراجع التصنيع المحلي في البلاد. لكن في ظل الولاية الجديدة للرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا التي بدأت عام 2023، أصبحت البرازيل أكثر حذرًا واستراتيجية في صياغة سياساتها تجاه الصين، حيث أطلقت سياسات صناعية جديدة تركز على قطاعات الطاقة النظيفة والنقل والتقنيات الصحية، وتسعى لجذب استثمارات خارجية، بما في ذلك من الصين. ومن بين استثمارات صينية جديدة في البرازيل بقيمة تقارب 5 مليارات دولار تم الإعلان عنها خلال المنتدى، عن مشروعات لإنتاج وقود طيران مستدام، وتوسعة مصنع سيارات، وشراكة لإنتاج مكونات دوائية. كما تجري مناقشات حول مشروع سكة حديد تربط بين موانئ المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ. ووفقًا لخبيرة العلاقات الدولية لاريسا واشتشولز، أصبحت مقاربة البرازيل تجاه الصين أكثر "طموحًا" مع تركيزها على التصنيع والاستفادة من التحول نحو الطاقة النظيفة. من جهته، أشار توليو كارييلو من مجلس الأعمال البرازيلي-الصيني إلى أن الاستثمارات الصينية باتت تركز على مصادر الطاقة المتجددة، وأن قطاع النفط لم يشكّل سوى أقل من 1% من الاستثمارات الصينية الجديدة في البرازيل عام 2023، في انخفاض ملحوظ مقارنة بالسنوات الماضية. aXA6IDY0LjEzNy42My43NiA= جزيرة ام اند امز GB