logo
اللوبي الصهيوني في عهد ترامب: بين الارتباك وتآكل السردية

اللوبي الصهيوني في عهد ترامب: بين الارتباك وتآكل السردية

الجزيرةمنذ 12 ساعات
منذ بدء التصعيد المتبادل بين إيران وإسرائيل في ربيع وصيف 2025، بدا أن المعركة تتجاوز حدود الجغرافيا، لتصل إلى عمق السرديات، ومفاصل النفوذ، وبُنية الخطاب. وفي قلب هذا المشهد المشتعل، يُثير الصمت غير المعتاد للّوبي الصهيوني الأميركي أسئلة ثقيلة: أين أدوات الضغط؟ لماذا لا تصرخ مراكز النفوذ الصهيونية كما اعتادت كلما احترق جدار في تل أبيب؟ وماذا يعني أن تُضرب إسرائيل بشكل مباشر من طهران، دون أن يتحول ذلك إلى عاصفة إعلامية سياسية في واشنطن؟
اللوبي، الذي طالما تماهى مع فكرة "الدفاع عن إسرائيل في كل المحافل"، يبدو اليوم كمن يدير الأزمة من وراء ستار، دون ضجيج، دون تحشيد تقليدي، ودون تصعيد على طريقة ما بعد 11 سبتمبر، أو حتى ما بعد حرب 2006! أهذا فقدان للسيطرة، أم إعادة تموضع إستراتيجي في عهد سياسي جديد يمثله دونالد ترامب؟
بعد عدوان 2023 على غزة، سقط القناع الأخلاقي؛ فقد وثّقت كبرى وسائل الإعلام الغربية، ومنصات الجامعات، ومنظمات حقوق الإنسان، صور المجازر، وشهادات الناجين، وأرقام القتلى من الأطفال والنساء
ترامب واللوبي.. علاقة مضطربة رغم التحالف الظاهري
عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني 2025 كانت أشبه بزلزال سياسي أصاب مؤسسات الدولة العميقة، وضمنها اللوبيات التقليدية. ورغم الدعم القوي الذي حصل عليه ترامب من جهات يمينية موالية لإسرائيل، فإن العلاقة ليست بتلك البساطة.
فترامب لا يتحرك بناء على أجندات ناعمة أو توازنات طويلة المدى؛ إنه رجل صفقات، ويفكر في المصالح المباشرة. هو لا يريد حربًا شاملة في الخليج، ولا يضمن أن أي دعم مفتوح لإسرائيل سيكسبه دعم الداخل الأميركي المنقسم. ولذلك، فإن اللوبي الصهيوني بات مضطرًا لإعادة صياغة إستراتيجياته مع رئيس لا يمكن توقع ردوده، ولا يرغب أن يُملَى عليه من أحد.
انهيار السردية الأخلاقية بعد غزة
قبل عام فقط، كان اللوبي الصهيوني يملك سلاحًا أساسيًّا: الرواية الأخلاقية. إسرائيل كانت تُقدَّم كواحة ديمقراطية وسط صحراء استبدادية، وكضحية دائمة لهجمات الإرهاب. لكن بعد عدوان 2023 على غزة، سقط القناع الأخلاقي؛ فقد وثّقت كبرى وسائل الإعلام الغربية، ومنصات الجامعات، ومنظمات حقوق الإنسان، صور المجازر، وشهادات الناجين، وأرقام القتلى من الأطفال والنساء.
إعلان
النتيجة: سحبٌ تدريجي للبساط من تحت اللوبي في الجامعات، وفي الإعلام، وحتى في الحزب الديمقراطي. وبالتالي، فإن أي تحشيد صاخب الآن ضد إيران قد يعيد إشعال ملف غزة من جديد، ويُذكّر الجمهور الأميركي بأن إسرائيل هي التي بدأت الاغتيالات، وأنها ليست الضحية الوحيدة.
إسرائيل لم تدفع اللوبي إلى التحرك، فهي تدير المواجهة بأسلوب "الرد الجزئي" و"الضربة المحدودة"، لإبقاء التصعيد تحت السيطرة، والرسالة التي وصلت إلى اللوبي كانت واضحة: لا نريد تدويل المعركة الآن
مأزق الجبهات المفتوحة
يدرك اللوبي الصهيوني أن فتح جبهة إعلامية ضد إيران اليوم يحمل مخاطرتين:
كشف هشاشة الردع الإسرائيلي، خصوصًا بعد اختراق الصواريخ الإيرانية للقبة الحديدية.
جرّ الولايات المتحدة إلى مواجهة لا تريدها.
إن صمت اللوبي ليس دليل عجز، بل هو اعتراف ضمني بأن معركة اليوم لا تُكسب بالصراخ، بل بإعادة التموضع، وشراء الوقت، وانتظار لحظة مناسبة للاستثمار السياسي.
من الردع إلى امتصاص الضربة
المفارقة أن إسرائيل نفسها لم تدفع اللوبي إلى التحرك، فهي تدير المواجهة بأسلوب "الرد الجزئي" و"الضربة المحدودة"، لإبقاء التصعيد تحت السيطرة، والرسالة التي وصلت إلى اللوبي كانت واضحة: لا نريد تدويل المعركة الآن.
هذا ما يفسر تقارير عديدة تشير إلى أن قادة اللوبي تلقّوا توجيهات من تل أبيب بتجميد الحملات الإعلامية الكبرى، وتجنب المطالبة العلنية بتدخل أميركي مباشر. كل ذلك يشير إلى أن اللعبة أدقّ مما تبدو عليه، وأننا أمام عقلانية باردة، لا أمام هزيمة خطابية.
استشراف ما بعد الصمت
الصمت لن يدوم.. اللوبي الصهيوني يعيد ترتيب أوراقه استعدادًا للمرحلة القادمة، والتي قد تشمل:
دفع الكونغرس لإقرار مساعدات استثنائية لإسرائيل تحت بند "الردع الإقليمي".تفعيل خطاب الربط بين إيران و"الإرهاب العالمي" لإعادة تعبئة الرأي العام.محاولة إحياء صورة إسرائيل كحليف غربي متقدم في مواجهة محور الشر، خصوصًا إذا ما دخلت روسيا أو ما تبقى من حزب الله على الخط.
لكن الأهم، هو أن هذا الصمت يعكس لحظة انكشاف.. لحظة تآكل السردية، واضطراب الحلفاء، وعودة القوة إلى المشهد دون وسطاء. ولأول مرة منذ عقود، تبدو إسرائيل وحدها، يتردد صدى صراخها في الفراغ، دون أن يتحول إلى قرار في واشنطن.
وهنا، ربما يكمن جوهر اللحظة: أن اللوبي الصهيوني لم يصمت لأنه فقد أدواته، بل لأنه أدرك أن الصراخ في الفراغ لا يُثمر، وأن زمن "أوامر اللوبي" في واشنطن بدأ يتآكل، بصمت.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هآرتس: أميركا تبني لإسرائيل منشآت عسكرية بمليارات الدولارات
هآرتس: أميركا تبني لإسرائيل منشآت عسكرية بمليارات الدولارات

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

هآرتس: أميركا تبني لإسرائيل منشآت عسكرية بمليارات الدولارات

أفادت صحيفة هآرتس بأن الولايات المتحدة تنشئ بنية تحتية لإسرائيل لاستيعاب طائرات التزويد بالوقود والمروحيات الجديدة التابعة لسلاح الجو، ومقرا جديدا لأسطول الكوماندوز البحري، بالإضافة إلى العديد من مشاريع البناء الأخرى التي تبلغ تكلفتها مليارات الدولارات. ونقل تقرير للصحيفة -الاثنين- عن وثائق رسمية من سلاح المهندسين الأميركي نشرت على الإنترنت أن هذه المشاريع تمول بمليارات الدولارات من أموال المساعدات الأمنية لإسرائيل، من بينها إنشاء مقر جديد للبحرية وقواعد جوية. ولفت التقرير إلى أن إسرائيل تتلقى 3.8 مليارات دولار سنويا لشراء المعدات والأسلحة، في حين تكشف المناقصات عن نحو 20 برنامج بناء ممولا من أموال المساعدات الأمنية. وأوضحت "هآرتس" أن مشاريع البناء هذه تشمل أيضا إنشاء مقر جديد للكتيبة الـ13، إضافة إلى مشروع يُعرف باسم "تاما 38″ في بعض الوثائق و"تاما 58" في وثائق أخرى، مع أنه يتعلق بتجديد مراكز صيانة المركبات المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي، وفق المصدر. وقالت الصحيفة إن سلاح المهندسين الأميركي صرح بأن المشروع لا علاقة له ببرنامج "تاما 38" لتقوية الهياكل أو برنامج "تاما 58" المعني بمعالجة النفايات في الأراضي الفلسطينية، في حين لم يعلق الجيش الإسرائيلي على المشاريع الأميركية. وبينت "هآرتس" أن العروض التقديمية والوثائق الصادرة عن مهندسي الجيش الأميركي لا تذكر المواقع إلا بأسماء رمزية، وعند دعوة المقاولين لجولات تمهيدية يُحفظ الموقع سرا ويُعلن عنه شفهيا فقط. وأضافت أن وثائق عطاءات الشركات المتنافسة تلزم بتجنب أي تفاصيل تُعرّف بموقع المشروع، لكن وثائق العطاءات تتضمن مئات بل آلاف الصفحات من الإجراءات والرسومات والمواصفات الدقيقة "وصولا إلى مستوى البرغي وسمك الخرسانة". وقالت الصحيفة إن بعض تلك الصفحات تحدد الموقع الدقيق للمشروع، في حين يتضمن بعضها الآخر خرائط مفصلة وصورا جوية للمواقع المخطط لها، بما في ذلك طريق الوصول المخطط له إلى موقع البناء، وهي تفاصيل تكشف عن المشروع المعني. وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن لدى سلاح المهندسين الأميركي مشاريع عديدة في جميع أنحاء إسرائيل، في حين تشمل المناقصات الجديدة: بناء مخابئ لتخزين الذخيرة في قاعدة هاتسيريم الجوية بتكلفة تصل إلى 100 مليون دولار، وإنشاء "منطقة هبوط سريع" -وهي منطقة مخصصة لتفريغ وتحميل الذخيرة والمتفجرات والمواد الخطرة- بتكلفة 10 ملايين دولار. وقالت إن البنية التحتية لاستيعاب 12 طائرة مروحية -بما في ذلك هدم المباني القائمة وبناء حظيرتين ومستودعات ومواقف سيارات في قاعدة تل نوف- تصل تكلفتها إلى 250 مليون دولار، إلى جانب ورش صيانة المركبات الثقيلة في قواعد عدة بتكلفة تصل إلى 100 مليون دولار. وأكدت الصحيفة أن هذه ليست المرة الأولى التي يكشف فيها سلاح المهندسين في الجيش الأميركي عن بناء مواقع في إسرائيل على الإنترنت، ففي عام 2012 أفادت تقارير بتشييد الولايات المتحدة مجمعا سريا تحت الأرض يُعرف باسم "الموقع 911" لاستخدام سلاح الجو الإسرائيلي. وقد قُدّرت تكلفة البناء بعشرات الملايين من الدولارات، في حين أوضحت وثائق المشروع -التي كُشف عنها على الإنترنت- أن هذا مشروع كبير في قاعدة نيفاتيم التي تعد قاعدة تعاون مع الولايات المتحدة، وفق هآرتس.

10 قتلى ونحو 30 جريحا في احتجاجات مؤيدة للديمقراطية بكينيا
10 قتلى ونحو 30 جريحا في احتجاجات مؤيدة للديمقراطية بكينيا

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

10 قتلى ونحو 30 جريحا في احتجاجات مؤيدة للديمقراطية بكينيا

قُتل 10 أشخاص في مظاهرات تشهدها كينيا إحياء لذكرى احتجاجات مؤيدة للديمقراطية، وفق ما أفادت الاثنين منظمة حقوقية محلية. وأعلنت اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان في بيان أنها "أحصت مقتل 10 أشخاص وإصابة 29 وحالتي خطف و37 عملية توقيف في 17 مقاطعة" خلال احتجاجات " يوم سابا سابا" التاريخية. لكن الهيئة أشارت أيضا إلى وجود "عصابات إجرامية بحوزتها أسلحة بدائية" في الاحتجاجات، لافتة إلى أن "ملثمين من أفراد هذه العصابات شوهدوا يعملون إلى جانب عناصر الشرطة" في العاصمة نيروبي. و"يوم سابا سابا" (سبعة سبعة) هو ذكرى الانتفاضة التي طالبت بعودة التعددية الحزبية في 7 يوليو/تموز 1990 بعد سنوات من الحكم الاستبدادي في عهد الرئيس دانيال أراب موي آنذاك. ومنذ قرابة الظهيرة أفاد صحفيون في وكالة الصحافة الفرنسية بوقوع اشتباكات مع قوات مكافحة الشغب التي أطلقت الغاز المدمع على تجمعات صغيرة، وعمد بعض المتظاهرين إلى رشق العناصر بالحجارة مع حصول أعمال النهب. كما قال مراسل من رويترز إن الشرطة الكينية فتحت النار على مجموعة من المتظاهرين في نيروبي اليوم الاثنين، وشوهد رجل بعد ذلك ملقى بلا حراك على الطريق وبدت عليه آثار دماء. وقبيل الاحتجاجات أغلقت الشرطة الكينية الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة نيروبي، وظلت معظم المحلات التجارية مغلقة، ومنعت الشرطة المركبات الخاصة والعامة من الوصول إلى وسط المدينة، كما منعت معظم المشاة من دخول العاصمة، ولم تسمح بالدخول إلا لهؤلاء الذين لديهم مهام ضرورية للقيام بها. ويدفع الإحباط الناجم عن الركود الاقتصادي والفساد وعنف الشرطة شبانا كينيين إلى المشاركة مجددا في التحركات الاحتجاجية بعدما تخللتها الشهر الماضي أعمال نهب وعنف، مما أسفر عن مقتل العشرات وتدمير آلاف الشركات. ويتهم محتجون السلطات بتمويل مسلحين بهدف تخريب التحركات، في حين تقول الحكومة إن المظاهرات أشبه بـ"محاولة انقلاب".

تهديد ترامب يخفض قيمة الراند الجنوب أفريقي
تهديد ترامب يخفض قيمة الراند الجنوب أفريقي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

تهديد ترامب يخفض قيمة الراند الجنوب أفريقي

انخفضت عملة الراند الجنوب أفريقية اليوم الاثنين بعد تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على الدول المتحالفة مع مجموعة بريكس التي انعقدت قمتها أمس الأحد في دولة البرازيل. يأتي ذلك بعد يوم من تصريح ترامب عبر منشور على موقع نورث سوشيال، أن مجموعة بريكس التي تضمّ دولا نامية من بينها جنوب أفريقيا تتبع سياسة معادية للولايات المتّحدة. من جانبها قالت وزارة الخارجية في جنوب أفريقيا إنها ليست معادية للولايات المتّحدة، وما زالت تسعى للتفاوض على اتفاق تجاري معها. أما المتحدث باسم وزارة التجارة في جنوب أفريقيا فأكد أن بلاده تنتظر تواصلا رسميا بشأن اتفاق تجاري مع الولايات المتّحدة، رغم أن المحادثات بناءة ومثمرة. وقد بدأت جنوب أفريقيا مساعيها للتفاوض على اتفاق تجاري مع إدارة ترامب منذ مايو/أيار الماضي عندما تمت استضافة الرئيس رامافوزا في البيت الأبيض. وشهدت العلاقة بين جنوب أفريقيا والولايات المتّحدة توتّرا متصاعدا منذ أن وصل الرئيس ترامب إلى الرئاسة. وفرض ترامب ضريبة بنسبة 31% على الواردات الأميركية من جنوب أفريقيا في أبريل/نيسان الماضي، كجزء من سياسته العالمية للتعريفات الجمركية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store