خطر الإغتيالات مجدداً؟
فكلام وزير الخارجية الإيراني الأسبق جاء في سياق مقابلة طويلة شملت المستجدات في أذربيجان والعراق ولبنان، والتي تدخل في إطار الترتيب الجديد الذي تندفع الإدارة الأميركية إلى ترسيخه في المنطقة، إثر النتائج العسكرية للحروب التي طاولتها، وفي إطار استعداد طهران للعودة إلى المفاوضات مع واشنطن وسط معارضة الجناح المتشدّد في طهران. وبات جلياً أنّ إدارة ترامب تعمل على إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، في وقت تبدو إيران محشورة بالوقت.
في الماضي، شكّل عامل الوقت ورقة قوة للسياسة الخارجية الإيرانية، أما اليوم فتبدو الظروف مختلفة بسبب الضغوط الأميركية المتلاحقة، ما يجعل عامل الإنتظار محكوماً بمهلة زمنية ومحفوفاً بالمخاطر. في اختصار، فإنّ طهران تبدو على سباق مع الوقت. وقد يكون كلام ولايتي كشف الترابط القائم بين ساحات المنطقة، فهو قال حرفياً إنّ طهران وبغداد سترفضان نزع سلاح «حزب الله» في لبنان و«الحشد الشعبي» في العراق. وجاء ذلك بعدما استفاض في إبداء معارضة بلاده لإنشاء «ممر زنغزور»، والذي يربط بين أذربيجان وتركيا، ومعللاً رفض بلاده بأنّه يؤدي إلى تغيير الخريطة الجيوسياسية في المنطقة.
فخلال الأيام الماضية، نجح الرئيس الأميركي في تحقيق تفاهم بين أذربيجان وأرمينيا، نتج منه توقيع اتفاق في واشنطن بين الرئيس الأذربيجاني ورئيس الحكومة الأرمنية، حمل عنوان «إطار عمل لتحقيق السلام»، ووصفت هذه الخطوة بأنّها «ضربة معلّم» لترامب، الذي عانى منذ عودته إلى البيت الأبيض من سلسلة خطوات فاشلة على الساحة العالمية. وقد أُحيطت المفاوضات بين أذربيجان وأرمينيا بالسرّية المطلقة نظراً لحساسيتها، ولأنّها تساهم في عزل إيران وإظهار قدرة واشنطن على اختراق منطقة القوقاز على حساب النفوذ الروسي. ولذلك بدت إيران الخاسر الأكبر من إنشاء ممر «زنغزور»، خصوصاً بعد النتائج التي أفضت إليها حروب المنطقة والضربة القوية لبرنامجها النووي. وإثر توقيع الإتفاق ظهر واقع جيوسياسي جديد في جنوب القوقاز، تُمسك بناصيته واشنطن، ويحظى بمباركة عدد من دول المنطقة، وبغض نظر روسي، في ظل انهماك موسكو بالحرب الدائرة في أوكرانيا منذ 2022. فالممر يوفّر رابطاً جديداً بين باكو وأنقرة، ما يسمح بنقل البضائع بينهما من دون الحاجة للمرور عبر إيران وروسيا. وهو أيضاً يؤشر لدور تصاعدي لأذربيجان في المنطقة، مع الإشارة هنا إلى قرار باكو بضخ الغاز إلى سوريا بتمويل قطري.
وتردّد سابقاً أنّ إيران التي اشتهرت بسياسة النفس الطويل، وبقدرتها على تطويع الضربات التي تتلقّاها لإعادة تعزيز نفوذها مجدداً، كانت تعمل لاستعادة حضورها في سوريا، والتي شكّل سقوط نظام الأسد فيها ضربة قوية وقاسية لمشروعها الإقليمي. لذلك تردّد كثيراً أنّ طهران حاولت التسلل إلى سوريا مجدداً، مستغلة التباينات الكثيرة الموجودة بين الفصائل التي ساندت أحمد الشرع. وتمّ إدراج أحداث الساحل السوري في هذا السياق، والتي انتهت بقمع دموي وسط صمت دولي. لكن طهران التي استمرت بالبحث عن ممرات برّية سرّية لإيصال السلاح إلى «حزب الله»، جلست تراقب الخلافات والتباينات الكثيرة التي أحاطت بمكونات السلطة الجديدة في دمشق. وقيل إنّ طهران بقيت تراهن على انفجار سوري داخلي يؤدي إلى سقوط سلطة الشرع أو في أحسن الحالات نشر الفوضى، ما سيسمح لها حتماً بالتسلل مجدداً إلى داخل النسيج السوري الممزق والتقاط أوراق جديدة. ولكن عامل الوقت هو الأهم بالنسبة إلى طهران. فهي تدرك أنّ الأفق لم يعد مفتوحاً أمامها، خصوصاً بعد الضربة التي تلقّتها، ووسط رفع مستوى الضغوط الأميركية عليها. فالحدّ الزمني الأقصى أمامها لا يتجاوز نهاية السنة الحالية، في وقت تحتاج لفترة زمنية لا تقلّ عن السنة للبدء بإعادة ترتيب أوضاعها. ومن هنا يمكن تفسير هذه التقديمات الإقتصادية السخية لدمشق، لتحصين سلطة الشرع ومنعها من السقوط أقلّه لفترة سنة أو سنتين. ومن هنا أيضاً غضب البيت الأبيض من أحداث السويداء، منعاً لإضعاف سلطة دمشق أكثر، وليس أبداً رفضاً لخريطة سياسية جديدة في سوريا، ترتكز على الإدارات المحلية تمهيداً للتجزئة مستقبلاً. فالمشكلة هي في التوقيت وليس في الأهداف. ولذلك تمّ إنهاء أحداث السويداء على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم». وإلّا فكيف يمكن تفسير مؤتمر الحسكة الذي نظّمته الإدارة الذاتية الكردية وشارك فيه ممثلون عن الدروز والعلويين، وخلص إلى المطالبة بدولة لامركزية وعلمانية وديموقراطية، واعتبرته دمشق ضربة لجهود التفاوض الجارية؟ ومع الإشارة هنا إلى إنشاء «مكتب تنفيذي» لإدارة شؤون محافظة السويداء غير مرتبط بدمشق، وهو ما أدرجه البعض في إطار التأسيس للإدارة الذاتية. ومع الإشارة ايضاً إلى نقطة مهمّة جداً، وهي أنّ الإدارات المحلية تشكّل عائقاً أمام «جموح» تركيا لبسط نفوذها على كل المساحة السورية عبر دمشق، وليس على وسط سوريا فقط. لكن لهذا الجانب بحثاً آخر. فالوقت الآن هو لمنع اهتزاز سلطة الشرع قبل إنجاز الإتفاق مع طهران.
وفي الزاوية الأخرى للصورة، والمقصود هنا الزاوية العراقية، سعى «الحشد الشعبي» إلى قوننة وجوده وشرعنته، ولكن تمّ إسقاط القانون بدعم أميركي واضح. وتزامن ذلك مع صدور قرار الحكومة اللبنانية حول سلاح «حزب الله». وهو ما يدفع للإستنتاج أنّ واشنطن ومعها عواصم الخليج العربي، تعمل على ترجمة المشروع الجديد للمنطقة، أي إخراج نفوذ إيران من لبنان والعراق ومنع شرعنته، بعدما تحقق ذلك في سوريا. ألم يكن لافتاً ومعبّراً ما ردّده ولايتي في المقابلة نفسها من أنّ بلاده لن تسمح بتنصيب «جولاني» آخر في لبنان؟.
ولأنّ المسألة ترتكز على إعادة تشكيل موازين القوى وخريطة النفوذ السياسي في المنطقة، فإنّ طهران تخشى من أن ينعكس نجاح قرار حصر السلاح في لبنان على الوضع في العراق أيضاً. وبالتالي أن يؤدي لإعطاء دفع قوي لحكومة بغداد. ألم يتحدث رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني عن تمسكه بعدم وجود سلاح خارج إطار الدولة العراقية؟. ومن المسلم به أنّ «حزب الله» و«الحشد الشعبي» يمثلان قوتين رئيسيتين متحالفتين مع إيران في المنطقة، التي اصطلح على تسميتها خلال المرحلة الماضية بـ«الهلال الشيعي».
وفي خطوة ليست بعيدة من شدّ الحبال الحاصل، تحدثت أوساط ديبلوماسية عن أنّ واشنطن تشتبه بانخراط جهات عراقية في تهريب النفط الإيراني الخاضع للعقوبات، وهو ما يشكّل ملفاً ضاغطاً على حكومة السوداني، كون ذلك يساعد طهران في الإلتفاف على العقوبات والحصول على العملة الصعبة. وهو ما يندرج في إطار شدّ الخناق أكثر على طهران، التي ضاقت خياراتها وباتت ملزمة بالذهاب إلى مفاوضات صعبة مع واشنطن، وهي لا تمسك في يدها بكثير من أوراق القوة. ومن هنا أيضاً معارضة المتشددين (رغم تراجع قوتهم الداخلية) للمفاوضات مع الأميركيين، ما دفع بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى التبرير بأنّ الحوار لا يعني الهزيمة أو الإستسلام، لكنه أكّد أنّ بلاده لن تتفاوض أبداً حول مبدأ التخصيب.
ووفق العرض الذي سبق، يبدو المشهد أكثر وضوحاً في لبنان. فقرار الحكومة لم تنتج منه انعكاسات خطيرة تؤدي إلى ضرب استمراريتها ولا لهزّ الإستقرار الأمني. وبقيت ردود الفعل في إطار تظاهرات للدراجات النارية وضمن مساحة مدروسة، ذلك أنّ الوقت والظرف لا يسمحان لطهران برفع مستوى الإعتراض والشغب، لا في لبنان ولا في العراق ولا في كل أرجاء المنطقة.
في لبنان بدأ العمل على وضع الخطط العسكرية لترجمة سبل تنفيذ قرار الحكومة. وفي الوقت نفسه بدأ القصر الجمهوري إتصالاته الخارجية لتأمين ظروف عقد مؤتمر إعادة الإعمار، وفق ما كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد وعد. ولا بدّ من أن يتصدّر هذا الملف محادثات الزوار الدوليين لبيروت بدءاً من الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك إضافة إلى موفدين فرنسيين. لكن الأولوية القصوى تبقى لصون الإستقرار الداخلي وسط قلق المراقبين من ظهور سلاح الإغتيالات مجدداً، خصوصاً مع انسداد الأفق أمام الشغب على المستويين الأمني في الشارع والسياسي المتعلق بعدم هزّ بنيان السلطة الذي قام وفق معادلة داخلية وإقليمية جديدة. هنا يصبح سلاح الإغتيالات وارداً كسبيل وحيد، ولو أنّ نتائجه ستكون باهظة الثمن بما يشبه ما تلا إغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005.
وقد يكون وليد جنبلاط قد اختصر كل المشهد بترداده أمس، في اللقاء الدرزي القول المأثور: «عند تغيير الدول إحفظ رأسك».
جوني منير - الجمهورية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 19 دقائق
- النهار
واشنطن وبكين في هدنة مشروطة… والتصعيد مؤجل حتى إشعار آخر
بين مكاتب البيت الأبيض وممرات الحزب الشيوعي في بكين، تدور لعبة شطرنج اقتصادية يتجاوز صداها حدود الأرقام. قرار ترامب بتمديد الهدنة الجمركية مع الصين حتى 10 تشرين الثاني/نوفمبر ليس مجرد تأجيل لزيادة رسوم… إنه لحظة إعادة تموضع في حرب اقتصادية لم تنطفئ نارها منذ عقد. هذه المهلة القصيرة، مثل ساعة رملية تنزف حباتها ببطء، تمنح الطرفين وقتاً لمناقشة أكثر الملفات حساسية: المعادن النادرة، النفط الخاضع للعقوبات، والتكنولوجيا التي تصوغ ملامح القرن الجديد. مشهد الهدنة: رايات بيضاء فوق بحر من الشكوك قبل أشهر قليلة فقط، كانت الحرب التجارية بين واشنطن وبكين في ذروتها. الرسوم الأميركية على السلع الصينية بلغت 145%، وردّت بكين بفرض قيود صارمة على صادرات المغناطيسات النادرة، وهي مادة لا غنى عنها لصناعات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا الأميركية. لكن في مايو، انفرجت الأزمة جزئياً باتفاق هدنة مؤقتة خفّضت التعريفات إلى 30% أميركياً و10% صينياً، مع إعادة فتح صمامات تصدير المعادن النادرة إلى السوق الأميركي. كانت تلك الهدنة بمثابة أنبوب أوكسجين للاقتصاد العالمي الذي بدأ يختنق من آثار الحرب الجمركية. وجاء بالأمس قرار تمديد الهدنة مرة آخرى لتسعين يوماً. ما تحت الطاولة: حين تتحول التجارة إلى سلاح سياسي في الظاهر، الحديث يدور عن نسب ورسوم. لكن في العمق، كل ملف تجاري هنا متشابك مع أمن قومي وصراع نفوذ. واشنطن تربط جزءاً من الرسوم بمكافحة تهريب الفنتانيل، وتضغط على بكين لتقليص وارداتها من النفط الروسي والإيراني. وفي المقابل، تسعى الصين إلى انتزاع مساحة أكبر في قطاع أشباه الموصلات، رغم تضييق واشنطن على استخدام شرائح "إنفيديا H20" في المشاريع الحكومية داخلها. إلا ان الحكومة الأميركية وصلت إلى اتفاق بالحصول على 15% من أرباح الشركات لمبيعات الصين. هذه ليست مفاوضات حول بضائع… بل حول من سيضع القواعد التي ستحكم الاقتصاد العالمي لعقود قادمة. الأسواق تلتقط أنفاسها… بحذر المستثمرون في وول ستريت استقبلوا القرار بالارتياح: مؤشرات الأسهم تماسكت، والذهب ظل تحت السيطرة، والدولار بقي في نطاق ضيق. لكن الهدوء هنا يشبه السكون الذي يسبق العاصفة. أي تعثر في المحادثات قد يعيد الأسواق إلى مشهد 2019، حين انهارت الثقة في التجارة العالمية وتراجعت صادرات آسيا بأكثر من 10% في شهر واحد. أوروبا بين الأمل والقلق في بروكسل وبرلين وباريس، ينظر صناع القرار إلى هذه الهدنة كمجال لالتقاط الأنفاس. نجاحها قد ينعش سلاسل الإمداد ويمنح الصناعة الأوروبية دفعة جديدة، لكن فشلها قد يعيد سيناريو اضطراب الموانئ وارتفاع تكاليف الإنتاج، في وقت تحاول فيه أوروبا التكيف مع تباطؤ اقتصادي وتحديات طاقية متصاعدة. لقاء مرتقب بين ترامب وشي… فرصة للاتفاق الدائم؟ البيت الأبيض لمّح إلى احتمال عقد لقاء بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ أواخر تشرين الأول/أكتوبر، على هامش قمة دولية في كوريا الجنوبية. لقاء كهذا قد يشكّل فرصة لاختراق جمود الملفات العالقة، أو يتحول إلى منصة لفرض شروط أكثر تشدداً إذا شعر ترامب أن بكين لا تقدم التنازلات الكافية. ما بعد التسعين يوماً: إلى أين؟ التاريخ القريب يقول إن الهدن بين واشنطن وبكين قصيرة العمر. وما لم تُحل القضايا الجوهرية — من التوازن التجاري إلى قواعد التكنولوجيا — فإن هذه الفترة ليست سوى فصل هادئ في كتاب صراع طويل. السؤال الحقيقي الذي سيطرح نفسه في نوفمبر: هل نغلق هذا الفصل على اتفاق مستدام، أم نفتحه على تصعيد قد يعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي من جديد؟


سيدر نيوز
منذ 38 دقائق
- سيدر نيوز
بي بي سي تقصي الحقائق: هل أصبحت الجريمة في واشنطن العاصمة 'خارجة عن السيطرة' كما يقول ترامب؟ #عاجل
أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه سينشر مئات من قوات الحرس الوطني في واشنطن العاصمة، ويتولى إدارة شرطة المدينة لمكافحة الجريمة. وفي مؤتمر صحفي، أعلن 'يوم التحرير' للمدينة، وتعهد بـ 'إنقاذ' عاصمة البلاد من 'الجريمة، وسفك الدماء، والفوضى، والبؤس، وما هو أسوأ'. ومع ذلك، صرّحت عمدة واشنطن العاصمة، موريل باوزر، بأن المدينة 'شهدت انخفاضاً هائلاً في معدل الجريمة'، وأنها 'عند أدنى مستوى لها في جرائم العنف منذ 30 عاماً'. تُلقي بي بي سي لتقصي الحقائق الضوء على ما تكشفه الأرقام حول جرائم العنف في العاصمة، وكيفية مقارنتها بالمدن الأخرى في الولايات المتحدة. هل ارتفع معدل جرائم العنف في واشنطن العاصمة؟ أشار الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، وأعلن فيه 'حالة طوارئ لمكافحة الجريمة في مقاطعة كولومبيا'، إلى 'تصاعد العنف في العاصمة'. وفي مؤتمره الصحفي، كرر ترامب الإشارة إلى أن الجريمة 'خرجت عن نطاق السيطرة'. ولكنْ وفقاً لأرقام الجريمة التي نشرتها شرطة العاصمة واشنطن، فقد انخفض معدل جرائم العنف بعد أن بلغت ذروتها في عام 2023. وفي عام 2024 وصلت الجرائم إلى أدنى مستوى لها منذ 30 عاماً. ووفقاً للبيانات الأولية لعام 2025، فإن معدل الجريمة آخذٌ في الانخفاض. فقد انخفضت جرائم العنف بشكل عام بنسبة 26 في المئة هذا العام، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024، وانخفضت جرائم السرقة بنسبة 28 في المئة، وفقاً لشرطة العاصمة. ومع ذلك، فإن ترامب واتحاد شرطة العاصمة يشككان في صحة أرقام الجريمة الصادرة عن إدارة شرطة المدينة. تختلف تقارير شرطة العاصمة حول جرائم العنف، عن التقارير التي يصدرها مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو مصدر رئيسي آخر لإحصاءات الجريمة في الولايات المتحدة. فقد أظهرت البيانات العامة لشرطة العاصمة انخفاضاً بنسبة 35 في المئة لعام 2024، بينما أظهرت بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي انخفاضاً بنسبة 9 في المئة. هذا يعني أن أرقام كلا الجهتين تتفق على أن الجريمة آخذة في الانخفاض في العاصمة، لكنها تختلف حول درجة هذا الانخفاض. ويؤكد آدم غيلب، الرئيس التنفيذي لمجلس العدالة الجنائية، وهو مركز أبحاث قانوني، على أن هذا الاتجاه نحو الانخفاض 'كبير ولا لبس فيه'. وأوضح غيلب قائلاً: 'تتغير الأرقام تبعاً للفترة الزمنية وأنواع الجرائم التي تُفحص؛ لكن بشكل عام، ثمة انخفاض كبير لا لبس فيه في وتيرة العنف منذ صيف عام 2023، عندما بلغت جرائم القتل والاعتداءات بالأسلحة النارية والسطو وسرقة السيارات ذروتها'. ماذا عن معدلات جرائم القتل؟ جاء من جملة ما قاله ترامب أن 'جرائم القتل في عام 2023 ربما وصلت إلى أعلى معدل لها على الإطلاق' في واشنطن العاصمة، منذ '25 عاماً مضت'. وعندما توجهنا بالسؤال إلى البيت الأبيض عن مصدر الأرقام، أجابوا بأنها 'أرقام مقدمة من مكتب التحقيقات الفيدرالي'. فقد ارتفع معدل جرائم القتل في عام 2023 إلى نحو 40 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة، وهو أعلى معدل مسجل منذ 20 عاماً، وفقاً لبيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي. ومع ذلك، لم يكن هذا أعلى معدل مسجل على الإطلاق، بل كان الرقم أعلى بكثير في التسعينيات وأوائل الألفية الثانية. فقد انخفض معدل جرائم القتل في عام 2024، وانخفض هذا العام بنسبة 12 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وفقاً لشرطة العاصمة. وأشارت الدراسات إلى أن معدل جرائم القتل في العاصمة أعلى من المتوسط، مقارنةً بالمدن الأمريكية الكبرى الأخرى. فحتى 11 أغسطس/آب، سُجِّلت 99 جريمة قتل هذا العام في واشنطن العاصمة، من بينها مقتل طالب بالرصاص كان يتدرب في الكونغرس، يبلغ من العمر 21 عاماً، خلال تبادل لإطلاق النار، وهي قضية أشار إليها ترامب في مؤتمره الصحفي. ماذا عن سرقات السيارات؟ في معرض حديثه، ذكر الرئيس الأمريكي أيضاً قضية موظف سابق في إدارة كفاءة الحكومة 'دوج' يبلغ من العمر 19 عاماً، كان قد أُصيب خلال محاولة سرقة سيارة في العاصمة، في بداية أغسطس/آب. وقال ترامب إن 'عدد سرقات السيارات قد تضاعف أكثر من ثلاثة مرات' خلال السنوات الخمس الماضية. والحقيقة أنه حتى الوقت الحالي من هذا العام، سجلت شرطة العاصمة 189 جريمة سرقة سيارات، بعد أن بلغت 300 جريمة في الفترة نفسها من العام الماضي. ووفقاً لمجلس العدالة الجنائية، فقد ارتفعت حوادث سرقة السيارات بشكل ملحوظ منذ عام 2020 فصاعداً، وبلغت ذروتها الشهرية في يونيو/حزيران 2023، بمعدل 140 حادثة أُبلِغ عن وقوعها. ومنذ يوليو/تموز 2025، فُرض حظر تجوال على مستوى المدينة لمن تقل أعمارهم عن 17 عاماً من الساعة 11 مساءً حتى الساعة 6 صباحاً. وجاء هذا الحظر في سبيل مكافحة جرائم الأحداث 'من هم دون السن القانونية'، وعلى رأس تلك الجرائم سرقة السيارات، التي غالباً ما تشهد ارتفاعاً في معدلها خلال أشهر الصيف. كيف يمكن مقارنة معدلات الجريمة بمناطق أخرى في الولايات المتحدة؟ أخبرنا غِيلب من مجلس العدالة الجنائية بأن 'مستوى العنف في المقاطعة لا يزال أعلى في الغالب من متوسط معدله في ثلاثين مدينة' شملتها الدراسة. واستدرك قائلاً: 'مع أن اتجاهه نحو الانخفاض يتماشى مع ما نشهده في المدن الكبرى الأخرى في جميع أنحاء البلاد'. وقد أجرى مجلس العدالة الجنائية دراسةً حول معدلات الجريمة في 30 مدينة أمريكية كبيرة. ويشير تحليل المجلس إلى أن معدل جرائم القتل في واشنطن العاصمة، قد انخفض بنسبة 19 في المئة في النصف الأول من هذا العام (من يناير/كانون الثاني، وحتى يونيو/حزيران 2025)، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. ويُعد هذا الانخفاض أعلى بقليل من متوسط الانخفاض البالغ 17 في المئة، في المدن التي شملتها عينة دراسة مجلس العدالة الجنائية. ومع ذلك، إذا قارنّا الأشهر الستة الأولى من عام 2025 بالفترة نفسها من عام 2019، قبل أزمة كوفيد 19، فسوف نجد انخفاضاً بنسبة 3 في المئة فقط في معدل جرائم القتل. أما في المدن الثلاثين التي شملتها الدراسة، فقد بلغ هذا الانخفاض 14 في المئة خلال الفترة الزمنية ذاتها.


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
ترامب يستضيف رئيس كوريا الجنوبية في 25 آب
يستضيف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في 25 آب/ أغسطس لبحث تفاصيل اتفاقهما التجاري الأخير والشرائح الإلكترونية وبناء السفن وغيرها من المواضيع، بحسب ما أفادت سيول اليوم الثلاثاء. وردا على خفض الرسوم الجمركية التي هدد بها والبالغة نسبتها 25 في المئة إلى 15 في المئة، قال ترامب في 31 تموز/ يوليو إنَّ كوريا الجنوبية "ستقدّم" للولايات المتحدة استثمارات بقيمة 350 مليار دولار وتشتري منتجات متعلّقة بالطاقة بقيمة 100 مليار دولار. كما أشار إلى أن كوريا الجنوبية وافقت على استثمار "مبلغ مالي كبير" إضافي سيتم الإعلان عن تفاصيله أثناء زيارة الرئيس لي إلى البيت الأبيض. وأفاد مكتب لي بأن الاجتماع سيبحث تطوير التحالف إلى "شراكة استراتيجية موجّهة للمستقبل" أمام البيئة العالمية والأمنية والاقتصادية المتغيّرة. وذكر الناطق باسم الرئيس الكوري بأن ترامب ولي سيبحثان التعاون "في قطاعات التصنيع مثل أشباه الموصلات والبطاريات وبناء السفن، إلى جانب الشراكات الأمنية الاقتصادية التي تشمل التكنولوجيا المتقدمة والمعادن الأساسية وغيرها من المجالات". وأفاد مسؤولون كوريون جنوبيون بأن التزام سيول مساعدة الولايات المتحدة على إعادة إحياء قطاع بناء السفن لديها ضروري للتوصل إلى اتفاق تجاري. كما تتطلع واشنطن بشكل متزايد إلى أحواض بناء السفن في الخارج لتعزيز عملياتها العسكرية، ما يجعل من كوريا الجنوبية شريكا رئيسيا في مجال الدفاع. وفي 2024، باتت "هانوها أوشن" التي تعد من أكبر شركات بناء السفن الكورية الجنوبية أول شركة غير أميركية تحصل على إذن لإجراء أعمال صيانة في حوض جاف لسفينة تابعة لسلاح البحرية الأميركي. وستكون القمة الأولى بين الرئيسين منذ انتخاب لي في حزيران/ يونيو بعد عزل سلفه اثر إعلانه الأحكام العرفية.