
وسط دعوات للحظر.. من أين تحصل إسرائيل على الأسلحة؟ – DW – 2025/5/27
دعت إسبانيا لفرض حظر على تزويد إسرائيل بالأسلحة، في ظل تصاعد العنف في غزة، كما طالب نواب ألمان حكومة بلادهم بذلك. لكن الضغط الحقيقي يتطلب تحركا من 3 مصدرين رئيسيين للأسلحة على الأقل. فهل تتغير السياسات والقرارات قريبا؟
طلبت إسبانيا من الدول الأوروبية تعليق شحن الأسلحة إلى إسرائيل، في ظل تزايد الإدانة الدولية لسلوكها في غزة.
وفي اجتماع "مجموعة مدريد" الذي استضافته الحكومة الإسبانية، دعا وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، إلى تعليق فوري لاتفاقية التعاون الأوروبي مع إسرائيل وفرض حظر على شحن الأسلحة إليها.
وقال ألباريس قبل المؤتمر: "يجب أن نتفق جميعا على حظر مشترك للأسلحة. آخر ما يحتاجه الشرق الأوسط الآن هو الأسلحة".
وكان من بين الحاضرين في الاجتماع، ممثلون عن ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية وتركيا والمغرب والبرازيل، إلى جانب العديد من المنظمات الحكومية الدولية. ومع ذلك، فإن نسبة ضئيلة فقط من الدول الممثلة في اجتماع مجموعة مدريد هي التي تزود إسرائيل بالأسلحة.
ما حجم مخزون الأسلحة في إسرائيل؟
تُعدّ إسرائيل من أكبر مُصدّري الأسلحة في العالم، وهي تمتلك مخزونا داخليا كبيرا منها.
وقد أفاد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) في مارس/آذار الماضي، أن إسرائيل تحتل المرتبة الخامسة عشرة بين أكبر مستوردي الأسلحة عالميا، على الرغم من انخراطها النشط في النزاعات، حيث تُمثّل أقل من 2% من الواردات العالمية.
كما انخفضت وارداتها بنحو 2.3% في السنوات الخمس الماضية، مُقارنة بالفترة السابقة. والأهم من ذلك، أن ثلاث دول تُشكّل مُعظم إمدادات الأسلحة الإسرائيلية: الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا.
الولايات المتحدة.. أكبر المُورّدين
تُعدّ الولايات المتحدة، بلا منازع، أكبر مُورّد للأسلحة لإسرائيل، سواء تاريخيا، أو منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وعلى الرغم من انخفاض إمداداتها النسبية على مدار العقد الماضي، إلا أنها لا تزال تُمثّل حوالي ثلثي واردات إسرائيل من الأسلحة منذ عام 2020 إلى غاية عام 2024، وفقا لمعهد SIPRI. ويشمل ذلك الطائرات والمدرعات والقنابل الموجهة.
تُعدّ إسرائيل أيضا أكبر متلق للمساعدات الأمريكية تاريخيا، وفقا لمجلس العلاقات الخارجية (CFR) الأمريكي. وبالإضافة إلى مساهمة اقتصادية كبيرة بين عامي 1946 و2024، تلقت إسرائيل 228 مليار دولار (200 مليار يورو) كدعم عسكري من الولايات المتحدة.
اليوم، تُشكّل معظم المساعدات الخارجية الأمريكية لإسرائيل إنفاقا عسكريا. ويشمل ذلك اتفاقية قائمة لتقديم دعم بقيمة 3.8 مليار دولار إلى غاية عام 2028. ووفقا لمجلس العلاقات الخارجية، يجب إنفاق معظم المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة على شراء المعدات والخدمات العسكرية الأمريكية.
من غير المرجح أن تُغيّر الولايات المتحدة من مدى دعمها لإسرائيل. فقد رفض مجلس الشيوخ الأمريكي في أبريل 2025 ونوفمبر 2024 محاولات السيناتور المستقل، بيرني ساندرز، وقف مبيعات عسكرية بمليارات الدولارات لإسرائيل.
دول عديدة أوقفت تصدير السلاح إلى إسرائيل لكن أهم الموردين مستمرين في ذلك صورة من: Amir Cohen/Reuters
ألمانيا مستمرة في تزويد إسرائيل بالأسلحة
ألمانيا داعم دبلوماسي وعسكري عريق لإسرائيل، ومنذ عام 2020 إلى غاية عام 2023، استحوذت ألمانيا على حوالي ثلث إمدادات الأسلحة الصادرة إلى إسرائيل، ومعظمها فرقاطات بحرية وطوربيدات.
صرّح الباحث في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، زين حسين، لـ DW عبر البريد الإلكتروني أن "إسرائيل اعتمدت على ألمانيا في مجال القدرات البحرية"، وأن إسرائيل لديها طلبية لشراء غواصات من ألمانيا.
وشملت إمدادات الأسلحة الألمانية لإسرائيل أيضا مركبات مدرعة وشاحنات وأسلحة مضادة للدبابات وذخيرة. ومن غير المرجح أن يتغير هذا الوضع، على الرغم من دعوات إسبانيا لفرض حظر.
وقال وزير الخارجية الألماني، يوهان فادفول، يوم الاثنين: "بصفتها دولة تدرك أهمية أمن إسرائيل ووجودها كمبدأ أساسي، فإن ألمانيا ملزمة دائما بمساعدة إسرائيل".
جاءت هذه التعليقات في الوقت الذي صرّح فيه المستشار الألماني فريدريش ميرتس، لهيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية (WDR)، بأنه "لم يعد يفهم" هدف إسرائيل في غزة، وأن أفعالها "لم يعد من الممكن تبريرها بقتال حماس".
,طالب عدد من نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان الألماني (بوندستاغ) بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل .
لكن رغم تصريحات ميرتس، فإن أي قيود مستقبلية على إمدادات الأسلحة الألمانية ستُمثل تطورا هاما. فقد قدمت ألمانيا أكثر من 131 مليون يورو (137 مليون دولار) من صادرات الأسلحة خلال عام 2024، وفقا لإحصاءات حكومية. وكان الرقم خلال سنة 2023، يناهز 326 مليون يورو.
الأسلحة الإيطالية تمثل 1% من أسلحة إسرائيل
تساهم إيطاليا بنحو 1% من أسلحة إسرائيل، ولكن بموجب القانون الإيطالي، يُحظر قيامها بذلك نظرا للصراع القائم.
انتقدت الحكومة الإيطالية تصرفات إسرائيل، لكن تقارير العام الماضي وجدت أنها استمرت في إمداد إسرائيل بالأسلحة بعد بدء الصراع في أكتوبر 2023.
شمل ذلك، بحسب التقارير، 2.1 مليون يورو (2.4 مليون دولار) في الربع الأخير من عام 2023، وهو العام الذي كان فيه الهجوم الإسرائيلي مستمرا، وعلى الرغم من تأكيدات الحكومة الإيطالية بتوقف شحن الأسلحة نحو إسرائيل.
ووجد تحليل أجرته وكالة الأنباء الإيطالية "ألتريكونوميا" على حسابات حكومية أن إيطاليا زودت إسرائيل بأسلحة بقيمة 5,2 مليون يورو العام الماضي.
خفضت بعض دول الاتحاد الأوروبي صادراتها فعلا، لكن إسرائيل لا تعاني من نقص في الأسلحة، سواء المُنتجة محليا أو من خلال داعميها الرئيسيين. وعلى الرغم من ضغوط الدول الأوروبية لفرض حظر على الأسلحة، قال الباحث حسين إن أكثر الحلول فعالية، يتطلب انضمام أبرز مُصنّعي الأسلحة لإسرائيل.
وأضاف حسين: "تُعدّ الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا أهم موردي الأسلحة الرئيسية لإسرائيل. ولممارسة أقصى ضغط على قدرات إسرائيل، يجب أن تشارك هاتان الدولتان في حظر الأسلحة".
أوقفت بعض الدول الأوروبية توريد الأسلحة، أو علّقت تراخيص التصدير. ومن بين هذه الدول: فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة، على الرغم من أن مساهماتها أقل من 0.1% من إجمالي واردات إسرائيل.
ومع ذلك، وجدت دراسة لبيانات التجارة البريطانية، نقلتها صحيفة الغارديان في مايو/أيار، أن المملكة المتحدة أرسلت آلاف المعدات العسكرية إلى إسرائيل رغم حظر التصدير.
وقالت كاثرين جيغوت، باحثة في مجال العلاقات الدولية في جامعة نوتنغهام في المملكة المتحدة، إن تغييرا كبيرا في السياسة الخارجية الأمريكية سيتطلب استجابة ألمانيا لدعوة إسبانيا.
وأضافت جيغوت في تصريح لـ DW: "أعتقد أن ألمانيا ستتعرض لضغوط أكبر إذا ما غيّرت الولايات المتحدة موقفها أيضا. لكنني لست متأكدة من أن ضغط بقية دول الاتحاد الأوروبي، المعارضة للتسليح، ستكون كافية لتغيير تلك العلاقة الخاصة مع إسرائيل".
على الرغم من التزام ألمانيا الراسخ تجاه إسرائيل، قالت جيغوت: "أعتقد أن إرسال ألمانيا لهذا الكمّ الهائل من الأسلحة يُمثّل مشكلة جسيمة للاتحاد الأوروبي". وأضافت أن "محاولة إسبانيا فرض حظر على الأسلحة تُحقق هدفا مباشرا ورمزيا للدول التي قد تُعارض ما تقوم به إسرائيل في غزة".
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 21 ساعات
- DW
خبراء: تعليق استقدام طلاب أجانب يضر بسمعة واقتصاد أمريكا – DW – 2025/5/30
في ظل توترات بين إدارة ترامب ومؤسسات التعليم العالي، وخاصة جامعة هارفارد، علقت الخارجية الأمريكية النظر في مقابلات منح التأشيرات للطلاب الأجانب. هذا الأمر سينعكس على الولايات المتحدة على مختلف الأصعدة، وفق خبراء. أوقفت وزارة الخارجية الأمريكية معالجة تأشيرات الطلاب بناءً على أوامر من وزير الخارجية ماركو روبيو، وهو أحدث إجراء ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب بهدف تشديد إجراءات الهجرة. يأتي هذا القرار، الذي يُلزم البعثات الدبلوماسية الأمريكية بتعليق مواعيد المقابلات لطلبات تأشيرات الطلاب الجدد، في ظل توترات مستمرة بين إدارة ترامب ومؤسسات التعليم العالي، وخاصة جامعة هارفارد. وذكرت البرقية، التي نشرتها بوليتيكو، أن: "الوزارة تُجري مراجعة للعمليات والإجراءات الحالية لفحص وتدقيق طالبي تأشيرات الطلاب والتبادل، وبناء على هذه المراجعة، يتم التخطيط لإصدار توجيهات بشأن توسيع نطاق التدقيق على وسائل التواصل الاجتماعي لجميع هؤلاء المتقدمين". ويتوافق نهج وزارة الخارجية مع الجهود المبذولة مع سياسة تشديد إجراءات البحث حول الأفراد الذين يدخلون الولايات المتحدة. منذ تنصيب دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني، طبّقت الإدارة إجراءات شاملة لاحتجاز وترحيل المهاجرين، ومنع دخول بعض المسافرين، بمن فيهم السياح، مما دفع العديد من الدول إلى تحديث تحذيراتها بشأن السفر. تأتي هذه الخطوة في أعقاب جهود الحكومة لتحديد هوية الطلاب المشاركين في أنشطة جامعية، وربما اعتقالهم أو ترحيلهم، وخاصة الاحتجاجات ضد الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على غزة. وقد قوبلت محاولات المؤسسات التعليمية للرد على إجراءات إدارة ترامب بتجميد المنح وخفض التمويل. في مارس/آذار، ألغت الحكومة الأمريكية أكثر من 300 تأشيرة، حيث صرّح روبيو بأن الطلاب شاركوا في "أنشطة تتعارض مع مصلحتنا الوطنية وسياستنا الخارجية". الطلاب الدوليون.. محرك اقتصادي رئيسي استقبلت الولايات المتحدة أكثر من 1.1 مليون طالب دولي في العام الدراسي 2023-2024، حيث شكّل الطلاب من الهند حوالي 30% منهم، بينما شكّل الطلاب من الصين حوالي 25%. لكن من المحتمل أيضا أن تتأثر المساهمة المالية الرئيسية التي يقدمها الطلاب للاقتصاد الأمريكي بوقف المقابلات. ووفقا لرابطة المدرسين الدوليين (NAFSA)، ضخ الطلاب الدوليون 43.8 مليار دولار (42.8 مليار يورو) في الاقتصاد الوطني خلال العام الدراسي 2023-2024. وفي بيان لها، وصفت فانتا أو، المديرة التنفيذية والرئيسة التنفيذية لـ NAFSA، وقف المقابلات بأنه "هجوم آخر مقلق للغاية ضد الطلاب الدوليين، يُضاف إلى قائمة طويلة تشمل الاعتقالات، وإلغاء التأشيرات، وإنهاء نظام معلومات الطلاب والزوار المتبادلين (SEVIS)، وتهديد قدرتهم على الالتحاق ببعض المؤسسات الأمريكية". وأثارت حملات التأشيرات السابقة قلق الطلاب الدوليين، وصار بعضهم يرى أن فرص العمل أو التعليم في الولايات المتحدة قد لا تستحق المخاطرة. وقال مايكل كليمنس، الخبير الاقتصادي في شؤون الهجرة بجامعة جورج ماسون في ولاية فرجينيا الأمريكية، إن وقفا مؤقتا لطلبات تأشيرات الطلاب قد يكون له آثار سلبية كبيرة في جميع أنحاء البلاد. وقال كليمنس في تصريح لـ DW: "هذا التوقف مُضر للغاية، فهو يسبب توجسا للطلاب الذين يُفكّرون في استثمار مبالغ طائلة للدراسة في الولايات المتحدة، خاصة أنه في العديد من الولايات، يُعدّ النظام الجامعي إما أكبر جهة توظيف، كما هو الحال في ولاية ألاباما، أو من أبرزها". وحذر المتحدث من أن انخفاض أعداد الطلاب الدوليين قد يُقوّض إمكانات المشاريع الجديدة ويخنق الابتكار الأمريكي. وقال: "إن 15% من الشركات الناشئة الممولة برأس المال الاستثماري في أمريكا، مع كل ما تُوفّره من فرص عمل واستثمارات وتطور تكنولوجي، تعتمد على الطلاب الأجانب". كما أن توقف تأشيرات الطلاب قد يُلحق ضررا بالغا بالاقتصاد المحلي، سواء أكان ذلك بسبب توفير فرص عمل صيفية، أو دعم الوظائف المحلية والشركات الصغيرة. ويُعرب كليمنس عن قلقه من أن الجهود المبذولة لخفض أعداد الطلاب الدوليين ستشلّ المدن الأمريكية الصغيرة. إن الآثار الدائمة لفقدان أمريكا مكانتها كوجهة عالمية رائدة لأجيال قادمة، ستشعر بها كل زاوية من زوايا المجتمع، فهم جوهر الديناميكية والنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، ولن ينجو أحد من عواقبها. فقدان الثقة في التعليم الأمريكي روحام منظور، الذي درس في الولايات المتحدة، ويعمل الآن كمدير عام لشركة MACES، وهي شركة استشارات تعليمية في بنغلاديش تُقدّم المشورة للطلاب حول خيارات الدراسة حول العالم، يقول: "لقد قضيت وقتا رائعا هناك، أعتبر الولايات المتحدة موطني. لديّ شغف كبير بالتعليم الأمريكي، وأعتقد أنه من بين الأفضل في العالم". وأضاف: "إنه لأمر مُحزن أن نرى هذا يحدث". وقال: "أعداد الطلاب الذين يأتون إلينا الآن بغرض الذهاب إلى الولايات المتحدة انخفضت بشكل كبير، ومع هذا، سيُحجم عدد كبير جدًا من الطلاب عن التقديم إلى الولايات المتحدة". طلاب هارفارد قلقون من ترحيل زملائهم آشيش مالك واحد من ملايين الطلاب الدوليين الذين استفادوا من الدراسة في الولايات المتحدة، وقد وصل إليها بالتأشيرة التي تُمنح عادة للطلاب الذين يزورون الولايات المتحدة ضمن برامج التبادل مثل الزمالات. يتابع مالك زمالته في جامعة إدنبرة، وقد صرّح لـ DW قائلا: "هذه الخطوة ستجعل العديد من الطلاب الدوليين في حيرة بشأن ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة لهم". وأضاف: "إذا فكرت في الذين خططوا للدراسة أو العمل في أمريكا، فستجد أن مستقبلهم على المحك". وأضاف أن الجهود التي تبذلها إدارة ترامب لخفض المنح، ستجعل الطلاب الدوليين الذين يعتمدون على التأشيرات غير متأكدين من الآفاق داخل الولايات المتحدة على المدى الطويل. وأوضح مالك: "العديد من زملائي ليسوا متأكدين مما إذا كانت منحهم ستُمدَّد". وبالنسبة لكليمنس، بصفته أستاذا في جامعة أمريكية، يأمل أن تُعيد إدارة ترامب النظر في سياساتها قبل أن يلحق ضرر دائم بالتعليم الدولي. وقال: "إن الثقة التي يكنّها الطلاب الدوليون والمواهب المتميزة من جميع أنحاء العالم للولايات المتحدة تتزعزع بشكل ممنهج. وإلى أن تبدأ الحكومة الأمريكية بمحاولة إصلاح هذا الضرر، سيكون من الصعب أن أنصح الطلاب بمواصلة القدوم إلى الولايات المتحدة. وهذا أمرٌ محزنٌ للغاية بالنسبة لي". أعدته للعربية: ماجدة بوعزة تحرير: عبده جميل المخلافي


DW
منذ يوم واحد
- DW
رغم القمع.. نساء إيران تحملن "نعش الحجاب!" إلى مثواه الأخير – DW – 2025/5/30
لم يعد القمع الذي إيران على نسائها لفرض الحجاب ممكناً كما في السابق، فقد هبّت رياح التغيير في المجتمع الإيراني، مما زاد من عجز الدولة عن مواجهتها. وتظهر المرأة الإيرانية شجاعة كبيرة في مواجهة السلطة و"حراس الأخلاق". يبدو أن الحكومة الإيرانية لم تعد قادرة على كبح رياح التغيير التي هبّت على مجتمعها، وخاصة فيما يتعلّق بعدم ارتداء نسائها للحجاب في الأماكن العامة، فصرّح السياسي المحافظ علي مطهري للصحفيين على هامش معرض الكتاب الدولي في العاصمة الإيرانية طهران بأن الحكومة الإيرانية تتجه نحو عدم اتباع قواعد صارمة فيما يخص ارتداء النساء للحجاب. وأوضح أن الشرطة لا تتدخل إلا في حالات الانتهاكات الخطيرة، وقال: "يجب أن تعلموا: حتى في عهد الشاه - أي قبل ثورة 1979 - كان يتم اعتقال النساء اللاتي لا يرتدين ملابس محتشمة في الأماكن العامة". على مطهري هو أحد السياسيين المحافظين الذين دعوا مراراً وتكراراً إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد النساء اللواتي ينحرفنَ عن قواعد اللباس الصارمة، وليس فقط الامتناع عن ارتداء الحجاب، حتى قبل الاحتجاجات التي اندلعت على مستوى البلاد إثر وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة في سبتمبر/ أيلول عام 2022، بعد إلقاء القبض عليها من "شرطة الأخلاق" بسبب عدم ارتدائها للحجاب. وفي السابق كان مطهري بصفته عضوا في البرلمان قد وجّه سؤالاً إلى وزير الداخلية في عام 2014، "لماذا يُسمَح للنساء بارتداء السراويل تحت معاطفهن؟"، ودعا إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد النساء المعنيات. إيران: النضال من أجل حرية المرأة To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video تحوّل في المجتمع الإيراني جهود النساء الإيرانيات في انتزاع حرّيتهن أتت أكلها، وبدأت بوادر التغيّر في المجتمع الإيراني تظهر بوضوح، فكتبت باحثة في مجال النوع الاجتماعي وصحفية من طهران رداً على استفسار DW، "لم يعد بإمكان الدولة أن تسلبنا ما حققناه خلال السنوات الثلاث الماضية". لا ترفض الباحثة الاجتماعية ارتداء الحجاب في الأماكن العامة فحسب، بل تشجع النساء الإيرانيات على اتخاذ هذا القرار بأنفسهن، ما إذا كنّ يرغبن بارتداء الحجاب في الأماكن العامة أم لا. وبسبب مواقفها هذه تتعرض الباحثة إلى تحذيرات مستمرة من الحكومة الإيرانية، وتتلقى تهديدات بالقتل من متصلين مجهولين، وتضيف: "لم يعد بإمكانهم إجبارنا على اتباع قواعدهم وارتداء الحجاب في كل مرة نخرج فيها من المنزل". بدأت ملامح التغيير تظهر بعد وفاة مهسا أميني على حدّ تعبيرها، ومن أبرز الأمثلة على هذا التغيير ما حدث في جنازة الكاتبة والشاعرة الإيرانية شيفا أريستوي، في 12 مايو/ أيار الماضي، حيث حملت النساء نعش الفنانة دون ارتدائهن للحجاب، وهو ما كسر التقاليد التي كانت سائدة. فاستناداً إلى المعايير الدينية والاجتماعية كان حمل النعوش من مهام الرجال لفترة طويلة من الزمن، ولكن منذ حركة "المرأة والحياة والحرية"، التي اجتاحت البلاد عقب وفاة مهسا أميني أصبح عدد متزايد من النساء يحضرن الجنازات دون ارتداء الحجاب ويحملن نعوش أحبائهن. ومع ذلك تحاول النساء الإيرانيات الابتعاد عن وسائل الإعلام الأجنبية، وعدم جذب انتباه الرأي العام حتى يعشنَ بسلام دون التعرّض للقمع، فالتعامل مع وسائل الإعلام يُعتبر في إيران"تحريضاً ضد الدولة" أو "تعاوناً مع جهة معادية" مما يؤدي إلى المحاكمة. الأمثلة على هذه الاتهامات كثيرة، من ضمنها الصحافية نيلوفر حميدي الحائزة على جوائز دولية، والتي اكتسبت شهرة واسعة في عام 2022 بعد تغطيتها لوفاة مهسا أميني، وخاصة بعد أن نشرت صورة لوالدي أميني الحزينين ضمن تقرير صحفي أعدته. انتشرت الصورة بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت رمزاً للاحتجاجات على مستوى البلاد، وتطوّرت الاحتجاجات لتصبح أكبر حركة احتجاجية في إيران منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979. وعلى إثر ذلك، ألقي القبض على حميدي، ووجهت إليها تهمتا التحريض على الحكومة والتعاون مع جهة خارجية، وحُكم عليها بالسجن لمدة 13 عاماً، وفي يناير/ كانون الثاني عام 2024 وبعد 17 شهراً من السجن أُطلقَ سراح حميدي بكفالة، وعفا عنها المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي في فبراير/ شباط 2025، إلى جانب زميلتها إلهة محمدي. في 11 مايو/ أيار، وبعد مرور 2800 يوم على تقرير حميدي الذي غيّر وجه البلاد، نُشرَ مقال آخر باسمها في صحيفة "شرق" اليومية الرئيسية في البلاد، إذ سُمحَ لنيلوفر حميدي بالعمل كصحفية في إيران مرة أخرى. الصحافيتان الإيرانيتان نيلوفر حميدي وإلهة محمدي تم اعتقالهما من قبل السلطات الإيرانية عقب الاحتجاجات التي عمت البلاد إثر وفاة مهسا أميني. صورة من: Atta Kenare/AFP/Getty Images "التغيير أكبر من قدرة الحكومة الإيرانية" التغيير الذي أحدثته المرأة الإيرانية كان أكبر من أن تستطيع الحكومة مقاومته أو قمعه، ولكن مع ذلك لم تستجب الحكومة لهذا التغيير ولم ترضح له على حدّ تعبير صديقة فاسماغي، الناشطة في مجال حقوق المرأة وخبيرة في علم اللاهوت. فاسماغي، التي انضمت إلى النساء اللواتي احتججن ضد الحجاب الإلزامي، لم تعد ترتدي الحجاب في الأماكن العامة، وفي أبريل/ نيسان عام 2023 وجهت فاسماغي رسالة علنية إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، انتقدت فيها مرسومه بشأن إلزامية الحجاب، مؤكدةً أن القرآن لا ينص على مثل هذا الالتزام على حدّ تعبيرها. وفي مارس/آذار عام 2024، تم اعتقال فاسماغي بتهمتي التحريض ضد الحكومة، والخروج دون حجاب يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وبسبب مشاكل صحية كانت تعاني منها حصلت على إفراج مؤقت من السجن، ومع ذلك يمكن القبض عليها مرة أخرى في أي وقت، ولكنها لا تخشى ذلك. وتقول فاسماغي لـ DW إن الدولة في إيران تواجه مشكلات سياسية داخلية وخارجية جسيمة، ما يجعلها غير قادرة على الدخول في صِدام على مستوى مع النساء البلاد، وخاصة المراهقات والشابات، اللواتي لم يعدن يرغبن في ارتداء الحجاب. وأشارت فاسماغي إلى النقاش الدائر حول تقديم قانون مثير للجدل بشأن مراقبة النساء في الأماكن العامة في إيران، وينص القانون على مجموعة من العقوبات للنساء اللاتي يرفضن ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، وبهذا الصدد تقول فاسماغي: "لم يعد النظام السياسي في إيران قادراً على إرجاع الزمن إلى الوراء". أعدته للعربية: ميراي الجراح تحرير: عبده جميل المخلافي


DW
منذ 2 أيام
- DW
الهجمات السيبرانية - كيف تهدد البنية التحتية في ألمانيا؟ – DW – 2025/5/29
لا إنترنت ولا كهرباء ولا مياه - من الممكن أن تؤدي الهجمات الرقمية على السلطات الحكومية والمستشفيات ومحطات الطاقة إلى شلل الحياة اليومية، وأن تكون حتى خطيرة على الحياة. فماذا تفعل ألمانيا لمواجهة ذلك؟ يتناول الجميع موضوع الهجمات السيبرانية منذ زمن طويل، لكن هل يدرك الجميع حقاً معناها؟ أيضًا ما هو المقصود عندما يدور الحديث حول الهجمات السيبرانية (الإلكترونية)؟ وهل سمعتم بمصطلح "هجمات الحرمان من الخدمات" (DDoS)؟ تعني هذه الهجمات، بشكل مباشر، تعطيل الخدمات الرقمية عن طريق فرض حصار عليها. ربما مررت بتجربة محاولة الوصول إلى موقع إلكتروني مثل مصلحة الضرائب أو جامعة أو مزود خدمات اتصالات لساعات دون جدوى، وغالباً ما يكون السبب هو تعرض الموقع لهجوم "حرمان من الخدمات". وغالبًا ما تُستهدف بهذه الهجمات إدارات بلدية وبرلمانات وأحزاب سياسية وكذلك شركات كبرى. ومن أحدث الأمثلة على ذلك: تعذّر الوصول إلى موقع الشرطة في مدينة بريمن الألمانية لنحو ساعتين بعد الساعة السابعة صباحًا بقليل يوم 12 شباط/فبراير. وكما تبيّن فقد كانت خوادم الموقع منهكة بـ18 ألف طلب إنترنت في الدقيقة. وانهار النظام تحت هذا العبء. وإذا كان هدف المهاجمين المجهولين هو تخويف المواطنين وجعلهم يفقدون الشعور بالأمن، فقد حققوا هذا الهدف. وبحسب وزارة داخلية ولاية بريمن فقد أعلن قراصنة روس مسؤوليتهم عن هذا الهجوم. الأمن السيبراني: تهديد البنى التحتية الحيوية To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video الهجمات الرقمية هي "الواقع الجديد" وتمكن المعنيون من إصلاح هذا الخلل بسرعة - مما أثار سعادة كارولا هايليمان-يِشكه، المسؤولة عن أمن تكنولوجيا المعلومات في مدينة بريمن ورئيسة قسم المعلومات (CIO). وفي هذا الصدد قالت الحقوقية هايليمان-يِشكه إنَّ الهجمات السيبرانية، مثل الهجوم الذي وقع في شباط/فبراير، هي "الواقع الجديد". وأضافت: "يجب علينا أن نستعد للتعامل يوميًا مع هذه الهجمات". وناقش المؤتمر السنوي للأمن السيبراني الوطني المنعقد في مدينة بوتسدام الألمانية حجم التهديد السيبراني وأفضل سبل الحماية منه. وأشار كريستيان دور، صاحب الدعوة إلى المؤتمر والباحث في معهد هاسو بلاتنر (HPI)، إلى أن ألمانيا ما تزال بحاجة ماسة إلى استدراك ما فاتها في هذا المجال. وأوضح لـ "DW" أن الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب المصالح الحكومية، هي الأكثر عرضة للمخاطر بسبب ضعف بنيتها التحتية الرقمية، داعياً إلى تكثيف الجهود لحمايتها. دائرة بلدية انقطع اتصالها بالإنترنت عدة أشهر على عكس ما حدث في بريمن دون أضرار جسيمة، كانت هناك حالات أخرى ذات عواقب أكثر خطورة. ففي عام 2021، شهدت دائرة بلدية أنهالت-بيترفيلد في ألمانيا انقطاعاً كاملاً للاتصال بإدارتها البلدية لأكثر من ستة أشهر إثر هجوم سيبراني. وفي ضوء هذه التجارب، يؤكد كريستيان دور، الباحث في معهد هاسو بلاتنر، على الحاجة الملحة لتعزيز الاستثمارات في الأمن الرقمي بألمانيا، محذراً: "مثل هذه الهجمات قد تعطل عمل بلدية بأكملها لأسابيع أو أشهر، مما يتسبب في معاناة كبيرة للمواطنين". ألمانيا: قطع كابلات بحرية في البلطيق قد يكون عملاً تخريبيا To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video بيد أنَّ المجرمين السيبرانيين الرسميين وغير الرسميين في جعبتهم هجمات أخطر بكثير: على المستشفيات وخطوط السكك الحديدية ومحطات الطاقة - أي على البنية التحتية الضرورية للحياة. فمن دون كهرباء لا يمكن إجراء عمليات في المستشفيات ولا يمكن تشغيل القطارات. كما أنَّ مثل سيناريوهات التهديد هذه تشكّل عملًا مربحًا ماليًا. يُشفِّرون بيانات كمبيوتر ويطلبون فدية مالية يخترق قراصنة مجهولون كمبيوترات أشخاص آخرين، ويقومون في أسوأ الأحوال بتشفير النظام كله باستخدام ما يعرف باسم "رانسوم وير". ورانسوم كلمة إنكليزية تعني فدية مالية - وهذا بالضبط ما يطلبه المجرمون من ضحاياهم مقابل تفعيل البرامج المقرصنة. وتظهر أرقام المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية (BKA) لعام 2024 مدى حجم الجرائم السيبرانية الآن: فقد تم تسجيل أكثر من 333000 جريمة سيبرانية من داخل ألمانيا وخارجها. كما أنَّ الجرائم غير المبلغ عنها تتجاوز 90 بالمائة. والوضع يزداد تعقيدًا باستمرار. وحول ذلك قال رئيس المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية هولغر مونش في مؤتمر بوتسدام: "نحن نلاحظ بالفعل احترافية متزايدة أكثر". المجرمون والمحققون يستخدمون الذكاء الاصطناعي وبحسب استنتاجاته فإنَّ المهاجمين يعتمدون بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي: التكنولوجيا التي يستخدمها أيضًا المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية في مكافحة الجرائم السيبرانية. وعلى العموم يرى مونش أنَّ إدارته تسير على الطريق الصحيح، ولكنه يعترف أيضًا بوجود بعض القصور: "أعتقد أنَّنا أصبح لدينا الآن استراتيجيات فعالة، ولكن يجب أن نصبح أفضل وأسرع". وهذا ينطبق أيضًا على الإدارات الأخرى وعلى أجزاء كبيرة من القطاع الخاص للحماية بشكل أكثر فعالية من الهجمات السيبرانية. ولهذا السبب فقد جمع كريستيان دور وفريقه من معهد هاسو بلاتنر جميع المعنيين في مؤتمرهم. وحصلت هذا العام على اهتمام خاص الشركات المتخصصة في أنظمة مراقبة خطوط الأنابيب وخطوط السكك الحديدية ومحطات طاقة الرياح. تعد كابلات البيانات الممتدة في قاع البحر جزءًا مما يعرف باسم البنية التحتية الحرجة، والتي كثيرًا ما تكون هدفًا للهجمات السيبرانية (صورة رمزية) صورة من: AFP أحدث التقنيات للحد من التخريب وهكذا يمكن تجهيز كابلات الألياف الضوئية الحساسة بأجهزة استشعار ترسل إشارات صوتية وتعرضها بصرياً على شاشة مراقبة، مما يتيح اكتشاف أي نشاطات مشبوهة بالقرب من الكابلات وخطوط الاتصالات، حتى في عرض البحر وتحت الماء. تتعرض هذه البنى التحتية الحرجة بشكل متكرر لأعمال تخريب، وتشير السلطات الأمنية إلى أن روسيا غالباً ما تكون وراء هذه الأعمال. وفي مؤتمر بوتسدام للأمن السيبراني، شرح بيرند دراب من شركة AP Sensing كيف يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لكشف السفن المشبوهة، قائلاً: "نمط الصوت يختلف تماماً عندما تزيد سرعة المحرك ثم تتوقف، مقارنةً بصوت سفينة شحن تسير بسرعة ثابتة". كما يمكن لنفس أجهزة الاستشعار رصد سحب المراسي في قاع البحر أو اقتراب الغواصين من الكابلات البحرية. لا بد من تعاون الدولة والاقتصاد توجد إذًا مجموعة كبيرة من الوسائل والطرق لحماية البنية التحتية الحرجة. ومع ذلك فإنَّ ألمانيا لا تزال معرضة للخطر في أماكن عديدة - وذلك بسبب استخدام أنظمة تكنولوجيا معلومات قديمة في الإدارة العامة وبسبب التقليل من شأن خطر الهجمات السيبرانية في الشركات الخاصة. ومن أجل سد الثغرات والتقليل من نقاط الضعف في جميع المجالات وزيادة القدرة على الصمود، يدعو كريستيان دور من معهد هاسو بلاتنر إلى تعاون أوثق بين الدولة والاقتصاد: "حتى نستطيع الشعور بالأمان كمواطنين ويتمكن مجتمعنا من العمل بشكل صحيح". أعده للعربية: رائد الباش/ تحرير: صلاح شرارة