
السردية الشعبوية في الميزان بين استثمارات الخليج ودعم غزة
منذ لحظة الإعلان عن زيارة ترامب إلى الرياض وأبوظبي والدوحة تصاعدت أصوات تتحدث عن تريليونات دفعتها هذه الدول كـجزية أو مقابل حماية بينما الحقيقة أن تلك الزيارات جاءت في إطار توطيد التعاون الأمني والاستثماري بين حلفاء تاريخيين تجمعهم مصالح متبادلة وتهديدات مشتركة وأن ما تم الإعلان عنه لم يكن سوى تعهدات استثمارية ومذكرات تفاهم في مجالات الطاقة والتسلح والتقنية والابتكار
السعودية على سبيل المثال أعلنت عن استثمارات بقيمة تقارب ستمئة مليار دولار شملت صفقات تسليح بقيمة تجاوزت مئة وأربعين مليار دولار مع شركات كبرى مثل بوينغ ولوكهيد مارتن ورايثيون إضافة إلى مبادرات تقنية متقدمة تضمنت شراكات في مجالات الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية
قطر بدورها عقدت اتفاقات تبادل اقتصادي بقيمة تتجاوز التريليون ومئتي مليار دولار من ضمنها طلبية ضخمة لطائرات بوينغ بقيمة ستة وتسعين مليار دولار وصفقات دفاعية بقيمة اثنين وأربعين مليار دولار كما دخلت في شراكات علمية وتقنية في مجال الحوسبة الكمية
أما الإمارات فقد تعهدت باستثمارات تقدر بما بين تريليون وأربعمئة إلى تريليون وستمئة مليار دولار ووقعت صفقات بقيمة مئتي مليار دولار شملت مشاريع في البنية التحتية والذكاء الاصطناعي والطيران والطاقة وأبرمت شراكات في قطاع النفط بقيمة ستين مليار دولار مع كبرى الشركات الأمريكية
وإذا ما عدنا إلى جوهر هذه الأرقام فسنجد أن جزءًا كبيرًا منها يمثل التزامات نوايا أو اتفاقات غير ملزمة قانونيًا أي أنها لا تُصرف نقدًا ولا تُقدم كهبات بل تدخل في إطار السياسة الاستثمارية بعيدة المدى التي تنتهجها الدول الخليجية لتعزيز مكانتها في الأسواق العالمية وضمان أمنها الاستراتيجي
رغم ذلك لا تزال السردية الشعبوية تصر على اختزال هذه السياسات في صورة نمطية تزعم أن الخليج يدفع الأموال مقابل الحماية دون أي مقابل استثماري أو عائد استراتيجي وهنا يكمن الخطر في تداول أفكار تُبنى على العاطفة لا على الفهم وتُروج لخطابات الكراهية بدل التحليل العقلاني
وإذا ما وسعنا زاوية النظر سنجد أن الشعبويين أنفسهم يرفعون شعار المقاومة ويشهرون سيوفهم اللفظية في وجه الدول العربية ويتساءلون بتهكم أين العرب من دعم غزة متناسين أو متغافلين عن أن من يزعمون أنهم حماة المقاومة لم يرسلوا إلى غزة سوى الموت والخطب والعبوات بينما لم تصل من طهران إلى غزة لا شحنات دواء ولا شاحنات غذاء ولم ترسل ميليشياتهم من لبنان والعراق واليمن إلا صواريخ إعلامية سرعان ما ارتدت على أصحابها
في المقابل برزت الإمارات كأبرز دولة عربية قدّمت دعمًا ملموسًا لأهل غزة منذ السابع من أكتوبر وقدمت أكثر من خمسة وستين ألف طن من الغذاء والمستلزمات الطبية بقيمة تجاوزت مليار ومئتي مليون دولار وأقامت مستشفيين ميدانيين أحدهما عائم قرب الشواطئ إضافة إلى ست محطات لتحلية المياه تنتج مليوني غالون يوميًا ومطابخ ميدانية وأفران آلية وشبكات إمداد طارئة
كما قدمت تركيا والإمارات معًا أكثر من ستة وعشرين بالمئة من إجمالي المساعدات الدولية لغزة تليهما السعودية بخمسة عشر بالمئة وقطر بسبعة بالمئة بينما اقتصرت مساهمات الدول التي تدّعي المقاومة على رفع الشعارات والتلويح بالسلاح دون أن تقدم رغيفًا واحدًا أو وحدة إسعاف واحدة
من هنا تبدو المفارقة صارخة بين خطابين خطاب واقعي يحرك المساعدات ويؤسس لمشاريع ويقدم الغذاء والدواء والتعليم وخطاب آخر يغرق في التنظير والتخوين ويكتفي بإلقاء اللوم على الآخرين دون أن يملك أي مشروع بديل أو قدرة حقيقية على الفعل
الخلاصة أن الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة لم تكن خضوعًا ولا هروبًا من المسؤولية بل كانت تعبيرًا عن سياسات متوازنة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحصين الأمن واستثمار العلاقات الدولية بما يخدم مصالح الدول وشعوبها
أما المواقف من غزة فقد كشفت على نحو لا لبس فيه من يكتفي بالصراخ ومن يعمل بصمت ومن يستثمر في الدماء ومن يمد يد العون على الأرض بعيدا عن المزايدات

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 4 ساعات
- الرأي
ترامب: سنخرج المشردين من العاصمة
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الأحد، أنه يعتزم نقل المشردين «بعيدا» من واشنطن، بعد أيام من طرحه فكرة وضع العاصمة تحت سلطة الحكومة الفدرالية بعدما ادعى خطأ أن معدل الجريمة فيها ارتفع. وأعلن الملياردير الجمهوري عن مؤتمر صحافي الاثنين من المتوقع أن يكشف فيه خططه لواشنطن التي تديرها سلطة منتخبة محليا في مقاطعة كولومبيا تحت إشراف الكونغرس. ولطالما أبدى ترامب استياءه من وضع المدينة وإدارتها، وهدّد بوضعها تحت سلطة الحكومة الفدرالية، ومنح البيت الأبيض الكلمة الفصل في كيفية إدارتها. وقال الرئيس الأميركي في منشور على منصته الاجتماعية تروث سوشال الأحد «سأجعل عاصمتنا أكثر أمانا وجمالا مما كانت عليه في أي وقت مضى». وأضاف «يجب على المشردين الرحيل فورا. سنوفر لكم أماكن للإقامة، ولكن بعيدا من العاصمة»، مضيفا أن المجرمين في المدينة سيسجنون بسرعة. وتابع أن «كل هذا سيحدث بسرعة كبيرة». تحتل واشنطن المرتبة الخامسة عشرة ضمن قائمة أكبر المدن الأميركية من ناحية عدد المشردين، وفق إحصاءات للحكومة من العام الماضي. وفي حين يقضي آلاف الأشخاص لياليهم في الملاجئ أو في الشوارع، فإن عددهم انخفض عن مستويات ما قبل تفشي وباء كوفيد. في وقت سابق من هذا الأسبوع، هدد ترامب أيضا بنشر الحرس الوطني ضمن حملة صارمة على الجريمة في واشنطن. وفي حين قال إن منسوب الجريمة ارتفع، أظهرت إحصاءات الشرطة أن الجرائم العنيفة في العاصمة انخفضت في النصف الأول من عام 2025 بنسبة 26 في المئة مقارنة بالعام السابق. وبحسب الأرقام التي أصدرتها وزارة العدل قبل تولي ترامب الرئاسة، فإن معدلات الجريمة في المدينة بحلول عام 2024 كانت بالفعل الأدنى منذ ثلاثة عقود. في هذا الصدد، قالت رئيسة بلدية واشنطن موريل بوزر الأحد على قناة إم إس إن بي سي «نحن لا نشهد ارتفاعا في معدلات الجريمة». ورغم أن رئيسة البلدية الديمقراطية لم تنتقد ترامب صراحة في تصريحاتها، إلا أنها أكدت أن «أي مقارنة بدولة مزقتها الحرب مبالغ فيها وكاذبة». جاء تهديد ترامب بإرسال الحرس الوطني بعد أسابيع من نشر عناصره في لوس أنجليس ردا على تظاهرات اندلعت إثر مداهمات لتوقيف المهاجرين غير النظاميين، وقد اتخذ الرئيس الخطوة رغم اعتراض المسؤولين المحليين. وطرح الرئيس الأميركي مرارا فكرة استخدام الحرس الوطني التابع للجيش للسيطرة على المدن التي يدير العديد منها مسؤولون ديمقراطيين يعارضون سياساته.


الرأي
منذ 4 ساعات
- الرأي
50 مليون دولار لمن يعتقل نتنياهو!
في مارس من العام 2020 وجهت الولايات المتحدة الأميركية، تهمتي الإرهاب والمخدرات إلى الرئيس الفنزويلي نيوكولاس مادورو، وخصصت مبلغ 15 مليون دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات لاعتقاله، أو إدانته للقبض عليه! وعندما لم تنجح المهمة، رفعت المكافأة إلى 25 مليون دولار، ولم تعترف بالانتخابات الرئاسية في 28 يوليو الماضي 2024 التي فاز بها مادورو، وأعلنت أميركا أن الفائز هو مرشح المعارضة إدموندو غونزاليس في الانتخابات التي شككت بها لجنة تابعة للأمم المتحدة، ووصفتها بأنها عديمة الشفافية والنزاهة! الأسبوع الماضي خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليعلن رفع المكافأة إلى 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه بتهمة تهريب المخدرات وتمويل الارهاب الدولي! بعيداً عن الخلافات الأميركية مع الرئيس الفنزويلي العنيد ومدى صحة تلك الاتهامات، يبقى أن نقول إن مادورو يقف في جميع سياساته ضد أميركا ومحسوب على التحالف الروسي - الصيني وضد إسرائيل، وهذه أبرز نقطة في الموضوع لاسيما بعد خروجه في العديد من خطاباته يهاجم بها إسرائيل هجوماً شرساً، ويصفها بأنها محتلة لفلسطين، لذلك كانت مواقفه داعمة في الحرب الظالمة على غزة! تخيلوا... لو أعلنت دولنا العربية مجتمعة كـ«ورقة ضغط»، عن رصد تلك المكافأة الأميركية نفسها، لكل من يساهم في تنفيذ حكم الجنائية الدولية بالقبض على مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ومعه وزير دفاعه السابق الأحمق يوآف غالانت، الهاربين من العدالة والفارين من تنفيذ طلب مذكرة اعتقالهما الصادرة في نوفمبر 2024 بتهمي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة؟ على الطاير: - اقتراحنا هذا بتخصيص مكافأة الـ50 مليون دولار لمن يقبض على نتنياهو، نوجهه إلى بني جلدتنا من العرب لتبنّيه، وإن فشلنا في ذلك نرفعه إلى دولنا الإسلامية، وإذا فشلنا نرفعه إلى الاتحاد الأوروبي، كون العديد من دوله تريد اليوم الاعتراف بدولة فلسطين! وإذا فشلنا في إيجاد من يتبنى هذا الاقتراح نرفعه إلى رئيس جمهورية جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الذي رفعت بلاده شكوى ضد نتنياهو بتهمة الإبادة الجماعية في غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ديسمبر 2023 ونجح في صدور مذكرة إلقاء القبض عليه! ومن أجل تصحيح هذه الأوضاع... بإذن الله نلقاكم! email:[email protected] twitter: bomubarak1963


الرأي
منذ 4 ساعات
- الرأي
رسوم ترامب تدفع عمالقة المجوهرات الهندية نحو الخليج
- 88 في المئة قفزة بصادرات المجوهرات الهندية إلى الكويت - 32 مليار دولار حجم قطاع الأحجار الكريمة والمجوهرات الهندي تبرز دول الخليج كمركز جديد لتصنيع وتصدير المجوهرات الهندية، مدفوعاً بالرسوم الجمركية الأميركية المتزايدة على الهند، حسب مقال نشرته صحيفة «ذي ناشيونال». ويأتي هذا في إطار توجه متزايد للشركات العالمية نحو البحث عن طرق جديدة لتجنب الحواجز التجارية، في ظل فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية على شركاء التجارة الدوليين. وبعد أن أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 25 في المئة على الهند، بسبب استمرارها في شراء النفط الروسي، تضاعف إجمالي الرسوم الجمركية على الواردات الهندية إلى 50 في المئة، ما يجعلها من أعلى الرسوم المفروضة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين. ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم الجديدة حيز التنفيذ خلال 3 أسابيع. في هذا السياق، أعلنت «تيتان»، التابعة لمجموعة تاتا وهي أكبر شركة لصناعة المجوهرات والساعات في الهند، أنها تدرس منطقة الخليج كقاعدة تصنيع بهدف التصدير إلى الولايات المتحدة، وصرح العضو المنتدب في الشركة، سي كيه فينكاتارامان، بأن الولايات المتحدة أصبحت الآن خياراً أقل جدوى للتصنيع، خصوصاً للمجوهرات اليدوية، بسبب ارتفاع التكاليف وندرة المهارات. وتُعد دول الخليج، مثل الإمارات، خياراً جذاباً للشركات الهندية لأنها تواجه رسوماً جمركية أقل 10 في المئة فقط، وفقاً للمعدل الأساسي الذي أقره ترامب. فرص جديدة وتشير التقارير إلى وجود فرص واعدة في الشرق الأوسط، فوفقاً لتقرير صادر عن مجلس ترويج صادرات المجوهرات والأحجار الكريمة بالهند العام الماضي، ارتفعت صادرات المجوهرات الذهبية الهندية إلى السعودية 26.05 في المئة، وإلى الكويت نحو 88 في المئة الربع الثاني من 2024. وتؤكد هذه الأرقام الأهمية المتزايدة للشرق الأوسط كشريك تجاري رئيسي للهند. وتستهدف الهند السعودية كوجهة رئيسية لتصدير المجوهرات، مدفوعة بالنمو المتوقع في السوق السعودي. ومن المتوقع أن تتضاعف قيمة سوق المجوهرات في المملكة من 4.6 مليار دولار 2024 إلى 8.3 مليار بحلول 2030. وفي إطار ذلك، ينظم مجلس ترويج صادرات المجوهرات والأحجار الكريمة الهندي (GJEPC) معرضاً في جدة عام 2025 لتعزيز هذه الشراكة. وأعلنت «تيتان»، التي حققت إيرادات بلغت 165 مليار دولار، في الفترة 2023-2024، استحواذها على 67 في المئة في شركة داماس، شركة تجارة التجزئة الفاخرة التي تتخذ من دبي مقراً لها. الفجوة الأميركية وقالت «ذي ناشيونال» إن الزيادة في الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الهندية، والتي فرضها الرئيس ترامب بنسبة 25 في المئة اعتباراً من 7 أغسطس، تؤثر بشكل كبير على قطاع الأحجار الكريمة والمجوهرات الهندي الذي تُقدر قيمته بـ 32 مليار دولار. ونقلاً عن كبير مسؤولي الاستثمار في شركة سينشري فاينانشال، فيجاي فاليشا فإن هذه الرسوم الجديدة تزيد من الرسوم الجمركية على المجوهرات الهندية إلى ما بين 25 و27 في المئة، ما يضعف بشكل كبير القدرة التنافسية للهند في أكبر أسواقها التصديرية. وفي العام الماضي، استوردت الولايات المتحدة ما يقارب 10 مليارات دولار من المجوهرات الهندية، ما يمثل 35 في المئة من إجمالي صادرات الهند من الأحجار الكريمة والمجوهرات 2024. ويُعد هذا القطاع حيوياً للاقتصاد الهندي، حيث يوظف نحو 5 ملايين شخص ويساهم بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعله مجالاً رئيسياً لجهود ترويج الصادرات الحكومية. أسواق بديلة وأدت الرسوم الجمركية الأميركية إلى دفع المصدرين الهنود ومجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات لاستكشاف أسواق بديلة، خصوصاً في الخليج، إضافة إلى أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا. وحسب الشريك الإداري في شركة ألاغان بارتنرز، نيكولا ميشيلون يمثل الخليج خياراً جذاباً للهند بسبب انخفاض الحواجز التجارية، والتقارب الثقافي والقرب الجغرافي، ووجود اتفاقيات تجارة حرة مع الهند. وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الهند والإمارات أدت إلى زيادة صادرات المجوهرات 60 في المئة في الذهب والالماس17 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية. ويعزز هذا النمو مكانة الإمارات كوجهة رئيسية وبوابة لصادرات الهند إلى منطقة الخليج الأوسع. تحديات الهند لتصدير الألماس يُعدّ قطاع الأحجار الكريمة والمجوهرات الهندي، ثالث أكبر قطاع للصادرات إلى الولايات المتحدة، بعد السلع الهندسية والإلكترونية. لكن هذا القطاع يواجه تحديات تتمثل بانخفاض صادرات الألماس، إذ انخفضت صادرات الماس المقطوع والمصقول - الذي يشكل ما يقارب نصف صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات الهندية بنسبة 17 في المئة لتصل 13 مليار دولار في السنة المنتهية في مارس. وهناك عوامل اقتصادية تتمثل بالصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الأسواق التقليدية مثل الولايات المتحدة والصين، ما دفع الهند للبحث عن أسواق بديلة.