logo
مسببات نهاية «الاستثنائية الأمريكية» تتراكم منذ زمن طويل

مسببات نهاية «الاستثنائية الأمريكية» تتراكم منذ زمن طويل

البيان٢٥-٠٣-٢٠٢٥

روتشير شارما
كثيرون ممن روجوا لانتخاب دونالد ترامب للبيت الأبيض بصفته دفعة قوية لـ «الاستثنائية الأمريكية» يرون هم أنفسهم أن التراجع الأخير في الأسهم الأمريكية والدولار مؤشر على أن عصر الهيمنة الأمريكية هذا مهدد، ويربطون هذا التحول المفاجئ بترامب أيضاً.
إنهم يعتقدون أنه لولا الأحداث الدراماتيكية اليومية في واشنطن، لكانت أسواق الولايات المتحدة لا تزال تسبق بكثير بقية العالم. إلا أن مقدمات نهاية الاستثنائية الأمريكية تسبق فترة ولاية ترامب الثانية بزمن طويل.
فبعد تراكمها في الأسواق العالمية لسنوات، أظهرت بوادر بلوغها نقطة الذروة بعد انتخابه، عندما بدا كثيرون مقتنعين بأن سياسات الرئيس الجديد ستجذب المزيد من رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة.
لكن هذا الحماس المفرط كان لا بد أن ينفجر مع أول ضربة موجعة. ولولا الاضطرابات التي شهدتها الأيام الأولى لإدارة ترامب، لكان من الممكن أن تؤدي صدمة أخرى إلى دفع المستثمرين إلى إعادة النظر في تخصيصاتهم القياسية المرتفعة للأصول الأمريكية.
إنه حتى بعد تراجعات الشهر الماضي، لا تزال القيمة الحقيقية للدولار عند مستويات مرتفعة نادراً ما شوهدت منذ نهاية أسعار الصرف الثابتة في أوائل السبعينيات. في الوقت نفسه، مع انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 10 في المائة عن ذروته في فبراير، فإنه لا يزال يتداول بنسبة 25 في المائة أعلى من خط اتجاهه الصعودي خلال الـ 150 عاماً الماضية.
كذلك، فإنه رغم الارتفاع الحاد في الأسهم الأوروبية والصينية هذا العام، فإن قيمة الأسهم الأمريكية أعلى بنسبة 50 في المائة من الأسواق العالمية - وهي قريبة من أوسع الفوارق المسجلة.
كما لا تزال حصة أمريكا من مؤشر السوق العالمي الرئيسي أعلى بكثير من 60 في المائة على الرغم من أن حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي أقل بكثير من 30 في المائة. باختصار، لقد بدأت للتو عملية إعادة التوازن المتأخرة كثيراً للأسواق العالمية، ومن المرجح أن تستمر لفترة طويلة.
ومن خلال العناوين الرئيسية، قد تعتقد أن المستثمرين يشككون في هيمنة الولايات المتحدة بناءً على رسوم ترامب الجمركية وعدم اليقين الشديد المحيط بسياساته. ولكن الضجة حول الاستثنائية الأمريكية كانت مبنية على النمو الاقتصادي المتفوق في الولايات المتحدة.
والذي تم تعزيزه بشكل مصطنع من خلال الإنفاق الحكومي الضخم والطفرة غير المسبوقة في الإنفاق الرأسمالي بمجال الذكاء الاصطناعي.
لم يكن الاقتصاد الأمريكي معتمداً على الحكومة بهذا الحد من قبل، ولم يكن تشغيل عجز في الميزانية بنسبة 6 في المائة مستداماً. وفي الوقت نفسه، تظهر الإصلاحات المالية الأخيرة في ألمانيا، وإطلاق نماذج الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة في الصين، أن بقية العالم قادر على منافسة الولايات المتحدة. وحتى الآن، قادت تدفقات الأموال السريعة، بما في ذلك صناديق التحوط، عملية الخروج من الأسهم الأمريكية.
ولم يتبعها الكثيرون بعد. وحتى مع إظهار استطلاعات المستهلكين والشركات الصغيرة انخفاض الثقة، يواصل مستثمرو التجزئة الأمريكيون شراء الانخفاض.
وقد واصلوا ضخ المزيد من الأموال في الأسهم الأمريكية كل يوم (باستثناء يوم واحد) منذ أن بلغت الأسعار ذروتها في أواخر الشهر الماضي. وغالباً ما يستخدمون أكثر الأدوات المتاحة عدوانية، مثل صناديق الاستثمار المتداولة ذات الرافعة المالية.
كذلك، يواصل المستثمرون الأجانب، من صناديق التقاعد الأسترالية إلى شركات التأمين اليابانية، نقل الأموال إلى الولايات المتحدة. وخلال السنوات الأخيرة، ذهب أكثر من 80 في المائة من الأموال المستثمرة في صناديق سوق الأسهم في جميع أنحاء العالم إلى الولايات المتحدة.
وبعد أن تضاعفت حيازاتهم من الأسهم الأمريكية بأكثر من 3 أضعاف لتصل إلى 20 تريليون دولار العقد الماضي، يمتلك الأجانب الآن 30% من سوق الأسهم الأمريكية، وهو رقم قياسي.
ولعقود من الزمن، عانت الولايات المتحدة من عجز كبير في الاستثمار الدولي، مما يعني أن الأمريكيين يمتلكون أصولاً في الخارج أقل بكثير مما يمتلكه الأجانب في الولايات المتحدة.
وفي بداية هذا العقد، تجاوز هذا العجز 50 % من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وهو مستوى كان يشير في كثير من الأحيان إلى انخفاض العملة في الماضي. واليوم أصبح العجز أوسع نطاقاً، حيث بلغ 80 % من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن الاقتصادات المتقدمة الأخرى تحقق فوائض في الغالب.
في الماضي، كانت الأسهم في جميع أنحاء العالم تميل إلى الأداء الجيد عندما كان أداء السوق الأمريكي جيداً، وتسجل أداءً ضعيفاً عندما كان الأداء الأمريكي ضعيفاً. لكن هذا الرابط انكسر في الآونة الأخيرة.
لذلك، فإنه عندما تتعثر الولايات المتحدة الآن فقليل فقط من الدول الأخرى يتعثر معها. فقد شهدت أسواق الأسهم الأوروبية للتو أفضل شهر لها من حيث التدفقات الأجنبية في عقد من الزمان. وتجذب اليابان التدفقات أيضاً.
ولم تعد الأسواق الناشئة تتراجع مع السوق الأمريكية أيضاً. ومع انتشار التساؤلات والشكوك حول هيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد والسوق بين أوساط المستثمرين حول العالم، سيستمر الضجيج حول الاستثنائية الأمريكية في التلاشي. وقد يصعب تصديق ذلك، لكن هناك بالفعل العديد من القوى التي تؤثر بدرجة أكبر بكثير من ترامب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"البراغي" تعرقل خطة "ترامب-آيفون"
"البراغي" تعرقل خطة "ترامب-آيفون"

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

"البراغي" تعرقل خطة "ترامب-آيفون"

كان ترامب هدد الجمعة بفرض رسوم جمركية تبلغ 25 بالمئة على "أبل"، في حال بيعها هواتف "آيفون" داخل الولايات المتحدة مصنعة خارجها. وقال ترامب للصحفيين، الجمعة، إن الرسوم الجمركية البالغة 25 بالمئة ستطبق أيضا على شركة "سامسونغ" وغيرها من صانعي الهواتف الذكية، ويتوقع أن تدخل الرسوم حيز التنفيذ في نهاية يونيو المقبل. وذكر الرئيس الأميركي أنه "لن يكون من العدل" عدم تطبيق الرسوم على جميع الهواتف الذكية المستوردة، وأضاف: "كان لدي تفاهم مع (الرئيس التنفيذي لشركة أبل) تيم (كوك) بأنه لن يفعل ذلك. قال إنه سيذهب إلى الهند لبناء مصانع. قلت له لا بأس أن يذهب إلى الهند لكنك لن تبيع هنا من دون رسوم جمركية". وكان وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك قال لشبكة "سي بي إس" الإخبارية الشهر الماضي، إن عمل "الملايين من البشر الذين يثبتون البراغي الصغيرة جدا لصنع أجهزة آيفون" سيأتي إلى الولايات المتحدة وسيصبح آليا، مما سيوفر وظائف للعمال المهرة مثل الميكانيكيين والكهربائيين. لكنه قال لاحقا في تصريحات أخرى، إن كوك أخبره أن "القيام بذلك يتطلب تكنولوجيا غير متوفرة بعد". وأوضح: "قال: أحتاج إلى أذرع روبوتية وأن أقوم بذلك على نطاق ودقة يمكنني بهما جلبها (الصناعة) إلى هنا. وفي اليوم الذي أرى ذلك متاحا ستأتي إلى هنا". وقال محامون وأساتذة بقطاع التجارة إن أسرع طريقة لإدارة ترامب للضغط على شركة "أبل" من خلال الرسوم الجمركية ، هي استخدام نفس الآلية القانونية التي تفرض الرسوم على شريحة واسعة من الواردات. وقال دان إيفز المحلل في " ويدبوش" إن عملية نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة قد تستغرق ما يصل إلى 10 سنوات، وقد تؤدي إلى أن يصل سعر جهاز "آيفون" الواحد إلى 3500 دولار، علما أن أحدث إصدار من هواتف "آيفون" يباع حاليا في حدود 1200 دولار. وأضاف إيفز: "نعتقد أن مفهوم إنتاج أبل لأجهزة آيفون في الولايات المتحدة أمر خيالي غير ممكن". وقال بريت هاوس أستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، إن فرض رسوم جمركية على أجهزة " آيفون" سيزيد من تكاليف المستهلكين، من خلال تعقيد سلسلة التوريد والتمويل الخاصة بشركة "أبل". وأوضح: "لا شيء من هذا إيجابي بالنسبة للمستهلكين الأميركيين".

أسبوع متقلب وخسائر جماعية لمؤشرات الأسهم العالمية
أسبوع متقلب وخسائر جماعية لمؤشرات الأسهم العالمية

البيان

timeمنذ 2 ساعات

  • البيان

أسبوع متقلب وخسائر جماعية لمؤشرات الأسهم العالمية

في الوقت الذي أبدى فيه ترامب استنكاره لموقف التكتل من مفاوضات التجارة، حسب ما نقله وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، الذي ذكر أن الرئيس الأمريكي ينظر للمقترحات التي قدمها الاتحاد بأنها ليست جيدة بشكل كافٍ، وأن تهديدات ترامب من شأنها تحفيز أوروبا في محادثات التجارة. كذلك تراجع مؤشر «داكس» الألماني بنحو 0.58%، منهياً تعاملات الأسبوع الماضي عند 23629.58 نقطة، مقابل 23767.43 نقطة الأسبوع قبل الماضي. وسجلت العقود الآجلة لخام برنت 64.78 دولاراً للبرميل عند التسوية الجمعة، كما سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 61.53 دولاراً.

الناتو .. قمة مفصلية في لاهاي
الناتو .. قمة مفصلية في لاهاي

البيان

timeمنذ 2 ساعات

  • البيان

الناتو .. قمة مفصلية في لاهاي

ولا تقتصر الخلافات على ذلك، بل امتدت إلى ما كان يمكن تسميته بالمحرمات، وهي طبيعة العلاقات الأمريكية مع روسيا. يوم الخميس الماضي، انعقد الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية دول الحلف في مدينة أنطاليا التركية، لمناقشة قضايا كثيرة أهمها الاستعدادات لقمة لاهاي. بطبيعة الحال فإن الهاجس الأساسي الذي يشغل غالبية دول الحلف هو سياسات وتوجهات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والملف الأوكراني. ونتيجة لذلك فإن الأمين العام للحلف، مارك روته الذي تسلم مهام منصبه أكتوبر الماضي، قال: «إن الحلف يحتاج إلى إعادة تطوير نفسه في مجمل الصناعات الدفاعية». وتظل المعضلة الكبرى هي مطالب ترامب للحلف بزيادة الانفاق الدفاعي إلى 3 أو 5 % لأن تحقيق ذلك سيعني مصاعب اقتصادية للعديد من بلدان الحلف. إجمالى الإنفاق الدفاعي لدول الحلف بلغ في عام 2024 نحو 1.47 تريليون دولار، تساهم الولايات المتحدة بنسبة الثلثين بنحو 967 مليار دولار هي نسبة ميزانيتها الدفاعية. ونعلم أن ترامب يضغط على دول الناتو لرفع النسبة إلى 5 % حتى يمكنها تخفيف الأعباء على الولايات المتحدة، وهو أمر يبدو صعباً للغاية ليس فقط نسبة 5 % ولكن حتى نسبة 3 % لبعض دول الحلف. واشنطن تقول إن استمرار صيغة تمويلها الحالية مستحيلة، لأن توفير المظلة الدفاعية لدول الحلف مجاناً تحقق المزيد من التقدم الاقتصادي لدول الحلف، في حين أن واشنطن هي من يدفع الثمن لاحقاً في صورة عجز تجاري. ونعلم أيضاً أن ترامب سبق وهدد دول الحلف علناً بأنه سوف يترك روسيا تلتهمهم إذا لم يرفعوا مساهماتهم في ميزانية الحلف. المعضلة الكبرى أيضاً هي أن ترامب يميل إلى تبني الرواية الروسية المطالبة بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. والأخطر الموافقة المبدئية على استمرار سيطرة روسيا على بعض الأراضي التي سيطرت عليها في أوكرانيا، خصوصاً شبه جزيرة القرم منذ عام 2014، إضافة لأراضي أخرى في إقليم الدونباس حيث سيطرت عليها روسيا في الحرب الأخيرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store