logo
جبهات تجارية مشتتة: تكتلات ضخمة بلا مواقف موحدة ضد رسوم ترامب

جبهات تجارية مشتتة: تكتلات ضخمة بلا مواقف موحدة ضد رسوم ترامب

العربي الجديدمنذ 19 ساعات
تتزايد حدة المواجهة
التجارية
بين دول العالم والولايات المتحدة، قبيل فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية في مطلع أغسطس/ آب المقبل. وفيما توجد تكتلات تجارية قائمة، إلا أنها تسعى إلى توثيق التعاون أو توسيع حجمها لمواجهة الأحادية الأميركية في إدارة الاقتصاد العالمي، وتغيير ركائز العولمة التي حكمت العلاقات التجارية ما بين الدول لسنوات خلت. إلا أن قرارت هذه التكتلات، على الرغم من ثقلها
الاقتصادي
، لا تزال مربكة وضعيفة وغير فاعلة، وكذا تنتظر اللحظات الأخيرة للتبلور، فيما يمضي ترامب بسياساته العقابية العالمية.
ويأتي الاتحاد
الأوروبي
من بين التكتلات الأساسية الكبرى التي تسعى للرد على ترامب ورسومه. ويتألف الاتحاد من 27 دولة أوروبية، بينها 20 دولة تتعامل باليورو عملة موحدة. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول الاتحاد أكثر من 17 تريليون دولار حتى عام 2024. وأوردت وكالة بلومبيرغ، أمس الاثنين، أن الاتحاد يسعى لتعزيز تعاونه مع الدول الأخرى المتضررة من الرسوم الجمركية الأميركية، بينها كندا واليابان.
وقالت مسؤولة المنافسة بالاتحاد الأوروبي، تيريزا ريبيرا، أمس الاثنين، إن الاتحاد يتطلع إلى تعميق الاتفاقيات التجارية مع الهند ودول أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وصرّحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، أول من أمس الأحد، بأن الاتحاد سيمدّد تعليق الإجراءات التجارية المضادة ضد الولايات المتحدة حتى الأول من أغسطس/ آب لإتاحة المجال لمزيد من المحادثات.
والقائمة الحالية للتدابير المضادة ستطاول نحو 24.5 مليار دولار من البضائع الأميركية، في حين أعد الاتحاد الأوروبي قائمة أخرى بنحو 72 مليار يورو، فضلاً عن بعض ضوابط التصدير. وذلك بعدما أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية بنسبة 30% على الاتحاد الأوروبي والمكسيك الشهر المقبل.
مواقف من رسوم ترامب
وإلى جانب الاتحاد الأوروبي، يأتي تكتل بريكس، المؤلف من الأحرف الأولى للدول المؤسسة وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إلا أنها اتسعت في عام 2024 لتشمل مصر والإمارات وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران. وقد حذر ترامب من أنه سيعاقب الدول التي تسعى للانضمام إلى المجموعة "المعادية لأميركا" بحسب تعبيره، ملوحاً بفرض رسوم جمركية إضافية عليها بنسبة 10%.
تحوّلت كتلة بريكس، التي تأسست عام 2009، إلى قوة اقتصادية تُثير قلق الولايات المتحدة الأميركية، المتوقَّع أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لدولها المتوسط العالمي في 2025، وفقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي في إبريل/ نيسان الماضي. وتتوقع البيانات أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة إلى 3.4%، بينما سيصل المتوسط العالمي إلى 2.8%.
أسواق
التحديثات الحية
رابطة الصناعة الألمانية: رسوم ترامب تخنق التصنيع بأوروبا وأميركا
كما تكشف بيانات صندوق النقد الدولي أن دول "بريكس" ستشكل 40% من الاقتصاد العالمي (بمقياس تعادل القوة الشرائية) في عام 2024، مع توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى 41% هذا العام، بحسب موقع "بريكس" الإلكتروني. وتخوض هذه المجموعة حملة واسعة عبر عدد من الدول المنضوية فيها ضد سياسات ترامب الحمائية، إلا أن موقفها لا تزال مشتتاً.
كذا، تبرز مجموعة آسيان، وهي رابطة دول جنوب شرق آسيا وتضم إندونيسيا، ماليزيا، سنغافورة، تايلاند، الفيليبين، فيتنام، ميانمار، لاوس، كمبوديا، وبروناي، وتشكّل نحو 4% من الاقتصاد العالمي، ولم تُصدر موقفاً موحداً ضد رسوم ترامب، لكن بعض أعضائها عبّروا عن القلق وأصدروا مواقف رافضة لسياسات ترامب التجارية، كما سعت لتعزيز التجارة الإقليمية عبر اتفاق RCEP، وهو أكبر اتفاق تجارة حرة في العالم، وُقِّع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 بهدف تعزيز التجارة والتكامل الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ. ويغطي الاتفاق 30% من الناتج العالمي ويمثل أكثر من 2.3 مليار شخص. ويتكوّن من دول آسيان إضافة إلى الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا، ونيوزيلندا. وجاء هذا التكتل لموازنة النفوذ الأميركي بعد انسحاب واشنطن من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ في عهد ترامب. ولم يصدر عن التكتل أي آلية موحدة لمواجهة الرسوم.
مجموعات بمواقف باهتة
وأيضاً أطلق الاتحاد الأفريقي في عام 2021 مشروعاً اقتصادياً ضخماً، وهو منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي تضم 55 دولة لتصبح أكبر منطقة تجارة حرة من حيث عدد الدول، بهدف إزالة الحواجز الجمركية بين الدول الأفريقية وتحفيز التصنيع والتكامل الاقتصادي، وهو لا يزال في بدايات نشاطه.
أما تكتل ميركوسور، أو السوق المشتركة لدول أميركا الجنوبية، فقد تأسس عام 1991 ويضم: البرازيل، الأرجنتين، باراغواي، الأوروغواي وعدداً من الشركاء، هدفه إنشاء سوق موحدة وتسهيل التجارة الحرة في أميركا الجنوبية وقد حاول ترامب سابقاً فرض عقوبات تجارية على بعض هذه الدول. وتبلغ حصة التكتل من الناتج العالمي وفق إحصاءات عام 2023 نحو 5.7 تريليونات دولار.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
الاتحاد الأوروبي يخطط لمواجهة رسوم ترامب مع الدول المتضررة
وقال الاتحاد الأوروبي في إبريل الماضي إن إبرام اتفاق تجاري مع تكتل ميركوسور سيكون "فرصة هائلة" للاتحاد الأوروبي نظراً لعدم اليقين الناجم عن قرار ترامب فرض جولة جديدة من الرسوم الجمركية. وأضاف: "سنستثمر الكثير من الوقت والطاقة مع الدول الأعضاء لإتمام الاتفاق".
كذا، يوجد تكتل كوميسا، الذي يضم 21 دولة أفريقية من شرق وجنوب أفريقيا (مثل: مصر، كينيا، أوغندا، إثيوبيا) وتبلغ حصة التكتل من الناتج العالمي حوالي 2.7%. ودعا التكتل في مايو/ أيار الماضي الدول الأعضاء المتضررة من الرسوم الجمركية الأميركية إلى اتخاذ موقف موحد في سعيها لإيجاد سبل لإدارة علاقاتها التجارية في ظل نظام دونالد ترامب. يأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه ثماني دول أعضاء صعوبات تجارية ناجمة عن الرسوم الجمركية، من دون إعلان موقف موحد أو آليات للمواجهة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مفارقات العلاقة بين دمشق وواشنطن
مفارقات العلاقة بين دمشق وواشنطن

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

مفارقات العلاقة بين دمشق وواشنطن

لا نملك معطيات كافية لفهم طبيعة الدور الذي لعبته إدارة الرئيس الأميركي السابق بايدن، في التحولات العميقة التي شهدتها سورية في الهزيع الأخير من العام الماضي، لكنّنا بتنا، مع ذلك، نعرف أن المفاوضات ظلت مستمرّة مع نظام الأسد، بوساطة عُمانية، حتى بعد سيطرة فصائل المعارضة على حلب، بحسب تحقيق نشرته صحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. تضمن العرض استعداد إدارة بايدن لسحب القوات الأميركية من مناطق شرق الفرات إذا وافق الأسد على فكّ تحالفه مع إيران، وأوقف خط إمداد حزب الله عبر سورية. لكن إدارة بايدن، وفيما كانت تغري الأسد بالانقلاب على حلفائه، كانت تمنع، في الوقت نفسه، المليشيات العراقية (جماعة الحشد الولائي) من عبور الحدود لدعم نظامه الذي تهاوى بسرعة صدمت حتى إدارة بايدن نفسها بشهادة كبار مسؤوليها (وزير الدفاع لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن). سوف تُبدي لنا الأيام، بالتأكيد، تفاصيل إضافية تساعد في رسم صورة أكثر وضوحاً لمجريات الأيام الـ 12 التي هزّت سورية والمشرق، لكن الواضح أن إدارة بايدن لزمت الحذر في التعامل مع "زلزال" سقوط نظام الأسد، ووصول هيئة تحرير الشام إلى الحكم في دمشق، ولم تشأ تقييد خلفها بسياسة معينة تجاه دمشق. خلال الشهور الثلاثة الأولى من حكمها، لم تبدِ إدارة ترامب اهتماماً كبيراً بسورية، حتى إنّ ترامب نفسه لم يذكرها سوى مرّة أو اثنتين عرضاً، وكملف ملحق بقضايا إقليمية أكثر أهمية بالنسبة إليه، أبرزها عندما أبدى خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، في البيت الأبيض، استعداداً للوساطة في الصراع بين حليفيه في أنقرة وتل أبيب حول سورية، كاشفاً أنه قال لأردوغان "أعرف أنك أنت من أخذ سورية". كان واضحاً خلال هذه الفترة وجود تيارين داخل إدارة ترامب يتنازعان السياسة حول سورية؛ الأول تعبّر عنه وزارة الخارجية، ويرى بضرورة منع انزلاق سورية إلى الفوضى، وإعطاء إدارة دمشق الجديدة فرصة لإثبات أنها تغيّرت، وقطعت مع ماضيها. والتيار الثاني يعبّر عنه الجناح الأمني في الإدارة، ويقف على رأسه سبستيان غوركا، مسؤول ملف الإرهاب في مجلس الأمن القومي، وتولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية، ويتخذ موقفاً متشكّكاً ومتشدّداً من حكّام دمشق الجدد. ساعد تدخل تركيا ودول خليجية، في مقدمتها السعودية وقطر، في ترجيح كفة وزارة الخارجية في واشنطن، من طريق التأثير على ترامب، وإقناعه بأهمية الانخراط مع دمشق، والاستثمار في التحول الكبير الذي مثله سقوط الأسد. التغيير في الموقف الأميركي، عقب لقاء ترامب برئيس السلطة الانتقالية السورية أحمد الشرع، في زيارته الرياض في 13 مايو/ أيار الماضي، كان عميقاً وسريعاً، إذ رفعت الولايات المتحدة أو جمّدت أكثر العقوبات عن سورية، وبعضها يمتد عقوداً، وتوجت ذلك برفع هيئة تحرير الشام، أخيراً، من قائمة التنظيمات الإرهابية، التي كانت دخلتها عام 2012. لا شكّ أن الوساطات العربية الخليجية والتركية لعبت دوراً مهمّاً في تغيير موقف ترامب، لكن الواضح أيضاً أن الولايات المتحدة بدأت تدرك حجم المصالح المرتبطة بالتغيير الذي شهدته دمشق. بالنسبة إلى إدارة ترامب، وآخر همها الديمقراطية، تمثل سورية فرصة لإحداث تحوّل عميق في الشرق الأوسط لا يقلّ أهمية عن التحوّل الذي أحدثه غزو العراق عام 2003، بل هي فرصة لمحو بعض آثاره، من ذلك تفكّك الدولة المشرقية، وهيمنة جماعات ومليشيات مسلّحة يصعب السيطرة عليها، بعكس السلطات المركزية، فضلاً عن تغوّل النفوذ الإيراني، وصعود التنظيمات الجهادية ردَّ فعل عليه. السلطة الجديدة في دمشق يمكن أن تؤدي دوراً مهمّاً في الترتيب الجديد للمنطقة، وهي تبدي كل الاستعداد لذلك. طبعاً، لا يمكن أن يكتمل المشهد الجديد، بالنسبة لواشنطن، إلّا بالتطبيع مع إسرائيل، الذي قال المبعوث الأميركي، توماس برّاك، أنه أحد الشروط الخمسة لرفع العقوبات عن سورية. برّاك يتولى حاليّاً إدارة شؤون سورية ولبنان، وهو يقود التوجّه الأميركي الجديد في المنطقة، ومثل رئيسه، ترامب، يتعامل مع القضايا السياسية الحسّاسة بكثير من "الشخصنة"، بما في ذلك إفراطه في التعبير عن "مشاعر الحب" للسلطة السورية الجديدة، رغم أنه، يدرك، باعتبار جذوره المشرقية (لبنانية)، أن الكثير من الحب قد يكون مؤذياً، لكنه، يعطي، من جهة ثانية، فكرة عن مقدار التحوّل في العلاقة بين دمشق وواشنطن، من العداء إلى الاحتضان، في ستة شهور.

ترامب: على زيلينسكي عدم استهداف موسكو
ترامب: على زيلينسكي عدم استهداف موسكو

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

ترامب: على زيلينسكي عدم استهداف موسكو

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، إنه لا ينبغي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شن هجمات على العاصمة الروسية موسكو، مؤكداً أن أي استهداف كهذا "لن يكون مقبولاً". جاءت تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحافي، بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول"، حيث نفى أيضاً أن تكون الولايات المتحدة قد زودت أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، ولوّح بفرض "رسوم جمركية ثانوية" على روسيا إذا لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار . وأعرب ترامب عن "خيبة أمله" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً: "في الأشهر الثلاثة الماضية نجحت في إيجاد حلول لعدد من النزاعات، لكنني لم أتمكن من فعل الشيء نفسه مع الحرب الروسية الأوكرانية". وشدد ترامب على أن "هذه الحرب هي حرب الرئيس السابق جو بايدن، وليست حرب ترامب"، مضيفاً: "أنا هنا لأخلص الجميع من هذه الفوضى". ورداً على سؤال عما إذا كان يقف مع أوكرانيا، أجاب: "لا أقف مع أي طرف، أنا أقف مع الإنسانية". تحليلات التحديثات الحية ترامب يدخل حرب أوكرانيا بالوكالة ويترك حروب الشرق الأوسط لنتنياهو ويأتي هذا بعد أن ذكر موقع أكسيوس نقلاً عن مصدرين مطلعين أنه من المتوقع أن يعلن ترامب عن خطة جديدة لتسليح أوكرانيا بأسلحة هجومية، في تراجع كبير عن موقفه السابق الذي يؤكد فيه أنه سيقدم أسلحة دفاعية فقط لتجنب تصعيد الصراع. وبحسب الموقع، فإن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين يأملون بأن تؤدي هذه الخطوة إلى تغيير مسار الحرب وتحوّل موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن وقف إطلاق النار، إذ أعرب المصدران عن اعتقادهما بأن الخطة ستشمل على الأغلب صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى أهداف في عمق الأراضي الروسية بما في ذلك موسكو. وكان الرئيس فولوديمير زيلينسكي قد اقترح تسليح بلاده بأسلحة هجومية خلال اجتماع حلف شمال الأطلسي (ناتو) قبل نحو أسبوعين. وقال مسؤولون أميركيون وأوكرانيون، بحسب الموقع، إن لقاء ترامب وزيلينسكي في القمة كان "الأفضل حتى الآن". وقال مسؤول أميركي "جاء زيلينسكي كإنسان عادي، لا كشخص مجنون، وكان يرتدي ملابس تناسب حلف الناتو، برفقته مجموعة من الأشخاص الذين بدوا أيضًا غير مجانين. لذا دار بينهم حديث جيد"، حيث ارتدى زيلينسكي بدلة في القمة لأول مرة منذ عام 2022. (الأناضول، العربي الجديد)

ألبانيز… هذه السيدة الرائعة
ألبانيز… هذه السيدة الرائعة

القدس العربي

timeمنذ 2 ساعات

  • القدس العربي

ألبانيز… هذه السيدة الرائعة

من نكد المشهد السياسي الدولي أن يتباهى شخص مثل نتنياهو أنه رشّح شخصا مثل ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام لهذا العام. ها أننا نقف مرة أخرى أمام معادلة «من لا يملك لمن لا يستحق» ولكن بصورة أكثر صفاقة. في المقابل، نرى حقوقيين وأوساطا دولية مختلفة تتحرك في حملات مختلفة لترشيح المقررة الأممية الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز لهذه الجائزة مع الأطباء والكوادر الصحية العاملة في قطاع غزة. هي، لمواقفها الواضحة والجريئة ضد الإبادة التي تجري في قطاع غزة منذ زهاء العامين لم تحاول خلالهما الاختباء وراء مفردات غائمة سمجة كعادة أغلب الموظفين الدوليين، والكوادر الطبية للثمن الرهيب الذي دفعوه طوال هذه الفترة لإنقاذ حياة المدنيين الأبرياء. المفارقة بين الترشيحين كبير وصارخ، خاصة حين وصلت الأمور إلى التشهير الإسرائيلي الأمريكي بألبانيز والمطالبة بإقالتها من منصبها فضلا عن فرض عقوبات أمريكية عليها. لقد بتنا أمام مشهد يتكرّس فيه مرة أخرى المنطق الأخرق لعالم اليوم حيث يفرش السجاد الأحمر لمجرمي الحرب فيما تقع شيطنة من يصدع بالحقائق عارية محاولا استنهاض ما تبقى من ضمير حي في هذا الكون. ترامب وإدارته، وحتى من سبقه في البيت الأبيض، لا يكتفون بلوي كل قيم الإنصاف والعدل كل ما تعلق الأمر بالمأساة الفلسطينية على مر العقود، بل ولا يجدون حرجا في الهجوم والتشهير بكل من يخالفهم في هذا التوجه في قلب عجيب غريب للحقائق. لم تكتف الخارجية الأمريكية مثلا بعد فرض واشنطن عقوبات على ألبانيز «لإساءة استغلال دورها كمقررة خاصة لحقوق الإنسان للأمم المتحدة» بل أضافت متبجّحة أنها «ستتخذ أي إجراءات نراها ضرورية ومناسبة لحماية سيادتنا وإسرائيل وأي حليف آخر من الإجراءات غير المشروعة للمحكمة الجنائية الدولية». وكما قالت «منظمة العفو الدولية» فإن فرض عقوبات على المقررة الخاصة للأمم المتحدة «إهانة مشينة للعدالة الدولية». هذه العدالة الدولية باتت عدوا لدودا لإدارة ترامب، شأن الكثير من الإدارات السابقة، مما قاد مسؤوليها ليس فقط إلى التنديد بقرارات المحكمة الجنائية الدولية كلما تعلّق الأمر بفلسطين، مقابل الترحيب بما فعلته مع الرئيس الروسي مثلا، وإنما إلى فرض عقوبات على هذه المحكمة، مع ضغط علني ووقح على الأمم المتحدة وأمينها العام لإزاحة وإقالة من لا يحظون برضاها ويسايرونها في تصوراتها كافة، وهو أمر عانى منه المنتظم الأممي وأنطونيو غوتيرتش نفسه. المنطق الأخرق لعالم اليوم حيث يفرش السجاد الأحمر لمجرمي الحرب فيما تقع شيطنة من يصدع بالحقائق عارية أغلب الطبقة السياسية الأمريكية انخرطت في هذا التوجه الذي عبّر عنه بشكل واضح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حين أشاد «بالقرار الجريء» الذي اتخذه الرئيس ترامب بمعاقبة فرانشيسكا ألبانيز التي «أدت معاداتها الصارخة للسامية وإنكارها لإرهاب حماس إلى تقويض كل ما يفترض أن تمثله الأمم المتحدة»، وهو رأي وجدت فيه واشنطن نفسها وحيدة مرة أخرى، إذا استثنينا طبعا حكومة نتنياهو وقلة قليلة للغاية من دول العالم. أجواء التنمّر والافتراء على ألبانيز جعلت الأمم المتحدة في وضع دفاعي غير مريح دفعت المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إلى التأكيد على ما هو معلوم بالضرورة، من أن «ألبانيز شأنها شأن جميع المقررين الخاصين للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان خبيرة مستقلة في مجال حقوق الإنسان مُعيّنة من قِبَل مجلس حقوق الإنسان وتُقدّم تقاريرها إليه». ولعل ما زاد من غضب واشنطن وتوترها اتضاح أن ألبانيز ليست من النوع الذي يخاف أو يتراجع بعد ترهيبه، فهي لم تكتف بأن أعلنتها صارخة بأن «إسرائيل مسؤولة عن واحدة من أقسى جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث» بل وأنجز فريقها تحقيقا كاملا عن «اقتصاد الإبادة» حيث فضحت كل الشركات العالمية المؤيدة بشكل أو بآخر لإسرائيل في حربها الوحشية في غزة ودعتها للكف عن ذلك تحت طائلة ملاحقتها دوليا بتهمة المشاركة في كل ما لحق بالفلسطينيين من جرائم حرب مروّعة. ألبانيز التي تعهّدت بمواصلة عملها رغم العقوبات الأمريكية زادت مناوئيها غيظا حين قالت بعد الإعراب عن «صدمتها» للعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب عليها أن «أصحاب النفوذ يحاولون إسكاتي لدفاعي عن من لا حول لهم ولا قوة وهذا ليس دليلاً على القوة بل دليل على الذنب» وأن «المسؤولين الأمريكيين استقبلوا نتنياهو ووقفوا إلى جانب شخص مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية» معتبرة أن «السبيل الوحيد للانتصار هو التخلص من الخوف والدفاع عن الفلسطينيين وحقهم في دولة مستقلة» ففي النهاية «لا أحد حر حتى تتحرر فلسطين»، كما قالت. هذه السيدة الرائعة، التي جسّدت فعلا مقولة من لا يخشى في الحق لومة لائم فسجّلت اسمها في التاريخ بأحرف من ذهب، لن تزيدها جائزة نوبل قيمة لأنها ظفرت أصلا بما هو أهم منها بكثير. أما ترامب فهو لا يستحقها في كل الأحوال، لكنه إن حدث ونالها فلن تزيد الناس إلا اقتناعا بأننا نعيش عالما منافقا ونذلا. كاتب وإعلامي تونسي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store