
مستقبل الصراع على غزة
الصراع على غزة له صورتان: صورة إسرائيل التي تؤرخ لهذا الصراع بهجوم حماس على غلاف غزة في السابع من أكتوبر 2023. إسرائيل زُلزلت في هذا الهجوم رغم أن التحقيق الإسرائيلي يشي بأن الهجوم كان متوقعًا، لكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لم تتحسب له، ولم تستعد لسبب نفسي، وهو ما كشفت عنه حماس من قرارات لم تكن في حسبان إسرائيل، ثم إن الهجوم الكاسح جعل إسرائيل تشعر بالخطر، لأن المجتمع الإسرائيلي ظل مخدوعا بالدعاية والأكاذيب الإسرائيلية، وهي أن جيشها لا يهزم وأن الغرب وأمريكا لن تسمح له بالهزيمة، على افتراض أن إسرائيل زرعت رغم أنف العرب في بحر من العداء، لذلك لعبت أمريكا دورا أساسيا لاستقرار إسرائيل في المنطقة عن طريق جوار إسرائيل.
ولذلك كان التقارب المصري في عهد السادات من أمريكا وإسرائيل حاسما في مد المشروع الصهيوني بقبلة الحياة للمرة الثانية في مصر، كانت المرة الأولى عندما خافت أمريكا وإنجلترا من موقف الملك تجاه إسرائيل، وأحلت محله ضباطا متعطشين للسلطة دون أن يكون لديهم مهارات ومؤهلات السلطة. كانت زيارة السادات لمدينة القدس في نوفمبر 1977 إيذانا بتمدد المشروع الصهيوني، وقفزا على نتائج حرب التحرير عام 1973. وبعدها بعدة سنوات أضيفت مجموعة أخرى من معاهدات السلام وسميت بالسلام الإبراهيمي وهذا عبث. المهم أن إسرائيل كان لديها هذه الصورة.
أما المقاومة فكان لديها صورة معاكسة مفادها أن هجوم السابع من أكتوبر بالنسبة لها طبيعي، مقابل سياسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ورد مجمل على تجاوزات إسرائيل يترتب على ذلك أن المقاومة لها الحق في مهاجمة العدو ما دام العدو محتلا لأرض فلسطين، ويسعى لطرد السكان وتدنيس الأقصى.
وواضح أن المقاومة بدأت بهذا الهجوم باستراتيجية جديدة، وهب ليس مجرد مقاومة الاحتلال، وإنما تحرير فلسطين، ودخلت إسرائيل مرحلة نفسية خطيرة واكبت عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ولأنه أول وأكبر صهيوني، فقد تماهى مباشرة مع نتنياهو، فكلاهما يعمل وفق مشروع وهو توسيع المشروع الصهيوني بعد أن رتبت أمريكا هذا الملف من الناحية الإقليمية، بحيث ضمنت سكون الجبهات العربية، بينما تنفرد إسرائيل بإبادة الشعب الفلسطيني، وبالفعل فإن أعمال الإبادة الإسرائيلية تحصد حوالي 100 فلسطيني يوميا، وبحسبة بسيطة فإن إسرائيل تأمل في إبادة غزة بكافة صور الإبادة، وقطعت في هذا السبيل شوطا كبيرا، ومن لا يريد أن يباد فليهرب خارج غزة على سبيل الهجرة الطوعية.
ورفعت إسرائيل شعارات أهمها: إن الهدف من حملة الإبادة هو الانتقام لهجوم السابع من أكتوبر ووضعت إسرائيل ثلاثة أهداف إضافية:
الأول: إبادة السكان، حتى يسهل جلب صهاينة العالم أو بناء المستوطنات واحتلال غزة بالكامل بدلا من تعميرها.
الثاني: القضاء على المقاومة وتطهير غزة، بحيث تأمن إسرائيل، وذلك بنزع سلاح المقاومة وإبعاد قياداتها وحرمانها من المشاركة في إدارة غزة، وتحقيق هذه الأهداف بالمفاوضات أفضل من تحقيقها بالقوة، لذلك ماطلت في المفاوضات وأوهمت العالم أنها تنوي وقف إطلاق النار.
الثالث: إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين فقط، وعلى المقاومة قبول شروط إسرائيل صاغرة، وإلا فإن الإبادة سوف تستمر والتجويع والمقاومة مسؤولة عن الإبادة.
وإسرائيل مدعومة من العالم كله، خاصة الغرب، وسط سكون الوسط العربي والإسلامي. وعلى العكس، المقاومة لا يدعمها أحد، عزلوا إيران وقطعوا الصلات بين إيران والمقاومة ومعظم الحكام العرب لا يدعمون المقاومة، كما أن السلطة ضد المقاومة وهذا يؤدي إلى منهجين في التكهن بمصير الصراع كالاتي:
منهجان لحساب مصير الصراع على غزة بين المقاومة وإسرائيل. إذا كان معظم الحكام العرب ليسوا مع المقاومة، فإن التقارير تجمع على أن الشعوب العربية تؤيد المقاومة وتكره إسرائيل وتتمنى زوالها.
وفي مصر، رغم أن مصلحة مصر الدولة هي زوال إسرائيل ودعم المقاومة والأمن القومي المصري يحتم ذلك، ولكن حسابات الحكومة مع إسرائيل وأمريكا تجعل هذه الحقيقة ليست مطلقة. فحسابات السلطة وهي بطبيعتها ليست ظاهرة معقدة.
ولكن أستطيع كمراقب أن أستنتج أن موقف السلطة قريب من موقف الشعب، وإلا لما تمكن المواطن من التعبير عن رأيه بحرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد إسرائيل، بل أن الهلال الأحمر المصري، وهو جهة حكومية يجمع تبرعات لصالح غزة، والمشكلة أن هذه المساعدات تتكدس في العريش دون أن يستفيد منها أهل غزة، لأن قرار فتح المعابر هو بيد إسرائيل. ولذلك فسياسة التجويع جزء من الإجرام الصهيوني.
قلنا إن المقاومة بدأت من هجمتها في السابع من أكتوبر في نهج جديد يتجاوز مجرد مقاومة الاحتلال وهو تحرير كل فلسطين. واستشعرت إسرائيل وأمريكا خطورة ذلك، لذا اندفعت إسرائيل كالأسد الجريح تبيد على أساس صيغة فلسطين للأقوى، وما دامت إسرائيل تحوز كل أنواع القوة بما في ذلك الدعم الغربي والأمريكي، فإسرائيل قررت استخدام كل القوة لإرساء دعائم بقاء إسرائيل، وتجاهر بهدف القضاء على المقاومة، رغم انكشاف الجيش الصهيوني بسبب وعد الله وبطولة المقاومة.
المقاومة تدرك تماما أنها وحدها، خاصة بعد أن قطعت أمريكا أواصر العلاقات مع إيران، ولذلك تسلحت بالحق وبوعد الله ولذلك تحقق المقاومة في ساحات القتال انتصارات مبهرة بإذن الله.
وهناك منهجان لتقييم مصير الصراع هما:
الأول: المنهج البشري ينتهي إلى القول بانتصار إسرائيل. والمنهج الإلهي الذي يؤكد انتصار الحق على الباطل. وإذا انتصرت المقاومة بمعنى ألقى الله الرعب في قلوب الصهاينة، فستزول إسرائيل، وعندئذ، تتغير جميع قواعد العلاقات داخل الإقليم وبين الإقليم والولايات المتحدة.
رغم أن المنهج الإلهي مثالي وغيبي، إلا أني مؤمن به تماما، فذلك وعد الله ووعده الحق ولن يعجز الله أن ينصر الحق على الباطل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عمان اليومية
منذ 10 ساعات
- عمان اليومية
رضّع غزة «يموتون جوعا».. والأونروا: إسرائيل تجوّع مليون طفل
رضّع غزة «يموتون جوعا».. والأونروا: إسرائيل تجوّع مليون طفل غزة «وكالات»:أصدر الجيش الإسرائيلي اليوم تعليمات بإخلاء مناطق في وسط قطاع غزة مكتظة بالنازحين الفلسطينيين بينما وأعلن الدفاع المدني في غزة استشهاد 73 فلسطينيا على الأقل وإصابة العشرات عندما أطلقت القوات لإسرائيلية النار باتّجاه أشخاص ينتظرون الحصول على مساعدات شمال غرب مدينة غزة. وأتى ذلك بينما ندد البابا لاوون الرابع عشر بـ«همجية» حرب غزة اليوم داعيا إلى وقف «اللجوء العشوائي للقوة». وأثار طلب الإخلاء العسكري الذي قد يشير إلى هجوم وشيك على أحياء في دير البلح قلق عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين يخشون أن يكون أقاربهم محتجزين هناك. ودمرت الحرب المتواصلة بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية حماس منذ أكثر من21 شهرا جزءا كبيرا من غزة، وهناك مخاوف من تسارع وتيرة الجوع. وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن مئات الأشخاص ربما يلقون حتفهم قريبا مع اكتظاظ المستشفيات بمرضى يعانون من الدوار والإعياء بسبب شح الطعام وانهيار عمليات إيصال المساعدات. وقالت وزارة الصحة التي تسيطر عليها حركة حماس «أعداد غير مسبوقة من المواطنين المجوعين من كافة الأعمار تصل إلى أقسام الطوارئ في حالة إجهاد وإعياء شديدين ونحذر بأن المئات من الذين نحلت أجسادهم سيكونون عرضة للموت المحتم نتيجة الجوع وتخطي قدرة أجسادهم على الصمود». وقالت الأمم المتحدة أيضا اليوم إن المدنيين يتضورون جوعا ويحتاجون إلى تدفق المساعدات على نحو عاجل. وألقى الجيش الإسرائيلي منشورات من السماء تطالب الناس في مناطق عدة بجنوب غرب دير البلح، حيث يحتمي مئات الآلاف من النازحين من سكان غزة، بمغادرة منازلهم والاتجاه جنوبا. وقال الجيش «يواصل جيش الدفاع (الإسرائيلي) العمل بقوة كبيرة لتدمير قدرات العدو والبنية التحتية للإرهاب في المنطقة» مضيفا أنه لم يدخل هذه المناطق خلال الصراع الحالي. من جهة ثانية، أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، اليوم، بأن السلطات الإسرائيلية تجوّع مليون طفل في غزة. وقالت الأونروا، في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك، إن «السلطات الإسرائيلية تجوّع المدنيين في غزة.. من بينهم مليون طفل». وطالبت «مجددا» بفك الحصار والسماح للأونروا بإدخال الأغذية والأدوية. وفي السياق ذاته، توفي خلال الأيام الماضية العديد من الأطفال الرضّع في غزة كان آخرهم طفل يحيى فادي النجار والطفلة الفلسطينية رزان ابو زاهر، اليوم؛ بسبب سوء التغذية والمجاعة في قطاع غزة. ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح قوله إن «الطفلة رزان أبو زاهر 4 أعوام توفيت نتيجة مضاعفات سوء التغذية والجوع في القطاع المحاصر». وأفادت مصادر طبية بأن المستشفيات في قطاع غزة تتعامل مع مئات من مختلف الأعمار ممن أصابهم الجوع الحاد وسوء التغذية، إذ إنهم في حالات إجهاد حادة. وأشارت إلى أن هناك 17 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، كما أنه يتم التعامل مع مرضى لديهم حالات من الإجهاد وفقدان الذاكرة الناتجة عن الجوع الحاد، والمستشفيات ليس لديها أسرة طبية وأدوية تكفي العدد الهائل من المصابين بسوء التغذية الحاد. وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين مارس ويونيو الماضيين، نتيجة للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. وأوضحت أن المراكز الصحية والنقاط الطبية التابعة للأونروا قد أجرت في هذه الفترة ما يقرب من 74 ألف فحص للأطفال للكشف عن سوء التغذية، وحددت ما يقرب من 5500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل وأكثر من 800 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم. قول السلطات الصحية إن ما مجموعه 45 شخصا قتلوا في هجمات إسرائيلية وغارات جوية على أنحاء القطاع اليوم. ويقول سكان إن العثور على أغذية أساسية مثل الدقيق (الطحين) بات مستحيلا. وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن 71 طفلا على الأقل توفوا من سوء التغذية خلال الحرب بينما يعاني 60 ألف طفل من أعراض سوء التغذية. وزادت أسعار الأغذية بما يفوق قدرة معظم السكان. ويزيد عدد سكان القطاع عن مليوني نسمة. وقال كثيرون تحدثوا إلى رويترز عبر تطبيقات للتراسل إن بعضهم لم يتناول سوى وجبة واحدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، في حين قال آخرون إنهم لم يتناولوا أي طعام على الإطلاق. وقال زياد، وهو ممرض في القطاع، لرويترز «أنا كأب بصحى من الفجر مشان أدوّر على أكل حتى لو رغيف خبز مشان أطفالي الخمسة اللي عندي، لكن كله على الفاضي». وتابع قائلا «الناس اللي ما ماتت من القصف راح تموت من الجوع. إحنا اللي بدنا إياه إنه الحرب تنتهي، ويصير هدنة حتى لو لشهرين». وقال آخرون إنهم يشعرون بالدوار وهم يسيرون في الشارع وإن الكثيرين يتعرضون للإغماء خلال سيرهم. ويترك الآباء الخيام للتهرب من أسئلة أطفالهم عن الطعام. إجلاء الأطفال المصابين في غزة وإنقاذهم من الموت من جهة أخرى، حثت اسكتلندا رئيس الوزراء البريطاني على التواصل معها من أجل إجلاء الأطفال المصابين في غزة وإنقاذهم من الموت. وكتب الوزير الأول في اسكتلندا جون سويني إلى كير ستارمر في وقت سابق من الشهر الجاري، قائلا إن اسكتلندا «مستعدة» لاستقبال بعض من ألفي طفل في غزة أصيبوا بجروح جراء القصف الإسرائيلي للمنطقة، لتلقي العلاج في هيئة الخدمات الصحية الوطنية. لكن سويني قال إنه لم يتلق أي رد من ستارمر. وفي سياق متصل، ندد البابا لاوون الرابع عشر بـ«همجية» حرب غزة اليوم داعيا إلى وقف «اللجوء العشوائي للقوة»، بعد أيام على ضربة للجيش الإسرائيلي أصابت كنيسة كاثوليكية في القطاع. وجدد البابا دعوته إلى الوقف الفوري لـ«همجية الحرب وأن يتم التوصل إلى حل سلمي للصراع»، وذلك بعد مقتل ثلاثة أشخاص في القصف الذي طال الخميس الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في القطاع. وقال البابا، الذي تحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غداة الهجوم على الكنيسة، «أعبَّر عن ألمي العميق حيال هجوم الجيش الإسرائيلي على الرعية الكاثوليكية للعائلة المقدسة في مدينة غزة». وكانت الكنيسة تؤوي حوالي 600 نازح، غالبيتهم من الأطفال، ومن بينهم العشرات من ذوي الاحتياجات الخاصة. وأعلنت إسرائيل من جانبها، أن الجيش يحقق في الضربة. وأضاف البابا اليوم أنّ «هذا العمل يُضاف وللأسف إلى الهجمات العسكرية المستمرة ضد المدنيين وضد دُور العبادة في غزة». ووجّه نداء إلى المجتمع الدولي «من أجل ضمان القانون الإنساني وحماية المدنيين ومنع العقاب الجماعي واللجوء العشوائي إلى القوة والتهجير القسري للسكان». ويعيش في قطاع غزة 2.4 مليون نسمة، معظمهم نزحوا مرة واحدة على الأقل منذ الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023.


جريدة الرؤية
منذ يوم واحد
- جريدة الرؤية
مستقبل الصراع على غزة
د. عبدالله الأشعل الصراع على غزة له صورتان: صورة إسرائيل التي تؤرخ لهذا الصراع بهجوم حماس على غلاف غزة في السابع من أكتوبر 2023. إسرائيل زُلزلت في هذا الهجوم رغم أن التحقيق الإسرائيلي يشي بأن الهجوم كان متوقعًا، لكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لم تتحسب له، ولم تستعد لسبب نفسي، وهو ما كشفت عنه حماس من قرارات لم تكن في حسبان إسرائيل، ثم إن الهجوم الكاسح جعل إسرائيل تشعر بالخطر، لأن المجتمع الإسرائيلي ظل مخدوعا بالدعاية والأكاذيب الإسرائيلية، وهي أن جيشها لا يهزم وأن الغرب وأمريكا لن تسمح له بالهزيمة، على افتراض أن إسرائيل زرعت رغم أنف العرب في بحر من العداء، لذلك لعبت أمريكا دورا أساسيا لاستقرار إسرائيل في المنطقة عن طريق جوار إسرائيل. ولذلك كان التقارب المصري في عهد السادات من أمريكا وإسرائيل حاسما في مد المشروع الصهيوني بقبلة الحياة للمرة الثانية في مصر، كانت المرة الأولى عندما خافت أمريكا وإنجلترا من موقف الملك تجاه إسرائيل، وأحلت محله ضباطا متعطشين للسلطة دون أن يكون لديهم مهارات ومؤهلات السلطة. كانت زيارة السادات لمدينة القدس في نوفمبر 1977 إيذانا بتمدد المشروع الصهيوني، وقفزا على نتائج حرب التحرير عام 1973. وبعدها بعدة سنوات أضيفت مجموعة أخرى من معاهدات السلام وسميت بالسلام الإبراهيمي وهذا عبث. المهم أن إسرائيل كان لديها هذه الصورة. أما المقاومة فكان لديها صورة معاكسة مفادها أن هجوم السابع من أكتوبر بالنسبة لها طبيعي، مقابل سياسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ورد مجمل على تجاوزات إسرائيل يترتب على ذلك أن المقاومة لها الحق في مهاجمة العدو ما دام العدو محتلا لأرض فلسطين، ويسعى لطرد السكان وتدنيس الأقصى. وواضح أن المقاومة بدأت بهذا الهجوم باستراتيجية جديدة، وهب ليس مجرد مقاومة الاحتلال، وإنما تحرير فلسطين، ودخلت إسرائيل مرحلة نفسية خطيرة واكبت عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ولأنه أول وأكبر صهيوني، فقد تماهى مباشرة مع نتنياهو، فكلاهما يعمل وفق مشروع وهو توسيع المشروع الصهيوني بعد أن رتبت أمريكا هذا الملف من الناحية الإقليمية، بحيث ضمنت سكون الجبهات العربية، بينما تنفرد إسرائيل بإبادة الشعب الفلسطيني، وبالفعل فإن أعمال الإبادة الإسرائيلية تحصد حوالي 100 فلسطيني يوميا، وبحسبة بسيطة فإن إسرائيل تأمل في إبادة غزة بكافة صور الإبادة، وقطعت في هذا السبيل شوطا كبيرا، ومن لا يريد أن يباد فليهرب خارج غزة على سبيل الهجرة الطوعية. ورفعت إسرائيل شعارات أهمها: إن الهدف من حملة الإبادة هو الانتقام لهجوم السابع من أكتوبر ووضعت إسرائيل ثلاثة أهداف إضافية: الأول: إبادة السكان، حتى يسهل جلب صهاينة العالم أو بناء المستوطنات واحتلال غزة بالكامل بدلا من تعميرها. الثاني: القضاء على المقاومة وتطهير غزة، بحيث تأمن إسرائيل، وذلك بنزع سلاح المقاومة وإبعاد قياداتها وحرمانها من المشاركة في إدارة غزة، وتحقيق هذه الأهداف بالمفاوضات أفضل من تحقيقها بالقوة، لذلك ماطلت في المفاوضات وأوهمت العالم أنها تنوي وقف إطلاق النار. الثالث: إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين فقط، وعلى المقاومة قبول شروط إسرائيل صاغرة، وإلا فإن الإبادة سوف تستمر والتجويع والمقاومة مسؤولة عن الإبادة. وإسرائيل مدعومة من العالم كله، خاصة الغرب، وسط سكون الوسط العربي والإسلامي. وعلى العكس، المقاومة لا يدعمها أحد، عزلوا إيران وقطعوا الصلات بين إيران والمقاومة ومعظم الحكام العرب لا يدعمون المقاومة، كما أن السلطة ضد المقاومة وهذا يؤدي إلى منهجين في التكهن بمصير الصراع كالاتي: منهجان لحساب مصير الصراع على غزة بين المقاومة وإسرائيل. إذا كان معظم الحكام العرب ليسوا مع المقاومة، فإن التقارير تجمع على أن الشعوب العربية تؤيد المقاومة وتكره إسرائيل وتتمنى زوالها. وفي مصر، رغم أن مصلحة مصر الدولة هي زوال إسرائيل ودعم المقاومة والأمن القومي المصري يحتم ذلك، ولكن حسابات الحكومة مع إسرائيل وأمريكا تجعل هذه الحقيقة ليست مطلقة. فحسابات السلطة وهي بطبيعتها ليست ظاهرة معقدة. ولكن أستطيع كمراقب أن أستنتج أن موقف السلطة قريب من موقف الشعب، وإلا لما تمكن المواطن من التعبير عن رأيه بحرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد إسرائيل، بل أن الهلال الأحمر المصري، وهو جهة حكومية يجمع تبرعات لصالح غزة، والمشكلة أن هذه المساعدات تتكدس في العريش دون أن يستفيد منها أهل غزة، لأن قرار فتح المعابر هو بيد إسرائيل. ولذلك فسياسة التجويع جزء من الإجرام الصهيوني. قلنا إن المقاومة بدأت من هجمتها في السابع من أكتوبر في نهج جديد يتجاوز مجرد مقاومة الاحتلال وهو تحرير كل فلسطين. واستشعرت إسرائيل وأمريكا خطورة ذلك، لذا اندفعت إسرائيل كالأسد الجريح تبيد على أساس صيغة فلسطين للأقوى، وما دامت إسرائيل تحوز كل أنواع القوة بما في ذلك الدعم الغربي والأمريكي، فإسرائيل قررت استخدام كل القوة لإرساء دعائم بقاء إسرائيل، وتجاهر بهدف القضاء على المقاومة، رغم انكشاف الجيش الصهيوني بسبب وعد الله وبطولة المقاومة. المقاومة تدرك تماما أنها وحدها، خاصة بعد أن قطعت أمريكا أواصر العلاقات مع إيران، ولذلك تسلحت بالحق وبوعد الله ولذلك تحقق المقاومة في ساحات القتال انتصارات مبهرة بإذن الله. وهناك منهجان لتقييم مصير الصراع هما: الأول: المنهج البشري ينتهي إلى القول بانتصار إسرائيل. والمنهج الإلهي الذي يؤكد انتصار الحق على الباطل. وإذا انتصرت المقاومة بمعنى ألقى الله الرعب في قلوب الصهاينة، فستزول إسرائيل، وعندئذ، تتغير جميع قواعد العلاقات داخل الإقليم وبين الإقليم والولايات المتحدة. رغم أن المنهج الإلهي مثالي وغيبي، إلا أني مؤمن به تماما، فذلك وعد الله ووعده الحق ولن يعجز الله أن ينصر الحق على الباطل.


جريدة الرؤية
منذ 2 أيام
- جريدة الرؤية
القضاء الأميركي يوقف تنفيذ أمر ترامب بشأن 'الجنائية الدولية"
واشنطن-رويترز أوقفت قاضية اتحادية تطبيق الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي يستهدف أولئك الذين يعملون لدى المحكمة الجنائية الدولية. يأتي هذا الحكم في أعقاب دعوى قضائية رفعها اثنان من المدافعين عن حقوق الإنسان في أبريل نيسان الماضي للطعن على الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب في السادس من فبراير شباط، والذي يجيز فرض عقوبات اقتصادية وعقوبات مرتبطة بالسفر واسعة النطاق على المشاركين في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بمواطنين أمريكيين أو حلفاء للولايات المتحدة، مثل إسرائيل. ووصفت نانسي توريسن، قاضية المحكمة الجزئية الأمريكية، في حكمها الأمر التنفيذي بأنه انتهاك غير دستوري لحرية التعبير. وكتبت "يبدو أن الأمر التنفيذي يقيد حرية التعبير أكثر بكثير مما هو ضروري لتحقيق هذه الغاية. ولم يرد البيت الأبيض والمحكمة الجنائية الدولية على الفور على طلبات التعليق. وفرض الأمر التنفيذي عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وهو بريطاني الجنسية. كما وضعه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية على سجل الأفراد والكيانات الخاضعين للعقوبات. ووفقا للأمر التنفيذي، الذي نددت به المحكمة الجنائية الدولية وعشرات الدول، قد يواجه المواطنون الأمريكيون الذين يقدمون خدمات لصالح خان أو غيره من الأفراد الخاضعين للعقوبات عقوبات مدنية وجنائية.