
ليبيا: توتر يتصاعد بين «الاستقرار» والبعثة الأممية
في ظل اتهامات متبادلة بين حكومة «الاستقرار» الليبية وبعثة الأمم المتحدة في البلاد، طالب 69 نائباً، السبت، بعقد جلسة طارئة لاختيار رئيس حكومة موحدة، استجابة للمظاهرات الشعبية. ودعا أعضاء مجلس النواب رئيسه عقيلة صالح لعقد هذه الجلسة لاستكمال إجراءات اختيار رئيس الحكومة الجديدة الموحدة من بين المرشحين الذين استوفوا الشروط القانونية وقدموا برامجهم.
واعتبر الموقعون على الطلب أن هذه الخطوة تأتي استجابة للتطلعات المشروعة للشعب الليبي، التي عبّر عنها بوضوح من خلال الحراك الشعبي والمظاهرات السلمية التي شهدتها عدة مدن ليبية، إلى جانب النداءات المتكررة من النخب الوطنية والمجالس الاجتماعية التي طالبت بضرورة الإسراع في توحيد السلطة التنفيذية وإنهاء الانقسام السياسي القائم. وطالب النواب بتحديد موعد عاجل للجلسة المرتقبة، مؤكدين أن المرحلة التي تمر بها البلاد تتطلب تحمل الجميع مسؤولياتهم الوطنية والعمل الجاد من أجل تحقيق الاستقرار وتلبية تطلعات الليبيين.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان المفوضية العليا للانتخابات، السبت، بدء مرحلة توزيع بطاقات الناخب لانتخابات المرحلة الثانية للمجالس البلدية، في 62 دائرة انتخابية تشمل 1075 مركزاً في مختلف أنحاء البلاد. وأكدت «المفوضية» أن العملية سوف تستمر حتى 20 يوليو (تموز) المقبل، دون إمكانية للتمديد، داعية المواطنين إلى التوجه لمراكزهم مصحوبين بإثبات الهوية، كما شددت على أهمية هذه الانتخابات في تعزيز اللامركزية والتنمية المحلية، داعية الجهات الأمنية والتنفيذية لدعم العملية.
تعزيزات أمنية في العاصمة طرابلس (داخلية الوحدة)
وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة «المؤقتة» مواصلة دوريات إدارة إنفاذ القانون وجودها على مدار الساعة في مناطق التماس بالعاصمة طرابلس، بهدف المحافظة على الأمن وحماية الممتلكات العامة والخاصة، مشيرة إلى تكثيف مختلف الأجهزة الأمنية تنفيذ مهامها لتأمين العاصمة، من خلال تعزيز التمركزات، وتكثيف الدوريات، ومراقبة مداخل ومخارج المدينة، بما يضمن تعزيز الأمن والاستقرار.
كما أعلنت تجهيز إدارة الدعم المركزي إحدى قواتها الأمنية استعداداً للانطلاق في تنفيذ المهام الموكلة إليها، مشيرة في بيان، مساء الجمعة، إلى أن هذا التجهيز يشمل توفير المعدات والوسائل اللوجيستية التي تضمن أداء العمل الأمني على النحو المطلوب، ضمن خطة التمركزات والنقاط الأمنية الموضوعة بالعاصمة طرابلس، ولا سيما في ميدان الشهداء والمناطق الحيوية الأخرى.
وأدرجت هذه الإجراءات ضمن الترتيبات الأمنية المعتمدة لضبط النظام العام وتعزيز الأمن والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، بما يضمن سلامة المواطنين واستقرار الأوضاع في المدينة.
واستنكرت حكومة «الاستقرار» ما وصفته بـ«تحريف متعمد» من قبل بعثة الأمم المتحدة لمطالب المتظاهرين السلميين، متهمة البعثة بمحاولة تضليل الرأي العام الدولي وتشويه حقيقة ما يجري على الأرض الليبية. وأكدت في بيان، مساء الجمعة، أن المظاهرات الأخيرة في ليبيا تمثل تعبيراً مشروعاً عن الاستياء الشعبي المتزايد من أداء البعثة الأممية، التي لم تحقق أي تقدم ملموس منذ أكثر من عشر سنوات، بل ساهمت، بحسب البيان، في تعقيد الأزمة عبر دعم ترتيبات هشّة ومسارات غير واقعية.
قوة خاصة للدعم المركزي (داخلية الوحدة)
وأدانت «الاستقرار» ما اعتبرته محاولات من البعثة لتصوير الاحتجاجات على أنها مؤامرة ضد جهود التسوية أو تحريض على العنف، معتبرة ذلك تنصلاً من المسؤولية وتشويهاً للمطالب الشعبية. وحذرت من «تجاوزات البعثة الأممية» وتدخلها في الشؤون الداخلية الليبية، داعية إلى التزامها بولايتها المحددة والامتناع عن أي تصرفات تمس أمن الدولة أو سيادتها.
وكانت البعثة الأممية قد أكدت احترامها التام وغير المشروط لحق جميع المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن آرائهم بحرية، واعتبرت أن التواصل المباشر مع الشعب الليبي هو حجر الزاوية في عملها، وقالت إنها على أتم الاستعداد دائماً للقاء والمشاركة في الحوارات والاستماع إلى وجهات نظر الليبيين، بما في ذلك الاستماع إلى انشغالات ومطالب المتظاهرين السلميين.
واعتبرت البعثة تصريحات بعض الشخصيات السياسية الليبية وحملات التحريض والشائعات التي تُشن ضدها، مؤشراً على محاولة لتقويض أي تقدم نحو إطلاق عملية سياسية تهدف إلى إجراء انتخابات وطنية وتوحيد المؤسسات لتحقيق سلام واستقرار دائمين في ليبيا.
أيضاً جدد رئيس حكومة «الاستقرار»، أسامة حماد، رفضه القاطع لأي تشكيك في شرعية اتفاقيات حكومته مع الدول الصديقة، مؤكداً أن التعاون الليبي التركي يتم وفقاً للشرعية الدولية ولا يعتدي على سيادة أي دولة. وحذر، خلال حضوره تخريج دفعة جديدة من طلبة المعهد العالي للضباط، من عواقب استمرار سياسة التحريض والتصعيد اليوناني، مؤكداً احتفاظ ليبيا بحقها الكامل في اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية، بما في ذلك الرد الصارم على أي مساس بسيادتها. كما شدد على أن حقوق ليبيا البحرية غير قابلة للمساومة، ولن تُناقش إلا ضمن الأطر القانونية الدولية، مشيراً إلى أن حكومته اتخذت خطوات حاسمة رداً على المواقف اليونانية الأخيرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
المغامرات غير المحسوبة
السياسة الناجحة لأي بلد هي التي تُحقق الاستقرار، لأن الاستقرار السياسي لأي بلد هو الشرط الأساسي الأول لازدهار الاقتصاد، ولكن إقليمنا وُفِّقَ بسياسيين هوايتهم المغامرة بمقدرات أوطانهم رغم ضعف الإمكانات، لتُصنف هذه الدول سياسياً بـ«الدول الضعيفة غير القانعة»؛ هذه الدول رغم ضعفها مقارنة بمقدرات الدول الكبرى، سواء من حيث النفوذ أو من حيث القوة العسكرية، تسعى لتمديد رقعتها على حساب جيرانها، غير عابئة بعدم مواءمة الظرف التاريخي، وكذلك عدم تقديرها قوتها العسكرية الحقيقية. ولنأخذ مثالين؛ المثال الأول ليبيا زمن معمر القذافي، الذي رأى نفسه زعيماً أممياً، رغم أن شعبه لم يتجاوز مليوني نسمة بداية الثورة، ليدخل في نزاعات لا طائل منها، سواء في تشاد أو في السودان، أو بدعوته للوحدة مع عدة أقطار عربية، تبدأ بالود وتنتهي بالخلاف، ليُضيّع مقدرات ليبيا لمدة أربعين عاماً، في مغامرات سياسية لا طائل منها، بل إن بعضها مضحك، مثل عرضه على مصر الوحدة، على أن يكون الرئيس للقطرين السادات، فيما يحتل القذافي منصب وزير الدفاع! وهو بهذا التخطيط المُضحك والساذج يريد الانقلاب على السادات بحكم سيطرته على الجيش، ناسياً أنه يتعامل مع واحد من دهاة الساسة! المُهم، أن القذافي أضاع مقدرات شعبه بغبائه وبسوء تقديراته السياسية على مغامرات غير محسوبة؛ هذه المغامرات أدّت إلى إفقار شعبه الذي صبر عليه، حتى أتت الفرصة بمساعدة التدخل الأجنبي ليقف الشعب مع الأجنبي للتخلُّص من حكم القذافي الذي أذاقهم الأمرين، مرارة وجود النفط، ومرارة عدم الاستفادة منه، ولو انتبه الحاكم المستبد لشعبه وحقق الرفاه له لوقف الشعب في صفه ولم يخلعه. هذه نتيجة السياسات الخرقاء للقذافي التي أدّت لكراهية الشعب له، والتخلُّص منه في أول فرصة سانحة، ناهيك بمحاولات الانقلاب عليه التي فشلت، والتي تدل على كراهية شعبه له لأنه جعلهم في حالة عوز، سواء كان ذلك بفعل السياسة الخارجية أو الداخلية التي نموذجها البيت لساكنه، لتخلق تذمراً شعبياً أدّى إلى الابتهاج بقتله، ولو أحسن القذافي لشعبه وخلق حالة من الرفاه له لوقف الشعب معه. نأتي للمثال الثاني، وهو النموذج الإيراني، فبعد ثورة 1979 رفع حكام طهران شعار تصدير الثورة، وغضت الدول الكبرى الطرف عن هذا الشعار، حتى خاضت إيران حرباً ضروساً مع العراق دامت ثماني سنوات، وحتى مع الاتفاق على قرار وقف النار صرح مرشدهم بأنه يتجرّع قرار وقف النار كالسم! لتبدأ بعد ذلك مغامرات أُخرى يبدو أنها منسقة مع الدول الكبرى، ومتفقة مع رغبة إيران في التوسع، لتُحرك الأقليات ضد حكوماتها، طبعاً هذا لا يأتي إلا من خلال المال الإيراني الداعم لهذه الميليشيات على حساب رفاهية الشعوب الإيرانية، لتُسيطر مفتخرة على أربع عواصم عربية، ولتُحاول التمرد على الدول الكبرى التي جعلت إيران تستنزف طاقاتها، وبعد ذلك خلعت هذه القوى بشار سوريا، وقضت على كثير من سلاح «حزب الله»، أما قاصمة الظهر فهي الهجوم الإسرائيلي - الأميركي الأخير على إيران، لتفقد إيران كل مكاسبها في 46 عاماً، مستنزفة كل مقدراتها في مغامرات سياسية غير محسوبة. في كلا المثالين يتّضح عدم النضج السياسي لدى ساستهم، وعدم تقديرهم حجمهم الحقيقي، ما أدّى لإهدار مقدرات شعوبهم على هذه المغامرات الخاسرة بدلاً من توجيهها للداخل، عبر تحسين وضعهم الاقتصادي الذي سيؤدي إلى رفاهية الشعوب ورضاها عن حكامها. أعتقد أنه يجب على دول المنطقة دراسة وتحليل هذا السلوك ونتائجه لتجنب عواقبه الوخيمة. ودمتم.


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
وزير الدفاع السعودي ورئيس أركان الجيش الإيراني يبحثان الأوضاع في المنطقة
بحث وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء عبد الرحيم موسوي، "تطورات الأوضاع في المنطقة، والجهود المبذولة للحفاظ على الأمن والاستقرار". وأشار وزير الدفاع السعودي في منشور على منصة "إكس"، إلى أنه بحث أيضاً خلال الاتصال الذي تلقاه من اللواء موسوي "العلاقات الثنائية" بين السعودية وإيران "في المجال الدفاعي". وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قد أعرب خلال اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، الثلاثاء، عن أمل المملكة في أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل في إعادة الأمن والاستقرار، وتجنب مخاطر التصعيد، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السعودية "واس". من جهته، أعرب الرئيس الإيراني عن شكره للمملكة على موقفها في إدانة العدوان الإسرائيلي، مجدداً تقديره للدور الذي يقوم به ولي العهد من جهود ومساع لإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة. ووفقاً لوكالة "تسنيم " الإيرانية، أكد بيزشكيان، أن بلاده "مستعدة لحل القضايا مع الولايات المتحدة ضمن الأطر الدولية المتعارف عليها"، مشدداً على أن "طهران لا تطالب إلا بحقوقها المشروعة، وترحب بأي مساعدة من الدول الشقيقة والصديقة في هذا المسار".


الشرق الأوسط
منذ 7 ساعات
- الشرق الأوسط
تيتيه تؤكد التزام البعثة إخراج ليبيا من حالة «الجمود»
أكدت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه، التزام الأمم المتحدة بـ«العمل إلى جانب الجميع للمساهمة في إخراج البلاد من حالة الجمود الراهنة نحو مستقبل أكثر سلماً واستقراراً وازدهاراً». وتيتيه التي تواجه للمرة الأولى منذ تسلّمها منصبها الأممي، حالة من الغضب في ليبيا بعد تقديم إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، تسعى للحصول على دعم شعبي ودولي لمخرجات اللجنة الاستشارية المعنية بالانتخابات العامة. واستغلت المبعوثة الأممية مناسبة العام الهجري الجديد، وتقدمت بالتهنئة للشعب الليبي، متمنية أن يحمل هذا العام فرصاً جديدة لتحقيق السلام الدائم، والوحدة، والاستقرار. وقالت: «هذه مناسبة لنجدد التأكيد على أننا سنظل ملتزمين بالعمل على كسر الجمود». وسعى ليبيون غاضبون إلى اقتحام مقر البعثة الأممية في جنزور غرب العاصمة طرابلس، بدعوى أن «الإحاطات التي يتقدم بها المبعوثون لا تُقدّم حلاً للأزمة السياسية»، ورأوا أن البعثة «ملزَمة بإيجاد حل أو ترحل عن البلاد». ودخل نواب برلمانيون على الخط موجهين اتهامات للبعثة بـ«الانحياز» و«إدارة الأزمة السياسية وليس حلها»، لكن مسؤول بالبعثة الأممية يرى أنها «تعمل على إيجاد توافق بين جميع الأطراف المختلفة دون إملاءات». في سياق مختلف، قالت بعثة الأمم المتحدة، (الجمعة)، إن لجنة قانونية «أرست الأسس لمشروع قانون خاص بالمفقودين في ليبيا». وضمّت اللجنة، بحسب الأمم المتحدة، خبراء من مؤسسات تشمل مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، ووزارة العدل، والمجلس الأعلى للقضاء، والهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني. ونوهت البعثة إلى أن الاجتماع يهدف إلى تعزيز الدعم المقدّم لعائلات المفقودين من خلال تحديد التعديلات اللازمة لمواءمة القانون الليبي مع المعايير الدولية، مع زيادة التعاون والتنسيق بين مختلف المؤسسات المشاركة في عمليات البحث والتعرّف. وانتهت إلى أنه «بناءً على نتائج المسح الشامل للإطار التشريعي الليبي الحالي الذي أنجزه خبراء مستقلون؛ سيشكل مشروع القانون المقترح أساساً للمناقشات وجهود المناصرة المستقبلية». لجنة ليبية تنتهي من وضع أسس مشروع قانون خاص بالمفقودين برعاية أممية (البعثة الأممية) في السياق ذاته، جدد الاتحاد الأوروبي، من خلال بعثته لدى ليبيا، التزامه بدعم تطلعات الشعب الليبي لإنهاء حالة عدم الاستقرار والانقسامات، مشيراً إلى أنه «يدعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا؛ والمضي قدماً نحو مستقبل يسوده الوحدة والسلام والازدهار للجميع». وكان «المجلس الأوروبي» قد قرر، (الخميس)، تمديد ولاية بعثة المساعدة الأوروبية لإدارة الحدود المتكاملة في ليبيا «يوبام – ليبيا» عامين إضافيين حتى 30 يونيو (حزيران) 2027. وقالت البعثة الأوروبية لدى ليبيا في بيان، إن بعثة المساعدة الأوروبية لإدارة الحدود في ليبيا «تساهم في تعزيز قدرة السلطات الليبية على إدارة حدود ليبيا، ومكافحة الجريمة العابرة للحدود، بما فيها الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومكافحة الإرهاب». ولفتت إلى أنها تقدم أيضاً «المشورة الفنية، وتنفذ أنشطة لبناء القدرات التشغيلية والتقنية، وتنفذ مشاريع، مدعومة بتدريبات وورش عمل متخصصة». وانتهت إلى أن «ضمان الاحترام الكامل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وتعزيز نهج يراعي الفوارق بين الجنسين يُعد من الجوانب الأساسية لعمل البعثة». وأُطلقت البعثة في إطار السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة (CSDP) في مايو (أيار) 2013.