logo
المغامرات غير المحسوبة

المغامرات غير المحسوبة

الشرق الأوسطمنذ 17 ساعات

السياسة الناجحة لأي بلد هي التي تُحقق الاستقرار، لأن الاستقرار السياسي لأي بلد هو الشرط الأساسي الأول لازدهار الاقتصاد، ولكن إقليمنا وُفِّقَ بسياسيين هوايتهم المغامرة بمقدرات أوطانهم رغم ضعف الإمكانات، لتُصنف هذه الدول سياسياً بـ«الدول الضعيفة غير القانعة»؛ هذه الدول رغم ضعفها مقارنة بمقدرات الدول الكبرى، سواء من حيث النفوذ أو من حيث القوة العسكرية، تسعى لتمديد رقعتها على حساب جيرانها، غير عابئة بعدم مواءمة الظرف التاريخي، وكذلك عدم تقديرها قوتها العسكرية الحقيقية.
ولنأخذ مثالين؛ المثال الأول ليبيا زمن معمر القذافي، الذي رأى نفسه زعيماً أممياً، رغم أن شعبه لم يتجاوز مليوني نسمة بداية الثورة، ليدخل في نزاعات لا طائل منها، سواء في تشاد أو في السودان، أو بدعوته للوحدة مع عدة أقطار عربية، تبدأ بالود وتنتهي بالخلاف، ليُضيّع مقدرات ليبيا لمدة أربعين عاماً، في مغامرات سياسية لا طائل منها، بل إن بعضها مضحك، مثل عرضه على مصر الوحدة، على أن يكون الرئيس للقطرين السادات، فيما يحتل القذافي منصب وزير الدفاع!
وهو بهذا التخطيط المُضحك والساذج يريد الانقلاب على السادات بحكم سيطرته على الجيش، ناسياً أنه يتعامل مع واحد من دهاة الساسة!
المُهم، أن القذافي أضاع مقدرات شعبه بغبائه وبسوء تقديراته السياسية على مغامرات غير محسوبة؛ هذه المغامرات أدّت إلى إفقار شعبه الذي صبر عليه، حتى أتت الفرصة بمساعدة التدخل الأجنبي ليقف الشعب مع الأجنبي للتخلُّص من حكم القذافي الذي أذاقهم الأمرين، مرارة وجود النفط، ومرارة عدم الاستفادة منه، ولو انتبه الحاكم المستبد لشعبه وحقق الرفاه له لوقف الشعب في صفه ولم يخلعه.
هذه نتيجة السياسات الخرقاء للقذافي التي أدّت لكراهية الشعب له، والتخلُّص منه في أول فرصة سانحة، ناهيك بمحاولات الانقلاب عليه التي فشلت، والتي تدل على كراهية شعبه له لأنه جعلهم في حالة عوز، سواء كان ذلك بفعل السياسة الخارجية أو الداخلية التي نموذجها البيت لساكنه، لتخلق تذمراً شعبياً أدّى إلى الابتهاج بقتله، ولو أحسن القذافي لشعبه وخلق حالة من الرفاه له لوقف الشعب معه.
نأتي للمثال الثاني، وهو النموذج الإيراني، فبعد ثورة 1979 رفع حكام طهران شعار تصدير الثورة، وغضت الدول الكبرى الطرف عن هذا الشعار، حتى خاضت إيران حرباً ضروساً مع العراق دامت ثماني سنوات، وحتى مع الاتفاق على قرار وقف النار صرح مرشدهم بأنه يتجرّع قرار وقف النار كالسم!
لتبدأ بعد ذلك مغامرات أُخرى يبدو أنها منسقة مع الدول الكبرى، ومتفقة مع رغبة إيران في التوسع، لتُحرك الأقليات ضد حكوماتها، طبعاً هذا لا يأتي إلا من خلال المال الإيراني الداعم لهذه الميليشيات على حساب رفاهية الشعوب الإيرانية، لتُسيطر مفتخرة على أربع عواصم عربية، ولتُحاول التمرد على الدول الكبرى التي جعلت إيران تستنزف طاقاتها، وبعد ذلك خلعت هذه القوى بشار سوريا، وقضت على كثير من سلاح «حزب الله»، أما قاصمة الظهر فهي الهجوم الإسرائيلي - الأميركي الأخير على إيران، لتفقد إيران كل مكاسبها في 46 عاماً، مستنزفة كل مقدراتها في مغامرات سياسية غير محسوبة.
في كلا المثالين يتّضح عدم النضج السياسي لدى ساستهم، وعدم تقديرهم حجمهم الحقيقي، ما أدّى لإهدار مقدرات شعوبهم على هذه المغامرات الخاسرة بدلاً من توجيهها للداخل، عبر تحسين وضعهم الاقتصادي الذي سيؤدي إلى رفاهية الشعوب ورضاها عن حكامها.
أعتقد أنه يجب على دول المنطقة دراسة وتحليل هذا السلوك ونتائجه لتجنب عواقبه الوخيمة. ودمتم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحذيرات من أزمة اقتصادية عالمية بسبب الحرب في الشرق الأوسط
تحذيرات من أزمة اقتصادية عالمية بسبب الحرب في الشرق الأوسط

العربية

timeمنذ 34 دقائق

  • العربية

تحذيرات من أزمة اقتصادية عالمية بسبب الحرب في الشرق الأوسط

قال وزير الخزانة الأسترالي، جيم تشالمرز، إن الغارات الجوية التي نفذتها إسرائيل ضد المنشآت النووية الإيرانية، ورد إيران عليها، تمثل لحظة "بالغة الخطورة" بالنسبة للشرق الأوسط، مضيفًا أن ذلك، إلى جانب الاضطرابات في مناطق أخرى من العالم، يدفع الاقتصاد العالمي إلى "مرحلة شديدة الخطورة في الوقت الراهن". وأضاف تشالمرز، اليوم الاثنين، أن ارتفاع أسعار النفط منذ الغارات الجوية يوم الجمعة الماضي دفع أسواق المال إلى زيادة التوقعات بخفض أسعار الفائدة في أستراليا، مما يدل على أن المتعاملين يركزون بشكل أكبر على تداعيات الأحداث على النمو الاقتصادي، أكثر من تركيزهم على تأثير التضخم في المدى القريب. ودخل النزاع بين إسرائيل وإيران يومه الرابع، اليوم الاثنين، مما أثار مخاوف من اتساع نطاق الحرب في المنطقة الغنية بالنفط، وفق وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ". وقال تشالمرز، إن "ارتفاع أسعار النفط يشكل خطرًا على توقعات التضخم، لكنه يشكل أيضًا خطرًا على نمو الاقتصاد العالمي". وأضاف أن "ما تفعله عادة البنوك المركزية، وليس فقط البنك المركزي لدينا، أنها تحاول تجاهل الارتفاعات المؤقتة في الأسعار، والنظر في التداعيات الأوسع نطاقًا". وردًا على سؤال بشأن ما تنصحه به وزارته حول التداعيات الاقتصادية للنزاع، قال تشالمرز إن هذا النزاع يعد عنصرًا رئيسيًا في تفاقم حالة التقلبات العالمية، التي تعود إلى أسباب تتراوح بين التوترات الجمركية التي تثيرها الولايات المتحدة، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وصولًا إلى التباطؤ الاقتصادي في الصين، الشريك التجاري الأبرز لأستراليا. وأضاف تشالمرز: "لذا يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة شديدة الخطورة في الوقت الراهن، وبرغم أن أستراليا في موقع قوي ومستعدة جيدًا للتعامل مع هذا القدر من عدم اليقين والتقلبات، فإننا لن نكون بمنأى عن ذلك".

وزير الخارجية المصري: غطرسة القوة لدى إسرائيل لن تحقق لها الأمن
وزير الخارجية المصري: غطرسة القوة لدى إسرائيل لن تحقق لها الأمن

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري: غطرسة القوة لدى إسرائيل لن تحقق لها الأمن

قال بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، اليوم السبت، إن «غطرسة القوة» التي تمارسها إسرائيل لن تحقق لها الأمن أو الاستقرار. وأضاف عبد العاطي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة خارجية النمسا بياتي مينل ريزينجر في القاهرة، أن القتال الإسرائيلي في غزة أصبح «قتلاً لمجرد القتل». موضحاً أن «السياسات الإسرائيلية تواصل أعمال القتل اليومية دون منطق أو جدوى». وأكد حرص بلاده على وضع حد للكارثة الإنسانية في غزة و«وقف استخدام التجويع كسلاح»، لافتاً النظر إلى أن «سياسة التجويع الممنهج من إسرائيل انتهاك سافر لقواعد القانون الدولي»، وأعاد التأكيد على أهمية «النفاذ غير المشروط للمساعدات الإنسانية والطبية لقطاع غزة». وتابع: «سنعقد مؤتمر القاهرة الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار لتنفيذ الخطة العربية الإسلامية فور التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة». ورأى وزير الخارجية المصري أن «تجسيد الدولة الفلسطينية هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار لإسرائيل ودول المنطقة». وفيما يتعلق بالخلاف مع إثيوبيا بشأن مياه نهر النيل، قال عبد العاطي إن قضية المياه ذات أهمية قصوى لبلاده، مشدداً على أنه «لا تفريط في قضية المياه». وبدأت إثيوبيا تشييد سد النهضة عام 2011 في مشروع تكلّف مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه النيل، بينما يخشى السودان من الأضرار البيئية والاقتصادية الناجمة عنه.

بريطانيا تراهن على فتح شهية المستثمرين الخليجيين لمشاريعها في البنية التحتية
بريطانيا تراهن على فتح شهية المستثمرين الخليجيين لمشاريعها في البنية التحتية

الاقتصادية

timeمنذ 3 ساعات

  • الاقتصادية

بريطانيا تراهن على فتح شهية المستثمرين الخليجيين لمشاريعها في البنية التحتية

في الآونة الأخيرة، كشفت الحكومة البريطانية، عن إستراتيجية طموحة بقيمة 725 مليار جنيه إسترليني (نحو 995 مليار دولار ) على مدى 10 سنوات لتطوير وتوسيع بنيتها التحتية. تهدف الخطة البريطانية إلى تحديث شبكات النقل والطاقة والإسكان والبنية الرقمية في أنحاء المملكة المتحدة، واستعادة ثقة المستثمرين بعد سنوات من التقشف، مع فتح مزيد من الفرص أمام رأس المال الخاص دعما للإنفاق العام . الطموح البريطاني لا يقتصر في إطار هذه الخطة على الاستفادة من الموارد المحلية فحسب، بل يشمل أيضا جذب رؤوس الأموال الدولية، لا سيما رؤوس من منطقة الخليج، بوصفها قاطرة الاستثمار في العالم. هذا المشهد، الذي تتلاقى فيه الاحتياجات البريطانية مع القدرات الاستثمارية الفريدة لصناديق الثروة السيادية الخليجية الراغبة في تنويع محافظها، يوجد فرصا جذابة ومربحة للطرفين، مع توفر الضمانات اللازمة وترتيب الألويات، بحسب آراء خبراء تحدثوا لـ "الاقتصادية" . توافق الرؤى بين الخليج وبريطانيا يعزز الاستثمار توجه المملكة المتحدة صوب الاستثمارات الخليجية يبرز إدراك لندن لأهمية السيولة الضخمة التي تتمتع بها الصناديق الخليجية، التي تشير تقديرات إلى أنها تتجاوز 4 تريليونات دولار. كذلك، يظهر هذا التوجه إيمان صانع القرار البريطاني بوجود إستراتيجيات خليجية تنسجم مع الخطط البريطانية لتطوير البنية التحتية في البلاد . تركز الرؤية الاستثمارية الخليجية في السنوات الأخيرة على المشروعات الطويلة الأجل، التي تكون مصحوبة بضمانات حكومية، وهي رؤية تتوافق مع إستراتيجية لندن الراهنة، بحسب خبير الاستثمار ويليام بوتس. وقال لـ "الاقتصادية": "تراهن بريطانيا على أن مشاريع البنية التحتية ستزيد شهية المستثمرين الخليجيين عبر حماية عوائدهم من التضخم، إضافة إلى منحهم ضمانات حكومية خاصة وأطرا تنظيمية متينة تمنح رؤوس الأموال الخليجية ملاذا آمنا بعيدا عن تقلبات الأسواق العالمية". خبرات دول الخليج تؤهلها للتأدية دور محوري يرى خبراء في المقابل أن هناك ضرورة لترتيب الأولويات بشكل مشترك بين الجانبين، من أجل تحديد القطاعات المستهدفة للاستثمار الخليجي، وعلى نحو يحقق مصالح متوازنة. وبينما يدعم المستثمرون الخليجيون قطاعات يمتلكون خبرة نسبية فيها، تضمن لهم عائدا استثماريا مرتفعا، يركز الجانب البريطاني استثماراته في قطاعات يمكنها تعظيم الاستفادة من موارده المالية المحلية المحدودة . لذلك، ترى الدكتورة إيمي باور، أستاذة الاقتصاد الدولي، أن الخبرات الخليجية في قطاع الطاقة تؤهلها لتأدية دور محوري في إستراتيجية المملكة المتحدة، عبر دعم مشروعات تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وخفض تكاليف الإنتاج والاستهلاك، والإسهام في جهود الحد من الانبعاثات. وقالت لـ "الاقتصادية": "شهدنا خلال السنوات الماضية اهتماما خليجيا بإحياء مناطق في شمال إنجلترا؛ ويمكن توسيع التعاون لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة ومناطق حرة تقدم حوافز ضريبية جذابة لرؤوس الأموال الخليجية". الضمانات تحقق شراكة متوازنة بين دول الخليج وبريطانيا الرغبة البريطانية في جذب رؤوس الأموال الخليجية الخاصة أو السيادية للاستثمار في إستراتيجية تطوير وتوسعة البنية التحتية لا بد أن يرافقها مزيد من الضمانات والامتيازات للمستثمرين الخليجيين، من أجل إرساء دعائم شراكة متوازنة بين الجانبين. فالعلاقة المثلى بين لندن ودول الخليج لا يجب أن تقتصر على تدفق رؤوس الأموال من الشرق إلى الغرب، بل ينبغي أن تنفتح الأسواق البريطانية أمام الاستثمارات الخليجية في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة. تشمل هذه المجالات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والتكنولوجيا الحيوية، والعلاجات الجينية، وغيرها. ينبغي أن ينطوي هذا التعاون كذلك على نقل للخبرات البريطانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي، بوصفها شريكا ومنتجا رئيسا، بما يحقق قيمة مضافة لهذا التعاون وفوائد متبادلة للطرفين في قطاعات متعددة ويعزز المهارات التقنية في المنطقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store