logo

أليسون شراجر: "القمع المالي" لن يخفض أسعار الفائدة

الاقتصاديةمنذ 6 ساعات

عوامل هيكلية تجعل عودة عصر أسعار الفائدة المنخفضة حلماً بعيد المنال
القمع المالي خيارٌ لبنك الاحتياطي الفيدرالي العاجز عن خفض أسعار الفائدة
نسبة الرفع المالي التكميلي قيد المراجعة لتوسيع قدرة البنوك على شراء السندات
الحل المستدام لخفض الفائدة يأتي من إصلاح جذري لبرامج الإنفاق وخفض الدين طويل الأجل
تعيش الحكومة الفيدرالية والأسواق المالية ومعظم الأمريكيين في حالة إنكار جماعي تجاه أسعار الفائدة. كلما ظهر أحدهم على شاشة تلفزيونية اقتصادية أو تقدّم للحصول على قرض عقاري أو وضع توقعات تتعلق بالديون طويلة الأجل أسمع دائماً عبارة متكررة بصيغة "عندما تعود أسعار الفائدة إلى الانخفاض".
يؤسفني أن أكون ناقلة الأنباء السيئة، لكن أسعار الفائدة لن تعود إلى الانخفاض، ولاسيما إلى المستويات التي كانت سائدة في العقد الثاني من الألفية. أي محاولة لخفضها قسراً -ما يُعرف اقتصادياً بـ"القمع المالي" لن تسفر سوى عن مزيد من الألم
.
أسعار فائدة مرتفعة
في ظل ارتفاع مستويات الدين، وتراجع الترابط بين الاقتصادات العالمية وغموض توقعات التضخم والدورات الاقتصادية الطبيعية، من المرجح أن تبقى
.
من ثم، لا يُستغرب أن يكون وزير الخزانة سكوت بيسنت منهمكاً بمحاولة خفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، أو أن يكون الرئيس مهووساً بإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة. لكن "الفيدرالي" لا يملك سيطرة مباشرة على المستوى الطبيعي للفائدة، إذ إنها تُحدد من خلال السوق، ولا سيما بناء على توقعات التضخم، وتقييمات المخاطر والظروف الاقتصادية العامة. مع تزايد الدين العام، وارتفاع احتمالات فرض رسوم جمركية، من المرجح أن ترتفع أسعار الفائدة أكثر
.
حتى الآن، ما يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي متمسكاً بموقفه الرافض لخفض الفائدة. لذلك، ليس من المستبعد أن نرى توجهاً نحو "القمع المالي"- أي استخدام أدوات تنظيمية أو إدارية "تشجع بقوة" المستثمرين على شراء السندات. تاريخياً، كان ذلك يعني فرض ضوابط على رأس المال تُجبر المستثمرين على شراء ديون محلية، لكن هذا الخيار يبدو مستبعداً حالياً. أما الأداة الأكثر شيوعاً فهي اللوائح التنظيمية
.
وهناك بالفعل مؤشرات على مثل هذا التوجه
.
السندات الأمريكية
إحدى تلك المؤشرات تُعرف بنسبة "الرفع المالي التكميلي
(Supplemental Leverage Ratio).
بموجب هذه القاعدة، يتعين على البنوك الأميركية أن تحتفظ بنسبة من رأس المال تراوح بين 3% و5% من إجمالي الأصول، بغض النظر عن مستوى المخاطر. وتُجادل البنوك بأن معاملتها لسندات الخزانة الأمريكية كأصول ذات مخاطر تعني أنها محدودة في قدرتها على شراء هذه السندات، ما يقلص من سيولة سوق الدين الحكومي
.
"
مورجان ستانلي" يوصي بشراء أسهم وسندات أمريكا وتجنب الدولار
..
يدرس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حالياً تعديل طريقة احتساب هذه النسبة أو خفضها. وهناك مبررات قوية لذلك، سواء من منظور إدارة المخاطر لدى البنوك أو بهدف تعزيز متانة سوق السندات الأمريكية. ويبدو أن التوقيت مناسب للحكومة، لأن شراء البنوك مزيد من السندات طويلة الأجل من شأنه أن يسهم في خفض العائدات
.
شكل آخر محتمل من أشكال القمع المالي يتمثل في تنظيم العملات المستقرة، هي عملات مشفرة ترتبط قيمتها بالدولار الأمريكي وتُستخدم كوسيلة للتحوط من تقلبات العملة. الأمل هو أن يؤدي التنظيم إلى تعزيز انتشار هذه العملات. وإذا تحقق ذلك، فستكون له آثار مباشرة على سوق السندات، إذ إن المُصدرين لهذه العملات عادة ما يشترون كميات كبيرة من سندات الخزانة قصيرة الأجل للتحوط. كلما زاد الطلب على هذه العملات، زاد الطلب على سندات الخزانة، وبالتالي انخفضت عائداتها
.
تغذية التضخم في الولايات المتحدة
لكن ينبغي القول إن القمع المالي لا يتمتع بسجل جيد. فعادة ما يؤدي الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات أدنى من مستويات السوق إلى تغذية
.
وفي حالات أخرى، تفقد هذه الإستراتيجية فاعليتها تدريجياً. خذ اليابان مثالاً: تمكنت لعقود من تطبيق القمع المالي، حيث اشترت بنوكها وصناديق التقاعد كميات ضخمة من الدين المحلي، ما أبقى الفائدة منخفضة رغم الدين الحكومي المرتفع. لكن عندما عاد التضخم، لم يستطع بنك اليابان رفع الفائدة، فتدهورت قيمة الين، ثم ارتفعت أسعار الفائدة في النهاية رغم كل التدابير المتخذة
.
رغم ذلك، فإن السياسات الحكومية الحالية لا تخلو أيضاً من المخاطر. فقد يكون تعديل نسبة الرفع المالية خطوة ضرورية لتعزيز سيولة سوق السندات، لكن إذا كان الهدف الأساسي منها هو خفض أسعار الفائدة، فإنها قد تؤدي إلى تسارع التضخم وتقويض قيمة الدولار الأمريكي. أما التعديلات التنظيمية على العملات المشفرة -التي رغم تسميتها الجذابة- لا تُعد من الأصول المستقرة فعلاً، فقد تزيد من هشاشة النظام المالي. ليست هناك دوافع واضحة لامتلاك العملات المستقرة ما لم يكن الهدف هو تحقيق أرباح رأسمالية أو تنفيذ نشاطات غير قانونية. وهذا يجعلها عرضة لانهيار مفاجئ في الطلب، ما قد يؤدي إلى موجة بيع مفاجئة في سوق السندات، وبالتالي إلى قفزة في أسعار الفائدة
.
خفض الدين العام
بالتأكيد، هناك وسيلة مضمونة تستطيع الحكومة من خلالها خفض أسعار الفائدة هي أن تثبت للعالم أن لديها خطة حقيقية لخفض
.
خاص بـ "بلومبرغ"

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

برّاك يؤكد أن رؤية ترمب لدمشق «متفائلة»
برّاك يؤكد أن رؤية ترمب لدمشق «متفائلة»

الشرق الأوسط

timeمنذ 25 دقائق

  • الشرق الأوسط

برّاك يؤكد أن رؤية ترمب لدمشق «متفائلة»

أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس برّاك، أن رؤية الرئيس، دونالد ترمب، لسوريا «متفائلة»، فيما أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي إزالة اسم سوريا من لائحة «الدول المارقة» التي لا يُسمح للولايات المتحدة بالتعاون معها أو مساعدتها في مجال الطاقة النووية المدنية، وفق ما ذكرت «وكالة الأنباء السورية (سانا)». وقال برّاك في تغريدة بحسابه الشخصي على منصة «إكس»: «لقد التقيت الرئيس ترمب ووزير الخارجية، ماركو روبيو، في البيت الأبيض، ودار الحديث عن الشرق الأوسط، وبشكل رئيسي بشأن سوريا وتركيا، ويمكنني التأكيد أن رؤية الرئيس بهذا الشأن ليست متفائلة فقط؛ وإنما يمكن تحقيقها». من جهة أخرى، قالت «سانا» إن البيت الأبيض ذكر، عبر صفحته الرسمية باللغة العربية على منصة «إكس»، أن اسم سوريا في القائمة كان إلى جانب إيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا ودول أخرى، وأنه لم يعد موجوداً الآن. وتُعدّ لائحة «الدول المارقة» تصنيفاً سياسياً تستخدمه الولايات المتحدة أداةً في الخطاب الدبلوماسي والإعلامي منذ نحو 30 عاماً، للإشارة إلى الدول التي تعادي المصالح الأميركية، أو تُتَّهَم بدعم الإرهاب، أو السعي لحيازة أسلحة دمار شامل، أو ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. المبعوث الأميركي يرفع علم بلاده في دمشق وبجانبه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أرشيفية) ورحبت وزارة الخارجية والتنمية البريطانية بالالتزام الذي قدمته الحكومة السورية بشأن التعاون مع منظمة «حظر الأسلحة الكيماوية». وقالت «الخارجية» البريطانية، عبر منشور على حسابها بمنصة «إكس»: «المملكة المتحدة ترحب بالتزام الحكومة السورية القوي بقلب صفحة التاريخ، وعزمها على ضمان تدمير برنامج الأسلحة الكيماوية تماماً، الذي يعود إلى عهد الأسد». ورحبت الوزارة بما سمته الدعم العملياتي واللوجيستي الذي قدمته سوريا لزيارات منظمة «حظر الأسلحة الكيماوية»، والتزامها التواصل مع المجتمع الدولي. وخلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، في جلسته التي عُقدت يوم 5 يونيو (حزيران) الحالي، بشأن تنفيذ القرار «2118» (الصادر عام 2013) المتعلق بإزالة برنامج الأسلحة الكيماوية السوري، قالت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، إن الواقع السياسي الجديد في سوريا يتيح فرصة مهمة لحل القضايا العالقة منذ مدة طويلة بشأن برنامج الأسلحة الكيماوية السوري. وأضافت أن فريقاً من الخبراء الفنيين من الإدارة التقنية لمنظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» زار دمشق في مارس (آذار) الماضي. وتأتي هذه الزيارة، وفق المسؤولة الأممية، لبدء العمل على إنشاء وجود دائم للمنظمة في سوريا والبدء في التخطيط المشترك لإيفاد فرق إلى مواقع الأسلحة الكيماوية. واجتمع الفريق مع ممثلين للسلطات المؤقتة، منهم وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إضافة إلى عقد لقاءات تقنية مع خبيرين سوريين، وجمع معلومات لم تكن السلطات السابقة قد كشفت عنها، وفق ما أفادت به المسؤولة الأممية. وأشادت ناكاميتسو بالتزام السلطات الجديدة في سوريا التعاون الكامل والشفاف مع المنظمة وأمانتها الفنية.

ماسك يخسر 34 مليار دولار في يوم واحد بسبب خلافه مع ترامب
ماسك يخسر 34 مليار دولار في يوم واحد بسبب خلافه مع ترامب

العربية

timeمنذ 36 دقائق

  • العربية

ماسك يخسر 34 مليار دولار في يوم واحد بسبب خلافه مع ترامب

اندلع الخلاف الحاد بصورة مفاجئة بين الملياردير الأميركي الأشهر إيلون ماسك والرئيس دونالد ترامب ، وهو ما انعكس سريعاً على تراشق في التصريحات العلنية عبر وسائل الإعلام، فيما يبدو أن ماسك هو الخاسر الأكبر من هذا الصراع، حيث تبخر أكثر من 34 مليار دولار من ثروته خلال يوم واحد على وقع هذه الأزمة. وكانت ثروة ماسك قد وصلت إلى ما يقرب من 500 مليار دولار بفضل فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، حيث كانت تلك الأيام الذهبية بالنسبة لماسك عندما ظهر الرجلان وكأنهما لا ينفصلان. وفي يوم الخميس الماضي، وبعد الانقسام المتفجر بين الرجلين، والذي صاحبته هجمات شخصية وتراشق في التصريحات العلنية، انخفضت ثروة إيلون ماسك بمقدار 34 مليار دولار في يوم واحد بسبب انهيار أسهم "تسلا". وبحسب العديد من التقارير الغربية التي رصدتها "العربية Business" فقد انخفضت أسهم شركة صناعة السيارات الكهربائية بنسبة 14% يوم الخميس الماضي، وذلك بعد انخفاض بنسبة 3.5% في اليوم السابق، لتكون بذلك قد تكبدت أكبر خسائر لها خلال شهر ونصف. لكن ماسك لا يزال أغنى رجل في العالم، بثروة تبلغ 335 مليار دولار، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات. ويُعد الانخفاض البالغ 34 مليار دولار ثاني أكبر انخفاض في يوم واحد على الإطلاق، بعد الانخفاض الذي عانت منه الشركة في نوفمبر 2021 مع النتائج السيئة لها في ذلك الحين. ويخشى المستثمرون من أن يؤدي الصدام مع الرئيس إلى تخويف العملاء المحتملين المؤيدين لترامب، ما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة المبيعات الناجمة عن التدخل السياسي لرئيس شركة "تسلا". ومع تصاعد المواجهة، كانت هناك مخاوف من أن تصبح شركات ماسك هدفاً للانتقام من جانب البيت الأبيض. وهدد ترامب ماسك يوم الخميس قائلاً: "أسهل طريقة لتوفير مليارات الدولارات من ميزانيتنا هي إنهاء المنح والعقود الحكومية التي يمنحها إيلون ماسك. لطالما فوجئت بأن بايدن لم يفعل ذلك". وقال تقرير نشرته جريدة "إل بايس" الاسبانية إنه لا توجد لدى شركة "تسلا" أية عقود كبيرة مع الحكومة الأميركية، لكن الشركة تستفيد من حوافز السيارات الكهربائية التي وافقت عليها إدارة بايدن، والتي أصبحت معرضة للخطر بموجب قانون الضرائب الذي دفع به ترامب وانتقده ماسك. لكن المستفيد الأكبر من العقود الفيدرالية هي شركة الفضاء التي يديرها ماسك "سبيس إكس". وفي أعقاب تهديدات ترامب، أعلن ماسك أن الشركة ستبدأ في تفكيك مركبتها الفضائية "دراجون"، وهي رابط حيوي بالفضاء بالنسبة للولايات المتحدة، التي تعتمد على شركة الملياردير لنقل البضائع ورواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية.

كواليس المعارك التي دمرت تحالف ترمب وماسك
كواليس المعارك التي دمرت تحالف ترمب وماسك

الشرق السعودية

timeمنذ 37 دقائق

  • الشرق السعودية

كواليس المعارك التي دمرت تحالف ترمب وماسك

كان دونالد ترمب يعيش حالة من الإحباط، وهو يستوعب علناً انفصاله عن إيلون ماسك، ففي أعقاب الهجمات العلنية التي شنها رجل الأعمال، ودعوته الصريحة على ما يبدو لمساءلة الرئيس الأميركي بغرض العزل، بدأ الأخير في إجراء اتصالات هاتفية مع مقربين ومعارف، في محاولة لفهم ما حدث، وفق صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. وقال ترمب في إحدى تلك المكالمات إن حليفه السابق "مدمن مخدرات من الدرجة الأولى"، بحسب شخص مطلع على تفاصيل المكالمة، تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته، كما فعل آخرون، نظراً لحساسية الموضوع. وأقر ماسك باستخدامه مادة الكيتامين، وهي مخدر قوي، وأوضح أنها وُصفت له لعلاج الاكتئاب، وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد ذكرت مؤخراً أن ماسك كان يستخدم كميات كبيرة من الكيتامين خلال حملاته السياسية لدرجة أنه قال لأشخاص إنها أثرت على مثانته. ووفقاً لمسؤولين في البيت الأبيض، فإن قلق ترمب من تعاطي ماسك للمخدرات، والذي استند جزئياً إلى تقارير إعلامية، كان أحد الأسباب التي ساهمت في تباعد المسافة بين الرجلين. "تحالف ترمب وماسك" ورغم أن ترمب عرف تاريخياً بعدم تردده في توجيه انتقادات لاذعة وشخصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكل من يهاجمه، فإنه كان "أكثر تحفظاً" في تعامله مع ماسك مما توقعه أصدقاؤه ومستشاروه، بحسب "واشنطن بوست". فبعد المواجهة التي وقعت بينه وبين ماسك، الخميس، طلب ترمب من المحيطين به ألا "يصبوا الزيت على النار"، بحسب شخصين مطلعين، كما نصح نائبه جي دي فانس بالتريث والحذر في تصريحاته العلنية بشأن ماسك. ورغم أن الانفصال بين ترمب، وماسك لم يظهر للعلن إلا يوم الخميس، فإن شروخ هذا التحالف بدأت بالظهور في وقت أبكر بكثير. وقالت الصحيفة: "تسببت جرأة ماسك ونهجه القائم على التحرك السريع وتحطيم القواعد في تعقيد طموحات البيت الأبيض لإعادة تشكيل المجتمع الأميركي، ما أدى إلى نفور شخصيات رئيسية داخل الإدارة، من بينهم كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، إضافة إلى وقوع مشادات مع عدد من الوزراء، انتهت إحداها باشتباك جسدي". كما قالت "واشنطن بوست" إن هذه الرواية بشأن انهيار التحالف بين ترمب، وماسك تستند إلى مقابلات مع 17 شخصية مطلعة على مجريات الأحداث، بينهم كثيرون تحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم للكشف بصراحة عن محادثات حساسة. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن ترمب واصل تركيزه على أجندته التشريعية وخطط خفض الإنفاق، رغم أن المواجهة بينه وبين ماسك أصبحت محور اهتمام واشنطن. كما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في بيان: "سيواصل الرئيس ترمب والإدارة بأكملها مهمتهم المتمثلة في القضاء على الهدر والاحتيال وإساءة استخدام الأموال في الحكومة الفيدرالية نيابةً عن دافعي الضرائب.. وتمرير مشروع القانون الكبير والجميل يمثل عاملاً حاسماً للمساعدة في تحقيق هذه المهمة". ولكن خلف الأبواب المغلقة، كان الحديث عن الانتقام من ماسك موضوعاً مطروحاً بين مسؤولي الإدارة، وطالب ترمب عبر منصة "تروث سوشيال" بإخضاع العقود الحكومية الخاصة بماسك للتدقيق العلني، وهو ما قد يُهدد إمبراطوريته التجارية. وفي الوقت ذاته، يشعر الجمهوريون بالقلق من إمكانية استخدام أغنى رجل في العالم لثروته الهائلة في الرد عليهم، لا سيما في ظل تلميحاته المتكررة لإطلاق حزب سياسي ثالث. وقال السيناتور الجمهوري تيد كروز من ولاية تكساس، الجمعة: "أشعر وكأنني طفل في طلاق مرير، كل ما يمكنني قوله هو: أتمنى فقط أن يتوقف أبي وأمي عن الصراخ". وكان ماسك قد وصل إلى واشنطن في يناير الماضي، كأقوى حليف لترمب، حيث بات يمضي لياليه في غرفة لنكولن الشهيرة، وعُين مستشاراً كبيراً في البيت الأبيض. لكن شهر العسل لم يدم طويلاً، فقد ساهمت تكتيكات ماسك القوية، وافتقاره للفطنة السياسية، واختلافه الأيديولوجي مع قاعدة حركة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" (ماجا) في تآكل علاقته مع كبار مسؤولي الإدارة، وصولاً إلى الرئيس نفسه، وفق الصحيفة. وظهرت أولى بوادر التوتر في فبراير الماضي، عندما تلقى موظفو الحكومة بريداً إلكترونياً يطلب منهم إدراج خمسة إنجازات حققوها خلال الأسبوع الماضي، وقد أُرسل البريد دون إشعار مسبق إلى وزراء وأعضاء وكالات حكومية، مما أثار قلقاً على أعلى مستويات الإدارة. وعندما علم المسؤولون بأن البريد الإلكتروني وصل إلى عدد من قضاة المحاكم الفيدرالية الجزئية، الذين لا يخضعون للسلطة التنفيذية، وإلى آخرين يتعاملون مع معلومات سرية، تعزز لديهم الشعور بأن ماسك يفتقر إلى فهم أساسي لطبيعة الحكومة الفيدرالية أو يفتقد المهارة اللازمة للتعامل معها بمرونة. ورغم هذا التوتر، حافظ ترمب ونائبه على دعم ماسك، لكن وايلز شعرت بقلق متزايد إزاء الخلافات بين فريق ماسك المسمى بـ"وزارة الكفاءة الحكومية" وبين قيادات أخرى في الإدارة. ومع سعي ماسك وفريقه إلى تقليص المنح الفيدرالية، وطرد موظفين من الإدارة، وإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أصبح هدفاً لهجمات الخصوم السياسيين لترمب، وفي المظاهرات التي اجتاحت الولايات المتحدة، بدأت تظهر لافتات كُتب عليها: "لا أحد انتخب إيلون ماسك". وفي 1 أبريل الماضي، جاء أول اختبار سياسي كبير لماسك، حين أغرق ولاية ويسكونسن بالأموال لدعم مرشح مدعوم من ترمب في سباق على مقعد بالمحكمة العليا للولاية لكنه خسر بفارق كبير، وهو ما شكّل جرس إنذار للجمهوريين الذين بدأوا يدركون أن رجل الأعمال لم يعد مجرد مخاطرة سياسية، بل أصبح عبئاً. وقال شخص مطلع للصحيفة: "هناك إدراك حقيقي في البيت الأبيض، وفي الكابيتول هيل بأن علامة إيلون التجارية تواجه مشكلة سياسية فعلية"، وفي الوقت ذاته، بدأ ماسك، شأنه شأن كثير من رجال الأعمال، يشعر بخيبة أمل من سياسات ترمب الاقتصادية. ففي 2 أبريل، وعندما أعلن ترمب عن رسوم جمركية جديدة تهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، عبر ماسك عن استيائه على منصة "إكس"، وهاجم مستشار ترمب التجاري والحليف القديم بيتر نافارو، واصفاً إياه بـ"الأحمق". وفي السر، حاول ماسك إقناع ترمب شخصياً بالتراجع عن فرض الرسوم، لكنه رفض، ولم يتراجع إلا بعد أيام، عقب انخفاض حاد في سوق السندات. اشتباك جسدي وبعد ذلك بفترة قصيرة، تحول التوتر بين ماسك وفريق ترمب التجاري إلى اشتباك جسدي، وفق ما ذكره ستيفن بانون، المذيع البارز والمستشار السياسي المقرب من ترمب. ففي منتصف أبريل، دخل ماسك ووزير الخزانة سكوت بيسينت إلى المكتب البيضاوي ليعرض كل منهما ترشيحه المفضل لمنصب مفوض دائرة الضرائب المؤقت، وقد قرر ترمب دعم مرشح بيسينت، وهو ما سبق أن كشفت عنه "نيويورك تايمز". وعندما غادر الرجلان المكتب، وعند السير في الممر، تبادلا الشتائم، وقال بانون، نقلاً عن مصدر مطلع، إن بيسينت ذكّر ماسك بأنه لم ينجح في الوفاء بتعهده بكشف تريليون دولار من الإنفاق الحكومي الفاسد والمهدر. وقال بيسينت لماسك، بحسب بانون: "أنت محتال.. محتال تماماً"، فقام ماسك بدفع كتفه بقوة نحو صدر بيسينت "كما يفعل لاعب الرجبي"، حسب تعبير بانون، الذي قال إن بيسنت رد على ماسك بـ"الضرب". وسارع عدد من الأشخاص للتدخل وفض الاشتباك عندما وصلا إلى مكتب مستشار الأمن القومي، وتم إخراج ماسك من الجناح الغربي، وأضاف بانون: "الرئيس ترمب علم بما جرى، وقال: هذا تجاوز للحد". وفي أواخر أبريل، أعلن ماسك انسحابه من واشنطن للتركيز أكثر على أعماله، لا سيما شركة تسلا التي كانت تمر بأزمة، وقال إنه سيظل يقضي جزءاً من وقته في واشنطن، وزعم حلفاؤه في وادي السيليكون أنه سيواصل إدارة "وزارة الكفاءة الحكومية" عن بُعد. لكن في أثناء غيابه، اغتنم خصومه في الإدارة الفرصة لتقويض نفوذه، وكان ذلك من خلال ترشيح جاريد إيزاكمان، الذي عينه ترمب لمنصب مدير وكالة "ناسا" بناءً على توصية من ماسك. طموحات ماسك في المريخ ويسعى ماسك إلى استعمار المريخ، وكان تعيين حليف له على رأس وكالة ناسا هدفاً رئيسياً بالنسبة إليه. غير أن إيزاكمان كان قد قدم تبرعات سياسية عديدة لمرشحين ديمقراطيين، وهو ما اعتُبر نقطة ضعف في إدارة تضع الولاء في مقدمة أولوياتها. وقبل أكثر من أسبوع، وفي اليوم الأخير لماسك كموظف حكومي خاص، زود سيرجيو جور، مدير التعيينات الرئاسية، ترمب بمستندات مطبوعة تُظهر تبرعات إيزاكمان، وأبلغ ترمب ماسك أنه سيسحب ترشيح إيزاكمان بسبب مخاوف تتعلق بولائه السياسي. وتفاقم التوتر بين الطرفين في مارس، بعدما اعتقد ماسك أن "جور" سرب لـ"نيويورك تايمز" قصة عن اجتماع شهد خلافاً بين ماسك وعدد من أعضاء الحكومة، وفقاً لشخص مطلع على الأمر. وقال المصدر إن شكوك ماسك ازدادت لأن التقرير لم يشر إلى انتقاداته لمكتب "جور"، أما الأخير فأبلغ بعض المحيطين به برغبته في الانتقام من ماسك. وبسحب ترمب لترشيح إيزاكمان، تلقى ماسك ضربة قوية لطموحاته في الفضاء. ورغم تصاعد التوتر، ظهر ترمب، وماسك جبهة موحدة ذلك اليوم خلال حفل وداع رسمي في المكتب البيضاوي، حيث سلمه ترمب مفتاحاً رمزياً، وأشاد به قائلاً إنه "أحد أعظم قادة الأعمال والمبتكرين الذين أنجبهم العالم على الإطلاق". لكن بعد أيام فقط، انفجرت الخلافات بين الرجلين على "إكس"، إذ هاجم ماسك مشروع القانون الأبرز لترمب، ودعا أعضاء الكونجرس الجمهوريين إلى عدم دعمه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store