
في ذكراها الـ80.. الحرب العالمية الثانية مأساة التاريخ المعاصر الأكثر دموية
تمر هذه الأيام الذكرى الثمانين لانتصار معسكر الحلفاء في الحرب العالمية الثانية على ما يسمى دول المحور بقيادة ألمانيا النازية، وهي تعد أكثر الحروب دموية في التاريخ البشري.
كان لزعيم الحزب النازي، أدولف هتلر، حينها أطماع توسعية لا حدود لها، حيث سعى لتحويل ألمانيا إلى إمبراطورية كبرى وأطلق عليها لقب "الرايخ الثالث" مستلهما من مصطلح الرايخ الذي كان يطلق على الإمبراطورية الرومانية التي استمرت حوالي 9 قرون (911 ـ 1806) لكن لم تدم دولته التي حلم بها أكثر من 12 عامًا.
وانتهت الحرب عام 1945، لكن آثارها ما زالت شاهدة على واحدة من أفظع الجرائم التي عرفتها البشرية، فمن معسكرات الاعتقال إلى القصف النووي، تركت الحرب إرثا من الألم والمعاناة لم يُمح من الذاكرة.
وبهذا التقرير، نسلط الضوء على التداعيات الإنسانية للحرب، عبر قصص الناجين وأرقام الضحايا، وكيف شكلت السنوات الست ملامح العالم الحديث، بكل ما تحمله من جراح لم تندمل.
الحرب في سطور
بدأ هتلر تنفيذ مخططاته لتحقيق أطماعه التوسعية في الأول من سبتمبر/أيلول 1939، حيث قصفت القوات الألمانية بولندا واجتاحتها، وبعدها دخلت فرنسا وبريطانيا أيضًا الحرب ضد ألمانيا لتنغمس أوروبا في جحيم.
إعلان
لقد انخرطت كل القوى العالمية حينها في الحرب، وانقسم العالم إلى معسكرين: دول المحور وتضم ألمانيا وإيطاليا واليابان، ومعسكر الحلفاء ويشمل الولايات المتحدة إلى جانب بريطانيا وفرنسا وروسيا وأستراليا والصين وأغلب الدول الأوروبية.
وحققت دول المحور بعض الانتصارات في البداية، فسيطرت القوات الألمانية على فرنسا وأغلب دول أوروبا الشرقية وأجزاء من الاتحاد السوفياتي. وحققت اليابان انتصارات واسعة على الصين وسيطرت على مناطق واسعة من آسيا والمحيط الهادي.
لكن مع نهاية عام 1942، بدأت انتصارات دول الحلفاء وتمت استعادة الأراضي التي احتلتها ألمانيا تدريجيا بما في ذلك فرنسا. وفي أوروبا الشرقية حقق الجيش الأحمر انتصارا تاريخيا في ستالينغراد ليتمكن من طرد الألمان من الاتحاد السوفياتي، ثم من أوروبا الوسطى قبل أن يحسم معركة برلين ربيع عام 1945، وفي 8 مايو/أيار 1945 استسلمت ألمانيا دون قيد أو شرط بعد انتحار هتلر.
وفي آسيا، استعاد الجيش الأميركي زمام المبادرة منذ صيف عام 1942، لكن الأمر استغرق 3 سنوات أخرى من القتال بفعل شراسة مقاومة اليابانيين الذين لم يستسلموا إلا بعد أن تعرضوا للقصف النووي الوحيد في التاريخ، حيث ألقت الولايات المتحدة قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في 6 و9 أغسطس/آب 1945.
التكلفة البشرية للحرب العالمية الثانية
لعبت الطائرات دورًا رئيسيًا في الصراع، حيث أودى القصف الإستراتيجي للمراكز السكنية بحياة ملايين الأشخاص، ومن ذلك القنبلتان الذرِّيتان اللَّتان أُلقيتا على هيروشيما وناغازاكي، كما فني عشرات الملايين من الناس بسبب المجازر والجوع والأمراض.
وتذهب التقديرات من مصادر مختلفة إلى أن هذه الحرب راح ضحيتها ما بين 50 و85 مليون قتيل غالبيتهم من المدنيين، يضاف إلى هذا العدد عشرات الملايين من الجرحى والمشوهين.
وشهدت الحرب تعديات خطيرة على حقوق الإنسان، فبالإضافة إلى قتل الملايين من المدنيين الأبرياء، عرف الصراع أصناف التعذيب والإعدامات واعتقل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وارتكبت إبادات جماعية بحق العديد من الشعوب، كما استخدم النازيون آلاف الأشخاص عبيدا لديهم.
إعلان
وفي نهاية الحرب، كانت هناك مأساة من نوع آخر تتعلق بعشرات الملايين من اللاجئين المشردين، وقد قدرت بعض الدراسات أن الحرب العالمية الثانية تسببت في نزوح حوالي 200 مليون شخص في أوروبا وآسيا، 100 مليون منهم في الصين وحدها.
معسكر رافنسبروك.. مقتلة جماعية
في تقرير لقناة "تي في 5" الفرنسية بعنوان "أمهات المخيم في ذكرى أطفال رافنسبروك" استنطق التقرير بعض الناجين ممن ولدوا داخل معسكر الاعتقال، الواقع على بعد 80 كيلومترًا شمال برلين، وهو أكبر معسكر اعتقال نازي مخصص للنساء والأطفال.
تقول الألمانية إنجلور بروشنو، التي ولدت في أبريل/نيسان 1944، إن المعسكر احتجزت فيه أكثر من 130 ألف امرأة، توفي منهن حوالي 30 ألفا أثناء احتجازهن بسبب القتل أو الجوع أو المرض، وكانت الحوامل يتعرضن للإجهاض بالحقن القاتلة، ومن استطاعت إخفاء حملها يقتل طفلها فور اكتشافه، وقد كان الأطفال حديثو الولادة يقتلون خنقا أو حرقا أو إغراقا.
وتقول البولندية واليريا بيتش، والدة الطفل ميكولاي المولود في 25 مارس/آذار 1945، وكانت ضمن أكبر قافلة من الحوامل التي وصلت بعد انتفاضة وارسو في أغسطس/آب 1944 "لقد عذبت النساء حتى الموت في بعض الأحيان وتعرضن للأوبئة، وشخصيا تعرضت للضرب والركل على الرغم من حملي المتقدم، وإضافة إلى ذلك كنا نعمل لمدة تتراوح بين 12 و14 ساعة يومياً في دفع العربات، وحمل الطوب، وخياطة الزي الرسمي".
وتروي الجندية الفرنسية مادلين أيلمر روبين في كتابها "لقد وهبتُ الحياة في معسكر الموت" أنها أنجبت سرا وبمساعدة سجينات ابنتها سيلفي في 21 مارس/آذار 1945 في "غرفة صغيرة ضيقة، عبارة عن ممر، لا يوجد ماء، ولا مرحاض، ولا كهرباء، لا شيء سوى شمعة على الأرض".
وتقول الفرنسية ماري شومبارت إنه ابتداءً من سبتمبر/أيلول 1944، تم تجميع العديد من الأطفال حديثي الولادة في غرفة وكان متوسط أعمارهم حوالي 3 أشهر، وكانت الفئران تقضم أصابع الأطفال المحصورون بمفردهم، كما مات معظمهم بسبب الجوع والأمراض والبرد الذي وصل إلى 15 درجة مئوية تحت الصفر.
إعلان
ويوضح التقرير أن قليلات من نساء المعتقل تمكنّ من إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، وفي معظم الأحيان إما يموت الطفل أو تموت الأم أو تمنع من الوصول إلى طفلها لإرضاعه.
يقول الفرنسي جان كلود باسرات -الذي وُلِد في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1944- إنه نجا بفضل كرم بعض السجينات في المزرعة التي كانت والدته تعمل فيها، حيث أرضعته امرأة غجرية رومانية وأخرى روسية، فقدتا طفليهما للتو.
وينقل التقرير عن الشاهدة ماري خوسيه أن الأطفال سرعان ما يصبحون مثل كبار السن مع بشرة متجعدة، وبطون منتفخة، ووجوه مثلثة، ويعانون من الإسهال الأخضر.
وبداية عام 1945، ساءت الأوضاع، حيث تم قصف معسكر رافنسبروك بالغاز وبلغ عدد ضحاياه حوالي 6 آلاف، وبعدها تم إرسال الآلاف من النساء والأطفال إلى معسكرات أخرى.
وكانت النساء تخفين الأطفال في تنانيرهن أثناء صعود الحافلات، كما وقع مع سيلفي أيلمر، واضطر أطفال آخرون (كما هو حال إنجلور بروشنو) للسير مع أمهاتهن في "مسيرة الموت" التي امتدت لمسافة 60 كيلومترًا، حيث أجبر النازيون سجناءهم على السير عندما اقترب الجنود السوفيات لنقلهم إلى معسكرات أخرى في ألمانيا والنمسا.
جرائم الأميركيين أعظم مسكوت عنه
في تقرير بعنوان "المحظور الأكبر في الحرب العالمية الثانية" أوردت الكاتبة الفرنسية إيزابيل مورجير أن المئات -إن لم يكن الآلاف- من الفرنسيات تعرضن للاغتصاب على يد الجنود الأميركيين في جرم ظل مسكوتا عنه، ويكشف أن ليوم النصر أيضا جانبه المظلم.
وتوضح إيزابيل أن الجميع تقريبا يعلم أنه في 6 يونيو/حزيران 1944 نزل 156 ألف جندي أميركي وبريطاني وفرنسي على شواطئ نورماندي الفرنسية لتحرير فرنسا من قبضة النازية، لكن ما ليس معلوما لدى كثيرين أنه بعد بضعة أشهر وتحديدا في أكتوبر/تشرين الأول 1944 حاكمت السلطات العسكرية الأميركية 152 جندياً بتهمة اغتصاب فرنسيات.
إعلان
وتنقل الكاتبة عن المؤرخة الأميركية ومؤلفة كتاب "الجنود والنساء" ماري لويز روبرتس قولها إن الرقم المعلن أقل بكثير من العدد الحقيقي للجنود الأميركيين الذين ارتكبوا جرائم اغتصاب الفرنسيات حيث فضلت العديد من النساء الصمت، فبالإضافة إلى العار المرتبط بالاغتصاب، كان الجو مليئا بالفرح والاحتفال بالمحررين.
وتضيف المؤرخة الأميركية أنه لتحفيز الجنود الأميركيين على القتال بعيداً عن الوطن "وعدهم قادتهم بفرنسا التي يسكنها نساء سهلات" وهكذا ترى المؤرخة أنه تم استخدام الجنس وسيلةً للسيطرة على فرنسا.
ويقدر التقرير أن هناك الآلاف من حالات الاغتصاب التي ارتكبها الجنود الأميركيون في الفترة ما بين مقدمهم في يونيو/حزيران 1944 ورحيلهم في أبريل/نيسان 1946، ولم يتم الإبلاغ عنها.
Voir cette publication sur Instagram
Une publication partagée par الجزيرة الوثائقية (@aljazeeradocumentary)
ويورد التقرير نماذج من حالات الاغتصاب التي تم التكتم عليها، فينقل عن المواطنة الفرنسية إيمي دوبري (99 عامًا) أنها فضلت الصمت لمدة 80 عامًا بشأن اغتصاب والدتها عام 1944، ولكن مع اقتراب احتفالات إنزال قوات الحلفاء في فرنسا، لم تعد ترغب في الصمت.
ففي قريتها الصغيرة مونتور، كانت إيمي ذات الـ19 عامًا سعيدة للغاية، مثل جميع جيرانها، بوصول هؤلاء "المحررين" الذي بشر بنهاية الاحتلال الألماني، لكن سرعان ما ستصاب بخيبة الأمل. وفي مساء يوم 10 أغسطس/آب، دخل جنديان أميركيان إلى مزرعة العائلة و"كانوا في حالة سُكر وكانوا بحاجة إلى امرأة" كما قالت إيمي.
وفي رسالة أخرجتها من قطعة قماش قديمة كتبتها لها والدتها حتى لا تنسى أي شيء، تنقل عنها قولها "أطلق الجنود النار على زوجي، واخترقت الرصاصات قبعته، ثم تحركوا بشكل تهديدي نحوك فخرجت لحمايتك، فأخذني الجنود إلى الحقول واغتصبوني 4 مرات بالتناوب".
إعلان
وبعد 80 عامًا، تقول البنت وقد انكسر صوتها وهي تقرأ رسالة أمها "آه يا أمي، لقد عانيت، إني أفكر في هذا الأمر كل يوم أيضًا" مضيفة "ضحّت أمي بنفسها لحمايتي، وبينما كانوا يغتصبونها، انتظرنا حتى الليل، لا نعلم إن كانت ستعود حيّة أم سيطلقون عليها النار".
وفي حالة أخرى، تتذكر جين تورنيلك (95 عاماً) كيف قام جندي أسود من الجيش الأميركي باغتصاب شقيقتها الكبرى (كاثرين) بعد أن حطم باب المنزل وقتل والدها الذي حاول التدخل فأطلق عليه الجندي النار.
وبعد الحادثة، ركضت إحدى أخوات كاثرين لإبلاغ حامية أميركية متمركزة على بعد بضعة كيلومترات، قالت لهم إن جنديا ألمانيا هو الذي فعلها، لقد كانت مخطئة، فعندما عاينوا الرصاص اليوم التالي، عرفوا فورًا أنه أميركي.
ويقول التقرير إن كاثرين احتفظت بسر اغتصابها الذي سمم حياتها حتى اقترب موعد وفاتها، حين اعترفت بذلك لإحدى بناتها (جينين بلاسار) قالت لها وهي على سريرها في المستشفى "لقد تعرضت للاغتصاب أثناء الحرب خلال التحرير" وسألتها ابنتها إن كانت حدثت أحدا في الأمر، فأجابت "لقد كان التحرير، وكان الجميع سعداء، لم أكن لأقول شيئًا كهذا، لأنه لم يكن أحد ليصدقني".
ويتحدث عن عنصرية نمطية مارسها الجيش الأميركي خلال المحاكمات المحدودة حول عمليات اغتصاب الفرنسيات، حيث تم إلقاء اللوم على ذوي البشرة السوداء من الجنود الأميركيين.
وينقل التقرير عن كتاب صادر عام 1976 للكاتب لويس جيلو الذي كان مترجما للقوات الأميركية في فرنسا أن "أولئك الذين حُكم عليهم بالإعدام كانوا جميعهم من السود تقريبًا".
وتؤكد ماري لويز روبرتس هذا الطرح، حيث تعتبر أنه عندما أدركت القيادة العسكرية الأميركية أن "الوضع أصبح خارج السيطرة"، اختارت "جعل الجنود السود كبش فداء من أجل تحويل الاغتصاب إلى "جريمة سوداء" للحفاظ على سمعة الأميركيين البيض بشكل مطلق".
وتبرهن روبرتس على ذلك بإحصائيات "مذهلة": فخلال عامي 1944 و1945، ومن بين 29 جنديًا حُكم عليهم بالإعدام بتهمة الاغتصاب، كان 25 منهم من الجنود السود، وتشير إلى أن "الجيش فسر ذلك بحقيقة أن الأسود كان مغتصبًا محتملاً، وأنهم كانوا يتمتعون بتوجه جنسي متفاقم، وهي صورة نمطية عنصرية سائدة في الولايات المتحدة.
ويشير التقرير إلى أنه لحساسية هذه المعلومات وبعد نشر كتابها عام 2013، تم وضع ماري لويز روبرتس تحت مراقبة الشرطة، وهو ما تفسره المؤرخة نفسها بأنه محاولة للاستمرار في إشاعة "أسطورة الجندي الأميركي الشجاع والصادق حامي المرأة الذي تفخر به بلاده" حتى لو كان ذلك يعني الاستمرار في الكذب، حسب المؤرخة الأميركية التي ترى أن الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية فندت ذلك فقد كانت أيضا بمثابة هزائم أخلاقية، مثل حرب فيتنام وحرب أفغانستان.
إعلان
وكانت الحرب العالمية الثانية إذن أضخم صراع عسكري على مر العصور، سواء من حيث قسوة القتال، أو العواقب الضارة التي لحقت بالسكان والآثار المدمرة على الأرض.
لقد أدت تلك الحرب إلى إفناء إمبراطوريات ودول، وفي المقابل رفعت مكانة دول وأفرزت قوى عالمية جديدة وبلورت شكل العالم كما نعرفه اليوم، مع ما يعانيه من اختلالات وظلم، فهل سيحتاج تصحيح الاختلالات الماثلة وإنهاء المظالم القائمة إلى حرب عالمية ثالثة، أم أن الله سيقيض للعالم رشداء يحصنونه بالعدل بعد أن امتلأ جورا وظلما؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
دول غربية تسارع في إدانة هجوم المتحف اليهودي بواشنطن
توالت ردود الفعل الدولية على الهجوم الذي قتل فيه موظفان في سفارة إسرائيل بواشنطن، ووصفت ألمانيا الحادث بأنه "جريمة سياسية"، في حين قالت فرنسا إن الهجوم "فعل شنيع من الهمجية المعادية للسامية". وقالت السلطات الأميركية إن المدعو إلياس رودريغيز من مدينة شيكاغو في ولاية إلينوي، ويبلغ من العمر (30 عاما)، أطلق النار بالقرب من فعالية بالمتحف اليهودي في واشنطن، وهتف قبل اعتقاله "الحرية لفلسطين"، وقال "فعلت ذلك لأجل غزة". وندّد المستشار الألماني فريدريش ميرتس"بشدّة" بمقتل الموظفَين، وجاء في منشور له على منصة إكس: "في هذه المرحلة، يجب أن نفترض وجود دافع معاد للسامية.. أدين هذه الجريمة البشعة بأشد العبارات الممكنة". ووصف وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول الحادث بأنه "جريمة سياسية"، وكتب على منصة إكس "لا مبرر للعنف المعادي للسامية. أشعر بالصدمة إزاء جريمة القتل الغادرة التي راح ضحيتها موظفان في السفارة الإسرائيلية بواشنطن"، معربا عن مواساته لزملائه في وزارة الخارجية الإسرائيلية وعائلتي القتيلين. من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في منشور على منصة إكس "مصدومون بمقتل موظفَين في السفارة الإسرائيلية في واشنطن. نندّد بهذه الجريمة الفظيعة المعادية للسامية". وندّد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بـ"فعل شنيع من الهمجية المعادية للسامية"، وأضاف عبر منصة إكس "ما من مبرّر لعنف مماثل. وفي بالي أقرباؤهم وزملاؤهم ودولة إسرائيل". وقالت منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اليوم الخميس إنها "مصدومة" من حادث إطلاق النار في واشنطن، وأضافت في منشور عبر منصة إكس "لا يوجد، ولا ينبغي أن يكون هناك مكان في مجتمعاتنا للكراهية أو التطرف أو معاداة السامية. أقدم تعازيّ لعائلات الضحايا وشعب إسرائيل". وندّد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني "بمشاهد الرعب والعنف" في واشنطن، وكتب على إكس أن "معاداة السامية.. ينبغي أن تتوقّف. وينبغي ألا تعود فظائع الماضي"، معربا عن "التعاطف" مع إسرائيل. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد نشر تعزية لأسرتي الضحيتين، وقال عبر منصة تروث سوشيال "إطلاق النار يعزى إلى معاداة السامية.. يجب أن تنتهي فورا جرائم القتل المروعة في واشنطن والتي بنيت بلا شك على معاداة السامية.. لا مكان للكراهية والتطرف في الولايات المتحدة، ومن المحزن حدوث مثل هذه الأمور".


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
ترامب يُطلع قادة أوروبيين على موقف بوتين الحقيقي من الحرب في أوكرانيا
أخبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قادة أوروبيين، في اتصال هاتفي، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"ليس مستعدا" لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لاعتقاده أنه في موقع المنتصر، بحسب ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة. وترى الصحيفة أن هذا التصريح يشكل أول تأكيد مباشر من ترامب للقادة الأوروبيين بشأن موقف بوتين، ورغم توافقه مع ما كانوا يعتقدونه سابقا، فإنه يتعارض مع تصريحات ترامب العلنية السابقة التي اعتبر فيها أن بوتين "يريد السلام فعلا". وقالت الصحيفة الأميركية إن الاتصال ضم كلا من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني. من جهته، نفى الكرملين الاتهامات بالمماطلة في المباحثات الهادفة إلى تسوية في أوكرانيا، في وقت ينتظر فيه أن يعرض طرفا الحرب، موسكو وكييف، شروطهما للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على خلفية جهود دبلوماسية برعاية واشنطن. أما الرئيس الأوكراني، فقال إن روسيا "تسعى إلى كسب الوقت بغية مواصلة حربها واحتلالها" للأراضي الأوكرانية. ميدانيا، أعلنت روسيا الأربعاء أن دفاعاتها الجوية أسقطت ما لا يقل عن 260 طائرة مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية مختلفة، وأن بعض هذه المسيرات اقتربت من موسكو حيث تم إغلاق مطارات بالعاصمة لفترة وجيزة لضمان سلامة الرحلات الجوية. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات. وأعلن الجيش الأوكراني أن طائراته المسيرة أصابت مصنعا لأجهزة أشباه الموصلات في منطقة أوريول قال إنه يوفر إمدادات لمنتجي الطائرات المقاتلة والصواريخ الروسية. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها تحرز تقدما في مواقع رئيسية على خطوط القتال، في حين أفاد مدوّنون عسكريون موالون لموسكو بأن القوات الروسية اخترقت الخطوط الأوكرانية بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا. وقال الرئيس الأوكراني إن أعنف المعارك على جبهات القتال كانت في محيط بوكروفسك، ولم يشر إلى أي تقدم روسي. وأضاف زيلينسكي أن القوات الأوكرانية لا تزال نشطة في منطقتين روسيتين على الحدود، هما كورسك و بيلغورود. وزار الرئيس الروسي الثلاثاء منطقة كورسك بغرب البلاد للمرة الأولى منذ أن طردت القوات الروسية القوات الأوكرانية من المنطقة الشهر الماضي. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل
دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران عام 2000، وتمنح إسرائيل عددا من الامتيازات في الأسواق الأوروبية. وبلغ حجم التجارة بين الطرفين 46.8 مليار يورو عام 2022، مما جعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. توقيع الاتفاقية وُقعت اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، بحضور وزير خارجية إسرائيل ونظرائه في دول الاتحاد، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا عام 2000 بعد أن صادقت عليها جميع البرلمانات الأوروبية و الكنيست الإسرائيلي. تهدف الاتفاقية إلى إرساء إطار قانوني ومؤسسي منظم لتطوير الحوار السياسي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين. وتنص ديباجتها على التزام الأطراف بتعزيز اندماج الاقتصاد الإسرائيلي في الاقتصاد الأوروبي، بما يعكس التوجه نحو شراكة إستراتيجية طويلة الأمد. عُقد أول اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يوم 13 يونيو/حزيران عام 2000 في لوكسمبورغ، بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي، ونظرائه من دول الاتحاد، إيذانا ببدء سريان الاتفاقية رسميا. أهداف الاتفاقية إرساء إطار فعّال للحوار السياسي يتيح تطوير علاقات سياسية متينة ومستدامة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. دعم النمو المتوازن للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين عبر توسيع نطاق التجارة في السلع والخدمات والتحرير المتبادل لحق تأسيس الشركات، والتدرج في تحرير أسواق المشتريات الحكومية وتسهيل حركة رؤوس الأموال وتعزيز التعاون في مجالات العلم والتكنولوجيا، وذلك بما يسهم في تنشيط الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة والعمل وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاستقرار المالي لدى الطرفين. تشجيع التعاون الإقليمي بما يعزز التعايش السلمي وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة. توسيع مجالات التعاون الثنائي في قضايا ومصالح مشتركة تخدم الطرفين. حقوق الإنسان وعلاقتها بالاتفاقية تنص الاتفاقية على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يشكلان ركيزة أساسية للاتفاق، كما تقر بإنشاء مجلس شراكة يُعقد على مستوى وزراء الخارجية، مدعوما بلجنة شراكة متخصصة لضمان متابعة التنفيذ وتعزيز التعاون. الإطار السياسي للاتفاقية يهدف هذا الجانب من الاتفاقية إلى إضفاء الطابع المؤسسي والمنظم على الحوار السياسي القائم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتوسيعه ليشمل نطاقات جديدة للتعاون الثنائي. وقد عُقد هذا الحوار في السابق على مستوى وزراء الخارجية بشكل غير رسمي ومتكرر على مدار العام، دون أن يستند إلى إطار قانوني ملزم. غير أن الاتفاقية نصّت على تنظيم هذا الحوار ضمن لقاءات سنوية منتظمة تُعقد على مختلف المستويات، بدءا من صُنّاع القرار في أعلى المستويات الوزارية، ووصولا إلى الخبراء والمسؤولين الإداريين. الإطار التجاري لا تقتصر الاتفاقية على الجانب السياسي فحسب، بل تنظم كذلك العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وذلك عبر تحديد آليات تبادل السلع والخدمات بين الطرفين. وقبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ كان هناك بالفعل حجم كبير من التجارة بين الجانبين، وصل عام 1999 إلى نحو 22 مليار دولار، فمنذ عام 1975 أُنشئت منطقة تجارة حرة بين الجانبين، سمحت بتبادل السلع دون فرض ضرائب جمركية مرتفعة، مما سهّل تدفّق المنتجات بين الأسواق الأوروبية والإسرائيلية. وقد حافظت اتفاقية الشراكة الجديدة على هذه المنطقة الحرة، مع إدخال تحسينات إضافية تتعلق بتبسيط الإجراءات الجمركية، منها تقليص الروتين وخفض الرسوم. حجم التبادل التجاري بين الأطراف في 2024 بلغت حصة إسرائيل من إجمالي تجارة السلع للاتحاد الأوروبي نحو 0.8%، مما جعلها تحتل المرتبة 31 ضمن الشركاء التجاريين للاتحاد على المستوى العالمي. وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، جاءت إسرائيل في المرتبة الثالثة بين شركاء الاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط. في المقابل، يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأبرز لإسرائيل، إذ بلغ حجم تجارة السلع بين الطرفين نحو 42.6 مليار يورو في العام ذاته، مما يُمثل 32% من إجمالي تجارة إسرائيل مع العالم. بلغت قيمة الواردات الأوروبية من إسرائيل عام 2024 نحو 15.9 مليار يورو، وتوزعت على عدد من القطاعات الرئيسية، من ضمنها الآلات ومعدات النقل في الصدارة بقيمة 7 مليارات يورو، أي ما يعادل 43.9% من إجمالي الواردات، والمواد الكيميائية بقيمة 2.9 مليار يورو (18%)، إضافة للسلع المصنعة الأخرى بقيمة 1.9 مليار يورو (12.1%). أما صادرات الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل فقد بلغت 26.7 مليار يورو، تتكون في معظمها من الآلات ومعدات النقل التي سجلت 11.5 مليار يورو، ما يمثل 43% من إجمالي الصادرات. كما شملت الصادرات مواد كيميائية بقيمة 4.8 مليارات يورو (18%)، إضافة إلى سلع مصنعة أخرى بقيمة 3.1 مليارات يورو (11.7%). وفيما يتعلق بالتجارة الثنائية في الخدمات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، فقد بلغ حجم التبادل عام 2023 نحو 25.6 مليار يورو. واستورد الاتحاد الأوروبي ما قيمته 10.5 مليارات يورو، بينما بلغت صادراته إلى إسرائيل 15.1 مليار يورو في العام ذاته. مُساءلة حقوقية في 20 مايو/أيار 2025 أعلنت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد سيباشر مراجعة شاملة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل، وذلك في ضوء ما وصفته بـ"الوضع الكارثي" في قطاع غزة ، وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل. وأوضحت كالاس أن "أغلبية قوية" من وزراء الخارجية أيدوا هذه الخطوة، في إشارة إلى الدعم الواسع لمراجعة الاتفاقية. وأكّد دبلوماسيون أن 17 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد دعمت هذه المراجعة، التي ستركز على تقييم مدى التزام إسرائيل ببند حقوق الإنسان المنصوص عليه في الاتفاقية. وقد جاء هذا الاقتراح بمبادرة من وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب. بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني إلى مراجعة الاتفاقية على خلفية استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ومنعه إدخال المساعدات. وبعد إسبانيا وأيرلندا طالبت هولندا في وقت سابق أيضا بإجراء تحقيق عاجل فيما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية على غزة تنتهك الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي. وتجدر الإشارة إلى أنه في 2002، صوّت البرلمان الأوروبي لصالح تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ردا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جنين ونابلس، إلا أن المفوضية الأوروبية آنذاك لم تتخذ أي خطوات عملية لتفعيل هذا القرار أو لمحاسبة إسرائيل على تلك الانتهاكات.