logo
وزير المال: لن نبيع أملاك الدولة

وزير المال: لن نبيع أملاك الدولة

المركزية٢٧-٠٧-٢٠٢٥
يرتقب أن تشهد نهاية الشهر الحالي، الانطلاقة الفعلية لمسار استعادة الانتظام المالي في لبنان، بإقرار مشروع قانون «إعادة تنظيم القطاع المصرفي» من قبل الهيئة العامة في مجلس النواب، لينضم إلى قانون «رفع السرية المصرفية» المنجز في مهمة إزالة مجمل العوائق أو الذرائع التي تؤخر الإعداد المنشود لمشروع قانون «الفجوة» التي أوقعت البلد واقتصاده وقطاعه المالي في سلسلة أزمات حادة تسببت بانهيارات تاريخية نقدياً ومالياً ومعيشياً.
ولا يجد وزير المال ياسين جابر، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أي مبرر لمزيد من التأخير، بعدما أنجزت الحكومة مهمة التنظيم الإداري لمواقع القرار والمسؤولية في مكونات السلطة النقدية، كونها المولجة وذات الصلاحيات بمهام حيوية تشمل التحقّق من وضعية الوحدات المصرفية وإعداد مجمل البيانات والإحصاءات المطلوبة، بما يشمل تصنيفات المودعين، تمهيداً لوضع مقاربات تشاركية وقانونية، تفضي إلى التشريع الناجز لتوزيع الأحمال المقدرة أساساً بنحو 73 مليار دولار.
ويشكّل تحديد مسار الإصلاح المصرفي والمالي، الاختبار الأصعب في حزمة الإصلاحات الهيكلية والبنيوية الشاملة التي تعهّدت حكومة الرئيس نوّاف سلام، أولى حكومات عهد الرئيس جوزيف عون، بالتصدي لموجباتها، بالتلازم مع أولوية المضي في مواكبة مقتضيات المسار السياسي الأشد وطأة وتعقيداً، والذي يتمثل في إنهاء الاعتداءات الإسرائيلية اليوميّة وتحقيق هدف «حصرية السلاح» لدى القوى العسكرية الشرعية حصراً.
تزامن المسارات السياسية والمالية
وتقضي المسؤولية، وفق الوزير جابر، بتكثيف المبادرات الفعّالة على المسارين معاً، ومن دون تريث أو انتظار وقائع مستجدة، بل «يتوجب الخروج تماماً من حالة الانكار التي تمدّدت طويلاً، بعدما استهلكنا الكثير من الوقت، في اعتماد سياسات المماطلة والمعالجات الجزئية لأزمة عميقة وغير مسبوقة نسفت مجمل الركائز الاقتصادية والمالية للبلد وقطاعاته ومواطنيه، وأحدثت ضرراً بالغاً في منظومة علاقاته العربية والدولية، وتكاد تنذر بقيادتنا إلى اللائحة (السوداء) بعد (الرمادية) في التصنيفات السيادية التي تصدرها المجموعات والهيئات ذات الاختصاص على المستويين الإقليمي والدولي».
هذه العوامل وسواها من المحفزات المتصلة حكماً بأهمية إعادة تقييم الحسابات والأصول لدى الدولة والبنك المركزي والقطاع المصرفي، وفك جدلية ترابط أرقام الفجوة بين الثلاثي بغية جدولة الحقوق المتوجبة لصالح المودعين، تمنح الأفضلية الصريحة، حسب الوزير جابر، «للإجابة عن الأسئلة الحائرة في الداخل والخارج بما يخص محطات خريطة الطريق إلى التعافي، وتبديد الشكوك بشأن استهداف طرف بعينه وتحميله أوزار الخسائر قبل أو بعد التدقيق بمجمل الأرقام»، شارحاً أن هذه مهمات «تتولاها حاكمية البنك المركزي، وستتوسع بعد إقرار القانون، من خلال الصلاحيات الخاصة بفريقي المجلس المركزي ولجنة الرقابة على المصارف».
معالجة الفجوة
وعن مسؤولية الدولة واستجرارها للتمويل من ميزانية البنك المركزي، بما يشمل توظيفات عائدة للبنوك من مدخرات المودعين، يؤكد وزير المال «أن القانون المنشود سيحدّد المسؤوليات بوضوح، وضمن معطيات توفر الإمكانات في كل مرحلة. نحن في خضم معالجة فجوة تتعدى ضعفي الناتج المحلي، وفي ظل أوضاع سيادية بالغة التعقيد، بينما نهتم في الوقت عينه، بتحضير ملف التفاوض مع حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز). وهذه مشكلة لا تقل أهمية كونها تؤثر في مساعينا لتنشيط التواصل الضروري مع الأسواق المالية الدولية».
وهل يمكن للدولة توجيه جزء من موارد الخزينة للمساهمة في المعالجات المالية وتسريعها؟ يجيب وزير المال: «واقع الحال حالياً أن إيرادات الخزينة لا تسمح بتخصيص أي إنفاق إضافي خارج مصروفات الدولة بحدودها المتدنية، وضخ الرواتب للقطاع العام، والحد الأدنى أيضاً من المساعدات الاجتماعية والإنفاق الاستثماري. لكننا نسعى، وضمن قانون موازنة العام المقبل، إلى تحسين هذه الإيرادات عبر مصدرين أساسيين: الأول ضبط الإيرادات الجمركية من خلال التدقيق في الواردات، وتفعيل أجهزة الكشف (السكانر). والثاني مكافحة التهرب الضريبي وتفعيل الجباية المعتمدة على التقنيات الحديثة»، فضلاً عن اعتماد الرقمنة ومواكبة التطور، للحد من البيروقراطية وتسريع المعاملات وتعزيز الشفافية.
ويضيف: «نعمل بزخم على مجموعة من الإصلاحات المالية الأساسية تستهدف الاستخدام الأمثل للموارد العامة وتوجيهها نحو الأولويات التنموية الملحّة. ونتطلع إلى تضمين جزء منها في مشروع موازنة 2026. كما طلبت من الوزارات المساهمة في إعداد الإطار المالي للخطط الإصلاحية والرؤية الاستراتيجية متوسطة الأجل للفترة الممتدة من 2026 إلى 2029، بهدف مواءمة السياسات الإصلاحية مع التخطيط المالي والنقدي، وتعزيز الانسجام بين الأولويات الوطنية وتخصيص الموارد بطريقة فعّالة ومستدامة. وبذلك يرتكز على مقاربة تشاورية بين مختلف الجهات الحكومية، مع مراعاة السياق الاقتصادي العام، بما يشمل النمو، والتضخم، وميزان المدفوعات، والسياسات النقدية، لا سيما فيما يتعلق بسعر الصرف».
تدفق السيولة
«يمكننا التأكيد بأن الدولة تعاني فعلياً من اختناقات حادة في وفرة وتدفقات السيولة»، يقول وزير المال، ويضيف: «هذا ما يحفزنا أكثر لتسريع مخططات إعادة هيكلة المالية العامة والدين العام والموازنة، وسد منافذ الهدر، وتوسيع دائرة مكافحة الفساد المستشري في القطاع العام». ويقول جابر إن «البلد ليس مفلساً، كما أكد رئيسا الجمهورية والحكومة في مناسبات متعددة، ولذا يتوجب إجراء جرد كامل لكل الأصول العامة، ليس بغية بيع أملاك الدولة الخصوصية، بل حسن إدارتها واستثمارها بشكل فعّال بما يعود بالنفع على المالية العامة والاقتصاد الوطني».
وتأسيساً على هذه القناعة الجامعة على مستويات إدارة الدولة تنفيذياً وتشريعياً، يجد وزير المال أن الأولويات متوازية في الأهمية وتحظى بترتيب أفقي أمام الحكومة عموماً ووزارة المال خصوصاً. لذا، فإن «الشروع باستعادة الانتظام المالي تحت سقوف تشريعية واضحة ومتينة، لا يتيح أبداً إغفال أو إبطاء الموجبات المسبقة واللاحقة في معالجات الترهل المشهود لمؤسسات الدولة والقطاع العام وعجوزات الموازنة العامة وتفشي الفساد والتهرّب الضريبي والهدر الموثّق في موارد الخزينة ومصروفاتها».
منهجية الإصلاح
واستتباعاً، فإنه إذا كان حقاً الاعتراف بأن الحكومة تعجز موضوعياً عن إيجاد الحلول الناجعة والسريعة لمجمل فصول الأزمة الحاضرة والضاغطة بشدة وبكل تشعباتها على معيشة المواطنين والاقتصاد وقطاعاته، فيرى وزير المال أنه بالإمكان حقاً وواجباً «تحقيق اختراقات نوعية تثبت التزاماتنا في خطاب القسم الرئاسي وبيان الثقة الحكومي، باعتماد مستدام لمنهجية الإصلاح، توخياً لتحقيق مصالحنا أولاً، واستجابة لمطالب الأشقاء والمجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية، الذين لن يترددوا في معاونتنا للتقدم في المسارين السياسي والاقتصادي على السواء».
يخلص وزير المال إلى تأكيد أن الحكومة «التزمت بتحويل لبنان من اقتصاد استهلاكي قائم على الدين، إلى اقتصاد إنتاجي يرتكز على مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وهي تواصل تعيين الهيئات الناظمة في قطاعات مهمة وجاذبة للاستثمارات، مما سيفتح الآفاق أمام شراكات استراتيجية، وليس البيع تكراراً، تضمن تحسين جودة الخدمات الأساسية بكلفة عادلة، وخصوصاً في ميادين الكهرباء والاتصالات والمرافق الجوية والبحرية والأملاك العقارية وسواها»، إضافة إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية في تعزيز أطر التعاون مع المؤسسات الدولية؛ كصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
علي زين الدين- "الشرق الأوسط"
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القاهرة للدراسات الاقتصادية يوضح أسباب تراجع الدولار وتأثيره على أسعار السلع
القاهرة للدراسات الاقتصادية يوضح أسباب تراجع الدولار وتأثيره على أسعار السلع

صدى البلد

timeمنذ 4 ساعات

  • صدى البلد

القاهرة للدراسات الاقتصادية يوضح أسباب تراجع الدولار وتأثيره على أسعار السلع

قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن انخفاض سعر الدولار في مصر جاء بعد تراجع الطلب عليه من ناحية وزيادة الحصيلة الدولارية نتيجة ارتفاع حصيلة السياحة التي تجاوزت 15,8 مليار دولار وكذلك تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتتجاوز الـ 33 مليار دولار. وأضاف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" أن الأسبوع الماضي شهد زيادة في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار حيث انخفض سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه في حدود 1,5 جنيه مصري ليصبح سعر الدولار في حدود 48,60 بدلا من 50 جنيه. تراجع الأسعار وتوقع الدكتور عبد المنعم السيد، أن انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه سيؤدي إلى تراجع الأسعار في السوق المصري و مضيفا أنه تلاحظ بالفعل خلال الاسابيع القليله الماضيه اتجاه سوق السيارات للانخفاض أيضا سوق العقارات. وتابع "لكن الأهم هو انخفاض أسعار السلع الاستراتيجية التي تهم كافة المواطنين والمقصود بالسلع الاستراتيجية هي السلع الاستهلاكية التي يحتاج ويستخدمها المواطن بصفة يومية مثل الأرز و الشاي و السكر و الزيت و المكرونة و الالبان و الدواجن وغيرها من السلع التي يحتاج لها المواطن بصفة مستمرة". وأشار مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إلي أن دور الغرف التجارية مهم في هذه المرحلة من خلال التحدث مع التجار لتخفيض الأسعار لاسيما بعد اتجاه سعر الدولار للانخفاض المتوقع انخفاضه أكثر من ذلك خلال الأيام و الأسابيع القليلة القادمة وعلى الغرف التجارية أيضا تحديد سقف لهامش الربح لكل من السلع الاستراتيجية وغيرها من السلع وعدم ترك السوق المصري للعشوائية. دور الحكومة وعن دور الحكومة، أوضح أنها عليها دور في ضبط السوق والتوسع في رقابة الأسواق وحماية المستهلك من جشع التجار، أيضا التوسع في إنتاج وتخزين السلع الاستراتيجية و دعم القطاع الخاص لزيادة الانتاج من هذه السلع أو استيرادها وزيادة المعروض لمواجهة الطلب على السلع، و في حالة انخفاض الأسعار سيكون لذلك أثره الإيجابي على معدل التضخم الذي بلغ في يونيو 2025 نسبة 14,9%.

البنك المركزي المصري: ارتفاع المعروض النقدي رغم تحديات التضخم
البنك المركزي المصري: ارتفاع المعروض النقدي رغم تحديات التضخم

صوت بيروت

timeمنذ 4 ساعات

  • صوت بيروت

البنك المركزي المصري: ارتفاع المعروض النقدي رغم تحديات التضخم

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري اليوم الأحد ارتفاع المعروض النقدي (ن2) 23.11 بالمئة على أساس سنوي في يونيو حزيران. وبلغ المعروض النقدي 13.07 تريليون جنيه مصري (268.97 مليار دولار) في يونيو حزيران، مرتفعا من 10.61 تريليون جنيه في الشهر نفسه من العام الماضي. (الدولار = 48.6000 جنيه مصري)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store