
رفع نسبة الإنفاق الدفاعي يعني رفع حدّة التناقضات والخلافات الأوروبية
قد يبدو للقارئ العادي أن النسبة صغيرة، إلا أن رفع الإنفاق لـ 5% يعني أن الاتحاد الأوروبي وحده سيزيد إنفاقه بمقدار 613 مليار يورو سنوياً، وفقاً لـ «مؤسسة الاقتصاد الجديد» البريطانية، وهي زيادة أعلى من العجز السنوي الحاصل أساساً في تحقيق الأهداف الاقتصادية الاجتماعية والبيئية للاتحاد.
من جهة أخرى، فإن العديد من الدول الأعضاء للحلف غير قادرة أساساً على تحقيق نسبة الحدّ الأدنى المتفق عليها سابقاً، وهي 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الإنفاق الدفاعي.
ومن المعلوم، أن رفع النسبة هذه جاءت بضغطٍ من الولايات المتحدة الأمريكية التي تسهم أساساً لوحدها بنحو ثلثي الإنفاق الدفاعي للناتو، وترى أن ذلك مجحف وغير عادل. لكن هذا الأمر ليس بجديد، بل كان على الدوام بسياسة وتوجه أمريكي مقصود منذ قيام الحلف، بهدف إبقاء الاتحاد الأوروبي ضعيفاً، وتابعاً للولايات المتحدة الأمريكية، باعتماده عليها دفاعياً، وبسبب ذلك الأمر نرى الاتحاد الأوروبي اليوم ضعيف عسكرياً بدرجة كبيرة، فلم تسعَ دوله الأعضاء لتعزيز قدراتها العسكرية طيلة العقود السابقة، واعتمدت على الحماية الأمريكية، وهو ما تدركه الدول الأعضاء جيداً، وبات يشكل أزمة جدية وتخوفات عميقة لدى دول الاتحاد الأوروبي بحال قررت واشنطن الانسحاب من حلف الناتو، وهو الأمر الذي يهدد به ترامب على الدوام.
خسارة الأوروبيين
لقد تم توريط أوكرانيا ومن خلفها الاتحاد الأوروبي والناتو قبل سنوات بحرب مع روسيا، إلا أن نتائج هذه الحرب كانت بعكس توقعاتهم، فروسيا هي الطرف المنتصر في الميدان، وينعكس ذلك عليهم سياسياً وأمنياً، وتتفاقم أزمة الولايات المتحدة التي باتت تسعى للخروج من هذه الحرب، وبالفعل خفضت مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بدرجة كبيرة مع مجيء إدارة ترامب، مما وضع النخبة الأوروبية أمام مخاطر جسيمة، ولم يعد الحديث يدور عن إمكانية استمرار الدفاع عن أوكرانيا فحسب، وإنما عن أنفسهم مباشرة.
وتحولت الحرب الأوكرانية من كونها مشروعاً لهزيمة روسيا، إلى ساحة «حرب أبدية» هدفها تأجيل إعلان نتائجها، وتحديد من المنتصر والمهزوم، وتأجيل استحقاقاتها السياسية قدر الإمكان، مهما كانت التكاليف المالية والاجتماعية، ومهما استدعى ذلك من إنتاج تطرف نازي علني وواضح.. والحقيقة، أن الاتحاد الأوروبي بات يستنزف نفسه بدعمه المالي والعسكري لأوكرانيا.
من أين؟
يوضح الإعلان، أن هذه النسبة سيجري العمل على تحقيقها في غضون عشر سنوات، دون ضمانات حقيقية بذلك، بل إن كل المؤشرات تدل على عدم قدرة الدول الأوروبية على تحقيق هذا الأمر، وخاصة من الدول الأوروبية الأضعف اقتصادياً، ومنها تلك التي تتبع سياسات تقشف أساساً، وبهذا السياق فإن اعتراض إسبانيا وعدم موافقتها علناً، لا يتعلق بها لوحدها، وإنما بالعديد من الدول الأوروبية الأخرى كهنغاريا وإيطاليا واليونان ورومانيا والخ، لكن تجنباً لحدوث أزمة وشقاق وصدمة جدية داخل الناتو، وتجنباً لخلاف حاد مع الإدارة الأمريكية، يبدو أنه تم احتواء الأمر، وتكثيفه باعتراض إسباني أحادي فقط، إلا أنه إشارة أكثر من كافية.
وفي حال سعت الدول الأوروبية جدياً لرفع هذه النسبة، فإنها ستواجه ارتدادات اجتماعية حادة حتماً، فمئات المليارات السنوية هذه ستكون بالضبط على حساب المزايا والخدمات الاجتماعية جميعها، من شبكات الضمان الصحي إلى التعليم ورفع سن التقاعد وتخفيض أجور المتقاعدين والخ ضمن هذا الحقل. مما يعني أنها مجازفة ومغامرة غير مضمونة إطلاقاً، وستؤدي لحالة عدم استقرار اجتماعي وسياسي واسع.
وبذلك فإن قمة الناتو، وإعلان أعضائه رفع نسبة الإنفاق غير الملزمة على أية حال، ليست سوى تعبير آخر جديد عن الأزمة العميقة الجارية في الغرب، وكان الطرف الوحيد السعيد بهذا الأمر هو ترامب، وترامب فقط، حيث خرج من القمة وبجعبته ذريعة بإمكانه تحريكها في أي وقت لخفض إنفاق الولايات المتحدة على الناتو.
يمكن القول مجازاً: إن رفع نسبة 5% من الإنفاق الدفاعي يعني رفع ضعفها من نسبة وحدّة تناقضات دول الاتحاد الأوروبي ودول الناتو الأعضاء، فيما بينهم من جهة، ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى، وما بين كل دولة وشعبها.. وبذلك من غير المرجح أن تتمكن «النخبة» الأوروبية من تحقيق طموحاتها قبل انهيارها، بل إن هذه القمة قد تسجل كبداية نهاية الناتو عملياً، وقد كان ترامب محقاً بقوله «لولا الولايات المتحدة لما كان الناتو موجوداً».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
خبير للعربية: سياسات ترامب تضغط على الدولار وتزيد عدم اليقين
قال أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد في جامعة قطر، د. جلال قناص، إن تراجع الدولار عالميا يعود إلى السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر من أسعار الفائدة، مشيرا إلى أن رالي صعود الأسهم الأميركية يعتمد على الاستثمارات قصيرة الأجل وهذا يهدد الأسواق. وأوضح في مقابلة مع "العربية Business" أن بنك التسويات الدولية بشكل عام نوعا ما يقدم تقارير دولية عن البنوك المركزية ويعمل بشكل مقرب منها ويعتبر أيضا مؤسسة دولية لديها أفكار نقدية تقدمية، وتقريره الأخير يعكس الواقع الحالي في ظل سياسة الرئيس الأميركي شكلت نقطة تحول جوهرية بالاقتصاد العالمي والتجارة الدولية بموضوع الرسوم الجمركية. وأضاف في مقابلة مع أن المشكلة ليس فقط الرسوم الجمركية ولكن طريقة إدارة ترامب للعملية، وأنه خلق حالة عدم اليقين أو التنبؤ بتصرفاته بما يريد أن يعمله اليوم أو غدا أو بعد غد، أصبح هناك ما يسمى في الأخبار الأميركية بـ"التاكو" وأن ترامب سغيير رأيه رأيه، ولن يذهب إلى النهاية، وبالتالي الأسواق باستطاعتها أن تستمر في "الرالي". أضاف أن حالة عدم اليقين تزيد، والمستثمرون الذين يفكرون بالاستثمارات على المدى الطويل لا يستطيعون اتخاذ هذه القرارات، ومن ثم فإن نوعية الاستثمارات التي تدفع الرالي هي نوعا ما قصيرة المدى. وأوضح أن الاعتماد الكبير على الاستثمارات قصيرة الأجل يزيد المخاطر لأنها في أي لحظة قد تنكمش وهو ما ينعكس على الأسواق سريعا بهبوط الأسواق خصوصا في ظل مواجهة الاقتصاد العالمي لمشكلات كبيرة مثل سلاسل التوريد، والتضخم وهو إحدى المشكلات أمام البنوك المركزية وليس لديهم القدرة على رؤية التأثيرات الحقيقية لهذه الرسوم الجمركية و انعكاسها على التضخم في المديين المتوسط والطويل. وذكر أن البنك المركزي الأوروبي يهيئ المجال بتخفيض سعر الفائدة حتى إذا كانت هناك زيادة في الدين العام نتيجة الاستثمار في البنية التحتية أو الإنفاق العسكري سيدعم عملية الإنفاق لأن معدل الفائدة سيكون أقل، لأن البنك المركزي الأوروبي يتحكم في هذا السعر. منافسة أوروبا لأميركا والصين وتابع أن إعادة إنتاج أوروبا في الاقتصاد العالمي الحديث ومنافسة أميركا والصين يحتاج إلى استثمارات كبرى ولكن البنك المركزي ممكن أن يخفف سعر الفائدة بشكل أكبر حتى يدعم هذه العملية، وهذه ليست مشكلة إذا كانت الاستثمارات تتجه إلى إعادة بناء البنية التحتية، وزيادة الإنتاجية مع تخفيض سعر الفائدة. وعلى صعيد الولايات المتحدة أشار قناص إلى مشكلتين رئيسيتين، الأولى ارتفاع أسعار الفائدة يرفع تكلفة الاستدانة ما يقلص مساحة الحيز المالي، والمشكلة الأكبر تتعلق بترامب، مشيرا إلى أن انخفاض الدولار عالميا مرتبط بتأثير سياسات ترامب أكتر من ارتباطه بسعر الفائدة. وتابع "سعر الفائدة المرتفع يجب أن يرفع الدولار وليس العكس، لكن بعض النظريات ليست بالضرورة صحيحة دائماً لأن الواقع يمكن أن يشكل موضوعا مختلفا". التحوط من الدولار وقال إن المستثمرين ينظرون بقلق إلى هذا الموضوع، لأن أكثر الاستثمارات بالدولار، وبدأوا يتحوطون عبر التحول إلى بعض العملات الأخرى مثل اليورو، وهذا رفع العملة الأوروبية رغم انخفاض سعر الفائدة بمنطقة اليورو. أضاف أن الدول النامية لديها دين عام كبير جدا ومرتبط بسعر الفائدة الأميركية، ومع ارتفاع سعر الفائدة تزيد الضغوط على هذه الدول لأن الدين لديها بالدولار. وذكر بنك التسويات الدولية في تقرير حديث أن التوترات التجارية والقضايا الجيوسياسية تهدد بكشف انقسامات عميقة في النظام المالي العالمي. وأضاف البنك أن الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة وغيرها من التحولات السياسية تؤدي إلى إنهاك النظام الاقتصادي، مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي يمر بلحظة محورية بدخوله حقبة جديدة من لضبابية المتزايدة وعدم القدرة على التنبؤ بما يختبر مدى الثقة في المؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك المركزية.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
روسيا تشنّ «أوسع هجوم جوّي» على أوكرانيا... وتحذّر أوروبا من تشديد العقوبات
أُصيب 7 أشخاص على الأقل بجروح، ليل السبت إلى الأحد، في ضربات وصفتها كييف بـ«أكبر هجوم جوي» تشنّه موسكو منذ بداية الحرب، واستهدف عدداً من المناطق في البلاد. وبينما وصلت محادثات وقف إطلاق النار بين موسكو وكييف إلى طريق مسدود، تواصل روسيا قصفها اليومي للبلدات والقرى الأوكرانية. وأفاد تعداد أجرته القوات الجوية الأوكرانية بأنّ روسيا التي تسيطر على نحو 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية، أطلقت 477 مسيّرة متفجّرة و60 صاروخاً من أنواع متعدّدة، مضيفة أنّه تمّ تحييد 475 مسيّرة و39 صاروخاً. وأشار المصدر ذاته إلى «6 آثار» لضربات روسية. قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنّ الرئيس الروسي فلاديمير «بوتين قرّر منذ فترة طويلة مواصلة الحرب، على الرغم من دعوات السلام من المجتمع الدولي». وأضاف، وفق ما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ «أوكرانيا يجب أن تُعزّز دفاعها الجوي، وهو أفضل سبيل لحماية الأرواح»، مجدداً تأكيده أنّه «مستعد لشراء» أنظمة أميركية، مثل «الباتريوت» التي يطالب بها منذ أشهر. وأكّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال قمّة «الناتو» في لاهاي، الأسبوع الماضي، «دراسة» الطلب الأوكراني. انفجارات تضيء سماء كييف خلال اعتراض مقذوفات روسية ليل 29 يونيو (رويترز) وقال وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيغا، في منشور على منصة «إكس» إنّ «حجم الإرهاب المتزايد يُثبت مدى إلحاح فرض عقوبات جديدة». وفي المقابل، أفاد الجيش الروسي الذي أعلن، الأحد، الاستيلاء على بلدة جديدة في منطقة دونيتسك الشرقية، أنّه هاجم و«ضرب» فقط مواقع تابعة للمجمع الصناعي العسكري الأوكراني ومصافي نفط خلال الليل. وفي المجموع، أُصيب 6 أشخاص بجروح، بينهم طفل، في منطقة تشيركاسي (وسط)، حسبما أفادت الشرطة الأوكرانية عبر «تلغرام». وفي منطقة إيفانو-فرانفيسك الواقعة في غرب البلاد بعيداً عن الجبهة، أُصيبت امرأة بجروح، و«نُقلت إلى المستشفى»، وفقاً للمسؤولة الإقليمية سفيتلانا أونيشتشوك. وإضافة إلى هؤلاء المدنيين، قُتل طيار خلال الليل عندما تعرّضت طائرته من طراز «إف-16» لـ«أضرار» في الجو، «من دون أن تُتاح له فرصة للخروج منها»، وفقاً للقوات الجوية. وقال زيلينسكي في كلمة تكريماً للطيار، إنّه دمّر «7 أهداف جوية» أطلقتها روسيا خلال الليل. زيلينسكي يشارك في حفل تكريم جنود أوكرانيين في كييف يوم 28 يونيو (أ.ف.ب) بدوره، أكّد الجيش أن أوكرانيا فقدت ثالث طائرة مقاتلة من طراز «إف-16» منذ بداية الحرب في أثناء صد الهجوم. ولم تكشف كييف عن عدد الطائرات التي تستعين بها من هذا الطراز، لكنها أصبحت جزءاً أساسياً يُستخدم بكثافة في دفاعاتها الجوية. وفي الصباح، بعد سلسلة من الهجمات الروسية الليلية، قُتل رجل ستيني في هجوم بطائرة مسيّرة على سيارته في منطقة خاركيف (شمالي شرق)، وفقاً للسلطات الإقليمية. من جانبه، أعلن الجيش الروسي اعتراض 3 مسيّرات أوكرانية، ليل السبت الأحد. سياسياً، وفي إطار التقارب الأميركي - الروسي منذ عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، قال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، إن الاحتفال بالذكرى السنوية الـ80 للأمم المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول)، قد يكون سبباً وجيهاً لعقد اجتماع محتمل بين الرئيسين بوتين وترمب. وقال أوشاكوف لقناة «روسيا 1»، تعليقاً على توقيت القمة المحتملة: «قد يحدث هذا في أي لحظة»، وفقاً لما نقلته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وأضاف: «أعلم أنني وزملائي الصينيين ندرس إمكانية الاحتفال بهذه الذكرى بشكل خاص ورسمي، خلال زيارتنا المقبلة للصين». لقاء قمة بين الرئيسين ترمب وبوتين بهلسنكي في يوليو 2018 (رويترز) ووفقاً للمساعد الرئاسي، من المتوقع أن تتم زيارة بوتين للصين في الفترة من 31 أغسطس (آب) إلى 3 سبتمبر (أيلول). ورداً على سؤال حول ما إذا كانت ذكرى تأسيس الأمم المتحدة يمكن أن تصبح سبباً للقاء محتمل بين بوتين وترمب، أجاب: «سبب وجيه، نعم. لماذا لا؟». وبينما أشار أوشاكوف إلى أن إمدادات الأسلحة لأوكرانيا من الولايات المتحدة مستمرة بشكل جزئي، أكّد اختلاف نهج التواصل بين الإدارة الأميركية السابقة والحالية. وقال، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «مع الإدارة السابقة، كما ترون، كان أسلوب الحوار مختلفاً. تحدثنا معهم أيضاً على مختلف الصعد، لكن الحوار اقتصر على قراءة كل طرف لموقفه الرسمي حرفياً من خلال ورقة؛ أي أنه لم يكن هناك نقاش بحد ذاته، ولا تراجع عن مواقف ثابتة ومستقرة. أما الآن، فهناك حوار يتيح فرصة للتنحي جانبا قليلاً، والتعمق في بعض الأمور، واستكشاف ما هو ممكن حقاً، حيث يمكن إحراز تقدم حقيقي». واعتبر مساعد الرئيس الروسي أن نبرة الحوار الحالية بين البلدين «إلى حدّ ما، تعطي الأمل في أن تكون هناك تغييرات حقيقية». وعلى هذا الصعيد، كشف مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين، الأحد، عن إجرائه محادثات هاتفية مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جون راتكليف، بعد أول اتصال بينهما جرى في منتصف مارس (آذار). سكان يحتمون في الملاجئ خلال هجوم روسي على كييف ليل 29 يونيو (رويترز) وقال ناريشكين على التلفزيون الرسمي: «تحدثت هاتفياً مع نظيري الأميركي، واتفقنا على الاتصال مع بعضنا البعض في أي وقت لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك»، من دون تقديم تفاصيل عن الاتصال الذي يأتي في ظل التقارب بين موسكو وواشنطن. وكان ناريشكين وهو مقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تحدّث مع راتكليف في 11 مارس الماضي، في أول اتصال بينهما منذ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في بداية العام. وجاء هذان الاتصالان الرسميان بين مدير الاستخبارات الخارجية الروسية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، في وقت بدأت واشنطن وموسكو بتحسين علاقاتهما الدبلوماسية، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا. مع ذلك، لا تزال الخلافات كثيرة بين موسكو وواشنطن، بعد سنوات من التوترات. فعلى سبيل المثال، يواصل الأميركيون تزويد كييف بمعلومات استخبارية أساسية لقواتها بعد أكثر من 3 سنوات على بدء الهجوم الروسي واسع النطاق على أوكرانيا. وفي مارس، اتفق سيرغي ناريشكين وجون راتكليف على الحفاظ على «اتصالات منتظمة»، وفقاً لبيان صادر عن الجانب الروسي نقلته وكالة «تاس». على الصعيد الاقتصادي، قال الكرملين في تصريحات، الأحد، إنه كلما كانت العقوبات التي تفرضها أوروبا على روسيا أكثر صرامة، كان رد الفعل أكثر إيلاماً لاقتصادات القارة مع مقاومة موسكو لهذه العقوبات «غير القانونية». وأدّى الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 إلى فرض موجة من العقوبات الغربية على روسيا، وهي إلى حد بعيد الأكثر تعرضاً للعقوبات بين الاقتصادات الكبرى في العالم. وقال الغرب إنه يأمل في أن تُجبر عقوباته الرئيس بوتين على السعي إلى السلام في أوكرانيا. وعلى الرغم من انكماش الاقتصاد الروسي في 2022، فإنه نما في 2023 و2024 بمعدلات أسرع من الاتحاد الأوروبي. مبنى سكني أصابته مسيّرة روسية في مدينة أوديسا الأوكرانية يوم 28 يونيو (رويترز) واقترحت المفوضية الأوروبية، في 10 يونيو (حزيران)، جولة جديدة من العقوبات على روسيا تستهدف بها إيرادات البلاد من الطاقة، وبنوكها، وصناعتها العسكرية، على الرغم من أن الولايات المتحدة ترفض حتى الآن تشديد عقوباتها الخاصة على موسكو. ورداً على سؤال حول تصريحات قادة أوروبيين بأن تشديد العقوبات سيُجبر روسيا على التفاوض على إنهاء الحرب، أجاب الكرملين أن المنطق والحجج وحدها هي التي يمكن أن تجبر روسيا على التفاوض. وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، للتلفزيون الرسمي: «كلما كانت حزمة العقوبات أشدّ، وأكرر أننا نعدها غير قانونية، كان رد الفعل أقوى... هذا سلاح ذو حدين». وتابع بيسكوف أنه لا يشك في أن الاتحاد الأوروبي سيفرض مزيداً من العقوبات، لكن روسيا عزّزت «المقاومة» لمثل هذه العقوبات. وقال بوتين، يوم الجمعة، إن أي عقوبات إضافية يفرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا ستُلحق ببساطة ضرراً أكبر بأوروبا، وأشار إلى أن الاقتصاد الروسي نما بنسبة 4.3 في المائة في 2024، مقارنة بنمو منطقة اليورو 0.9 في المائة.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
الشرع يسعى لانسحاب إسرائيلي من الجولان قبل أي اتفاق.. تقرير يكشف
أفاد مسؤولون إسرائيليون بأن هناك شكوكا جدية حول ما إذا كان الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع سيوافق على أي اتفاق سلام مع إسرائيل لا يتضمن الانسحاب من مرتفعات الجولان، وذلك مع تشديد تل أبيب على استثنائها من أي مفاوضات. انسحاب من مرتفعات الجولان فقد أكد المسؤولون أن سوريا ستسعى إلى انسحاب إسرائيل من مرتفعات الجولان كجزء من أي اتفاق سلام مستقبلي. وأضافوا أن الولايات المتحدة أُبلغت بالمفاوضات التي تركز على أكثر من مجرد الترتيبات الأمنية، وفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت". كما تابعت الصحيفة أن علامات اتفاق السلام المحتمل بين سوريا وإسرائيل بحلول نهاية عام 2025 أصبحت أكثر وضوحا، مما قد يمثل تحولا تاريخيا في الدبلوماسية الإقليمية. وذكرت أنه من المقرر أن يتوجه وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الحليف المقرب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذي تربطه علاقات وثيقة بإدارة ترامب، إلى واشنطن في وقت لاحق من يوم الاثنين. كذلك من المتوقع أن يناقش الوضع والتوسع المحتمل لاتفاقيات إبراهيم لعام 2020. جاء هذا بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، الأحد، أنه تلقى اتصالات من دول ترغب في الانضمام إلى الاتفاقيات. وأضاف أنه كان يعتقد سابقًا أن إيران قد تنضم أيضا، واصفًا إياها بأنها "المشكلة الرئيسية" التي "كان من الممكن أن تكون أفضل حالًا مما هي عليه الآن". وعندما سُئل عما إذا كان بإمكان سوريا تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أجاب ترامب: "لا أعلم، لكنني رفعتُ العقوبات بناء على طلب بعض الدول الأخرى في المنطقة الصديقة لنا. رفعتُ العقوبات عن سوريا لمنحهم فرصة، لأن العقوبات مؤلمة. إنها قوية جدًا". في حين أفادت مصادر سورية بأن محادثات مكثفة تجري بضغط أميركي للتوصل إلى اتفاق سلام، لافتة إلى أن هناك ضغوطاً على الوسيط الأميركي للموافقة على خيار أقل حدة، مثل الإعلان عن ترتيبات أمنية على طول الحدود السورية الإسرائيلية، تتضمن انسحاباً إسرائيلياً من كل الأراضي السورية التي دخلتها بعد 8 ديسمبر/كانون الأول عندما أُطيح بنظام بشار الأسد، مقابل إعلان سوري أن البلدين لم يعودا في حالة حرب"، وفقا للصحيفة ذاتها. أتى هذا بينما جدد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في مؤتمر صحافي، الاثنين، كلامه بأن إسرائيل مهتمة بإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع سوريا ولبنان. كما شدد على أنها رغم ذلك لن تتفاوض على مصير هضبة الجولان السورية في أي اتفاق سلام. في حين نقلت القناة الإسرائيلية عن مصدر سوري مطلع قوله سابقًا، إن إسرائيل وسوريا ستوقعان اتفاقية سلام قبل نهاية عام 2025. وأشار إلى أن الاتفاقية تنص على انسحاب إسرائيل تدريجيًا من جميع الأراضي السورية التي احتلتها بعد التوغل في المنطقة العازلة في 8 ديسمبر 2024، بما في ذلك قمة جبل الشيخ، على أن تُحوَّل مرتفعات الجولان إلى "حديقة للسلام"، من دون توضيح لمسألة السيادة النهائية. وكان الرئيس السوري، أحمد الشرع، أعلن أن سلطات الإدارة السورية الجديدة تعمل على إيقاف الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المناطق الآمنة في محافظة القنيطرة جنوب غربي البلاد. وأكد في بيان صادر عن مكتب الرئاسة، الأسبوع الماضي، العمل على إيقاف "الاعتداءات الإسرائيلية عبر مفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء دوليين". كما أشار البيان إلى أن الشرع التقى وجهاء وأعيان محافظة القنيطرة والجولان. غارات وتوغل واحتلال الجولان يشار إلى أن إسرائيل كانت شنت منذ ديسمبر 2024 وسقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، عشرات الغارات مستهدفة قواعد عسكرية جوية وبحرية وبرية للجيش السوري السابق. كما توغلت قواتها إلى المنطقة العازلة، وتوسعت في مرتفعات الجولان المحتل وجبل الشيخ، ومناطق أخرى في الجنوب السوري. أما إسرائيل فكانت احتلت حوالي 1200 كيلومتر مربع من مرتفعات الجولان منذ حرب الأيام الستة عام 1967، ثم ضمتها لاحقًا، في خطوة لم تحظَ باعتراف دولي سوى الولايات المتحدة.